المجموع : 57
لِمَ لا نُبادِرُ ما نَراهُ يَفوتُ
لِمَ لا نُبادِرُ ما نَراهُ يَفوتُ / إِذ نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا سَنَموتُ
مَن لَم يُوالِ اللَهَ وَالرُسُلَ الَّتي / نَصَحَت لَهُ فَوَلِيُّهُ الطاغوتُ
عُلَماؤُنا مِنّا يَرونَ عَجائِباً / وَهُمُ عَلى ما يُبصِرونَ سُكوتُ
تَفنيهُمُ الدُنيا بِوَشكِ زَوالِها / فَجَميعُهُم بِغُرورِها مَبهوتُ
وَبِحَسبِ مَن يَسمو إِلى الشَهَواتِ ما / يَكفيهِ مِن شَهَواتِهِ وَيَقوتُ
يا بَرزَخَ المَوتى الَّذي نَزَلوا بِهِ / فَهُمُ رُقودٌ في ثَراهُ خُفوتُ
كَم فيكَ مِمَّن كانَ يوصَلُ حَبلُهُ / قَد صارَ بَعدُ وَحَبلُهُ مَبتوتُ
كَأَنَّني بِالدِيارِ قَد خَرِبَت
كَأَنَّني بِالدِيارِ قَد خَرِبَت / وَبِالدُموعِ الغِزارِ قَد سُكِبَت
فَضَحتِ لا بَل جَرَحتِ وَاِجتَحتِ يا / دُنيا رِجالاً عَلَيكِ قَد كَلِبَت
المَوتُ حَقٌّ وَالدارُ فانِيَةٌ / وَكُلُّ نَفسٍ تُجزى بِما كَسَبَت
يا لَكَ مِن جيفَةٍ مُعَفَّنَةٍ / أَيُّ اِمتِناعٍ لَها إِذا طُلِبَت
ظَلَّت عَلَيها الغُواةُ عاكِفَةً / وَما تُبالي الغُواةُ ما رَكِبَت
هِيَ الَّتي لَم تَزَل مُنَغَّصَةً / لا دَرَّ دَرُّ الدُنيا إِذا اِحتُلِبَت
وَالناسُ في غَفلَةٍ وَقَد حَلَّتِ ال / آجالُ في وَقتِها وَقَد قَرُبَت
ما كُلُّ ذي حاجَةٍ بِمُدرِكِها / كَم مِن يَدٍ لا تَنالُ ما طَلَبَت
في اناسِ مَن تَسهُلُ المَطالِبُ أَح / ياناً عَلَيهِ وَرُبَّما صَعُبَت
وَشِرَّةُ النَفسِ رُبَّما جَمَحَت / وَشَهوَةُ النَفسِ رُبَّما غَلَبَت
مَن لَم يَسَعهُ الكَفافُ مُقتَنِعاً / ضاقَت عَلَيهِ الدُنيا بِما رَحُبَت
وَبَينَما المَرءُ تَستَقيمُ لَهُ ال / دُنيا عَلى ما اِشتَهى إِذِ اِنقَلَبَت
ما كَذَّبَتني عَينٌ رَأَيتُ بِها ال / أَمواتَ وَالعَينُ رُبَّما كَذَبَت
وَأَيُّ عَيشٍ وَالعَيشُ مُنقَطِعٌ / وَأَيُّ طَعمٍ لِلَذَّةٍ ذَهَبَت
وَيحَ عُقولِ المُستَعصِمينَ بِدا / رِ الذُلِّ في أَيِّ مَنشَبٍ نَشِبَت
مَن يَبرِمُ الإِنتِقاضَ مِنها وَمَن / يُخمِدُ نيرانَها إِذا اِلتَهَبَت
وَمَن يُعَزّيهِ مِن مَصائِبِها / وَمَن يُقيلُ الدُنيا إِذا نَكَبَت
يا رُبَّ عَينٍ لِلشَرِّ جالِبَةٍ / فَتِلكَ عَينٌ تَشقى بِما جَلَبَت
نَسيتُ المَوتَ فيما قَد نَسيتُ
نَسيتُ المَوتَ فيما قَد نَسيتُ / كَأَنّي لا أَرى أَحَداً يَموتُ
أَلَيسَ المَوتُ غايَةَ كُلِّ حَيٍّ / فَما لي لا أُبادِرُ ما يَفوتُ
مَن يَعِش يَكبَر وَمَن يَكبَر يَمُت
مَن يَعِش يَكبَر وَمَن يَكبَر يَمُت / وَالمَنايا لا تُبالي ما أَتَت
كَم وَكَم قَد دَرَجَت مِن قَبلِنا / مِن قُرونٍ وَقُرونٍ قَد مَضَت
أَيُّها المَغرورُ ما هَذا الصِبا / لَو نَهَيتَ النَفسَ عَنهُ لَاِنتَهَت
أَنَسيتَ المَوتَ جَهلاً وَالبِلى / فَسَلَت نَفسُكَ عَنهُ وَلَهَت
نَحنُ في دارِ بَلاءٍ وَأَذىً / وَشَقاءٍ وَعَناءٍ وَعَنَت
مَنزِلٌ ما يَثبُتُ المَرءُ بِهِ / سالِماً إِلّا قَليلاً إِن ثَبَت
بَينَما الإِنسانُ في الدُنيا لَهُ / حَرَكاتٌ مُسرِعاتٌ إِذ خَفَت
أَبَتِ الدُنيا عَلى سُكّانِها / في البِلى وَالنَقصِ إِلّا ما أَتَت
إِنَّما الدُنيا مَتاعُ بُلغَةٍ / كَيفَما زَجَّيتَ في الدُنيا زَجَت
رَحِمَ اللَهُ امرَأً أَنصَفَ مِن / نَفسِهِ إِذ قالَ خَيراً أَو صَمَت
إِن كُنتَ تَطمَعُ في الحَياةِ فَهاتِ
إِن كُنتَ تَطمَعُ في الحَياةِ فَهاتِ / كَم مِن أَبٍ لَكَ صارَ في الأَمواتِ
ما أَقرَبَ الشَيءِ الجَديدَ مِنَ البِلى / يَوماً وَأَسرَعَ كُلَّ ما هُوَ آتِ
اللَيلُ يَعمَلُ وَالنَهارُ وَنَحنُ عَم / ما يَعمَلانِ بِأَغفَلِ الغَفلاتِ
يا ذا الَّذي اِتَّخَذَ الزَمانَ مَطِيَّةً / وَخُطا الزَمانِ كَثيرَةُ العَثَراتِ
ماذا تَقولُ وَلَيسَ عِندَكَ حُجَّةٌ / لَو قَد أَتاكَ مُنَغِّصُ اللَذّاتِ
أَو ما تَقولُ إِذا حَلَلتَ مَحَلَّةً / لَيسَ الثِقاتُ لَأَهلِها بِثِقاتِ
أَو ما تَقولُ إِذا حَلَلتَ مَحَلَّةً / لَيسَ الثِقاتُ لِأَهلِها بِثِقاتِ
أَو ما تَقولُ وَلَيسَ حُكمُكَ نافِذاً / فيما تُخَلِّفُهُ مِنَ التَرِكاتِ
ما مَن أَحَبَّ رِضاكَ عَنكَ بِخارِجٍ / حَتّى تَقَطَّعَ نَفسُهُ حَسَراتِ
زُرتَ القُبورَ قُبورَ أَهلَ المُلكِ في ال / دُنيا وَأَهلِ الرَتعِ في الشَهَواتِ
كانوا مُلوكَ مَآكِلٍ وَمَشارِبٍ / وَمَلابِسٍ وَرَوائِحٍ عَطِراتِ
فَإِذا بِأَجسادٍ عَرينَ مِنَ الكِسا / وَبِأَوجِهٍ في التُربِ مُنعَفِراتِ
لَم تُبقِ مِنها الأَرضُ غَيرَ جَماجِمٍ / بيضٍ تَلوحُ وَأَعظُمٍ نَخِراتِ
إِنَّ المَقابِرَ ما عَلِمتُ لِمَنظَرٌ / يُهدي الشَجا وَيُهَيِّجُ العَبَراتِ
سُبحانَ مَن قَهرَ العِبادَ بِقُدرَةٍ / باري السُكونِ وَناشِرِ الحَركاتِ
أَلَحَّت مُقيماتٌ عَلَينا مُلِحّاتُ
أَلَحَّت مُقيماتٌ عَلَينا مُلِحّاتُ / لَيالٍ وَأَيّامٌ بِنا مُستَحَثّاتُ
نَحِنُّ مِنَ الدُنيا إِلى كُلِّ لَذَّةٍ / وَلَكِنَّ آفاتِ الزَمانِ كَثيراتُ
وَكَم مِن مُلوكٍ شَيَّدوا وَتَحَصَّنوا / فَما سَبَقوا الأَيّامَ شَيئاً وَلا فاتوا
وَكَم مِن أُناسٍ قَد رَأَينا بِغِبطَةٍ / وَلَكِنَّهُم مِن بَعدِ غِبطَتِهِم ماتوا
لَقَد أَغفَلَ الأَحياءُ حَتّى كَأَنَّهُم / بِما أَغفَلوا مِن طاعَةِ اللَهِ أَمواتُ
أَلا رُبَّما غَرَّ ابنَ آدَمَ أَنَّهُ / لَهُ مُدَّةٌ تَخفى عَلَيهِ وَميقاتُ
وَكُلُّ بَني الدُنيا يُعَلِّلُ نَفسَهُ / بِمَرِّ شُهورٍ وَهيَ لِلعُمرِ آفاتُ
أَخي أَنَّ أَملاكاً تَوافَوا إِلى البِلى / وَكانَت لَهُم في مُدَّةِ العَيشِ آياتُ
أَلَم تَرَ إِذ رُصَّت عَلَيهِم جَنادِلٌ / لَهُم تَحتَها لُبثٌ طَويلٌ مُقيماتُ
دَعِ الشَرَ وَاِبغِ الخَيرَ في مُستَقَرِّهِ / فَلِلخَيرِ عاداتٌ وَلِلشَرِ عاداتُ
وَما لَكَ مِن دُنياكَ مالٌ تَعُدُّهُ / عَلى غَيرِ ما تُعيهِ مِنها وَتَقتاتُ
أُحِبُّ مِنَ الإِخوانِ كُلَّ مُؤاتِ
أُحِبُّ مِنَ الإِخوانِ كُلَّ مُؤاتِ / وَفِيٍّ يَغُضُّ الطَرفَ عَن عَثَراتي
يُوافِقُني في كُلِّ خَيرٍ أُريدُهُ / وَيَحفَظُني حَيّاً وَبَعدَ وَفاتي
وَمَن لي بِهَذا لَيتَ أَنّي أَصَبتُهُ / فَقاسَمتُهُ مالي مِنَ الحَسَناتِ
تَصَفَّحتُ إِخواني فَكانَ أَقَلُّهُم / عَلى كَثرَةِ الإِخوانِ أَهلَ ثِقاتِ
أَشرِب فُؤادَكَ بِغضَةَ اللَذّاتِ
أَشرِب فُؤادَكَ بِغضَةَ اللَذّاتِ / وَاِذكُر حُلولَ مَنازِلِ الأَمواتِ
لا تُلهِيَنَّكَ عَن مَعادِكَ لَذَّةٌ / تَفنى وَتورِثُ دائِمَ الحَسَراتِ
إِنَّ السَعيدَ غَداً زَهيدٌ قانِعٌ / عَبدَ الإِلَهِ بِأَحسَنِ الإِخباتِ
أَقِمِ الصَلاةَ لِوَقتِها بِطُهورِها / وَمِنَ الضَلالِ تَفاوُتُ الميقاتِ
وَإِذا اِتَّسَعتَ بِرِزقِ رَبِّكَ فَاِجعَلَن / مِنهُ الأَجَلَّ لِأَوجُهِ الصَدَقاتِ
في الأَقرَبينَ وَفي الأَباعِدِ تارَةً / إِنَّ الزَكاةَ قَرينَةُ الصَلَواتِ
وَاِرعَ الجِوارَ لِأَهلِهِ مُتَبَرِّعاً / بِقَضاءِ ما طَلَبوا مِنَ الحاجاتِ
وَاِخفِض جَناحَكَ إِن رُزِقتَ تَسَلُّطاً / وَاِرغَب بِنَفسِكَ عَن هَنٍ وَهَناتِ
كَأَنَّكَ في أُهَيلِكَ قَد أُتيتا
كَأَنَّكَ في أُهَيلِكَ قَد أُتيتا / وَفي الجيرانِ وَيحَكَ قَد نُعيتا
كَأَنَّكَ كُنتَ بَينَهُم غَريباً / بِكَأسِ المَوتِ صِرفاً قَد سَقيتا
أَصبَحتِ المَساكِنُ مِنكَ قَفراً / كَأَنَّكَ لَم تَكُن فيها غَنيتا
كَأَنَّكَ وَالحُتوفُ لَها سِهامٌ / مُفَوَّقَةٌ بِسَهمِكَ قَد رُميتا
وَإِنَّكَ إِذ خُلِقتَ خُلِقتَ فَرداً / إِلى أَجَلٍ تُجيبُ إِذا دُعيتا
إِلى أَجَلٍ تُعَدُّ لَكَ اللَيالي / إِذا وَفَّيتَ عِدَّتَها فَنيتا
وَكُلُّ فَتىً تُغافِصُهُ المَنايا / وَيُبليهِ الزَمانُ كَما بَليتا
فَكَم مِن موجَعٍ يَبكيكَ شَجواً / وَمَسرورِ الفُؤادِ بِما لَقيتا
الخَيرُ أَفضَلُ ما لَزِمتا
الخَيرُ أَفضَلُ ما لَزِمتا / وَالشَرُّ أَخبَثُ ما طَمِعتا
وَالناسُ ما سَلِموا عَلى ال / أَيّامِ مِنكَ وَقَد سَلِمتا
أَمّا الزَمانُ فَواعِظٌ / وَمُبَيَّنٌ لَكَ إِن فَهِمتا
وَكَفى بِعِلمِكَ بِالأُمو / رِ إِنِ انتَفَعتَ بِما عَلِمتا
أَنتَ المُهَذَّبُ إِن رَضي / تَ بِما رُزِقتَ وَما حُرِمتا
إِنَّ الأُلى طَلَبوا التُقى / يَتَيَقَّظونَ وَأَنتَ نِمتا
أَحسِن وَإِلّا لَم تُصِب / إِن أَنتَ لَم تُحسِن نَدِمتا
وَإِذا نَقِمتَ عَلى امرِئٍ / خُلُقاً فَجانِب ما نَقِمتا
وَارحَم لِرَبِّكَ خَلقَهُ / فَلَيَرحَمَنَّكَ إِن رَحِمتا
لا تَظلِمَنَّ تَكُن مِنَ ال / أَحزارِ وَاعفُ إِذا ظُلِمتا
وَإِنِ اتَّقَيتَ اللَهَ في / كُلِّ الأُمورِ فَقَد غَنِمتا
إِلى كَم إِذا ما غِبتُ تُرجى سَلامَتي
إِلى كَم إِذا ما غِبتُ تُرجى سَلامَتي / وَقَد قَعَدَت بي الحادِثاتُ وَقامَتِ
وَعُمِّمتُ مِن نَسجِ القَتيرِ عِمامَةً / رُقومُ البِلى مَرقومَةٌ في عِمامَتي
وَكُنتُ أَرى لي في الشَبابِ عَلامَةً / فَصِرتُ وَإِنّي مُنكِرٌ لِعَلامَتي
وَما هِيَ إِلّا أَوبَةٌ بَعدَ غَيبَةٍ / إِلى الغَيبَةِ القُصوى فَثَمَّ قِيامَتي
كَأَنّي بِنَفسي حَسرَةً وَنَدامَةً / تَقَطَّعُ إِذ لَم تُغنِ عَنّي نَدامَتي
مُنى النَفسِ مِمّا يوطِئُ المَرءَ عَشوَةً / إِذا النَفسُ جالَت حَولَهُنَّ وَحامَتِ
وَمَن أَوطَأَتهُ نَفسُهُ حاجَةً فَقَد / أَساءَت إِلَيهِ نَفسُهُ وَأَلامَتِ
أَما وَالَّذي نَفسي لَهُ لَو صَدَقتُها / لَرَدَّدتُ تَوبيخي لَها وَمَلامَتي
فَلِلَّهِ نَفسٌ أَوطَأَتني مِنَ العَشا / حُزوناً وَلَو قَوَّمتُها لَاستَقامَتِ
وَلِلَّهِ يَومٌ أَيُّ يَومِ فَظاعَةٍ / وَأَفظَعُ مِنهُ بَعدُ يَومُ قِيامَتي
وَلِلَّهِ أَهلي إِذ حَبَوني بِحُفرَةٍ / وَهُم بِهَواني يَطلُبونَ كَرامَتي
وَلِلَّهِ دُنيا لا تَزالُ تَرُدُّني / أَباطيلُها في الجَهلِ بَعدَ استِقامَتي
وَلِلَّهِ أَصحابُ المَلاعِبِ لَو صَفَت / لَهُم لَذَّةُ الدُنيا بِهِنَّ وَدامَتِ
وَلِلَّهِ عَينٌ أَيقَنَت أَنَّ جَنَّةً / وَناراً يَقينٌ صادِقٌ ثُمَّ نامَتِ
إيتِ القُبورَ فَنادِها أَصواتاً
إيتِ القُبورَ فَنادِها أَصواتاً / فَإِذا أَجَبنَ فَسائِلِ الأَمواتا
أَينَ المُلوكُ بَنو المُلوكِ فَكُلُّهُم / أَمسى وَأَصبَحَ في التُرابِ رُفاتا
كَم مِن أَبٍ وَأَبي أَبٍ لَكَ بَينَ أَط / باقِ الثَرى قَد قيلَ كانَ فَماتا
وَالدَهرُ يَومٌ أَنتَ فيهِ وَأَخَرٌ / تَرجوهُ أَو يَومٌ مَضى لَكَ فاتا
هَيهاتَ إِنَّكَ لِلخُلودِ لَمُرتَجٍ / هَيهاتَ مِمّا تَرتَجي هَيهاتا
ما أَسرَعَ الأَمرَ الَّذي هُوَ كائِنٌ / لا بُدَّ مِنهُ وَأَقرَبَ الميقاتا
أَلَيسَ قَريباً كُلُّ ما هُوَ آتِ
أَلَيسَ قَريباً كُلُّ ما هُوَ آتِ / فَما لي وَما لِلشَكِّ وَالشُبُهاتِ
أُنافِسُ في طيبِ الطَعامِ وَكُلُّهُ / سَواءٌ إِذا ما جاوَزَ اللَهَواتِ
وَأَسعى لِما فَوقَ الكَفافِ وَكُلَّما / تَرَفَّعتُ فيهِ ازدَدتُ في الحَسَراتِ
وَأَطمَعُ في المَحيا وَعَيشِيَ إِنَّما / مَسالِكُهُ مَوصولَةٌ بِمَماتِ
وَلِلمَوتِ داعٍ مُسمِعٌ غَيرَ أَنَّني / أَرى الناسَ عَن داعيهِ في غَفَلاتِ
فَلِلَّهِ عَقلي إِنَّ عَقلي لَناقِصٌ / وَلَو تَمَّ عَقلي لَاغتَنَمتُ حَياتي
وَلِلَّهِ نَفسي إِنَّها لَبَخيلَةٌ / عَلَيَّ بِما جادَت بِهِ لَأُلاتِ
جَمَعتَ مِنَ الدُنيا وَحُزتَ وَمُنّيتا
جَمَعتَ مِنَ الدُنيا وَحُزتَ وَمُنّيتا / وَما لَكَ إِلّا ما وَهَبتَ وَأَمضَيتا
وَما لَكَ مِمّا يَأكُلُ الناسُ غَيرُ ما / أَكَلتَ مِنَ المالِ الحَلالِ فَأَفنَيتا
وَما لَكَ إِلّا كُلُّ شَيءٍ جَعَلتَهُ / أَمامَكَ لا شَيءٌ لِغَيرِكَ بَقَّيتا
وَما لَكَ مِمّا يَلبَسُ الناسُ غَيرَ ما / كَسَوتَ وَإِلّا ما لَبِستَ فَأَبلَيتا
وَما أَنتَ إِلّا في مَتاعٍ وَبُلغَةٍ / كَأَنَّكَ قَد فارَقتَها وَتَخَلَّيتا
فَلا تَغبِطَنَّ الحَيَّ في طولِ عُمرِهِ / بِشَيءٍ تَرى إِلّا بِما تَغبِطُ المَيتا
أَلا أَيُّهَذا المُستَهينُ بِنَفسِهِ / أَراكَ وَقَد ضَيَّعتَها وَتَناسَيتا
إِذا ما غُبِنتَ الفَضلَ في الدينِ لَم تُبَل / وَإِن كانَ في الدُنيا قَطَبتَ وَبالَيتا
وَإِن كانَ شَيءٌ تَشتَهِهِ رَأَيتَهُ / وَإِن كانَ ما لا تَشتَهِهِ تَعامَيتا
لَهِجتَ بِأَنواعِ الأَباطيلِ غِرَّةً / وَأَدنَيتَ أَقواماً عَلَيها وَأَقصَيتا
وَجَمَّعتَ ما لا يَنبَغي لَكَ جَمعُهُ / وَقَصَّرتَ عَمّا يَنبَغي وَتَوانَيتا
وَصَغَّرتَ في الدُنيا مَساكِنَ أَهلِها / فَباهَيتَ فيها بِالبِناءِ وَعالَيتا
وَأَلقَيتَ جِلبابَ الحَيا عَنكَ ضِلَّةً / فَأَصبَحتَ مُختالاً فَخوراً وَأَمسَيتا
وَجاهَرتَ حَتّى لَم تَرِع عَن مُحَرَّمٍ / وَلَم تَقتَصِد فيما أَخَذتَ وَأَعطَيتا
وَنافَستَ في الأَموالِ مِن غَيرِ حِلِّها / وَأَسرَفتَ في إِنفاقِها وَتَعَدَّيتا
وَأَجلَيتَ عَنكَ الغُمضَ في كُلِّ حيلَةٍ / تَلَطَّفتَ في الدُنيا بِها وَتَأَنَّيتا
تَمَنّى المُنى حَتّى إِذاما بَلَغتَها / سَمَوتَ إِلى ما فَوقَها فَتَمَنَّيتا
أَيا صاحِبَ الأَبياتِ قَد نُجِّدَت لَهُ / سَتُبدَلُ مِنها عاجِلاً غَيرَها بَيتا
لَكَ الحَمدُ يا ذا المَنِّ شُكراً خَلَقتَنا / فَسَوَّيتَنا فيمَن خَلَقتَ وَسَوَّيتا
وَكَم مِن بَلايا نازِلاتٍ بِغَيرِنا / فَسَلَّمتَنا يا رَبِّ مِنها وَعافَيتا
أَيا رَبِّ مِنّا الضَعفُ إِن لَم تُقَوِّنا / عَلى شُكرِ ما أَبلَيتَ مِنكَ وَأَولَيتا
أَيا رَبِّ نَحنُ الفائِزونَ غَداً لَئِن / تَوَلَّيتَنا يا رَبِّ فيمَن تَوَلَّيتا
أَيا مَن هُوَ المَعروفُ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ / تَبارَكتَ يا مَن لا يُرى وَتَعالَيتا
تَمَسَّك بِالتُقى حَتّى تَموتا
تَمَسَّك بِالتُقى حَتّى تَموتا / وَلا تَدَعِ الكَلامَ أَوِ السُكوتا
وَقُل حَسَناً وَأَمسِك عَن قَبيحِ / وَلا تَنفَكَّ عَن سوءٍ صَموتا
لَكَ الدُنيا بِأَجمَعِها كَمالاً / إِذا عوفيتَ ثُمَّ أَصَبتَ قوتا
إِذا لَم تَحتَفِظ بِالشَيءِ يَوماً / فَلا تَأمَن عَلَيهِ أَن يَفوتا
يُعَلِّلُني الطَبيبُ إِلى قَضاءٍ / فَإِمّا أَن أُعافى أَو أَموتا
سَقى اللَهُ القُبورَ وَساكِنيها / مَحَلّاً أَصبَحوا فيها خُفوتا
كَأَنَّ المَنايا قَد قَرَعنَ صَفاتي
كَأَنَّ المَنايا قَد قَرَعنَ صَفاتي / وَقَوَّسنَني حَتّى قَصَفنَ قَناتي
وَباشَرتُ أَطباقَ الثَرى وَتَوَجَّهَت / بِنَعيِي إِلى مَن غِبتُ عَنهُ نُعاتي
فَيا عَجَباً مِن طولِ سَهوي وَغَفلَتي / وَما هُوَ آتٍ لا مَحالَةَ آتِ
حُتوفُ المَنايا قاصِداتٌ لِمَن تَرى / مُوافينَ بِالرَوحاتِ وَالغَدَواتِ
وَكَم مِن عَظيمٍ شَأنُهُ لَم تَكُن لَهُ / بِمُهجَتِهِ الأَيامُ مُنتَظِراتِ
رَأَيتُ ذَوي قُرباهُ تَحثي أَكُفُّهُم / عَلَيهِ تُرابَ الأَرضِ مُبتَدِراتِ
وَقامَت عَلَيهِ حُسَّرٌ مِن نِسائِهِ / يُنادينَ بِالوَيلاتِ مُحتَجِراتِ
إِذا أَنتَ لايَنتَ الَّتي خَشُنَت لانَت
إِذا أَنتَ لايَنتَ الَّتي خَشُنَت لانَت / وَإِن أَنتَ هَوَّنتَ الَّتي صَعُبَت هانَت
تَزينُ أُمورٌ أَو تَشينُ كَثيرَةٌ / أَلا رُبَّما شانَت أُمورٌ وَمازانَت
وَتَأتي وَتَمضي الحادِثاتُ سَريعَةً / وَكَم غَدَرَتني الحادِثاتُ وَكَم خانَت
وَلِلدينِ دَيّانٌ غَداً يَومَ فَصلِهِ / تُدانُ نُفوسُ الناسِ فيهِ بِما دانَت
أَما وَالَّذي يُحيى بِهِ وَيُماتُ
أَما وَالَّذي يُحيى بِهِ وَيُماتُ / لَقَلَّ فَتىً إِلّا لَهُ هَفَواتُ
وَما مِن فَتاً إِلّا سَيَبلى جَديدُهُ / وَتُفني الفَتى الرَوحاتُ وَالدَلَجاتُ
يَغُرُّ الفَتى تَحريكُهُ وَسُكونُهُ / وَلا بُدَّ يَوماً تَسكُنُ الحَرَكاتُ
وَمَن يَتَتَبَّع شَهوَةً بَعدَ شَهوَةٍ / مُلِحّاً تَقَسَّم عَقلَهُ الشَهَواتُ
وَمَن يَأمَنُ الدُنيا وَلَيسَ لِحُلوِها / وَلا مُرِّها فيما رَأَيتَ ثَباتُ
أَجابَت نُفوسٌ داعِيَ اللَهِ فَانقَضَت / وَأُخرى لِداعي المَوتِ مُنتَظِراتُ
وَما زالَتِ الإِيامُ بِالسُخطِ وَالرِضا / لَهُنَّ وَعيدٌ مَرَّةٌ وَعِداتُ
إِذا اِزدَدتَ مالاً قُلتَ مالي وَثَروَتي / وَمالَكَ إِلّا اللَهُ وَالحَسَناتُ
يا عَلِيَّ بنَ ثابِتٍ أَينَ أَنتا
يا عَلِيَّ بنَ ثابِتٍ أَينَ أَنتا / أَنتَ بينَ القُبورِ حَيثُ دُفِنتا
يا عَلِيَّ بنَ ثابِتٍ بانَ مِنّي / صاحِبٌ جَلَّ فَقدُهُ يَومَ بِنتا
يا شَريكي في الخَيرِ يَرحَمُكَ اللا / هُ فَنِعمَ الشَريكُ في الخَيرِ كُنتا
قَد لَعَمري حَكيتَ لي غُصَصَ المَو / تِ وَحَرَّكَتني لَها وَسَكَنتا
نَعَت نَفسَها الدُنيا إِلَينا فَأَسمَعَت
نَعَت نَفسَها الدُنيا إِلَينا فَأَسمَعَت / وَنادَت أَلا جَدَّ الرَحيلُ وَوَدَّعَت
عَلى الناسِ بِالتَسليمِ وَالبِرِّ وَالرِضا / فَما ضاقَتِ الحالاتُ حَتّى تَوَسَّعَت
وَكَم مِن مُنىً لِلنَفسِ قَد ظَفِرَت بِها / فَحَنَّت إِلى ما فَوقَها وَتَطَلَّعَت
سَلامٌ عَلى أَهلِ القُبورِ أَحِبَّتي / وَإِن خَلُقَت أَسبابُهُم وَتَقَطَّعَت
فَما مُوِّتَ الأَحياءُ إِلّا لِيُبعَثوا / وَإِلّا لِتُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما سَعَت