القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : فِتيان الشّاغُوري الكل
المجموع : 34
يا هارِباً وَوَشيك الطَعنِ يَتبَعُهُ
يا هارِباً وَوَشيك الطَعنِ يَتبَعُهُ / وَهَل تَطولُ حَياةُ الكَلبِ إِن كلِبا
إِنّي لأَعجَبُ مِن حالي وَحالِكَ يا / هَذا فَكُلُّ زَماني يَنقَضي عَجَبا
سَرَرتني حينَ كُنتَ الظَبيَ مُلتَفِتاً / وَقَد عَققت وَأَنتَ الكَلبُ مُنقَلَبا
يا هِندُ لا تَسخَري بي
يا هِندُ لا تَسخَري بي / وَتَعجَبي مِن مشيبي
وَتَنفُري نَفرَةَ الشا / دِنِ الأَغَنِّ الرَبيبِ
فَالدَهرُ عَوَّضَني بِال / بازي عَنِ الغِربيبِ
فَلَيسَ لي في الغَواني / وَوُدِّها مِن نَصيبِ
أَشكو إِلى اللَهِ مِن لَو / عَةِ الغَرامِ الَّذي بي
دارُ الأَحِبَّةِ نادى / فيها مُنادي الخُطوبِ
وَقَفتُ في الدارِ أَبكي / وَما بِها مِن عَريبِ
سَأَلتُ فيها صَداها / سُؤالَ صَبٍّ كَئيبِ
فَقُلتُ أَينَ حَبيبي / فَقالَ أَينَ حَبيبي
قُم فَاِسقِني الراحَ صِرفاً / تُجلى بِكَأسٍ وَكوبِ
حَمراءَ شَمطاءَ بكراً / لَيسَت بِخَمرِ الزَبيبِ
فَطَعمُها في لَهاتي / كَطَعمِ ريقِ الحَبيبِ
يَصبو إِلَيها الوَرى مِن / شُبّانِهِم وَالشيبِ
تَعانَقَت هِيَ وَالما / ءُ في الزُجاجِ الخَصيبِ
تَعَصَّبت بِحَبابٍ / كَاللُؤلُؤِ المَثقوبِ
فَوَرَّثَت فيهِ سِرَّ ال / سُرورِ بِالتَعصيبِ
تَرمي الحُمَيّا المُحَيّا / مِن ضحكِها بِالقُطوبِ
لَها دَبيبٌ بِجِسمي / يا حسنَهُ مِن دَبيبِ
مَتى اِمتَطَتها يَميني / فَلَّت جُيوشَ الكُروبِ
وَلِلهُمومِ بِصَدري / تَأَهُّبٌ لِلهُروبِ
يُديرُها قَمرٌ في / خوطٍ بِأَعلى كَثيبِ
أَفدي الَّذي زارَ بَعدَ هَجرٍ
أَفدي الَّذي زارَ بَعدَ هَجرٍ / فَكانَ مِن عِلَّتي طَبيبي
أَطلَعَ بَدراً مِن فَوقِ غُصنٍ / يَميسُ تيهاً عَلى كَثيبِ
يَرنو بِأَجفانِهِ دَلالاً / فَيَنفُثُ السِحرَ في القُلوبِ
وافى وَفي كَفِّهِ مُدامٌ / أَلَذُّ مِن غَفلَةِ الرَقيبِ
كَأَنَّها إِذ صَفَت وَراقَت / شَكوى مُحِبٍّ إِلى حَبيبِ
لَقَد عَجِبنا مِنهُ وَمِنها / كَالشَمسِ وَالبَدرِ في قَضيبِ
فَقُمتُ مُستَبشِراً وَقَلبي / في غايَةِ الوَجدِ وَالوَجيبِ
فَدارَ ما بَينَنا عِتابٌ / كَالخِصبِ وافى عَلى جُدوبِ
قَبَّلتُهُ قُبلَةً تُضاهي / تَجاوُزَ اللَهِ عَن ذُنوبي
وَباتَ يَقري سَمعي كَلاماً / أَحلى مِنَ النَصرِ في الحُروبِ
وَبِتُّ مِنهُ في برد عَيشٍ / مُفَوَّفٍ ناعِمٍ قَشيبِ
فَيا لَها لَيلَةً جَنَيتُ ال / ثِمارَ مِن غُصنِها الرَطيبِ
نَشَرَ الرَبيعُ لَنا مَطاوِيَ طيبِهِ
نَشَرَ الرَبيعُ لَنا مَطاوِيَ طيبِهِ / فَاِخضَرَّ ذاوِيَ العَيشِ مِن تَرطيبِهِ
فَصلٌ تَبَسَّمَ مُسفِراً عن حُسنِهِ / في إِثرِ فَصلٍ لَجَّ في تَقطيبِهِ
هُوَ كَالإِمامِ فَكُلُّ شَحرورٍ عَلى / فَنَنٍ بِمنبَرِهِ أَتى وَخَطيبِهِ
هُوَ كيمياوِيُّ الرَبيعِ أَجادَ في / تَفضيضِهِ صُنعاً وفي تَذهيبِهِ
تِلكَ الدَراهِمُ وَالدَنانيرُ الَّتي / في رَوضِهِ وَالدَوحُ في مَضروبِهِ
وَأَنامِلُ المُنثورِ مِنهُ خَيَّمَت / فَحَثَت عَلى الكافورِ تُربَ عُيوبِهِ
بسَط الأَكُفَّ كَعاشِقٍ يَدعو إِلى / الرَحمَنِ أَن يَحظى بِوَصلِ حَبيبِهِ
وَالوَردُ كَالخَجلانِ وَالمَنثورِ مُس / تَحيٍ كَصَبٍّ مُبتَلى بِرَقيبِهِ
هَبَّ النَسيمُ بِهِ فَنَبَّهَ نائِمُ ال / زَهرِ الأَنيقِ فَهَبَّ عِندَ هُبوبِهِ
إِنَّ النَسيمَ عَليلُهُ يُهدي إِلى / الصَبِّ العَليلِ شِفاءهُ بِطَبيبِهِ
يا حَبَّذا رَقصُ الغُصونِ عَلى غِنا / ءِ الطَيرِ حينَ أَجادَ في تَطريبِهِ
يا مَن يَلومُ عَلى المُدامَةِ شارِباً / يَجني ثِمارَ مُناهُ مِن مَشروبِهِ
دَع عَذلَهُ إِن كُنتَ ناصِحَهُ فَمِن / تَهذيبِهِ عِصيانُ ما تَهذي بِهِ
إِنَّ المَلامَةَ لِلمُحِبِّ عَلى الهَوى / تُغري بِهِ وَتَزيدُ في تَرغيبِهِ
انظُر إِلى الرَوضِ البَهيجِ وَاعجَبِ
انظُر إِلى الرَوضِ البَهيجِ وَاعجَبِ / وَاِشرَب عَلى الوَردِ الأَريجِ وَاطرَبِ
فَالوَردُ يُبدي صُرَرَ الحَريرِ قَد / فُتِحنَ عَن قُراضَةٍ مِن ذَهَبِ
يَقولُ هَكَذا اِفتَحوا في زَمَني / أَكياسَكُم وَأَنفِقوا في الطَرَبِ
ما أَحسَنَ الحَبابَ وَالأَحبابَ وَاِب / نَ المُزنِ في الكَأسِ وَبِنتَ العِنَبِ
قُم فَاِسقِني صاح عَلى الوَردِ حَكى ال / خُدودَ في الحُسنِ ذَواتِ اللهَبِ
وَحَرِّكِ الأَوتارَ بِالأَوطارِ يا / مُطرِبَنا تَفُز بِنَيلِ الأَرَبِ
وَهوَ الَّذي لَم يَزَل تَهمي أَنامِلُه
وَهوَ الَّذي لَم يَزَل تَهمي أَنامِلُه / بِالنَيلِ كَالنيلِ فَيّاضاً وَكَالسُحُبِ
وَهوَ الَّذي باللهى في دَهرِنا فَتحُ ال / لهى لَهُ بِبَديعِ المَدحِ وَالخُطَبِ
لَولا نَدى الأَشرَفِ المَيمونِ طائِرُهُ / في دَهرِنا لَم يَرُق عَيشٌ وَلَم يَطِبِ
بِالسَيبِ وَالسَيفِ في يَومَي نَدىً وَردىً / حَمى الوَرى من طوىً وَالوَحشَ مِن سَغَبِ
خُذ ما تَرى مِنهُ مِن هَزمِ الكَتائِبِ وَال / جودِ الغَزيرِ وَدَع ما جاءَ في الكُتُبِ
لَم تَلقَ غُرَّتَهُ الشَمسُ المُنيرَةُ في ال / نَهارِ إِلّا بِوَجهٍ غَير مُتَّئِبِ
فَالبَحرُ وَالشَمسُ لَم يوجَد نَظيرُهُما / في كُلِّ دَهرٍ تَوَلَّتهُ يَدُ الحِقَبِ
يُفني الرِضى ما لَهُ قَبلَ السُؤالَ كَما / يُفني العِدا بَأسُهُ في ساعَةِ الغَضَبِ
وَما أشَبِّهُهُ بِاللَيثِ وَهوَ لَهُ / صَيدٌ وَكيفَ يُقاسُ الصَقرُ بِالخَرَبِ
فَالسَعدُ يَخدِمُهُ وَالنَصرُ يقدمُهُ / فَلو يَشاءُ لَفَضَّ النَبعَ بِالغَرَبِ
فَالجَيشُ مِثلُ كُعوبِ الرُمحِ مُطَّرِداً / وَهوَ السِنانُ أَمامَ الجَحفَلِ اللَجِبِ
ما الرُمحُ إِن لَم تُتَوِّجهُ بِلَهذَمِهِ / يَومَ الطِعانِ بِهِ إِلا مِنَ القَصَبِ
يا دَهرُ إِن لَم تَكُن تَحنو عَلَيَّ فَلي / موسى فَلَم أَخشَ أَنياباً مِن النُوَبِ
وَليسَ لي بَعدَ لُطفِ اللَهِ غَيرُ نَدى / يَمينِهِ فَهوَ يَأتيني بِلا سَبَبِ
لَكِن رَجاءَ ثَوابِ اللَهِ يَبعَثُهُ / عَلى المَراحِمِ لا فَضلي وَلا أَدَبي
اللَهُ صَوَّرَهُ مِن نورِ رَحمَتِهِ / فَالخَلقُ يَدعونَهُ يا فارِجَ الكُرَبِ
مُظَفَّرَ الدينِ لا فارَقتَ تَهنِئَةً / بِما يُوافي بِسُؤلِ النَفسِ وَالأَرَبِ
هُنِّئت بِالجَوسَقِ العالي الَّذي عَجَزَت / عَن وَصفِهِ فُصحاءُ العُجمِ وَالعَرَبِ
كَالقَصرِ في الجَنَّةِ الفَيحاءِ يَحسُدُهُ / إيوان كِسرى عَلى ما فيهِ مِن نُخَبِ
يَشُقُّهُ نَهرٌ ناهيكَ مِن نَهَرٍ / كَأَنَّهُ الكَوثَرُ المُعاهُ خَير نَبي
أَبدى المُهَندِسُ خَطَّي الاستواءِ بِهِ / فَالماءُ يَركُضُ بِالتَقريبِ وَالخَبَبِ
كَأَنَّما قَصرُهُ في دستِهِ مَلِكٌ / كُلُّ القُصورِ لَدَيهِ لاثِمُ العَتَبِ
كَالأَشرَفِ المَلكِ القيل الَّذي خَضَعَت / شوسُ المُلوكِ لَهُ تَحنو عَلى الركبِ
نارنجهُ كَنُهودِ الغيدِ تحسدُها / أَحداقُ نَرجِسُهُ المُخضَرَّةُ القضبِ
في ظِلِّهِ نَغَمُ الأَوتارِ تَنعَمُ بِال / أَوطارِ مِن صخبٍ يَأتي بِمُصطحَبِ
في رَوضَةِ الحورِ وَالوِلدانُ راتِعَةٌ / وَكُلُّهُم عَن رِضى رضوان لَم يَغِبِ
وَكُلُّما تَتَمَنّاهُ النُفوسُ بِهِ / تَلقاهُ مِن طَرب مُلهٍ وَمِن طَلَبِ
وَما هِزَبرٌ هَريتُ الشدق ذو لَبَد / وَردُ السِبالِ قَوِيُّ الرَمي بِالشَجَبِ
لَهُ إِهاب كَتِجفافِ الكَمّي حصا / نُهُ حَريصٌ عَلى المَسلوبِ لا السَلَبِ
جَهمٌ مُحَيّاهُ رِئبالُ قُضاقِضَة / غضَنفَرُ لَم يَخِف مَوتاً وَلَم يَهَبِ
لَهُ أَظافِرُ حُجنٌ قد بَرَزنَ كَأَن / صافِ الأَهِلَّةِ مَن جِلبابِ مُختَضِبِ
تَظَلُّ خاضِعَةً غُلبُ الأسود لَهُ / خَوفاً ضَوارِب بِالأَذقانِ مِن رُعُبِ
يَوماً بِأَعظَمِ مِن موسى المُظَفَّرِ إِن / دارَت رَحى الحَربِ ذاتُ الجَحفَلِ اللَجِبِ
يا رَبَّنا فَاِخرِقِ العاداتِ فيهِ لَنا / حَتّى يُرى عَن خُلودٍ غَيرَ مُنقَضِبِ
لازالَ في المُلكِ ما هَبَّ النَسيمُ وَما / تَغَنَّتِ الوُرقُ في الأَوراقِ مِن طَرَبِ
وَذي كَحَلٍ شَثنِ البَراثِنِ وَثّابِ
وَذي كَحَلٍ شَثنِ البَراثِنِ وَثّابِ / يَصولُ عَلى الآرامِ بِالظُفرِ وَالنّابِ
مُظَفَّرِ أَظفارٍ إِذا مَدَّ باعَهُ / سَطا بِنُيوبٍ حَدُّها لَيسَ بِالنابي
فَكَم عَينِ ظَبيٍ حَدَّقَت بِإِهابِهِ / إِلى صَيدِ ظَبي فَهوَ مِن بِأسِهِ كابي
وَمُذ سُمِّيَت شَمسُ النهارِ غَزالَةً / تَمَنَّت مَغيباً خيفَةً مِنهُ بِالغابِ
بِهِ الأَشرَفُ المَلكُ المُظَفَّرُ مُكتَفٍ / وَإِن كانَ أَرمى الناس عَن قَوس نَشّابِ
هُوَ النَمِرُ اليَقظانُ لا الفَهدُ نائِماً / كَثُعبانِ موسى وَهوَ أَحسنُ مُنسابِ
فَلا زالَ موسى شاه أرمَنَ ظافِراً / بِكُلِّ عَدُوٍّ لا بِتَأخيرِ أَحقابِ
بِسَعدِكَ سارَت في السَماءِ الكَواكِبُ
بِسَعدِكَ سارَت في السَماءِ الكَواكِبُ / فَمَجدُكَ مَشهورٌ وَجَدُّكَ غالِبُ
إِذا سلَّ سَيفُ الدينِ ماضِيَ عَزمِهِ اِن / ثَنَت خيفَةً يَومَ الهياجِ القَواضِبُ
فَسِر وَاِفتَحِ الدُنيا الَّتي بِكَ أَصبَحَت / مَشارِقُها مَشغوفَةً وَالمَغارِبُ
بِحُبِّ أَبي بَكر بنِ أَيّوبَ دانَتِ ال / وَرى فَتَساوَت شيعَةٌ وَنَواصِبُ
فَلِلمُلكِ مِنهُ عادِلٌ أَيُّ عادِلٍ / غَرائِبُهُ مَشهورَةٌ وَالرَغائِبُ
وَإِنّي لأَرجو مِنهُ عطفَةَ مالِكٍ / عَلى ضَيمِ مَملوكٍ لَهُ الفَقرُ ضارِبُ
فَجُد لي بِرِزقٍ كُلَّ شَهرٍ مُعَجَّلٍ / أَنا لَكَ رَبُّ العَرشِ ما أَنتَ طالِبُ
وَلا بَرِحَ التَأييدُ وَالنَصرُ خادِمَي / لِوائِكَ ما نيطَت بِرُمحٍ ذَوائِبُ
وَلا زِلتَ بِالفَتحِ المُبينِ مُهَنّأً / جُيوشُكَ تَحظى بِالمُنى وَالكَتائِبُ
تُب يا عَذولي عَن مَلامي وَاِتَّئِب
تُب يا عَذولي عَن مَلامي وَاِتَّئِب / فَلَيسَ قَلبي عَن غَرامي مُنقَلِب
بي أَهيَفٌ مِثلُ قَضيبِ البانِ مِن / أَجفانِهِ السودِ اِنتَضى بيضَ القُضُب
أَودَعَ قَلبي أَلَماً بَردُ اللَمى / وَلَم يَدَع لي نَشباً بَرقُ الشَنَب
أَعرَبَ عَن مَحاسِنٍ تَحسدُها ال / غيدُ وَإِن أَصبَحنَ أَبكاراً عُرُب
ما اِستافَ مِغناطيسُهُنَّ مُهجَتي / إِلّا وَكادَت مِن حَيازيمي تثب
يا حَبَّذا أَرواحُنا كاسِيَةً / بِراحِنا تَحتَ رَياحينِ الطَرَب
وَنَحنُ في اِغتِباقِنا نَدأَبُ وَاِص / طِباحِنا لَم نَخشَ مِن نابِ النُوَب
وَالعَيشُ صافٍ وَالأَماني غَضَّةُ ال / أَوصافِ تسّاقطُ مِنهُنَّ الرُطَب
وَكُلَّما اِفتَرَّ الحَبيبُ ضاحِكاً / تَبَسَّمَت كاساتُنا عَنِ الحَبَب
أَراكَ هَذا الدرَّ في الياقوتِ مَن / ظوماً وَهَذا لُؤلُؤاً عَلى ذَهَب
يُقابِلُ الوَردَ بِوَردٍ مِثلِهِ / مِن وَجنَتَيهِ إِن صَحا وَإِن شَرِب
يَمُدُّ لِلكَأسِ بَناناً أَبيَضاً / فَيَنتَشي مِنها البنانُ مُختَضِب
يُخشى عَلى الساقي إِذا ما شَجَّها / في الكَأسِ مِن شُعاعِها أَن يَلتَهِب
وَلَّت لَيالينا حميداتٍ فَكَم / طَوَت مِنَ اللَذاتِ عَنّا وَالأَرَب
فَغودِرَت أَنفاسُنا في صَعَد / لِفَقدِها وَالدَمعُ مِنّا في صَبَب
عَلَّ الزَمانَ أَن يَعودَ عَودَةً / بِها فَيَجلو الشَكَّ عَنّا وَالرِيَب
كَما حَبا الرِياسَةَ الغَرّاءَ مِن / مُؤَيدِ الدينِ بِكافٍ مُنتَجَب
بِالأَريَحِيِّ اللَوذَعِيِّ الأَلمَعِي / يِ الشمَّرِيِّ الهِبرِزِيِّ المُنتَخَب
بِأَسعَد الطالِعِ جاءَت أَسعُداً / تَرمي العِدا بِسَهمِ سوءِ المُنقَلَب
لِيَهنِها أَن ظَفِرَت لا صَفِرَت / عَنهُ بِجَدٍّ نازِحٍ عَنهُ اللَّعِب
رِئاسَةٌ أَوسَعها سِياسَةً / مُحتَسِباً في اللَهِ غَيرَ مُكتَسِب
وَلَم تَزَل تَلوحُ في أَعطافِهِ / مُذ كانَ طِفلاً كَالفِرِندِ في القُضُب
نَمَت بِهِ إِذ وُسِمَت بِمَجدِهِ / فَهيَ إِلى الجَوزاءِ تَرنو عَن كَثَب
سُرَّ بِهِ الناسُ فَقالوا كُلُّهُم / لِمِثلِ هَذا اليَومِ كُنّا نَرتَقِب
الآنَ أَضحى الجودُ فينا عامِراً / مُشَيَّداً وَكانَ قِدماً قَد خَرِب
ما لِلمَعالي عَنهُ مِن مَندوحَةٍ / فَهيَ إِلى أَبي المَعالي تَنتَسِب
أَقلامُهُ فيها المَنايا وَالمُنى / كَوامِناً وَطَعمُ صابٍ وَضَرَب
نَستَنبِطُ الأَفكارَ وَهوَ كاتِبٌ / بيضَ المَعاني مِن سَوادِ ما كَتَب
فَلَو رَأَتهُ مُقلَة اِبنِ مُقلَة ال / كاتِبِ نادى مُعلِناً يا للعَجَب
هَذا هُوَ اللؤلُؤُ مَنظوماً بِلا / شَكٍّ وَخَطي عِندَهُ كِالمَخشَلَب
وَلَو رَآكَ اِبنُ العَميدِ مَنشَئاً / يا اِبنَ العَميدِ عادَ مَقطوعَ النَسَب
وَقال ما عَبدُ الحَميدِ هَكَذا / وَهَل يُقاسُ النَبعُ يَوماً بِالغَرَب
أَبا المَعالي أَنتَ أَذكى مَن كَتَب / وَمَن تَصَدّى لِلقَريضِ وَالخُطَب
ها أَنا كَالمُهدي إِلى بَغدادَ مِن / دِمَشقَ إِذ أُنشِد تَمراً أَو رُطَب
يكفيكَ إِقرارُ الأَنامِ كُلِّهِم / أَنَّكَ خَيرُ اِبنٍ أَتى مِن خَيرِ أَب
قَد خُصَّ ذا المَنصِبُ مِنكَ بِاِمرِئٍ / قامَ لَهُ الدَهرُ قِياماً فَاِنتَصَب
بِمَن مَتى ما سَلَّ سَيفَ عَزمِهِ / قَهقَرَ مِن هَيبَتِةِ الجَيشَ اللَّجِب
بِمَن يَرُدُّ نابَ عَزمي نابِياً / عَنّي إِذا مَدَّ ذِراعاً فَوَثَب
فَعِرضُهُ في حَرَمٍ وَمالُهُ / بِشَنِّ غاراتِ العُفاةِ في حَرَب
مُرَوِّضُ الأَخلاقِ يُستَغنى بِهِ / عَن شُربِ ما رُوِّقَ مِن ماءِ العِنَب
تُثني سَجاياهُ عَلَيهِ مِثلَ ما / يُثني شَذا الرَوضِ عَلى صَوتِ السُحُب
مَنِ اِدَّعى في دَهرِنا مِثلاً لَهُ / يَوماً فَقَد باءَ بِزُورٍ وَكَذِب
أَكفى الكفاةِ مَشرِقاً وَمَغرِباً / وَأَنجَبُ العُجم نصاباً وَالعَرَب
سَمَت بِهِ مَآثِرٌ شَريفَةٌ / بَديعَةُ الوَصفِ إِلى أَعلَى الرُتَب
فَهَذِهِ الدَولَةُ دامَ ظِلُّها / تَهتَزُّ مِن تيهٍ بِهِ وَمِن طَرَب
آراؤُهُ خَلفَ عَفاريتِ العِدا / راجِمَةٌ ثاقِبَةٌ مِثلَ الشُهُب
وَسَّعَ لِلعُفاةِ ما ضاقَ وَقَد / ضاقَ عَلى الحُسّادِ مِنهُ ما رَحُب
لا تَرتَضي سُحبُ جَداهُ أَن ترى / مُصَوِّحاً مِن ظَمَأٍ زَهرَ الأَدَب
وَالدَهرُ قَد أَصبَحَ طَوعَ أَمرِهِ / فَلَو عَصاهُ الدَهرُ أَبصَرت العَجَب
سَعادَةٌ تَبَّت يَدا حاسِدِهِ / بِها كَما تَبَّت يَدا أَبي لَهَب
مُكتَهلٌ حِلماً وَرَأياً وَنُهىً / فَاِعجَب لَهُ مُكتَهِلاً لمّا يَشِب
مُحتَجِبٌ عَن كُلِّ ذامٍ عِرضُهُ / وَلَيسَ عَن حُسنِ الثَنا بِمُحتَجَب
أَصدَقُ في وُعودِهِ مِنَ القطا / إِن شيبَ وَعدٌ بِالغُرورِ وَالكَذِب
مازالَ مغرىً حيثُ كانَ مُغرماً / يَجمَعُهُ الحَمدُ بِتَفريقِ النَشَب
أَبلَجُ وَضّاحُ الجَبينِ ماجِدٌ / يَهُزُّهُ المَدحُ اِهتِزازَ ذي الطَرَب
يَحنو عَلى سائِلِهِ تَلَطُّفاً / بِهِ حُنُوَّ الوالِدِ البَرِّ الحَدِب
بَرقُ أَساريرِ مُحَيّاهُ مَتى / ما لاحَ غَيرُ خلَّبٍ لِمَن رَغِب
وَبابُهُ حِصنٌ حَصينٌ لَم يُسَم / من أَمَّهُ حَسو أَفاويقِ العطَب
مَنابِرُ المَدحِ بِهِ عامِرَةٌ / وَصِيتُهُ في الناسِ مَنشورُ العَذَب
وَمَدحُهُ سارٍ مَسيرَ جُودِهِ / فينا فَعَمَّ مَن نَأى وَمَن قَرُب
أَسعَدُ أَسعِدني عَلى دَهرٍ غَدا / عَدوَّ كُلِّ فاضِلٍ بِلا سَبَب
وَاِكسَب ثَناءً مِن بَني الفَضلِ فَما / زِلتَ تَرى ذَلِكَ نِعمَ المُكتَسَب
تَفنى العَطايا مِن نضارٍ وَكُسىً / وَشُكرُهُم يَبقى عَلى مَرِّ الحِقَب
جُزيتَ خَيراً عَنهُمُ فَكُلَّما اِس / تَسقَوا جَداكَ كانَ غَيثاً مُنسَكِب
بَدَّلتَ أَسمالَهُم وَقَد عَرَوا / فِناءَكَ الرَّحبَ بِأَبرادٍ قُشُب
وَلَم تَزَل تَنشُرُ إِنعاماً عَلى / مُدَوِّني مَدحِكَ في طَيِّ الكُتُب
فَهاكَها طَيِّبَةَ النَشرِ حَكَت / ذِكراكَ في النادي إِذا الفَخرُ نَسَب
لَو طَرَقَت سَمعَ السَرِيِّ لَم يَقُل / عَرج عَلى ذاكَ الكَثيبِ مِن كَثَب
عَجِبتُ وَلَكِن لاتَ حينَ تَعَجّبِ
عَجِبتُ وَلَكِن لاتَ حينَ تَعَجّبِ / وَهَل عَجبٌ بَدرٌ يُهَنّا بِكَوكَبِ
لَقَد بَثَّ بَدرُ الدينِ أَنوارَ عَدلِهِ / وَإِحسانِهِ حَتّى اِنجَلا كُلُّ غَيهَبِ
دِمَشقُ بِهِ مَن زارَها كُلَّما أَتى / يُوافي بِها طيباً وَإِن لَم تُطَيَّبِ
فَلَو زارَها قَبلُ اِمرؤُ القَيسِ لَم يَقُل / خَليلَيَّ مرّا بي عَلى أُمِّ جُندُبِ
مَجانيقُهُ إِن تُمسِ ضِيفانَ بَلدَةٍ / يُصَبِّحنَ مَن فيها بِيوم عَصَبصَبِ
مُفَوَّقَةً تَرمي فَتُصمي سِهامُها / وَهُنّ عَلى أَوتارِها لَم تَغَيَّبِ
فَلا زالَ طولَ الدَهرِ صَدراً لِمَجلِسٍ / وَنَحراً لِأَعداءٍ وَقَلباً لِمَوكِبِ
أَطيَبُ شَيءٍ في الزَمانِ مَشرَبا
أَطيَبُ شَيءٍ في الزَمانِ مَشرَبا / مُدامَةٌ في الكَأسِ تَجلو حَبَبا
كَاللؤلُؤِ المَنظومِ يَعلو فِضَّةً / ذائِبَةً بِالمَزجِ صارَت ذَهَبا
لِمِثلِها يَنتَخِبُ الأُسقُفُ مِن / خَيرِ كُرومِ صيدنايا العِنَبا
يَسعى بِها طِفلٌ رَشيقٌ قَدُّهُ / وَاِ كبِدي من صُدغِهِ مُعَقرَبا
ريمٌ مِنَ التُركِ مَتى رَنا رَمى / بِأَسهُمٍ عَن مَقتَلٍ لَن يحجبا
يَشُدُّ في قَيدِ الهَوى العُيونَ وَال / قُلوبَ إِذ يَميسُ في بَندِ القَبا
في مَجلِسٍ رَحبٍ أَنيقٍ وَردُهُ / مِثلُ خُدودِ الغيدِ يُبدي اللهَبا
يَشدو بِهِ الشادي بِمَدحِ خَيرِ مَن / في دَهرِنا مُحَمَّدِ بنِ كَمشَبا
يَحمِلُ مِنهُ طِرفُهُ إِلى العِدا / يَومَ الوَغَى لَيثاً جَريئاً أَغلَبا
يولِغُ في دَمِ العِدا سِنانَهُ / إِذ كانَ مِسمارُ السِنانِ ثَعلَبا
فَعَزمُهُ تَحتَ العَجاجِ ما اِنثَنى / وَسَيفُهُ يَومَ الهياجِ ما نَبا
يَميسُ في سابِغَة وَمِغفَرٍ / فيها يُرينا القَمَرَ المُنتَقِبا
مَن خالُهُ بَينَ المُلوكِ الملكُ ال / عادلُ لَم يَفُقهُ خَلقٌ نَسَبا
سادَ بِجودِهِ وَبَأسِهِ مَعاً / كُلَّ المُلوكِ مَشرِقاً وَمَغرِبا
كُلُّ اِمرِئٍ يُكسِبُهُ تَلقيبُهُ / زَيناً وَسَعدُ الدينِ زانَ اللَّقَبا
لا زالَ في سَعادَةٍ ما أَرسَلَ ال / شَرقُ إِلى الغَربِ رَسولاً كَوكَبا
شَدا الحَمامُ في الحِمى فَأَطرَبا
شَدا الحَمامُ في الحِمى فَأَطرَبا / فَثَمَّ لَم أَسطِع لِصَبري طَلَبا
ذَكَّرني جارِيَةً جائِزَةً / حِجابَ عَقلي إِذ تؤُمُّ الرَبرَبا
تَهُزُّ بِالقَدِّ قَضيباً إِن مَشَت / وَإِن رَنَت بِاللَحظِ هَزَّت قُضُبا
مُرتَجةٌ أَردافُها مُهتَزَّةٌ / أَعطافُها كَالغُصنِ هَزَّتهُ الصَبا
ما بَينَ أَسماءَ وَرَيّا وَسُلَي / مَى وَالرَبابِ أُختِها وَزَينَبا
بُدِّلتُ مِن بَعدِ الغُرابِ الحا لِك ال / لَونِ عَلى رَغمِيَ بازاً أَشهَبا
فَنَفَّرَ البيضَ بَياضُ الشَيبِ وَال / بيضُ يُعادينَ العِذارَ الأَشيَبا
فَها أَنا القائِلُ مِن فَقدِ الصِبا / وا أَسَفا وا حَزَنا وا حَرَبا
وَلَيسَ يَهوَينَ سِوى مَن وَجهُهُ / كَوَجهِ شَمسِ الدينِ حُسناً قايَبا
شَمسُ ضُحىً بَدر دُجىً لَيث وَغىً / غَيثُ جدىً سَيف رَدىً ماضي الشَبا
أَحسَنُ خَلقِ اللَهِ طُرّاً خُلُقاً / أَجمَلُهُم خلقاً وأَوفَى أَدَبا
ما اللَّيثُ عَن أَشبالِهِ مُحامِياً / يثني الخَميسَ ناكِصاً إِن وَثَبا
غَضبانَ مِن أسدِ الشَرى مُزَمجِراً / مَجَرمِزاً بادي النُيوبَ أَغلَبا
يَختَطِفُ الأَبطالَ مِن سُروجِها / بِكَفِّهِ حَتّى تَعَضَّ التُرُبا
يَوماً بِأَوفى مِنهُ في الحَربِ سُطاً / فَمَن يُلاقِهِ يُلاقِ الحَرَبا
وَلا السَحابُ هامِياً رَبابُهُ / مُنبَجِساً مُثعَنجِراً مُنسَكِبا
قامَت لَهُ السُهولُ وَالحزونُ إِج / لالاً وَحُلَّت فَرَحاً بِهِ الحُبا
دَنا مُسِفّاً ساحِباً هَيدَبَهُ / معانِقاً بِالسَيلِ أَعناقَ الرُبا
يَوماً بأنَدى مِن يَمينِهِ إِذا / وافاهُ مَن يَسأَلُهُ أَن يَهَبا
يَقولُ لِلعُفاةِ حُسنُ بشرِهِ / أَهلاً وَسَهلاً بِكُمُ وَمَرحَبا
صَحَّحَ عِلمَ الكيمياءِ مَدحُهُ / فَفيهِ قَضَّيتُ زَماني عَجَبا
نُهدي لَهُ المَديحَ في أَوراقِهِ / فَنَأخُذُ الوِرقَ بِهِ وَالذَهَبا
أَلقى عَلَيهِ رَبُّنا مَحَبَّةً / مِنهُ فَأَضحى في الوَرى مُحَبَّبا
سَمَت بِهِ هِمَّتُهُ فَصارَ في / اللَّفظِ الفَصيحِ مُعرِباً وَمُغرِبا
أَضحى بِهِ الإِسلامُ مَنصوراً وَوَل / لَى الشِركُ لا يَلفِتُ جيداً هَرَبا
سَدَّ ثُغورَ السِلمِ لَكِن هَدَّ ثَغ / رَ الكُفرِ مِن تَقويضِهِ ما طَنَّبا
لا زالَ شَمسُ الدينِ في سَعادَةٍ / ما أَبدَتِ السَماءُ لَيلاً كَوكَبا
يا إِخوَتي شَرحُ حالي بَعدَكُم عَجَبُ
يا إِخوَتي شَرحُ حالي بَعدَكُم عَجَبُ / نَأَيتُمُ فَشُهوري كُلُّها رَجَبُ
أَظمَيتُمُ الصَبَّ فَاِستَسقى الجُفونَ دَماً / فَحَبَّةُ القَلب فيها أَنبَتَ اللَّهَبُ
عَينايَ عَينانِ إِنساناهُما غَرِقا / كِلاهُما هَل إِلى إِنقاذِهِ سَبَبُ
قَلبي بِجلّق حرّانٌ بِمصرَ أَسىً / وَصَحنُ خَدّي لِأَجفاني بِهِ حَلَبُ
لي بَعدَكُم زَفَراتٌ نارُها صعدٌ / تُشِبُّها عَبَراتٌ ماؤُها صَبَبُ
ما تَستَطيعُ الجِبالُ الشمُّ حَملَ صَبا / باتي فَماذا عَسى أَن تَحمِلَ الكُتُبُ
وَأَعظَمُ الوجدِ دَمع غَيرُ مُمتَنِعٍ / عَلى المُحِبِّ وَصَبرٌ قُفلُهُ أَشِبُ
أَيّامَ عُمرِيَ خَمسٌ كُلُّهُن فيا / رُوّادَ مَورِدِيَ النائي مَتى القَرَبُ
أَوقاتُ غَدرِ زَماني بي غَدَت عَجما / فهَل وَفاءٌ توافيني بِهِ العَرَبُ
رِدُوا مِن جُفونِ العَينِ فَيضَ حَيا السُحبِ
رِدُوا مِن جُفونِ العَينِ فَيضَ حَيا السُحبِ / وَدونَكُمُ فَاِستَوقِدوا النارَ مِن قَلبي
حَنَيتُم ضُلوعي بِالفِراقِ عَلى الجَوى / وَغادَرتُمُ قَلبي جَنيباً مَعَ الرَكبِ
وَبي غُلَّة لَو تَعلَمونَ إِلَيكُمُ / كَغُلَّةِ ظَمآنٍ إِلى البارِدِ العَذبِ
فَطَرفي وَنَومي بَعدَكُم ما تَآلَفا / وَهَل يوجَدُ الإيلافَ مَع شِدَّةِ الحَربِ
وَتَوقٌ وَلَكِن عوجِلَ القُربُ بِالنَوى / فَفاجَأتُ بِالتَوديعِ تَسليمَةَ القُربِ
وَما أَنسَ لا أَنسَ اِعتِناقَكَ ساعَةَ ال / قُدومِ كَإِلصاقِ الصَبابَةِ بِالصَبِّ
فَإِن كُنتُم بِالوَصلِ عَنّي بَخِلتُمُ / فَجودوا بِكُتبٍ لا أَقَلَّ مِنَ الكُتبِ
إِذا هَبَّ مُعتَلُّ النَسيمِ بِسحرَةٍ / أُنادي مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ وَا كرَبي
أَطَلتُم عَذابي بِالقَطيعَةِ عامِداً / فَبِاللَهِ لِم عاقَبتُموني بِلا ذَنبِ
ظَلَمتُم مُحِبّاً ما يُحِبُّ سِواكُمُ / وَلَيسَ لَهُ ذَنبٌ إِلَيكُم سِوى الحُبِّ
عَتبتُ عَلى قِطِّ مَلكِ النُّحاةِ
عَتبتُ عَلى قِطِّ مَلكِ النُّحاةِ / وَقُلتُ أَتَيت بِغَيرِ الصَواب
عَضَضتَ يَداً خُلِقَت لِلنَدى / وَبَثِّ العُلومِ وَضَربِ الرِقاب
فَأَعرَضَ عَنّي وَقالَ اِتَّئِب / أَلَيسَ القِطاطُ أَعادي الكِلاب
تَعالى اللَهُ كَم أعر
تَعالى اللَهُ كَم أعر / ب في المَدحِ وَكَم أغرب
فَلِم أُبعَدُ مَع فَضلي / وَغَيري عِندَكُم قُرِّب
وَما أَصدَقَ مَن قالَ / مغني الحَيّ ما يُطرِب
أَنا الشِهابُ شِهابُ الدينِ لا كَذِبا
أَنا الشِهابُ شِهابُ الدينِ لا كَذِبا / لي هِمَّةٌ عانَقت في أَوجِها الشُهُبا
مَن كَان جَمَّلَه في دهرِهِ لَقَبٌ / فَإِنَّني أَنا مِمَّن جَمَّلَ اللَّقَبا
لا دَرَّ دَرُّكَ إِنّي في ذرى مَلِكٍ / فاضَت أَياديهِ حَتّى فاقَتِ السُحُبا
في رَوضَةٍ وَغَديرٍ مِن مَواهِبِهِ / مُرَفَّهاً وادِعاً لا أَرهَبُ النُوَبا
وَالكَلبُ إِن ينبَح البَدر المُنير فلَن / يُضيرَهُ وَيُعاني الذُلَّ وَالتَعَبا
أَولا فَسَلهُ وَقَد شالَت نَعامَتُهُ / مِن شِدَّة الخَوفِ مِنهُ مُمعِناً هَرَبا
يَبُلُّ بِالسَلحِ ساقَيهِ وَذَلِكَ مِن / عاداتِهِ وَهوَ تَحتي يَلثُمُ التُرُبا
مِثلَ الحُبارَى إِذا ما الصَّقرُ عاجَلَها / تَهَوَّرَت قُصبُها مِن سرمِها رَهَبا
فَلَم يَذَرها إِلى أَن عادَ مِخلَبُهُ / رَطبَ الغرازِ مِنَ التامورِ مُختَضَبا
مَن تَهجُهُ فَهوَ مَحسودٌ لأَنَّكَ ما / هَجَوت إِلّا صُدوراً جَمَّلوا الرُتَبا
مَن عَضَّ مِثلَكَ أَعراضَ الكِرامِ فَما / يُنجيهِ مِنهُم هُروبٌ أَينَما هَرَبا
الآنَ لانَ لِيَ الزَمانُ فَأَعتَبا
الآنَ لانَ لِيَ الزَمانُ فَأَعتَبا / وَاِنقادَ مِن بَعدِ الشِماسِ فَأَصحَبا
تَرَكَ الحِرانَ فَعادَ عَوداً طائِعاً / وَأَبى التَّحَمُّطَ فَاِمتَطَيتُ المُصعَبا
فَالجِذعُ لي جُمّارُهُ وَالعَظمُ غُض / روفٌ بِهِ لينٌ وَكانَ الأَصلَبا
زارَ الخَيالُ وَلاتَ حينَ زِيارَةٍ / أَهلاً وَسَهلاً بِالحَبيبِ وَمَرحَبا
سُعدى سَعِدتُ بِها وَنُعمٌ أَنعَمَت / وَقَرَرتُ عَيناً بِالرَّبابِ وَزَينَبا
يا مَن لِشَيخٍ مُغرَمٍ بِعَقيلَةٍ / شَمطاءَ علّقَها عَلى عَهدِ الصِّبا
أَو لَيسَ حُسنُ العَهدِ في الدُنيا مِن ال / إيمانِ هَذا مِن حَديثِ المُجتَبى
مِن أَينَ تعنى ذاتُ ثَغرٍ أَشنَبٍ / يَوماً بِحاجَةِ ذي عِذارٍ أَشيَبا
يَفَنٌ تخدَدَ لَحمُهُ وَاِبيَضَّ فو / داهُ فَضاهَى السّيدَ راعَ الرَبرَبا
لَمّا اِستَشَنَّ أَديمُهُ وهريقَ ما / ءُ شَبابِهِ لَم يُمسِ مَرهوبَ الشَبا
واهاً بِغربيبِ الشَّبيبةِ واقِعاً / إِذ لَم يُرَع بوُقوعِ بازٍ أَشهَبا
مُذ بومَةٍ قَد آذَنَت إِذ لَم تَزَل / تَأوي الخَرابَ بِأَنَّ عَقلي خُرِّبا
لَم تحزَنِ العَرَبُ الكِرامُ كَحُزنِها / إِذ فارَقَت زَمَنَ الشَبابِ الأَطيَبا
بَرقٌ يَمانٍ لي تَأَلَّقَ بِالمُنى / وَلَقَد عَهِدناهُ زَماناً خُلَّبا
أَسدى بِحاشِيَةِ الغَمامِ وَميضهُ / وَأَنارَ مُلتَهِباً رِداءً مُذهَبا
فَكَأَنَّ مَجدَ الدينِ وَالدُنيا اِنتَضى / مِنهُ لِقَطعِ الجَدبِ سَيفاً مِقضَبا
وَكَأَنَّ صَوتَ الرَّعدِ رَكضُ خُيولِهِ / وَالنَصرُ في جَبهاتِهنَّ مُرَكَّبا
حَسَدَ الأَهِلَّةُ في السَماءِ نِعالَها / في الأَرضِ جاعِلَةَ البَعيدِ الأَقرَبا
كَم أَطلَعَت لَيلاً سَنابِكُ خَيلِهِ / وَالبيضُ شَمساً وَالأَسِنَّةُ كَوكَبا
إِمّا عَزَمتَ عَلى الرَحيلِ فَلَم يَزَل / لِلمَكرُماتِ مُقَوِّضاً وَمُطَنِّبا
اللَهُ أَكبَرُ وَالزَمانُ أَحَقُّ أَن / يُثني عَلَيكَ وَأَن تَكونَ مُحَبَّبا
أَو لَيسَ مَجدُ الدينِ وَالدُنيا بِهِ / أَسمى الوَرى قَدراً وَاِسنا مَنصِبا
وَأَجَلُّ عاقِدِ حبوَةٍ في مُلكِهِ / وَأَعَزُّ مَن حَلَّ المُلوكَ لَهُ الحبا
سَدَّت كِتابَتُهُ عَلى اِبنِ هِلالٍ ال / بَوابِ ما في الخَطِّ قِدماً بَوَّبا
جَمَعَت أَياديهِ المَعالي كُلَّها / وَصفاً لَهُ وَتَفَرَّقَت أَيدي سَبا
وَإِذا تَحَدَّثَ غَيرَ مُحتَفِلٍ بِما / يُبدي أَرانا في الفَصاحَةِ يَعرُبا
وَقَفَ الثَناءُ عَلَيهِ صِيتاً لَم يَزَل / بِالمَكرُماتِ مُشَرِّقاً ومُغَرِّبا
تَنهَلُّ يُمناهُ بِخَمسَةِ أَبحُرٍ / وَتُلاثُ حُبوَته بِرَضوى ذي الرُبا
وَمَتى اِنتَدَى وَسطَ المُلوكِ بِمَحفِلٍ / جَعَلوهُ واسِطَةَ الفِرِندِ تَرَتّبا
ما ذاكَ إِلّا إِذ رَأَوهُ بِعَزمِهِ / أَوفى إِباءً وَهوَ أَشرفُهُم أَبا
حَجَبَ المُلوكُ عَنِ النَوالِ وفودَهُم / وَأَبى لِوَفدِ نَوالِهِ أَن يُحجَبا
وَبَنى البِناءَ بِبَعلَبَكَّ وَمن بَنى / هَذا البِنا فَبِناؤُهُ لَن يُخرَبا
يا بَعلَبَكُّ لَقَد قَهَرتِ المَشرِقَ ال / أَقصَى بِخَيرِ مُمَلَّكٍ وَالمَغرِبا
أَحسِن بِهِ في كلّما حالاتِهِ / مُتَشَربِشاً مُتَتَوِّجاً مُتَعَصِّبا
يا مَن يُجاوِرُهُ لَقَد جاوَرت مِن / هُ البَحرَ يَقذِفُ بِالجَواهِر مُحسِبا
لا تَخشَ مِن سَيلِ الخُطوبِ أَذى إِذا / جاوَرتَهُ وَالسَيلُ قَد بَلَغَ الزُّبا
أَو ما تَلا حُسّادُهُ يا وَيحَهُم / عَمّا فَكَم يَتَساءَلونَ عَنِ النَبا
هَذا الَّذي بَذَّ المُلوكَ بِأَسرِهِم / فَضلاً فَأَعجَزَ واصِفيهِ وَأَتعَبا
هَذا الَّذي حيزَت لَهُ العَليا فَما / جَعَلَ الإِلَهُ لَهُ سِواها مَكسَبا
هَذا الَّذي اِنقادَت لَهُ شوسُ العِدا / إِذ لَم يُوافُوا مِنهُ يَوماً مَهرَبا
يا حَبَّذا ذاكَ البَنانُ مُقَبَّلاً / يَجري بِهِ القَلَمُ الضَئيلُ مُقَلَّبا
لَو أَنَّ لِلشُّهُبِ الثَّواقِبِ رَميُهُ / لَم يَلقَ مُستَرِقٌ لِسَمعٍ مذهَبا
عُذراً أَبَيتَ اللَّعنَ فيما قُلتُهُ / وَاِصفَح فَبالتَقصيرِ جِئتُكَ مُذنِبا
مَن ذا يُحيطُ بِكُنهِ وَصفِكَ في العُلى / هَيهاتَ ذاكَ وَعزَّ ذَلِكَ مَطلَبا
أَمسَيتُ مَمنُوّاً بِحمّى صالِبٍ / في بَعلبَكَّ كَمَن بِخَيبَرَ غَرّبا
وَأَرى الأَذى في حُبِّ مَولانا بِها / أَحلى مِنَ الثَمَرِ الجَنِيِّ وَأَطيَبا
وَهوَ الجَديرُ بِأَفعَلِ التَفضيلِ في ال / مَجدِ المُؤَثَّلِ في المُلوكِ مُلَقَّبا
لا زالَ في فَتحٍ وَنَصرٍ ما شَدت / قُمرِيَّةٌ أُصُلاً وَما هَبَّت صَبا
سَل عَن فُؤادي بِسلعٍ أَيّةً ذَهَبا
سَل عَن فُؤادي بِسلعٍ أَيّةً ذَهَبا / وَعُج بِها تَرَ مِن سُكّانِها عَجَبا
هُناكَ كُلُّ فَتاةٍ كَالمَهاةِ مَتى / رَنَت رَمَت أُسُداً مِن قَبل أَن تَثِبا
بَيضاءُ كَالشَمسِ قُلنا نُورها شَفَقٌ / فَأَشبَهَت فِضَّةً قَد أُشرِبَت ذَهَبا
حَلَّت بِنَجدٍ وَحَلَّ الوَجدُ في كَبِدي / لِلَّهِ نَجدٌ إِذا أَهدَت نَسيمَ صَبا
ما لاحَ لِي البَرقُ مِن تِلقاءِ كاظِمَةٍ / إِلّا وَأَضرَمَ في أَحشائِيَ اللَهَبا
وَلا تَذَكَّرتُ حُزوى وَالغَويرَ وَلا / آرامَ رامَةَ إِلّا صِحتُ وا حَرَبا
أَمسَيتُ أَهوى عَنِ الأَلحاظِ مُحتَجِباً / وَشَخصُهُ عَن ضَميري قَلَّ ما اِحتَجَبا
وَلَستُ آمُلُ طَيفاً مِنهُ يَطرُقُني / أَما تَرى الطَيفَ مَن مِنهُ الكَرى سَلِبا
بانَ الحَبيبُ وَبانَ الصَبرُ يَتبَعُهُ / لا أَستَطيعُ لِصَبري بَعدَهُ طَلَبا
إِن يَنأَ فَالأَمجَدُ المَيمونُ طائِرُهُ / لَدَيَّ إِحسانُهُ مازالَ مُقتَرِبا
لِلَّهِ دَرُّ اِبنِ فَرُّخشاه مِن مَلِكٍ / حَكا أَباهُ فَفاقَ العُجمَ وَالعَرَبا
فَذاكَ أَسمَحُ مَن أَعطى وَأَفصَحُ مَن / أَنشا وَأَبلَغُ مَن أَملى وَمَن كَتَبا
ما رَدَّ مِن دونِهِ الحِرمانُ سائِلَهُ / وَفي الهِياجِ يَرُدُّ الجَحفَل اللَّجِبا
إِن يَرضَ خاطِبهُ بِالمَعروفِ تَحظَ بِهِ / وَلا تُخاطِبهُ في أَمرٍ إِذا غَضِبا
ما في سَلاطينِ هَذا العَصرِ كُلِّهِمِ / كَابنِ المُعِزِّ يُعِزُّ الفَضلَ وَالأَدَبا
مِن جودِهِ صَحَّ عِلمُ الكيمياءِ لَنا / وَلا نَرى الكيميا إِلا إِذا وَهَبا
نُهدي إِلَيهِ بُيوتَ الشِعرِ في وَرَقٍ / فَنَأخُذُ الوَرقَ المُختارَ وَالذَهَبا
إِلَيكَ يا أَوحَدَ الدُنيا وَأَمجَدَ مَن / فيها خَدَت بي عَنسٌ تَشتَكي التَعَبا
ما زِلتُ أَمدَحُ مَولانا وَأَشكُرُهُ / إِنَّ الدُعاءَ لَهُ في دَهرِنا وَجَبا
بُروقُ وَعدِكَ عِندي أَومَضَت فَمَضَت / فَليَأتِ مِنكَ حَيا الإِنجازِ مُنسَكِبا
فَأَشبَهَت رَوضَةً نَجدِيَّةً بِيَدٍ / مجدِيَّةٍ أَرضُها جِلدي فَواعَجَبا
لا زالَ يَرفُلُ مَن والاكَ في خِلَعٍ / وَمَن يُعاديكَ مَخلوعَ القُوى شَجَبا
سَقياً وَرَعياً لِدارٍ ما مَرَرتُ بِها
سَقياً وَرَعياً لِدارٍ ما مَرَرتُ بِها / إِلّا تَذَكَّرتُ أَترابي وَأَطرابي
دارٌ نَعِمنا بِها وَالكَأسُ دائِرَةٌ / تَفتَرُّ عَن حَبَبٍ ما بَينَ أَحبابِ
وَالرَّاحُ بِالراحِ ما تَنفَكُّ حالِيَةً / وَنَحنُ ما بَينَ أَعرابٍ وَأَغرابِ
لَو كُنتُ أُنصِفُ أَطلالاً مَرَرتُ بِها / جَعَلتُها حَيثُما يَمَّمتُ مِحرابي
وَالنَفسُ عانِيَةٌ في حُبِّ غانِيَةٍ / تَسطو بِطَرفٍ غَريرٍ ساحِرٍ سابي
إِنّي لأَحسُدُ مِسواكاً تُقَلِّبُهُ / ما بَينَ دُرّ وَبلّورٍ وَعُنّابِ
إِن كانَ مُستَوجِباً هَذا لِدِقَّتِهِ / إِنّي لأَنحَفُ مِنهُ بَينَ أَثوابي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025