سُقها وَلَو ذَهَبَ السُّرى بِسَراتِها
سُقها وَلَو ذَهَبَ السُّرى بِسَراتِها / كَم ذا تَرُدُّ النَفسَ عَن عَزَماتِها
طالَ اِمتِراؤُكَ خَلفَ كُلِّ رَذِيَّةٍ / أَكدى لَدى الإِبساسِ مِن ثَفناتِها
سَفَهاً لِرَأيِكَ إِن سُرِرتَ بِرَوضَةٍ / لِمُزنَّمِ العِدّانِ غَضُّ نَباتِها
أَوَلَيسَ جَهلاً أَن تُسيمَ بِمَرتَعٍ / أَكَلَت بِهِ المِعزى لُحومَ رُعاتِها
أَعرَبتَ حينَ دَعوتَ إِلّا أَنَّهُ / لا يَبلُغُ الأَمواتَ صَوتُ دُعاتِها
فَاِنهَض وَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِجَسرَةٍ / رَوحاتُها تُربى عَلى غَدَواتِها
وَاِرغَب بِنَفسِكَ أَن تُقيمَ بِبَلدَةٍ / عُصفورُها يَسطو بِشُهبِ بُزاتِها
إِن يَرضَ قَومي الهونَ فيَّ فَطالَما / عَمداً أَهَنتُ النَفسَ في مَرضاتِها
كَم قَد غَدوتُ وَرُحتُ غَيرَ مَقَصِّرٍ / في لَمِّ فُرقَتِها وَجَمعِ شتاتِها
وَلَكَم عَصَيتُ بِها العَذولَ وَلَم أُذِع / ما بانَ لِلأَعداءِ مِن عَوراتِها
حامَيتُ عَن أَعقابِها وَرَمَيتُ عَن / أَحسابِها وَسَهِرتُ في نَوباتِها
بَهراً لَها أَوَ ما دَرَت أَنّي الَّذي / يُدعى مَسَرَّتَها وَغَيظَ عِداتِها
كَم زبيَةٍ حَفَرَت لَها يَدُ كاشِحٍ / يَبغي لَها الأَسواءَ في غَفَلاتِها
ما زِلتُ أَهدِمُ جالَها حَتّى غَدَت / أَبحاثُها تَنهارُ في مَهوَاتِها
مَهلاً بَني اللُؤَماءِ ثُمَّ تَبيَّنوا / سَبّاقَها السامي إِلى غاياتِها
إِنَّ العِتاقَ مِنَ الجِيادِ هِيَ الَّتي / تَجري الأُصولُ بِها عَلى عِلّاتِها
لَيسَت كَوادِنها بِسَرجٍ مُذهَبٍ / تَجري وَلا بِحُجُولها وَشِيانها
قَومي سُراةُ رَبيعَةٍ وَمُلوكُها / وَإِذا نُسِبتُ وُجِدتُ مِن سَرَواتِها
الطاعِنينَ الخَيلَ في لَبّاتِها / وَالضارِبينَ الصِيدَ في هاماتِها
وَلَرُبَّ لاحٍ قالَ لي وَجُفونُهُ / سَكرى إِلى الآماقِ مِن عَبَرَاتِها
هَوِّن فَقَومُكَ يا عَلِيُّ حَياتُها / كَمَماتِها وَمَماتُها كَحَياتِها
لَو كانَ فيها مِن هُمامٍ ماجِدٍ / لَم تُسقَ مُرَّ الضَّيمِ مِن راحاتِها
سَلَبَتكَ ما خُوِّلتَهُ مِن نِعمَةٍ / وَرَماكَ مَن ناوَاكَ مِن مَرماتِها
مُذ وارتِ الغَبراءُ شَخصَ مُحمَّدٍ / رَحَلَ العُلا وَالمَجدُ مِن أَبياتِها
أَوَ ما تَراها كَيفَ نامَ عَدُوُّها / أَمناً وَما قد نالَ مِن خَيراتِها
وَتَرى أَقارِبَها وَأَهلَ وِدادِها / غَرَضَ البلا في صُبحِها وَبَياتِها
فَأَجَبتُ وَهوَ يَظُنُّ أَنَّ مَقالَتي / اليَومَ أَطويها عَلى بَلَلاتِها
لا تَعجلَن وَاِربَع عَلَيَّ فَإِنَّني / لَبّاسُ أَقوامٍ عَلى حالاتِها
أَهلُ التَمَلُّقِ باعَدَت ما بَينَنا / بِحُطامِها وَالزُورِ في خَلَواتِها
بِأَقَلِّ حَظٍّ غادَرَت أَرحامَنا / جَذّاءَ بادِيَةَ الضَنا لِشكاتِها
فَلأَرحَلَن عَنها رَحيلَ مُفارِقٍ / وَلَأَزجُرَنَّ النَّفسَ عَن لَفَتاتِها
لَكِنَّ لي بِالخَطِّ وَقفَةَ ساعَةٍ / بِمَحَلِّ سادَتِها وَدارِ حُماتِها
لِقَضاءِ عُذرٍ مِن مُلوكٍ لَحمُها / لَحمي وَأَخشى اللَّومَ إِن لَم آتِها
فَإِنِ اِلتَقَتني بِالعُقوقِ كَغَيرِها / فارَقتُها وَسَلِمتُ مِن لَوماتِها
وَالأَرضُ واسِعَةُ الفَضاءِ لِمَسلَكي / أَنّى اِتَّجَهتُ وَلَستُ مِن سَقطاتِها
وَرجايَ في فَضلِ النَدى اِبنِ مُحمَّدٍ / إِدراكُ ما في النَفسِ مِن حاجاتِها
السابِقِ القَومَ الكِرامَ إلى العُلى / سَبقَ المُبَرِّز في مَدى حَلباتِها
وَالواهِبِ الهَجَماتِ عَفواً وَاللُّها / في عامِها الأَحوى وَفي لَزباتِها
وَالمُكرِمِ الجاراتِ عَن شَرِّ الخَنا / إِن دَبَّتِ النّوكى إِلى جارَاتِها
وَالقائِدِ الجُردَ العِتاقَ إِلى الوَغى / يَخرُجنَ كَالعُقبانِ تَحتَ كماتِها
وَالطاعِنِ الفُرسانَ كُلَّ مَريشَةٍ / مَخلوجَةٍ وَالخَيلَ في لَبّاتِها
وَالخائِضِ الغَمَراتِ حَتّى يَنجَلي / بِحُسامِهِ ما ثارَ مِن هَبَواتِها
وَالسالِبِ المَلكَ المُعَظَّمَ تاجَهُ / وَمُذيقِهِ المَكرُوهَ مِن كاساتِها
وَالواصِلِ الرَّحِمَ الَّتي أَوصى بِها / ذُو العَرشِ في الآياتِ مِن سُوراتِها
يا اِبنَ الَّذي خَضَعت لَهُ وَتضاءلَت / شُوسُ الأُسودِ الغُلبُ في أَجماتِها
أَجرى نِزاراً كَيفَ شاءَ وَيَعرُباً / بِالكُرهِ مِن مُرّادِها وَعُتاتِها
ما حارَبَتهُ قَبيلَةٌ إِلّا غَدَت / أَحياؤُها وَفداً عَلى أَمواتِها
وَكَتيبَةٍ رَعناءَ يَخشاها الرَدى / أَبكى فَوارِسَها عَلى ساداتِها
يا سُوءَ حَظِّ بَني نِزارٍ بَعدَهُ / وَشَقاءَ حاضِرها وَشُؤمَ بُداتِها
مَن لِلمكارِمِ وَالصَوارِمِ وَالقَنا / وَالمُرمِلاتِ وَمَن لِفَكِّ عُناتِها
رَجَفَت لِمَهلَكِهِ البِلادُ وَزُلزِلَت / وَغَدا مناخُ الذُلِّ في حُجراتِها
إِن نَبكِ مَصرَعَهُ أَسىً فَلَقد بَكَت / جَزعاً عَلَيهِ الجِنُّ مِن سَتراتِها
وَيَحقُّ أَن يَبكي عَلَيهِ بِحُرقَةٍ / وَحشُ الفَلا وَالطَيرُ في ركُناتِها
كانَت بِهِ البَحرَينُ جَنَّة مَأرِبٍ / أَيّامَ بَهجَتِها وَطيب حَياتِها
حَتّى إِذا ما التُربُ وارى شَخصَهُ / أَبدَت يَدُ الأَيّامِ عَن سَوآتِها
تَبّاً لِدُنيا كُلَّما وَهَبَت ثَنَت / فَاِستَرجَعَت مِنّا نَفيسَ هِباتِها
يا فَضلُ يا مَن لا تَزالُ جِيادُهُ / وَطءُ الأُنوفِ الشُمِّ مِن عاداتِها
أَنتَ الَّذي ما زالَ سَيفُكَ في الوَغى / يُردي العِدا وَيَكُفُّ مِن جَهلاتِها
أَشبَهتَ والدَكَ الهُمامَ وَإِنَّما / عُرِفت بَنو الآسادِ مِن أَصواتِها
شَيَّدت دَولَةَ آلِ فَضلٍ بَعدَما / خَرَّت قَواعِدُها عَلى آلاتِها
عَلَتِ النُجومَ بُرُوجُها فَكَأَنّما / عَقَدت أَكاليلاً عَلى شُرُفاتِها
وَقَرَعتَ آنافَ العِدا فَتَقاصَرَت / أَطماعُها وَكَفَفتَ مِن سَطَواتِها
وَحَميتَ دارَ أَبيكَ مِنكَ بِهِمَّةٍ / الجودُ وَالإِقدامُ مِن هاماتِها
مِن بَعدِ ما جَمَعَت عَقيلٌ كَيدَها / بِالرَأيِ مِن عُقّالِها وَغُواتِها
وَدَعَت بِأَهلِ السِّيبِ فَاِبتَدأَت بِها / مِن شَطِّ دِجلتِها وَشَطِّ فُراتِها
تَتلو المُعَلّى حَيثُ سارَ وَإِنَّهُ / لَلفارِسُ الوَلّاجُ في غَمَراتِها
فَتَكَنَّفت أَهلُ القَطيفِ بِخَيلِها / وَرِماحِها وَقسِيِّها وَرُماتِها
فَصَبَرتَ صَبرَ الأَكرَمينَ وَلَم نَخِم / عَن زَحفِها يَوماً وَلا غاراتِها
تَتلو لِواءَكَ مِن رَبيعةَ عُصبَةٌ / تَخشى الأُسودُ الغُلبُ مِن صَولاتِها
بِأَكُفِّها بِيضٌ بِها ضَرَبَ العِدا / آباؤُها الماضونَ عَن أُمّاتِها
كَم جَدَّلَت بِحُدُودِها مِن مائِقٍ / مُتَمَرِّدٍ وَالخَيلُ في جَولاتِها
تَبكي قَواتِل مَن قَتَلنَ وَلَيسَ مِن / قَوَدٍ يُقادُ وَمَن لَها بِدِياتِها
نِعمَ الحُماةُ إِذا الكُماةُ تَسانَدَت / لِيَبينَ أَحماها عَلى راياتِها
تَرَكَت نِساءَ السِّيبِ تَبكي حَسرَةً / لِوُلاتها وَتُطيلُ مِن وَيلاتِها
إِيهاً عِمادَ الدينِ يَقظَةَ ماجِدٍ / فَذَوو مَكارِمِها وَذُو يَقظاتِها
أَوَ ما تَرى الرَّحِمَ المَضيمَةَ تَشتَكي / قَد ضاقَتِ الأَحشاءُ عَن زَفَراتِها
وَالماجِدُ الأَحسابِ بَرٌّ واصِلٌ / وَاللُّؤمُ في أَجلافِها وَجُفاتِها
وَأُعيذُ مَجدَكَ أَن يَقولوا باخِلٌ / وَأبوكَ مُحيي بالِياتِ رُفاتِها
فَذَرِ التَغافُلَ فَالتَغافُلُ كُلُّهُ / لُؤمٌ وَكُلُّ الجودِ في هَبّاتِها
وَاِعلَم بِأَنَّ اليَومَ آخِرُ وَقفَةٍ / وَالنَّفسُ تائِقَةٌ إِلى مَرقاتِها
وَحَوائِجُ المَوتى إِلى أَكفانِها / وَحوائِجُ الأَحيا إِلى أَقواتِها
وَالمَرءُ في الدُنيا حَديثٌ سائِرٌ / تَقضي الرِفاقُ بِهِ مَدى أَوقاتِها
فَاِختَر لِنَفسِكَ ما يُقالُ ضُحى غَدٍ / إِذ تُطلَبُ الأَخبارُ عِندَ رُواتِها
فَأَما وَأَعلامِ المُحصَّبِ مِن مِنىً / وَمواقِفِ الرُكبانِ في عَرَفاتِها
لَولا أَواصِرُنا وَبُعدُ حَمِيَّتي / لَتَعَرَّفَتني حِميَرٌ بِسَراتِها
وَأَقولُ إِنَّ الأُسدَ إِن هِيَ أُحرِجَت / خَرَجَت إِلى الأَصحارِ مِن غاباتِها
وَالغبنُ يُوطي الحُرَّ كُلَّ عَظِيمَةٍ / وَيُفتِّشُ الحُلماءِ عَن إِحناتِها