أُعيذُكَ أَن تَسمو إِلَيكَ الحَوادِثُ
أُعيذُكَ أَن تَسمو إِلَيكَ الحَوادِثُ / وَأَن تَتَغشّاكَ الخُطوبُ الكَوارِثُ
سَليلَ العُلى لا زِلتَ في ظِلِّ نِعمَةٍ / لَكَ المَجدُ ثانٍ وَالسَلامَةُ ثالِثُ
وَجُزتَ المَدى في خَفضِ عَيشٍ وَعِزَّةٍ / يَدينُ لَها سامٍ وَحامٍ وَيافِثُ
وَلا زالَتِ الأَقدارُ تَجري مُطيعَةً / لِأَمرِكَ حَتّى يَبعَثَ الخَلقَ باعِثُ
وَسالَمَتِ الأَيّامُ نادِيَكَ الَّذي / بِهِ كُلَّ مَجدٍ مُجمَعِ الأَمرِ لابِثُ
لَعَمري لَقَد أَشبَهتَ فَضلاً وَسُؤدَداً / أَباكَ عَلِيّاً حينَ تَبدو النَكائِثُ
وَأُقسِمُ ما ماتَت سَجاياهُ في العُلى / وَأَنتَ لَها يا اِبنَ المَيامينِ وارِثُ
لَكَ الكَرَمُ الغَمرُ الَّذي يُحدِثُ الغِنى / وَغَيرُكَ يلوي في النَّدى وَيُماغِثُ
عَفَفتَ وَجانَبتَ الأَذى غَيرَ عاجِزٍ / وَقَد مَلَأَت كُلَّ البِلادِ الهَثاهِثُ
فَتىً نَبَوِيُّ الطَبعِ لا تَستَخِفُّهُ ال / مَثاني إِذا ما حُرِّكَت وَالمَثالِثُ
إِذا الخَمرُ أَفنى عَيثُها مالَ باخِلٍ / فَإِنَّ نَداهُ الغَمرَ في المالِ عائِثُ
وَإِن عَبَثَت أَيدي اللَيالي بِسَيِّدٍ / فَإِنَّ يَدَيهِ بِاللَيالي عَوابِثُ
جَرى وَجَرَت أَهلُ العُلى فَأَتى المَدى / جُموحاً وَأَقعى كَلبهُم وَهو لاهِثُ
فَقُل لِمُبارِيهِ رُوَيدَكَ فَاِتّئد / مَتى صَحِبَت شُهبَ البُزاةِ الأَباغِثُ
مَتى يَجرِ خَلفَ الأَعوَجِيِّ اِبنُ كَودَنٍ / فَيا قُربَ ما تَحثو عَلَيهِ الكَثاكِثُ
فَلو أَنَّ قُسّاً في الفَصاحَةِ رامَهُ / لَأَكدى وَلاِنهارَت عَلَيهِ المَباحِثُ
يُقِرُّ لَهُ في الجودِ كَعبٌ وَحاتِمٌ / وَفي الحِلمِ وَالإِقدامِ قَيسٌ وَحارِثُ
إِذا لاثَ يَوماً حَبوَةً فَكَأَنَّهُ / عَلى الطودِ مِن أَعلى أَبانينَ لائِثِ
لَهُ العَطَنُ الرَّحبُ الَّذي لَم تَزَل بِهِ / رِكابُ الأماني وَالرِياض الأَثائِثُ
يُنادي إِلَيهِ الراغِبينَ سَماحُهُ / وَأَخلاقُهُ الغُرُّ الحِسانُ الدَمائِثُ
إِذا ما دَعاهُ الرّاغِبونَ لِحاجَةٍ / فَلا الصَوتُ مَحجوبٌ وَلا الجودُ رائِثُ
هُوَ الغَيثُ لَكن طَلُّهُ وَرَذاذهُ / يَغصُّ بِهِ قُريانُهُ وَالمدالِثُ
كَريمُ الثَنا لا العِرضُ مِنهُ رَدِيَّةٌ / تُصابُ وَلا زِندُ النَدى مِنهُ غالِثُ
هُمامٌ مَتى تَقصِدهُ تَقصِد مُيَمّماً / جَواداً عَلى عِلّاتِهِ لا يُمالِثُ
جَزى اللَّهُ تاجَ الدّينِ خَيراً فَإِنَّهُ / بِهِ تُدفَعُ الجُلّى وَتُكفى الهَنابِثُ
فِدىً لأَبي زَيدٍ رِجالٌ قُلوبُهُم / عَنِ الخَيرِ غُلفٌ وَالحبالُ رَثائِثُ
لَهُم أَلسُنٌ سُمجٌ وَأَيدٍ لَئِيمَةٌ / وَأَندِيَةٌ زُعرٌ وَمالٌ جُثاجِثُ
وَإِنَّ العُروقَ الطَّيّباتِ فُروعُها / نَوامٍ وَلا تَنمو العُروقُ الخَبائِثُ
فَتىً لا يُباري جارَهُ جارُ غَيرِهِ / وَهَل يَستوي عَيمانُ قَومٍ وَآبِثُ
فَتىً لَم تَزَل أَخلاقُهُ وخِلالُهُ / عَلى حَمدِهِ في كُلِّ يَومٍ بَواعِثُ
فَقُل لِلَّذي آلى يَميناً لَقَد رَأى / لَهُ ثانياً كَفِّر فَإِنَّكَ حانِثُ
لِيَهنِكَ عِيدٌ أَنتَ أَحلى شَمائِلاً / وَأَحسَنُ مِنهُ إِن تَنَكَّرَ حادِثُ
وَعِشتُ حَميداً أَلفَ عيدٍ مُجَدَّدٍ / تَلوثُ بِعَلياكَ الرِّجالُ الملاوِثُ
فَدُونَكَها يا اِبنَ النَّبيِّ غَريبَةً / تُخَبِّرُ أَنَّ العائِبيها هَلابِثُ
جَمَعتُ بِها سِحرَ الكَلامِ الَّذي اِختَفى / قَديماً فَلَم يَنفُث بِهِ قَبلُ نافِثُ