القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبراهِيم طوقان الكل
المجموع : 11
وغريرة في المكتبَهْ
وغريرة في المكتبَهْ / بجماِلها متنقِّبَهْ
أبصرتُها عند الصباحِ ال / غضِّ تشبه كوكْبَهْ
جلستْ لتقرأ أو لتك / تبَ ما المعلمُ رتَّبَه
فدنوْتُ أُسْترِقُ الخطى / حتَّى جلستُ بمقرُبَه
وحبستُ حتى لا أُرى / أنفاسيَ المتلهّبه
ونهيتُ قلبي عن خفو / قٍ فاضحٍ فتجنَّبه
راقبتُها فشهدتُ أن / نَ الله أْجزَلَ في الهبةَ
حملَ الثَّرى منها على / نورِ اليدْين وَقَلَّبَه
وسقاه في الفردوس مخ / تومَ الرحيق وركَّبَه
فإذا بها مَلَكٌ تنز / زَلَ للقلوبِ المتعَبَه
يا ليتَ حظَّ كتابها / لضلوعيَ المتعذِّبَه
حَضَنَتْهُ تقرأُ ما حوى / وحَنَتْ عليه وما انتبه
فإذا انتهى وجه ونا / لَ ذكاؤها ما استوعبَه
سَمحَتْ لأنْمُلِها الجمي / لِ بِريقِها كْي تَقلِبه
وسمعتُ وهْيَ تُغمغمُ ال / كلماتِ نَجْوى مُطربَه
ورأيتُ في الفمِ بدَعةً / خلاَّبةً مستعذبه
إحدى الثنايا النِّيرا / تِ بَدَتْ وليس لها شَبه
مثلومةً من طرفِها / لا تَحسَبنْها مَثلَبَه
هيَ لو علمتَ من المحا / سنِ عند أرفع مرتبه
هي مصدّرُ السِّيناتِ تُك / سِبُها صدىً ما أعذبه
وأمَا وقَلبٍ قد رأتْ / في السَّاجدين تَقَلُّبَهْ
صَلَّى لجبَّارِ الجمالِ / ولا يزالُ مُعذِّبَه
خَفقانُه متواصلٌ / والليلُ ينشرُ غيهبه
متعذِّبٌ بنهارِهِ / حتى يزورَ المكتبهْ
أما وعينِكِ والقُوى الس / سِحريَّةِ المتحجبِّهْ
ما رُمْتُ أكثر من حدي / ثٍ طيبُ ثغركِ طَيبَّه
وأرومُ سِنَّكِ ضاحكاً / حتَّى يلوحَ وأرْقُبَه
اغفري لي إِذا اِتَهَمتُك بِالغَد
اغفري لي إِذا اِتَهَمتُك بِالغَد / رِ فَقَد كُنتُ غائِباً عَن صَوابي
اِغفري لي لَعل ما كانَ مني / صَرخة الهَول عِندَ مَرأى عَذابي
وَصَدى اليَأس رَجّعته ضُلوعي / أَو بُكائي عَلى أَمان الشَبابِ
لَم تَكوني كَما زَعَمتُ وَلَكن / هالَني ما قَرَأتهُ في الكِتابِ
وَلعمري رَأَيتُ مِنك وَفاءً / لَم يَكُن فيهِ ذَرّة لارتيابي
اِغفري لي ما قلته في جُنوني / وَتَعالي أَشرح إِلَيك مصابي
رُبَّ صَرحٍ مَمرَّد مِن أَماني / ي أَظَلَّ النُجوم تَحتَ جَناحِهِ
قَد نَمَت حَولَهُ الأَزاهيرُ شَتّى / وَسَقاها الهَوى عَلالَةَ راحِه
فَنَزلناه آمنين زَماناً / نَجتَني مِن وَرودِهِ وَأَقاحِه
لَم تُحرِّك مِنهُ العَواصف رُكناً / وَلَكن خابَ مثلها في كِفاحِه
ثُم كانَت يَدٌ سَأَسكتُ عَنها / هَدَّمته إِلى سَواء الترابِ
أَينَ تِلكَ السَماء هَل كانَ ذاك / الصرح فيها مشيّداً مِن سَحابِ
إِغفري لي فَإِن أَشقى المحبّين / محبٌّ حَياتُهُ ذكرياتُ
أَينَما كُنتُ هيّج القَلب ذكرى / صَوَّرتها آثارُنا الباقياتُ
ما هُنا إِنَّها رُسومُ دُموعٍ / وَهُنا آه آنها قبلاتُ
وَهُنا طائِرٌ يُعيد حَديثاً / لَم تَغب عَنهُ هَذِهِ الكَلِماتُ
يا حَياتي لا تَغضَبي وَتعالي / عانِقيني وَأَقصري مِن عِتابي
حسب قَلبي عَذابه فَاِغفِري لي / يا حَياتي فَقَد لَقيتُ عِقابي
يا أَيُّها البلد الكَئيبُ
يا أَيُّها البلد الكَئيبُ / حياكَ مُنهمر سَكوبُ
لا تَبتئس بِالظُلم إن / ن غَداً لَناظرهِ قَريب
وَغدٌ عَصيبٌ لا يَسر / ر الظالمين غدٌ عَصيب
أَشرق بوجهك ضاحِكاً / وَلشمس شانئك الغُروب
ما بَعد غَمّك غَير يو / م تطمئن بِهِ القُلوب
لَهفي عَلى البَلَد الكئي / ب تَعطَلت أَسواقُهُ
عارٍ كَما أَعرورى الخري / ف تَساقَطَت أَوراقه
خَفقت جَوانحه أَسىً / وَتَقرّحت آماقه
صَبراً فَإِن الصَبر قَد / يَحلو بِفيك مَذاقه
هَذا عَدوّك لا يَرع / ك وَهَذِهِ أَخلاقُهُ
بلفور كَأسك مِن دَم الش / شهداء لا ماء العنَب
لا يَخدعنّك أَنها / راقت وَكللها الحبب
فَحبابها الأَرواح قَد / وَثبت إِلَيك كَما وَثَب
فَاِنظُر لِوَجهك إِنَّهُ / في الكَأس لوّحه الغضب
وَاِنظُر عمِيت فَإِنَّهُ / مِن صَرخة الحَق التهب
بلفور يَومك في السَما / ء عَلَيك صاعِقَة السَماء
ما أَنَت إِلا الذئب قَد / صَوّرت مِن طين الشَقاء
وَالذئب وَحشٌ لَم يَزَل / يَضرى بِرائحة الدِماء
إِخسأ بِوعدك إِن وَع / دك دونه رَب القَضاء
وَإِلى جَهَنَم أَنتُما / حطب لَها طول البَقاء
إِخسأ بوعدك لَن يَضي / ر الوَعد شَعباً هَبَّ ناهض
لا تَنقض الوَعد الَّذي / أَبرَمتهُ فَلَهُ نَواقض
وَيل لِوَعد الشَيخ مِن / عَزمات آساد روابض
أَتَضيع يا وَطَني وَها / عرق العُروبة فيَّ نابض
فَلأذهبن فِداءَ قَومي / في غِمار المَوت خائض
بشراك يا وَطَني فَقَد / نُفض الرقاد عَن البِلادِ
نَهَضَت بَواسل فيك تق / ذف بِالنُفوس إِلى الجِهاد
شَقوا الطَريق إِلى العُلا / وَخَطوا عَلى نَهج السَداد
وَلَسَوف تَنطق في سَبي / ل الحَق أَلسِنَةُ الجَماد
وَالوَيل يا وَطَني لِمَن / أَضحى يصرّ عَلى العِناد
بُشراك يا وَطني فَقَد / نَهَضَت بِكَ الغيد الأَوانس
حيّت جُموعَ الغانيا / ت عُيونُ نَرجسك النَواعس
أَقبَلنَ مِن باب الخَلي / ل يمسن في سود المَلابس
وَصَرَخنَ في وَجه العَمي / د وَحقهن لَهُنَ حارس
وَطَني ظَفرت إِذا النِسا / ء هَتفنَ باسمك في المَجالس
وَطَني عَلَينا العَهد جَم / عاً أَن نَسير إِلى الأَمام
وَنَعيش إِخواناً عَلى / مَحض المودّة وَالوِئام
وَنَردَّ عَنكَ النازِلات / مسابقين إِلى الحمام
وَنَكون في إِعلاء شَأ / نك عاملين عَلى الدَوام
حَتّى تُرى مُتفيئاً / ظَلَّ الكَرامة وَالسَلام
بَرقَتْ له مسنونةً تتلهَّبُ
بَرقَتْ له مسنونةً تتلهَّبُ / أمضى من القَدرِ المتاح وأغلبُ
حَزَّتْ فلا خد الحديدِ مخضَّبٌ / بدمٍ ولا نحرُ الذبيح مخضًّب
وجرى يصيحُ مصفّقاً حينا فلا / بصرٌ يزوغُ ولا خطىً تتنكَّب
حتى غَلَتْ بي ريبة فسألتُهمْ / خانَ السّلاحُ أم المنيَّةُ تكذب
قالوا حلاوةُ روحه رقصتْ به / فأجبتهم ما كلَّ رقصٍ يُطرب
هيهاتَ دونكه قضى فإذا به / صَعقٌ يشرّق تارة ويغرّب
وإذا به يزورُّ مختلف الخطى / وزكّيةٌ موتورةٌ تتصبَّبُ
يعدو فيجذبه العياءُ فيرتمي / ويكاد يظفر بالحياة فتهرب
متدفقٌ بدمائه متقلبٌ / متعلّقٌ بدَمائِه متوثب
أعذابهُ يُدْعى حَلاوةَ روحِه / كْم منطق فيه الحقيقةُ تُقلب
إنَّ الحلاوةَ في فمٍ متلمظٍ / شَرَهاً ليشرب ما الضحيَّةُ تسكب
هي فرحةُ العيدِ التي قامت على / ألمِ الحياةِ وكلُّ عيدٍ طيّبُ
افدي بروحي غيدَ اشبيليهْ
افدي بروحي غيدَ اشبيليهْ / وإن أذْقنَ القلبَ صابَ العذابْ
عَلقْتُ منهنَّ بِتربِ النَّهارْ / وجهاً وصنوِ اللَّيلِ فرعاً وعَين
في مثلِها يخلعُ مثلي العِذارْ / ولا يبالي كيف أمسى وأْينْ
أشربُ مِن فيها وكأس العُقارْ / معاً فكيف الصَّحوُ من سكرتين
لَهْفي عليها يومَ شَطَّ المزارْ / وساقَها البيْنُ إلى النَّيْربَينْ
ودّعتُها ومُهجتي مُشفيهْ / لم يشفني رشفُ الثنايا العِذاب
وودّعتْ بالنظرة المغريه / تصحب لُبّي معها في الرّكاب
يا أْعصُرَ الأَنْدَلس الخاليات / قد فازَ منْ عاش بتلكِ الربوع
أهكذا كانت هناك الحياة / متْرَفَةَ الأّيَّام ملءَ الضلوع
أهكذا الفتنةُ في الغانيات / ونشوةُ الوْصلِ وحَرُّ الولوع
لئِن مضى عهدُ ذوينا وفيات / ولم يَعُدْ من أملٍ في الرجوع
فذمتي بعهدِهْم موفيهْ / أرُدُّ ماضيهِم ببذْلِ الشَّباب
أنا ابْنُ زَيْدونَ وتصبو لِيَهْ / ولاَّدةٌ في دمِها والاهاب
أوَّلُ عهدي بفنونِ الهوى / بيروتُ أْنعِمْ بالهوى الأولِ
وقيل هل يَرْشُدُ قلبٌ غوى / والرشدُ غَيٌّ في الصِّبا المقبلِ
مَدَدْتُ لما قلتُ قلبي ارتوى / يدي فردَّتْهُ عن المنهل
بيروتُ لو شئتُ دفعتُ النوى / طوْعاً ولم أهجركِ فالويل لي
في ذِمَّةِ اللهِ مُنىً موديَهْ / باسقةٌ خضراءُ لُدْنٌ رطابْ
لعلَّ في أختك يا سوريَه / حسنَ عزاءٍ عن جليلِ المصاب
يَلَذ لي يا عينُ أن تسهدي / وتَشتري الصَّفوَ بطيب الكرى
لي رَقدةٌ طويلةٌ في غدِ / للِه ما أعمقَها في الثرى
ألم تَرَيْ طيرَ الصِّبا في يدي / أخشى مع الغفلةِ أن ينفرا
طال جناحاه وقد يهتدي / إلى أعالي دوحهِ مُبكرا
أرى الثِّلاثين ستعدو بيَه / مُغيرةٌ أفراُسها في اقترابْ
وبعد عشرٍ يلتوي عودَيهْ / وينضَبُ الزَّيت ويخبو الشهاب
لا بدَّ لي إنْ عِشتُ أن أعطِفا / على ربى الأَندلسِ النَّاضرهْ
وأجتلي أشباحَ عهدِ الصَّفا / راقصةً فتَّانةً ساحرهْ
هناك لا أملِكُ أنْ أذرِفا / دمعي على أيامِنا الغابره
عساك يا دمعَ محبِّ وَفَي / تَرُدُّ جنَّاتِ المنى زاهره
يومئذٍ أُلقي على عودَيهْ / لَحْنَ الهوى أْمزُجُه بالعتابْ
أفدي بروحي غيدَ أشبيليهْ / وإن أذْقنَ القلبَ صابَ العذابْ
لَم يَجر في بالي وَلا حِسابي
لَم يَجر في بالي وَلا حِسابي / أَن أَحتفي بِالجبر وَالحِساب
درسان كانا في الصِبا عَذابي / وَيحهما كَم شَنّجا أَعصابي
وَخَلّفا قَلبيَ في اِضطِراب /
ما هَذِهِ الحُروف وَالأَعدادُ / ما هَذِهِ السين أَخي وَالصادُ
وَكَيفَ يا وفود يا بِلاد / تَجتمع الأَشباه وَالأَضداد
مثل الرياضيات وَالآداب /
يا محتفين بابن عَمي قَدري / إِن أَنا قصّرت فَهَذا عُذري
أَكفر إِن غازلتهُ بِالشعر / فَحسبكم مِنا جَزيل الشكر
يا نُخبة الأَصحاب وَالأَحباب /
هل كَفْرَ كَنَّه مُرجْعٌ لي ذكرُها
هل كَفْرَ كَنَّه مُرجْعٌ لي ذكرُها / ما فاتني من عنفوانِ شبابي
أمْ في صَباياها وفي رمّانِها / ما يبعثُ المدفونَ من آرابي
لو تنفعُ الذكرى ذكرتُ عشِيَّةً / زهراءَ بيْن كواعبٍ أترابِ
فيهنّ آسرةُ القلوب بحسنها / ودلالِها وحديثِها الخلاّبِ
روحٌ أخفُّ من النَّسيم وخاطرٌ / كالبرقِ مقرونٌ بحسنِ جوابِ
غرّ ثناياها وأشهد أَّنها / ممزوجةٌ رَشَفاتُها بشراب
نلقي أحاجيَ بيننا فتثيرنا / للضّحكِ خاطئةٌ وذاتُ صواب
ونردّد الأَلحانَ بينَ شجيَّةٍ / تُمري مدامعَنا وبيْن عِذابِ
ولقد نُعرّضُ باللِّقاء لموعدٍ / فيها ونُسْلكُها طريقَ عِتاب
قمنا وقد سقط الندى وتزاحفتْ / سُجُفُ الغمام ثقيلةَ الأَهدابِ
تُخفي محيّا البدر ثمَّ تُبينه / عبثَ المليحة دوننا بنقاب
وجَفَتْ مضاجِعَها الجنوب وملؤها / خفقان مضطَرمِ الهوى وثّابِ
بتنا على صَفْوٍ وخوفِ تفرّقٍ / للعاشقين مُهيّئِ الأَسبابِ
نيسانُ هان علي حكُمك بالنَّوى / لما تحطّمت المنى في آب
يا ليتَ من فَجَعَتْ فؤادي بالنوى / لم تُبقِ لي ذكرى تُطيلُ عذابي
أرى عدداً في الشؤم لا كثلاثةٍ
أرى عدداً في الشؤم لا كثلاثةٍ / وعشر ولكن فاقَه في المصائبِ
هو الأَلفُ لم تعرف فلسطينُ ضربةً / أشدَّ وأنكى منه يوماً لضاربِ
يهاجر ألفٌ ثم ألفٌ مهرباً / ويدخل ألفٌ سائحاً غير آيبِ
وألف جوازٍ ثم ألف وسيلةٍ / لتسهيل ما يلقونه من مصاعبِ
وفي البحر آلافٌ كأنَّ عبابَه / وأمواَجه مشحونةٌ في المراكبِ
بني وطني هل يقظةٌ بعد رقدةٍ / وهل من شعاعٍ بين تلك الغياهب
فو الله ما أدري ولليأس هبةٌ / أُنادي أميناً أم أهيب براغبِ
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها
سَل جَنة الشعر ما أَلوى بدوحتها / حَتّى خَلَت مِن ظلال الحُسن وَالطيبِ
وَمَن تَصَدّى يَردُّ السَيلَ مُزدَحِماً / لَما تَحَدَّر مِن شُمِّ الأَهاضيبِ
وَمَن أَغار عَلى تلكَ الخِيام ضُحىً / يبيح تَقويضها مِن بَعد تَطنيبِ
هِيَ المَنية ما تَنفكّ سالِبَةً / فَما تُغادر حَيّاً غَير مَسلوبِ
حَقُ العُروبة أَن تَأسى لِشاعرها / وَتُذرف الدَمع مَنهَلّاً بِمَسكوبِ
وَتُرسل الزَفرة الحَرّى مصدّعة / ضُلوع كُل عَميد القَلب مَكروبِ
مَن للقريض عَريقاً في عُروبته / يَأتي بسحرين مِن مَعنى وَتَركيبِ
وَمِن لغرّ القَوافي وَهِيَ مُشرِقَة / كَأَوجه البَدَويات الرَعابيب
أَبا المَكارم قُم في الحَفل مُرتَجِلاً / مُهذَّباتك لَم تصقل بِتَهذيبِ
وَأَضرِم النارَ إِن القَومَ هامِدة / قُلوبُهُم ذلَّ قَلبٌ غَير مَشبوبِ
وَاِنفخ إِباءَك في آنافهم غَضَباً / فَقَد تُحَرِّكُ أَصنامَ المَحاريبِ
تَمكن الذلّ مِن قَومي فَلا عَجَب / أَلّا يُبالوا بِتَقريع وَتَأنيبِ
ما أَشرَفَ العُذرَ لَو أَن الوَغى نثرت / أَشلاءَهم بَينَ مَطعون وَمَضروبِ
لَكن دَهتهم أَساليب العداة وَهُم / ساهون لاهون عَن تِلكَ الأَساليبِ
وَيَقنعون بِمبذولٍ يلوِّحُهُ / مُستعمِروهم بِتبعيد وَتَقريبِ
كَأَنَّهُم لَم يُشيَّد مَجد أَولهم / عَلى السُيوف وَأَطرافِ الأَنابيبِ
يا رائِداً كُلَّ أَرض أَهلها عربٌ / يَجتازها نِضو تَصعيد وَتَصويبِ
وَمُنشِداً عِندهم علماً وَمَعرِفَةً / بِحالهم بَينَ إِدلاج وَتَأويبِ
هَل جئتَ مِنهُم أُناساً عَيشَهُم رغدٌ / أَم هَل نَزَلَت بِقطر غَير مَنكوبِ
أَم أَيّ راعٍ بِلا ذئبٍ يُجاوره / إِن لَم تَجد راعياً شَراً مِن الذيبِ
تَبّوأَ الكاظِميُّ الخلدَ مَنزِلَةً / يَلقى مِن اللَه فيها خَيرَ تَرحيبِ
أَبا المَكارم أَشرِف مِن علاك وَقُل / أَرى فلسطين أَم دُنيا الأَعاجيبِ
وَاِنظُر إِلَينا وَسرِّح في الحمى بَصَراً / عَن الهُدى لَم يَكُن يَوماً بِمَحجوبِ
تَجد قَوياً وَفي وَعدَ الدَخيل وَلَم / يَكُن لَنا مِنهُ إِلّا وَعد عَرقوبِ
وَمَرَّ سَبع وَعشر في البِلاد لَهُ / وَحكمه مَزج تَرهيب وَتَرغيبِ
قَد تَنتَهي هَذِهِ الدُنيا وَفي يَدِهِ / مَصيرنا رَهن تَدريب وَتَجريبِ
حال أَرى شَرَّها في الناس مُنتَشِراً / وَخَيرَها لِلمَطايا وَالمَحاسيبِ
هَل في فَلسطين بَعدَ البُؤس مِن دعةٍ / أَم لِلزَمان اِبتِسام بَعدَ تَقطيبِ
كَم حَققَ العَزم والاعجال مِن أَمَلٍ / وَخابَ قَصد بِإمهالٍ وَتَقليبِ
عَرَفتُ أَديباً فَأَحببته
عَرَفتُ أَديباً فَأَحببته / وَسُرعان ما غابَ هَذا الحَبيب
وَيا لَهفي الآن كَلّمته / وَفي لَحظةٍ باتَ لا يَستَجيب
وَيا حَسرَتي لِلرَدى مَزَّقَت / يَداه رِداءَ الشَباب القَشيب
وَكانَ نَضيراً عَلى منكبيه / فَأَصبَح مِنهُ سَليباً خَضيب
دَعاني البُكاء فَلبّيته / جزوعاً عَلَيهِ بِدَمع صَبيب
وَسِرتُ بِموكبه خاشِعاً / أُشيِّعه بَينَ حَفلٍ مُهيب
تُفيضُ أَكاليلُهُ طيبها / وَدون شَمائله كُلُّ طيب
وَعَدت عَن القَبر في العائِدين / أَمامي نَحيبٌ وَخَلفي نَحيب
وَفي كُل نَفسٍ لَهُ لَوعة / وَفي كُل قَلب عَلَيهِ لَهيب
عَرَفت أَديباً حَميد الخِصال / وَأَحبَبتُ فيهِ الذَكيَّ اللَبيب
وَروحاً عَلى القَلب مثل النَسيم / يَهبُّ فَينعش قَلب الكَئيب
وَكانَ قَريراً بِآماله / فَأَدعو لَهُ اللَه أَلّا تَخيب
وَكانَ يَراها بِعَين الأَريب / وَلَكنَّ للدَهر عينَ الرَقيب
وَيَكلأها بِالنَشاط العَجيب / وَلِلدَهر في الناس شَأن عَجيب
تَناول ذاكَ الفُؤادَ الخَصيب / فَأَصبَح وَهُوَ الفُؤادُ الجَديب
وَحَطّم بُنيانَ آماله / بِكَفّي لَئيمٍ خؤون رَهيب
عَزاءً لَكُم أَيُّها الأَقرَبون / جَميلاً لَنا فيهِ أَوفى نَصيب
لَئِن باعَدتَ رحمٌ بَينَنا / لَقَد كانَ فينا الحَبيب القَريب
بِنا ما بِكُم مِن غَليل الأَسى / بَقَلب أَلَحَّ عَلَيهِ الوَجيب
وَمَرَّ بِنا يَومه الأَربعون / يُجدِّد لي ذكر يَومٍ عَصيب
فَقَدتُ فَتىً كانَ في أُسرَتي / مَلاذ القَريب وَعَون الغَريب
أَبيّاً عَلى الضَيم عَفَّ اليَدين / نقيَّ السَريرة مِما يُريب
فَذاكَ ابن عَمٍ وَهَذا صَديق / وَذاكَ عَفيف وَهَذا أَديب
مسهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم
مسهدون وَهُم حَيرى مَحاجرهم / تَنوطها بِنُجوم اللَيل أَسبابُ
أَن يَخبُ للحُب في أَكبادهم قَبس / سَقَتهُم مِن شَراب المهل أَكواب
وَكَيفَ يَبغون عَن نار الهَوى حَولاً / وَعِندَهُم قاصِرات الطَرف أَتراب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025