المجموع : 36
أَلا عَلِّلاني قَبلَ أَن يَأتِيَ المَوتُ
أَلا عَلِّلاني قَبلَ أَن يَأتِيَ المَوتُ / وَيُبنى لِجُثماني بِدارِ البِلى بَيتُ
أَلا عَلِّلاني كَم حَبيبٍ تَعَذَّرَت / مَوَدَّتُهُ عَن وَصلِهِ قَد تَسَلَّيتُ
أَلا عَلِّلاني لَيسَ سَعيِي بِمُدرَكٍ / وَلا بِوُقوفي بِالَّذي خُطَّ لي فَوتُ
فَأَهلَكَني ما أَهلَكَ الناسَ كُلَّهُم / صُروفُ المُنى وَالحِرصُ وَاللَوُّ وَاللَيتُ
أَلا رُبَّ دَسّاسٍ إِلى الكَيدِ حامِلٍ / ضِبابَ حُقودٍ قَد عَرَفتُ وَدارَيتُ
فَعادَ صَديقاً بَعدَما كانَ شائِناً / بَعيدَ الرِضى عَنّي فَصافى وَصافَيتُ
وَخِطَّةِ رِبحٍ في العُلى قَد أَجَبتُها / وَخِطَّةِ خَسفٍ ذاتِ بَخسٍ تَأَبَّيتُ
وَزادُ التُقى مِثلُ الرَفيقِ مُقَدَّماً / تَزَوَّدَ قَلبي سائِغاً لي وَأَسرَيتُ
فَلاقَيتُهُ في مَنزِلٍ قَد أُعِدَّ لي / مَحَلّاً كَريماً لا يَرومُ فَأَقرَيتُ
وَمِن عَجَبِ الأَيّامِ بَغيُ مَعاشِرٍ / غِضابٍ عَلى سَبقي إِذا أَنا جارَيتُ
لَهُم رَحِمٌ دُنياهُمُ يَعرِفونَها / إِذا أَنهَكوها بِالقَطيعَةِ أَبقَيتُ
يَصُدّونَ عَن شُكري وَتُهجَرُ سُنَّتي / عَلى قُربِ عَهدٍ مِثلَ ما يُهجَرُ البَيتُ
فَذَلِكَ دَأبُ البِرِّ مِنّي وَدَأبُهُم / إِذا قُتِلوا نُعمايَ بِالكُفرِ أَحيَيتُ
يُغيظُهُمُ فَضلي عَلَيهِم وَنَقصُهُم / كَأَنِّيَ قَسَّمتُ الحُظوظَ فَحابَيتُ
وَكَم كُرَبٍ أَخّاذَةٍ بِحُلوقِهِم / مُصَمِّمَةِ البَلوى كَشَفتُ وَجَلَّيتُ
عَرَفتُ زَماني بُؤسَهُ وَرَخائَهُ / وَلاقَيتُ مَكروهَ الخُطوبِ وَعانَيتُ
وَدَهرٍ مُؤاتٍ قَد مَلَكتُ نَعيمَهُ / وَأُعطيتُ مِن حَلواءِ عَيشٍ وَأَعطَيتُ
وَآخَرُ يُشجيني صَبَرتُ لِمَضِّهِ / وَكَم مِن شَجىً تَحتَ التَصَبُّرِ قاسَيتُ
وَخَصمٍ يَهُدُّ القَرمَ رَجعُ جَوابِهِ / مَلَأتُ لَهُ صاعَ الخِصامِ فَوَفَّيتُ
أُصافي بَني الشَحناءِ ما جَمجَموا بِها / لِبُقيا فَإِن أَغرَوا بِيَ الشَرَّ أَغرَيتُ
وَأَتبَعُ مِصباحَ اليَقينِ فَإِن بَدا / لِيَ الشَكُّ في شَيءٍ يُريبُ تَناهَيتُ
وَبَهماءَ دَيمومٍ كَسَوتُ قِفارَها / مَناسِمَ حُرجوجٍ وَبَهماءَ عَرَّيتُ
شَغَلتُ هُمومَ النَفسِ عَنّي بِرِحلَةٍ / فَأَصبَحتُ مِنها فَوقَ رَحلي وَأَمسَيتُ
وَماءِ خَلاءٍ قَد طَرَقتُ بِسُدفَةٍ / عَلَيهِ القَطا كَأَنَّ آجِنَهُ الزَيتُ
وَمَرقَبَةٍ مِثلِ السِنانِ عَلَوتُها / كَأَنّي لِأَردافِ الكَواكِبِ ناجَيتُ
وَأُمنِيَةٍ لَم أَمنَعِ النَفسَ رَومَها / بَلَغتُ وَأُخرى بَعدَها قَد تَمَنَّيتُ
وَحَربٍ عَوانٍ يُثقِلُ الأَرضَ حَملُها / وَيَلمَعُ في أَطرافِ أَرماحِها المَوتُ
شَهِدتُ بِصَبرٍ لا تُوَلّي جُنودُهُ / فَحاسَيتُ أَكواسَ المَنايا وَساقَيتُ
وَضَيفٍ رَمَتني لَيلَةٌ بِسَوادِهِ / فَحَيّاهُ بِشري قَبلَ زادي وَحَيَّيتُ
وَباتَ بِمُمسي لَيلَةٍ غابَ شَرُّها / وَقُمتُ فَأَطعَمتُ الثَناءَ وَأُسقيتُ
وَنُعمى تَضيقُ النَفسُ حينَ أَرُدُّها / شَكَرتُ عَلَيها ذا البَلادِ وَكافَيتُ
وَداءٍ مِنَ الأَعداءِ دَبَّت سُمومُهُ / وَأَعيا رِفاءَ الشَرِّ بِالسَيفِ داوَيتُ
وَعَزمٍ كَمَتنِ السَيفِ لي وَلِصاحِبي / فَما أَظهَرَتهُ بَوحَةٌ مُنذُ أَخفَيتُ
وَراحٍ كَلَونِ التِبرِ يَضحَكُ كَأسُها / صَبَحتُ بِها شَرباً كِراماً وَغادَيتُ
وَبَيضاءَ تُعطي العَينَ حُسناً وَنَضرَةً / شَغَلتُ بِها عَصرَ الشَبابِ وَأَفنَيتُ
سَمَوتُ لَها وَاللَيلُ قَد لاحَ نَجمُهُ / فَلاقَيتُ بَدراً في الدُجى حينَ لاقَيتُ
وَكُنتُ اِمرَأً مِنّي التَصابي الَّذي تَرى / فَقَد بَلَغَت مِنّي النُهى فَتَناهَيتُ
وَقُلتُ أَلا يا نَفسِ هَل بَعدَ شَيبَةٍ / نَذيرٌ فَما عُذري إِذا ما تَمادَيتُ
وَقَد أَبصَرَت عَيني المَنِيَّةَ تَنتَضي / سُيوفَ مَشيبي فَوقَ رَأسي وَأَشفَيتُ
فَخَلَّيتُ سُلطانَ التَصابي لِأَهلِهِ / وَأَدبَرتُ عَن شَأنِ الغَوِيِّ وَوَلَّيتُ
فَما أَنا لَولا الذِكرُ ما قَد عَلِمتُمُ / أَطَعتُ عَذولي بَعدَما كُنتُ عاصَيتُ
وَقالوا مَشيبُ الرَأسِ يَحدو إِلى الرَدى / فَقُلتُ أَراني قَد قَرُبتُ وَدانَيتُ
تَبَدَّلَ قَلبي ما تَبَدَّلَ مَفرِقي / بَياضُ تُقايَ قَد نَزَعتُ وَأَبقَيتُ
وَقَد طالَ ما أَترَعتُ كَأسي مِنَ الصِبا / زَماناً فَقَد عَطَّلتُ كَأسي وَأَفضَيتُ
يا غَزالَ الوادي بِنَفسي أَنتا
يا غَزالَ الوادي بِنَفسي أَنتا / لا كَما بِتُّ لَيلَةَ الهَجرِ بِتّا
لَم تَدَعني عَيناكَ أَنجو صَحيحاً / مِنكَ حَتّى حُسِبتُ فيمَن قَتَلتا
يَومَ يَشكو طَرفي إِلى طَرفِكَ الحُب / بُ فَأَوحى إِلَيهِ أَن قَد عَلِمتا
لَيتَ شِعري أَما قَضى اللَهُ أَن تَذ / كُرَ في الذاكِرينَ لي مِنكَ وَقتا
قُسِمَت في الهَوى البُخوتُ فَيا بَخ / تِيَ في حُبِّها عَدِمتُكَ بَختا
لا تَلُمني يا صاحِ في حُبِّ مَكتو / مَةِ نَفسي لَها الفِداءُ وَأَنتا
كُفَّ عَنّي فَقَد بُليتُ وَخَلّا / كَ بَلائي يا عاذِلي فَاِستَرَحتا
أَنتَ مِن حُبِّها مُعافىً وَلَو قا / سَيتَ مِن حُبِّها الهَوى لَعَذَرتا
فَجَزاكِ الإِلَهُ حَقَّكِ عَنّي / لَم يُخَفِّف عَنّي بَلائي وَزِدتا
هاكَ قَلبي قَطِّعهُ لَوماً فَإِن أَن / سَيتَهُ حُبَّها فَقَد أَحسَنتا
أَيُّها القَلبُ هَل تُطيقُ اِصطِباراً / طالَما قَد أَطلَقتَني فَصَبِرتا
إِنَّهُ مَن هَوَيتُهُ واسِعَ الحُب / بِ كَثيرَ القِلى كَما قَد عَرَفتا
فَاِجتَنِبهُ كَما تَعُزُّ عَلَيهِ / كُلَّما زادَ مِن لِقائِكَ هُنتا
أَوَما كُنتَ قَد نَزَعتَ عَنِ الغِي / يِ وَسافَرتَ في التُقى وَرَجَعتا
وَبِمَن قَد بُليتَ لَيتَكَ يا مِس / كينُ أَحبَبتَ واصِلاً طَو تَرَكتا
وَلَقَد بانَ أَنَّهُ لَكَ قالٍ / مُخلِفُ الوَعدِ خائِنٌ لَو عَقَلتا
أَبَداً مُنعِمٌ يُعَلِّقُ وَعداً / فَإِذا قُلتَ هاتِهِ قالَ حَتّى
طالَما كُنتَ حائِداً قَبلَ هَذا / عَن حِبالِ الهَوى فَكَيفَ وَقَعتا
ما أَرى في الهَوى لِإِبليسَ ذَنباً / إِنَّ عَيني قادَت وَأَنتَ اِتَّبَعتا
فَذُقِ الحُبَّ قَد نُهيتَ فَخالَف / تَ أَلَستَ الَّذي عَصيتَ أَلَستا
ظَبيَةٌ فَرَّغَت خَيالَكَ مِنها / لَم يَدُم عَهدُها كَما عَهِدتا
وَلَقَد مَتَّعتَكَ مِنها بِوَصلٍ / زَمَناً ماضِياً وَكانَت وَكُنتا
فَاِسلُ عَنها فَالآنَ وَقتُ التَسَلّي / قَطَعَت مِنكَ حَبلَها فَاِنبَتّا
ريمٌ يَتيهُ بِحُسنِ صورَتِهِ
ريمٌ يَتيهُ بِحُسنِ صورَتِهِ / عَبَثَ الفُتورُ بِلَحظِ مُقلَتِهِ
وَكَأَنَّ عَقرَبَ صُدغِهِ وَقَفَت / لَمّا دَنَت مِن نارِ وَجنَتِهِ
نَطَقَت مَناطِقُ خَصرِهِ بِصِفاتِهِ
نَطَقَت مَناطِقُ خَصرِهِ بِصِفاتِهِ / وَاِهتَزَّ غُصنُ البانِ مِن حَرَكاتِه
وَدُهيتُ مِن خَطِّ العِذارِ بِخَدِّهِ / في صَدِّهِ وَالمَوتُ في لَحَظاتِه
وَكَأَنَّ وَجنَتَهُ تُفَتِّحُ وَردَةً / خَجَلاً إِذا طالَبتَهُ بِعِداتِه
وَحَياةِ عاذِلَتي لَقَد صارَمتُهُ / وَكَذَبتُ بَل واصَلتُهُ وَحَياتِه
ما لِحَبيبي كَسلانَ في فِكَرٍ
ما لِحَبيبي كَسلانَ في فِكَرٍ / وَقَد جَفا حُسنَهُ وَزينَتَه
وَالصُدغُ قَد صَدَّ عَن مَحاسِنِهِ / كَصَولَجانٍ يَرُدُّ ضَربَتَه
تَرى هَلِ اِعتَلَّ مَن هَواهُ لَنا / وَجِسمُهُ رَبِّ فَاِشفِ عِلَّتَه
أَساخِطاً لا أُديمُ سُخطَتَه / أَو سائِلاً لا أَرُدُّ حاجَتَه
ما باتَ صَبٌّ بِمِثلِ ما بِتّا
ما باتَ صَبٌّ بِمِثلِ ما بِتّا / يا هَجرَ شَرٍّ لَو شِئتَ أَقسَرتا
رَوَّحتَ مِن حُبِّها مُنافِقُهُ / وَكُلَّما تُبتَ مِن هَوىً عُدتا
أُترُجَّةٌ قَد أَتَتكَ بِرّاً
أُترُجَّةٌ قَد أَتَتكَ بِرّاً / لا تَقبَلَنها إِذا بَرَرتا
لا تَقبَلَن بِرَّها فَإِنّي / وَجَدتُ مَقلوبَها هَجَرتا
كَذَبتَ يا مَن لَحاني في مَحَبَّتِهِ
كَذَبتَ يا مَن لَحاني في مَحَبَّتِهِ / ما صورَةُ البَدرِ إِلّا مِثلُ صورَتِهِ
يا رَبِّ إِن لَم يَكُن في وَصلِهِ طَمَعٌ / وَلَم يَكُن فَرَجٌ مِن طولِ هِجرَتِهِ
فَاِشفِ السِقامَ الَّذي في لَحظِ مُقلَتِهِ / وَاِستُر مَلاحَةَ خَدَّيهِ بِلِحيَتِهِ
يا مُقلَةً أُدنِفَت كَما دَنِفتُ
يا مُقلَةً أُدنِفَت كَما دَنِفتُ / مَرَّت بِنا سَنحَةً وَما وَقَفتُ
وَجَفنُها ساحِرٌ ليَّقتِلَني / فَتُبتُ مِن تَوبَتي الَّتي سَلَفتُ
رَثى لِعَينٍ يَقوى بِلَحظَتِها / كَيدٌ لِإِبليسَ كُلَّما ضَعُفتُ
وَلَستُ أَنسى في الخَدِّ ما صَنَعَت
وَلَستُ أَنسى في الخَدِّ ما صَنَعَت / نوناتُ أَصداغِهِ الَّتي عُطِفَت
صَوَّرَهُ اللَهُ صورَةً عَجَباً / إِن قيلَ كَالغُصنِ في النَقا أَنِفَت
أَيا عَينِ قَد أَشقَيتِني وَشَقيتِ
أَيا عَينِ قَد أَشقَيتِني وَشَقيتِ / أَحَقّاً رَأَيتِ المَوتَ ثُمَّ بَقيتِ
وَيا نَفسِ إِنَّ العُذرَ لا شَكَّ ساعَةٌ / تَعيشينَها بَعدَ الحَبيبِ فَموتي
وَشادِنٍ أَفسَدَ قَل
وَشادِنٍ أَفسَدَ قَل / بي بَعدَ حُسنِ تَوبَتِه
وَزارَني مِن قَبلِ إِع / لامي بِوَقتِ زَورَتِه
جاءَ بِجَيشِ الحُسنِ في / عَديدِهِ وَعُدَّتِه
العَيشُ وَالمَماتُ في / وِصالِهِ وَهِجرَتِه
وَقَوسُهُ وَسَهمُهُ / وَسَيفُهُ في لَحظَتِه
قُدّامَهُ سِهامُهُ / مَبثوثَةٌ مِن نَظرَتِه
وَعِلمُهُ مِن عَلَمٍ / أَشرَقَ فَوقَ طُرَّتِه
وَنونُ آذَريونِهِ / يَلوحُ في مَيمَنَتِه
وَخالُ حُسنٍ حَبَشِي / يُ اللَونِ في مَيسَرَتِه
وَالمَوتُ في ساقَيهِ قَد / يُمِرُّهُ في مِشيَتِه
فَلَم يَكُن لِلزُهدِ إِل / لا فِرَةٌ مِن سَطوَتِه
وَماتَتِ التَوبَةُ لَم / ما أَن بَدا مِن هَيبَتِه
وَجاءَ إِبليسُ يُهَن / ني نَظَري بِطَلعَتِه
وَقَد عَلِمتُ ما أَشُك / كُ أَنَّ ذا مِن بُغيَتِه
فَلَم يَزَل يُذكِرُني / رَبّي وَعَفوَ قُدرَتِه
وَقالَ لي ما قُلتَهُ / وَغَيرُهُ في رَحمَتِه
مَولايَ إِنَّ جُفونَ العَينِ قَد قَرِحَت
مَولايَ إِنَّ جُفونَ العَينِ قَد قَرِحَت / مِن دَمعَةٍ طالَما جادَت وَما سُفِحَت
فَاِنظُر بِعَينِ الرِضا مِنّي إِلى بَدَنٍ / ما فيهِ جارِحَةٌ إِلّا وَقَد جُرِحَت
يا اِبنَ الوَزيرِ وَالوَزيرُ أَنتا
يا اِبنَ الوَزيرِ وَالوَزيرُ أَنتا / لِذا رَجاؤُكَ فَكَيفَ كُنتا
أَغراكَ بِالجَريِ فَما وَقَفتا / وَلا إِلى غَيرِ العُلا اِلتَفَتّا
حَتّى بَلَغتَ الآنَ ما بَلَغتا / فَراحَ فينا سالِماً وَدُمتا
يا قَلبِ وَيحَكَ خُنتَني وَفَعَلتَها
يا قَلبِ وَيحَكَ خُنتَني وَفَعَلتَها / وَحَلَلتَ عُقدَةَ تَوبَتي وَنَقَضتَها
يا عَينِ مِنكِ بَلِيَّتي شاهَدتُها / هَلّا عَنِ الوَجهِ الجَميلِ سَتَرتَها
يا ثالِثَ الوُزَراءِ كَم مِن حَلقَةٍ / لِلكَربِ وَالأَحزانِ قَد فَرَّجتَها
وَخَفِيَّةٍ بِالفِكرِ قَد ناجَيتَها / وَعَواقِبٍ بِالرَأيِ قَد أَبصَرتَها
وَيَدٍ بِوَجهٍ مُطلَقٍ شَيَّعتَها / كَبَرَت عَلى عافيكَ وَاِستَصغَرتَها
فَنَسيتَها وَأَعَدتَها فَنَسيتَها / حَتّى مُدِحتَ بِذِكرِها فَذَكَرتَها
لَمّا أَمَرتَ بِها تَخَبَّهَ جَدُّها / بِالهَزلِ لِلراجينَ إِذ جَزَّلتَها
وَاِستَيقَظوا حَقّاً بِها وَكَأَنَّهُم / حَلَموا بِها في النَومِ لَمّا قُلتَها
وَلَرُبَّ مَعنى حِكمَةٍ أَفرَغتَهُ / في قالِبٍ مِن لَفظَةٍ أَوجَزتَها
وَوَزارَةٍ كانَت عَلَيكَ حَريصَةً / حَتّى أَتَتكَ فَم تَزِدكَ وَزِدتَها
مِثلِ العَروسِ تَزِفُّها لَكَ نَفسُها / جاءَتكَ مُسرِعَةً وَما أَمهَرتَها
صَدَّقتُ فيكَ فِراسَةً مِن والِدٍ / في المَهدِ ظَنَّ بِكَ الَّذي بُلِّغتَها
يا دَهرُ يا صاحِبَ الفَجيعاتِ
يا دَهرُ يا صاحِبَ الفَجيعاتِ / في كُلِّ يَومٍ تُسيءُ مَرّاتِ
يا دَهرُ إِنَّ القَومَ الأُلى شَحَطَت / بِهِم نَوىً أَكثَروا مُصيباتي
حَرَّمتُ مِن بَعدِهِم مَسيرَ يَدي / إِلى فَمي شارِباً بِكاساتِ
وَأَن أُرى ضاحِكاً إِلى أَحَدٍ / إِلّا بِقَلبٍ جَمِّ الكَآباتِ
ما زالَ صَرفُ الزَمانِ يَقسِمُنا / عَلى المَسَرّاتِ وَالمَساءاتِ
مالي إِذا قُلتُ قَد ظَفِرتُ بِإِخ / وانٍ أَرى فيهِمُ مَحَبّاتِ
شَتَّتَهُم حادِثٌ فَأَفرَدَني / مِنهُم وَكانَ مُشتاقَ لَحَظاتي
يا شَملَ قَلبِيَ لِلَّهوِ بَعدَهُمُ / حَتّى أَراهُم فَذاكَ ميقاتي
عَسى أُرَجّي رُجوعَ غايَتِهِم / فَكَيفَ لا كَيفَ بِأَمواتِ
قَد كُنتُ أَبكي أَهلَ المَوَدّاتِ / فَصِرتُ أَبكي أَهلَ المُروءاتِ
خُلِّفتُ في شَرِّ عُصبَةٍ خُلِقَت / أَثكَلَنيها رَبُّ السَماواتِ
كِلابُ حَيٍّ إِذا حَضَرتُ فَإِن / غِبتُ فُواقاً فَأُسدُ غاباتِ
إِن أودِعوا السِرَّ ضَيَّعوهُ وَلا / يُغضونَ طَرفاً عَنِ الجِناياتِ
وَإِن أَرَدتَ اِنتِهاكَ عِرضِكَ فَاِر / دُدهُمُ يُعذَروا لِحاجاتِ
يَلقَونَ ذا الفَقرِ بِالقُطوبِ وَذا ال / وَفرِ بِلَبَّيكَ وَالتَحِيّاتِ
فَهُم لَها لا لِدَفعِ نائِبَةٍ / يَومَ اِفتِقارٍ إِلى المَوَدّاتِ
كُلٌّ عَلى مَن يُريدُ نَفعَهُمُ / لَكِنَّهُم مِنهُ في جِناياتِ
مِن عَذيري مِن صاحِبٍ خادِعِ الوَع
مِن عَذيري مِن صاحِبٍ خادِعِ الوَع / دِ وَهَذا مِنَ الأَخِلّاءِ بَختي
أَبَداً ماشِياً وَيَسحَبُ ناباً / بِسِواكٍ كَمِضرَبِ البَردَستِ
تَضَمَّنتَ لِيَ الحاجَ
تَضَمَّنتَ لِيَ الحاجَ / ةَ مِن قَبلُ وَسارَعتا
وَقَد أَعطَيتَني عَهداً / فَوَثَّقتَ وَوَكَّدتا
وَقَرَّبتَ لِيَ الأَمرَ / بِإِطماعٍ وَقَصَّرتا
وَمَوَّتَّ لِيَ الجَدَّ / فَأَتقَنتَ وَأَحكَمتا
وَأَطلَعتُ لَكَ الوُدَّ / بِشَيءٍ فَتَغَضَّبتا
فَقُلتُ الحَظُّ في ذاكَ / وَتُبتُ فَأَنكَرتا
فَما ضَمَّكَ مِضمارٌ / إِلى الجَريِ فَوَقَّفتا
وَقَد كَلَّفَكَ الشَيءَ / وَقَد كُنتَ تَعَوَّدتا
وَما زِلتَ قَديماً فَ / رَساً فيهِ فَفَرزَنتا
فَأَنتَ الآنَ تَلقاني / بِلا شَيءٍ كَما كُنتا
فَإِن صادَفتَ مِنّي غَف / لَةً عَنكَ تَغافَلتا
وَفي الأَيّامِ إِن سُوّي / تَ زَوَّدتُ وَزَوَّدتا
وَقَد كُنتَ إِذا جاءَ / رَسولُ الشُربِ بَكَّرتا
فَقَد صِرتَ إِذا ما جِئ / تُ في الأَيّامِ حَجَّرتا
لَتَلقى عِندِيَ الجَمعَ / إِذا أَنتَ تَأَخَّرتا
فَلا أَسأَلُ عَمّا قي / لَ في الأَمرِ وَما قُلتا
وَإِن أَومَأتُ بِالشَيءِ / وَما يَخفى تَكاتَمتا
وَجَدَّدتَ إِلَيَّ اللَح / ظَ خَوفاً وَتَلَفَّتّا
فَإِن أَيقَنتَ بِالشُربِ / وَما يَحويهِ عَربَدتا
فَهَذا مِن خَطاياكَ / وَإِن شِئتَ لَأَحسَنتا
وَلَو شِئتَ لَقَد صِرتا / إِلى حَظٍّ وَقَصَّرتا
وَقَد كُنتَ تَحَرَّدتا / وَلَكِنَّكَ بَرزَنتا
كَأَنّي بِكَ قَد قُلتا / وَأَطنَبتَ وَأَكثَرتا
وَهَوَّنتَ وَعَظَّمتا / وَأَسرَفتَ وَأَفرَطتا
وَقَرَّبتَ وَبَعَّدتا / وَطَوَّلتَ وَعَرَّضتا
وَوَلَّيتَ وَأَقبَلتا / وَقَدَّمتَ وَأَخَّرتا
فَدَع عَقلَكَ في هَذا / فَبِالعَقلِ تَبَرَّعتا
أَخَفُّ مِن لا شَيءَ في سَجدَتِهِ
أَخَفُّ مِن لا شَيءَ في سَجدَتِهِ / كَأَنَّهُ يُلسَعُ في جَبهَتِه
وَشَيخُ سوءٍ ذاكَ عِلمي بِهِ / يَمري عَلى الإِخوانَ مِن نَكهَتِه
وَدَيدَبانٌ فَوقَ ساباطِهِ / وَالناسُ مُنغِضونَ عَن وَقفَتِه
تَسَدَّرَ التُفّاحُ في خَدِّهِ / وَنَوَّرَ السَوسَنُ في لِحيَتِه
وَقَد أَتانا بِبَراهينِهِ / وَما نَرى البُرهانَ في حُجَّتِه
وَوَرِثَ الهاضومَ عَن جَدِّهِ / وَعَن أَبيهِ فَهوَ في رُتبَتِه
ذاكَ دَواءٌ جَيِّدٌ نافِعٌ / يُصلِحُ ما يَشكوهُ مِن مِعدَتِه
ما بالُ فَرّوجَينِ قَد عُلِّقا
ما بالُ فَرّوجَينِ قَد عُلِّقا / تَعليقَ هاروتٍ وَماروتِ
عَساهُما في الفَجرِ قَد نَبَّها / مُصطَحِباً قَطُّ بِتَصويتِ