القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 42
أطوف على ذاتي بكاسات خمرتي
أطوف على ذاتي بكاسات خمرتي / وأستمع الألحان في حان حضرتي
وأنفخ مزماري وأصغي لصوته / وأضرب دفي حين ترقص قينتي
وأنشق من روضي نسيم حقائقي / ويسرح طرفي في حدائق نشأتي
وعندي إلى رؤيا جمالي تشوق / كثير وما عشقي لغير حقيقتي
ويالهف أحشاءي على حسني الذي / فؤادي به صب ويا فرط لوعتي
أحن إلى ذاتي صباحاً وفي المسا / وغاية قصدي في العوالم رؤيتي
وقد وعدتني اليوم نفسي بوصلها / غداً فمتى مني تقوم قيامتي
وأرفع عن وجهي خماري مجرداً / ثيابي عن ذاتي وأهتك سترتي
أبى الحب إلا أن أكون مولهاً / بقلب على طول النوى متفتت
وشوق كثيرٌ واصطبار ممنع / وسقم وأشجان علي شديدة
وإني لأرجو من حقيقتي اللقا / وأطلب منها أن أفوز بنظرة
فلا عجب أن بحت بالسر للورى / وعربدت في هذا الوجود بسكرتي
وتهت بمحبوبي على كل ناسك / وغبت عن الأكوان بل عن هويتي
وعندي انتظار كل يوم وليلة / إلى رؤيتي بل كل وقت وساعة
وما أنا إلا من أحب وإن من / أحب أنا من غير شك وشبهة
أردت ظهوري لي وما كنت خافياً / فطورت في الأطوار من كل صورة
وقد كنت قدماً في عمى ليس فوقه / ولا تحته أيضاً هواء بوحدة
وللقلم الأعلى تنزلت من يدي / وللوح حتى للذوات الكثيرة
وقد كنت عرشي واستويت علي من / قديم زماني في الوجود برحمتي
ومنه إلى الكرسي تنزلت بل إلى / سمواتي السبع الطباق العلية
وطورت أملاكي فلي كنت عابداً / وطورت أفلا كي فدارت بقدرتي
وعدت نجوما مشرقات على الورى / أزيد ضياء في ظلام الدجنة
وطورت شمساً في طلوع نهاركم / وما الليل إلا من نتائج غيبتي
وصرت هلالاً تحسبون الشهور بي / وأجلو عليكم ضوء شمس الظهيرة
وقد صرت أياماً لكم وليالياً / ودهراً وساعات وكل دقيقة
وطورت شكل الجان في الأرض قبلكم / وجئت لهم رسلاً لإبلاغ حجتي
وقد كنت تكذيباً لرسلي منهم / فصرت لهم أوفى هلاك ونقمة
وفي كل أطوار الشياطين بينكم / ظهرت بوسواس لأصحاب شقوة
وطورت في شكل العناصر ثم في / مواليدها في الأرض تلك الثلاثة
ففي معدن طوراً وطوراً ظهرت في / نبات وحيوان لتتميم حكمتي
وكنت رياحاً من شمال ومن صبا / أهب فأروى عن حديث الأحبة
وكنت بحاراً زاخرات على المدى / تفيض فتبدي موجة بعد موجة
وطورت أرضا ثم صرت جبالها / لإرسائها فوق البحار المحيطة
وإني على ما كنت فيه ولم أزل / ولي رتبة التنزيه أرفع رتبة
وما كثرة الأطوار مني غيرت / صفاتي ولا ذاتي ولا قدر ذرة
وهل أنت في تخييل ذاتك باطناً / تغيرت عما كنت في كل مرة
فيجلو عليك الفكر ما قد أردت من / زخارف أشباح هنا مستحيلة
وذاك كهذا غير أن الخيال مع / تخيله في الغير لا في الهوية
وما هي إلا أنت لا شيء ههنا / سواك فحقق سر تلك الحقيقة
وإياك والتشبيه في كل موضع / توهمت فيه الغير وافطن للبسة
وخذ كل ما ألقى عليك منزهاً / ولا تخش عاراً إن فهمت إشارتي
وهذا الذي قد قلته كله أنا / ظهرت به لي قاصداً لنصيحتي
ولما انقضت أطوار ذاتي بمقتضى / صفاتي وأسماءي العظام الجليلة
وتم التباسي بالذي أنا مظهر / له من شخوص فصلتها إرادتي
وسويت جسم الكل بي فهو قابل / لروحي وتفصيلي استعد لجملتي
جمعت من الأشياء طينة آدم / ومنها إلى الكل الرقائق مدت
وخمرتها حتى تناسق نشؤها / وسويتها حتى لنفخي استعدت
ولما استتم الأمر واستكمل الذي / أردت من الأجمال في البشرية
ففي تلك من روحي نفخت وقد سرت / نسائم أمري في رياض الطبيعة
فقمت سميعاً باصراً متكلماً / مريداً عليماً ذا حياة وقدرة
فلم يبد مني غير ما هو كائن / لدي وبي مني على حكومتي
فكنت كماء لونه من إنائه / وكالشمس تبدي خضرة بالزجاجة
وأسجدت أملاكي بأمري لمظهري / فكان سجودي لي وآدم قبلتي
ولما أبى إبليس عن تكبراً / ولم يأت لي من بعد أمري بسجدة
عن الملا الأعلى له كنت مخرجاً / وآب بخسران وطرد ولعنة
وأسكنته في الأرض أظهر كامناً / به من شقا أصحاب قبضة يسرتي
وأظهرت في ذاك الملا فضل آدم / وأنزلته أعلى مقام بجنتي
وأخرجت حوا منه فهي له كما / هو الآن لي من حيث وصفي وصورتي
وعن بعض أشجار هناك نهيته / ولي كان مني النهي عني لحكمتي
ولما اقتضى فعلي لما كنت عنه قد / نهيت كمال الصورة الآدمية
أتيت بأقسام إلي موسوساً / وأوقعت نفسي في غرور وغفلة
وذقت كما ذاق العدو تباعدي / وما الأكل إلا الفرق والجمع توبتي
وقد لاح عصياني علي ومذ بدت / طفقت بأوراق أخصف سوءتي
ومن بعد ذا أهبطت للأرض هيكلي / وكنت بها في العالمين خليفتي
وسخرت لي كل الوجود تفضلاً / على صورتي مني وأتممت منتي
وعرفت ما بيني وبيني كلاهما / على عرفات بعد طول التشتت
فكان نكاح الأمر في الخلق ظاهراً / بنا في كلا الشخصين قبل النتيجة
وأظهرت من صلبي جميع مظاهري / بصورة ذر للعهود الوثيقة
وأشهدتهم عني ألست بربكم / فقالوا بلى طراً بنفس مطيعة
وأوهمتهم غيراً فأنكر بعضهم / وأوفي بعهدي بعضهم مع لبسة
وأول أطواري الكاومن أنني / لآدم شيئاً كنت وهو عطيتي
وطورت نوحاً جاء ينذر قومه / وكنت له التكذيب منهم ببعثتي
وألفاً سوى خمسين عاماً لبثت في / جماعتهم أبغي لهم نشر دعوتي
وهم يعبدون الغير بل يعبدونني / ولا غير لكن وهمهم هو سترتي
ولما أبو واستكبروا كافرين بي / دعوت عليهم واستجبت لدعوتي
وأرسلت طوفاناً عليهم فأغرقوا / ولم ينج إلا من معي في سفينتي
وطورت إدريساً ولي كنت رافعاً / مكاناً عليّاً في أجل مكانة
وطورت إبراهيم يدعو إليَّ بي / على قومه آتيته أي حجة
ومذ قال ذا ربي له كنت كوكباً / كذا قمراً أيضاً وشمساً بوجهة
ولا فرق إلا بالأفول ألم تكن / إذا لا أحب الآفلين مقالتي
كما قلت سموهم لقوم تعلقوا / بما قيَّد الإمكان من مطلقيتي
وجئت إلى النمرود أدعوه للهدى / فلم يمتثل حتى ثوى بالبعوضة
وأضرم لي ناراً وأرسلني بها / فعادت بأمري لي علي كجنة
وقد كنت مني طالباً أنني أرى / لحق يقيني كيف إحياء ميتة
فجاء جوابي لي بأربعة فخذ / من الطير واجعل في العلا كل قطعة
وناديهمُ يأتين سعياً وبعد ذا / فكن عالماً لا شيء إلا بقدرتي
وطورت إسماعيل لما بلغت مع / أبي السعي ذبحي قد رأيت بنومة
وناديت لما أسلما حين تلَّه / أصدّقت حتى كان بالكبش فديتي
وطورت إسحق الغيور ولم تكن / على غير تحريم الفواحش غيرتي
وطورت يعقوباً بليت بيوسف / وأسلمني حبي له كل محنة
وفرقت ما بيني زماناً وبينه / وواأسفى ناديت من طول فرقتي
وعيناي من حزن قد ابيضّتا وقد / مننت بجمع الشمل بعد التشتت
ويوسف قد طورت زاد ملاحة / بوجه سبى كل الوجوه المليحة
وبالثمن البخس اشتراني مشتر / وفي الجب ألقتني من الكيد إخوتي
وقد عشقت حسنى زليخاء والهوى / أضر بها حتى هممت وهمت
وطورت هوداً كان يشهد قومه / على أنه من شركهم ذو براءة
ولوطاً لقد طورت أيضاً وصالحاً / أتيت إلى قومي لإبلاغ دعوتي
فزاغوا وعن أمري عتوا وتكبروا / وقد عقروا لما عصوني ناقتي
وطورت موسى ضارب البحر بالعصا / وقد شق حتى قومه فيه مرّت
وآنس ناراً من جوانب طوره / فرام ليأتي الأهل منها بجذوة
فنال الهدى في شكل مقصده وقد / تجلى له من مظهر الأحدية
وقد حاز منه رؤية بسؤاله / ولكنها الأطواد بالصعق دكت
وعيسى لقد طورت يبرئ أكمهاً / وأبرص والأموات يحيي بدعوة
وأرسلت روحي طبق ما هو عادتي / إلى الأم حتى كان مظهر نفختي
وأظهرت ما قد كان في الأب مضمراً / وبينت للأقوام سر الأمومة
فضلوا وزاغوا عن مثال ضربته / لفهم علوم في الوجود دقيقة
وقالوا بأني قد غدوت له أباً / وقد خص من دون الورى ببنوتي
وأين الوجودان اللذان تباينا / وما عزُّ خلاق كذلِّ خليقة
ومن بعد هذا جئت في طور كل ما / مضى من رسول أونبيٍّ لأمة
وأصبحت في شكل النبي محمد / إلى الله أدعو الناس في أرض مكة
فآذتني الأقوام بغياً وحاولوا / بأفواههم إطفاء نور النبوة
وأظهرت دين الحق بعد خفائه / فأصبحت الكفار في سوء حالة
ونكست أصنام الضلال وفي الورى / أزلت ظلام الظلم من فرط سطوتي
وطورت أصحاباً ومن هو تابع / لهم بالهدى مثل الكرام الأئمة
ومن بعد ذا ما زلت أظهر دائماً / على أمد الأزمان في كل هيئة
وطورت أهوال القيامة والذي / يكون غداً في يوم عرض الخليقة
وإياك من قولي بأن تفهم الذي / تدين به الكفار بين البرية
فإني بريء من حلولٍ رمت به / عقول تغذت بالظنون الخبيثة
وما بانحلال واتحاد أدين في / حياتي وإن دانتهما شرُّ أمة
وكل الذي أبديته لك ناظماً / فَمِنْ فوق أطوار العقول السليمة
فإن كنت من أهل المعارف لم تلم / لأنك تلقاه بنفس تزكت
وإن كنت مطموس البصيرة جامداً / على ما ترى من صورة بعد صورة
فإنك معذور بقلة فهم ما / أقول لضعف في قواك الكليلة
فواظب على التنزيه وادأب عليه لا / تكن من أناس بالتشبه ضلت
ودع عنك تجسيماً ولا تَكُ جاهلاً / بأوصاف من أبداك في كل حالة
أنا كل الوجود والكائناتِ
أنا كل الوجود والكائناتِ / أنا كل الأرواح كل الذواتِ
أنا كل العقول بل كل شيء / في جميع الأزمان والأوقات
ليس كل الوجود إلا أسامي / والمسمى بكل ذلك ذاتي
والتباسي عليك حيث لباسي / كل شيء يلقيك في الآفات
يا بني هذه العصابة إني / جاعلٌ حبكم مكان حياتي
لي فؤاد يحن شوقاً إليكم / كل حين في سائر الحالات
إنما نحن واحد نتجارى / في بحار الوجود كالموجات
لمحات تلوح من نور أمر / وبقاء الجميع في اللمحات
ولعين العيون في كل شأن / صور تستقل عند عداتي
والتجلي في كل نوع مفيد / عكس ما نحن فيه والحق آت
واقترابي تباعدي وعلومي / عين جهلي والنفي في إثباتي
حبذا ضجة السماع سحيراً / إن تكن بالدفوف والنايات
وصرير الطنبور والجنك لما / شاكلته رقيقة النغمات
وصياح السنطير للهو يدعو / وكؤوس الطلا بأيدي السقاة
مجلس فيه موسم للأماني / وهو بالأنس حف واللذات
سيما والملاح تخطر فيه / بوجوه محمرة الوجنات
هذه هذه المظاهر لاحت / لا خصوص الشخوص والهيآت
صرخ الناي فاستمع يا نديمي / وتنصت لهذه النفخات
وتأمل ما في سماعك منه / وخذ الأمر من يد الأصوات
صور تلك في السماع تجلت / ثم ولت وما لها من ثبات
واضطراب الجسوم بالوجد يحكي / دوران الأفلاك بالحركات
عارف الله عارف كل شيء / وسواه من جملة الأموات
كثر القول من ذوي الجهل فينا / فالصواب السكوت بالأخبات
قولهم صادق عليهم لأن ال / حكم فرع عن التصور آت
والذي نحن فيه هم في سواه / أين نور الهدى من الظلمات
لو يحوزون ذرة من صواب / تركونا وهذه الآيات
يا أخي العين لو ترى بك ما بي / كنت مثلي تفوه بالشطحات
أنا صب أهيم في كل شيء / حيث ألغيت جملة الكائنات
وتجلت علي ذات خمار / نورها لاح من جميع جهاتي
وأنا حافظ قضية حكمي / والحدود التي بهن نجاتي
فلهذا أحب كل لذيذ / وفؤادي يدوم في الشهوات
وأنا مغرم بكل مليح / في حياتي هنا وبعد مماتي
وإذا لامني الجهول أنادي / حسبك الجهل عن أتم صفاتي
أنوار شمس الذات لما لاحتِ
أنوار شمس الذات لما لاحتِ / أرواحنا شوقاً إليها راحتِ
يا زهرة في روض قلبي فاحتِ / نفسي بما قد أضمرته باحتِ
يا من هو الموجود عند السالك / لا غيره إذ كل شيء هالك
أحكم بما قد شئت أنت المالك / كل الورى بالعشق فيك ارتاحت
أنت الذي قامت بك الأشياء / أنت الذي ضاءت بك الظلماء
عن حكمك العدل الورى أفياء / إن زال عنها الحكمُ يوماً طاحت
يا ظاهراً في كل شيء باطن / في القلب لا فيما سواه قاطن
عنكم لغات الكون فيها راطن / بالشوق والأشياء فيكم صاحت
العقل من كل الورى محجوب / إن لم يكن يظهر له المحبوب
والظاهر المأمول والمطلوب / إذ سائر الأستار عنه انزاحت
يا حسرة المحجوب والمغرور / قد سار في الظلماء لا في النور
مربوط بالأغيار كالمأسور / في ساحة الدنيا حشاه ساحت
لا عالم يدري الذي أدريه / والجاهل المغرور بالتمويه
فاسمح بإذن القلب ما أبديه / في الحب أطيار المعاني ناحت
يا منكرين لكم في ناركم كيّاتْ
يا منكرين لكم في ناركم كيّاتْ / نياتكم جعلت أعمالكم حياتْ
أنتم عميتم عن المنشور في الطياتْ / والكل بالله والأعمال بالنياتْ
ظهرت ذاتي لذاتي
ظهرت ذاتي لذاتي / وصفات من صفاتي
وبدت في النفس نفس / مكنت في حركات
كنت كالقشر عليها / وهي كاللب المواتي
والذي أبديه عنها / هو نعتي وسماتي
عينها غابت ولكن / حضرت باللحظات
وغدت تكشف عني / لي بها عن ظلماتي
وتبدت شمسها من / فوق سبع الطبقات
فأنارت أرض قلبي / وبها ضاءت جهاتي
وأنا الحادث ماض / وأنا الدائم آت
وهو أمر واحد واث / نان بعد الإلتفات
فتنحوا عن طريقي / يا نفوساً جاهلات
واحذروا أن تدخلوا في / طرقاتي الضيقات
وابحثوا عنكم وخلوا ال / بحث عن أوصاف ذاتي
أنا إلا روحُ أمرٍ / فوق كل الكائنات
أنا إلا محضُ نورٍ / فائض باللمحات
أنا إلا سرُّ عرشٍ / وأنا ماء الحياة
وأنا المعروف في السب / ع الطباق العاليات
وأنا فوق إشارا / تي وكل الشطحات
ومعاني الكون دوني / وهو من أدنى هباتي
كيف لا والنفس مني / ذهبت في الذاهبات
وبدا الحق مكاني / يتجلى بصفاتي
والذي يعرف ربي / عارف بي وبذاتي
والذي يجهله يج / هلني بالغفلات
يا أخلاءي رويداً / كم بتعويج قناتي
ظنكم أعدم نوري / عندكم ذا اللمعات
كلما لمتم شربنا / كم كؤوس صافيات
وعلمنا كم دنانِ ال / باقيات الصالحات
وجهلتم ما لديكم / كحمير سارحات
عندكم ماء وأنتم / قد عطشتم للممات
هيئوا الأكباد منكم / في غدٍ للحسرات
واستعدوا لسؤال / عن جميع السيئات
ليت منكم لو شربتم / ما حويتم يا سقاتي
مخرج الأفلاك أضحى / بحروف الجسم ياتي
عن لسان الملأ الأع / لى وهاتيك الذوات
ومعاني الروح تتلى / في المسا والغدوات
وكلام الله برق / خصّنا بالومضات
وسمعنا وتر الوت / ر بأيدي الغانيات
ودفوف الحق من نق / رتها زالت سناتي
ومزامير المعاني / أطربت بالنغمات
وحلا رقصي مع الأر / واح تلك الراقصات
ثم باآتي جيمعا / دخلت في ألفاتي
وانقضى صحوي وقد عم / مت ببحر السكرات
غرست في أرضه بال / لطف منه شجراتي
وهو بزري وهو أيضاً / ظاهراً من ثمراتي
وانثنت أغصاننا من / أمره بالنسمات
في ربا أوج التجلي / ورفيع الحضرات
يا شذا عرف غراسي / فاح يا طيب نباتي
والسوى في كل حزن / وأنا في النزهات
والذي عنديَ مني / غير ما عند عداتي
هم يروني في شتات / مثل ما هم في شتات
وانطوى عنهم خصوصي / وانتفى عنهم ثباتي
وانجلت شمسي وهم بال / جسم خلف الهضبات
فاح مسكي وزكام / عندهم عن نفحاتي
وأنا في محض إيقا / ن وهم في الشبهات
وعلى الجملة فيهم / قد أجيبت دعواتي
وأصيبوا برزايا / هي إحدى السطوات
إن لم تجد كل حي في البرايا ميتْ
إن لم تجد كل حي في البرايا ميتْ / فأنت محجوبْ حالك ليتْ تدري ليتْ
أبوب كل الحواس أغلق وقم في بيتْ / قلبك تقل لك زليخا أمر ربك هيتْ
ليت شعري مذ كررت نظراتي
ليت شعري مذ كررت نظراتي / أنا ساع في الموت أو في الحياة
يا غلاماً إذا اعتبرتك جسماً / أو ترقيت قلت روح الذوات
وإذا ما فنيت عنك وعني / قلت يارب في أتم الصفات
لك عندي في الكل صورة وجه / جل عن كل صورة بالتفات
أنت غيري حقيقة ولو اَني / قلت لما فنيت ذاتك ذاتي
آه من لي بمفرد يتثنى / فيفوه اللسان بالشطحات
نحن في كفه كؤوس مدام / دائرات في سائر الأوقات
من يَرُمنا يسكر بنا خارجاً عن / كلِّ شيءٍ يرى من الكائنات
عدم ظاهر بمحض وجود / بل وجود يغيب بالغفلات
وإذا شاء كان أكشف شيء / وهو إن شاء أغيب الغائبات
هذه عادة المظاهر تبدو / للهلاك السريع أو للنجاة
والذي يعشق الملاحة يفنى / في العيون الفواتر الناعسات
يا وجوداً وكل شيء سواه / عدم ظاهر به في الجهات
إن أردنا قلنا بأنك أنا / حيث منا لا شيء ماض وآت
وإذا ما هياكل الجهل لامت / فالسوى نحن مثلهم عن ثبات
نحن في النور سائرون إلينا / وجميع الأنام في الظلمات
بقية الروح مما كان في التابوت
بقية الروح مما كان في التابوت / تابوت موسى وذاك الجسم والناسوت
وحين عقلي غدا في ملكه طالوت / قتل من النفس داود الهدى جالوت
إنني إن أمت فما أنا ميتُ
إنني إن أمت فما أنا ميتُ / أنا حي بمن إليه اهتديتُ
وأنارت مشكاة ذاتي بمصبا / ح علومي وفي الزجاجة زيتُ
رمت من رامني بصدق وداد / وإذا ما دعا له لبيت
ولروحي الحضور في كل حي / فيلذ التصبيح والتبنيت
إن لله في ابن آدم ملكاً / لا زوال له ولا تفويت
سر ذات به الخلافة قامت / وعليه الأحياء والتمويت
نظري في ظواهر الكون فخر / والتفاتي إلى البواطن صيت
من سواه افتقرت لما تبدى / لي جهراً حتى به استغنيت
ولعقلي بسره تكميل / ولقلبي بأمره تثبيت
إن تأملت فالجميع معان / ولنطق الوجود هم تصويت
عطس الكون بي وقد كنت حمداً / منه حتى له أنا التشميت
من يزرني يزر أشعة نور ال / مصطفى ضمها ضريح نحيت
وهو حي في قبر جسم محب / بغذاء الهوى له تقويت
وله قلبي المدينة كشفاً / أين منها بغداد أو تكريت
عالماً كن أو طالباً أو محباً / مثل ما قال تلق ما قد لقيت
لا تكن رابعاً فتهلك جهلاً / بالذي قد أمرت أو قد نهيت
يا شبيهي بصورة الجسم قد أس / معت حياً لو أنني ناديت
ليت هذا البعيد منك قريب / ليت لو قربت بعيدك ليت
قف على هذه الشخوص فإما / ملك في الثياب أو عفريت
وتجنب عن الحلول وحقق / كل شيء فذاك للحق بيت
وتأمل فالفرق بالله جمع / واجتماع على السوى تشتيت
كل أناس لهم لغاتُ
كل أناس لهم لغاتُ / وكل محو له ثباتُ
وكل وقت له كلام / وكل شغل له أداةُ
وكل سر له ظهور / وكل ليل له سراة
وكل أمر له سماء / وكل شخص له سمات
وكل حكم له مضاء / وكل ذات لها صفات
وكل خمر له مدير / وكل كأس له سقاة
وكل سهم له مصاب / وكل قوس له رماة
وكل طير له غذاء / وكل وحش له فلاة
وليس يدري ببعد أمري / إلا الذي جمعه شتات
وليله بالهدى نهار / وفي مساء له غداة
وقلبه الشمس بالتجلي / غروبها عنده الممات
وجسمه صور نفخ روح / بأمره تحشر الرفات
ميزانه العقل والصراط ال / شرع الذي قالت الهداة
يموت في ساعة ويحيى / فموته طاب والحياة
وحاصل الأمر فهو مثلي / ذاتان في الوصف وهي ذات
وما سواه حمار جهل / يقظته في الورى سنات
شيطانه راكب عليه / من يده ماله نجاة
يوقعه في جحود ما لا / يدريه مما درت ثقات
مكدر ما له صفاءٌ / والقلب من قسوة صفاة
وذاك ما لا اعتبار عندي / ولا إليه لنا التفات
والحرف ذو عجمة وأما / حروفه فهي مهملات
ذاتي لاحت
ذاتي لاحت / فيما بدا من صفاتي
حتى انزاحت / عن عيوني غفلاتي
يامن أهدى / كل حسن وجمال
لما أبدى / لي فنون الحركات
أنت الباقي / لم تزل والكل فان
إني الراقي / في رفيع الدرجات
جلت عين / شاهدت وجه حبيبي
عنها غين / صار يمحى بالثبات
يوم الوادي / طلعت سلمى علينا
حتى النادي / ضاء من كل الجهات
يا إخواني / هذه الأنوار لاحت
للأعيان / جمعت مني شتاتي
غنى الحادي / فشجى قلب المعنى
ذاك الصادي / للقاء الظبيات
وا أشواقي / لمعاني حسن ليلى
ما لي واقي / من سيوف اللحظات
إني هائم / بعدهم في كل وادي
عشقي دائم / لحبيبي يا سقاتي
هذا حاني / جمع القوم السكارى
من يلحاني / ليس يدري حسن ذاتي
في أفلاكي / طلعت شهب نجومي
من أملاكي / أنزلت وحي النجاة
حتى يتلى / سر قرآني بقلبي
لما يجلى / بالبها وجه فتاتي
إني وحدي / ما معي في الكون غيري
أبدي وجدي / لبدوري الطالعات
من أغياري / خلصت للحق عيني
مذ أطواري / أحرقتهم سبحاتي
في ديجوري / أشرقت شمس نهاري
لولا نوري / كتمتني ظلماتي
من يهواني / يترك الكل جميعا
يبقى عاني / يرتجي حسن التفاتي
يبدو وجهي / عنده أيان ولّى
يمحو شبهي / مع جيمع الشبهات
لا يلويه / عن حمانا صوت شاد
بل يثنيه / لي جميع النغمات
يصغي لما / يصدح الطير سحيرا
يجلو الغما / ويزيل الحسرات
تلك الليله / زارني من كنت أهوى
في التهليله / جذبت نوقي حداتي
لو كانت لي / قدرة الرؤية لما
أفنت كلى / عمت في بحر الحياة
لكن مني / خطفت سلمى جميعي
تملا دنّي / بهوى الحب المواتي
ثم اشتاقت / مثل ما اشتقت إليها
حتى راقت / خمرتي بالنفحات
يا عذالي / في شرب هذي الحميا
قدري عالي / في هوى ماض وآت
فرد لكن / هو في المجلى كثير
عندي ساكن / فيه صحوي سكراتي
أفنى لبي / نور سكان المصلى
يحيى قلبي / برقهم بالومضات
روضي زاهي / بأزاهير التجلي
عرفي باهي / بلطيف النسمات
من يدريني / بملوك العشق يدري
في ذا الحين / نافذات سطواتي
جل المولى / من حباني بالعطايا
وهو الأولى / بي فلا أخشى عداتي
صلى ربي / دائم الدهر على من
أوج القرب / قد رقى بالمكرمات
أبدى فيه / مادحا عبد الغني
ما يبديه / من رقيق الكلمات
علَّ الباري / أن يوقِّي المسلمينا
حر النار / مع جميع الحسرات
ألا ليتَ لو جاد لي الحبُّ ليتْ
ألا ليتَ لو جاد لي الحبُّ ليتْ / فحبي هو الحي والكل ميتْ
مليح به ضاء مصباحنا / ومن علمه كان إمداد زيت
بنتنا له يده كعبة / بها طفت سبعاً وفيها سعيت
فيا أمة العشق حجوا إلى / فؤادي الذي هو للحب بيت
نحرنا له أنفساً في منى / هواه وجمْرات همّي رميت
سواي به ضل فيما اهتدى / وإني بما قد ضللت اهتديت
هو الحرَمُ الأمْنُ للملتجي / ظهرت به حين فيه اختفيت
كفة الغيب كفة الحسناتِ
كفة الغيب كفة الحسناتِ / وهو في الكون كفة السيئاتِ
وانظر الميل فهو للقلب مني / ميل قلب الميزان ميزان ذاتي
وأقيموا للوزن بالقسط هذا / قول ربي في محكم الآيات
وكذاك الصراط مني إليه / نفخة الروح لاتصال الحياة
وهو جمر على جهنم جهل / هو أغيار حضرة الحضرات
ما إلى جنة الصفات سواه / من طريق في هذه الظلمات
فإذا مات صاحب الفتح منا / ورقى بالفنا ذرى الدرجات
ثم أحياه ربه يوم حشر / عرف الكل واهتدى بلغات
ورأى ما رأى وحقق كشفاً / أن سر الوجود في الحركات
حركات الوجود لا حركات / سكنات وليس بالسكنات
وشؤون ومالها من وجود / وهي بالقلب للوجود المواتي
هي طوراً به تلوح وطوراً / هو يبدو بها لأهل النجاة
أيها الغافلون مهلاً رويداً / لم أوافق لكم على الغفلات
أنا في رؤيتي تصرف ربي / بي تشاغلت عن تصرف ذاتي
غاب نوري في نوره فمحاني / وأزالت صفاته لصفاتي
وهو حقٌّ ذاتاً ووصفاً وإني / باطل زاهق بغير ثبات
صيغة مستحيلة تتلاشى / بالتجلي في سائر الحالات
نورطه المصطفى منه جيمع الكائنات
نورطه المصطفى منه جيمع الكائنات / وبه كان الترقي في رفيع الدرجات
كفه غيث مغيث لقلوب المتقين / ومزيل عطش الأمة يوم الحسرات
كل روح هي من نورسناه ظهرت / كل جسم هو منه ظاهر بالحركات
وهو سر ليس يخلو منه شيء في الورى / لكن الستر عليه من شخوص النسمات
شاهد ذلك منا وهو مشهود لنا / يتجلى للبرايا في جميع اللمحات
وصلاتي وسلامي للذي أنواره / أشرقت في الكون حتى زال سر الظلمات
وعلى آل وصحب بهما عبد الغني / بدل الله له سوء الخطا بالحسنات
نفس بعلوة لا تزال أبية
نفس بعلوة لا تزال أبية /
زادت على كل النفوس مزية /
وحقيقة تهوى الظهور خفية /
يا درة بيضاء لا هوتية / قد ركبت صدفاً من الناسوت
داء الجميع وقد بدات بدوائهم /
عن غيرها أن جانبوا بهوائهم /
فهي التي فيها كمال صفائهم /
جهل البرية قدرها لشقائهم / وتنافسوا بالدر والياقوت
كلامنا غير ما تعطى العباراتُ
كلامنا غير ما تعطى العباراتُ / من المعاني لنا فيه اعتباراتُ
بنفسه قائم وهو المجرد عن / لفظ ومعنى معاً وهو الإشارات
هما الكثيفان والسر اللطيف له / علاقة بهما فيها التفاتات
كالروح يظهر من نفس ومن جسد / وليس يكشفه إلا العنايات
فلا تظن بأني إن وصفت حلى / شيء مرادي به تلك الإحالات
أو إن ذكرت نسيماً هب من جهة / أو نفحة هي قصدي والمرادات
كذاك البرق والأطلال أذكرها / في النظم ليست مرادي والحمامات
لا والذي جل عمّا للعقول بدا / وللحواس به الأحياء أموات
كلام أهل طريق الله سر هدى / لا دخل فيه لهم تبديه أبيات
عن المواد له التجريد مخطئة / منك التآويل فيه والقياسات
لم يدره ذو انتقاد في تعنته / لنفسه زعم علم واجتهادات
فيعرب اللفظ للمعنى فيفهمه / ولا يبين له إلا الضلالات
ومقصد القوم نور في القلوب سرى / من القلوب وما فيه التباسات
رموز أسرار قوم تستعدّ له / أرواح قوم لهم في الله راحات
روائح القوم شمتها بصائرهم / لهم إلى الحق همات ورغبات
لهم نظمنا المعاني يلمحون بها / غيب الغيوب وتخفيها العبارات
بوجودي فغذني يا قوتي
بوجودي فغذني يا قوتي / وبناري لم يحترق ياقوتي
كلنا واحد إذا نحن كنا / خارج الملك فيه والملكوت
وكثير وبعضنا غير بعض / في ثياب اللاهوت والناسوت
وأنا أنت إن تجردت عني / نحو غيب الغيوب في اللاهوت
وتنزلت في النعوت وفارق / ت وجودي إلى فضاء الثبوت
ثم جولت في ثبوتك ذوقي / وتنزلت فيك للتابوت
ولهذا أكون أنت ولا تش / عر بي أنت يا حبيس البيوت
إنني مطلق وإنك قيد / لي ببحري كيونس والحوت
وإذا ما أردت مثلك كم لي / شبح في ظهوره منحوت
أنا ساع في هدم كل بناء / دون مرأى حقيقتي المبحوت
وبجهل أراك تبني نفوساً / وجسوماً بناية العنكبوت
ليت داوود روح مثلك لو يق / تل نفساً أضل من جالوت
طريقتنا شرقية قادرية
طريقتنا شرقية قادرية / فلا نختشي قهرا وذلا ولا فوتا
وفي الشرق عبد القادر القطب شيخنا / طريقته تفضي إلى العز مثبوتا
طريقة ذل وانكسار لأجل ذا / إلى الشرق مُدَّتْ سنَّةً أرجل الموتى
ملاعب الوهم أمثال الصخور النحتْ
ملاعب الوهم أمثال الصخور النحتْ / أحوالهم لو تشاهدها عليهم نحتْ
لهم علامَهْ رفقي لو تراها سحتْ / لا يشربون التُتُنْ بل يأكولن السحتْ
لا تلمني إن السماع يقيت
لا تلمني إن السماع يقيت / وهو يحيي بطيبه ويميت
وهو باب لبيت سر عظيم / بيت حق جداره التثبيت
نفحات من الغيوب تبدت / بث مسك منه لدينا حتيت
وعلى الجاهلين ريح كريه / فائح منه عندهم كبريت
والذي عندهم هزار وبوم / لم يغيره منهما التصويت
حيوان في الطبع لا إنسان / وهو حي وفي الحقيقة ميت
حبذا حبذا سماع الأغاني / والنشيد الذي إليه دعيت
تتثنى به الرجال انطراباً / كغصون لها الصبا قال هيت
سيما والدفوف منطرقات / والمزامير مالها تفويت
وفم الناي نافخ بثنايا / منه لاح المحيى بنا المميت

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025