المجموع : 10
سَل ابنْةَ القَومِ هل تَدري بما صَنَعتْ
سَل ابنْةَ القَومِ هل تَدري بما صَنَعتْ / ألحاظُها بفُؤادٍ فيهِ قد رَتَعَتْ
مَليحةٌ قَطَعَتْ من مُهجتي طَرَفاً / ولَيْتَها حاسَبَتْني بالذي قَطَعَتْ
صُبحٌ إذا سَفَرَتْ غُصنٌ إذا خَطَرَتْ / ظَبْيٌ إذا نَفَرَتْ مِسكٌ إذا سَطَعَتْ
أجفانُها خَلَعَتْ سُقْماً علَيَّ ولا / لَوْمٌ عليها فمِن أثوابِها خَلَعتْ
لَئنْ تَكُنْ عن سَوادِ العينِ غائبةً / فإنَّها في سَوادِ القلبِ قد طَلَعَتْ
وإن أتى من شِهابِ الدِّينِ مُقتَبَساً / كِتابُ أنُسٍ وقد غابَتْ فلا رَجَعتْ
حَيَّا الحَيا أرْضَ زَوْراءِ العِراقِ ضُحىً / فتِلكَ أرضٌ لأهلِ الفضلِ قد جَمَعَتْ
لَئنْ مَضَت دَولةُ المُلكِ القديم بها / فدَولةُ العِلمِ منها قَطُّ ما انقَطَعتْ
فيها الرِّجالُ المَشاهِيرُ الذينَ بهِمْ / مَنارةُ العِلمِ فوقَ النَّجمِ قد رُفعتْ
من كُلِّ أبلَجَ واري الزَّنْدِ في يَدهِ / أقلامُ صِدقٍ بأمرِ اللهِ قد صَدَعَتْ
كلُّ البِلادِ وإن جَلَّتْ مَحاسِنُها / عِقْدٌ فَريدَتُهُ بغدادُ قد وُضِعَتْ
تَسَعى إليها القوافي السَّائراتُ كما / تَسعَى إلى الكَعْبةِ الحُجَّاجُ حينَ سَعَتْ
أرضٌ تَتُوقُ إلى مَرأى مَحاسِنها / عيني لكَثْرةِ ما أُذْني بها سَمِعَتْ
حَسِبتُها فَلَكاً إذْ قِيلَ إنَّ بِها / ذاكَ الشِّهابَ الذي أنوارُهُ لَمَعَتْ
ماذا أقرِّظُ من ذاكَ المقَامِ على / تَقريظِهِ لمقاماتي التي طُبعَتْ
ليسَ الشَهادةُ من ضُعفي بنافعةٍ / لكن شَهادَتهُ تلكَ التي نَفَعَتْ
أسَفاً لمن قد ماتَ قبلَ مَماتِهِ
أسَفاً لمن قد ماتَ قبلَ مَماتِهِ / لا بل لَعَمْري مات قبلَ حياتِهِ
لم يَدْرِ طَعْمَ العَيشِ مُنتبِهاً لهُ / كالحَيِّ حَتَّى ذاقَ طَعْمَ وَفاتِهِ
هذا غُلامٌ كالكُهولِ فكيفَ لو / بَلغَ الشَبابَ وخاضَ في فَلوَاتِهِ
ما زالَ يَنَحتُ ذِهنُهُ من قَلبِهِ / حَتَّى بَراهُ فكانَ شَرَّ عُدَاتِهِ
نَهْنِه دمُوعَكَ يا أبهاُ فقد جَرَى / ما قد جَرَى ومَضَى على عِلاّتِهِ
أشقَى الوَرَى عَيناً وأضيَعُ مَدمعاً / مَن قد بَكَى للأمرِ بعد فَواتِهِ
قد كانَ قبلَ البَينِ أهلاً للبُكا / إذ لم يكُنُ أمَلٌ بطُولِ ثَباتِهِ
عَهدِي بهِ أنْ لا يعيِشَ نَظيرُهُ / فَحسِبتُهُ قد جَفَّ مُنذُ نَباتِهِ
إذ لم يَجِدْ في الناسِ أمثالاً لهُ / طَلَبَ الملائكَ فَهْيَ من طَغمَاتِهِ
ولقد رآهُ الدَّهرُ من آحادِهِ / فلِذاكَ لم يُدْخِلْهُ في عَشَراتِهِ
يا صاحبَ السَّبْعِ السِّنينَ ودُونِها / ماذا تَرَكتَ لشَيخِنا في ذاتِهِ
أنتَ الغريبُ كما نَرَاكَ وهكذا / شَمْلُ الغريبِ يكونُ قُرْبَ شتاتِه
قد ضاق جسمك عن مدى النَّفس التّي / ضغطت هياكِلها جميع جهاتهِ
فمَضت إلى الموعودِ من غاياتِها / ومَضَى إلى المعهودِ من غاياتِهِ
هذا الذي تَرَكَ الأبُ الأقصَى لنا / لكن كَحظِّ بَنيهِ حَظُّ بَناتِهِ
كأسٌ على الغِلمانِ يَعرِضُ تارةً / قبلَ الشُّيوخِ لُسوءِ رأيِ سُقاتِهِ
يا أيُّها القبرُ الذي استُودِعْتَهُ / أبشِرْ فما من قائلٍ لكَ هاتِهِ
إِعطِفْ عليهِ فأنتَ حَقاً أمُّهُ / وازجُرْ ثَراك مُؤَدِّباً حَشَراتِهِ
واحرصْ على ذاكَ اللِسانِ فإنَّهُ / قد كانَ يَسقِي الشَّهْدَ من كَلِماتِهِ
لَكَ أُمُّهُ رَبَّتْهُ فاشكُرْ فَضْلَها / واشكُرْ أباهُ فذاكَ من حَسنَاتِهِ
يا طالما سَهِرَتْ عليهِ فقُلْ لها / ها قد أمِنْتِ اليومَ من يَقَظاتِهِ
لا تَخلَعي ثوبَ السَّوادِ لأجلِهِ / ما دامَ تحتَ اللَحْدِ في ظُلُماتِهِ
لمّا رآكِ وقد دَعَوْتِ بفارسٍ / سَبَقَ الرِّجالَ وجَدَّ في خَطَواتِهِ
لا تُنكِري هذا القَضاءَ بمَوتِهِ / فلَقَدْ جَرَى فيهِ على عاداتِهِ
بَلغَ الكمالَ كطاعنٍ في سنِّهِ / فَيكونُ ذلكَ مُنتَهَى أوقاتِهِ
يا قلبَ حنَّا اُبنَ دوماني اصطبر كَرماً
يا قلبَ حنَّا اُبنَ دوماني اصطبر كَرماً / هذا بشارةُ يحكي زهرةً يَبِستْ
وزُرْ ضريحاً لقد نادَى مؤرِّخُهُ / فيهِ بِشارةُ يوحنَّا قد اندرسَتْ
قد أدركت نَجمَ فوَّازٍ قرينتُهُ
قد أدركت نَجمَ فوَّازٍ قرينتُهُ / ذاتُ التُّقَى كاترينا بالتُّقَى رُحِمَتْ
كريمةُ النَّفسِ والأخلاقِ فاضلةٌ / قد ابتدتْ بالتُقى أرَّختُ واختتَمتْ
يا آلَ ثابِتَ بعدَ فقْدِ كريمِكم
يا آلَ ثابِتَ بعدَ فقْدِ كريمِكم / كُفُّوا البُكاءَ فكلُّ حيٍّ مائتُ
ولقد تحقَّقَ مِن مُؤرِّخِهِ الرَّجا / في حِجْرِ إبراهيمَ يوسُفُ ثابتُ
بَنَى الأمينُ ابنُ رَسلانَ الأميرُ على
بَنَى الأمينُ ابنُ رَسلانَ الأميرُ على / لُبنانَ داراً لهُ باللُّطفِ قد شَهِدَتْ
وإنَّ داراً لوجهِ الحقِّ عاضِدةٌ / لها يدُ اللهِ في تاريخها عَضدَتْ
وَجَبَتْ زيارةُ تُربةٍ مبرورةٍ
وَجَبَتْ زيارةُ تُربةٍ مبرورةٍ / في طَيِّها شخصُ الكَرامةِ بائتُ
قد أثبَتَ التَّاريخُ فيها أنَّهُ / في منزلِ الأبرارِ يوسُفُ ثابِتُ
اليومَ قد وَرِثَ المُلكَ المُعَدَّ لهُ
اليومَ قد وَرِثَ المُلكَ المُعَدَّ لهُ / كريمُ نفسٍ لهذا الحَظِّ قد خُلِقَتْ
في مَضجَعٍ قالَ بالتَّاريخِ زائِرُهُ / في المُلكِ عادةُ قُسطَنطينَ قد سبقَتْ
يا مَن أغارَ عليهِ ريحٌ أصفرٌ
يا مَن أغارَ عليهِ ريحٌ أصفرٌ / كمْ مِن غُصونٍ بالرِّياحِ تقصَّفتْ
حوَّلتَ وا أسفا بني فرحٍ إلى / حُزنٍ لهُ كلُّ القلوبِ تَلهَّفَتْ
يا نخلةً ذَهَبتْ بلا ثُمرٍ نَرى / كلُّ العِبادِ على صِباكَ تأسَّفَتْ
ونَراكَ في اللحدِ المؤرَّخِ شمعةً / وَرَدَ الهَوَى يوماً عليها فانطفَتْ
في حضنِ إبراهيمَ سارةُ أصبحت
في حضنِ إبراهيمَ سارةُ أصبحت / بكرٌ بصَدْرِ العامِ كان مَماتُها
محمودةُ الأوصافِ بُستانيَّةٌ / قد صارَ في روضِ الجِنانِ نَباتُها
لمّا استعدَّت للرَّحيلِ تهلَّلتْ / شوقاً إلى دارٍ يدومُ ثَباتُها
قالت مؤرِّخةً بحَسْبِ صَلاحِها / موتُ النُّفوسِ الصالحاتِ حَياتُها