القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو العَلاء المَعَري الكل
المجموع : 58
أَخَبَّت رِكابي أَم أُتيحَ لَها خَبتُ
أَخَبَّت رِكابي أَم أُتيحَ لَها خَبتُ / عَميمُ رِياضٍ ما يَزالُ بِهِ نَبتُ
وَكَفَّرَها لَيلٌ تَرَهَّبَ شُهبُهُ / تُخالُ يَهوداً عاقَ عَن سَيرِها السَبتُ
وَهَيَّجَها قَولٌ يُقالُ عَنِ الحِمى / وَذاكَ حَديثٌ ما مُحَدِّثُهُ ثَبَتُ
وَمَن عايَنَ الدُنيا بِعَينٍ مِنَ النُهى / فَلا جَذَلٌ يُفضي إِلَيهِ وَلا كَبتُ
وَفي اللَهُ يا بَدرَ السَماءِ بِزَعمِهِ / وَكَم جُبتَ جِنحاً قَبلَ أَن يُعبَدَ الجِبتُ
يَعيشُ أُناسٌ لا يَمِسُّ جُسومَهُم / شُفوفٌ وَلا يَحذى لِأَقدامِهِم سِبتُ
رَقَدتُ زَماناً ثُمَّ أَرقَدَني الوَنى / وَأَلهَبتُ دَهراً ثُمَّ أَدرَكَني الهَبتُ
ثَلاثَةُ أَيّامٍ لِأَهلِ تَنافُرٍ
ثَلاثَةُ أَيّامٍ لِأَهلِ تَنافُرٍ / وَلَكِنَّ قَولَ المُسلِمينَ هُوَ الثَبتُ
يَرى الأَحَدَ النَصرِيُّ عيداً لِأَهلِهِ / وَجُمعَتُنا عيدٌ لَنا وَلَك السَبتُ
وَما الناسُ إِلّا خالِفٌ بَعدَ سالِفٍ / كَذَلِكَ نَبتُ الأَرضِ يَخلُفُهُ النَبتُ
إِذا اِفتَكَرَ الإِنسانُ في أَمرِ دينِهِ / بَدا نَبَأٌ يَثني الحِجى وَبِهِ كَبت
فَهَل خَبَرٌ عَن أَنفُسٍ بانَ وَفدُها / إِلى اللَهِ مَعمورٍ بِأَجسامِها الخَبتُ
أَلَم تَرَ لِلدُنيا وَسوءِ صَنيعِها
أَلَم تَرَ لِلدُنيا وَسوءِ صَنيعِها / وَلَيسَ سِوى وَجهِ المُهَيمِنِ ثابِتُ
تَخالَفَ بِرساها فَبِرسٌ بِهامَةٍ / أُقِرَّ وَبِرسٌ يُذهِبُ القُرَّ نابِتُ
مُصَلٍّ وَدَهرِيٌّ وَغاوٍ وَناسِكٌ / وَأَزهَرُ مَكبوتٌ وَأَسوَدُ كابِتُ
أَيَنَحَلُّ سَبتٌ يَعقِدُ الحَظَّ يَوُمهُ / فَيَنجَحَ ساعٍ أَم هُوَ الدَهرُ سابِتُ
رَأَيتُ جَماعاتٍ مِنَ الناسِ أولِعَت
رَأَيتُ جَماعاتٍ مِنَ الناسِ أولِعَت / بِإِثباتِ أَشياءَ اِستَحالَ ثُبوتُها
فَقَد أَخبَرَت عَن غَيِّها سَنَواتُها / كَما أُخبِرَت آحادُها وَسُبوتُها
وَما هِيَ إِلّا النارُ توقَدُ مَرَّةً / فَتَذكو وَتاراتٍ يَحينُ خُبوتُها
مَسيحِيَّةٌ مِن قَبلِها موسَوِيَّةٌ
مَسيحِيَّةٌ مِن قَبلِها موسَوِيَّةٌ / حَكَت لَكَ أَخباراً بَعيداً ثُبوتُها
وَفارِسُ قَد شَبَّت لَها النارَ وَاِدَّعَت / لِنيرانِها أَن لا يَجوزُ خُبوتُها
فَما هَذِهِ الأَيّامُ إِلّا نَظائِرٌ / تَساوَت بِها آحادُها وَسُبوتُها
كَأَنَّ قُلوبَ القَومِ مِنّا جَنادِلٌ
كَأَنَّ قُلوبَ القَومِ مِنّا جَنادِلٌ / فَلَيسَ لَها عِندَ الأُمورِ حَصاةُ
إِذا ما اِدَّعوا لِلَّهِ خَوفاً وَطاعَةً / فَلا رَيبَ أَنَّ المُدَّعينَ عُصاةُ
وَأَوصاهُمُ أَهلُ الأَمانَةِ وَالتُقى / فَما حُفِظَت بَعدَ المَغيبِ وَصاةُ
إِنّا حَسَبنا حِساباً لَم يَصِحَّ لَنا
إِنّا حَسَبنا حِساباً لَم يَصِحَّ لَنا / قَد بانَ في كُلِّهِ التَفريطُ وَالغَلَتُ
وَكَثرَةُ المالِ شُغلٌ زادَ في نَصَبٍ / وَقِلَّةٌ مِنهُ مَعدولٌ بِها الفَلتُ
هَذي الحِبالَةُ قَد ضَمَّت جَماعَتَنا / فَهَل يَنوصُ فَتىً مِنّا فَيَنفَلِتُ
أَصبَحَت كَالقَوسِ حَنَّتها أَساوِرُها / وَكُنتَ كَالسَهمِ أَو كَالسَيفِ يَنصَلِتُ
إِذا أَتاني حِمامي ماحِياً شَبَحي
إِذا أَتاني حِمامي ماحِياً شَبَحي / وَما صَنَعتُ فَعَيشي كُلُّهُ عَنَتُ
لَعَلَّ قَوماً يُجازيهِم مَليكُهُمُ / إِذا لَقوهُ بِما صاموا وَما قَنَتوا
لا خَيرَ في المالِ أُعطاهُ وَأَجمَعُهُ
لا خَيرَ في المالِ أُعطاهُ وَأَجمَعُهُ / إِذا عَريتُ فَمِمّا حُزتُ عُرّيتُ
وَما اِنتِفاعي إِذا أَصبَحتُ ذا فِرَةٍ / وَإِنَّما أَنا رِسلُ الضَرعِ صُرّيتُ
وَصاغَني اللَهُ مِن ماءٍ وَها أَنا ذا / كَالماءِ أَجري بِقَدرٍ كَيفَ جُرّيتُ
بُريتُ لِلأَمرِ لَم أَعرِف حَقائِقَهُ / فَلَيتَني مِن حِسابِ اللَهِ بُرّيتُ
أَرى خَيالَ إِزارٍ حَمَّهُ قَدَرٌ / ظَهَرتُ مِنهُ قَليلاً ثُمَّ وُرّيتُ
ما لي رَضيتُ بِما أَنكَرتُهُ زَمَناً / وَخِلتُني بِصُروفِ الدَهرِ ضُرّيتُ
فَهَل دَرى اللَيثُ إِذا ضَمَّ الرَجاجَ لَهُ / فَمٌ وَقُدِّرَ لِلشَدقَينِ تَهريتُ
كَأَنَّنا في قِفارٍ ضَلَّ سالِكُها / نَهجَ الطَريقِ وَما في القَومِ خَرّيتُ
لَو يَنطُقُ اللَيلُ نادى كَم فَرى ظُلَمي / فَجرٌ وَأُدلِجتُ في حاجٍ وَأُسريتُ
وَأَعملَتني رِجالٌ في مَآرِبِها / كَأَنَّني جَملٌ لِلإِنسِ أُبريتُ
لا يَصبِرونَ فَقيرٌ تَحتَ فاقَتِه / إِنَّ السَباريتَ جابَتها السَباريتُ
ناسٌ إِذا نَسَكوا عُدّوا مَلائِكَةً / وَإِن طَغَوا فَهُمُ جِنٌّ عَفاريتُ
لا تَطرِيَنّي فَلي نَفسٌ مُجَرَّبَةٌ / تُسِرُّ وَجداً إِذا بِالمَينِ أُطريتُ
وَإِن مُدِحتُ بِخَيرٍ لَيسَ مِن شِيَمي / حَسِبتُني بِقَبيحِ الذَمِّ فُرّيتُ
أَرى الأَشياءَ لَيسَ لَها ثَباتُ
أَرى الأَشياءَ لَيسَ لَها ثَباتُ / وَما أَجسادُنا إِلّا نَباتُ
بِإِذنِ اللَهِ تَفتَرِقُ البَرايا / لِطيَّتِها وَتَجتَمِعُ الثُباتُ
أَجَلَّت سَبتَها أَشياعُ موسى / أَسَبتُ القَطعِ ذاكَ أَم السُباتُ
سَأَلتُ عَنِ البَواكِرِ أَينَ أَضحَت / وَعَن أَهلِ التَرَوُّحِ أَينَ باتوا
وَهَل أَرواحُ هَذا الخَلقِ إِلّا / عَوارِيُّ المَقادِرِ لا الهِباتُ
تَبَغَّضُ ساعُنا أَبَداً إِلَينا / وَهُنَّ إِلى النُفوسِ مُحَبَّباتُ
جِيادٌ ما يَزالُ لَها خَبيبٌ / قَوارِبُ بِالأَنيسِ مُقَرِّباتُ
وَمَن يُحمى وَنُسوَةُ آلِ كِسرى / وُقوفٌ بِالعَراءِ مُسَلَّباتُ
وَما يَدري الفَتى وَالظَنُّ جَهلٌ / وَأَقضِيَةُ المَليكِ مُغَيَّباتُ
لَعَلَّ بَناتِ نَعشٍ وَالثُرَيّا / وَشَرقَةَ لِلرَدى مُتَأَهِّباتُ
سَحائِبُ مُبرِقاتٌ مُرعِداتُ
سَحائِبُ مُبرِقاتٌ مُرعِداتُ / لِمُهجَةِ كُلِّ حَيٍّ موعِداتُ
وَكَيفَ يُقامُ في أَمرٍ مُهِمٍّ / لِيُفعَلَ وَالمَقادِرُ مُقعِداتُ
وَأََنفُسُ هَذِهِ الأَجسامِ طَيرٌ / بُزاةُ حِمامِها مُتَصَيِّداتُ
فَما لَكَ وَالهُنودَ مُنَعَّماتٍ / كَأَنَّ قُدودَهُنَّ مُهَنَّداتُ
يُفَنِّدنَ الحَليمَ بِغَيرِ لُبٍّ / وَهُنَّ وَإِن غَلَبنَ مُفَنَّداتُ
يُخَلِّدنَ الإِماءَ نُضارَ صَوغٍ / فَهَل تِلكَ الشُخوصُ مُخَلَّداتُ
تَقَلَّدتِ المَآثِمَ بِاِختِيارٍ / أَوانِسُ بِالفَريدِ مُقَلَّداتُ
إِذا عوتِبنَ في جَنَفٍ وَظُلمٍ / أَبَت إِلّا السُكوتَ مُبَلِّداتُ
يُغادِرنَ الجَليدَ قَرينَ ضَعفٍ / صَوابِرُ لِلنَوى مُتَجَلِّداتُ
لَقَد عابَت أَحاديثَ البَرايا / شُكولٌ في الزَمانِ مُوَلَّداتُ
أَتَعبَدُ مِن إِثامٍ تَتَّقيهِ / ظَوالِمُ بِالأَذى مُتَعَبِّداتُ
تُريقُ بِذاكَ في قَتلٍ دِماءً / رُؤوسٌ في الحَجيجِ مُلَبَّداتُ
تَعالى اللَهُ لَم تَصفُ السَجايا / فَأَفعالُ المَعاشِرِ مُؤيَداتُ
إِذا ما قيلَ حَقٌّ في أُناسٍ / فَأَوجُهُهُم لَهُ مُتَرَبِّداتُ
مَخازيهِم أَوابِدُ في اللَيالي / فَلا تَهِجِ الأَسى مُتَأَبِّداتُ
وَأَطهَرُ مِن ضَوارِبَ في نَعيمٍ / نَعامٌ بِالفَلا مُتَهَبِّداتُ
تُقَيِّدُ لَفظَها عَن كُلِّ بِرٍّ / مَواشٍ بِالحُليِّ مُقَيَّداتُ
عَجِلنَ إِلى مَساءَةِ مُستَجيرٍ / لَواهٍ في الخُطى مُتَأَيِّداتُ
وَتَنقُصُ خَيرَها أَشَراً وَفَتكاً / صَواحِبُ مَنطِقٍ مُتَزَيِّداتُ
وَلَسنَ الهادِئاتِ وَلا النَصارى / وَلَكِن في المَقالِ مُهَوِّداتُ
مَضَت لِعَوائِدِ الكَذِبِ المُوَرّى / سَوادِكُ بِالخِنى مُتَعَوِّداتُ
تُؤَوِّدُ مِنكَ عَقلاً في سُكونٍ / غُصونُ خَواطِرٍ مُتَأَوِّداتُ
فَلا يَجلِس عَلى الصُّعَداتِ لاهٍ / فَأَنفاسُ الفَتى مُتَصَعِّداتُ
تَمُرُّ بِهِ حَوالِكُ فَوقَ بيضٍ / وَخُضرٍ في العَقيقِ مُسَبَّداتُ
وَمَن تُخلِقهُ أَيّامٌ طِوالٌ / فَإِنَّ شُجونَهُ مُتَجَدِّداتُ
وَتَسنَحُ بِالضُحى ظَبِياتُ مَردٍ / بِكُلِّ عَظيمَةٍ مُتَمَرِّداتُ
وَقَد أُغمِدنَ في أُزُرٍ وَلَكِن / سُيوفُ لِحاظِهِنَّ مُجَرَّداتُ
وَوَرَّدتِ اللِباسَ بِلَونِ صِبغٍ / خُدودٌ بِالشَبابِ مُوَرَّداتُ
وَمَن فَقَد الشَبيبَةَ فَالغَواني / لَهُ عِندَ الوُرودِ مُصَرِّداتُ
هَواجِرُ في التَيَقُظِ أَو عَواصٍ / وَفي طَيفِ الكَرى مُتَعَهِّداتُ
إِذا سَهَّدنَهُ بِطَويلِ هَجرٍ / فَما أَجفانُهُنَّ مُسَهَّداتُ
خَواطِئُ غَيرُ أَسهُمِها خَواطٍ / لِكُلِّ كَبيرَةٍ مُتَعَمِّداتُ
تَخالَفَتِ الغَرائِزُ وَالمَعاني / فَكَيفَ تَوافَقُ المُتَجَسِّداتُ
فَما بَينَ المَقابِرِ نادِباتٌ / وَما بَينَ الشُروبِ مُغَرِّداتُ
قَدَحنَ زِنادَ شَوقٍ مِن زُنودٍ / بِنارِ حُلِيِّها مُتَوَقِّداتُ
وَلَم تُنصِف بَياضَ الشَيبِ أَيدٍ / لِوافِدِ شَيبِهِنَّ مُسَوِّداتُ
تَأَخُّرُ أَبيَضِ الفَودَينِ ظُلمٌ / إِذا شَمِطَ القَرائِنُ وَاللِداتُ
تَحَيَّرَتِ العُقولُ وَما أَساءَت / دَوائِبُ في التُقى مُتَهَجِّداتُ
وَفي مُهَجِ الأَنيسِ مُثَلِّثاتٌ / عَلى عِلّاتِها وَمُوَحِداتُ
فَما عُذري وَعِندَ اللَهِ عِلمي / إِذا كَذَبَت قَوائِلُ مُسنِداتُ
فَهَل عَلِمَت بِغَيبٍ مِن أُمورٍ / نُجومٌ لِلمَغيبِ مُعَرِّداتُ
وَلَيسَت بِالقَدائِمِ في ضَميري / لَعَمرُكَ بَل حَوادِثُ مُوجَداتُ
فَلَو أَمَرَ الَّذي خَلَقَ البَّرايا / تَهاوَت لِلدُجى مُتَسَرِّداتُ
وَأَمسى اللَيثُ مِنها لَيثَ غابٍ / يُجاذِبُ فَرسَهُ المُتَوَحِّداتُ
وَآضَ الفَرغُ لِلساقينَ فَرغاً / تُحاوِلُ ماءَهُ المُتَوَرِّداتُ
وَهَبَّ يَرومُ سُنبُلَةَ السَواري / خَبيرٌ وَالزَرائِعُ مُحصِداتُ
وَنالَ فَريرَها بِمَداهُ فارٍ / ذُنوبُ ضُيوفِهِ مُتَغَمَّداتُ
كَأَنَّ نَعامَها وَاللَهُ قاضٍ / نَعائِمُ بِالفَلاةِ مُطَرَّداتُ
وَقَد زَعَموا بِأَنَّ لَها عُقولاً / وَأَقضِيَةُ المَليكِ مُؤَكَّداتُ
وَأَنَّ لِبَعضِها لَفظاً وَفيها / حَواسِدُ مِثلَنا وَمُحَسَّداتُ
أَتَحمِلُني إِلى الغُفرانِ عيسٌ / عَلى نَصِّ الوَجيفِ مُؤَجَّداتُ
وَلا تَخشى الخُطوبَ مُسَبِّحاتٌ / بِعِزَّةِ رَبِّهِنَّ مُمَجِّداتُ
أَرى حُسنَ الشَمائِلِ مِنكَ حَثَّت / عَلَيهِ الأَيمَنُ المُتَوَسِّداتُ
فَإِنَّ الطَبعَ يَطمَحُ بِالمَعالي / وَإِنَّ كِلابَ شَرِّكَ موَسداتُ
عَلى الكِذبِ اِتَّفَقنا فَاِختَلَفنا
عَلى الكِذبِ اِتَّفَقنا فَاِختَلَفنا / وَمِن أَسنى خَلائِقِكَ الصُموتُ
وَقَد كَذَبَ الَّذي سَمّى وَليداً / يَعيشُ وَبَرَّ مَن سَمّى يَموتُ
أَيا طِفلَ الشَفيقَةِ إِنَّ رَبّي
أَيا طِفلَ الشَفيقَةِ إِنَّ رَبّي / عَلى ما شاءَ مِن أَمرٍ مُقيتُ
تَكَلَّمُ بَعدَ مَوتِكَ بِاِعتِبارٍ / وَقَد أَودى بِكَ النَبأُ المَقيتُ
تَقولُ حَلَلتُ عاجِلَتي بِكُرهي / فَعِشتُ وَكَم لُدِدتُ وَكَم سُقيتُ
رَقيتُ الحَولَ شَهراً بَعدَ شَهرٍ / فَلَيتَني في الأَهِلَّةِ ما رُقيتُ
فَلَمّا صيحَ بي وَدَنا فِطامي / تَيَمَّمَني الحِمامُ فَما وُقيتُ
تَرَكتُ الدارَ خالِيَةً لِغَيري / وَلَو طالَ المَقامُ بِها شَقيتُ
نَقَيتُ فَما دَنِستُ وَلَو تَمادَت / حَياةٌ بي دَنِستُ فَما نَقيتُ
وَما يُدريكِ باكِيَتي عَساني / لِسُكنى الفَوزِ في الأُخرى اِنتُقيتُ
رَقَتني الراقِياتُ وَحُمَّ يَومي / فَغادَرَني كَأَنّي ما رُقيتُ
هَبيني عِشتُ عُمرَ النَسرِ فيها / وَكانَ المَوتُ آخِرَ ما لَقَيتُ
فَقيراً فَاِستُضِمتُ بِلا اِتِّقاءٍ / لِرَبّي أَو أَميراً فَاِتُّقيتُ
وَمِن صُنعِ المَليكِ إِلَيَّ أَنّي / تَعَجَّلتُ الرَحيلَ فَما بَقَيتُ
لَوَ اِنّي هَضبُ شابَةَ لَاِرتُقيتُ / وَماءٌ في القَرارَةِ لَاِستُقيتُ
أَمّا المَكانُ فَثابِتٌ لا يَنطَوي
أَمّا المَكانُ فَثابِتٌ لا يَنطَوي / لَكِن زَمانُكَ ذاهِبٌ لا يَثبُتُ
قالَ الغَوِيُّ لَقَد كَبَتُّ مُعانِدي / خَسِرَت يَداهُ بِأَيِّ أَمرٍ يَكبِتُ
وَالمَرءُ مِثلُ النارِ شَبَّت وَاِنتَهَت / فَخَبَت وَأَفلَحَ في الحَياةِ المُخبِتُ
وَحَوادِثُ الأَيّامِ مِثلُ نَباتِها / تُرعى وَيَأمُرُها المَليكُ فَتَنبُتُ
وَإِذا الفَتى كانَ التُرابُ مَآلَهُ / فَعَلامَ تَسهَرُ أُمُّهُ وَتُرَبِّتُ
إِن كانَت الأَحبارُ تُعَظِّمُ سَبتَها / فَأَخو البَصيرَةِ كُلَّ يَومٍ مُسبِتُ
قَد أَصبَحَت وَنُعاتُها نُعّاتُها
قَد أَصبَحَت وَنُعاتُها نُعّاتُها / وَكَذَلِكَ الدُنيا تَخيبُ سُعاتُها
كَرّارَةٌ أَحزانُها ضَرّارَةٌ / سُكّانَها مَرّارَةٌ ساعاتُها
نامَت دُعاةُ الدَولَتَينِ فَضاعَتا / وَهِيَ المَنِيَّةُ لا تَخيبُ دُعاتُها
ذَرها وَتِلكَ نَصيحَةٌ مَعروفَةٌ / عَظُمَت مَنافِعُها وَقَلَّ وُعاتُها
لا تَتبَعَنَّ الغانِياتِ مُماشِياً / إِنَّ الغَوانِيَ جَمَّةٌ تَبِعاتُها
وَإِذا اِطَّلَعنَ مِنَ المَناظِرِ فَالهُدى / أَن لا تَراكَ الدَهرَ مُطَّلِعاتُها
وَاِحذَر مَقالَ الناسِ إِنَّكَ بَينَها / سِرحانُ ضَأنٍ حينَ غابَ رُعاتُها
وَدَعِ القِراءَةَ إِن ظَنَنتَ جَهيرَها / ذَكَرَت بِهِ الحاجاتِ مُستَمِعاتُها
فَالصَوتُ هَدرُ الفَحلِ تُؤنَسُ رِكزَهُ / أُلّافُهُ فَتُجيبُ مُمتَنِعاتُها
أَولى مِنَ البيضِ الأَوانِسِ بِالعُلى / قُلُصٌ تَجوبُ اللَيلَ مُدَّرَعاتُها
جُمِعَت جُسومٌ مِن غَرائِزَ أَربَعٍ / وَتَفَرَّقَت مِن بَعدُ مُجتَمَعاتُها
وَهِيَ النُفوسُ إِذا تُمَيِّزُ بَينَها / فَأَعَزُّها في العَيشِ مُقتَنِعاتُها
وَمَتى طَرَدتَ أُمورَها بِقِياسِها / فَأَحَقُّها بِمَذَلَّةٍ طَمِعاتُها
وَكَأَنَ آمالَ الفَتى وَحُتوفَهُ / فِئَتانِ تَهزَأُ مِنهُ مُصطَرِعاتُها
أَوقاتُ عاجِلَةٍ كَأَنَّ مُضِيَّها / وَمضُ البُروقِ خَواطِفاً لَمَعاتُها
وَيُخالِفُ الأَيّامَ حُكمٌ واقِعٌ / فيها وَمِثلُ سُبوتِها جُمُعاتُها
كَم أوقِدَت لِشُموعِها صُبحِيَّةٌ / في اللَيلِ ثُمَّتَ أُطفِئَت شَمَعاتُها
فَمَتى يُنَبَّهُ مِن رُقادٍ مُهلِكٍ / مَن قَد أَضَرَّ بِعَينِهِ هَجَعاتُها
وَتَرادَفَت هَذي الجُدوبُ وَلَم تَلُح / غَرّاءُ تَبغي الرَوضَ مُنتَجِعاتُها
وَكَأَنَّ تَسبيحاً هَديلُ حَمامَةٍ / في مَجدِ رَبِّكَ أُلِّفَت سَجَعاتُها
مَن يَغتَبِط بِمَعيشَةٍ فَأَمامَهُ / نُوَبٌ تُطيلُ عَناءَهُ فَجَعاتُها
وَإِذا رَجَعتَ إِلى النُهى فَذَواهِبُ / الأَيّامِ غَيرَ مُؤَمَّلٍ رَجَعاتُها
تَهوى السَلامَةَ وَالقُبورُ مَضاجِعٌ / سَلَبَت عَنِ اليَقَظاتِ مُضطَجِعاتُها
دُنياكَ مُشبِهَةُ السَرابِ فَلا تَزُل / بِرَزينِ حِلمِكَ موشِكاً خُدَعاتُها
رَقشاءُ فيها لَيلُها وَنَهارُها / تِلكَ الضَئيلَةُ شَأنَها لَسَعاتُها
وَتَرِثُّ أَغراضُ الشَبابِ وَيَنطَوي / إِبّانُها فَتَنيبُ مُرتَدَعاتُها
وَيُنَهِنِهُ الرَجُلُ الحَصيفُ بِسِنِّهِ / أَوطارَهُ فَتَضيقُ مُتَّسِعاتُها
وَتَقارَعَت شوسُ الخُطوبِ فَكُشِّفَت / عَن مَهلَكِ الحَيوانِ مُقتَرَعاتُها
تَستَعذِبُ المُهجاتُ وِردَ بَقائِها / فَتَلَذُّهُ وَتُغِصُّها جُرُعاتُها
وَتَظَلُّ حَبّاتُ القُلوبِ زَرائِعاً / كَالأَرضِ وَالصَهَواتُ مُزدَرَعاتُها
إِن كانَ قَد عَتَمَ الظَلامُ فَطالَما / مَتَعَ النَهارُ فَما وَنَت مُتُعاتُها
نُظِمَت قَصائِدُ مِن أَذى مَثُلاتُها / أَمثالُها فاتَتكَ مُنتَزَعاتُها
وَتُعينُ أَسبابَ الحَياةِ وَيَنتَهي / أَمَدٌ لَها فَتَخونُ مُنقَطَعاتُها
فَاِخفِض حَديثَكَ لِلمُحَدِّثِ جاهِداً / فَذَميمَةُ الأَصواتِ مُرتَفَعاتُها
مُهَجٌ تَخافُ مِنَ الرَدى وَلَعَلَّهُ / إِن جاءَ تَأمَنُ صَولَةً هَلِعاتُها
أَو ماتَفيقُ مِنَ الغَرامِ بِفارِكٍ / مَشهورَةٍ مَعَ غَيرِنا وَقَعاتُها
نَفسٌ تُرَقِّعُ أَمرَها حَتّى إِذا / أَجَلٌ تَوَرَّدَ أُعجِزَت رُقُعاتُها
وَتَرى الصَلاةَ عَلى الغَوِيِّ ثَقيلَةً / مِثلَ الهِضابِ تَؤودُهُ رَكَعاتُها
وَتُضِلُّ أَفعالُ الشُرورِ جُناتَها / وَتَفوزُ بِالخَيراتِ مُصطَنِعاتُها
وَمَحاسِنُ الدُوَل الَّتي غُرَّت بِها / حالَت فَقَبلَ حِسانُها شَنِعاتُها
وَالنارُ إِن قَرَّبَت كَفَّكَ مَرَّةً / مِنها ثَنَت عَن قَبضِها لَذَعاتُها
وَلَعَلَّ عَكساً في اللَيالي كائِنٌ / فَتَعودَ في الشَرَقاتِ مُتَّضِعاتُها
بِنتُ عَنِ الدُنيا وَلا بِنتَ لي
بِنتُ عَنِ الدُنيا وَلا بِنتَ لي / فيها وَلا عِرسٌ وَلا أُختُ
وَقَد تَحَمَّلتُ مِنَ الوِزرِ ما / تَعجِزُ أَن تَحمِلَهُ البُختُ
إِن مَدَحوني ساءَني مَدحُهُم / وَخِلتُ أَني في الثَرى سُختُ
جِسمِيَ أَنجاسٌ فَما سَرَّني / أَنّي بِمِسكِ القَولِ ضُمِّختُ
مِن وَسَخٍ صاغَ الفَتى رَبُّهُ / فَلا يَقولَنَّ تَوَسَّختُ
وَالبَختُ في الأولى أَنالَ العُلى / وَلَيسَ في آخِرَةٍ بَختُ
كَذاكَ قالوا وَأَحاديثُهُم / يَبينُ فيها الجَزلُ وَالشَختُ
لَو جاءَ مِن أَهلِ البِلى مُخبِرٌ / سَأَلتُ عَن قَومٍ وَأَرَّختُ
هَل فازَ بِالجَنَّةِ عُمّالُها / وَهَل ثَوى في النارِ نوبَختُ
وَالظُلمُ أَن تَلزَمَ ما قَد جَنى / عَلَيكَ بَهرامُ وَبَيدَختُ
وَبَعضُ ذا العالَمِ مِن بَعضِهِ / لَولا إِياةٌ لَم يَكُن فَختُ
وارَحمَتا لِلأَنامِ كُلِّهِمُ
وارَحمَتا لِلأَنامِ كُلِّهِمُ / فَإِنَّهُم مِن هَوى الحَياةِ أُتوا
أُفٍّ لَهُم ما أَقَلَّ فِطنَتَهُم / لَذّوا أَكيلاً وَإِنَّما سُئِتوا
غَنّوا مِن الجَهلِ في مَحافِلِهِم / وَلَو دَرَوا ما تَحَمَّلوا نَأَتوا
عَلَيكُم بِإِحسانِكُم إِنَّكُم
عَلَيكُم بِإِحسانِكُم إِنَّكُم / مَتى تَكتِبوا غَيرَكُم تُكبَتوا
يُرَبّي المَعاشِرُ أَبناءَهُم / وَيَشقى الأَنامُ بِما رَبَّتوا
وَما الناسُ إِلّا نَباتُ الزَما / نِ فَليَحصِدِ القَومُ ما نَبَّتوا
فَيا لِلنَصارى إِذا أَمسَكوا / وَيا لِليَهودِ إِذا أَسبَتوا
وَقَد سُئِلوا عَن عِباداتِهِم فَما / أَيَّدوها وَلا ثَبَّتوا
وَمِن خَيرِ مافَعَلَ الفاعِلونَ / أَنَّهُمُ بِتُقىً أَخبَتوا
أَتَرغَبُ في الصيتِ بَينَ الأَنامِ
أَتَرغَبُ في الصيتِ بَينَ الأَنامِ / وَكَم خَمَلَ النابِهُ الصَيِّتُ
وَحَسبُ الفَتى أَنَّهُ مائِتٌ / وَهَل يَعرِفُ الشَرَفَ المَيِّتُ
يُؤَمِّلُ كُلٌّ أَن يَعيشَ وَإِنَّما
يُؤَمِّلُ كُلٌّ أَن يَعيشَ وَإِنَّما / تُمارِسُ أَهوالَ الزَمانِ إِذا عِشتا
إِذا اِفتَرَقَت أَجزاءُ جِسمي لَم أُبَل / حُلولَ الرَزايا في مَصيفٍ وَلا مَشتى
فَرِش مُعدِماً إِن كانَ يُمكِنُ رَيشُهُ / وَلا تَفخَرَن بَينَ الأَنامِ بِما رِشتا
وَإِن فِضتَ لِلأَقوامِ بِالمالِ وَالغِنى / فَيا بَحرُ أَيقِن بِالنُضوبِ وَإِن جِشتا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025