المجموع : 37
تَذَكَّرَ بِالحِمَى قَلْبي الطَّرُوبُ
تَذَكَّرَ بِالحِمَى قَلْبي الطَّرُوبُ / لَيَاليَ غَابَ عَنْهُنَ الرَّقِيبُ
وَأَيَّاماً صَفَا عَيْشُ التَّصَابي / وَمَنْ أَهْوى نَدِيمىَ وَالحَبيِبُ
غَرِيبُ الحَيِّ قَلْبي في حِمَاكُمْ / نَزِيلٌ في دِيَاركُمُ غَرِيبُ
رَحَلتُمْ عَنْ حِمىَ الوَادِي سُحَيْراً / وَسِرْتُمْ وَهْوَ خَلْفَكُمُ جَنِيبُ
عَجِبْتُ لِنَارِكُمْ بِرُبَا المُصَلَّى / وَمِنْهَا الصَّبُّ فِي نَجْدٍ يَذُوبُ
وَنَشْرِكُمُ عَلى بُعْدٍ وَقُرْبٍ / إلى المُشْتَاقِ تَحْمِلُهُ الجَنُوبُ
وَإنْ أَرْجُوكُمُ وَأَخِيبُ كُلاًّ / سِوَاكُمْ قَصْدُ رَاجِيه يَخِيبُ
وَبِي مَنْ لا أُسَمِِّيهِ حَيَاءً / بِحُكْمِ حُضُورِهِ فَهْوَ الرَّقِيبُ
يَمِيسُ قَوَامُهُ فَيكَادُ قَلْبي / يَطيرُ مِنَ اللَّذَاذَةِ إِذْ يَطيِبُ
هَذا المُصَلَّى وَهَذِهِ الكُثُبُ
هَذا المُصَلَّى وَهَذِهِ الكُثُبُ / بِمِثْلِ هَذَا يَهُزُّكَ الطَّرَبُ
فَالْحَيُّ قَدْ شُرِعَتْ مَضَرِبُهُ / وَحُسْنُهُ عَنْهُ زَالتِ الحُجُبُ
وَكُلُّ صَبٍّ صَبَا لِسَاكِنِهِ / يَسْجُدُ شَوْقاً لَهُ وَيَقْترِبُ
أَنِخْ مَطَايَاكَ عِنْدَ رَبْعِهُمُوُ / كَيْ لاَ تَطَاكَ الرِّحَالُ والنُجُبُ
وَاسْعِ عَلى الجَفنِ خَاضِعاً فَعَسى / يَشْفَعُ فِيكَ الخُضُوعُ وَالأَدَبُ
وَارْجِ قِرَاهُمْ إِذَا نَزَلْتَ بِهِمْ / فَأَنْتَ ضَيْفٌ لَهُمْ وَهُمْ عُرُبُ
وَاسْجُدْ لَهُمْ وَاْقَتَرِبْ فَعَاشِقُهُمْ / يَسْجُدُ شَوْقاً لهُمْ وَيَقْتَرِبُ
عِنْدِي لَكُمْ يَا أُهَيْلَ كَاظِمَةٍ / أَسْرَارُ وجْدٍ حَديثُهَا عَجَبُ
أَرَى بِكُم خَاطِري يُلاحِظُنيِ / مِنْ أَيْنَ هَذَا الإِخَاءُ وَالنَّسَبُ
وَإنْ تَشَوَّقْتَكُمْ بَعَثْتُ لَكُمْ / كُتْبَ غَرَامِي وَمِنْكُمُ الكُتُبُ
وَأَشْرَبُ الرَّاح حِينَ أَشْرَبُهَا / صِرْفاً وَأَصْحُو بِهَا فَمَا السَّبَبُ
خَمْرَتُهَا مِنْ دَمي وَعَاصِرُهَا / ذَاتي وَمِن أَدْمُعِي لَهَا الحَبَبُ
إنْ كُنْتُ أَصْحُو بِشُرْبِهَا فَلَقَدْ / عَرْبَدَ قَوْمُ بِهَا وَمَا شَرِبُوا
هِيَ النَّعِيمُ المُقِيمُ في خَلَدِي / وَإِنْ غَدَتْ في الكُؤوُسِ تَلْتَهِبُ
فَغَنِّ لي إِنْ سَقَيْتَ يَا أَمَلي / بِاسْمِ التَّي بي عَليَّ تَحْتَجِبُ
بَينَ فُؤَادِي وخَدِّهِ نَسَبُ
بَينَ فُؤَادِي وخَدِّهِ نَسَبُ / كِلاَهُمَا بِالجَحِيمِ يَلْتَهِبُ
هُمَا سَوَاءُ وَالفَرْقُ بَيْنَهُمَا / أَنَّهُمَا سَاكِنٌ وَمُضْطَرِبُ
وَلي عَلى عَاذِلي حُقُوقُ هَوَىً / عَليهِ شُكْرِي بِبَعْضِهَا يَجِبُ
لاَمَ فَلَمَّا رَآهُ هَامَ بِه / فَكُنْتُ في عِشْقِهِ أَنَأ السَّبَبُ
وَقَائلٍ والهَوَى يُرَنِّحُنَا / ونَالَ مِنَّا السُّروُرُ والطَّرَبُ
حَلَّتْ لَنَا الرَّاحُ مِنْ لَوَاحِظِه / فَلْيَحْرُمُ الخَمْرُ بَعْدُ وَالعِنَبُ
خُذَا نَدِيْمَيَّ سَلْوَتي لَكُمَا / عَطَاءَ مَنْ لاَ يَمُنُّ إِذْ يَهِبُ
وَخَلِّيَاني وَقَهْوَةً جُلِيَتْ / لَيْسَتْ سِوَى الثَّغْرِ فَوْقَهُ حَبَبُ
إِنِّي امْرؤٌ مِنْ عِصَابَةٍ كَرُمَتْ / أَذْهَبُ فِي الحُبِّ حَيْثُمَا ذَهَبُوا
سُقُوا وَلَمْ يَسْكَروُا وَكَمْ فِئَةٍ / أَسْكَرَهُمْ عِطْرُهَا وَمَا شَرِبُوا
دُعُوا إلى بَابِ عَلْوَةٍ كَرَماً / وَوَجْهُهُا بِالجَمَالِ مُحْتَجِبُ
فَقَدَّمُوا سَجْدَةً وَهُمْ زُمُرٌ / لِغَافِرٍ سَبَّحَ اسْمَهُ الأَدَبُ
عَيَّنَتْ العَيْنُ مِنْهُمُ أَثَراً / لأَنَّهُمْ في بِقَائِهَا سُلِبوُا
فَمَا دَرَى صَاعِدٌ بِمُنْحَدِرٍ / وَلاَ الْتَقَى ذَاهِبٌ وَمُنْقَلِبُ
أَفِي وَلَهِي بِاسْمِ المَلِيحَةِ تَعْتِبُ
أَفِي وَلَهِي بِاسْمِ المَلِيحَةِ تَعْتِبُ / وَتُعْرِضُ إِنْ وَحَّدْتُهَا ثُمَّ تَغْضَبُ
وَلَوْ فُزْتَ مِنْ ذَاكَ الجَمْالِ بِنَظْرَةٍ / لأَصْبَحَ مِنْكَ العَقْلُ يُسْبىَ وَيُسْلَبُ
وَهَبْتُكَ سُلْوَاني وَصَبْري كِلاَهُما / وَأَمَّا غَرَامِي فَهْوَ مَا لَيْسَ يُوهَبُ
وَقَيَّدْتُ أَشْوَاقِي بإطْلاقِ صَبْوةٍ / إليْهَا صَبَابَاتُ المُحِبينَ تُنْسَبُ
فَهَا أَنَا والسَّاقي يُنَاوِلُ كأسَهَا / فَأَشْرَبُ صِرْفاً أَوْ يُغَنيِّ فَأَطْرَبُ
فَإنْ لاَمَ فِيهَا الشَّيْخُ طِفْلَ غَرَامِهَا / عَلَى سُكْرِهِ فالشَّيْخُ كالطِّفْلِ يَلْعَبُ
تُذَكِّرُنِي الحَلاَّجَ وَالكَأْسُ تُجْتَلَى / وَلَكِنَّهَا عَنْهُ تُصَانُ وَتُحْجَبُ
وَلَوْ لَمْ يَرَوْا رَاووُقَهَا كَصَلِيِبهِ / لَمَا عَذَروُا حلاَّجَهَا حِينَ يُصْلَبُ
لاَ تَلُمْ صَبْوَتِي فَمَنْ حَبَّ يَصْبُو
لاَ تَلُمْ صَبْوَتِي فَمَنْ حَبَّ يَصْبُو / إِنَّمَا يَرْحَمُ المُحِبَّ المُحِبُّ
كَيْفَ لا يُوقِدُ النَّسِيمُ غَرَامِي / وَلَهُ فِي خِيَامِ لَيْلَى مَهَبُّ
مَا اعْتِذَارِي إِذَا خَبَتْ لِيَ نَارٌ / وَحَبِيبي أَنْوَارُهُ لَيْسَ تَخْبُو
هَذِهِ الحُلَّةُ التَّي حُلَّ فِيَها / عَقْدُ صَبْرِي وَحَلَّهَا لِيَ حِبُّ
مَلأَ الكَوْنَ حُسْنُهُ فَلِهَذَا / كُلُّ قَلْبٍ إلى مَعَانِيهِ يَصْبُو
عَايَنَتْ حُسْنَهُ القُلُوبُ فَأَمْسَى / وَلَهُ فِي القُلُوبِ سَلْبٌ وَنَهْبُ
نَصَبُوا حَانَ حُبِّهِ ثُمَّ نَادُوْا / يَا نِيَامَ القُلُوبِ لِلرَّاحِ هُبُوا
بِنْتُ كَرْمٍ زُفَّتْ لِكُلِّ كَرَيمٍ / مَا عَلَى نَفْسِهِ النَّفِيسَةِ صَعْبُ
رَاحَ لِلرَّاحِ وَالخَلاَعَةِ عَبْداً / وَهَوْ فِي مَذْهَبِ الحَقيقَةِ رَبُّ
لِمَعْنَايَ قَلْبِي نَحْوَكُمْ أَبَداً يَصْبُو
لِمَعْنَايَ قَلْبِي نَحْوَكُمْ أَبَداً يَصْبُو / وَعِنْدِي لَكُمْ وَجْدٌ جَمِيعِي لَهْ نَهْبُ
وَمَا زَالَ سَلْبِ فَيكُمُ وَاجِباً لَكُمْ / وَفِي حُبِّكُمْ يَا سَادَتي يَجِبُ السَّلْبُ
غَدَا وَصْفُكُمْ لِلْحُسْنِ ذَاتاً فَشَمْسُكُمْ / بكُمْ مِنْكُمُ فِيْكُمْ لَهَا الشَّرْقُ والغَرْبُ
تُحَرِّكُهَا الأَشْوَاقُ نَحْوَ جَمَالِكُمْ / فَتَمْنَعُهَا تِلْكَ المَهَابَةُ والحُجْبُ
فَلاَهِى يَغْشَاهَا سُكُونٌ وَلاَ تَرىَ / سَبِيلاً لِذَاحَاَرتْ فَدَاَرتْ فَلاَ تَنْبُو
تَدُورُ عَلَى بُعْدٍ مِنَ المَرْكَزِ الَّذِي / بِهِ أَنْتُمُ إِذْ كَانَ شَخْصَكُمْ القُطْبُ
فَلَوْ قِيْسَتْ الأَبْعَادُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ / تَسَاوَتْ فَلاَ بُعْدٌ يُرَامُ وَلاَ قُرْبُ
إِذَا مَاسَ مَنْ يَهْوَاكَ تِيهاً فَلاَ عُتْبُ
إِذَا مَاسَ مَنْ يَهْوَاكَ تِيهاً فَلاَ عُتْبُ / وَمَنْ ذَا يَرَى ذَاكَ الجَمَالَ فَلاَ يَصْبُو
ومَنْ ذا الَّذي يُسْقَى بِذِكْرِكَ قَهْوَةً / وَلاَ يَنْثَنِي تِيهاً وَيَزْهُو بِهِ العُجْبُ
سَبَيْتَ الوَرَى حُسْناً وَأَنْتَ مُحَجَّبٌ / فَكَيْفَ بِمَنْ يَهْوَاكَ إِنْ زَالَتِ الحُجْبُ
وَأَصْبَحْتَ مَعْشُوقَ القُلُوبِ بِأَسْرِهَا / وَمَاذَرَّةٌ فِي الكَوْنِ إِلاَّ لَهَا قَلْبُ
إِذَا سَكِرَ العُشَّاقُ كُنْتَ نَدِيمَهُمْ / وأنتَ لَهُمْ سَاقٍ وَأَنْتَ لَهُمْ شُرْبُ
وَإِنْ زَمْزَمَ الحَادِي وَمَالُوا صَبَابَةً / فَلَيْسَ لَهُمْ قَصْدٌ سِوَاكَ وَلا أَرْبُ
وَلِمْ لاَ يَذْوبُ العَاشِقُونَ صَبَابَةً / وَوَجْداً وسُلْطَانُ المِلاَحِ لَهُمْ حِبُّ
لِي فِي هَوَاكُمْ مَذْهَبٌ مُذْهَبُ
لِي فِي هَوَاكُمْ مَذْهَبٌ مُذْهَبُ / ومَطْلَبٌ مَامِثْلُهُ مَطْلَبُ
أًَصْبَحْتُ عَبْداً رَاضِياً بالَّذِي / تَرْضُونَ لاَ أَرْجُو وَلاَ أَرْهَبُ
إِذَا تَجَلَّى كَاسُ سَاقِيكُمُ / كُنْتُ لَهُ أَوَّلَ مَنْ يَشْرَبُ
وَإِنْ تَغَنَّى بِاسْمِكُمْ مُنْشِدٌ / فَإِنَّني أَوَّلُ مَنْ يَطْرَبُ
يَا قَمَراً في مُهْجَتِي لَمْ يَزَلْ / مَطْلَعُهُ المَّشْرقُ وَالمَغْرِبُ
وَيَا غَزَالاً في فُؤادِي لَهُ / مَرْعىً وَمِنْ دَمْعِي لَهُ مَشْرَبُ
مَا العَيْشُ إلاَّ في هَوَاكَ الَّذِي / كُلُّ نَعِيمٍ فَلَهُ يُنْسَبُ
أَيُنْكِرُ الوَجْدُ أَنِّي فِي الهَوىَ شَحِبُ
أَيُنْكِرُ الوَجْدُ أَنِّي فِي الهَوىَ شَحِبُ / وَدُونَ كُلِّ دُخَانٍ سَاطِعٍ لَهِبُ
وَمَا سَلَوتُ كَمَا ظَنَّ الوِشَاةُ وَلاَ / أَسْلُو كَمَا يَتَرجَّى العَاذِلُ التَّعِبُ
فَإِنْ بَكَى لِصَبَابَاتِي عَذُولُ هَوىً / فَلى بِمَا مِنْهُ يَبْكِى عَاذِلي طَرَبُ
نَاشَدْتُكَ الَّلهَ يَا رُوحي اذْهُبَى كَلَفاً / بِحُبِّ قَوْمٍ عَنِ الجَرْعَاءِ قَدْ ذَهَبُوا
لاَ تَسْأَلِيْهُمْ ذِمَاماً فِي مَحَبَّتِهمْ / فَطَالَمَا قَدْ وَفَا بِالذِّمَةِ العَرَبُ
هُمْ أَهْلُ وُدِّي وَهَذَا وَاجِبٌ لَهُمُ / وَإِنَّمَا وُدهُمْ لي فَهْوَ لاَ يَجِبُ
هُمْ أَلْبَسُونِي سِقَاماً مِنْ جُفُونِهِمُ / أَصْبَحْتُ أَرْفُلُ فِيهِ وَهْوَ يَنْسَحِبُ
وَصَيَّرَتْ أَدْمُعي حُمْراً خُدُودُهمُ / فَكَيْفَ أَجْحَدُ مَا مَنُّوا وَمَا وَهَبُوا
هَلِ السَّلاَمَةُ إِلاَّ أَنْ أَمُوتَ بِهِمْ / وَجْداً وَإِلاَّ فبُقْيَاىَ هُوَ العَطَبُ
إِنْ يَسْلُبُوا البَعْضَ مِنِّي فَالجَميعُ لَهُمْ / وَإِنّ أَشْرفَ أَجْزَائِي الَّذِي سَلَبُوا
لَوْ تَعْلَمُ العَذَبَاتُ المَايسَاتُ بِمَنْ / قَدْ بَانَ عَنْهَا إِذَنْ مَا اخْضَرَّتِ العَذَبُ
وَلَوْ دَرَى مَنْهُلُ الوَادِي الذَّي وَرَدُوا / مَنْ وَارِدُوا مَائِهِ لاَهْتَزَّهُ الطَرَبُ
إِنِّي لأَكْتُمُ أَنْفَاسِي إِذَا ذُكِرُوا / كَليْلاَ يُحرِّقَهُمْ مِنْ زَفْرَتي اللَّهَبُ
وَتُرْسِلُ الدَّمْعَ عَيْني فِي مَنَازِلِهِمْ / كَيْلاَ تُسَابِقَهَا فِي سَحِّهَا السُّحُبُ
كَذَا لِكُلِّ مُحِبٍّ غَيْرَةٌ لَهُمُ / وَعِنْدَ كُلِّ غَيوُرٍ فِطْنَةٌ عَجَبُ
أُسَائِلُ البَانَ عَنْ مَيْلِ النَّسِيمِ بِهِمْ / سُؤَالَ مَنْ لَيْسَ يُدْرَى فِيهِ مَا السَّبَبُ
وَتِلْكَ آثَارُ لِينٍ مِنْ قُدُودِهِمُ / مَرَّتْ بِهَا الرِّيحُ فَاهْتَزَّتْ لَهَا القُضُبُ
نَعَمْ هَذِهِ الدَّارُ الَّتي أَنْتَ تَطْلُبُ
نَعَمْ هَذِهِ الدَّارُ الَّتي أَنْتَ تَطْلُبُ / إِلَى أَيْنَ عَنْهَا يَالَكَ الخَيْرُ تَذْهَبُ
أَعَنْ دَارِ لَيْلَى بَعْدَ مَا بَانَ بَانُهَا / وَفَاحَ شَذَا أَنْفَاسِهَا تَتَحَجَّبُ
لَقَدْ سَمَحَتْ رُوحِي بُقْربِ مَزَارِهَا / بفُرْقَةِ جِسْمٍ لَمْ تَزَلْ فِيهِ تَرْغَبُ
وَهَلْ كَانَتِ الأَجْسَادُ إِلاَّ مَطِيَّنَا / تُقَرِّبُهَا مَعْنىً لَهَا حِينَ تَقْرَبُ
نَعَمْ ذَلِكَ المَعْنَى الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ / بُدُورُ سَنَاهَا بَعْدمَا عَنْكَ تَغْرِبُ
وَلاَحتْ وَهَلْ يَوْماً تَوَارَتْ وَإِنَّمَا / بِتَنْزِيهِهَا عَنْ ذَاكَ طَرْفِي يُكَذِّبُ
نَدَىً فِي الأَقْحِوانَةِ أَمْ رِضَابُ
نَدَىً فِي الأَقْحِوانَةِ أَمْ رِضَابُ / وَطَلُّ فِي الشَّقِيقَةِ أَمْ سَرَابُ
فَتِلْكَ وَهَذِهِ ثَغْرٌ وَكَأْسٌ / بِذَا ظَلْمٌ وَفِي هّذَى شَرَابْ
وَخُضْرُ خَمَائلٍ كَسَجُومِ غِيدٍ / قَدْ انْتُقِشَتْ وَرَقَّ بِهَا الخِطَابُ
يُريكُ بِهَا الشَّقِيقُ سَوَادَ هُدْبٍ / وَحُمْرةَ وَجْنَةٍ فِيهَا الْتِهَابُ
وَوُرْقُ حَمَائمٍ فِي كُلِّ فَنٍ / إِذَا نَطَقَتْ لَهَا لَحْنٌ صَوَابُ
لَهَا بِالظِّلِّ أَزْرَارٌ حِسَانٌ / وَأَطْوَاقٌ وَمِنْ وَرِقٍ ثِيَابُ
كَأَنَّ النَّهْرَ سَيْفٌ مَشْرِفيِّ / لَهُ فِي كَفِّ صَيْقَلِهِ اضْطِرَابُ
تُجَرِّدُهُ يَمينُ الشَّمْسِ طَوْراً / وَطَوْراً بِالظِّلاَلِ لَهُ قِرَابُ
يُعَابُ السَّيْفُ إِذْ فِي جَانبِيِهِ / فُلُولٌ وَهْوَ مِنْهَا لاَ يُعَابُ
فَإِنْ قُلْتَ الحَبَابُ انْسَابَ ذُعْراً / وَرُمْتَ الرَّقْشَ صَدَّقَكَ الحَبَابُ
وَلِلأَغْصَانِ هَيْنَمَةٌ تُحَاكِي / حَبَايِبَ رَقَّ بَيْنَهُمُ العِتَابُ
تَثَنَّتْ وَالحَمَامُ لَهَا يُغَنِّي / كَشَرْبِ مَدَامُةٍ شَرِبُوا وَطَابُوا
لَوْلاَ الحِمَى وَصَبَايَا بِالْحِمَى عُرُبُ
لَوْلاَ الحِمَى وَصَبَايَا بِالْحِمَى عُرُبُ / مَا كَانَ فِي البَارِقِ النَّجْدِيِّ لي أَرَبُ
حَلَّتْ عُقُودَ اصْطِبَارِي دُوْنَهُ حُلَلٌ / حُقُوُقهَا كَارتِيَاحاتِي لَهَا تَجِبُ
وَفِي رِيَاضِ بِيوُتِ الحَيِّ مِنْ إِضَمٍ / وَرْدٌ جَنِيٌّ وَفِي أَكْمَامِهَا القُضُبُ
يَسْقِي الأَقَاحِيَ مِنْهَا قُرْقُفٌ فإِذَا / لاَحَ الحَبَابُ عَلَيْهَا فَاسْمُهُ الشَّنَبُ
يَقْضِي بِهَا لِعُيُونِ النَّاظِرينَ عَلَى / كُلِّ القُلُوبِ قَضَاءٌ مَا لَهُ سَبَبُ
إِلاَّ تَمَارُضَ أَجْفَانٍ إِذَا سَلَبَتْ / فَمُقْتَضَى هَمِّهَا المَسْلُوبُ لاَ السَّلَبُ
وَلِي لَدَى الحِلَّةِ الفَيْحَاءِ غُصْنُ نَقَا / يَهْفُو فَيَجْذِبُهُ خَفْقٌ فَيَنْجَذِبُ
لاَ يَقْدِرُ الحِبُّ أنْ يُخْفِي مَحَاسِنَهُ / وَإِنَّمَا فِي سَنَاهُ الْحُجْبُ تَحْتَجِبُ
أُعَاهِدُ الرَّاحَ أَنَّى لاَ أُفَارِقُهَا / مِنْ أَجْلِ أَنَّ الثَّنَايَا شِبْهُهُا الحَبَبُ
وَأَرْقُبُ البَرْقَ لاَسُقْيَاهُ مِنْ أَربَى / لَكِنَّهُ مِثْلُ خَدَّيْهِ لَهُ لَهَبُ
يَا سَالِماً فِي الهَوَى مِمَا أُكَابِدُهُ / رِفْقَاً بِأَحْشَاءِ صَبٍّ شَفَّهَا الوَصَبُ
فَالأَجْرُ يَا أَمَلي إِنْ كُنْتَ تَكْسِبُهُ / مِنْ كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَرَّاءَ تَكْتَسِبُ
يَا بَدرَ تَمٍّ مُحَاقِي فِي زِيَادَتِهِ / ما أَنْ تَنْجَلِي عَنْ أُفْقِكَ السُّحُبُ
صَحَا السُّكَارَى وَسُكْرِي فِيكَ دَامَ وَمَا / لِلسِّكْرِ من سَبَبٌ يُرْوَى ولاَ نَسَبُ
قَدْ أَيَّسَ الصَّبْرَ وَالسِّلْوَانَ أَيْسَرُهُ / وَعَاقَبَ الصِّبَّ عَنْ آمَالِهِ الوَصَبُ
وَكُلَّمَا لاَحَ يَا دَمْعِي وَمِيضُ سَنىً / تَهْمِي وَإِنْ هَبَّ يَا قَلْبِي صَباً تَجِبُ
مَا صَادِحَاتُ الحَمَامِ في القُضُبِ
مَا صَادِحَاتُ الحَمَامِ في القُضُبِ / وَلاَ ارْتِفَاعٌ المُدَامِ بِالْحَبَبِ
إِلاَّ لِمَعْنىً إذَا ظَفَرْتَ بِهِ / أَلْزَمَكَ الجَدُّ صَوْرَةَ اللَّعِبِ
مِنْ أَجْلِ ذَا فِي الجَمَالِ مَا نَقَلَتْ / قَوْماً عَنِ الْقَبْضِ بَسْطَةُ الطَّرَبِ
قَدْ شَاهَدُوا مُطلَقَ الجَمَالِ بِلاَ / رَقِيبِ غَيْرِيَّةٍ وَلاَ حُجُبِ
فَأَوْلَعُوا بِالقُدُودِ مَايِسَةً / أَعْطَافُهَا وَالمَبَاسِمِ الشُّنُبِ
وَافْتَتَنُوا بِالعُيونِ إنْ رَمَقتْ / تَرْمِي قَسّيّاً بِأَسْهِمِ الهُدُبِ
وَأَسْلَمُوا فِي الهَوىَ أَزِّمَّتَهُمْ / طَوْعاً لِحُكْمِ الكَواعِبِ العُزُبِ
مَا فِي خَبَايَا غَرَامِ أَنْفُسِهِمْ / شَائَبِةً مِنْ شَوَائِبَ الرِّيَبِ
قَدْ خُلِقَتْ للجَمَالِ أَعْيُنُهُمْ / وطُهِّرَتْ بِالمَدَامِعَ السُّرُبِ
ما لاَحَظُوا رُتْبَةً تُقَيِّدُهُمْ / وَهُمْ جَمِيعاً عُمَارَةُ الرُّتَبِ
فَطُفْ بِحَانَا تِهِمْ عَسَى قَبَسٌ / مِنْ بَعْضِ كَاسَاتِهِمْ بِلا لَهَبِ
تَصْرِفُ مِنْ صَرْفِهَا هُمُومَكَ أَوْ / تُصْبحُ فِي القَوْمِ مُلْحَقَ النَّسَبِ
وَكُنْ طُفَيْلَتَهُمْ عَلى أَدَبٍ / فَمَا أَرَى شَافِعاً سِوىَ الأَدَبِ
وَإِنْ تَدَانَيْتَ مِنْ سُرَادِقِهِمْ / فَاسْجُدْ لِعزِّ الجَمَالِ وَاقْتَرِبِ
وَغِبْ حَنَانَيْكَ فِي حُضَورِهِمُ / عَنْكَ فَمنْ غَابَ عَنْهُ لَمْ يَغِبِ
وَاصَلَنِي هَجْرُ مَنْ أُحِبُّ
وَاصَلَنِي هَجْرُ مَنْ أُحِبُّ / فَلَمْ يَغِبْ لاَ وَلاَ يَغِيبُ
فَلَوْ يَكُونُ السُّلُوُّ حَياً / مَا مَاتَ مِنْ هَجْرِهِ المُحِبُّ
وَا رَحْمَتَا لاِنْكِسَارِ جَفْنِ / لاَ يَعْرِفُ الصَّحْوَ مِنْهُ هَدْبُ
جَارَ عَلَيْهِ الخُمَارُ حَتَّى / أَتْلَفَهُ والخُمَارُ صَعْبُ
يَا غُصْناً لا يَمِيلُ نَحْوِي / وَالمَيْلُ في الغُصنِ مُسْتَحَبُ
صَيْرتَني كَالنَّسِيمِ سُقْماً / لِمْ لاَ تَمِيلُ إذَا أَهِبُّ
أُحْكُمْ فَفِيكَ العَذَابُ عَذْبُ
أُحْكُمْ فَفِيكَ العَذَابُ عَذْبُ / مَا بَعْدَ حُلْوِ الخِطَابِ خَطْبُ
لِي وَلَهُ فِي هَوَاكَ فَارَ / وَدَمْعُ صَبٍّ عَلَيْكَ صَبُّ
وَمَا تَنَزَّهْتُ فِيكَ حَتَّى / فِيكَ نُزِّهْتُ حِينَ أَصْبُو
وَأَمْكَنَنِي مِنْ لَمَاكَ بَرْقٌ / مِنَ الحَيَا لاَ يَكَادُ يَخْبُو
يَا سَائِلي عَنْ شَذَا نَسِيمٍ / قَمِيصُهُ بِالوِصَالِ رَطْبُ
ذَاكَ سَلاَمُ الحَبِيبِ وَافَى / فِي عَهْدِهِ لِلِّثَامِ قُرْبُ
إِذَا تَجَلَّى عَلَى النَّدَامى / فَهْوَ لَهُمْ خُضْرَةٌ وَشُرْبُ
وَعَاذِلِي عَادَ لِي بِلُطْفٍ / تَكَادُ مِنْهُ الصِّبَا تَهِبُ
أَضْمَرَ غَدْراً فَعَادَ عُذْراً / إذْ رُفِعَتْ للمُحِبِّ حُجْبُ
رَوَتْ نَفَحَاتُ الطِّيبِ عَنْ نَسْمِةِ الصِّبَا
رَوَتْ نَفَحَاتُ الطِّيبِ عَنْ نَسْمِةِ الصِّبَا / حَدِيثَ غَرَامٍ عَنْ سُوَيْكِنَةِ الخِبَا
وَأَهْدَى النَّسِيمُ الحَاجِريُّ سَلاَمَهَا / فَيا لُطْفَ مَا أَهْدَى النَّسِيمُ وَمَا حَبَا
أَيَا صَاحِبي مَا لِلْحِمَى فَاحَ نَشْرُهُ / فَهَلْ سَحَبَتْ لَيْلَى ذِيولاً عَلَى الرُّبَا
فماذا الشَذا إلاَّ وقد زَار طَيْفُهَا / فأهْلاً بطَيْفٍ زارَ مِنْهَا وَمَرْحَبا
فَيا طِيبَ عَيْشٍ مَرْ لِي بِفِنَائِهَا / وَلَوْ عَاد يَوْماً كَأنَ عِنْدِي أَطْيَبا
لَيِاليَّ أُنْسٌ كُلُّهَا سَحَرٌ بها / وَأَيَّامُ وَصْلٍ كُلُّهَا زَمَنُ الصّبا
مُمُنْعَةٌ رَفْعُ الحِجابِ وَضَوْءُهُا / كَفَاهَا فَمَا نْحتَاجُ أَنْ نَتَنَقَّبا
هِيَ الشَمْسُ إلاَّ أنْ نُورَ جَمَالِهَا / يُنَزْهُهَا في الحُسْنِ أنْ تَتَحَجْبا
لَئِنْ أَخْلَفَ الوَسْمِيُّ مَا حِلَ تُرْبِهَا / فقَدْ رَاحَ مِنْ دَمْعِ المُحِبْينَ يَخْصِبَا
لَوْلاَ الحَيَاءُ وَأَنْ يُقَال صَبَا
لَوْلاَ الحَيَاءُ وَأَنْ يُقَال صَبَا / لَصَرَخْتُ مِلْءَ السَّمْعِ وَاطرَبا
حَضَرَ الحَبيبُ وَغابَ حَاسِدُنا / مِنْ بَعْدِ طُولِ تَحَجُب وَخَبا
فَاليَوْمَ أخْلَعُ فِيكَ يا أَمَلي / ثَوْبَ الوَقارِ وَأطْرَحُ الرُّتَبا
قمْ فاسْقِنِي مِنْ يَدَيْكَ صَافَيةً
قمْ فاسْقِنِي مِنْ يَدَيْكَ صَافَيةً / خَدُّكَ يَكْسُو شُعَاعَهَا لَهَبا
كَأنَّ مَاءَ الصَّفاءِ قَابَلَهَا / مِنْكَ ابتسامٌ فَمَثْلَ الحَبَبا
فَهَا أَنَا فِي الخُضُورِ مُنْتَهز / يا مُنْيَةَ النَّفْسِ غَيْبَةَ الرُّقَبا
مِنْ عَجَبِ أنَّنِي أَزيُدك مِنْ / شُرْبِي وَسُكْرِي على قدْ غَلَبَا
أَهَلاً بمُعْتَلِ النَّسِيمٍ وَمَرْحَبا
أَهَلاً بمُعْتَلِ النَّسِيمٍ وَمَرْحَبا / وَمُذَكْرِي عَهْدَ الصِّبَابَةِ وَالصِّبا
حَمَلَ التَّحِيَّةَ عَنْ أَهَيْل المُنْحَنَى / وَأَبَان عَنْهُمْ بالمَقَالِ وَأَغرَبا
فَعَرَفْتُ عَرْفَهُمُ بِهِ لَكِنَّنِي / أَنْكَرْتُ صَبْراً عَنْ عُهُودِيَ نَكَّبا
يَا عَاذِلي كُنْ عَاذِرِي فِي حُبِّهمْ / لَمْ ألْقَ للسِّلْوَانِ عَنْهُمْ مَذهَبا
لاَ تَلْح فِيْهمْ مُغْرَماً أَلِفَ الضَّنَا / يَجدُ السِّقَامَ بهُمْ لَذِيذاً طَيِّبا
نَزَلَ الغَرَامُ بِهِ فرَحْلَ صَبْرَهُ / عَنْهُ وَخَيْمَ في حَشَاهِ وَطَنْبا
غِبْتُمْ وَأَنْتُمْ حَاضِرونَ بمُهْجَتي / أفْدِي الحُضُورَ بمُهَجَتِي وَالغَيْبا
مَا هَب مِنْ نخوكُمْ نَسِيمُ صَبَا
مَا هَب مِنْ نخوكُمْ نَسِيمُ صَبَا / إِلاَّ وَأَذْكَى بمُهْجَتِي لَهَبا
وَلاَ شَدَا مُطْربٌ بذِكْرِكُمْ / إلاَّ وَنَادَى المَشُوُقُ واطرَبا
وَلاَ تَذكُرْتُ عِيشَةَ سَلفَتْ / بالخِيفِ إلاَّ وَقلْتُ وَا حَرَبا
لا نَالَ مِنْكَ المَشُوُقُ بُغْيَتَهُ / إِنْ كان يَوْماً إلى سِوَاكَ صَبَا
يَا حَبْذا لَوْعَتي عَليْكَ وَيَا / بُشْرَاىَ إنْ مُتُّ فِيكَ مُكْتَئِبا
أحْبَابَنا هَلْ بقُرْبِكُمْ أَمَلُ / أَمْ هَلْ بوَصْلِكُمُ أَرَى سَبَبا
آهاً لأَيَّامِنَا بقُرْبكُمُ / وطِيبِ عَيْشٍ بِوَصْلِكُمْ ذهَبا
يَا سَائقَ العِيسِ نَحْوَ كاظِمَةٍ / أَبْلغْ سَلامِي لِنَازِليِنَ قَبا
وقلْ قضَى ذلِكَ المَشُوُقُ بِكُمْ / وَمَا قضَى مِنْ وصَالِكُمْ أَرَبا