المجموع : 31
هَنيئاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما
هَنيئاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما / نَجاتُكَ لِلدينِ الحَنيفِ نَجاةُ
هَنيئاً لِطَهَ وَالكِتابِ وَأُمَّةٍ / بَقاؤُكَ إِبقاءٌ لَها وَحَياةُ
أَخَذتَ عَلى الأَقدارِ عَهداً وَمَوثِقاً / فَلَستَ الَّذي تَرقى إِلَيهِ أَذاةُ
وَمَن يَكُ في بُردِ النَبِيِّ وَثَوبِهِ / تَجُزهُ إِلى أَعدائِهِ الرَمَياتُ
يَكادُ يَسيرُ البَيتُ شُكراً لِرَبِّهِ / إِلَيكَ وَيَسعى هاتِفاً عَرَفاتُ
وَتَستَوهِبُ الصَفحَ المَساجِدُ خُشَّعاً / وَتَبسُطُ راحَ التَوبَةِ الجُمُعاتُ
وَتَستَغفِرُ الأَرضُ الخَصيبُ وَما جَنَت / وَلَكِن سَقاها قاتِلونَ جُناةُ
وَتُثني مِنَ الجَرحى عَلَيكَ جِراحُهُم / وَتَأتي مِنَ القَتلى لَكَ الدَعَواتُ
ضَحِكتَ مِنَ الأَهوالِ ثُمَّ بَكَيتَهُم / بِدَمعٍ جَرَت في إِثرِهِ الرَحَماتُ
تُثابُ بِغاليهِ وَتُجزى بِطُهرِهِ / إِلى البَعثِ أَشلاءٌ لَهُم وَرُفاتُ
وَما كُنتَ تُحييهِم فَكِلهُم لِرَبِّهِم / فَما ماتَ قَومٌ في سَبيلِكَ ماتوا
رَمَتهُم بِسَهمِ الغَدرِ عِندَ صَلاتِهِم / عِصابَةُ شَرٍّ لِلصَلاةِ عُداةُ
تَبَرَّأَ عيسى مِنهُمُ وَصِحابِهِ / أَأَتباعُ عيسى ذي الحَنانِ جُفاةُ
يُعادونَ ديناً لا يُعادونَ دَولَةً / لَقَد كَذِبَت دَعوى لَهُم وَشُكاةُ
وَلا خَيرَ في الدُنيا وَلا في حُقوقِها / إِذا قيلَ طُلّابُ الحُقوقِ بُغاةُ
بِأَيِّ فُؤادٍ تَلتَقي الهَولَ ثابِتاً / وَما لِقُلوبِ العالَمينَ ثَباتُ
إِذا زُلزِلَت مِن حَولِكَ الأَرضُ رادَها / وَقارُكَ حَتّى تَسكُنَ الجَنَباتُ
وَإِن خَرَجَت نارٌ فَكانَت جَهَنَّماً / تُغَذّى بِأَجسادِ الوَرى وَتُقاتُ
وَتَرتَجُّ مِنها لُجَّةٌ وَمَدينَةٌ / وَتَصلى نَواحٍ حَرَّها وَجِهاتُ
تَمَشَّيتَ في بُردِ الخَليلِ فَخُضتَها / سَلاماً وَبُرداً حَولَكَ الغَمَراتُ
وَسِرتَ وَمِلءُ الأَرضِ أَدرُعٌ / وَدِرعُكَ قَلبٌ خاشِعٌ وَصَلاةُ
ضَحوكاً وَأَصنافُ المَنايا عَوابِسٌ / وَقوراً وَأَنواعُ الحُتوفِ طُغاةُ
يَحوطُكَ إِن خانَ الحُماةَ اِنتِباهُهُم / مَلائِكُ مِن عِندِ الإِلَهِ حُماةُ
تُشيرُ بِوَجهٍ أَحمَدِيٍّ مُنَوِّرٍ / عُيونُ البَرايا فيهِ مُنحَسِراتُ
يُحَيِّ الرَعايا وَالقَضاءُ مُهَلِّلٌ / يُحَييهِ وَالأَقدارُ مُعتَذِراتُ
نَجاتُكَ نُعمى لِلإِلَهِ سَنِيَّةٌ / لَها فيكَ شُكرٌ واجِبٌ وَزَكاةُ
فَصَيِّر أَميرَ المُؤمِنينَ ثَناءَها / مَآثِرَ تُحيِ الأَرضَ وَهيَ مَواتُ
إِذا لَم يَفُتنا مِن وُجودِكَ فائِتٌ / فَلَيسَ لِآمالِ النُفوسِ فَواتُ
بَلَوناكَ يَقظانَ الصَوارِمِ وَالقَنا / إِذا ضَيَّعَ الصيدَ المُلوكَ سُباتُ
سَهِرتَ وَلَذَّ النَومُ وَهوَ مَنِيَّةٌ / رَعايا تَوَلّاها الهَوى وَرُعاةُ
فَلَولاكَ مُلكُ المُسلِمينَ مُضَيَّعٌ / وَلَولاكَ شَملُ المُسلِمينَ شَتاتُ
لَقَد ذَهَبَت راياتُهُم غَيرَ رايَةٍ / لَها النَصرُ وَسمٌ وَالفُتوحُ شِياتُ
تَظَلُّ عَلى الأَيّامِ غَرّاءَ حُرَّةً / مُحَجَّلَةً في ظِلِّها الغَزَواتُ
حَنيفِيَّةٌ قَد عَزَّها وَأَعَزَّها / ثَلاثونَ مَلكاً فاتِحونَ غُزاةُ
حَماها وَأَسماها عَلى الدَهرِ مِنهُمُ / مُلوكٌ عَلى أَملاكِهِ سَرَواتُ
غَمائِمُ في مَحلِ السِنينِ هَواطِلٌ / مَصابيحُ في لَيلِ الشُكوكِ هُداةُ
تَهادَت سَلاماً في ذَراكَ مَطيفَةً / لَها رَغَباتُ الخَلقِ وَالرَهَباتُ
تَموتُ سِباعُ الجَوِّ غَرثى حِيالَها / وَتَحيا نُفوسُ الخَلقِ وَالمُهَجاتِ
سَنَنتَ اِعتِدالَ الدَهرِ في أَمرِ أَهلِهِ / فَباتَ رَضِيّاً في دَراكَ وَباتوا
فَأَنتَ غَمامٌ وَالزَمانُ خَميلَةٌ / وَأَنتَ سِنانٌ وَالزَمانُ قَناةُ
وَأَنتَ مِلاكُ السِلمِ إِن مادَ رُكنُهُ / وَأَشفَقَ قُوّامٌ عَلَيهِ ثُقاتُ
أَكانَ لِهَذا الأَمرِ غَيرُكَ صالِحٌ / وَقَد هَوَّنَتهُ عِندَكَ السَنَواتُ
وَمَن يَسُسِ الدُنيا ثَلاثينَ حِجَّةً / تُعِنهُ عَلَيها حِكمَةٌ وَأَناةُ
مَلَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ اِبنَ هانِئٍ / بِفَضلٍ لَهُ الأَلبابُ مُمتَلَكاتُ
وَمازِلتُ حَسّانَ المَقامِ وَلَم تَزَل / تَليني وَتَسري مِنكَ لي النَفَحاتُ
زَهِدتُ الَّذي في راحَتَيكَ وَشاقَني / جَوائِزُ عِندَ اللَهِ مُبتَغَياتُ
وَمَن كانَ مِثلي أَحمَدَ الوَقتِ لَم تَجُز / عَلَيهِ وَلَو مِن مِثلِكَ الصَدَقاتُ
وَلي دُرَرُ الأَخلاقِ في المَدحِ وَالهَوى / وَلِلمُتَنَبّي دُرَّةٌ وَحَصاةُ
نَجَت أُمَّةٌ لَمّا نَجَوتَ وَدورِكَت / بِلادٌ وَطالَت لِلسَريرِ حَياةُ
وَصينَ جَلالُ المُلكِ وَاِمتَدَّ عِزُّهُ / وَدامَ عَلَيهِ الحُسنُ وَالحَسَناتُ
وَأُمِّنَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها / يَتامى عَلى أَقواتِهِم وَعُفاةُ
سَلامِيَ عَن هَذا المَقامِ مُقَصِّرٌ / عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ وَالبَرَكاتُ
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ
إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ / عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ في عَرَفاتِ
وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِراً / وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَماتِ
عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ / تَزُفُّ تَحايا اللَهِ وَالبَرَكاتِ
إِذا حُدِيَت عيسُ المُلوكِ فَإِنَّهُم / لِعيسِكَ في البَيداءِ خَيرُ حُداةِ
لَدى البابِ جِبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ / رَسائِلُ رَحمانِيَّةُ النَفَحاتِ
وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّبٌ / بِكَعبَةِ قُصّادٍ وَرُكنِ عُفاةِ
وَما سَكَبَ الميزابُ ماءً وَإِنَّما / أَفاضَ عَلَيكَ الأَجرَ وَالرَحَماتِ
وَزَمزَمُ تَجري بَينَ عَينَيكَ أَعيُناً / مِنَ الكَوثَرِ المَعسولِ مُنفَجِراتِ
وَيَرمونَ إِبليسَ الرَجيمَ فَيَصطَلي / وَشانيكَ نيراناً مِنَ الجَمَراتِ
يُحَيّيكَ طَهَ في مَضاجِعِ طُهرِهِ / وَيَعلَمُ ما عالَجتَ مِن عَقَباتِ
وَيُثني عَلَيكَ الراشِدونَ بِصالِحٍ / وَرُبَّ ثَناءٍ مِن لِسانِ رُفاتِ
لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم / لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ
أَرى الناسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ / إِلَيكَ اِنتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ / لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ
عَنَت لَكَ في التُربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ / يَدينُ لَها العاتي مِنَ الجَبَهاتِ
مُنَوِّرَةٌ كَالبَدرِ شَمّاءُ كَالسُها / وَتُخفَضُ في حَقٍّ وَعِندَ صَلاةِ
وَيا رَبِّ لَو سَخَّرتَ ناقَةَ صالِحٍ / لِعَبدِكَ ما كانَت مِنَ السَلِساتِ
وَيا رَبِّ هَل سَيّارَةٌ أَو مَطارَةٌ / فَيَدنو بَعيدُ البيدِ وَالفَلَواتِ
وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ / وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ
وَتَشهَدُ ما آذَيتُ نَفساً وَلَم أَضِر / وَلَم أَبغِ في جَهري وَلا خَطَراتي
وَلا غَلَبَتني شِقوَةٌ أَو سَعادَةٌ / عَلى حِكمَةٍ آتَيتَني وَأَناةِ
وَلا جالَ إِلّا الخَيرُ بَينَ سَرائِري / لَدى سُدَّةٍ خَيرِيَّةِ الرَغَباتِ
وَلا بِتُّ إِلّا كَاِبنِ مَريَمَ مُشفِقاً / عَلى حُسَّدي مُستَغفِراً لِعِداتي
وَلا حُمِّلَت نَفسٌ هَوىً لِبِلادِها / كَنَفسِيَ في فِعلي وَفي نَفَثاتي
وَإِنّي وَلا مَنٌّ عَلَيكَ بِطاعَةٍ / أُجِلُّ وَأُغلي في الفُروضِ زَكاتي
أُبلَغُ فيها وَهيَ عَدلٌ وَرَحمَةٌ / وَيَترُكُها النُسّاكُ في الخَلَواتِ
وَأَنتَ وَلِيُّ العَفوِ فَاِمحُ بِناصِعٍ / مِنَ الصَفحِ ما سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي
وَمَن تَضحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَرِر / يَمُت كَقَتيلِ الغيدِ بِالبَسَماتِ
وَرَكِبَ كَإِقبالِ الزَمانِ مُحَجَّلٍ / كَريمِ الحَواشي كابِرِ الخُطُواتِ
يَسيرُ بِأَرضٍ أَخرَجَت خَيرَ أُمَّةٍ / وَتَحتَ سَماءِ الوَحيِ وَالسُوَراتِ
يُفيضُ عَلَيها اليُمنَ في غَدَواتِهِ / وَيُضفي عَلَيها الأَمنَ في الرَوَحاتِ
إِذا زُرتَ يا مَولايَ قَبرَ مُحَمَّدٍ / وَقَبَّلتَ مَثوى الأَعظَمِ العَطِراتِ
وَفاضَت مَعَ الدَمعِ العُيونُ مَهابَةً / لِأَحمَدَ بَينَ السِترِ وَالحُجُراتِ
وَأَشرَقَ نورٌ تَحتَ كُلِّ ثَنِيَّةٍ / وَضاعَ أَريجٌ تَحتَ كُلِّ حَصاةِ
لِمُظهِرِ دينِ اللَهِ فَوقَ تَنوفَةٍ / وَباني صُروحِ المَجدِ فَوقَ فَلاةِ
فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ / أَبُثُّكَ ما تَدري مِنَ الحَسَراتِ
شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها / كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ
بِأَيمانِهِم نورانِ ذِكرٌ وَسُنَّةٌ / فَما بالُهُم في حالِكِ الظُلُماتِ
وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِم وَفَخارِهِم / فَما ضَرَّهُم لَو يَعمَلونَ لِآتي
وَهَذا زَمانٌ أَرضُهُ وَسَماؤُهُ / مَجالٌ لِمِقدامٍ كَبيرِ حَياةِ
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَئوا / بَوارِجَ في الأَبراجِ مُمتَنِعاتِ
فَقُل رَبِّ وَفِّق لِلعَظائِمِ أُمَّتي / وَزَيِّن لَها الأَفعالَ وَالعَزَماتِ
قُم حَيِّ هَذي النَيِّراتِ
قُم حَيِّ هَذي النَيِّراتِ / حَيِّ الحِسانَ الخَيِّراتِ
وَاِخفِض جَبينَكَ هَيبَةً / لِلخُرَّدِ المُتَخَفِّراتِ
زَينِ المَقاصِرِ وَالحِجا / لِ وَزَينِ مِحرابِ الصَلاةِ
هَذا مَقامُ الأُمَّها / تِ فَهَل قَدَرتَ الأُمَّهاتِ
لا تَلغُ فيهِ وَلا تَقُل / غَيرَ الفَواصِلِ مُحكَماتِ
وَإِذا خَطَبتَ فَلا تَكُن / خَطباً عَلى مِصرَ الفَتاةِ
اُذكُر لَها اليابانَ لا / أُمَمَ الهَوى المُتَهَتِّكاتِ
ماذا لَقيتَ مِنَ الحَضا / رَةِ يا أُخَيَّ التُرَّهاتِ
لَم تَلقَ غَيرَ الرِقِّ مِن / عُسرٍ عَلى الشَرقِيِّ عاتِ
خُذ بِالكِتابِ وَبِالحَدي / ثِ وَسيرَةِ السَلَفِ الثِقاةِ
وَاِرجِع إِلى سِنِّ الخَلي / قَةِ وَاِتَّبِع نُظمَ الحَياةِ
هَذا رَسولُ اللَهِ لَم / يُنقِص حُقوقَ المُؤمِناتِ
العِلمُ كانَ شَريعَةً / لِنِسائِهِ المُتَفَقِّهاتِ
رُضنَ التِجارَةَ وَالسِيا / سَةَ وَالشُؤونَ الأُخرَياتِ
وَلَقَد عَلَت بِبَناتِهِ / لُجَجُ العُلومِ الزاخِراتِ
كانَت سُكَينَةُ تَملَأُ الدُن / يا وَتَهزَأُ بِالرُواةِ
رَوَتِ الحَديثُ وَفَسَّرَت / آيَ الكِتابِ البَيِّناتِ
وَحَضارَةُ الإِسلامِ تَن / طِقُ عَن مَكانِ المُسلِماتِ
بَغدادُ دارُ العالِما / تِ وَمَنزِلُ المُتَأَدِّباتِ
وَدِمَشقُ تَحتَ أُمَيَّةٍ / أُمُّ الجَواري النابِغاتِ
وَرِياضُ أَندَلُسٍ نَمَي / نَ الهاتِفاتِ الشاعِراتِ
أُدعُ الرِجالَ لِيَنظُروا / كَيفَ اِتِّحادُ الغانِياتِ
وَالنَفعَ كَيفَ أَخَذنَ في / أَسبابِهِ مُتَعاوِناتِ
لَمّا رَأَينَ نَدى الرِجا / لِ تَفاخُراً أَو حَبَّ ذاتِ
وَرَأَينَ عِندَهُمُ الصَنا / ئِعَ وَالفُنونَ مُضَيَّعاتِ
وَالبِرَّ عِندَ الأَغنِيا / ءِ مِنَ الشُؤونِ المُهمَلاتِ
أَقبَلنَ يَبنينَ المَنا / ئِرَ لِلنَجاحِ مُوَفَّقاتِ
لِلصالِحاتِ عَقائِلِ ال / وادي هَوىً في الصالِحاتِ
اللَهُ أَنبَتَهُنَّ في / طاعاتِهِ خَيرَ النَباتِ
فَأَتَينَ أَطيَبَ ما أَتى / زَهَرُ المَناقِبِ وَالصِفاتِ
لَم يَكفِ أَن أَحسَنَّ حَت / تى زِدنَ حَضَّ المُحصَناتِ
يَمشينَ في سوقِ الثَوا / بِ مُساوِماتٍ رابِحاتِ
يَلبَسنَ ذُلَّ السائِلا / تِ وَما ذَكَرنَ البائِساتِ
فَوُجوهُهُنَّ وَماؤُها / سِترٌ عَلى المُتَجَمِّلاتِ
مِصرٌ تُجَدِّدُ مَجدَها / بِنِسائِها المُتَجَدِّداتِ
النافِراتُ مِنَ الجُمو / دِ كَأَنَّهُ شَبَحُ المَماتِ
هَل بَينَهُنَّ جَوامِداً / فَرقٌ وَبَينَ المومِياتِ
لَمّا حَضَنَّ لَنا القَضِي / يَةَ كُنَّ خَيرَ الحاضِناتِ
غَذَّينَها في مَهدِها / بِلِبانِهِنَّ الطاهِراتِ
وَسَبَقنَ فيها المُعلَمي / نَ إِلى الكَريهَةِ مُعلَماتِ
يَنفُثنَ في الفِتيانِ مِن / روحِ الشَجاعَةِ وَالثَباتِ
يَهوَينَ تَقبيلَ المُهَن / نَدِ أَو مُعانَقَةَ القَناةِ
وَيَرَينَ حَتّى في الكَرى / قُبَلَ الرِجالِ مُحَرَّماتِ
لا وَالقَوامُ الَّذي وَالأَعيُنِ اللاتي
لا وَالقَوامُ الَّذي وَالأَعيُنِ اللاتي / ما خُنتُ رَبَّ القَنا وَالمَشرَفِيّاتِ
وَلا سَلَوتُ وَلَم أَهمُم وَلا خَطَرَت / بِالبالِ سَلواكِ في ماضٍ وَلا آتِ
وَخاتَمُ المُلكِ لِلحاجاتِ مُطَّلَبٌ / وَثَغرُكِ المُتَمَنّى كُلُّ حاجاتي
السِحرُ مِن سودِ العُيونِ لَقيتُهُ
السِحرُ مِن سودِ العُيونِ لَقيتُهُ / وَالبابِلِيُّ بِلَحظِهِنَّ سُقيتُهُ
الفاتِراتِ وَما فَتَرنَ رِمايَةً / بِمُسَدَّدٍ بَينَ الضُلوعِ مَبيتُهُ
الناعِساتِ الموقِظاتِ لِلهَوى / المُغرِياتِ بِهِ وَكُنتُ سَليتُهُ
القاتِلاتِ بِعابِثٍ في جَفنِهِ / ثَمِلُ الغِرارِ مُعَربَدٌ إِصليتُهُ
الشارِعاتِ الهُدبَ أَمثالَ القَنا / يُحيِ الطَعينَ بِنَظرَةٍ وَيُميتُهُ
الناسِجاتِ عَلى سَواءِ سُطورِهِ / سَقَماً عَلى مُنوالِهِنَّ كُسيتُهُ
وَأَغَنَّ أَكحَلَ مِن مَها بِكَفَّية / عَلِقَت مَحاجِرُهُ دَمي وَعَلِقتُهُ
لُبنانُ دارَتُهُ وَفيهِ كِناسُهُ / بَينَ القَنا الخَطّارِ خُطَّ نَحَيتُهُ
السَلسَبيلُ مِنَ الجَداوِلِ وَردُهُ / وَالآسُ مِن خُضرِ الخَمائِلِ قوتُهُ
إِن قُلتُ تِمثالَ الجَمالِ مُنَصَّباً / قالَ الجَمالُ بِراحَتَيَّ مَثَلتُهُ
دَخَلَ الكَنيسَةَ فَاِرتَقَبتُ فَلَم يُطِل / فَأَتَيتُ دونَ طَريقِهِ فَزَحَمتُهُ
فَاِزوَرَّ غَضباناً وَأَعرَضَ نافِراً / حالٌ مِنَ الغيدِ المِلاحِ عَرَفتُهُ
فَصَرَفتُ تِلعابي إِلى أَترابِهِ / وَزَعَمتُهُنَّ لُبانَتي فَأَغَرتُهُ
فَمَشى إِلَيَّ وَلَيسَ جُؤذَرٍ / وَقَعَت عَلَيهِ حَبائِلي فَقَنَصتُهُ
قَد جاءَ مِن سِحرِ الجُفونِ فَصادَني / وَأَتَيتُ مِن سِحرِ البَيانِ فَصدتُهُ
لَمّا ظَفَرتُ بِهِ عَلى حَرَمِ الهُدى / لِاِبنِ البَتولِ وَلِلصَلاةِ وَهبتُهُ
قالَت تَرى نَجمَ البَيانِ فَقُلتُ بَل / أُفقُ البَيانِ بِأَرضِكُم يَمَّمتُهُ
بلغ السُها بِشُموسِهِ وَبُدورِهِ / لُبنانُ وَاِنتَظَمَ المَشارِقَ صيتُهُ
مِن كُلِّ عالي القَدرِ مِن أَعلامِهِ / تَتَهَلَّلُ الفُصحى إِذا سُمّيتُهُ
حامي الحَقيقَةِ لا القَديمَ يَؤودُهُ / حِفظاً وَلا طَلَبُ الجَديدِ يَفوتُهُ
وَعَلى المَشيدِ الفَخمِ مِن آثارِهِ / خُلقٌ يُبينُ جَلالُهُ وَثُبوتُهُ
في كُلِّ رابِيَةٍ وَكُلِّ قَرارَةٍ / تِبرُ القَرائِحِ في التُرابِ لَمَحتُهُ
أَقبَلتُ أَبكي العِلمَ حَولَ رُسومِهِم / ثُمَّ اِنثَنَيتُ إِلى البَيانِ بَكَيتُهُ
لُبنانُ وَالخُلدُ اِختِراعُ اللَهِ لَم / يوسَمَ بِأَزيَنَ مِنهُما مَلَكوتُهُ
هُوَ ذِروَةٌ في الحُسنِ غَيرُ مَرومَةٍ / وَذَرا البَراعَةِ وَالحِجى بَيروتُهُ
مَلِكُ الهِضابِ الشُمِّ سُلطانُ الرُبى / هامُ السَحابِ عُروشُهُ وَتُخوتُهُ
سيناءُ شاطَرَهُ الجَلالَ فَلا يُرى / إِلّا لَهُ سُبُحاتُهُ وَسُموتُهُ
وَالأَبلَقُ الفَردُ اِنتَهَت أَوصافُهُ / في السُؤدُدِ العالي لَهُ وَنُعوتُهُ
جَبَلٌ عَن آذارَ يُزرى صَيفُهُ / وَشِتائُهُ يَئِدِ القُرى جَبَروتُهُ
أَبهى مِنَ الوَشِيِ الكَريمِ مِروجُهُ / وَأَلَذُّ مِن عَطَلِ النُحورِ مُروتُهُ
يَغشى رَوابيهِ عَلى كافورِها / مِسكُ الوِهادِ فَتيقُهُ وَفَتيتُهُ
وَكَأَنَّ أَيّامَ الشَبابِ رُبوعُهُ / وَكَأَنَّ أَحلامَ الكِعابِ بُيوتُهُ
وَكَأَنَّ رَيعانَ الصِبا رَيحانُهُ / سِرَّ السُرورِ يَجودُهُ وَيَقوتُهُ
وَكَأَنَّ أَثداءَ النَواهِدِ تينُهُ / وَكَأَنَّ أَقراطَ الوَلائِدِ توتُهُ
وَكَأَنَّ هَمسَ القاعِ في أُذُنِ الصَفا / صَوتُ العِتابِ ظُهورُهُ وَخُفوتُهُ
وَكَأَنَّ ماءَهُما وَجَرسَ لُجَينِهِ / وَضحُ العَروسِ تَبينُهُ وَتُصيتُهُ
زُعَماءُ لُبنانٍ وَأَهلَ نَدِيِّهِ / لُبنانُ في ناديكُمو عَظَمتُهُ
قَد زادَني إِقبالُكُم وَقُبولُكُم / شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي أُولٍيتُهُ
تاجُ النِيابَةِ في رَفيعِ رُؤوسِكُم / لَم يُشرَ لُؤلُؤُهُ وَلا ياقوتُهُ
موسى عَدُوُّ الرِقِّ حَولَ لِوائِكُم / لا الظُلمُ يُرهِبُهُ وَلا طاغوتُهُ
أَنتُم وَصاحِبُكُم إِذا أَصبَحتُموا / كَالشَهرِ أَكمَلَ عُدَّةً مَوقوتُهُ
هُوَ غُرَّةُ الأَيّامِ فيهِ وَكُلُّكُم / آحادُهُ في فَضلِها وَسُبوتُهُ
خُلِقنا لِلحَياةِ وَلِلمَماتِ
خُلِقنا لِلحَياةِ وَلِلمَماتِ / وَمِن هَذَينِ كُلُّ الحادِثاتِ
وَمَن يولَد يَعِش وَيَمُت كَأَن لَم / يَمُرَّ خَيالُهُ بِالكائِناتِ
وَمَهدُ المَرءِ في أَيدي الرَواقي / كَنَعشِ المَرءِ بَينَ النائِحاتِ
وَما سَلِمَ الوَليدُ مِنِ اِشتِكاءٍ / فَهَل يَخلو المُعَمَّرُ مِن أَذاةِ
هِيَ الدُنيا قِتالٌ نَحنُ فيهِ / مَقاصِدُ لِلحُسامِ وَلِلقَناةِ
وَكُلُّ الناسِ مَدفوعٌ إِلَيهِ / كَما دُفِعَ الجَبانُ إِلى الثَباتِ
نُرَوَّعُ ما نُرَوَّعُ ثُمَّ نُرمى / بِسَهمٍ مِن يَدِ المَقدورِ آتي
صَلاةُ اللَهِ يا تِمزارُ تَجزي / ثَراكِ عَنِ التِلاوَةِ وَالصَلاةِ
وَعَن تِسعينَ عاماً كُنتِ فيها / مِثلَ المُحسِناتِ الفُضلَياتِ
بَرَرتِ المُؤمِناتِ فَقالَ كُلُّ / لَعَلَّكِ أَنتِ أُمُّ المؤمِناتِ
وَكانَت في الفَضائِلِ باقِياتٌ / وَأَنتِ اليَومَ كُلُّ الباقِياتِ
تَبَنّاكِ المُلوكُ وَكُنتِ مِنهُم / بِمَنزِلَةِ البَنينِ أَوِ البَناتِ
يُظِلّونَ المَناقِبَ مِنكِ شَتّى / وَيُؤوُنَ التُقى وَالصالِحاتِ
وَما مَلَكوكِ في سوقٍ وَلَكِن / لَدى ظِلِّ القَنا وَالمُرهَفاتِ
عَنَنتِ لَهُم بِمورَةَ بِنتَ عَشرٍ / وَسَيفُ المَوتِ في هامِ الكُماةِ
فَكُنتِ لَهُم وَلِلرَحمَنِ صَيداً / وَواسِطَةً لِعِقدِ المُسلِماتِ
تَبِعتِ مُحَمَّداً مِن بَعدِ عيسى / لِخَيرِكِ في سِنيكِ الأولَياتِ
فَكانَ الوالِدانِ هُدىً وَتَقوى / وَكانَ الوِلدُ هَذي المُعجِزاتِ
وَلَو لَم تَظهَري في العُربِ إِلّا / بِأَحمَدَ كُنتِ خَيرَ الوالِداتِ
تَجاوَزتِ الوَلائِدَ فاخِراتٍ / إِلى فَخرِ القَبائِلِ وَاللُغاتِ
وَأَحكَمِ مَن تَحَكَّمَ في يَراعٍ / وَأَبلَغِ مَن تَبَلَّغَ مِن دَواةِ
وَأَبرَإِ مَن تَبَرَّأَ مِن عَداءٍ / وَأَنزَهِ مَن تَنَزَّهَ مِن شَماتِ
وَأَصوَنِ صائِنٍ لِأَخيهِ عِرضاً / وَأَحفَظِ حافِظٍ عَهدَ اللِداتِ
وَأَقتَلِ قاتِلٍ لِلدَهرِ خُبراً / وَأَصبَرِ صابِرٍ لِلغاشِياتِ
كَأَنّي وَالزَمانُ عَلى قِتالٍ / مُساجَلَةً بِمَيدانِ الحَياةِ
أَخافُ إِذا تَثاقَلَتِ اللَيالي / وَأُشفِقُ مِن خُفوفِ النائِباتِ
وَلَيسَ بِنافِعي حَذَري وَلَكِن / إِباءً أَن أَراها باغِتاتِ
أَمَأمونٌ مِنَ الفَلَكِ العَوادي / وَبَرجَلُهُ يَخُطُّ الدائِراتِ
تَأَمَّل هَل تَرى إِلّا شِباكاً / مِنَ الأَيّامِ حَولَكَ مُلقَياتِ
وَلَو أَنَّ الجِهاتِ خُلِقنَ سَبعاً / لَكانَ المَوتُ سابِعَةَ الجِهاتِ
لَعاً لِلنَعشِ لا حُبّاً وَلَكِن / لِأَجلِكِ يا سَماءَ المَكرُماتِ
وَلا خانَتهُ أَيدي حامِليهِ / وَإِن ساروا بِصَبرِيَ وَالأَناةِ
فَلَم أَرَ قَبلَهُ المَريخَ مُلقىً / وَلَم أَسمَع بِدَفنِ النَيِّراتِ
هُناكَ وَقَفتُ أَسأَلُكِ اِتِّئاداً / وَأُمسِكُ بِالصِفاتِ وَبِالصَفاةِ
وَأَنظُرُ في تُرابِكِ ثُمَّ أُغضي / كَما يُغضي الأَبِيُّ عَلى القَذاةِ
وَأَذكُرُ مِن حَياتِكِ ما تَقَضّى / فَكانَ مِنَ الغَداةِ إِلى الغَداةِ
مُفَسِّرَ آيِّ اللَهِ بِالأَمسِ بَينَنا
مُفَسِّرَ آيِّ اللَهِ بِالأَمسِ بَينَنا / قُمِ اليَومَ فَسِّر لِلوَرى آيَةَ المَوتِ
رُحِمتَ مَصيرُ العالَمينَ كَما تَرى / وَكُلُّ هَناءٍ أَو عَزاءٍ إِلى فَوتِ
هُوَ الدَهرُ ميلادٌ فَشُغلٌ فَمَأتَمٌ / فَذِكرٌ كَما أَبقى الصَدى ذاهِبَ الصَوتِ
مَماتٌ في المَواكِبِ أَم حَياةُ
مَماتٌ في المَواكِبِ أَم حَياةُ / وَنَعشٌ في المَناكِبِ أَم عِظاتُ
وَيَومُكَ في البَرِيَّةِ أَم قِيامٌ / وَمَوكِبُكَ الأَدِلَّةُ وَالشِياتُ
وَخَطبُكَ يا رِياضُ أَمِ الدَواهي / عَلى أَنواعِها وَالنازِلاتُ
يُجِلُّ الخَطبُ في رَجُلٍ جَليلٍ / وَتَكبُرُ في الكَبيرِ النائِباتُ
وَلَيسَ المَيتُ تَبكيهِ بِلادٌ / كَمَن تَبكي عَلَيهِ النائِحاتُ
وَهَل تَلقى مَناياها الرَواسي / فَتَهوي ثُمَّ تُضمِرُها فَلاةُ
وَتُكسَرُ في مَراكِزِها العَوالي / وَتُدفَنُ في التُرابِ المُرهَفاتُ
وَيُغشى اللَيثُ في الغاباتِ ظُهراً / وَكانَت لا تَقَرُّ بِها الحَصاةُ
وَيَرمي الدَهرُ نادِيَ عَينِ شَمسٍ / وَلا يَحمي لِوائَهُمُ الرُماةُ
أَجَل حُمِلَت عَلى النَعشِ المَعالي / وَوسِّدَتِ التُرابَ المَكرُماتُ
وَحُمِّلَتِ المَدافِعُ رُكنَ سِلمٍ / يُشَيِّعُهُ الفَوارِسُ والمُشاةُ
وَحَلَّ المَجدُ حُفرَتَهُ وَأَمسى / يُطيفُ بِهِ النَوائِحُ وَالبُكاةُ
هَوى عَن أَوجِ رِفعَتِهِ رِياضٌ / وَحازَتهُ القُرونُ الخالِياتُ
كَأَن لَم يَملَإِ الدُنيا فِعالاً / وَلا هَتَفَت بِدَولَتِهِ الرُواةُ
نَعاهُ البَرقُ مُضطَرِباً فَماجَت / نُجومٌ في السَماءِ مُحَلِّقاتُ
كَأَنَّ الشَمسَ قَد نُعِيَت عِشاءً / إِلَيها فَهيَ حَسرى كاسِفاتُ
صَحيفَةُ غابِرٍ طُوِيَت وَوَلَّت / عَلى آثارِ مَن دَرَجوا وَفاتوا
يَقولُ الآخَرونَ إِذا تَلَوها / كَذَلِكَ فَليَلِدنَ الأُمَّهاتُ
جَزى اللَهُ الرِضا أَبَوَي رِياضٍ / هُما غَرَسا وَلِلوَطَنِ النَباتُ
بَنو الدُنيا عَلى سَفَرٍ عَقيمٍ / وَأَسفارُ النَوابِغِ مُرجَعاتُ
أَرى الأَمواتَ يَجمَعُهُم نُشورٌ / وَكَم بُعِثَ النَوابِغُ يَومَ ماتوا
صَلاحُ الأَرضِ أَحياءٌ وَمَوتى / وَزينَتُها وَأَنجُمُها الهُداةُ
قَرائِحُهُم وَأَيدِيَهِم عَلَيها / هُدىً وَيَسارَةٌ وَمُحَسَّناتُ
فَلَو طُلِبَت لَهُم دِيَةٌ لَقالَت / كُنوزُ الأَرضِ نَحنُ هِيَ الدِياتُ
أَبا الوَطَنِ الأَسيفِ بَكَتكَ مِصرُ / كَما بَكَتِ الأَبَ الكَهفَ البَناتُ
قَضَيتَ لَها الحُقوقَ فَتىً وَكَهلاً / وَيَومَ كَبُرتَ وَاِنحَنَتِ القَناةُ
وَيَومَ النَهيُ لِلأُمَراءِ فيها / وَيَومَ الآمِرونَ بِها العُصاةُ
فَكُنتَ عَلى حُكومَتِها سِراجاً / إِذا بَسَطَت دُجاها المُشكِلاتُ
يَزيدُ الشَيبُ نَفسَكَ مِن حَياةٍ / إِذا نَقَصَت مَعَ الشَيبِ الحَياةُ
وَتَملَأُكَ السُنونَ قِوىً وَعَزماً / إِذا قيلَ السِنونُ مُثَبِّطاتُ
كَسَيفِ الهِندِ أَبلى حينَ فُلَّت / وَرَقَّت صَفحَتاهُ وَالظُباتُ
رَفيعُ القَدرِ بِالأَمصارِ يُرني / كَما نَظَرَت إِلى النَجمِ السُراةُ
كَأَنَّكَ في سَماءِ المُلكِ يَحيى / وَآلُكَ في السَماءِ النَيِّراتِ
تَسوسُ الأَمرَ لا يُعطي نَفاذاً / عَلَيكَ الآمِرونَ وَلا النُهاةُ
إِذا الوُزَراءُ لَم يُعطوا قِياداً / نَبَذتُهُمُ كَأَنَّهُمُ النَواةُ
زَماعٌ في اِنقِباضٍ في اِختِيالٍ / كَذَلِكَ كانَ بِسمَركُ النُباتُ
صِفاتٌ بَلَّغَتكَ ذُرى المعالي / كَذَلِكَ تَرفَعُ الرَجُلَ الصِفاتُ
وَجَدتَ المَجدَ في الدُنيا لِواءً / تَلَقّاهُ المَقاديمُ الأُباةُ
وَيَبقى الناسُ ما داموا رَعايا / وَيَبقى المُقدِمونَ هُمُ الرُعاةُ
رِياضُ طَوَيتَ قَرناً ما طَوَتهُ / مَعَ المَأمونِ دِجلَةُ وَالفُراتُ
تَمَنَّت مِنهُ أَيّاماً تَحَلّى / بِها الدُوَلُ الخَوالي الباذِخاتُ
وَوَدَّ القَيصَرانِ لَوَ أَنَّ روما / عَلَيها مِن حَضارَتِهِ سِماتُ
حَباكَ اللَهُ حاشِيَتيهِ عُمراً / وَأَعمارُ الكِرامِ مُبارَكاتُ
فَقُمتَ عَلَيهِ تَجرِبَةً وَخُبراً / وَمَدرَسَةُ الرِجالِ التَجرِباتُ
تَمُرُّ عَلَيكَ كَالآياتِ تَترى / صَنائِعُ أَهلِهِ وَالمُحدَثاتُ
فَأَدرَكتَ البُخارَ وَكانَ طِفلاً / فَشَبَّ فَبايَعَتهُ الصافِناتُ
تُجابُ عَلى جَناحَيهِ الفَيافي / وَتَحكِمُ في الرِياحِ المُنشَآتُ
وَيُصعِدُ في السَماءِ عَلى بُروجٍ / غَداً هِيَ في العالَمِ بارِجاتُ
وَبَينا الكَهرُباءُ تُعَدُّ خَرقاً / إِذا هِيَ كُلَّ يَومٍ خارِقاتُ
وَدانَ البَحرُ حَتّى خيضَ عُمقاً / وَقيدَت بِالعِنانِ السافِياتِ
وَبُلِّغَتِ الرَسائِلُ لا جَناحٌ / يَجوبُ بِها البِحارَ وَلا أَداةُ
كَأَنَّ القُطرَ حينَ يُجيبُ قُطراً / ضَمائِرُ بَينَها مُتَناجِياتُ
رَهينَ الرَمسِ حَدَّثَني مَلِيّاً / حَديثَ المَوتِ تَبدُ لِيَ العِظاتُ
هُوَ الخَبَرُ اليَقينُ وَما سِواهُ / أَحاديثُ المُنى وَالتُرَّهاتُ
سَأَلتُكَ ما المَنِيَّةُ أَيُّ كَأسٍ / وَكَيفَ مَذاقُها وَمَنِ السُقاةُ
وَماذا يوجِسُ الإِنسانُ مِنها / إِذا غَصَّت بِعَلقَمِها اللَهاةُ
وَأَيُّ المَصرَعَينِ أَشَدُّ مَوتٌ / عَلى عِلمٍ أَمِ المَوتُ الفَواتُ
وَهَل تَقَعُ النُفوسُ عَلى أَمانٍ / كَما وَقَعَت عَلى الحَرَمِ القَطاةُ
وَتَخلُدُ أَم كَزَعمِ القَولِ تَبلى / كَما تَبلى العِظامُ أَوِ الرُفاتُ
تَعالى اللَهُ قابِضُها إِلَيهِ / وَناعِشُها كَما اِنتَعَشَ النَباتُ
وَجازيها النَعيمَ حِمىً أَميناً / وَعَيشاً لا تُكَدِّرُهُ أَذاةُ
أَمِثلُكَ ضائِقٌ بِالحَقِّ ذَرعاً / وَفي بُردَيكَ كانَ لَهُ حُماةُ
أَلَيسَ الحَقُّ أَنَّ العَيشَ فانٍ / وَأَنَّ الحَيَّ غايَتُهُ المَماتُ
فَنَم ما شِئتَ لا توحِشكَ دُنيا / وَلا يَحزُنكَ مِن عَيشٍ فَواتُ
تَصَرَّمَتِ الشَبيبَةُ وَاللَيالي / وَغابَ الأَهلُ وَاِحتَجَّتِ اللِدّاتُ
خَلَت حِلمِيَّةٌ مِمَّن بَناها / فَكَيفَ البَيتُ حَولَكَ وَالبَناتُ
أَفيهِ مِنَ المَحَلَّةِ قوتُ يَومٍ / وَمِن نِعَمٍ مَلَأنَ الطَودَ شاةُ
وَهَل لَكَ مِن حَريرَهُما وِسادٌ / إِذا خَشُنَت لِجَنبَيكَ الصَفاةُ
تَوَلّى الكُلُّ لَم يَنفَعكَ مِنهُ / سِوى ما كانَ يَلتَقِطُ العُفاةُ
عِبادُ اللَهِ أَكرَمُهُم عَلَيهِ / كِرامٌ في بَرِيَّتِهِ أُساةُ
كَمائِدَةِ المَسيحِ يَقومُ بُؤسٌ / حَوالَيها وَتَقعُدُ بائِساتُ
أَخَذتُكَ في الحَياةِ عَلى هَناتٍ / وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ هَناتُ
فَصَفحاً في التُرابِ إِذا اِلتَقَينا / وَلو شِيَتِ العَداوَةُ وَالتَراتُ
خُلِقتُ كَأَنّي عيسى حَرامٌ / عَلى قَلبي الضَغينَةُ وَالشَماتُ
يُساءُ إِلَيَّ أَحياناً فَأَمضي / كَريماً لا أَقوتُ كَما أُقاتُ
وَعِندِيَ لِلرِجالِ وَإِن تَجافوا / مَنازِلُ في الحَفاوَةِ لا تُفاتُ
طَلَعتَ عَلى النَدى بِعَينِ شَمسٍ / فَوافَتها بِشَمسَينِ الغَداةُ
عَلى ما كانَ يَندو القَومُ فيها / تَوافى الجَمعُ وَاِئتَمَرَ السُراةُ
تَمَلَّكَهُم وَقارُكَ في خُشوعٍ / كَما نَظَمَت مُقيميها الصَلاةُ
رَأَيتَ وُجوهَ قَومِكَ كَيفَ جَلَّت / وَكَيفَ تَرَعرَعَت مِصرُ الفَتاةُ
أُجيلَ الرَأيُ بَينَ يَدَيكَ حَتّى / تَبَيَّنَتِ الرَزانَةُ وَالحَصاةُ
وَأَنتَ عَلى أَعِنَّتِهِم قَديرٌ / وَهُم بِكَ في الَّذي تَقضي حُفاةُ
إِذا أَبدى الشَبابُ هَوىً وَزَهواً / أَشارَ إِلَيهِ حِلمُكَ وَالأَناةُ
فَهَلّا قُمتَ في النادي خَطيباً / لَكَ الكَلِمُ الكِبارُ الخالِداتُ
تُفَجِّرُ حِكمَةَ التِسعينِ فيهِ / فَآذانُ الشَبيبَةِ صادِياتُ
تَقولُ مَتى أَرى الجيرانَ عادوا / وَضُمَّ عَلى الإِخاءِ لَهُم شَتاتُ
وَأَينَ أولو النُهى مِنّا وَمِنهُم / عَسى يَأسونَ ما جَرَحَ الغُلاةُ
مَشَت بَينَ العَشيرَةِ رُسلُ شَرٍّ / وَفَرَّقَتِ الظُنونَ السَيِّئاتُ
إِذا الثِقَةُ اِضمَحَلَّت بَينَ قَومٍ / تَمَزَّقَتِ الرَوابِطُ وَالصِلاتُ
فَثِق فَعَسى الَّذينَ اِرتَبتَ فيهِم / عَلى الأَيّامِ إِخوانٌ ثِقاتُ
وَرُبَّ مُحَبَّبٍ لا صَبرَ عَنهُ / بَدَت لَكَ في مَحَبَّتِهِ بَداةُ
وَمَكروهٍ عَلى أَخَذاتِ ظَنٍّ / تُحَبِّبُهُ إِلَيكَ التَجرُباتُ
بَني الأَوطانِ هُبّوا ثُمَّ هُبّوا / فَبَعضُ المَوتِ يَجلِبُهُ السُباتُ
مَشى لِلمَجدِ خَطفَ البَرقِ قَومٌ / وَنَحنُ إِذا مَشَينا السُلحُفاةُ
يُعِدّونَ القُوى بَرّاً وَبَحراً / وَعُدَّتُنا الأَماني الكاذِباتُ
ضَجَّت لِمَصرَعِ غالِبٍ
ضَجَّت لِمَصرَعِ غالِبٍ / في الأَرضِ مَملَكَةُ النَباتِ
أَمسَت بِتيجانٍ عَلَي / هِ مِنَ الحِدادِ مُنَكَّساتِ
قامَت عَلى ساقٍ لِغَي / بَتِهِ وَأَقعَدَتِ الجِهاتِ
في مَأتَمٍ تَلقى الطَبيعَ / ةَ فيهِ بَينَ النائِحاتِ
وَتَرى نُجومَ الأَرضِ مِن / جَزَعٍ مَوائِدَ كاسِفاتِ
وَالزَهرُ في أَكمامِهِ / يَبكي بِدَمعِ الغادِياتِ
وَشَقائِقُ النُعمانِ آ / بَت بِالخُدودِ مُخَمَّشاتِ
أَمّا مُصابُ الطِبِّ في / هِ فَسَل بِهِ مَلَأَ الأُساةِ
أَودى الحِمامُ بِشَيخِهِم / وَمَآبِهِم في المُعضِلاتِ
مُلقي الدُروسَ المُسفِرا / تِ عَنِ الغُروسِ المُثمِراتِ
قَد كانَ حَربَ الظُلمِ حَر / بَ الجَهلِ حَربَ التُرَّهاتِ
وَالمُسَتضاءُ بِنورِهِ / في الخافِياتِ المُظلِماتِ
عَلَمُ الوَرى في عِلمِهِ / في الغَربِ مُغتَرِبُ الرُفاتِ
قَد كانَ فيهِ مَحَلَّ إِج / لالِ الجَهابِذَةِ الثِقاتِ
وَمُمَثِلَ المِصرِيِّ في / حَظِّ الشُعوبِ مِنَ الهِباتِ
قُل لِلمُريبِ إِلَيكَ لا / تَأخُذ عَلى الحُرِّ الهَناتِ
إِنَّ النَوابِغَ أَهلَ بَد / رٍ ما لَهُم مِن سَيِّئاتِ
هُم في عُلا الوَطَنِ الأَدا / ةُ فَلا تَحُطَّ مِنَ الأَداةِ
وَهُمُ الأُلى جَمَعوا الضَما / ئِرَ وَالعَزائِمَ مِن شَتاتِ
لَهُمُ التَجِلَّةُ في الحَيا / ةِ وَفَوقَ ذَلِكَ في المَماتِ
عُثمانُ قُم تَرَ آيَةً / اللَهُ أَحيا المومِياتِ
خَرَجَت بَنينَ مِنَ الثَرى / وَتَحَرَّكَت مِنهُ بَناتِ
وَاِسمَع بِمِصرَ الهاتِفي / نَ بِمَجدِها وَالهاتِفاتِ
وَالطالِبينَ لِحَقِّها / بَينَ السَكينَةِ وَالثَباتِ
وَالجاعِليها قِبلَةً / عِندَ التَرَنُّمِ وَالصَلاةِ
لاقَوا أُبُوَّتَهُم / غُرِّ المَناقِبِ وَالصِفاتِ
حَتّى الشَبابُ تَراهُمُ / غَلَبوا الشُيوخَ عَلى الأَناةِ
وَزَنوا الرِجالَ فَكانَ ما / أَعطَوا عَلى قَدَرِ الزِناتِ
قُل لِلمَغاليطِ في الحَقا / ئِقِ حاضِرٍ مِنها وَآتِ
الفُكرُ جاءَ رَسولُهُ / وَأَتى بِإِحدى المُعجِزاتِ
عيسى الشُعورِ إِذا مَشى / رَدَّ الشُعوبَ إِلى الحَياةِ
فَتحِيَّةٌ دُنيا تَدومُ وَصِحَّةٌ
فَتحِيَّةٌ دُنيا تَدومُ وَصِحَّةٌ / تَبقى وَبَهجَةُ أُمَّةٍ وَحَياةُ
مَولايَ إِنَّ الشَمسَ في عَليائِها / أُنثى وَكُلُّ الطَيِّباتِ بَناتُ
يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي
يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي / لِأَنَّها بِالناسِ ما مَرَّتِ
أَذكُرُها وَالمَوتُ في ذِكرِها / عَلى سَبيلِ البَثِّ وَالعِبرَةِ
لِيَعلَمَ الغافِلُ ما أَمسُهُ / ما يَومُهُ ما مُنتَهى العيشَةِ
نَبَّهَني المَقدورُ في جُنحِها / وَكُنتُ بَينَ النَومِ وَاليَقظَةِ
المَوتُ عَجلانٌ إِلى والِدي / وَالوَضعُ مُستَعصٍ عَلى زَوجَتي
هَذا فَتىً يُبكى عَلى مِثلِهِ / وَهَذِهِ في أَوَّلِ النَشأَةِ
وَتِلكَ في مِصرَ عَلى حالِها / وَذاكَ رَهنُ المَوتِ وَالغُربَةِ
وَالقَلبُ ما بَينَهُما حائِرٌ / مِن بَلدَةِ أَسرى إِلى بَلدَةِ
حَتّى بَدا الصُبحُ فَوَلّى أَبي / وَأَقبَلَت بَعدَ العَناءِ اِبنَتي
فَقُلتُ أَحكامُكَ حِزناً لَها / يا مُخرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ
أَتَتني الصُحفُ عَنكَ مُخَبِّراتِ
أَتَتني الصُحفُ عَنكَ مُخَبِّراتِ / بِحادِثَةٍ وَلا كَالحادِثاتِ
بِخَطبِكَ في القِطارِ أَبا حُسَينٍ / وَلَيسَ مِنَ الخُطوبِ الهَيِّناتِ
أُصيبَ المَجدُ يَومَ أصِبتَ فيهِ / وَلَم تَخلُ الفَضيلَةُ مِن شُكاةِ
وَساءَ الناسُ أَن كَبَتِ المَعالي / وَأَزعَجَهُم عِثارُ المَكرُماتِ
وَلَستُ بِناسٍ الآدابَ لَمّا / تَراءَت رَبِّها مُتلَهِّفاتِ
وَكانَ الشِعرُ أَجزَعَها فُؤاداً / وَأَحرَصَها لَدَيكَ عَلى حَياةِ
هَجَرتَ القَولَ أَيّاماً قِصاراً / فَكانَت فَترَةً لِلمُعجِزاتِ
وَإِنَّ لَيالِياً أَمسَكتَ فيها / لَسودٌ لِليَراعِ وَلِلدَواةِ
فَقُل لي عَن رُضوضِكَ كَيفَ أَمسَت / فَقَلبي في رُضوضٍ مُؤلِماتِ
وَهَب لي مِنكَ خَطّاً أَو رَسولاً / يُبَلِّغُ عَنكَ كُلَّ الطَيِّباتِ
لَستُ بِناسٍ لَيلَةً
لَستُ بِناسٍ لَيلَةً / مِن رَمَضانَ مَرَّتِ
تَطاوَلَت مِثلَ لَيا / لي القُطبِ وَاِكفَهَرَّتِ
إِذِ اِنفَلَتُّ مِن سُحو / ري فَدَخَلتُ حُجرَتي
أَنظُرُ في ديوانِ شِع / رٍ أَو كِتابِ سيرَةِ
فَلَم يَرُعني غَيرَ صَو / تٍ كَمُواءِ الهِرَّةِ
فَقُمتُ أَلقي السَمعَ في / السُتورِ وَالأَسِرَّةِ
حَتّى ظَفِرتُ بِالَّتي / عَلَيَّ قَد تَجَرَّتِ
فَمُذ بَدَت لي وَاِلتَقَت / نَظرَتُها وَنَظرَتي
عادَ رَمادُ لَحظِها / مِثلَ بَصيصِ الجَمرَةِ
وَرَدَّدَت فَحيحَها / كَحَنَشٍ بِقَفرَةِ
وَلَبِسَت لي مِن وَرا / ءِ السِترِ جِلدَ النَمرَةِ
كَرَّت وَلَكِن كَالجَبا / نِ قاعِداً وَفَرَّتِ
وَاِنتَفَضَت شَوارِباً / عَن مِثلِ بَيتِ الإِبرَةِ
وَرَفَعت كَفّاً وَشا / لَت ذَنَباً كَالمِذرَةِ
ثُمَّ اِرتَقَت عَنِ المُوا / ءِ فَعَوَت وَهَرَّتِ
لَم أَجزِها بِشِرَّةٍ / عَن غَضَبٍ وَشِرَّةِ
وَلا غَبيتُ ضَعفَها / وَلا نَسيتُ قُدرَتي
وَلا رَأَيتُ غَيرَ أُمٍّ / بِالبَنينَ بَرَّةِ
رَأَيتُ ما يَعطِفُ نَف / سَ شاعِرٍ مِن صورَةِ
رَأَيتُ جِدَّ الأُمَّها / تِ في بِناءِ الأُسرَةِ
فَلَم أَزَل حَتّى اِطمَأَنَّ / جَأشُها وَقَرَّتِ
أَتَيتُها بِشَربَةٍ / وَجِئتُها بِكِسرَةِ
وَصُنتُها مِن جانِبَي / مَرقَدِها بِسُترَتي
وَزِدتُها الدِفءَ فَقَر / رَبتُ لَها مِجمَرَتي
وَلَو وَجَدتُ مِصيَداً / لَجِئتُها بِفَأرَةِ
فَاِضطَجَعَت تَحتَ ظِلا / لِ الأَمنِ وَاِسبَطَرَّتِ
وَقَرَأَت أَورادَها / وَما دَرَت ما قَرَّتِ
وَسَرَحَ الصِغارُ في / ثُدِيِّها فَدَرَّتِ
غُرُّ نُجومٍ سُبَّحٌ / في جَنَباتِ السُرَّةِ
اِختَلَطوا وَعَيَّثوا / كَالعُميِ حَولَ سُفرَةِ
تَحسَبُهُم ضَفادِعاً / أَرسَلتَها في جَرَّةِ
وَقُلتُ لا بَأسَ عَلى / طِفلِكِ يا جُوَيرَتي
تَمَخَّضي عَن خَمسَةٍ / إِن شِئتِ أَو عَن عَشرَةِ
أَنتِ وَأَولادُكِ حَت / تى يَكبُروا في خُفرَتي
مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى
مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى / آمَنتُ بِاللَهِ وَجَنّاتِهِ
العَيشُ فيهِ لَيسَ في غَيرِهِ / يا طالِبَ العَيشِ وَلَذّاتِهِ
قُصورُ عِزٍّ باذِخاتُ الذُرى / يَوَدُّها كِسرى مَشيداتِهِ
مِن كُلِّ راسي الأَصلِ تَحتَ الثَرى / مُحيرَ النَجمِ بِذِرواتِهِ
دارَت عَلى البَحرِ سَلاليمُهُ / فَبِتنَ أَطواقاً لِلَبّاتِهِ
مُنتَظِماتٌ مائِجاتٌ بِهِ / مُنَمَّقاتٌ مِثلَ لُجّاتِهِ
مِنَ الرُخامِ الندرِ لَكِنَّها / تُنازِعُ الجَوهَرَ قيماتِهِ
مِن عَمَلِ الإِنسِ سِوى أَنَّها / تُنسي سُلَيمانَ وَجِنّاتِهِ
وَالريحُ في أَبوابِهِ وَالجَوا / ري مائِلاتٌ دونَ ساحاتِهِ
وَغابُهُ مَن سارَ في ظِلِّها / يَأتي عَلى البُسفورِ غاباتِهِ
بِالطولِ وَالعَرضِ تُباهي فَذا / وافٍ وَهَذا عِندَ غاياتِهِ
وَالرَملُ حالٍ بِالضُحى مَذهَبٌ / يُصَدِّئُ الظِلُّ سَبيكاتِهِ
وَتُرعَةٌ لَو لَم تَكُن حُلوَةً / أَنسَت لِمَرتينَ بُحَيراتِهِ
أَو لَم تَكُن ثَمَّ حَياةَ الثَرى / لَم تُبقِ في الوَصفِ لِحَيّاتِهِ
وَفي فَمِ البَحرِ لِمَن جاءَهُ / لِسانُ أَرضٍ فاقَ فُرضاتِهِ
تَنحَشِدُ الطَيرُ بِأَكنافِهِ / وَيَجمَعُ الوَحشُ جَماعاتِهِ
مِن مِعزٍ وَحشِيَّةٍ إِن جَرَت / أَرَت مِنَ الجَريِ نِهاياتِهِ
أَو وَثَبَت فَالنَجمُ مِن تَحتِها / وَالسورُ في أَسرِ أَسيراتِهِ
وَأَرنَبٌ كَالنَملِ إِن أُحصِيَت / تَنبُتُ في الرَملِ وَأَبياتِهِ
يَعلو بِها الصَيدُ وَيَعلو إِذا / ما قَيصَرٌ أَلقى حِبالاتِهِ
وَمِن ظِباءٍ في كِناساتِها / تَهيجُ لِلعاشِقِ لَوعاتِهِ
وَالخَيلُ في الحَيِّ عِراقِيَّةٌ / تَحمي وَتُحمى في بُيوتاتِهِ
غُرٌّ كَأَيّامِ عَزيزِ الوَرى / مُحَجَّلاتٌ مِثلَ أَوقاتِهِ
سَعَت لَكَ صورَتي وَأَتاكَ شَخصي
سَعَت لَكَ صورَتي وَأَتاكَ شَخصي / وَسارَ الظِلُّ نَحوَكَ وَالجِهاتُ
لِأَنَّ الروحَ عِندَكَ وَهيَ أَصلٌ / وَحَيثُ الأَصلُ تَسعى المُلحَقاتُ
وَهَبها صورَةً مِن غَيرِ روح / أَلَيسَ مِنَ القَبولِ لَها حَياةُ
استخلفَ المَنصورَ في وصاتِهِ
استخلفَ المَنصورَ في وصاتِهِ / إِن اِختيار المَرءِ مِن حَصاتِهِ
اِبن أَبيهِ وَسِراج بَيتِهِ / الخُلَفاءُ لَمَحاتُ زَيتِهِ
حَبرُ بَني العَباس بَحر العلمِ / قُطبُ رحى الحَرب مَدار السِلمِ
فَلم يَكد بِالأَمر يَستَقلُّ / حَتّى تَلقّى فِتنَةً تُسَلُّ
قَد فَرَغ الأَهلُ مِن الغَريبِ / وَاِشتَغَل القَريب بِالقَريب
ثارَ بِعَبدِ اللَهِ ثائِرُ الحَسَد / وَزَعم الغابَ أَتى غَيرَ الأَسَد
وَأَن مَروانَ إِلَيهِ سلَّما / وَأَن يَومَ الزاب يَكفي سُلَّما
اِنقَلب العَمُّ فَصارَ غَمّا / وَفَدح الأَمرُ بِهِ وَطَمّا
جاءَ نَصيبِينَ وَقَد شَقَّ العَصا / فِيمَن بَغى الفِتنَةَ صَيداً وَعَصى
ما فلّ حدّهم عَن المَنصورِ / سِوى أَبي مسلم الهَصورِ
سَل عَلَيهِ سَيفَهُ وَرايَه / فَلم تَقف لابن عَليٍّ رايه
وَهُزِمَ الطاهِرُ يَومَ النَهرِ / وَعرف القاهِرُ طَعمَ القَهرِ
وَمَن يُحاول دَولَةً وَمُلكا / يُلاقِ نُجحاً أَو يُلاقِ هُلكا
وَاستطرد الحَينُ بُنوةَ الحُسن / وَاِجتَمَعوا فَاِمتَنَعوا عَلى الرَسَن
وَطَلَبوا الأَمر وَحاوَلَوا المَدى / وَبايَعوا راشدَهم مُحَمّدا
وَكانَ مِقداماً جَريئاً مِحرَبا / طاحَ عَلى حَدّ الظُبا في يَثرِبا
فَثارَ إِبراهيمُ لِلثاراتِ / وَأَزعَج المَنصورَ بِالغاراتِ
فُوجِئَ وَالجُيوشُ في الأَطرافِ / بِنَهضة الدَهماءِ وَالأَشرافِ
اَضطَرب الحِجازُ وَالعِراقُ / وَشَغب الغواةُ وَالمُرّاقُ
فَلم تفُلَّ النائِباتُ عَزمَه / وَلَم يَكِلّ عَن لِقاءِ الأَزَمَه
تَدارَكَ الشدةَ بِالأَشدا / مِن كُلِّ مَن لِمثلِها أَعدّا
وَكانَ يَستَشيرُ في المَصائِبِ / وَهُوَ أَخو الرَأي السَديد الصائِبِ
أَمرٌ لَهُ كِلاهُما قَد شَمَّرا / وَجَرّدا السَيفَ لَهُ بَأَخمرا
فَكانَ بَينَ هاشمٍ مِن حَربِ / ما كانَ بَينَها وَبَينَ حَربِ
وَكانَ في أَولِها لِلطالب / عَلى قَنا المَنصور عِزُّ الغالِبِ
لَولا المَقاديرُ القَديرةُ اليَدِ / لَأَحرَز السَيّدُ مُلكَ السَيّدِ
كَرّت عَساكِرُ الإِمام كَرّه / عَلى جُنود الحَسَنِيِّ مُرّه
عدته عَن دَعوته العَوادي / وَأَسعف الدَهرُ أَولى السَدادِ
وَطابَ لِلشَريف الاستشهادُ / فِيما يَخال أَنَّهُ جِهادُ
فَطاحَ لَم يَنزل عَن الكُميتِ / وَهَكَذا أَبناءُ هَذا البَيتِ
وَكَثُر القَتلى وَراحَ الأَسرى / عَلى فَوات الوَفَياتِ حَسرى
سَيقوا إِلى يَزيدَ أَو زِيادِ / لَكن مِن القَرابَةِ الأَسيادِ
فَلم يَذُق كَالحسنيّين البَلا / وَلا الحُسينيّون يَوم كَربلا
مُنوا بِقاسي القَلب لَيسَ يَرحَمُ / وَلَيسَ تَثنيهِ عَلَيهُم رَحِم
لَو طَمعت في مُلكِهِ أَولادُهُ / شَفاهمو مشن طَمع جَلّادُهُ
هَذا أَبو مُسلم التيّاهُ / غرّته في دَولَتِهم دُنياهُ
فَطالَ في أَعراضِهم لِسانه / وَلَم يَقُم بِمَنِّهِ إِحسانُه
وَنازع الآلَ جَلال القَدرِ / وَنافَست هِمّتُه في الصَدرِ
دَعواه في دَوعتهم عَريضَه / لَولاه ظَلت شَمسُها مَريضَه
وَهُوَ لِفَضلِ الطاهِرين ناسِ / وَما لَهُم في الحُب عِندَ الناسِ
وَما عَلوا لَهُ مِن المُهمَّة / وَبَذَلوا مِن مُدهِشات الهمّه
وَمَوت إِبراهيم حَتفَ فيهِ / فِدىً لِأَمرِهُم وَحُبّاً فيهِ
فَوغِرَ الوالي عَلَيهِ صَدرا / يُظهِرُ عَطفاً وَيسِرَّ غَدرا
وَصاحِبُ الدَعوة ضافي الدَعوى / يَرفُلُ فيها نَخوَةً وَزَهوا
تَطلُبُهُ الدِماءُ كُل مَطلَبِ / لا بُدَّ لِلظُلم مِن مُنقَلَبِ
فَكَم أَدارَها عَلى المَنون / وَكَم أَراقَها عَلى الظُنونِ
هَذا الَّذي حَمى أُميَةَ الكَرى / كانَ أَبو جَعفَر مِنهُ أَنكَرا
قَد يَقَع الثَعلَبُ في الحُبَالَه / وَتَتّقِي الفَراشَةُ الذُبالَه
أَفنى الفَضاءُ حيلَةَ الخِراسِي / وَعَصفت رِياحُهُ بِالراسي
وَساقَهُ الحَينُ إِلى الإِمامِ / وَالنَفس تَستَجر لِلحِمامِ
فَجاءَهُ في مَوكِبٍ مَشهودِ / وَفي مَدارِعٍ مِن العُهود
أُريدُ بِالداعي الرَدى وَما دَرى / وَكُلُّ غَدّارٍ مُلاقٍ أَغدَرا
فَمُكِّنت مِنهُ سُيوفُ الهِندِ / وَظَفَر الفِرندُ بِالفِرِندِ
أُصيبَتِ الدَولَةُ في غِنائِها / وَسَقَط البَنّاءُ مِن بِنائِها
الخُلفاءُ وَلدُ المَنصورِ / وَعَصرُهُ الزاهي أَبو العُصورِ
إِن اِستَهلَّت بِالدِماءِ مُدَّتُه / فَما وَقاها الهَيج إِلّا شِدتُه
وَمَن يَقُم بِمُلكِهِ الجَديدِ / يَقُده بِالحَريرِ وَالحَديدِ
لا تَرجُ في الفِتنَة رِفقَ الوَالي / قَد يُدفَع الحُكّامُ بِالأَحوالِ
أُنظُر إِلى أَيامِهِ النَواضِرِ / وَظِلِّها الوَارف في الحَواضِرِ
عِشرونَ في المُلكِ رَفَقنَ أَمنا / وَفِضنَ نَعماءَ وَسِلنَ يُمنا
خِلافَةٌ ثَبّتها قَواعِدا / ثُمَ تَرقّى بِالبِناءِ صاعِدا
أَدرُّ مِن صَوب الغَمام دَخلا / عَلى أَشَد الخُلِفاءِ بُخلا
يَخافُ في مالِ العِباد اللَه / ما تَبع الدُنيا وَلا تَلاهى
لِلسلم آلاتٌ وَلِلحَرب أُهَب / جِماعهن في المَمالك الذَهَب
وَحَوّلَ المَنصورُ مَجرى العَهدِ / أَخَّر عيسى وَأَقام المَهدي
فَكانَ في تَقديمه الإِصلاحُ / وَفي بَنيهِ الخَيرُ وَالفَلاحُ
وَلا تَسَل عَن هِمَّةِ العُقولِ / وَنَهضَةِ المَعقول وَالمَنقولِ
وَكَثرَةِ الناقِلِ وَالمُعَرِّبِ / عَن حِكمَةِ الفُرسِ وَعِلم المَغرِبِ
وَاِختَطَّ بَغدادَ عَلى التَسديد / داراً لِمُلكِ يسرٍ مَديدِ
كانَت لِأَيام البَهاليل سِمَه / وَمِهرَجانَ مُلكِهم وَمَوسِمَه
يَنجمُ فيها النابِغُ السَعيدُ / وَيُنجب المُقتَبس البَعيدُ
كزبك بطير الجمال اعترت أيكاته
كزبك بطير الجمال اعترت أيكاته / فِدا بناته إذا ما مسن باناته
ما بهجة العصر إلا جركسياته / من كل هيفا لها عند الدلال إدلال
فلوس الشغل ما تأخي
فلوس الشغل ما تأخي / ر شغل اليوم من عاداتي
أين الحساب حساب بيت البيك هل / أحضرته لنراه في نظرات
هي ذي الدفاتر ناطقات في يدي / بكمال ضبط الدخل والنفقات
لخصتها لأميرتي وأتيت أع / رضها على الأعتاب مختصرات
ذا صادر ذا وارد ذا ساير / هذا حسابات أبو البركات
من بعد إنعامات جمكيات يو / ميات صرفيات توريدات
هذا جفالك ذا عمارات كما / هذا مطابخ ثم يا مولاتي
لا رأي لي في ثمُ يا حنا اختصر / يا ضيعة الأيام والساعات
هذا الخلاصة يا أميرة فاسمعي / لي بالقراريط وبالحبات
قد كان عند البيك من عام مضى / عشرون الفا حلوة الطلعات
ألفان منها مال ذاك العام وال / باقي ضرائب تسعة لم تات
لم تأت كيف رأيتمو تحصيلها / هذا لعمري البغي في الغايات
حنا لقد أقعدتني وأقمتني / أكذاك يفعل سائر البيكات
لا إذ من العادات ما لا يستوى / فيه البكات لكونهم درجات
وبأيما كيفية تحصيلها / ومن الجباة فهنّ شر جباة
هل في دم الفلاح سر الكيميا / أم هل يدين لكل باغٍ عاتي
تحصيلها سهل مع القرصات والر / كيات والجلدات والشنقات
والضرب فوق الظهر وهو مطاوع / والضرب فوق البطن وهو مواتي
وأمرّ من ذا بيع واحدة النعا / ج أو التي بقيت من البقرات
الآن بان لي الرشاد بوجهه / وعرفت مصدر هذه الظلمات
وقنطت من مرجوّ عودك يا علي / ورجوع بيتك ظافر الرايات
يا ليلة سميتها ليلتي
يا ليلة سميتها ليلتي / لأنها بالناس ما مرت
الموت عجلان إلى ولدى / والوضع مستعص على زوجتي
هذا فتى يُبكى على موته / وهذه في أوّل النشأة
والقلب ما بينهما حائر / من بلدة يسرى إلى بلدة
حتى أتى الصبح فولى أبي / وأقبلت بعد العناء إبنتي
فقلت أحكامك حرنا لها / يا مخرج الحىّ من الميت
لا والقوام الذي والأعين اللاتي
لا والقوام الذي والأعين اللاتي / ما خنت رب القنا والمشرفيات
ولا سلوت ولم أهمم ولا خطرت / بالبال سلواك في ماض ولا آتى
ولا أردت لسهم اللحظ في كبدي / ردا رأى لي في المستحيلات
ويذهب اللوم بي في كل ناحية / فلا يبلّغني إلا صُبابات
وأنت تطرب للواشي وتطمعه / كالطفل ألقى بسمع للخرافات
إن السهام إذا ما واصلت غرضا / كانت خواطئها مثل المصيبات
وسهم جفنيك ما أرسلته عرضا / أبى القضاء له إلا رميّات
فمن فؤادي إلى لبي إلى كبدي / إلى رشادي فإغفائي فلذاتي
وما الغزالة إلا أنت في نظري / بعينها ويقول البعض بالذات
وخاتم الملك للحاجات مطَّلب / وثغرك المتمنى كل حاجاتي
فقل له يتمت في الحب مهجته / وأنت مأوى اليتامي واليتميات
أهلا بركب العلى والعز قاطبة / وفد المفاخر طرّا والسعادات
ومرحبا بك في حل ومرتحل / وخصك الله منه بالتحيات
ما زلت تظمئ مصرا ثم تمطرها / والغيث أفضل ما يأتي بميقات
مشت ركابك من ثغر إلى بلد / مشى الجدود إلى محو الشقاوات
وإن مولاي من سارت مواكبه / لراية الله في أيدي الجماعات
إن شرفوها رأوا في ظلها شرفا / واستقبلوا الخير نياتٍ بنيات
يممت ثغر سعيد خير محتفل / تعيدها حفلات قيصريات
كم مثلت بمجاليها ورونقها / جد الشعوب وإقدام الحكومات
والقوم في مصر ما طافوا بملعبها / إلا كما شهد الغر الروايات
حتى جرى الماء من أثنائها ذهبا / يسقى ممالك لا تَروىَ ودولات
فكل مائدة بالخلق حافلة / ومصر من خلفهم طاهي الوليمات
هلا بررنا بسادات لنا سلفوا / بِر الغريب بأسلاف وسادات
إذا المدائح فاز المحسنون بها / فاز الكرام لدينا بالمذمات
ما كان أعظم إسماعيل لو سلمت / له السعادة في مصر وهيهات
إن شيدوا لسواه ما يمثله / فمجده فيه تمثيل بمرآة
قوم ينال جزاء السعي حيهمو / فإن قضى شيَّعوه بالكرامات
وصيروه مثالا بعده حسنا / يبقى مدى الدهر عنوان المكافاة
لولا مفاخر أفراد نعدّهمو / لعاش ذو العقل حيا بين أموات
فأحيِ ذكرك في الدنيا بمأثره / وأدرك الخلد في الدنيا بمسعاة
مولاى مصر بنوها اليوم في طرب / تدار بينهم كأس المسرات
قال المنجم أقوالا فروّعهم / أن لا يروك فيقضوا بالندامات
حتى إذا عدت يا دنيا همو عرفوا / قصد المنجم من تلك الإذاعات
أيظهر النحس أم يبدو له ذنب / والسعد منك بأقمار وهالات
تساءل الناس حتى لا قرار لهم / أَتَقصر الأرض أم تجرى لغايات
خافوا عليها والهتهم قيامتها / عما يمرّ عليهم من قيامات
أبي الإقامة للدنيا وساكنها / يوم يدول وضوء ذاهب آتى
كل يمدّ حَبالات الفناء لنا / والكل من بعدنا رهن الحبالات
لا بدّ للنجم من يوم يزل به / وإن تناول أسباب السموات