المجموع : 11
وغريرة في المكتبَهْ
وغريرة في المكتبَهْ / بجماِلها متنقِّبَهْ
أبصرتُها عند الصباحِ ال / غضِّ تشبه كوكْبَهْ
جلستْ لتقرأ أو لتك / تبَ ما المعلمُ رتَّبَه
فدنوْتُ أُسْترِقُ الخطى / حتَّى جلستُ بمقرُبَه
وحبستُ حتى لا أُرى / أنفاسيَ المتلهّبه
ونهيتُ قلبي عن خفو / قٍ فاضحٍ فتجنَّبه
راقبتُها فشهدتُ أن / نَ الله أْجزَلَ في الهبةَ
حملَ الثَّرى منها على / نورِ اليدْين وَقَلَّبَه
وسقاه في الفردوس مخ / تومَ الرحيق وركَّبَه
فإذا بها مَلَكٌ تنز / زَلَ للقلوبِ المتعَبَه
يا ليتَ حظَّ كتابها / لضلوعيَ المتعذِّبَه
حَضَنَتْهُ تقرأُ ما حوى / وحَنَتْ عليه وما انتبه
فإذا انتهى وجه ونا / لَ ذكاؤها ما استوعبَه
سَمحَتْ لأنْمُلِها الجمي / لِ بِريقِها كْي تَقلِبه
وسمعتُ وهْيَ تُغمغمُ ال / كلماتِ نَجْوى مُطربَه
ورأيتُ في الفمِ بدَعةً / خلاَّبةً مستعذبه
إحدى الثنايا النِّيرا / تِ بَدَتْ وليس لها شَبه
مثلومةً من طرفِها / لا تَحسَبنْها مَثلَبَه
هيَ لو علمتَ من المحا / سنِ عند أرفع مرتبه
هي مصدّرُ السِّيناتِ تُك / سِبُها صدىً ما أعذبه
وأمَا وقَلبٍ قد رأتْ / في السَّاجدين تَقَلُّبَهْ
صَلَّى لجبَّارِ الجمالِ / ولا يزالُ مُعذِّبَه
خَفقانُه متواصلٌ / والليلُ ينشرُ غيهبه
متعذِّبٌ بنهارِهِ / حتى يزورَ المكتبهْ
أما وعينِكِ والقُوى الس / سِحريَّةِ المتحجبِّهْ
ما رُمْتُ أكثر من حدي / ثٍ طيبُ ثغركِ طَيبَّه
وأرومُ سِنَّكِ ضاحكاً / حتَّى يلوحَ وأرْقُبَه
اغفري لي إِذا اِتَهَمتُك بِالغَد
اغفري لي إِذا اِتَهَمتُك بِالغَد / رِ فَقَد كُنتُ غائِباً عَن صَوابي
اِغفري لي لَعل ما كانَ مني / صَرخة الهَول عِندَ مَرأى عَذابي
وَصَدى اليَأس رَجّعته ضُلوعي / أَو بُكائي عَلى أَمان الشَبابِ
لَم تَكوني كَما زَعَمتُ وَلَكن / هالَني ما قَرَأتهُ في الكِتابِ
وَلعمري رَأَيتُ مِنك وَفاءً / لَم يَكُن فيهِ ذَرّة لارتيابي
اِغفري لي ما قلته في جُنوني / وَتَعالي أَشرح إِلَيك مصابي
رُبَّ صَرحٍ مَمرَّد مِن أَماني / ي أَظَلَّ النُجوم تَحتَ جَناحِهِ
قَد نَمَت حَولَهُ الأَزاهيرُ شَتّى / وَسَقاها الهَوى عَلالَةَ راحِه
فَنَزلناه آمنين زَماناً / نَجتَني مِن وَرودِهِ وَأَقاحِه
لَم تُحرِّك مِنهُ العَواصف رُكناً / وَلَكن خابَ مثلها في كِفاحِه
ثُم كانَت يَدٌ سَأَسكتُ عَنها / هَدَّمته إِلى سَواء الترابِ
أَينَ تِلكَ السَماء هَل كانَ ذاك / الصرح فيها مشيّداً مِن سَحابِ
إِغفري لي فَإِن أَشقى المحبّين / محبٌّ حَياتُهُ ذكرياتُ
أَينَما كُنتُ هيّج القَلب ذكرى / صَوَّرتها آثارُنا الباقياتُ
ما هُنا إِنَّها رُسومُ دُموعٍ / وَهُنا آه آنها قبلاتُ
وَهُنا طائِرٌ يُعيد حَديثاً / لَم تَغب عَنهُ هَذِهِ الكَلِماتُ
يا حَياتي لا تَغضَبي وَتعالي / عانِقيني وَأَقصري مِن عِتابي
حسب قَلبي عَذابه فَاِغفِري لي / يا حَياتي فَقَد لَقيتُ عِقابي
يا أَيُّها البلد الكَئيبُ
يا أَيُّها البلد الكَئيبُ / حياكَ مُنهمر سَكوبُ
لا تَبتئس بِالظُلم إن / ن غَداً لَناظرهِ قَريب
وَغدٌ عَصيبٌ لا يَسر / ر الظالمين غدٌ عَصيب
أَشرق بوجهك ضاحِكاً / وَلشمس شانئك الغُروب
ما بَعد غَمّك غَير يو / م تطمئن بِهِ القُلوب
لَهفي عَلى البَلَد الكئي / ب تَعطَلت أَسواقُهُ
عارٍ كَما أَعرورى الخري / ف تَساقَطَت أَوراقه
خَفقت جَوانحه أَسىً / وَتَقرّحت آماقه
صَبراً فَإِن الصَبر قَد / يَحلو بِفيك مَذاقه
هَذا عَدوّك لا يَرع / ك وَهَذِهِ أَخلاقُهُ
بلفور كَأسك مِن دَم الش / شهداء لا ماء العنَب
لا يَخدعنّك أَنها / راقت وَكللها الحبب
فَحبابها الأَرواح قَد / وَثبت إِلَيك كَما وَثَب
فَاِنظُر لِوَجهك إِنَّهُ / في الكَأس لوّحه الغضب
وَاِنظُر عمِيت فَإِنَّهُ / مِن صَرخة الحَق التهب
بلفور يَومك في السَما / ء عَلَيك صاعِقَة السَماء
ما أَنَت إِلا الذئب قَد / صَوّرت مِن طين الشَقاء
وَالذئب وَحشٌ لَم يَزَل / يَضرى بِرائحة الدِماء
إِخسأ بِوعدك إِن وَع / دك دونه رَب القَضاء
وَإِلى جَهَنَم أَنتُما / حطب لَها طول البَقاء
إِخسأ بوعدك لَن يَضي / ر الوَعد شَعباً هَبَّ ناهض
لا تَنقض الوَعد الَّذي / أَبرَمتهُ فَلَهُ نَواقض
وَيل لِوَعد الشَيخ مِن / عَزمات آساد روابض
أَتَضيع يا وَطَني وَها / عرق العُروبة فيَّ نابض
فَلأذهبن فِداءَ قَومي / في غِمار المَوت خائض
بشراك يا وَطَني فَقَد / نُفض الرقاد عَن البِلادِ
نَهَضَت بَواسل فيك تق / ذف بِالنُفوس إِلى الجِهاد
شَقوا الطَريق إِلى العُلا / وَخَطوا عَلى نَهج السَداد
وَلَسَوف تَنطق في سَبي / ل الحَق أَلسِنَةُ الجَماد
وَالوَيل يا وَطَني لِمَن / أَضحى يصرّ عَلى العِناد
بُشراك يا وَطني فَقَد / نَهَضَت بِكَ الغيد الأَوانس
حيّت جُموعَ الغانيا / ت عُيونُ نَرجسك النَواعس
أَقبَلنَ مِن باب الخَلي / ل يمسن في سود المَلابس
وَصَرَخنَ في وَجه العَمي / د وَحقهن لَهُنَ حارس
وَطَني ظَفرت إِذا النِسا / ء هَتفنَ باسمك في المَجالس
وَطَني عَلَينا العَهد جَم / عاً أَن نَسير إِلى الأَمام
وَنَعيش إِخواناً عَلى / مَحض المودّة وَالوِئام
وَنَردَّ عَنكَ النازِلات / مسابقين إِلى الحمام
وَنَكون في إِعلاء شَأ / نك عاملين عَلى الدَوام
حَتّى تُرى مُتفيئاً / ظَلَّ الكَرامة وَالسَلام
بَرقَتْ له مسنونةً تتلهَّبُ
بَرقَتْ له مسنونةً تتلهَّبُ / أمضى من القَدرِ المتاح وأغلبُ
حَزَّتْ فلا خد الحديدِ مخضَّبٌ / بدمٍ ولا نحرُ الذبيح مخضًّب
وجرى يصيحُ مصفّقاً حينا فلا / بصرٌ يزوغُ ولا خطىً تتنكَّب
حتى غَلَتْ بي ريبة فسألتُهمْ / خانَ السّلاحُ أم المنيَّةُ تكذب
قالوا حلاوةُ روحه رقصتْ به / فأجبتهم ما كلَّ رقصٍ يُطرب
هيهاتَ دونكه قضى فإذا به / صَعقٌ يشرّق تارة ويغرّب
وإذا به يزورُّ مختلف الخطى / وزكّيةٌ موتورةٌ تتصبَّبُ
يعدو فيجذبه العياءُ فيرتمي / ويكاد يظفر بالحياة فتهرب
متدفقٌ بدمائه متقلبٌ / متعلّقٌ بدَمائِه متوثب
أعذابهُ يُدْعى حَلاوةَ روحِه / كْم منطق فيه الحقيقةُ تُقلب
إنَّ الحلاوةَ في فمٍ متلمظٍ / شَرَهاً ليشرب ما الضحيَّةُ تسكب
هي فرحةُ العيدِ التي قامت على / ألمِ الحياةِ وكلُّ عيدٍ طيّبُ
افدي بروحي غيدَ اشبيليهْ
افدي بروحي غيدَ اشبيليهْ / وإن أذْقنَ القلبَ صابَ العذابْ
عَلقْتُ منهنَّ بِتربِ النَّهارْ / وجهاً وصنوِ اللَّيلِ فرعاً وعَين
في مثلِها يخلعُ مثلي العِذارْ / ولا يبالي كيف أمسى وأْينْ
أشربُ مِن فيها وكأس العُقارْ / معاً فكيف الصَّحوُ من سكرتين
لَهْفي عليها يومَ شَطَّ المزارْ / وساقَها البيْنُ إلى النَّيْربَينْ
ودّعتُها ومُهجتي مُشفيهْ / لم يشفني رشفُ الثنايا العِذاب
وودّعتْ بالنظرة المغريه / تصحب لُبّي معها في الرّكاب
يا أْعصُرَ الأَنْدَلس الخاليات / قد فازَ منْ عاش بتلكِ الربوع
أهكذا كانت هناك الحياة / متْرَفَةَ الأّيَّام ملءَ الضلوع
أهكذا الفتنةُ في الغانيات / ونشوةُ الوْصلِ وحَرُّ الولوع
لئِن مضى عهدُ ذوينا وفيات / ولم يَعُدْ من أملٍ في الرجوع
فذمتي بعهدِهْم موفيهْ / أرُدُّ ماضيهِم ببذْلِ الشَّباب
أنا ابْنُ زَيْدونَ وتصبو لِيَهْ / ولاَّدةٌ في دمِها والاهاب
أوَّلُ عهدي بفنونِ الهوى / بيروتُ أْنعِمْ بالهوى الأولِ
وقيل هل يَرْشُدُ قلبٌ غوى / والرشدُ غَيٌّ في الصِّبا المقبلِ
مَدَدْتُ لما قلتُ قلبي ارتوى / يدي فردَّتْهُ عن المنهل
بيروتُ لو شئتُ دفعتُ النوى / طوْعاً ولم أهجركِ فالويل لي
في ذِمَّةِ اللهِ مُنىً موديَهْ / باسقةٌ خضراءُ لُدْنٌ رطابْ
لعلَّ في أختك يا سوريَه / حسنَ عزاءٍ عن جليلِ المصاب
يَلَذ لي يا عينُ أن تسهدي / وتَشتري الصَّفوَ بطيب الكرى
لي رَقدةٌ طويلةٌ في غدِ / للِه ما أعمقَها في الثرى
ألم تَرَيْ طيرَ الصِّبا في يدي / أخشى مع الغفلةِ أن ينفرا
طال جناحاه وقد يهتدي / إلى أعالي دوحهِ مُبكرا
أرى الثِّلاثين ستعدو بيَه / مُغيرةٌ أفراُسها في اقترابْ
وبعد عشرٍ يلتوي عودَيهْ / وينضَبُ الزَّيت ويخبو الشهاب
لا بدَّ لي إنْ عِشتُ أن أعطِفا / على ربى الأَندلسِ النَّاضرهْ
وأجتلي أشباحَ عهدِ الصَّفا / راقصةً فتَّانةً ساحرهْ
هناك لا أملِكُ أنْ أذرِفا / دمعي على أيامِنا الغابره
عساك يا دمعَ محبِّ وَفَي / تَرُدُّ جنَّاتِ المنى زاهره
يومئذٍ أُلقي على عودَيهْ / لَحْنَ الهوى أْمزُجُه بالعتابْ
أفدي بروحي غيدَ أشبيليهْ / وإن أذْقنَ القلبَ صابَ العذابْ
لَم يَجر في بالي وَلا حِسابي
لَم يَجر في بالي وَلا حِسابي / أَن أَحتفي بِالجبر وَالحِساب
درسان كانا في الصِبا عَذابي / وَيحهما كَم شَنّجا أَعصابي
وَخَلّفا قَلبيَ في اِضطِراب /
ما هَذِهِ الحُروف وَالأَعدادُ / ما هَذِهِ السين أَخي وَالصادُ
وَكَيفَ يا وفود يا بِلاد / تَجتمع الأَشباه وَالأَضداد
مثل الرياضيات وَالآداب /
يا محتفين بابن عَمي قَدري / إِن أَنا قصّرت فَهَذا عُذري
أَكفر إِن غازلتهُ بِالشعر / فَحسبكم مِنا جَزيل الشكر
يا نُخبة الأَصحاب وَالأَحباب /
هل كَفْرَ كَنَّه مُرجْعٌ لي ذكرُها
هل كَفْرَ كَنَّه مُرجْعٌ لي ذكرُها / ما فاتني من عنفوانِ شبابي
أمْ في صَباياها وفي رمّانِها / ما يبعثُ المدفونَ من آرابي
لو تنفعُ الذكرى ذكرتُ عشِيَّةً / زهراءَ بيْن كواعبٍ أترابِ
فيهنّ آسرةُ القلوب بحسنها / ودلالِها وحديثِها الخلاّبِ
روحٌ أخفُّ من النَّسيم وخاطرٌ / كالبرقِ مقرونٌ بحسنِ جوابِ
غرّ ثناياها وأشهد أَّنها / ممزوجةٌ رَشَفاتُها بشراب
نلقي أحاجيَ بيننا فتثيرنا / للضّحكِ خاطئةٌ وذاتُ صواب
ونردّد الأَلحانَ بينَ شجيَّةٍ / تُمري مدامعَنا وبيْن عِذابِ
ولقد نُعرّضُ باللِّقاء لموعدٍ / فيها ونُسْلكُها طريقَ عِتاب
قمنا وقد سقط الندى وتزاحفتْ / سُجُفُ الغمام ثقيلةَ الأَهدابِ
تُخفي محيّا البدر ثمَّ تُبينه / عبثَ المليحة دوننا بنقاب
وجَفَتْ مضاجِعَها الجنوب وملؤها / خفقان مضطَرمِ الهوى وثّابِ
بتنا على صَفْوٍ وخوفِ تفرّقٍ / للعاشقين مُهيّئِ الأَسبابِ
نيسانُ هان علي حكُمك بالنَّوى / لما تحطّمت المنى في آب
يا ليتَ من فَجَعَتْ فؤادي بالنوى / لم تُبقِ لي ذكرى تُطيلُ عذابي
أرى عدداً في الشؤم لا كثلاثةٍ
أرى عدداً في الشؤم لا كثلاثةٍ / وعشر ولكن فاقَه في المصائبِ
هو الأَلفُ لم تعرف فلسطينُ ضربةً / أشدَّ وأنكى منه يوماً لضاربِ
يهاجر ألفٌ ثم ألفٌ مهرباً / ويدخل ألفٌ سائحاً غير آيبِ
وألف جوازٍ ثم ألف وسيلةٍ / لتسهيل ما يلقونه من مصاعبِ
وفي البحر آلافٌ كأنَّ عبابَه / وأمواَجه مشحونةٌ في المراكبِ
بني وطني هل يقظةٌ بعد رقدةٍ / وهل من شعاعٍ بين تلك الغياهب
فو الله ما أدري ولليأس هبةٌ / أُنادي أميناً أم أهيب براغبِ
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها / حَتّى خَلَت مِن ظلال الحُسن وَالطيبِ
وَمَن تَصَدّى يَردُّ السَيلَ مُزدَحِماً / لَما تَحَدَّر مِن شُمِّ الأَهاضيبِ
وَمَن أَغار عَلى تلكَ الخِيام ضُحىً / يبيح تَقويضها مِن بَعد تَطنيبِ
هِيَ المَنية ما تَنفكّ سالِبَةً / فَما تُغادر حَيّاً غَير مَسلوبِ
حَقُ العُروبة أَن تَأسى لِشاعرها / وَتُذرف الدَمع مَنهَلّاً بِمَسكوبِ
وَتُرسل الزَفرة الحَرّى مصدّعة / ضُلوع كُل عَميد القَلب مَكروبِ
مَن للقريض عَريقاً في عُروبته / يَأتي بسحرين مِن مَعنى وَتَركيبِ
وَمِن لغرّ القَوافي وَهِيَ مُشرِقَة / كَأَوجه البَدَويات الرَعابيب
أَبا المَكارم قُم في الحَفل مُرتَجِلاً / مُهذَّباتك لَم تصقل بِتَهذيبِ
وَأَضرِم النارَ إِن القَومَ هامِدة / قُلوبُهُم ذلَّ قَلبٌ غَير مَشبوبِ
وَاِنفخ إِباءَك في آنافهم غَضَباً / فَقَد تُحَرِّكُ أَصنامَ المَحاريبِ
تَمكن الذلّ مِن قَومي فَلا عَجَب / أَلّا يُبالوا بِتَقريع وَتَأنيبِ
ما أَشرَفَ العُذرَ لَو أَن الوَغى نثرت / أَشلاءَهم بَينَ مَطعون وَمَضروبِ
لَكن دَهتهم أَساليب العداة وَهُم / ساهون لاهون عَن تِلكَ الأَساليبِ
وَيَقنعون بِمبذولٍ يلوِّحُهُ / مُستعمِروهم بِتبعيد وَتَقريبِ
كَأَنَّهُم لَم يُشيَّد مَجد أَولهم / عَلى السُيوف وَأَطرافِ الأَنابيبِ
يا رائِداً كُلَّ أَرض أَهلها عربٌ / يَجتازها نِضو تَصعيد وَتَصويبِ
وَمُنشِداً عِندهم علماً وَمَعرِفَةً / بِحالهم بَينَ إِدلاج وَتَأويبِ
هَل جئتَ مِنهُم أُناساً عَيشَهُم رغدٌ / أَم هَل نَزَلَت بِقطر غَير مَنكوبِ
أَم أَيّ راعٍ بِلا ذئبٍ يُجاوره / إِن لَم تَجد راعياً شَراً مِن الذيبِ
تَبّوأَ الكاظِميُّ الخلدَ مَنزِلَةً / يَلقى مِن اللَه فيها خَيرَ تَرحيبِ
أَبا المَكارم أَشرِف مِن علاك وَقُل / أَرى فلسطين أَم دُنيا الأَعاجيبِ
وَاِنظُر إِلَينا وَسرِّح في الحمى بَصَراً / عَن الهُدى لَم يَكُن يَوماً بِمَحجوبِ
تَجد قَوياً وَفي وَعدَ الدَخيل وَلَم / يَكُن لَنا مِنهُ إِلّا وَعد عَرقوبِ
وَمَرَّ سَبع وَعشر في البِلاد لَهُ / وَحكمه مَزج تَرهيب وَتَرغيبِ
قَد تَنتَهي هَذِهِ الدُنيا وَفي يَدِهِ / مَصيرنا رَهن تَدريب وَتَجريبِ
حال أَرى شَرَّها في الناس مُنتَشِراً / وَخَيرَها لِلمَطايا وَالمَحاسيبِ
هَل في فَلسطين بَعدَ البُؤس مِن دعةٍ / أَم لِلزَمان اِبتِسام بَعدَ تَقطيبِ
كَم حَققَ العَزم والاعجال مِن أَمَلٍ / وَخابَ قَصد بِإمهالٍ وَتَقليبِ
عَرَفتُ أَديباً فَأَحببته
عَرَفتُ أَديباً فَأَحببته / وَسُرعان ما غابَ هَذا الحَبيب
وَيا لَهفي الآن كَلّمته / وَفي لَحظةٍ باتَ لا يَستَجيب
وَيا حَسرَتي لِلرَدى مَزَّقَت / يَداه رِداءَ الشَباب القَشيب
وَكانَ نَضيراً عَلى منكبيه / فَأَصبَح مِنهُ سَليباً خَضيب
دَعاني البُكاء فَلبّيته / جزوعاً عَلَيهِ بِدَمع صَبيب
وَسِرتُ بِموكبه خاشِعاً / أُشيِّعه بَينَ حَفلٍ مُهيب
تُفيضُ أَكاليلُهُ طيبها / وَدون شَمائله كُلُّ طيب
وَعَدت عَن القَبر في العائِدين / أَمامي نَحيبٌ وَخَلفي نَحيب
وَفي كُل نَفسٍ لَهُ لَوعة / وَفي كُل قَلب عَلَيهِ لَهيب
عَرَفت أَديباً حَميد الخِصال / وَأَحبَبتُ فيهِ الذَكيَّ اللَبيب
وَروحاً عَلى القَلب مثل النَسيم / يَهبُّ فَينعش قَلب الكَئيب
وَكانَ قَريراً بِآماله / فَأَدعو لَهُ اللَه أَلّا تَخيب
وَكانَ يَراها بِعَين الأَريب / وَلَكنَّ للدَهر عينَ الرَقيب
وَيَكلأها بِالنَشاط العَجيب / وَلِلدَهر في الناس شَأن عَجيب
تَناول ذاكَ الفُؤادَ الخَصيب / فَأَصبَح وَهُوَ الفُؤادُ الجَديب
وَحَطّم بُنيانَ آماله / بِكَفّي لَئيمٍ خؤون رَهيب
عَزاءً لَكُم أَيُّها الأَقرَبون / جَميلاً لَنا فيهِ أَوفى نَصيب
لَئِن باعَدتَ رحمٌ بَينَنا / لَقَد كانَ فينا الحَبيب القَريب
بِنا ما بِكُم مِن غَليل الأَسى / بَقَلب أَلَحَّ عَلَيهِ الوَجيب
وَمَرَّ بِنا يَومه الأَربعون / يُجدِّد لي ذكر يَومٍ عَصيب
فَقَدتُ فَتىً كانَ في أُسرَتي / مَلاذ القَريب وَعَون الغَريب
أَبيّاً عَلى الضَيم عَفَّ اليَدين / نقيَّ السَريرة مِما يُريب
فَذاكَ ابن عَمٍ وَهَذا صَديق / وَذاكَ عَفيف وَهَذا أَديب
مسهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم
مسهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم / تَنوطها بِنُجوم اللَيل أَسبابُ
أَن يَخبُ للحُب في أَكبادهم قَبس / سَقَتهُم مِن شَراب المهل أَكواب
وَكَيفَ يَبغون عَن نار الهَوى حَولاً / وَعِندَهُم قاصِرات الطَرف أَتراب