المجموع : 14
رَحَلتُ وَقَلبي عِندَكُم غَيرُ ناظِرٍ
رَحَلتُ وَقَلبي عِندَكُم غَيرُ ناظِرٍ / إِلَيَّ وَطَرفي نَحوَكُم مُتَلَفِّتُ
وَما ساءَ قَلبي وَهوَ حَيٌّ بِقُربِكُم / تَرَحُّلُ جِسمي عَنكُم وَهوَ مَيِّتُ
مَتى لِلحَقِّ حَقَّقَتا
مَتى لِلحَقِّ حَقَّقَتا / عَنِ الخَلقِ بِهِ بِنتا
فَأَنتَ الإِنسُ وَالجِنُّ / وَكُنتَ الإِبنَ وَالبِنتا
أَزالَ حُكمَ وَجودي إِذ تَمَكَّنَ بي
أَزالَ حُكمَ وَجودي إِذ تَمَكَّنَ بي / وَجدي وَغَيَّبَ في ذاتِ الضَنا ذاتي
فَدامَ بَقائي بِالفَناءِ بِهِ / وَضَلَّ عَن مَوضِعي أَهلُ الإِشاراتِ
إِنَّ الَّذي عايَنتْهُ
إِنَّ الَّذي عايَنتْهُ / عَيني بِمِرآةِ وَقتي
هوهي وَجوداً وَما هي / هو في حُدودٍ وَنَعتِ
تَغَرَّبتُ عَن أَهلي إِلَيكُم فَكُنتُم
تَغَرَّبتُ عَن أَهلي إِلَيكُم فَكُنتُم / أَوَدَّ وَأَحنى مِن أَودِّ عَشيرَتي
وَكانَت لِقَلبي لَوعَةٌ بِهَواكُمُ / وَبِتُّم فَصارَت لَوعَةٌ فَوقَ لَوعَتي
وَلَم أَفقِدِ الأَوطانَ حَتّى رَحَلتُم / وَدَجتُم لِنَفسي غُربَةً مَعَ غُربَتي
غَزَلي مَديحي مِن وُجودي جودُهُ
غَزَلي مَديحي مِن وُجودي جودُهُ / وَبِهِ مَماتي موجِبٌ لِحَياتي
وَسُكونُ نَفسي في هَواهُ مُحَرِّكي / وَثَباتُ عَزمي نَحوَهُ وَثَباتي
هَو مالِكي وَلَدَيهِ أَحمَدَ شافِعِيٍّ / وَأَبو حَنيفَةَ حَبِّهِ ساداتي
بَصَري أَراني النورَ ناراً وَالضُحى
بَصَري أَراني النورَ ناراً وَالضُحى / لَيلاً وَفي جَهَتي مُحيطُ جِهاتي
فَالنُطقُ مِنهُ بِالنَداءِ أَبانَ لي / ما كانَ عَنّي خارِجاً في ذاتي
فَلِذاكَ لَم يَكذِب فُؤادي ما رَأى / إِثباتَهُ مَنفىً صِفاتِ
صَفاءُ الذاتِ مِنها إِذا تَجَلَّت
صَفاءُ الذاتِ مِنها إِذا تَجَلَّت / أَراني في تَجَلّيها صِفاتي
وَما اِحتَجَبَت بِغَيري في عِياني / لِذاكَ شَهِدتُ فيها وَصفَ ذاتي
وَما غابَت وَحَقِّكَ عَن عِياني / وَلا شاهَدتُ فيها غَيرَ ذاتي
فَناؤُنا مَعَ ثُبوتِ واهِبِنا
فَناؤُنا مَعَ ثُبوتِ واهِبِنا / يَقضي بَعَودِ الجَوّادِ في هِبَتِه
وَذاكَ بُخلٌ وَجَلَّ خالِقُنا / مَن أَن يَكونَ الإِكداءُ مِن صَفَتِه
وَهوَ مُحالٌ عَلى الإِلَهِ لَدى / كُلِّ لَبيبٍ زَكا بِمَعرِفَتِه
أَفكارَهُم بِالحُظوظِ قَد شُغِلَت
أَفكارَهُم بِالحُظوظِ قَد شُغِلَت / عَنهُ وَأَبصارُهُم بِها لَحظَت
بَصَّرَها رُشدُها فَما بَصَرت / وَجاءَها وَعُظَها فَما اِتَّعَظَت
إِذاعَةُ العَهدِ عَنهُ ضَيَّعَها / وَلِوَرعَتِهِ لِحِفظِهِ حُفِظَت
العِزُّ في ذُلّي لِمَن هُوَ مُؤمِنٌ
العِزُّ في ذُلّي لِمَن هُوَ مُؤمِنٌ / بِوَلاكَ وَهوَ عَلى عَدوَكَ عَدَّتي
وَسِوايَ يُظهِرُ عَن جَمالِكَ سَلَوَةً / وَأَنا الَّذي بِكَ عَن وُجودي سَلوَتي
وَلِقاكَ أَقصى مُنيَتي يا مُنتَهى / أَمَلي وَقَد شَرِطَت لَدَيهِ مَنِيَّتي
فَلِذا اِدَّرَعتُ لَكَ التُقى وَخَلَعتُ في / لُبسي هَواكَ مِنَ الحِمامِ تَقِيَّتي
يَكونُ ماذا لِمَن يَموتُ
يَكونُ ماذا لِمَن يَموتُ / ثَوبٌ يُوارى بِهِ وَقوتُ
أَيَحذَربُ المَرءُ فَوتَ أَمرٍ / في قَصدِهِ عُمرُهُ يَفوتُ
ما الحَرُّ في الدارِ غَيرُ عَبدٍ / أَغناهُ عَن كَدِّهِ المُقيتُ
لَمّا اِنتَهى هَمُّهُ بِوَهمٍ / أَتاهُ في مَحوِهِ الثُبوتُ
مَن هُوَ أَنا حَتّى أُسَمّى أَنا
مَن هُوَ أَنا حَتّى أُسَمّى أَنا / لَيسَ أَنا الحَقُّ سِوى أَنتَ
فَنَحنُ مِن كَونِكَ كَوَّنتُنا / وَأَنتَ عُلاكَ الحَدَّ وَالنَعتا
بَدَوتَ لي مِنكَ بِوَصفٍ وَقَد / جازَ عُلاكَ الحَدَّ وَالنَعتا
في أَحَدِ الإِثنَينِ ثَلَّثتَ لي / وَبَعدِما ثَلثَت رَبَّعتا
وَعِندَما خَمَّستَ في سادِسِ ال / أُسبوعِ صارَت جُمعَتي سَبتا
سَررتُ موهِناً نَحوي فَأَبدَت مَسَرَّتي
سَررتُ موهِناً نَحوي فَأَبدَت مَسَرَّتي / وَحَيَّت فَأَحَييتَني بِحُسنِ التَحِيَّةِ
وَمَنَّت فَمَنَّت في مَآبي إِلى الحِمى / فُؤادي بِوَصلِ الوَصلِ بَعدَ القَطيعَةِ
فَآيَسَني بَعدُ المَسافَةِ بَينَنا / وَتَقصيرُ نَضوُ السَعي مِن قُربِ أَوبَتي
وَأَطمَعَني في وَصلِها بَعدَ هَجرِها / تَفَضُّلُها المُحجوبُ عَن عَينِ مُنيَتي
وَإِن حَمَلَتني ناقَتي نَحوَ دارِها / وَصَلتُ وَإَلّا مُتُّ في دارِ غُربَتي
عَزيزَةُ وَصلٍ عَزَّني الصَبرُ بَعدَها / فَقابَلتُ عِزَّ الوَصلِ مِنها بِذِلَّتي
عَلَقتُ هَواها في الظِلالِ فَعَلَّقتُ / أَمانِيَّ في إِعراضِها بِمَنِيَّتي
وَما أَعرَضَت عَنّي وَحَقِّ وِصالِها / لِغَيرِ اِحتِرامي في الهَوى وَخَطيئَتي
وَلَو لَم تَرَ الإِخلالَ مِنّي بِحَقِّها / لِما مَنَعَتني الوَصلَ وَهيَ خَليلَتي
وَكُنتُ بِها وَالقَلبُ في قَبضِ بَسطِها / أَرى سائِرَ الأَكوانِ في قَبضِ بِسطَتي
فَأَمسَيتُ في لَيلِ الجَفا بَعدَ وَصلِها / أُرَدَّدُ في نارِ الجَوى بَعدَ جَنَّتي
إِذا أَخرَجتَني مِن لِظاها مَطامِعي / أُعادُ بِيَأسي وارِداً نارَ خيفَتي
فَكَم جَسَدٍ أَنضَجتُ في نارِ هَجرِها / وَتُبَدِّلُن مِنهُ جَديداً لِشَوقَتي
وَكَم كَرَّةٍ كَرَّت عَلَيَّ بُكورِها / تُرَدِّدُني في دَورَةِ بَعدِ دَورَةِ
وَحَزَّني عَلى ما فاتَ مِن زَمَني بِها / يُقَطِّرُ أَجفاني بِتَصعيدِ زَفرَتي
أَلَمَّت فَلَمَّت بِالأَسى شَعَثَ الأَسى / فَأَخلَقَ تَجديدُ الأَسى ثَوبَ جَدَّتي
وَأَشفَت بِما شَفَّت بِهِ الجِسمَ مِن ضَنّي / عَذولي عَلى وُجودي وَلَم تَشِفِ غِلَّتي
وَأَهدَت لِعَيني في المَنامِ خَيالَها / يُعاتِبُ جَفني بِالكَرى بَعدَ هَجعَتي
وَقالوا سَلَوتَ الحُبَّ قُلتُ / أَعوذُ بِالغَرامِ مِنَ السَلوانِ إِلّا لِسَلوَتي
فَساءَ فُؤادي بِالتَوَدُّعِ ساعَةً / وَرَدَّ سُروري بِالوُعودِ الجَميلَةِ
وَلَولا اِعتِلاقي في الهَوى بِوُعودِها / لَما سَلَّمَت مِن لَوعَةِ البَينِ مُهجَتي
دَنَت في عُلاها مِن حَضيضِ مَقامِيَ ال / لَذي هَبَطَت نَفسي بِهِ بَعدَ رَفعَتي
وَأَبدا عِتابي لُطفُها بي عَلى الرِضى / بِوَعرِ الفَلا مِن بَعدِ ظَلِّ الأَظَلَّةِ
وَلاحَت بِمَعناها لِعَينيَ صورَةً / وَما اِقتَرَنَت عِندَ الظُهورِ بِصورَةِ
وَما اِنتَقَلَت عَن كَونِ تَجريدِ ذاتِها / وَإِن شوهِدَت في حِليَةٍ مِثلَ حِليَتي
تَعَلَّبُ أَبصارَ الوَرى وَقُلوبَهُم / إِذا اِستَتَرَت بَعدَ الظُهورِ بِغَيبَةِ
لِيَعرِفَها في البَدوِ مَن كانَ عارِفاً / وَيُنكِرُها ذو الجَهلِ أَوَّلَ مَرَّةِ
وَتُظهِرُ في حالِ المُكافاةِ فَضلَها / عَلى عَدلِها في مُستَحَقَّ العُقوبَةِ
حَكاني عَلى طَورِ التَجَلّي صَفاؤُها / فَكانَت لِعَيني في جَلا العَينِ جَلوَتي
فَما شَهِدَتهُ العَينُ مَعنىً فَذاتُها / وَمِن هَيئَةٍ فَهيَ المِثالُ لِهَيئَتي
حَميتُ حِمى سَمعي بِها عَن عَواذِلي / بِصِدقِ مُوالاتي لَها وَحِمِيَّتي
وَعاصَيتُ فيها العاذِلاتِ وَلَيتَها / عَلى بَعضِ ما أَمَّلتُ مِنها مُطيعَتي
وَأَصبَحتُ مِن وَجدي بِها وَتَتَيُّمي / أَرى عَبدَها في الحُبِّ مَولىً لِنِعمَتي
وَوِفقاً غَدا قَلبي لَجامِعُ حُسنِها / فَأَضحى لَها مَنّي تَفاصيلُ جُملَتي
فَصُنتُ صَباباتي بِها عَن أَقارِبي / وَأَخفَيتُ أَمراضي بِها عَن أَطبَتي
وَما بُحتُ بِالمَستورِ تَحتَ خِمارِها / إِلى مائِلٍ في الحُبِّ عَن نَهجِ مِلَّتي
وَما الصَومُ في شَرعِ الهَوى غَيرُ صَونِ ما / تَحَمَّلَ الحُبِّ عَن كُلَّ مَيِّتِ
وَباعَدتُ فيها الأَقرَبينَ مَقارِباً / عَلى حُبِّها أَهلَ الشُعوبِ البَعيدَةِ
وَهاجَرتُ فيها الهاجَرَينِ لِحُسنِها / وَواصَلتُ فيها المولِعينِ بِلَوعَتي
وَجاهَدتُ فيها النَفسَ حَقَّ جِهادِها / بِصَبري عَلى ما سَرَّها مِن بَلِيَّتي
وَفي الصَومِ أَدَّيتُ الزَكاةَ لِأَهلِها / وَفي شَعبِهِم أَخرَجتُ في الفِطرِ فِطرَتي
وَقُمتُ بِأَحكامِ الفَرائِضِ ظاهِراً / وَأَتبَعتُها بِالنَفلِ بَعدَ الفَريضَةِ
وَوالَيتُ مَن والى ذَوِيَّها مُادِياً / عَلى الحُبِّ مَن عادى وَلِيَّ وَلِيَّتي
وَدُنتُ كَما دانَ الدُعاةُ لِحُسنِها / بِخَلعِ التُقى فيها وَلَيسَ التَقِيَّةِ
وَلَمّا تَمادَت بَينَنا مُدَّةُ النَوى / وَضاقَت بِحالي في التَباعُدِ حيلَتي
جَعَلتُ صَلاتي في الغَرامِ بِذِكرِها / إِلى وَصلِها بَعدَ القَطيعَةِ وَصِلَتي
وَطَهَّرتُ أَعضائي بِعِرفانِ مَن عَلى / مَراتِبُهُم في عالَمِ العِشقِ دَلَّتِ
وَوَجَّهتُ وَجهي في اِتِّجاهي لِوَجهِها / فَمِن حَيثُ ما اِستَقَبلتُها فَهيض قِبلَتي
إِلَيها أُصَلّي قانِتاً لِمُفيضِها / بِأَسمائِها الحُسنى التَثَبُّتِ
وَحينَ رَأى عُشّاقُ سَلمى تَسُنُّني / بِسُنَّتِها صاروا كَما شِئتُ شيعَتي
تَجَلَّت فَجَلَّت ظُلمَةَ السُخطِ بِالرِذى / وَحَلَّت فَحَلَّت مُرَّ عَيشٍ أَمَرَّتِ
فَأَقبَلَ إِقبالي بِها حينَ أَقبَلَت / وَأَدبَرَت لِما أَدبَرَت وَجهُ لِذَّتي
وَأَبدَت لَعَيني في دُجى السَترِ نارَها / لَيَكشِفَ عَنّي نورَها حُجبُ غَفلَتي
فَصِحتُ بِأَصحابي اِمكُثو عَلَّنا نَرى / هَدانا عَلى الأَنوارُ مِن نارِ عَلوَةِ
وَلَمّا نَزَلنا وادِيَ القُدسِ أَشرَقَت / عَلَينا شُموسُ الإِنسِ مِن بَعدَ وَحشَةِ
فَبَشِّرني بِالبِشرِ قَلبي وَعِندَما / دَعَتني بِعَبدٍ صِرتُ مَولىص لِرِفقَتي
فَلَبَّيتُ داعيها وَأَسرَعتُ نَحوَها / وَجِئتُ صَحابي مِن سِناها بِجَذوَةِ
وَما كُنتُ لضو لَم تَهدِني لِسَبيلِها / بِمُهدي الهَدى لِلناسِ مِن بَعدِ ضَلَّةِ
وَلَمّا وَرَجنا ماءَ مَدينَ حَبِّها / وَجَدنا عَلَيهِ لِلهُدى خَيرَ أُمَّةِ
يَذودونَ عَنهُ كُلَّ سالٍ عَنِ الهَوى / وَيَسقونَ مِنهُ كَلَّ صَبٍّ بِصَبوَةِ
فَنِلتُ بِهِم عَلّاً عَلى نَهلِ الهَوى / وَقَد كُنتُ أَرجو أَن أَفوزَ بِنَهلَةِ
وَمَلتُ عَلى رِيٍّ إِلى الظِلِّ اِبتَغى / غِنى الفَقرِ مِن ذاتِ العَطايا السَنِيَّةِ
مَحُجَّبَةٌ لِمّا اِختَلَفَت بِجَلالِها / عَنِ الوَهمِ أَبداها الجَمالُ لِمُلَتي
وَما اِحتَجَبَت عَنّي بِغَيري وَلا بَدَت / بِغَيرِ حِجابٍ عِندَما لي تَبَدَّتِ
فَأَثبَتُ في مَحوِ العَيانِ عَيانُها / بِنَفيِ حُدودِ الأَينِ في حالِ رؤيَتي
وَأَشهَدني غَيبي حُضوراً وَغَيبَةً / وَحاشا لَها مِن غَيبَةٍ بَعدَ حَضرَةِ
وَلَكِن كَلالُ الطَرفِ بِالسَقمِ في الهَوى / أَراني مَغيبي في شَهادَتِيَ الَّتي
وَإِن ضِياءَ الشَمسِ عِندَ طُلوعِها / لَمُحتَجِبٌ عَن كُلِ عَينٍ عَمِيَّةِ
وَشاهِدُ عَيني في عَياني لَذاتِها / كَذاتي شَهيدٌ في حُضورٍ وَغَيبَةِ
وَإِن كَذَبَ النَفسَ العَيانُ لِعَينِها / تَبَصَّرتُ في رُؤيا الكَرى بِرَوِيَّتي
وَأَيقَنتُ أَنَّ اللُطفَ مِنها دَنا بِها / خَيالاً لِعَيني بِالكَرى بَعدَ هَجعَتي
فَجَرَّدتُ مَعناها المُصَوَّرُ إِذا بَدا / كَصُورَةِ حَدِّ الأَينِ عَن كُلِّ صورَةِ
وَنَزَّهتُ عَن كَونِ المَكانِ كَيانَها / وَأَوصافَها عَن رُؤيَةِ الحَدَثِيَّةِ
وَأَعطَيتُ مَعناها التَقَدُّمَ في الهَوى / عَلى نورِها المَوصوفُ بِالأَزَلِيَّةِ
وَأَفرَدتُهُ مِن غَيرِ فَصلٍ وَلم أَقُل / مَعَ الوَصلِ إِنَّ النورَ غَيرَ المُنيرَةِ
أُقيمُ لَها وَجهَ الزَمانِ مُصَلِّياً / بِتَوجيدِها في ذاتَها الصَمَدِيَّةِ
وَأَثبَتُ في المِثلِ الظُهرورَ إِذا اِخ / تَفى المِثالُ وَأَنفي مَزجَهث بِالهَوِيَّةِ
وَأَنكَرُ مِن لَيلى الحُلولَ بِحَلَّةِ / تَرحَلُها عَنّا مَطايا المَنِيَّةِ
وَلَستُ كِمَن أَمسَى عَلى الحُبِّ كاذِباً / مُضِلّاً لِأَصحابِ العُقولِ السَخيفَةِ
يَمينُ عَلى الجُهّالِ مِن عُصبَةِ الهَوى / بِنَسبَتِهِ في الحُبِّ مِن غَيرِ نِسبَةِ
وَيوهِمُ وَصلاً مِن سُلَيمى وَقَد رَمى / بِهِ التيهُ عَنها مُبعِداً بِالرَمِيَّةِ
وَيَزعُمُ طَوراً أَنَّهُ عَينُ عَينُها / وَيُنكِرُ طَوراً أَنَّها فيهِ حَلَّتِ
وَيُمسي لَها عَبداً بِدَعواهُ في الهَوى / وَيُصبِحُ مَولاها بِغَيرِ مَزِيَّةِ
فَيَجمَعُ ما بَينَ النَقيضَينِ جَهلُهُ / وَذاكَ مُحالٌ في العُقولِ الصَحيحَةِ
وَيَعدِلُ عَن عَدلِ الهَوى بادٍ عائَهُ ات / تِحاداً لِأَعيانِ الوُجودِ الكَثيرَةِ
وَكَيفَ يَصِحُّ الإِتِّحادُ وَشاهِدُ ال / عَيانِ عَلى الأَضدادِ بَعضُ الأَدِلَّةِ
وَما الحَقُّ إِلّا ما أَقولُ فَإِن تُرِد / زَوالَ الصَدى رُد في الغَرامِ شَريعَتي
وَخُذ في الهَوى عَنّي حَديثَ هَوى الَّتي / مُحسِنُها عَن أَلسُنِ الوَصفِ جَلَّتِ
بَديعَةُ حُسنٍ دَقَّ مَعنى جَمالِها / وَعَنها بَدَت كُلُّ المَعاني الدَقيقَةِ
قَضى جودُها فَيضَ الوُجودِ فَأَظهَرَت / مَشيئَتُها قِدماً حِجابَ المَشيئَةِ
فَقامَ لَهُ مِن نورِهِ بابُ رَحمَةٍ / بَدَت عَنهُ ذاتَ الرُتبَةِ الأَلفِيِّةِ
فَكانَ بِهِ كَونُ النَقيبِ وَعَن سَنا / نَقيبُ الهُدى صارَ اِنتِجابُ النَجِيبَةِ
وَعَنهُ بَدا مُختَصُّ عالَمِ قُدسِها / وَعَنهُ تُبَدّى مُخلِصٌ في المَحَبَّةِ
وَمُمتَحَنُ الحُبِّ الَّذي كَونُهُ بَدا / بِمَخلِصِها أَبدى الفُطورَ لِفِطرَتي
وَأَتقَنَ بِالإِقدارِ مِن رَبَّةِ الخَبا / صَنائِحَ ما شاءَت بِغَيرِ رُوِيَّةِ
بِدَورٍ بَدَت مِن غَيرِ نَقصٍ لِهَديِنا / إِلى عودِ أَعيادِ اللِقا كَالأَهِلَّةِ
وَأَبدَت سِراراً في العُيونِ وَلَم تَزَل / عَلى الأَوجِ في أُفُقِ البُروجِ العَلِيَّةِ
وَلَم تَسكُنِ الأَجسامِ عِندَ ظُهورِها / لِأَبصارِنا بِالصورَةِ البَشَرِيَّةِ
وَلا خَذَلتُ بِالقَهرِ بَعدَ اِنتِصارِها / وَلا عَجَزَت في ذاتِها بَعدَ قُدرَةِ
أَدِلَّةُ قَلبي في هَوى مَن بِحُسنِها / عَلى حُسنِها كُلُّ الأَدِلَّةِ دَلَّتِ
وَلَو لَم تَكُن عَينَ الدَليلِ لِعَينِها / وَحُجَّتِها لَم تُبدِ فيها مَحَجَّتي
وَلَستُ دَعِيّاً بِاِنتِسابي إِلى الهَوى / وَقَد ثَبَتَت عِندَ المُحبّينَ نِسبَتي
فَإِن شِئتَ أَن تَحظى بِحَلَّ رُموزِما / عَقدتُ عَلَيهِ في الغَرامِ عَقيدَتي
فَلُذ بِأَمينٍ لِيَميلُ عَنِ الهَوى / يُبِن لَكَ بَعدَ الغَيِّ رَشدَ طَريقَتي
فَإِن تَغدُ مَولوداً لَهُ رُحتَ والِداً / لِنَفسٍ بِمَفهومِ الغَرامِ تَزَكَّتِ
وَمَن قَطَعَ الأَميالَ في حُبِّ عُلوَةٍ / تَناهى إِلى ميقاتِ أَهلِ المَحَبَّةِ
وَلِما يَنَل عِنَ الوِصالِ وِصالَها / مُيَمِّمُها إِلّا بِعَقرِ المَطِيَّةِ
وَما الحَجُّ في شَرعِ الهَوى غَيرَ صورَةٍ / تُعَبِّرُ عَن كَونِ المَعاني الخَفِيَّةِ
سَبيلَ الهُدى لِسالِكينَ سَبيلَهُ / وَأَميالَهُ وَأَقمارِ شَمسِ الأُبُوَّةِ
وَخَيرُ دَليلٍ لِلرَشادِ دَليلُهُ / وَصُحبَتِهِ لِلمُهتَدي خَيرُ صُحبَةِ
وَزادَ التُقى عِندَ المُحِبّينَ زادَهُ / وَمَركوبُهُم فيها مَطايا العَزيمَةِ
وَمَشعَرُهُ المَستورُ عَن غَيرِ شاعِرٍ / بِما اِقتَرَحَتهُ بِالغَرامِ قَريحَتي
وَفي حِجرِهِ حَجرٌ عَلى كُلِّ لائِذٍ / بِهِ أَن يُوالي عُصبَةَ العَصَبِيَّةِ
صَفاهُ صَفاءُ القَلبِ مِن كَدَرٍ بِهِ / وَمَروتُهُ فيها كِمالُ المُروءَةِ
وَزَمزَمَهُ ميمٌ طَميسٌ بِمائِها / يَزيلُ الصَدى عَن كُلِّ نَفسٍ زَكِيَّةِ
وَكَعبَتُهُ ميمٌ بِنارِ بَياضِها اس / تَعَدَّت لِإِبصارِ الجَمالِ بَصيرَتي
وَغايَتُهُ عَن غايَةِ الحُسنش ظاهِرٌ / لِباطِنِهِ المَحجوبُ عِن كُلِّ مُقلَةِ
وَإِنّي لَمِمَّن حَجَّ كَعبَةَ حُسنِها / وَأَكمَلَت حِجّي في هَواها بِعُمرَتي
وَفي عَرَفاتِ الوَصلِ عَرَّفَني الهَوى / مَقامَ اِزدِلافي في الغَرامِ بِزُلفَتي
وَإِنّي لَفي أَوجِ الغَرامِ بِحُبِّها / وَإِن سَفَّهُ الجُهّالَ بي نَقصُ رُتبَةِ