المجموع : 9
يا حاديَ الظعنِ إِن جُزتَ المواقيتا
يا حاديَ الظعنِ إِن جُزتَ المواقيتا / فحيّ مَن بِمنىً والخَيفِ حُيِّيتا
وَسَل بجمعٍ أَجمعُ الشَملِ مؤتَلِفٌ / أَم غالَه الدَهرُ تفريقاً وتَشتيتا
واِلثِم ثَرى ذَلِكَ الوادي وَحُطَّ بِهِ / عَن الرِحال تَنل يا سَعدُ ما شيتا
عَهدي به وَثَراهُ بالشذا عَبِقٌ / كالمِسكِ فتَّتهُ الداريُّ تَفتيتا
والدرُّ ما زالَ من حَصبائِهِ خجِلاً / كأَنَّ حصباءَه كانَت يواقيتا
يؤمُّه الوَفدُ من عُربٍ ومن عَجمٍ / وَيسبرونَ له البيدَ السَباريتا
يَطوونَ عَرضَ الفَيافي طولَ ليلهمُ / لا يَهتَدون بغيرِ النجم خرِّيتا
من كُلّش مُنخرقِ السِربال تحسَبُه / إذا تسربلَ بالظَلماءِ عِفريتا
لا يَطعَم الماءَ إلّا بلَّ غلَّتِه / ولا يَذوق سِوى سَدِّ الطَوى قوتا
يَفري جُيوبَ الفَلا في كُلِّ هاجِرَةٍ / يُماثِلُ الضَبُّ في رَمضائِها الحوتا
تَرى الحَصى جَمَراتٍ من تَلهُّبِها / كأَنَّما أوقِدَت في القَفر كبريتا
أَجابَ دَعوةَ داعٍ لا مَرَدَّ لَها / قَضى على الناس حَجَّ البَيت تَوقيتا
يَرجو النَجاةَ بِيَومٍ قد أَهابَ به / في مَوقِفٍ يَدَع المنطيقَ سِكِّيتا
فَسارَ وَالعَزمُ يَطويه وَينشرُهُ / يُنازِلُ البينَ تَصبيحاً وتَبييتا
حَتىّ أَناخَ عل أُمِّ القُرى سَحَراً / وَقَد نَضا الصُبحُ للظَلماءِ إِصليتا
فَقامَ يَقرَعُ بابَ العَفوِ مُبتَهِلاً / لَم يَخشَ غَيرَ عِتابِ اللَه تَبكيتا
وَطافَ بالبَيتِ سَبعاً واِنثَنى عَجِلاً / إِلى الصَفا حاذِراً لِلوَقتِ تَفويتا
وَراحَ مُلتَمِساً نيلَ المُنى بِمِنىً / وَلَم يَخَف حينَ حَلَّ الخَيفَ تَعنيتا
وَقامَ في عَرفاتٍ عارِفاً ودَعا / ربّاً عوارِفُهُ عمَّتهُ تَربيتا
وَعادَ منها مُفيضاً وَهو مُزدَلِفٌ / يَرجو من اللَهِ تَمكيناً وتَثبيتا
وَباتَ للجَمَراتِ الرُقش مُلتَقِطاً / كأَنَّه لاقِطٌ دُرّاً وَياقوتا
وَحين أَصبَحَ يَومَ النَحرِ قامَ ضُحىً / يوفي مناسِكَه رَمياً وتَسبيتا
وقرَّب الهَديَ تَهديهِ شَرائعُهُ / إِلى الهُدى ذاكِراً لِلَّه تَسميتا
وَملّأتهُ لَيالي الخَيفِ بَهجَتها / فحجَّ للدين والدُنيا مواقيتا
حَتّى إِذا كانَ يَومُ النَفر نفَّرَهُ / وَجدٌ ينكِّتُ في الأَحشاءِ تَنكيتا
ثُمَّ اِغتَدى قاضياً من حجِّه تَفَثاً / يَرجو لتزكيةِ الأَعمالِ تَزكيتا
وودَّع البيتَ يَرجو العَودَ ثانيَةً / وليتَه عنه طولَ الدَهرِ ما ليتا
وأَمَّ طيبةَ مَثوى الطَيِّبين وقد / ثَنى له الشَوقُ نَحو المُصطَفى ليتا
فَواصَلَ السَيرَ لا يَلوي على سَكَنٍ / أَزادَ حُبّاً له أَم زاد تَمقيتا
حتّى رأَى القبَّةَ الخَضراءَ حاكيةً / قَصراً من الفَلَك العُلويِّ مَنحوتا
فقبَّل الأَرضَ من أَعتابِ ساحَتِها / وَعفَّر الخدَّ تَعظيماً وتَشميتا
حيث النُبوَّةُ مَمدودٌ سُرادِقُها / وَالمَجدُ أَنبته الرَحمَنُ تَنبيتا
مَقامُ قُدسٍ يَحار الواصفونَ له / وَيَرجِعُ العقلُ عن عَلياه مَبهوتا
لَو فاخَرَته الطِباقُ السَبعُ لاِنتكسَت / وَعادَ كوكبُها الدُريُّ مَكبوتا
تَستَوقِفُ السَمعَ والأَبصارَ بهجَته / وَيَجمَعُ الفَضلَ مَشهوداً ومَنعوتا
يَقولُ زائرُهُ هاتِ الحَديثَ لنا / عن زَوره لا عَن الزوراء أَو هيتا
وصِف لنا نورَه لا نارَ عاديَةٍ / باتَت تُشبُّ على أَيدي مَصاليتا
مثوى أَجلِّ الوَرى قَدراً وأَرحَبِهم / صَدراً وأَرفعهم يَومَ الثَنا صيتا
نَبيُّ صِدقٍ هَدَت أَنوارُ غُرَّته / بَعد العَمى للهُدى من كانَ عِمِّيتا
وأَصبحت سُبُلُ الدين الحَنيفِ بِهِ / عَوامِراً بعدَ أَن كانَت أَماريتا
أَحيا به اللَه قَوماً قام سعدُهمُ / كَما أَماتَ به قَوماً طواغيتا
لَولاه ما خاطَبَ الرَحمنُ من بشرٍ / ولا أَبان لهم ديناً ولاهوتا
له يَدٌ لا نُرجّي غيرَ نائِلها / وَقاصدُ البحر لا يَرجو الهراميتا
فَلو حَوَت ما حوته السُحبُ مِن كَرَمٍ / لما سَمِعتَ بها للرعد تَصويتا
فَقُل لمن صَدَّه عنه غوايَتُه / لَو اِهتَدَيتَ إِلى سُبل الهُدى جيتا
ما رامَ حصرَ معانيه أَخو لسنٍ / إِلّا وأَصبح بادي العيّ صِمِّيتا
يا أَشرَفَ الرُسلِ والأَملاكِ قاطبةً / ومن به شَرَّف اللَهُ النواسيتا
سَمعاً لدعوة ناءٍ عنك مُكتئِبٍ / فَكَم أَغثتَ كئيباً حينَ نوديتا
يَرجوكَ في الدينِ والدُنيا لمقصدِهِ / حاشا لِراجيكَ من يأسٍ وحوشيتا
أَضحى أَسيراً بأَرضِ الهِند مُغتَرِباً / لَم يَرجُ مخلصَه إلّا إذا شيتا
فنَجِّني يا فدتكَ النَفسُ من بَلَدٍ / أَضحت لِقاحُ العُلى فيهِ مَقاليتا
وَقَد خَدَمتُك من شِعري بِقافيَةٍ / نَبَّتُّ فيها بديعَ القَولِ تَنبيتا
وزانَها الفِكرُ من سِحر البيان بما / أَعيا ببابلَ هاروتاً وماروتا
جلَّت بمدحِكَ عن مِثلٍ يُقاسُ بها / ومن يَقيسُ بنَشر المسكِ حِلتيتا
عَلَيكَ مِن صَلوات اللَه أَشرَفُها / وآلك الغُرِّ ما حُيّوا وحُيّيتا
خطرَت في شَمائِلٍ ونُعوتِ
خطرَت في شَمائِلٍ ونُعوتِ / نَفتِ العَقلَ في مَحلِّ الثُبوتِ
وَتَجَلَّت تَميسُ في ثَوب حُسنٍ / حيكَ بالكبرياءِ والجَبَروتِ
شاهدَ العَقلُ من وَميضِ سَناها / ما سَباهُ فظلَّ كالمَبهوتِ
وَرآها قَد أَرخصَت كلَّ غالٍ / فَتَغالى في حُسنها المَنعوتِ
رامَ ذو النُطق أَن يَفوهَ بِقَولٍ / فاِنثنى لم يَسَعه غير السكوتِ
إن تيمَّمتَ سَمتها فتجنَّب / يا أَخا العَزم عَن جَميع السموتِ
وإذا ما دَنوتَ قُربَ حِماها / فاِخلع النَعلَ خاضِعاً بقُنوتِ
واِحفظِ القَلبَ أَن يَبوحَ بسرٍّ / واِنتظِرها لوَقتِها المَوقوتِ
وإذا أَصفَتِ الهَوى وأَدارَت / في صفا الدرِّ ذائبَ الياقوتِ
فاِغتبِقها ولا تمِل لِسِواها / فهي تُغني المحبَّ عن كُلِّ قوتِ
لَو تَجَلّى منها على الكون كأسٌ / أَسكرَت كلَّ ناطِقٍ وَصَموتِ
ولَعمري لَولا سَناها بِلَيلٍ / ما اِهتَدى مُدلجٌ إِلى الحانوتِ
يا سُروري بها وقد وَلِهَ القل / بُ فأَلهت بِسِرِّها اللاهوتي
آنسَت وحشةَ الفؤادِ وجلَّت / عنه بالنور ظُلمَةَ الناسوتِ
قد رآها الكَليمُ نورَ هُداهُ / ثُمَّ كانَت سَكينَةَ التابوتِ
أَمَّ طالوتُ حانَها فحبَتهُ / مُلكَ قَوم طالوا على طالوتِ
واِحتَساها داودُ صِرفاً فأَضحى / ظافِراً في الوَغى على جالوتِ
وأَضَلَّت عقولَ قَومٍ فَقالوا / هيَ سِحرٌ يُعزى إلى هاروتِ
وَطَغى من طَغى بِجَهلٍ عليها / فهدَتهُ للجِبتِ والطاغوتِ
وَنَفَته عَن مَشهد القُربِ منها / فَنَفاها بِعَقلهِ المَسبوتِ
زادَتِ العالِمَ الوَقورَ ثَباتاً / واِستخفَّت بالجاهِل المَمقوتِ
كيفَ يَخفى عن العيون سَناها / وهوَ بادٍ في المُلك والمَلَكوتِ
قل لِنَفسٍ قد نازَعَتكَ إِليها / إِن تَرومي بها الحَياةَ فَموتي
مَعاطِفٌ أَم رماحٌ سمهريّات
مَعاطِفٌ أَم رماحٌ سمهريّات / وَأَعينٌ أَم مواضٍ مشرفيّاتُ
سَل عَن دَمي عندما تَلقاك مُسفرة / تُخبِركَ عنه الخدودَ العَندِميّاتُ
يا قاتلَ اللَه ألحاظاً سفكنَ دَمي / هَل كانَ عِندي لَها في الحُبِّ ثاراتُ
ما بَلبلَ القَلبَ من وَجدٍ ومن وَلَهٍ / هوايَ لَولا العيونُ البابليّاتُ
وَما أُبرّئُ نَفسي إِنَّها حَكمَت / بالحبِّ فاِحتكَمَت فيها الصَباباتُ
وَلَيسَ بِدعاً فكم بالعِشق قد بليت / قَبلي نفوسٌ عن البَلوى أَبيّاتُ
يا عاذِلي في الهوى أَسرَفتَ في عَذلي / وكانَ يَكفيكَ لو تُجدي إِشاراتُ
كَيفَ السلوُّ وأَشواقي مضاعفةٌ / وَبين حُبّي وَسُلواني مُنافاةُ
هَيهاتَ قَلبي عَصاني في محبَّتهم / لَمّا غَدا وَلَهُ في الحُبِّ طاعاتُ
وَما ربوعُ الهوى يَوماً بدراسَةٍ / وَقَد وَفَت لي الحسانُ العامريّاتُ
لي من سُعادَ سَعاداتٌ أَفوزُ بها / يوم اللِقاء ومن لُبنى لُباناتُ
وَفي غَراميَ سرٌّ لا أَبوحُ به / وَللمحبّينَ أَسرارٌ خَفيّاتُ
لا أنكرنَّ الهوى مِن بعدما تُليَت / عليَّ من سوَر الأَحباب آياتُ
فخذ صَحيحَ الهوى عَنّي ومُسنَدَهُ / فَكَم بإِسنادِه عنّي رِواياتُ
ومن يُناظِرُني فيه وقد نُشِرَت / عَلى مَفارقِ لَهوي منه راياتُ
واِستفرَغَتهُ صَباباتي فما بقيَت / بَعدي لأَهل الهوى إلّا صباباتُ
أَنالَت مُنى قَلبي المُنى حين غَنَّتِ
أَنالَت مُنى قَلبي المُنى حين غَنَّتِ / فَلَم أَدرِ هَل غنَّتهُ أَم هي غنَّتِ
وَشاقَت فُؤادي لِلحجاز وأَهلِه / عشيَّة غَنَّت بالحجاز وَرَنَّتِ
وَجُنَّ بها العُشّاقُ لَمّا شدَت به / وأَبدَت من الأَشجان ما قد أَجنَّتِ
وَسارَت رِكابُ القوم تُرملُ عندما / شدَت رَمَلاً حتّى إِلى الرَملِ حَنَّتِ
وإِن غَنَّت الرَكبيَّ وَالركب سائِرٌ / غدا حائراً ما كدَّرَته وَثَنَّتِ
وَكَم من مَقامٍ قَد تَعالى مَقامُه / بأَلحانها لما به قد تَغَنَّتِ
لَقَد ذَهبَت أَنفسُ العاشقين
لَقَد ذَهبَت أَنفسُ العاشقين / عَلى نار وَجنَتِه حَسراتِ
وَلا غروَ إِن أَصبَحَت تُشتَهى / فَقَد حُفَّت النارُ بالشَهواتِ
أَلا إِنَّما الياقوتُ أَحسَنُ جَوهرٍ
أَلا إِنَّما الياقوتُ أَحسَنُ جَوهرٍ / وَأَحسن منه في البَريّاتِ ياقوتُ
على أَنَّه قوتُ القلوب بأَسرِها / أَلَم تَرَ كُلَّ الخَلقِ يَدعوهُ ياقوتُ
بك في ملَّة الغَرام اِقتديتُ
بك في ملَّة الغَرام اِقتديتُ / أَتُراني إلى سواكَ اِنتميتُ
وَهَواكُ الَّذي عليه اِنطويتُ / لك طَرفي حمىً وَقَلبي بيتُ
فيهما عهدك القَديم خَبيتُ /
تحسبُ القَلبَ عنك مال وملّا / وَصحا بعد سُكره وتخلّى
لا وَعينيكَ لَستُ مِمَّن تسلّى / ومن السُكر ما صحوتُ وكلّا
كَيفَ أَصحو ومِن هواك اِنتشيتُ /
ما كَتمتُ الهوى وَفرطَ الهُيام / بك إلّا وزادَ حرُّ أوامي
وإذا فهتُ للوَرى بغَرامي / بسطَ العاذلون فيك مَلامي
وَبساطَ القبول عنهم طويتُ /
زعم اللائمُ الَّذي قد تعنّى / أَنَّني قد سَلوتُ وهماً وظنّا
وَفؤادي أَدرى بما قد أَجنّا / كَيفَ يَنوي السلوَّ عنك المُعنى
يا مُنى القلب وهو في الحَيِّ مَيتُ /
قَد أَطالَ الفراقُ والبين أَسري / وَقَضى لي عنكَ البعادُ بهجرِ
وَهَداني للصَبرِ من ليس يَدري / وَضلالٌ عن مثل حسنكَ صَبري
فَلِقَلبي الهَنا بأَنّي اِهتديتُ /
هامَ قَلبي عَلى حماك ولُبّي / وَغدا العَقلُ في هَواكَ يُلبّي
رمتُ قرباً فمذ خطيت بقرب / بك يا كعبةَ الوفا طافَ قَلبي
وَبدا بارقُ الصَفا فَسَعيتُ /
أَشجيتني وا مطوَّق أَشجيت
أَشجيتني وا مطوَّق أَشجيت / لمّا تغنَّيت
غنَّيت لكن لِقَلبي عَنَّيت / وَما تعنَّيت
وَللجوى في حشايَ أَوريت / وزدتَ أَغريت
أَذكرتَني من بحبِّه أَمسيت / حَيّاً حكى الميت
مهفهفُ القدّ سامي الجيد / رَبعي به جيد
في عشقه كَم وَكَم أَسدٌ صيد / وذلَّت الصيد
وَكَم متيَّم طوى لَهُ البيد / ما أَخذلَه بيد
لكنّي في هَواهُ أَبدَيت / ما كنت أَخفيت
باللَه يا سارياً بالأظعان / إِن جزتَ بالبان
فَقِف قَليلاً بتلك الكثبان / وقل لمن بان
يا مزرياً بالمها والغزلان / وأَغصنُ البان
نسيتَ يا فاتني من أَضنيت / جسمَه وأَفنيت
أَضرمتَ نارَ الهوى في صدري / وَلستَ تَدري
وَخانَني في تجافيكَ صبري / وَطالَ هجري
وَطابَ لي في وثاقك أَسري / وَذاعَ سرّي
وَفي صَميم الحشا قد حلَّيت / وأَخذت لَك بَيت
مَتى تَراني أَرى مُحيّاك / بقرب مَحيّاك
وأَنتشق يا مناي رَيّاك / وأَرتَشِف حُميّاك
فَقُل فديتُك للصَبِّ حَيّاك / ربّي وَبيّاك
اليوم طابَ اللِقا إِذ أَوليت / فهيتَ لَك هَيت
يَهلكُ المالُ بالعَطاءِ وَيَحيا
يَهلكُ المالُ بالعَطاءِ وَيَحيا / ميتُ فضلٍ فاِعجَب لمحيٍ مُميتِ