المجموع : 3
أمّا الشباب فربّما نادمته
أمّا الشباب فربّما نادمته / ريّان من حبّي و من عبراتي
صاحبته عشرين أذنب في الهوى / دلاّ و تغتفر الملاح هناتي
قصرت لياليه و كلّ قصيرة / في الطّيبات عريضة اللّذاّت
في ذمّة الحدق المراض عهوده / سكرى المنى قدسيّة النّفحات
أصبحت لا لعس الشفاه كعهدها / كأسي و لا حدق المها مرآتي
يا من يلحّ هواي في استعطافها / و تلحّ في ظلمي و في إعناتي
أنكرتني بعد الشباب و ما خبت / نار على شفتيك من قبلاتي
أيّام أرشف من لماك سلافتي / و أعلّ من آهاتك العطرات
و أمدّ أشراك الغواية و الهوى / لأثير فيك كوامن الشهوات
فتثور و هي عنيفة صخّابة / هوجاء بعد رويّة و أناة
هيهات يرجعها إلى اطمئنانها / إلاّ هوى شرس الشمائل عات
و حلفت ثغرك ما تقبّل رشفة / من عابديك أحبّ من رشفاتي
و نعم تنكّر لي الشباب و فاتني / ما فات من أيّامه النضرات
فتقبّلي ذكرى هواي بقيّة / منه ترفّ لماك في نغماتي
أحقّا ما روت عنك الرّواة
أحقّا ما روت عنك الرّواة / ترى أم في حديثهم هنات
و هل نبأ رواه البرق صدق / أم الأسلاك فيه كاذبات
غلبت الموت فيه و ذاك أمر / ستكبره القرون الآتيات
و هوّنت المنون لشاربيها / فلا ألم هناك و لا شكاة
سلكت صعابها ما فلّ حدّ / لعزمك لا و لا غمزت قناة
و أرخصت الحياة فيا لكنز / أزالته المقاديم الأباة
بسطت يديك بسطة أريحيّ / فكانت من عطاياك الحياة
و كنت هناك أجرأهم جنانا / إذا طاشت من القوم الحصاة
و أثبتهم لدى الجلّى فؤادا / إذا ما أعوز القوم الثبات
بلغت من العدى بالموت ما لم / تبلّغه السيوف المرهفات
لقد و قفوا لديك و هي حيارى / فراعهم سكونك و الأناة
رأوك تهشّ في وجه المنايا / و حولك في الحياة الطّيبات
و تبتسم للمنون و قد تسنّت / لو اخترت النجاة لك النجاة
و تقتبل الردى ظمأ و جوعا / ليذكو الغرس بعدك و النبات
فأكبرك العداة و ربّ حرّ / تغنّت في بطولته العداة
عصيت العاطفات فمتّ جوعا / و من بعض القيود العاطفات
و لم تبخل بنفسك و هي كنز / متى بخلت بأنفسها الكماة
لقد حرّرتعا فسمت صعودا / كما سمت النجوم النّيرات
علوت بها عن الأعراض حتّى / تساوى الموت عندك و الحياة
غضّ الشباب و أن تلن عذباته
غضّ الشباب و أن تلن عذباته / خلقت لإدراك المنى عزماته
الله أكبر للشباب صليبة / للغامزات من الخطوب قناته
الله أكبر للشباب جلاله / ملء العيون و حسنه وسماته
لا يجزع الوطن المدلّ بحقّه / الباسمون مع الشباب حماته
في ذمّة الفتيان رابة مجده / إنّ الشباب وفيّة ذمّاته
خلّوا الأناة و أسرعوا لمناكم / عار الشباب العبقريّ أناته
تاج الجزيرة و هي مهد جدودكم / نزل القضاء فنكّست راياته
يشكو و أنتم سامعون فماله / لا يستجاب و للشباب شكاته
إنّي لتبكيني الجزيرة . ما نوى / عنها العدوّ و لا ونت غاراته
و إذا الحزين بكى و لم يك شاعرا / فالشعر ما نطقت به عبراته
نفحات لبنان الأشمّ عليلة / و حمى الجزيرة عذبة نفحاته
تشتاق ناضرة الشام رماله / و تحبّ خضرة أرزكم فلواته
يشكو جراحته إلى أعدائه / اين الشفاء و جارحوه أساته
هيهات ينجح في القضيّة مدّع / و خصومه يوم الحساب قضاته
واضيعة الوطن الصغير . تعدّدت / أديانه و عروشه و لغاته
و لربّ مختال تناساه الرّدى / ووددت لو بكرت عليّ نعاته
صلّى لتفريق الشعوب فبغّضت / عندي الديانة والتقى صلواته
هذا أسيرك يا مذاهب ملّه / عضّ القيود ألم يئن إفلاته ؟
هيهات بعد اليوم يهدم مذهب / صرح العروبة و الشباب بناته
إنّي عبدت الله لا نيرانه / سرّ التقى عندي و لا جنّاته
و العقل دلّ عليه لا قرآنه / في آية الكبرى و لا توراته
الدين دين الحبّ فهو عقيدتي / و لو أنّه في الشرق قلّ دعاته
و الأفق أقرأه كتابا منزلا / نعم الكتاب نجوم آياته
بيت العروبة حين أسجد قبلتي / لا طوره قصدي و لا عرفاته
من بعض أسماء العروبة أرزه / يوم الفخار و نيله و فراته
كالروض ملتفّ الخمائل ناضرا / ما ضرّه لو نوّعت زهراته
حسبي إذا ذكر القريض و أهله / شعر شباب الغوطتين رواته
أنا جمرة الغمرات ملء جوانحي / همم الشباب تثيرها نزواته
سكروا و قد أنشدت غرّ قصائدي / فهي الرّحيق طهورة رشفاته
قالوا : الجديد فقلت : من أنصاره / قلم الحكيم وزقّه ودواته
فيه هنات لا أقول ذميمة / بعض الملاحة في الجمال هناته
وأرى القديم يحول حسناته / فتضيع بين ذنوبه حسناته
لا تتركوا المرأة غير صقيلة / الشعب روح شبابه مرآته