القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 6
أَخْرَجَ الرَّوضُ أَطْيبَ الثمراتِ
أَخْرَجَ الرَّوضُ أَطْيبَ الثمراتِ / هَاتِ ما شِئتَ من قَرِيِضكَ هَاتِ
زَهَراتٌ تَتِيهُ بالغُصْنِ زَهْواً / وغُصونٌ تَتِيهُ بالزَّهَراتِ
صَيَّرتْ صَفْحَةَ الرِّياضِ سماءً / وَتَجنَّتْ فيها عَلَى النَّيِّراتِ
لم تُفَارِقْ كِمَامَها وشذَاها / يَنْشُرُ الطِّيبَ في جَمِيع الْجِهاتِ
تَرْهبُ الرِّيحُ أن تَخدَّ لَهَا / خَدّاً فَتَجْرِي في خَشْيةٍ وَأَنَاةِ
مُصْغياتٌ إِذا الْحمَائمُ رَنَّتْ / بين تلكَ الْخمائِلِ النَّضِرَاتِ
ضاحِكاتٌ إِذا بَكَى عابسُ الغَيْثِ / وفاضتْ عَيْناه بالعَبَرَاتِ
وإِذا ما جَرَى الغَدِيرُ تدَانتْ / لتُحَيِّي الغَدِيرَ بالقُبُلاتِ
إِنَّ للرَّوْضِ في مَعانِيه حُسْناً / فَوْقَ حُسْنِ المَلاَمِحِ الفاتِنَاتِ
كَمْ مِنَ الزَّهْرِ فيه مِنْ سِحْرِ عَيْنٍ / ومِن النَّبْتِ فيه مِنْ قَسَمَاتِ
فانظْرِ الرَّوضَ لا ترَى غَيْرَ تِبْرٍ / من تُرَابٍ ودُرةٍ مِن حَصَاةِ
حَبَّةٌ أَنْبَتتْ سنابلَ سَبْعاً / ثُمَّ مِلءَ الفَضَاءِ من سُنْبُلاتِ
ونَواةٌ جادتْ بنَخْلٍ ونَحْلٍ / وَارِفِ الظِّلِّ دائمِ الثَّمَرَاتِ
يُرْسِلُ الطَّيْرُ في مَداه نَشِيداً / مُوْصِليَّ الأدَاءِ والنَّبَراتِ
يَمْلِكُ النَّفْسَ أينَما نَظَرَتْه / فَهْوَ قَيْدُ النُّفُوسِ والنَّظَرَاتِ
كم تَهادَى مع النَّسِيمِ اخْتِيالاً / كالعَذَارَى يَمِسْنَ في الْحِبَرَاتِ
تَتَناءَى به الظِّلالُ لِجَمْعٍ / ثم تَدْنُو مُدِلَّةً لِشَتَاتِ
مِثْلَ كفِّ الرسَّامِ جاءتْ ورَاحتْ / بَيْن قِرْطَاسِه وَبَيْنَ الدَّوَاةِ
أو كوَجْهِ الحَسْناءِ يَبْدُو ويَخفَى / بين مَيْل الهَوَى وخَوْفِ الوُشَاةِ
كلّما رُمْتَ منه قَطْفَ جَنَاةٍ / سَبقَتْ راحتَيْك ألْفُ جَنَاةِ
وإِذا بارَك الإِلَهُ بأرْضٍ / جَعَل التِّبْرَ في مَكانِ النَّبَاتِ
وحَبَاها خِصْباً إِذا مَسَّ صَخْراً / تَرك الضخرَ جَنَّةَ الجَنّاتِ
رُبّ أَرْضٍ للغَافِلين مَوَاتٌ / وهْيَ لِلْعامِلينَ غَيْرُ مَوَاتِ
إِنْ تَطَلَّعْتَ للرَّغائِبِ فابذُلْ / تِلْك في الدَّهْرِ سُنَّةُ الكَائِناتِ
لَكَ كَفّانِ تلك تُعْطي وهَذِي / تَتَلقّى مَثُوبةَ الْحَسَناتِ
تَرْتَجيِ الْحَصْدَ ثمَّ تقعُدُ في الشَّمْسِ / لك اللّه يا أَخا التُّرَهَاتِ
ضِلَّةً تَطلُبُ الزُّلالَ من النَا / رِ وتَبْغِي غَضارةً من فَلاَةِ
ليس يجْني من السُّبَاتِ سِوى الأحْلاَمِ / فانهَضْ وُقِيتَ شَرَّ السُّباتِ
قَدْ غَرَسْناهُ رَوْضَ عِلْمٍ فأزْرَى / حُسْنهُ بالْحَدَائقِ الباسِقاتِ
وَبذَرْنا به القُلوبَ صِغاراً / وكِرَامَ النُّفُوسِ والمُهَجَاتِ
وسَقَيْنا ثَرَاهُ مَاءً مِنَ الأَذْ / هانِ أَحْلَى مِنْ كُلّ ماءٍ فُرَاتِ
وَغَذَوْنَاه طَيِّباً بجُهودٍ / ضاعَفَتْ مِن ثِمَارِهِ الطَّيِّباتِ
وَحَميْناهُ أن تَعِيثَ به الأَيْدِي / وتَجْنِي عَلَيْه كَفُّ الجُنَاةِ
وجَعَلْنا له مِنَ الْخُلُقِ العَا / لِي سِيَاجاً مُوَثَّق اللَّبِناتِ
وحَفِظْنا من الرِّيَاحِ جَنَاهُ / وَوَقَيْناه شِرَّة الْحَشَراتِ
إِيهِ يا رَوْضَةَ المَعارِف لا زِلْتِ / مَثَابَ الْخيْراتِ والْبَركَاتِ
أَنت أنبَتِّ في ثَرَى النِّيلِ شَعْباً / نافِذَ الرَّأْي طاهِرَ النَّزَعاتِ
أَعْجَز الغَرْبَ هِمَّةً وذَكاءً / وكذَا الشَّرْقُ مَوْطِنُ المُعْجِزاتِ
خُطُواتٌ نَحْوَ المعَالي فِسَاحٌ / لا عَدَاها السَّدادُ مِن خُطُواتِ
سَلكَتْ أوْسطَ الطَّريقِ وجَازَتْ / كُلَّ ما في الطَّرِيقِ من عَقَباتِ
وجُهُودٌ تَمْضِي وتَأتِي جُهُودٌ / مُحْكَماتٌ مَوصُولةُ الْحَلَقَاتِ
نَسَجتْ من جِهَادها لبَنِي مِصْرَ / دُرُوعاً حَصِينةٌ سابِغَاتِ
إِنَّا مَوْلِدُ المَعَارِفِ في مِصْرَ / دَبِيبُ الْحَياةِ بين الرُّفَاتِ
جَلّ رَبِّي آمنتُ باللّه ربي / فالقِ الْحَبِّ باعِثِ الأمْواتِ
أرْسَل اللّه للكِنَانةِ نَدْباً / هِبْرِزيَّ الاعْرَاقِ والعَزَمَاتِ
فأَتاها مُحمَّدٌ جدُّ إِسْما / عيلَ بالْخِصبِ مُورِقاً والْحَياةِ
هلْ رأيتَ النَّجْمَ الذي يَبْهَرُ / العَيْنَ ويَمْحُو دَيَاجِرَ الظُّلماتِ
هل رأيتَ الغَديِرَ يَنْسَابُ في / القَفْرِ فَيهْتَزُّ مُخْصِبَ الْجَنَبَاتِ
هل رأيتَ الْحَياة تَسْرِي إِلى الجِسْمِ / فتُحْيِي عِظَامَه النَّخِرَاتِ
هل رأيتَ الآمالَ بَعْد نِفَارٍ / واقْتبالَ الشَّبَابِ بَعْدَ فَواتِ
لَقِيتْ مصرُ قَبْلَه ما يُلاقِي / غَرَضٌ جَاء في اتجاهِ الرُّمَاةِ
جَهِلوا دَاءَها الدَّفِينَ وشَرٌّ / مِنْ دَفِينِ الأدْواءِ جَهْلُ الأُسَاةِ
نكَثُوا جُرْحَها فسالتْ دِمَاهَا / قَطَرَاتٍ تَجْرِي إِلى قَطَرَاتِ
لا تَرَى في الظَّلامِ للعِلْم إِلاّ / مُقْفِراتٍ من دُورِهِ دارِساتِ
يَكْرهُ الظُّلْمُ كلَّ شيءٍ من الضَّوْ / ءِ ولو كانَ في ابتسامِ الفَتَاةِ
لم يَكُنِْ منْهُ غَيْرُ وَمْضٍ منَ الأزْ / هَرِ يَبْدُو مُفَزَّعَ اللَّمَحَاتِ
كَذُبَالِ المِشْكاةِ قَدْ جَفّ إلاّ / أَثَراً من بُلاَلةِ المِشْكَاةِ
فَأتى مُنْقِذُ البِلادِ فَأَحْيَا / ها بِرَأْيٍ وَعَزْمَةٍ وثَبَاتِ
لو دَعا أَنْجُمَ السَّماءِ لَلبَّتْ / مُهْطِعاتٍ لأمْرِهِ صاغِرَاتِ
شادَ في مِصْرَ للمعَارِفِ دِيوا / ناً مَنِيعَ الأعلامِ والشُّرُفَاتِ
وبَنَى للعُلُومِ خَيْرَ بِنَاءٍ / عَلَوِي فكانَ خَيْرَ البُناةِ
نَهضتْ مِصْرُ بَعدَه نَهَضَاتٍ / تَسْتَحِثُّ الْخُطَا إِلى نَهَضَاتِ
أَرْسَلَ العِلْمُ نورَه فَسَرَى الرَّكْبُ / يقُودُ المُنَى إِلَى الغَايَاتِ
وَرأَيْنا بكُلِّ أَرْض رِياضاً / دانياتٍ قُطُوفُها زَاهِيَاتِ
كلَّ يوم عند الصَّباحِ تَرَى جَيْشاً / مِنَ النَّشءِ صادِقَ الوَثَبَاتِ
جعلو كُتْبَهُم مكانَ المواضِي / ويَراعَاتِهم مكانَ القَنَاةِ
طَلَعوا أَوَّل الغَداةِ فزَانُوا / بِسَنا ضَوْئهمْ جَمَالَ الغَدَاةِ
مِثْلَ سِرْبٍ للطَّيْر هَمَّت خِفَافاً / ثم راحتْ لوَكْرِها مُثْقَلاتِ
نَثَرُوا جَمْعَهم فأبْصَرْتُ فِيهم / أنجُماً في الفَضَاءِ مُنْتَثِرَاتِ
ورأيتُ الفلِذَاتِ تَمْشي على الأرْ / ض فَخلُّوا الطَّرِيقَ للفلْذَاتِ
هُمْ أَمانيُّ مِصْرَ هم مُرْتجاها / هُمْ حَنايا ضُلوعِها الْخافِقَاتِ
مِائةٌ من سِنِي المعارف مَرَّتْ / زَاهياتٍ بما حَوَتْ حافِلاتِ
بَلَغَتْ مِصْرُ في مَداهُنَّ شَأْواً / فوقَ شَأْوِ الكَواكبِ السّابِحاتِ
وغدَا مَجْدُها الْحِديثُ وقد شا / عَ شذَا عِطْره حديثَ الرُّوَاةِ
أصبحتْ كَعْبَةً يَحُجّ إليها الشَّرْ / قُ بين الْخُشُوعِ والإِقْناتِ
تَتَهادَى وحَقَّ أنْ تَتَهادَى / بين ماضٍ زاهي الْجَبينِ وآتي
كلُّ تاريخها كتابٌ منَ الَمْجدِ / كريمٌ مُطَرَّزُ الصَّفَحَاتِ
بَعَثتْ دارِسَ الفُنُونِ وأحْيَتْ / بعد يأسِ الزَّمان أُمَّ اللُّغاتِ
وأعادَتْ إِلَى العُلوم مَنَاراً / كان صُبْحَ الدُّجَى وهَدْىَ السُّرَاةِ
أَنجَبتْ للْبِلادِ أبطالَ عَزْمٍ / هُمْ دُرُوعُ البِلادِ في الأَزَمَاتِ
دَعَوُا الشَّعْبَ للعُلاَ فَرَأَيْنا / خَيْرَ شَعْبٍ أَجابَ خَيْرَ الدُّعَاةِ
أَنْجبَتْ كلَّ عالمٍ بَهَرَ الكَوْ / نَ بآياتِ عِلمِهِ البَيِّناتِ
أَنْجَبتْ كلَّ شاعرٍ عَبْقَريٍ / صادِقِ الْحِسِّ بارعِ اللَّفَتَاتِ
تَتَمنَّى الأزْهارُ لو كنَّ يَوماً / في قَوافِيه مَوضِعَ الكَلِمَاتِ
أنْجبتْ كُلَّ كاتِبٍ يَمْلِكُ السَّمْعَ / بآثارِ فَنِّهِ الْخالِداتِ
أنْجبتْ كُلَّ مِدْرَهٍ وخَطِيبٍ / سَاحِرِ القَوْلِ صَادِقِ الحَمَلاتِ
وَحَمتْ شِرْعة الخلائِقِ أنْ يَعْبَرَّ / صَافي نَميرِها بقَذَاةِ
قد وَلَجْنا الْحَياةَ من كلِّ بَابٍ / فَرَأيْنا الأخْلاقَ بابَ النَّجَاةِ
أصْبحتْ مِصْرُ مَعْهداً لشَبابِ الشَّرْقِ / يَسْعَونَ نَحْوَها بالمِئَاتِ
عَقَدَتْ بَيْننا اللَّيالي صِلاَتٍ / مُحْكَماتٍ أَحْبِبْ بها مِن صِلاَتِ
إِنّ عِيدَ المعَارِفِ اليومَ عِيدٌ / للنُّهَى والْجُهُودِ والذِّكْرَياتِ
عِيدُ يُمْنٍ لمِصْرَ فالدَّهْرُ دانٍ / خاضِعُ الرَّأسِ والزّمانُ مُوَاتي
بَلَغتْ مِصْرُ ما تُرَجِّي وفَازَتْ / بَعْد طُولِ الأَسَى وذُلِّ الشَّكَاةِ
وأطَاحتْ قُيُودَها فَاستقلّتْ / وامْحَى ما تَرَكْنَ مِنْ نَدَبَاتِ
واسْتَعزّتْ بِطلْعةِ المَلِكِ الفَا / رُوقِن زَيْنِ الحِمَى وَفخْرِ الحُمَاةِ
يُشْرِقُ المُلْكُ بالمَلِيكِ ويُزْهَى / بمَجَالي آلائِهِ المُشْرِقَاتِ
تَجْتَلِيه العُيونُ بَدْراً وتفْدِيهِ / عُيونُ الزَّمانِ بالحَدَقاتِ
عَهْدُه في العُهُود أَنْضَرُ عَهْدٍ / كجمَالِ الرَّبِيعِ في الأَوْقَاتِ
بَهَرَ الشِّعْرَ أن يُحيط بمَعْنىً / مِن مَعانِي صِفاتِه الباهِراتِ
عاشَ للعِلْمِ والبلادِ هُماماً / أرْيَحيّاً وعاشَ للمَكْرُمَاتِ
مَلكَ المُصَابُ عليهِ كُلَّ جِهاتِه
مَلكَ المُصَابُ عليهِ كُلَّ جِهاتِه / إِنْ كانَ مِن صَبْرٍ لَدَيْكَ فهاتِه
أسْوانُ تَعْرِفُهُ إذا اخْتَلَطَ الدُّجَى / بالنَّبْرَةِ السَّوْدَاءِ في أَنَّاتِه
يَبْكِي ويَنْظُرُ في السَّماء مُصَعِّداً / ما يَبْتَغِي الْحَيْرَانُ مِنْ نَظَرَاتِه
خَفَقَانُ نَجْمِ الأُفْقِ مِن خَفَقَانِه / وَهَجيرُ قَيْظِ البِيدِ مِنْ زَفَراتِه
وبُكاءُ كلِّ غَمَامَةٍ هَتَّانَةٍ / مِنْ بَعْضِ ما يُبْدِيِهِ مِنْ عَبَراتِهِ
ونُوَاحُ ذاتِ الطَّوْقِ في أعْوادِها / ما تُرْسِلُ الأقْلاَمُ مِن نَفَثَاتِهِ
يرْثي فيحتبِسُ البكاءُ بصَوْتِه / أينَ الرَّخِيمُ الْعَذْبُ مِنْ أصْوَاتِه
في صَدْرِه قَلِقُ الْجَوَانِح مُوجَعٌ / مَلَّتْ نُجُومُ الَّليلِ من دَقَّاتِهِ
كَالطَّيْرِ في قَفَصِ الْحَدِيدِ مُوَثَّقاً / قد أَوْهَن الأَسْلاَكَ من خَفَقاتهِ
يَبْكِي ويَضْرِبُ بِالجَنَاحِ مُجرَّحاً / يا وَيْلَ ما فَعلتْ يَمينُ رُمَاتِه
نُوَبٌ كَليْلاتِ المَحاق تَتابعتْ / مُتَشابهاتٍ هذه مِنْ هاتِه
وبناتُ دَهْرٍ قد زَحَمنَ مَنَاكبِي / وَيْلاَهُ لَوْ أَسْطِيعُ وَأدَ بَنَاتِه
أوْدَى أبو الفتحِ الْمُرجَّى واختَفَى / عَلَمٌ طَواه الدهرُ في طَيَّاتِه
وانحازَ للرَّكْبِ الذي من آدمٍ / ما زَال يُزْعجنَا رَنِينُ حُدَاتِه
سارتْ به الأَحْبابُ تَسْتَبِقُ الْخُطَا / والقَلْبُ مَكْظومٌ عَلَى حَسَرَاتِه
فوقفتُ أَنْظُر في الفَلاةِ فلم أجِدْ / إِلاَّ جلالاً في فسِيحِ فَلاتِه
يا جَامِعاً شَملَ الشُّيوخِ بحَزْمِهِ / مَنْ ذَا يَلُمُّ اليومَ مِن أشْتاتِه
يَمْشِي الرَّعيلُ نواكساً أَبصارُهُ / من بعدِ ما عَبِثَ الرَّدَى بِحُماتِه
أَلوَى بِعَزْمَتِهِ وَهَدّ شِماسَه / قَدَرٌ أطاحَ القَرْمَ عَن صَهَواتِه
حَيْرَانُ يعثُرُ بالأعِنَّةِ مثلَما / يتَعثَّرُ التَّمْتَامُ في تاءاتهِ
يَطْفُو نَشِيجُ اليَأْسِ من لَهَواتِه / وَتئِزُّ نَارُ الشَّوْقِ في لَبَّاتِه
سارتْ به الفُرْسانُ تَخْبِطُ في الدُّجَى / والرَّكْبُ قد زاغَتْ عُيونُ هُداتِه
يَبْكُون للطّرْفِ المُخَلَّى سَرْجُه / والفارِسِ المُنْبَتِّ عن غايَاتِه
يَبْكُون للدِّرْعِ المطَرَّحِ حَطَّمَتْ / أيدِي الزَّمانِ العُسْرُ من حَلَقاتِه
يَبكُون أطولَهم يداًن وأبَرَّهم / كفا وَأَسْبَقَهم إِلى قَصَباتِه
خُلُقٌ كما يَصْفُو النُّضارُ وطَلْعَةٌ / أَزْهَى من ابنِ الليلِ في هالاَتِه
مَنْ صارَ في الْخَمْسِينَ فَخرَ بِلادِه / قد كان في العِشْرينَ فَخْرَ لِدَاتِهِ
والدَّهْرُ لا يُنْشِي الرِّجالَ صَوارِماً / إِلاّ إِذا نَضِجُوا على جَمَراتِه
صانَ الكَرامةَ أَن تُمَسَّ وَإِنّما / إِذلالُ نَفْسِ المَرْءِ من زَلاَّتِه
مُنِعَ الرَّقيقُ ولا تزالُ عِصابةٌ / تَهْفُو إِلى أَغْلالِهِ وسِمَاتِه
قد كان كالفَلَكِ الدَّءُوبِ نَشاطُه / لاَ يسْتريحُ الدَّهرَ من دَوْرَاتِه
فإذا تراءَى ساكناً فَلأَنه / في أَسرعِ الأَحْوَالِ من حَركَاتِه
الْحَقُّ والإِيمانُ مِلْءُ فُؤَادِه / وبَلاَغةُ الأَعْرابِ مِلءُ لَهاتِه
فإِذا تَخطَّرَ للجِدَالِ مُصَاوِلاً / فاحْذَرْ فَتى الفِتْيانِ في صَوْلاتِه
السيلُ في دَفَعاتِه والسيفُ في / عَزَماتِه والمَوتُ في وَثَباتِه
ليس القَوِيُّ بنَابِه وبظفْرِهِ / مِثْلَ القَوِيّ برَأيِه وثَبَاتِهِ
والْحُجَّةُ البَيْضاءُ أفْضَلُ مَقطَعاً / من نَصْلِ كُلِّ مُهنَّدٍ وشَبَاتِه
ماذَا أصابَ الليثُ عن غَدَواتِهِ / صُبْحاً وماذَا نَالَ من رَوْحاتِه
سَمَحتْ له الدُّنيا بماء سَرَابِها / فابتاعَه منها بماءِ حَياتِه
إِنَّ الأمانِيَّ الْحِسَانَ جَمِيلةٌ / لو حققَ الإِنْسانُ أمْنِيّاتِه
فلرُبّ رَوْضٍ للنّواظِر مُعْجِبٍ / كمَنتْ سُمومُ الصِّلِّ في زَهَراتِه
قد كان لي أملٌ سَقَيْتُ فُروعَه / بدَمِي وغَذَّيتُ المُنَى بعَذَاتِه
أَحْنُو عليه من الهَجيرِ يَمَسُّه / ومن النَّسِيم يَهُزُّ من أسَلاتِه
وأَذُودُ عنْهُ الطيْر إِن حامتْ على / زَهْرٍ يُضِيءُ الأفقَ في عَذَباته
الليلُ يَنْفحُه بذَائبِ طَلِّه / والصُّبحُ يَمْنَحُه شُعَاعَ إِيَاتِه
حتى إِذا قَوِيتْ لِدَانُ غُصونِه / واستَحْصَد المَرْجُوُّ من ثمَراتِه
وأَخَذْتُ أَسْتَجْلي السَّنَا من نَوْرِه / وأشَمُّ رِيحَ الْخُلْدِ من نَفَحاتِه
وأُفاخِرُ الزُّرَّاعَ أنَّ غِرَاسَهم / لم يَزْكُ مِثلَ زَكائهِ ونَباتِه
عَصَفتْ به هُوجٌ فخرّ مُعَفَّراً / وجَنَى عَلَيْه الْحَيْنُ قَبْل جَناتِه
وَوَقَفْتُ أَنظُرُ للحُطَامِ مُحَطَّماً / مُتَفَتِتَ الأفْلاذِ مثلَ فُتاتِه
أَهْوِنْ بدُنْيا مَا لحي عِنْدها / وَعْدٌ يُنجَّزُ غَيْرَ وَعْدِ وَفاتِه
سَلْ كُلَّ مَنْ كَتَب الكَتائب غَازِياً / هل رَدَّ الْجَيْشُ سَهْم مماتِهِ
إنَّ ابنَ داودٍ علَى سُلْطانِه / قد خَرَّ مُنْفَرِداً على مِنْساتِهِ
وهو الذي مَلَك المُلوكَ ببَأسهِ / وأخاف جِنَّ الأرضِ من سَطَواتِهِ
كلُّ ابنِ أنثى في الْحَياةِ إِلى مدىً / والمرءُ في الدُّنيا إِلى مِيقاتِهِ
أأخِي دعوتُ فلم تُجِبْ ولرُبّما / قد كنتَ أسبقَ ناهضٍ لدُعاتِهِ
قد كان عَهْدُك في بَشاشةِ أُنْسِهِ / عَهْدَ الشَّبابِ مَضَى إِلى طِيّاتِهِ
كان الزمانُ يُظِلُّنا برَبِيعِه / فتركتني للقُرِّ من مَشْتَاتِهِ
أَبكِي الشَّبابَ وزَهْوَهُ وصِحابَه / والمُشْرِقَ الوَضّاحَ من بَسَماتِهِ
كنَّا كفَرْعَيْ بانةٍ فَتفَرّقا / والدَّهْرُ لا يَبْقَى على حَالاَتِه
والعُمْرُ أَضْيَقُ أن يُمَدَّ لسالِكٍ / إِن أوْسَع الْخُطُواتِ في سَاحاتِه
أَصْفَيْتني مَحْضَ الوِدادِ وطَالما / خَلَط المُماذِقُ مِلْحَه بفُرَاتِه
ورَفَعْتَ من شِعْري وكنتَ تُحِبُّه / وتُحِسُّ سِرَّ الفَنِّ في أبْياتِه
فاسمَعْه من باكٍ أَطَاع شُجونَه / فَطَغتْ زَواخِرُها عَلَى مَرْثاتِه
نَظَم الدُّمُوعَ فكُنّ بَحْراً كامِلاً / وأقام بالزَّفَراتِ تَفْعيلاتِه
أَنْشِدْه حَسّاناً إِذا لاقَيْتَهُ / في جَنةِ الفِرْدَوْسِ بين رُواتِه
وافخرْ بقَوْمِكَ أَنْ أعادُوا لِلْورَى / عهدَ البَيانِ ومُجْتلى آياتِهِ
وانعَمْ برضْوانِ الإِله وظِلِّه / واسعَدْ بعَيْشِ الْخُلْدِ في جَنَّاتِهِ
إِن الذي خَلَقَ البُكاءَ أغاثَه / باللُّطفِ والإِحْسانِ من رَحَماتِه
رَحْمَتَا للجريحِ من أنَّاتِهْ
رَحْمَتَا للجريحِ من أنَّاتِهْ / ولسَمْعِ الوِسادِ من آهاتِهْ
غَرَبَتْ شمسُه فقام يناجي / ساهداتِ النجومِ في لَيْلاته
إنّها بينهُنّ تسمَعُ نجْوَا / هُ وتبكي لِبثِّه وشَكاته
أرسَلتْ من شعاعِها ذِكْرَياتٍ / هاجتِ الكامنات من ذِكْرَياته
ولها في سمائِها خَفَقاتٌ / أسرعتْ في فؤادِه خَفَقاته
سَبَحَتْ في عوالمِ النورِ زَيْنٌ / أين منها الغريقُ في ظُلُمَاتِه
كم يمُدُّ اليديْنِ أَسْوانَ مُضْنىً / فَيفِرُّ الشُّعاعُ من قَبَضاتِهْ
ويسوقُ الأشعارَ في نَبَراتٍ / ظنّها ابنُ الهَديلِ من نَبراته
سَمِعَ الدَّوْحُ نوحَها عبْقَريّاً / فتمنَّى لو نُحْنَ في عَذَباته
مُشْجِياتٌ يوَدُّ كلُّ ابنِ غصن / أنّ أنغامَها جرتْ من لهاته
قلتَ شعراً فلم يكنْ غيرَ بحرٍ / من دُموعٍ طفا بتفْعيلاتِه
وبعثتَ الشُّجونَ في كل صدرٍ / وأثرتَ المَكْبُوتَ من زَفَراته
فاقتسمنا لوعاتِ قلبِكَ فانظرْ / هل أفاق المسكينُ من لْوعاته
إنّ مَاءَ الدموعِ أطْفَأُ للوَجْ / دِ وأشفَى للصَّبِّ في خَلَواته
فاسكُبِ الدمعَ وابعثِ الشعرَ وامْلأ / أُذُنَ الخافقَيْنِ من آيَاتِهْ
كنتَ قَيْساً بكَى على قبرِ لَيْلاَ / هُ ورَوَّى الضريحَ من عَبراته
بيَ جُرْحٌ مضى عليه زمانٌ / حِرْتُ في أمرِه وأمرِ أُساته
كلّما صاحَ نادبٌ هاج شَكْوا / هُ ومَسَّ الأليمَ من نَدَباته
أنا أبكي لكلِّ باكٍ ونفسي / حَسَراتٌ تذوبُ في حَسَراته
بائعُ الصبرِ إن يكن عُشْرُ مثْقَا / لٍ بأَغْلَى ما في الحياةِ فَهَاته
كلنا مَسَّه من الدهر ظُفْرٌ / آهِ من ظُفْرِه ومن فَتَكاته
وَأَدْتْنا بناتُه برَزَايا / هَا ومَنْ ذا يسطيع وَأدَ بَنَاته
فكرِهنَا حتى النعيمَ لأنَّا / قد رأينا اجتماعَه لشتَاتِهْ
لذَّةُ المرْءِ من جَنَى أَلم المَرْ / ءِ وتَأْتِي الآلاَمُ من لَذَّاته
ما حَيَاةُ المُحبِّ بعدَ حبيبٍ / قَبَسَ النورُ والهوَى من حياته
حَسْبُه أنه إذا رَامَ قُرْباً / لم يجدْ للوصولِ غيرَ مَمَاته
عِشْ أبا واثِقٍ لوَاثِقِ البا / كِي وللنّاكِلاَتِ من أَخَوَاته
حَيِّ الخِلالَ الطاهِراتِ
حَيِّ الخِلالَ الطاهِراتِ / واصدَح بخيرِ الآنساتِ
حَيِّ الأميرةَ في جلا / لِ الملكِ باهرةَ الصفات
فوزيةً بنتَ المُلو / كِ الصِّيدِ والغُرِّ السَّراة
الواهبين لمصرَ فيما / أجزلوا نورَ الحياة
والناشرين لواءَها / يَخْتالُ بينَ الخافِقات
والنازعين تراثَها / من بين أطْواءِ الرُّفات
قامتْ بهم مصرٌ تَتِيهُ / على البلادِ الأخْرَيات
في حاضرٍ كالروضِ زا / هٍ بالقُطوفِ الدانياتِ
وجَلائلٍ قد زَيَّنتْ / جِيدَ العُصورِ الخَاليات
يا دُرَةَ التَاجِ الرفِيع / وقِبْلةَ المُتعلِّماتِ
هذِي مجلَتُنا إليكِ / وكلُّ فَضْلٍ منكِ آت
جُهْدُ الفتاةِ فشجِّعِي / بقَبُولِها جُهْدَ الفتاة
فاروقُ زينُ الناشئِينَ / وأنتِ زيْنُ الناشئات
والشمْسُ إِحدَى النيِّرا / تِ وأنتِ أسمَى النيِّرات
اللَه جَمَّعَ فيكِ شَمْلَ / النُّبْلِ من بَعْدِ الشَّتات
خُلُقٌ كما خَطَرَ النَّسيمُ / فَهزَ أعطافَ النَّبات
أنْقَى من الدُّرِّ الفَر / يدِ يزَينُ صدرَ الحاليات
وشمائلٌ عَلَوِيةٌ / أصْفَى من المَاءِ الفُراتِ
الطالباتُ كما تََ / يْنَ وأنتِ ذُخْرُ الطالبات
يَبْعَثْنَ آياتِ الولا / ءِ إلى الأميرةِ مُخْلِصات
ويطُفْنَ بالبيت الكر / يمِ مُكبِّراتٍ داعيات
بيتٌ بناهُ محَمدٌ / فوقَ النجومِ السابحاتِ
لَِنَاتُهُ المجدُ العر / يقُ وصخْرُه خُلُقُ الثَّبات
فيه فؤادٌ باعثُ الْ / آمالِ فياضُ الصِّلات
الدهرُ يَرْوِي فضلَه / والدهرُ راويةُ الرُّواة
والملكُ مؤْتَلقُ السَّنَا / فيه العشيَّةُ كالغَداةِ
عاش المليكُ وعِشْتُمُ / رَمْزَ العُلاَ والمَكْرُمَاتِ
نَغَمُ الشعرِ في رُبا جَنَّاتِهْ
نَغَمُ الشعرِ في رُبا جَنَّاتِهْ / أسكت ابنَ الغُصونِ في دَوْحاتِهْ
مال سَمْعُ الدنيا إليه وأصغَتْ / هاتفاتُ المُنَى إلى هاتفاته
وَتَرٌ صاغه الإلهُ وألقَى / نَغَماتِ الفِرْدَوْسِ في نَغَماته
ورنينٌ من السماءِ تمنَّى / كلُّ طَيْرٍ لو أنَّهُ من لَهاته
صُنْتُه أنْ يهونَ والفنُّ يسمو / حينَ تسمو به نفوسُ حُماته
وتقلدتُه حساماً لمصرٍ / تتوقى الخطوبُ وَقْعَ شَابته
وهززتُ الشبابَ للسبقِ فانث / الوا سِراعاً على هدَى مِشْكَاتِهْ
ما مدحتُ الكريمَ إلاّ لأدعو / بمديحي إلى كريمِ صِفاته
أنا بالمجدِ مُولَعٌ وبأهلي / ه وبالباقياتِ من ذِكْرَياته
أعشَقُ النُبْلَ في جلالةِ معنا / هُ وأهوَى الإقدامَ في عَزَماته
قد رأيتُ العَلاَء في اسم عَليٍ / ورأيتُ التوفيق خيرَ سِماته
فشدا باسمهِ قَريضي كما يَشْ / دو طليقُ الْجَناحِ في رَوْضاته
وإذا كرّم الرجالُ ابن توفي / قٍ فقد كرّموا النبوغَ لذاته
بَسَماتُ الربيع في بَسَماته / وسنا الصبح من سنا قَسَماته
كوكبي الذكاءِ لو صدع اللي / لَ لجلَّى بنورِه ظُلُماتِه
باحثٌ لا يصيدُ في مَهْمَهِ الع / لم سوى الشارداتِ من آبداته
رأيُه مِجْهَرٌ فما غابَ أمرٌ / كيفما دقَّ عن مدَى نَظَراته
لَمَحاتٌ كأنّها خاطفُ الب / رقِ وأين البُروقُ من لمحاته
إن رمَى الشكَ رأيُهُ فَرّ حيْرا / ن يجِرُّ الذيولَ من شُبُهاته
ما رأى عَبْقَرٌ ولا جِنُّ وادي / ه كهذا الذكاءِ في معجزاته
وشبابٌ كأنه ناضرُ الريح / انِ في حسنهِ وفي نَفَحاته
صانه النبْلُ أن يُمَسَّ له ذَيْ / لٌ وأدَّى الإيمانُ فرض ذكاته
غرس اللّهُ نبتَه فنما نَضْ / راً وآتَى الشَّهِيَّ من ثمراتِه
يمتطي العْبقَرِيُّ ناجيةَ العز / مِ حثيثَ الْخُطا إلى غاياته
لا يَرَى الطرْفُ منه إلاّ غُباراً / عجز الطرْفُ انْ يَرَى قَصَباته
يتمنَّى الشُيوخُ لو بذلوا العُمْ / رَ لِقاءَ القليلِ من ساعاته
عُمُرُ المرءِ بالجليلِ من الأع / مالِ لا بالكثيرِ من سنواته
بُؤرَةُ الضوءِ كم بها من شُعاعٍ / ملأ الأفْقَ في جميعِ جهاته
ورحيقُ الأزهارِ كم ضمَّ من رَوْ / ضٍ شَذِيِّ الشَّميمِ في قَطَراته
جمع الفضلَ حين فرقه النا / سُ وآواه بعدَ طولِ شَتاته
دائراتُ المعارفِ اجتمعت في / ه ففتِّش عنهن في صَفحَاتِه
كم لُغاتٍ جرَآ بها لفظُه العَذْ / بُ سليماً كأنَّها من لغاته
هو في الطبِّ من كِبار نُحاته / وهو في النحوِ من كِبارِ أُساته
وهو في حَلْبَةِ البيانِ أديبٌ / تسمَعُ السحرَ في رُقَى نَفَثَاته
وهو إن شئتَ حافظٌ لغويٌّ / كلماتُ القاموسِ من كلماته
نسخةٌ للسانِ في صدرِه الوا / عي طبعُها على طَبَعاته
يعرِفُ الأَيْهُقَانَ والثولَ والذع / لوقَ والسَيْسَبَي ونوع نباته
أنا أخشَى جدالَه كلّما صا / لَ عنيفَ الجدال في صَوْلاته
مجمع الضاد يرفع الرأس في / زهو بآرائه وصدق أناته
حَسْبُ دهرٍ جنَى على الناسِ أنْ كا / ن عليٌّ يُعَدُّ من حَسَناتِهْ
معملُ المَصْلِ وهو فتحٌ مبينٌ / بعضُ ما نال مصرَ منَ مَأْثُراته
فتَكاتُ المكروبِ ألقتْ سلاحاً / للسريعِ السديدِ منَ فَتكاتِه
يصرَعُ الموتَ ثابتَ العزمِ مِقْدا / ماً جريئاً في عزمِه وثباته
كم حبا الناسَ من حياةٍ أمدَّ الل / هُ للمجدِ والعُلا في حياته
نال أسمَى الألقابِ والفضلُ فضلٌ / كيفما قد رفعتَ من درجاته
اقتبالُ الربيعِ في بَسَماتِهْ
اقتبالُ الربيعِ في بَسَماتِهْ / نبَّه الكونَ بعدَ طولِ سُباتِهْ
ينْثُرُ الزَّهرَ كالدنانيرِ غضّاً / أيْنَ حُرُّ النُّضارِ من زَهَراتهْ
قد سئِمْنا دُجَى الشتاءِ فجئنا / نرشُفُ النورَ من سنَا لمحاتهْ
وخلعنا الدِّثارَ مثلَ أسيرٍ / حُلّ من قَيْده ومن وخزاتهْ
قد ظنناه في الشتاءٍ وِقاءً / فجمعنا الشتاءَ في طَيّاتهْ
تبخلُ الكفُّ أن تُشير من البْر / دِ ويخشَى المقرورُ من لفَتاتهْ
جَمَدتْ صَوْلةُ اللسانِ وكادتْ / تجمُدُ الهاتفاتُ من كلماتهْ
واختفَى الطيرُ واختفَى كلُّ صوتٍ / مَوْصِليِّ الأداءِ في لَهَواتهْ
ورأينا الأشجارَ يسلُبها الحس / نُ سَنا حَلْيِه وسِحْرَ شِياتِهْ
مال فيها برأسِه كلّ فرْعٍ / باحثاً في الترابِ عنْ وَرَقاتهْ
يهرَمُ الدهرُ في الشتاءِ ويلْقَى / ما مَضَى في الربيعِ من صَبواتهْ
هو تَختُ الوجودِ غنَّى به الطيْ / رُ فهزَّ الغصونَ في دَوْحاتهْ
سايرته الأزهارُ تهفو يميناً / وشمالاً على هوى نغماته
وإذا صفَّقَ الغديرُ انثنى الغُصْ / نُ نضيرَ الشبابِ في رَقَصاتهْ
هاتِ عهدَ الشبابِ إنْ غاصَ في الما / ء وإنْ غابَ في السماء فهاتهْ
هَمَساتُ الشبابِ في النفس أحلى / من حديثِ الهوى ومن هَمساتهْ
نارُه تطرُدُ الهمومَ فتمضِي / خافقاتِ الجَنانِ من جَمَراتهْ
نارُه تصهرُ العزيمةَ سيفاً / تتوقّى السيوفُ وَقْعَ شَباتهْ
ما أحَيْلى وثوبَه وهْو ماضٍ / يتحدَّى الزمانَ في فَتَكاتهْ
نَفحاتُ الشبابِ أين تولَّت / لَهْفَ نفسي على شذى نفحاتهْ
قَدحٌ قد حَلَتْ أوائلُهُ رَش / فاً وذقنا المرّيْنِ في أُخْرَياتهْ
ما أراني من غيرهِ غير ثوبٍ / ضمَّ أردانَه على عِلاّتهْ
ربَّ شيخٍ في عالَمِ الطبِّ حيٌّ / ويراه الزمانُ من أمواتهْ
الشبابُ الشبابُ نورٌ من الل / هِ وريحٌ تهُبُّ من جَنَّاتهْ
يا شبابَ الحِمَى ويا جنده الأحْ / رارَ إن فتَّشَ الحمى عن كُمَاتهْ
زاحِموا في وليمةِ الدهر أرْسَا / لاً ولا تكتفوا بجَمْع فُتاتهْ
الطُّموحُ الحياةُ والمجدُ في الدّن / يا مُبَاحٌ لِطالِبي قَصبَاتهْ
لا ينالُ الفَتَى مَدى المجدِ إلاّ / بمَضاءٍ يُرْبي على وَثَباتهْ
الذراعُ الأزَلُّ والساعدُ المفْ / تُولُ ذُخْرُ الشبابِ في أَزماتهْ
تسخَر الريحُ بالضعيفِ من النَّب / تِ وتخشَى القويَّ من باسقاتهْ
املِكوا الدّهرَ إنّه لا يُوَاتي / غيرَ عَزْمٍ يَفُلُّ من عَزَماتهْ
علَّمتْنا الأيامُ أنّ الذي يُحْ / سنُ يَلْقَى الجزاءَ عَنْ حَسَنَاتهْ
ذهب النومُ فالَّذي يُغْمضُ العَيْ / نَينِ يا تَعْسَه ويَا وَيلاَتِهْ
أسرِعوا فالزمانُ ماضٍ وكَمْ مِنْ / مبطىءٍ قد طَوَاه في عَجلاتهْ
واطرُقوا البابَ كلُّ بابٍ كفيلٌ / بولُوجٍ لمن دَرَى دقَّاتهْ
قد يطولُ السري على المدلج السا / ري فيُدنيه من مدَى غاياتِهْ
لا تُنالُ العُلا بلَيْت ولكنْ / وعُكوفِ الفَتَى على مِرْآتهْ
آلةُ الفَوْزِ همّةٌ تطحَنُ الصخ / رَ وتسمُو للنَّجْمِ في سَبَحاتِهْ
ابتنوا للعُلا وللنيلِ مجداً / واسكُبوا من حياتكم في حياتهْ
لكُمُ في مليكِكم خيرُ داعٍ / تستجيبُ المنَى إلى دَعَوَاتهْ
قُدوةٌ للشباب قد عَرَف الجي / لُ طريقَ الحياةِ من خُطُواتهْ
مرَّةً سامقاً على صهوة الْخَيْ / ل وأخرَى مطامِناً في صلاتهْ
لم نَرَ البَدْرَ قبله يعتلي العَرْ / شَ ويُمْسِي الجلالُ من هَالاَتهْ
أو شهدنا نوراً على الأرض يمشي / الهدى واليقينُ من مشكاتِهْ
أو عهدنا تاجاً على مَفْرِقِ الشم / س يُشِعُّ الإيمانُ من خَرَزاتهْ
كن كما شئتَ أيها الشِّعْرُ فنَّا / ناً فلن تستطيع لمحَ صِفاتهْ
هو خَلْقٌ من الكمالِ المصفَّى / من رآه الكمالَ بذاتهْ
النَّدى والحنانُ في بسماته / والعلا والجلالُ في قسماتهْ
يا مليكاً أعلى الحديثَ من المجْ / دِ وأحيا قديمه من رفاتهْ
إن عيد الجلوس أشرق في الكَوْ / نِ شروقَ الربيع في روضاتهْ
المنى اليانعاتُ من ثَمرَاته / وجَمَالُ الزمانِ في لحظاتهْ
يزدهي النيلُ بالمليكِ المرجَّى / خيرِ أبطالِهِ وحامي حُماتهْ
إن تكنْ مصرُ قبله هِبةَ النِّي / لِ فقد صارَ نيلُها من هِباتهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025