المجموع : 14
لَو أَنَّ مَن سَأَلَ الطُلولَ يُجابُ
لَو أَنَّ مَن سَأَلَ الطُلولَ يُجابُ / لَسَأَلتُ رَسمَ الدارِ وَهوَ يَبابُ
عَن مُزنَةٍ وَعَنِ الرَبابِ سَقاهُما / وَسَقى المَنازِلَ مُزنَةٌ وَرَبابُ
سُلَمِيَّتَين سَمِيَّتينِ نَماهُما / فَرعٌ لآلِ مُطَرِّفٍ وَنِصابُ
عَلِقَ الفُؤادُ هَواهُما وَزَواهُما / عَنهُ الفِراقُ وَشاحجٌ نَعّابُ
أَمَنازِلَ الأَحبابِ ما صَنَعَ البِلى / بِكِ مِثلَ ما صَنَعَت بِنا الأَحبابُ
نجلُ العُيونِ وَعُودُهُنَّ كَواذِبٌ / وَفِعالُهُنَّ خَديعَةٌ وَخِلاب
مِن كُلّ واضِحَة الجَبينِ كَأَنَّها / قَمَرٌ تَكَشَّفَ عَن سَناهُ حِجابُ
مُتَقابِلاتٌ لِلزِيارَةِ في الدُجى / خَفَراً كَما تَتَقابَلُ الأَسرابُ
وَلَهُنَّ عَتبٌ بَينَهُنَّ كَأَنَّهُ / عَسَلٌ يُقَطِّرُهُ السُقاةُ مُذابُ
يا صاحَبيَّ ذَرا العِتابَ فَذَوُ الهَوى / صَعبٌ عَلَيهِ قَطيعَةٌ وَعِتابُ
صَرَمَت أُمامَةُ حَبلَهُ وَانتابَهُ / بَعدَ الرُقادِ خَيالُها المُنتابُ
زارَت وَلَم تَكُنِ الزِيارَةُ عادَةً / إِنّي بِزَورَةِ طَيفِها مُرتابُ
يا طَيفُ كَيفَ سَخَت بِكَ ابنَةُ مالِكٍ / وَالصُبحُ نَصلٌ وَالظَلامُ قِرابُ
وَالجَوُّ مُشتَبِكُ النُجومِ كَأَنَّهُ / كَأسٌ عَلاهُ مِنَ المِزاجِ حَبابُ
مِن حَولِ بَدرٍ في السَماءِ كَأَنَّهُ / وَجهُ المُعِزِّ وَحَولَهُ الأَصحابُ
مَلِكٌ عَلَيهِ مِنَ المَحامِدِ حُلَّةٌ / وَمِنَ التُقى دُونَ الثِيابِ ثِيابُ
حُلوُ الشَمائِلِ عَذبَةٌ أَخلاقُهُ / وَكَذاكَ أَخلاقُ الكِرامِ عِذابُ
لا عَيبَ فيهِ سِوى السَخاءِ فَلَيتَهُ / يَبقى وَيَبقى بِالسَخاءِ يُعابُ
وَتَراهُ سَهلاً وَهوَ إِن خاشَنتَهُ / خَشِنُ العَريكَةِ يُتَّقى وَيُهابُ
لا تُغرَرَنَّ بِهِ فَتَحتَ قَميصِهِ / لِلكَيدِ أَرقَمُ ضالَةٍ مُنسابُ
لِلّهِ دَرُّ المُدرِكِيِّ فَإِنَّهُ / لِلحَمدِ مُنذُ عَرَفتُهُ كَسّابُ
لا حامِلاً حِقداً وَلا مُتَطَلِّباً / عَتباً لِصاحِبِهِ وَلا مُغتابُ
يا واهِبَ الدُنيا لِأَيسَرِ طالِبٍ / ما خابَ مِنكَ وَلا يَخيِبُ طِلابُ
دارُ المَعُونَةِ دِمنَةٌ مَدروسَةٌ / لِلناسِ فيها جِيئَةٌ وَذَهابُ
أَنعِم عَلَيَّ بِها لِعَشرَةِ صِبيَةٍ / هِبَةً فَأَنتَ المُنعِمُ الوَهّابُ
فهُم عَبيدُكَ لا أَخافُ عَلَيهِمُ / ظَمَأً وَبَحرُكَ زاخِرٌ عَبّابُ
وَاِفعَل كَما فَعَلَ الخَليفَةُ جَعفَرٌ / بِالبُحتُرِيِّ وَرَهطُهُ الأَنجابُ
أَقناهُمُ مالا يَبيدُ وَقابَلوا / ذاكَ الفَعالَ بِمِثلِهِ فَأَصابُوا
وَنَداكَ أَوسَعُ وَالَّذي أَنا قائِلٌ / أَبقى وَمالُكَ لِلعُفاةِ نِهابُ
وَلَقَد سَأَلتَكَ واثِقاً بِكَ إِنَّني / أَدعُوكَ عِندَ مَطالِبي فَأُجابُ
يابنَ الكِرامِ وَلَو سَأَلتُكَ عامِراً / لَوَهَبتَنيهِ فَكَيفَ وَهوَ خَرابُ
وَبِكُلِّ فَضلٍ مِن يَمينكَ طالِبٌ / وَلَرُبَّما تَتَفاضَلُ الطُلّابُ
وَأَنا الحَقيقُ وَلَو سَأَلتُ مَشَقَّةً / وَالخَيرُ عِندَ الخيِّرينَ يُصابُ
أَغنى عَلَيّاً صالِحٌ بِنَوالِهِ / قِدماً وَأَغنى قاسِماً وَثّابُ
وَمُفَضَّلٌ سَبَغَت عَلَيهِ لِفاتِكٍ / دُونَ المُلوكِ مَواهِبٌ وَرِغابُ
لَم يَترُكُوا لَهُمُ كَما أَنا تارِكٌ / لَكَ بَعدَ ما تَتَطاوَلُ الأَحقابُ
حَمداً كَحاشِيَةِ الرِداءِ مُحبَّراً / لا الحَضرُ تُحسِنُهُ وَلا الأَعرابُ
ما كُلُّ مَن صاغَ الكَلامَ بِماهِرٍ / فيهِ وَلا كُلُّ الجِيادِ عِرابُ
وَمِن النَباتِ ذَوابِلٌ وَمَعابِلٌ / وَمِنَ الحَديدِ أَخِلَّةٌ وَحِرابُ
تَفديكَ رُوحُ فَتىً تَبَسَّمَ رَوضُهُ / مِمّا سَقاهُ غَمامُكَ السَكّابُ
مِن بَعدِ ما قاسى الخُمولَ وَداسَهُ / دَوسَ الهَشيمِ زَمانُهُ اللعّابُ
كَم شاعِرٍ طَلَبَ العُلى فَتَقَطّعَت / مِن دُون مَطلَبِهِ بِهِ الأَسبابُ
غَيري فَإِني مُذ أَتَيتُكَ قاصِداً / ما اِستَدّ دُوني لِلفَوائِدِ بابُ
لي مِنكَ في خِصبِ الزَمانِ وَجَدبِهِ / مَرعىً أَغَنُّ وَرَوضَةٌ مِعشابُ
فَلأَشكُرَنَّكَ ما حَيِيتُ وَإِن أَمُت / شَكَرَتكَ بَعدَ بَنيّها الآدابُ
وَإَلَيكَ مُحكَمَةً إِذا هِيَ أُبرِزَت / خَطَبَت إِلى أَخَواتِها الخُطّابُ
تَسري كَما تَسري النُجومُ وَيَهتَدي / رَكبٌ بِساطِعِ نُورِها وَرِكابُ
وَلَها إِذا هَرِمَ الزَمانُ وَأَهلُهُ / عُمرٌ كَعُمرِكَ دائِمٌ وَشَبابُ
فَثَوابُها ما قَد عَلِمتَ وَرُبَّما / يَأتيكَ مِن دونِ الثَوابِ ثَوابُ
صَبا قَلبي إِلى زَمَنِ التَصابي
صَبا قَلبي إِلى زَمَنِ التَصابي / وَأَبكاني المَشيبُ عَلى الشَبابِ
وَفي قَلبي شِهابُ أَسىً وَوَجدٍ / زَكيٌّ مِن فَتاةِ بَني شِهابِ
تُعَذِّبُني وَتَعلَمُ أَنَّ قَلبي / يَهيمُ إِلى مَراشِفِها العِذابِ
سَقَت دِيَمُ الرَبابِ إِذا اِستَهَلَّت / دِياراً مِن سُلَيمى وَالرَبابِ
وَلازالَت جَنوبُ الرِيحِ تُهدي / سَلاماً نَحوَ حَيِّ بَني جَنابِ
أَعاتِبَتي عَلى كَسبِ المَعالي / رُوَيدَكِ لا أَبالَكِ مِن عِتابي
فَإِنّي قَد كَسَبتُ جَميلَ ذِكرٍ / وَهَبتُ لَهُ مِنَ المالِ اِكتِسابي
وَعَلَّمَني المُرُوَّةَ مِن نَداهُ / أَبو العُلوانِ تاجُ بَني كِلابِ
كَريمٌ ما نَظَرتُ إِلَيهِ إِلّا / نَظَرتُ إِلى الغِنى مِن كُلِّ بابِ
أَمَولايَ الَّذي يُغني وَأُثني / فَذَلِكَ دابُهُ وَالشُكرُ دابي
أُطِيلُ لَكَ الثَناءَ فَما أُحاشي / وَأَمنَحُكَ الوِدادَ فَما أُحابي
كَثيرٌ حاسِدي سَهلٌ مَرامي / مَنيعٌ جانِبي خَضِلٌ جَنابي
أَهلاً بِطَيفِ خَيالِها المُتَأَوِّبِ
أَهلاً بِطَيفِ خَيالِها المُتَأَوِّبِ / وَاللَيلُ تَحتَ رِواقِهِ لَم يَضرِبِ
طَيفٌ تَرَحَّلَ زائِراً مِن مَشرِقٍ / كَلِفَ الفُؤادُ بِحُبِّهِ مِن مَغرِبِ
عَجَباً لَهُ وافى وَكَم مِن دُونِهِ / مِن مَهمَهٍ قَفرٍ وَمَرتٍ سَبسَبِ
أَحبِب إِلَيَّ بِزَينَبٍ وَبِزائِرٍ / وافى إِلَيَّ مَعَ الكَرى مِن زَينَبِ
بَيضاءَ واضِحَةِ التَرائِبِ طَفلَةٍ / جَيداءَ مُغزِلَةٍ عَقيلِةِ رَبرَبِ
يا حَبَّذا مِنّي الدِيارُ قَريبَةً / بِالشِعبِ حينَ الشَملُ لَم يَتَشَعَّبِ
وَلَقَد جَرَيتُ بِكُلِّ أَرضٍ مَجهَلٍ / وَقَطَعتُ غارِبَةَ البِلادِ الغُرَّبِ
وَوَرَدتُ آجِنَةَ المِياهِ مُهَتِّكاً / عَنهُنَّ أَصحابي سُتورَ الطُحلُبِ
وَأَعَدتُ بادِنَةَ القِلاصِ رَذِيَّةً / مِن كُلِّ مُشرِفَةِ الغَوارِبِ ذِعلِبِ
حَتّى وَصَلتُ إِلَيكَ يا بَحرَ النَدى / يا بنَ الكِرامِ ذَوي الفِعالَ الأَنجَبِ
يابنَ المُلوكِ السابِقينَ إِلى العلى / وَالواهِبينَ جَزيلَ ما لَم يوهَبِ
وَالطاعِنينَ بِكُلِّ أَسمَرَ ذابِلٍ / وَالضارِبينَ بِكُلِّ أَبيَضَ مِقضَبِ
وَالخائِضِينَ غِمارَ كُلِّ كَريهَةٍ / في ظَهرِ كُلِّ أَقبّ أَجرَدَ سَلهَبِ
وَالنازِلينَ بِقُورِ كُلِّ ثَنِيَّةٍ / لِلمَكرُماتِ وَكُلِّ فَجٍّ مُخصِبِ
أَولادِ مِردادسِ الَّذينَ أَكُفُّهم / مِثلُ السَحائِبِ في الزَمانِ المُجدِبِ
شُمُّ الأُنوفِ مِنَ المُلوكِ أَعِزَّةٌ / كَسَبوا مِنَ المَعروفِ ما لَم يُكسَبِ
وَلَقَد بَنى لَهُمُ ثِمالٌ في العُلى / عَيطاءَ لاحِقَةَ الذُرى بِالكَوكَبِ
مَلِكٌ بِرَحبَةِ مالِكٍ وَحَديثُهُ / في مُشرِقِ وَصِفاتُهُ في مَغرِبِ
زُرهُ تَزُر مَلِكاً تُوافي عِندَهُ / ما شِئتَ مِن أَهلِ لَدَيهِ وَمَرحَبِ
وَإِذا رَأَيتَ رَأَيتَهُ في دَستِهِ / قَمَراً وَلَيثاً قَسورا في مَوكِبِ
وُلِدَ المعِزُّ وَصالِحٌ مِن طِينةٍ / وَكَذاكَ يُولَدُ طَيِّبٌ مِن طَيّبِ
يا أَيُّها المُلِكُ الَّذي إِحسانُهُ / يَهمي عَلَينا مِن نَداهُ بِصَيِّبِ
لِلّهِ دَرُّكَ وَالأُسُودُ عَوابِسٌ / تَختالُ في حُلَلِ العَجاجِ الأَصهَبِ
لَمّا طَلَعتَ عَلى سَمَندٍ سابِحٍ / في لَونِ حَليِ لِجامِهِ وَالمَركَبِ
سُودٌ قَوائِمُهُ وَلَكن جِسمُه / لَولا السَبائب كَالقَميصِ المُذهَبِ
نَهَدَت مَراكِلُهُ وَأَشرَفَ مَتنُهُ / وَعَلَت مَناكِبُهُ عُلُوَّ المرقَبِ
وَكَأَنَّما خاضَ الدُجى فَتَسَربَلَت / مِنهُ شَوامِتُهُ بِمِثلِ الغَيهَبِ
سَلِسُ القِيادِ كَأَنَّ فَضلَ عِنانِهِ / مِمّا يَلينُ مُرَكَّبٌ في لَولَبٍ
فَطَعَنتَ وَالفُرسانُ حَولَكَ شُزَّبٌ / بِالرُمحِ طَعنَةَ صالِحيِّ المَنصِبِ
وَرَأَت حُماتُك مِنكَ لَيثَ كَريهَةٍ / يُوفي عَلى لَيثِ العَرينِ المُغضَبِ
عُريانَ في رَهَج الوَغى وَكَأَنَّهُ / شاكي السِلاحِ بِنابِهِ وَالمخلَبِ
فَتَرَكتَهُ جَزَرَ السُيوفِ تنُوشُهُ / وَكَذا فَعَالُكَ في رَعيلِ المِقنَبِ
يا مَن عَلَيهِ مِنَ المُلوكِ مُعَوَّلي / وَإِلَيهِ مِن صَرفِ الحَوادِثِ مَهرَبي
وافَيتُ نَحوَكَ مِن بِلادٍ مَطعَمي / مِن فَيضِ فَضلِكَ مُذ عُرِفتُ وَمَشرَبي
وَعَجِبتُ كَيفَ صَبَرت عَنكَ وَإَِنَّما / بِكَ في البِلادِ تَصَرُّفي وَتَقَلُّبي
لَكِن مَرِضت كَما عَلِمتَ وَلَم تَكُن / لِي مُنّةٌ في جِيئَةٍ أَو مَذهَبِ
فابسُط ليَ العُذرَ الَّذي أَوضَحتُهُ / وَاستَوصِ بي خَيراً وَدَنِّ وَقَرِّبِ
فَإِذا سَلِمتَ فَكُلُّ صَعبٍ هَيِّنٌ / عِندي وَمَن سالَمتَهُ لَم يَعطَبِ
خَيرُ الأَحاديثِ ما يَبقى عَلى الحِقَبِ
خَيرُ الأَحاديثِ ما يَبقى عَلى الحِقَبِ / وَخَيرُ مالِكَ ما دارا عَنِ الحَسَبِ
لا ذِكرَ يَبقى لِمَن يَبقى لَهُ نَشَبٌ / وَالذِكرُ يَبقى لِمَن يَبقى بِلا نَشَبِ
عَرضُ الفَتى حينَ يَغدُو أَبيَضاً يَققاً / خَيرٌ مِنَ الفِضّةِ البَيضاءِ وَالذَهَبِ
بَنى المُعِزُّ لَنا فَخرينِ شادَهُما / بِالمَكرُماتِ وَبِالهِندِيَّةِ القُضُبِ
مُشَيَّعٌ لا يُريحُ الخَيلَ مِن تَعَبٍ / وَالمالَ مِن عَطَبٍ وَالعِيسَ مِن نَصَبِ
يَلقى العُفاةَ بِرِفدٍ غَيرِ مُحتَبِسٍ / عَنِ العُفاةِ وَوَعدٍ غَيرِ مُرتَقَبِ
رُوحي فِدىً لِأَبي العُلوانِ مِن مَلِكٍ / سَمحِ اليَدَينِ بِتاجِ المُلكِ مُعتَصِبِ
بَنى القِبابَ رَفيعاتِ الذُرى شُهُباً / مَخلوطَةً بِنُجومِ الحِندِسِ الشُهبِ
مُطَنَّباتٍ إِلى العَلياءِ ما اِفتَقَرَت / إِلى عَمُودٍ وَلا اِحتاجَت إِلى طُنُبِ
مِثلَ الجِبالِ الرَواسي كُلَّما لَعِبَت / بِها الصَبا رَقَصَت من شِدَّةِ الطَرَبِ
لا يَومَ أَحسَنُ مِنهُ مَنظَراً عَجَباً / في مَطعَمٍ عَجَبٍ في مَشرَبٍ عَجَبِ
خَمسُونَ أَلفاً قَراهُم ثُمَّ شَرَّعَهُم / مُعَتَّقَ الراحِ لَم تُقطَب وَلَم تُشَبِ
سَدَّت عَقائِرُهُ الغيطانَ أَو تَرَكَت / لَونَ البَرى لَونَ ما في الحَوضِ مِن ذَهَبِ
حَتّى لَكادَ مَعينُ الماءِ يَصبِغُهُ / ما شاعَ في الأَرضِ مِنها مِن دَمٍ سَرِبِ
ظَلَّت وَباتَت قُدورُ المَجدِ راكِدَةً / تُشَبُّ بِالمَندَلِ الهِندِيِّ لا الحَطَبِ
يَنتابُها الناسُ أَفواجاً فَتَفغَمُهُم / طِيباً وَتُشبِعُ جُوعاهُم مِنَ السَغَبِ
قَد بَيَّضَت نارُها الظَلماءَ أَو تَرَكَت / لَونَ الدُجى لَونَ رَأسِ الأَشمَطِ الجَرِبِ
تَسرِي الرِكابُ وَضَوءُ النارِ يُوهِمُها / وَيُوهِمُ الرَكبَ أَنَّ الشَمسَ لَم تَغِبِ
تَكَرُّماً ما سَمِعنا في القَديمِ بِهِ / وَلا قَرَأناهُ في الأَخبارِ وَالكُتُبِ
تَفنى اللَيالي وَيَبقى ذِكرُ ما صَنَعَت / هَذي البُيوتُ عَلى الأَيامِ وَالحِقَبِ
وَفي القِبابِ الَّتي قَد أُبرِزَت مَلِكٌ / يَمينُهُ رَحمَةٌ صُبَّت عَلى حَلَبِ
إِن طَبَّقَ الأَرضَ إِمحالٌ وَأَخلَفَها / وَعدُ الغَمامِ فَلم تُمطَر وَلَم تُصَبِ
وَفي العَواصِمِ قَومٌ ما اتِّكالُهُمُ / إِلّا عَلى راحَتَيهِ لا عَلى السُحُبِ
ما إِن رَأَيتُ وَلا خُبِّرتُ عَن أَحَدٍ / بِمثلِ ما فيهِ مِن بَأسٍ وَمِن أَدَبٍ
تَلقى المُلوكَ كَثيراً إِن عَدَدتَهُمُ / وَفي الذَوابِلِ فَخرُ لَيسَ في القُضُبِ
لا تَطلُبِ الجُودَ عِندَ الناسِ كُلِّهِمِ / فَلَيسَ لِلشَريِ طَعمُ الأَري وَالضَرَبِ
ما كُلُّ مَن جادَ بِالمَعروفِ جاءَ بِهِ / عَن نِيَّةٍ وَضَميرٍ صادِقِ الأرَبِ
قَد يَبذُلُ المالَ مَغصُوباً أَخو بُخُلٍ / كَالتَمرِ يَخرُجُ مِن لِيفٍ وَمِن كَرَبِ
وَالجُودُ أَصبحَ منسُوباً إِلى مَلِكٍ / مَحضِ الجُدُودِ كَريمِ الخِيمِ وَالنَسَبِ
تَعَوَّدَ الصارِمُ الهِندِيُّ في يَدِهِ / ضَربَ الجَماجِمَ تَحتَ البِيضِ وَاليَلَبِ
لا يَنثَني وَوُجوهُ الخَيلِ ساهِمَةٌ / أَو يَنثَني وَالقَنا مُحمَرَّةُ العَذبِ
تَسِيلُ مِن عَلَقِ اللَبّاتِ أَكعُبُها / كَأَنَّما صُبِغَ المُرّانُ بِالنَجَبِ
ما سارَ نَحوَ العِدى في جَحفَلٍ لَجِبٍ / إِلّا وَقامَ مَقامَ الجَحفَلِ اللَجِبِ
في ظَهرِ عارِيَةِ اللَحيَينِ قَد دَرِبَت / بِالطَعنِ مِن تَحتِ طَبٍّ بِالوَغى دَرِبِ
تَعُودُ مُبيَضَّةَ المَتنَينِ مِن زَبَدٍ / مُحمَرَّةَ الفَمِ وَألرُسغَينِ وَاللَبَبِ
كَقَهوَةٍ صُفِّقَت في الكَأسِ فَاكتَسَبَت / بِالمَزجِ لُوِّنَ لَونَ الراحِ وَالحَبَبِ
يا ناشِرَ الفَضلِ في دانٍ وَمُنتَزِحٍ / وَقاسِمَ الرِزقِ في ناءٍ وَمُقتَرِبِ
طَهَّرتَ شِبلَيكَ لِلتَقوى وَما اِفتَقَرا / إِلى طُهُورٍ مِنَ الفَحشاءِ وَالرَيَبِ
لَقَد خَلَفتَ أَخاكَ المَيتَ في وَلَدٍ / حَلَلتَ مِنهُ مَحَلَّ الوالِدِ الحَدِبِ
رَفَعتَهُ مُستَحِقاً وَاِجتَهَدتَ لَهُ / مِن ذَلِكَ اليَومِ في التَشريفِ وَاللَقَبِ
وَزِدتَّهُ رِفعَةً لَمّا جَعَلتَ لَهُ / ذِكراً كَذِكرِكَ لا يَخلُو مِنَ الخُطَبِ
مِن أَينَ يَفعَلُ هَذا الفِعلَ ذُو حَسَبٍ / دانٍ بِذي حَسَبٍ أَو غَيرِ ذي حَسَبِ
سَجِيَّةٌ مِن كَريمِ الطَبعِ في مَلِكٍ / مُهَذَّبٍ لَم يَغِب يَوماً وَلَم تَغِبِ
إِذا نَظَرتَ إلى ما بَذَّرَت يَدَهُ / أَيقَنتَ أَنَّ السَماحَ المَحضَ في العَرَبِ
لَو كانَ يَنفَعُ في الزَمانِ عِتابُ
لَو كانَ يَنفَعُ في الزَمانِ عِتابُ / لَعَتَبتُهُ في الرَبعِ وَهوَ يَبابُ
عُجنا عَلَيهِ العِيسَ نَسأَل رَسمَهُ / لَو كانَ مَن سَأَلَ الطُلُولَ يَجابُ
زَمَنٌ لِأَحبابٍ نُحِبُّ دِيارَهُم / مِن أَجلِهِم فَكَأَنَّها أَحبابُ
لَمّا جَعَلنا في العُيونِ تُرابَها / لَم يَبقَ في تِلكَ الرُبوعِ تُرابُ
مِن بَعدِ ما سالَت شُعُوبُ مَدامِعٍ / سالَت لَهُنَّ مَدامِعٌ وَشِعابُ
يا رَبعُ قَبَّحَكَ الزَمانُ وَطالَما / زانَت عِراصَكَ زَينَبٌ وَرَبابُ
أَيّامَ يُلتَثَمُ التُرابُ إِذا مَشَت / في دِمنَتَيكَ كَواعِبٌ أَترابُ
مِثلُ الشُمُوسِ عَلى غَوارِبِ أَينُقٍ / يَغرُبنَ عَنكَ إِذا يَصيحُ غُرابُ
لا يُستَدامُ وَدادُهُنّ بِخُطوَةٍ / إِن لَم يَدُم لَكَ ثَروَةٌ وَشَبابُ
ذَر حُبَّهُنَّ فَإِنَّهُنَّ فَوارِكٌ / وَمَقالُهُنَّ خَديعَةٌ وَخِلابُ
وَإِذا طَلَبتَ مِنَ الزَمانِ طِلابَةً / بِالسَيفِ لَم يَعذُب عَلَيكَ طِلابُ
إِنَّ المَمالِكَ لا يَصُونُ وُجُوهَها / إِلّا طِعانٌ دُونَها وَضِرابُ
وَالعِزُّ مارَدَّ المُعِزُّ بِسَيفِهِ / مِن بَعدِ ما ذَهَبَت بِهِ الأَحقابُ
غَضِبَت قَناهُ لِقَومِهِ فَاستَرجَعَت / لَهُمُ المَمالِكَ وَالمُلوكُ غِضابُ
وَأَعادَ عِزَّ بَني كِلابٍ بَعدَما / عَرِيَت مِنَ العِزِّ الأَشَمِّ كِلابُ
شَهِدُوا بِفَضلِ أَبيهِ فَاعتَرَفَت لَهُ / بِالمَنِّ مِن فَلِّ الجُيوشِ رَقابُ
وَلَقَد تَيَقَّنَتِ العَشِيرَةُ أَنَّهُ / ظُفرٌ لَها في النائِباتِ وَناب
نامُوا وَأَسهَرَ عَينَهُ في عَزِّهِم / حَتّى بَنى قُطرَيهِ وَهوَ خَرابُ
وَعَفا عَنِ الجاني إِلَيهِ وَعَفوُهُ / عَن قُدرَةٍ مِثلُ العِقابِ عِقابُ
وَبَنى لَهُم في العِزِّ بَيتاً ما بَنى / شَبَهاً لَهُ زُفَرٌ وَلا جَوّابُ
بَيتٌ بَناهُ اللَهُ لَم يُسمَك لَهُ / عَمَدٌ وَلَم تُمدَد لَهُ أَطنابُ
فَليَشكُروا مَلِكاً بِهِ وَبِخَيلِهِ / فَخَرَت كُهُولٌ مِنهُمُ وَشَبابُ
حَمِدُوهُ إِذ عَرَفُوا سَجِيَّةَ غَيرِهِ / وَالشَهدُ يُحمَدَ حينَ يُجنى الصابُ
هَنّاهُمُ بِمَعايِشٍ لَم يَهنِهِم / فِيها طَعامٌ قَبلَهُ وَشَرابُ
وَوَفى بِما سَلَبَت قَناهُ فَرَدَّهُ / وَمَتى تُرَدُّ مِنَ القَنا أَسلابُ
لَو لَم يُطالَب بِالَّذي هُوَ آخِذٌ / أَخَذَتهُ مِن أَموالِهِ الطُلّابُ
وَإِذا الكَريمُ حَوى الجَسيمَ سَخا بِهِ / كَالبَحرِ ما لِلشَيءِ فيهِ رَبابُ
لا يَعجَبُوا مِمّا فَعَلتَ فَكُلُّ ما / تَأتي بِهِ في العالَمينَ عُجابُ
وَلَقَد عَفَفتَ عَنِ الحَريمِ وَلَم يَكُن / لَكَ باطِنٌ يَغتابُهُ المُغتابُ
وَحَجَبتَهُنَّ عَنِ العُيونِ بِغَيرَةٍ / هِيَ دُونَهُنَّ مَعَ الحِجابِ حِجابُ
وَأَنِفتَ أَن تَرضى بِهِنَّ حَلائِلاً / وَبُعُولُهُنَّ غَطارِفٌ أَنجابُ
ظَفِرَت قَناكَ بِضِعفِ ما ظَفِرُوا بِهِ / إِنَّ الكَريمَ مُظَفَّرٌ غَلّابُ
وَطَلَبتَ ثَأرَكَ فاشتَهَرتَ وَرَدَّ ما / أَخَذَت عِداكَ الصارِمُ القِرضابُ
وَلَقِيتَ في نَصبِ المَكارِمِ وَالعُلى / نَصَباً فَأَنتَ الناصِبُ النَصّابُ
وَلَقَد أَتَتكَ مِن الإِمامِ مَواهِبٌ / ضاقَت بِها الفَلَواتُ وَهِيَ رِحابُ
تَمشي بِها القُبُّ العِتاقُ وَخُنَّقٌ / مِثلُ الأَهِلَّةِ فَوقَهُنَّ قِبابُ
وَمُخَلَّقٌ شَختُ النِطاقِ خِتامُهُ / مِسكُ العَتيرَةِ وَالحَريرُ إِهابُ
سُطِرَت رِقابُ عِداكُمُ بِسُطُورِهِ / مُذ فُضَّ فَهوَ مُهَنَّدٌ وَكِتابُ
وَكَأَنَّ هالاتِ البُدورِ عَمائِمٌ / لَكُمُ وَأَنوارُ الشَموسِ ثِيابُ
لِلّهِ دَرُّكُمُ فَأَنتُم مَعشَرٌ / ما فِيكُمُ لِلعائِبِينَ مَعابُ
طُلتُم بِأَلقابِ الإِمامِ وَطُلتُم / مِن قَبلِ ذاكَ وَمالَكُم أَلقابُ
لَو لَم تَكُن أَلقابُكُم مَذكُورَةً / أَغنَتكُمُ عَن ذِكرِها الأَحسابُ
قالَ العِدا لِلشّامِ لَمّا عُدتُمُ / هَذي الأُسُودُ بِها اِحتَمى ذا الغابُ
أَبناءُ مِرداسٍ وَأَيُّ مَعاشِرٍ / جُبِلُوا عَلى طِيبِ الأُصولِ فَطابُوا
لا يَقلَقونَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ / وَكَأَنَّهُم في النائِباتِ هِضاب
قَومٌ إِذا حَضَروا الثَناءَ عَلَيهِمُ / في مَحفِلٍ حَضَرُوا وَهُم غُيّابُ
مِن كُلِّ مَيمُونِ النَقِيبَةِ مُسفِرٍ / عَن حُرِّ وَجهٍ حُطَّ عَنهُ نِقابُ
يَهديكَ في اللَيلِ البَهيمِ بِنُورِهِ / وَكَأَنَّما يَهديكَ مِنهُ شِهابُ
سَهلُ القِيادِ وَرُبَّما لاقَيتُهُ / صَعبَ الظُلامَةِ وَالخُطُوبُ صِعابُ
وَلَقَد بَنى مَجدُ الإِمامِ لِقَومِهِ / مَجداً تَحِيرُ لِمِثلِهِ الأَلبابُ
مَلِكٌ يَضُرُّ كَما يَسُرُّ بِرِفدِهِ / وَالدُرُّ في المُرِّ الأُجاجِ يُصابُ
ثَبتُ العَزيمَةِ لا يَطيشُ بِلُبِّهِ / جَهلٌ وَلا يَخفى عَلَيهِ صَوابُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي شَهِدَت لَهُ / طَيٌّ بِكُلِّ فَضيلَةٍ وَجَناب
لا يَومَ أَسعَدُ مِنهُ يَوماً حَلَّقَت / فيهِ وَراءَكَ رايَةٌ وَعُقابُ
نَشَرَت لَها ريحُ الشِمالِ ذَوائِباً / شَتّى عَلَيهِنَّ النُضارُ مُذابُ
مَعقُودَةٌ بِالعِزِّ إِلّا أَنَّها / عَذَبٌ لِحاسِدِكُم بِهِنَّ عَذابُ
فَاسعَد بِما خُوِّلتَ وَابقَ مُخَلَّداً / ما لِلسَعادَةِ عَن ذَراكَ ذَهابُ
وَالبَس حُلى مَدحي فَلَيسَ بِعاطِلٍ / جِيدٌ لَهُ هَذا المَديحُ سِخابُ
كَذا لا تَزالُ رَفيعَ الرُتَب
كَذا لا تَزالُ رَفيعَ الرُتَب / كَثيرَ العَدُوِّ كَثيرَ الغَلب
وَقَد وَهَبَ اللَهُ هَذا النَعيمَ / وَما يَرجِعُ اللَهُ فيما وَهَب
وَمَن عاشَ أَبصَرَ في حاسِدِيكَ / وَفِيمَن يُعادِيكَ أَمراً عَجَب
أَرادُوا تَمَلُّكَ ما في يَدَيكَ / وَماتُوا وَلَم يُقضَ ذاكَ الأَرَب
وَكَم طَلَبُوا لَكَ بُؤسَ الحَياةِ / فَما أَنجَحَ اللَهُ ذاكَ الطَلَب
فَلا تَحفِلَنَّ بِصَرفِ الزَمانِ / فَأَنتَ المُظَفَّرُ كَيفَ اِنقَلَب
وَلا تُبقِ مالاً فَرِزقُ الكَريمِ / م يَأتيهِ مِن حَيثُ لا يَحتَسِب
إِذا سَلَّمَ اللَهُ رُوحَ الأَميرِ / فَأَهونَ شَيءٍ ذَهابُ الذَهَب
وَمَن كَسِبَ الحَمد في الخافِقَينِ / فَلَيسَ يُبالي عَلى ما كَسَب
فَخُذ ما صَفا مِن لَذيذِ الحَياةِ / وَدَع لِسِواكَ الأَذى وَالنَصَب
وَلا تَخبَ إِلّا شِفارَ السُيوفِ / وَهذِي الرِجالَ وَهذِي الخُطَب
لَعَمرِي لَقَد قُمتَ نِعمَ القِيامِ / وَجَمَّلَ ذِكرُكَ ذِكرَ العَرَب
وَحَجَّت إِلَيكَ وُفودُ البِلاد / دِ مِن كُلِّ فَجٍ سَحيقِ الحَدَب
فَقَومٌ لَهُم كَعبَةٌ في الحِجازِ / وَقَومٌ لَهُم كَعبَةٌ في حَلَب
فَهَذِي تُحَجُّ لِغَفرِ الذُنوبِ / وَهَذي تُحَجُّ لِبَذلِ الرَغَب
وَفي الدَستِ أَروَعُ مِثلُ الحُسام / سَريعُ الرِضا لا سَريعُ الغَضَب
نَظيرُ الهِزَبرِ إِذا ما استُثِيرَ / وَندُّ الغَمامِ إِذا ما اِنسَكَب
إِذا كَتَبَ المُلكَ لي خالِداً / كَتَبتُ لَهُ مِثلَ ما قَد كَتَب
مَدائِحُ تَبقى بَقاءَ الزَمانِ / وَتَخلُدُ فيهِ خُلودَ الحِقَب
أَبا صالِحٍ لَيسَ كُلُّ الكَلامِ / يَبقى وَلا كُلُّ قَولٍ يُحَبّ
خَدَمتُكَ وَالرَأسُ وَحفُ السَوادِ / وَها هُوَ أَبَيَضُ مِثلُ الحَبب
وَمِثلُكَ يَطلُبُ مِثلي نَداهُ / فَيَأتِيهِ أَزيَدُ مِمّا طَلَب
دَليلٌ عَلى إِقبالِكَ السَلمُ وَالحَربُ
دَليلٌ عَلى إِقبالِكَ السَلمُ وَالحَربُ / فَسَيفُكَ لا يَنبُو وَنارُكَ لا تَخبُو
وِما هانَ إِلّا ما طَلَبتَ لِأَنَّهُ / يَهُونُ عَلى أَمثالِكَ المَطلَبُ الصَعب
مَلَكتَ عَلى الأَعداءِ شَرقاً وَمَغرِباً / فَلَيسَ لَهُم شَرقٌ يَجُنُّ وَلا غَربُ
وَغادَرتَهُم نَهبَ الرَدى بَعدَ نَهبِهِم / فَأَعمارُهُم نَهبٌ وَأَموالُهُم نَهبُ
وَأَمطَرتَهُم مِن جَندَلِ الحَزنِ دِيمَةً / إِذا كَثُرَت أَمطارُها كَثُرَ الجَدبُ
يَلُوذُونَ مِنها بِالهِضابِ وَما دَرَوا / بِأَنَّ المَنايا لَيسَ يَمنَعُها الهَضبُ
إِذا شَرَّفُوا فَوقَ الشَرارِيفِ قُتِّلُوا / عَلَيها فَصارَ القَتلُ يُجمَعُ وَالصَلبُ
سَلُوا عَن وُرُودِ الماءِ كُلَّ مُصَبَّحٍ / فَقَد يَئِسُوا مِنهُ كَما يَيأسُ الضَبُّ
وَأُقسِمُ لَو أَضمَرت لِلشُّهبِ إِحنَةً / لَما لَهِبَت في الجَوِّ مِن بَأسِكَ الشُهبُ
وَلَم أَرَ خَلقاً مِنكَ أَعظَمَ هِمَّةً / إِذا جَلَّتِ اللأواءُ أَو عَظُمَ الذَنبُ
مَلَكتَ عَزازاً فَاِبتَدى العِزُّ وَانجَلَت / بِها غُمَّة الإِسلامِ وَاِنكَشَفَ الكَربُ
تَرى القَلعَةَ البَيضاءَ وَلهى لِفَقدِها / كَما وَلِهَت وَرقاءُ ضَلَّ لَها سَقبُ
هُما جانِبا ثَغرٍ إِذا مالَ مِنهُما / إِلى السَلمِ جَنبٌ مالَ مِن بَعدِهِ جَنب
غَصَبتَ الأَعادي ما اِغتَصَبتَ وَإِنَّما / بِمثلِ أَبي العُلوانِ يُرتَجَعُ الغَصبُ
فَتىً مِثلُ نَصلِ السَيفِ يَهتَزُّ مَتنُهُ / وَلَكِنَّ نَصلَ السَيفِ يَنبُو وَما يَنبُو
حَبا مُذ حَبا ثُمَّ استَمَرَّ عَلى النَدى / وَحَسبُكَ مِمَّن قَد حَبا قَبلَ أَن يَحبُو
كَريمٌ إِذا ما فارقَ الرَكبُ دارَهُ / أَمِنّا عَلَيهِ أَن يُذَمِّمُه الرَكبُ
لَهُ عَزمَة في صَدرِهِ مِثلُ عَضبِهِ / فَفي يَدِهِ عَضبٌ وَفي صَدرِهِ عَضبُ
مِنَ الصالِحِيِّينَ الَّذينَ تَقَلَّدُوا / سُيُوفاً إِذا سَلُّوا أَذِبَّتَها ذَبّوا
بَنُو بَيتِ مَجدٍ طَوَّلَ اللَهُ سَمكَهُ / فَطالُوا وَشَبّوا جَمرَةَ الحَربِ مُذ شَبُّوا
إِذا قِيلَ مَن سَنَّ المَكارِمَ وَالنَدى / فَما سَنَّها إِلّا المَرادِسَةُ النُجبُ
يَسُبُّهُمُ القَومُ اللِئامُ وَإِنَّما / يَزيدُهُمُ في قَدرِهِم ذَلِكَ السَبُّ
وَما ضَرَّهُم شَتمُ العَدُوِّ لِأَنَّني / أَرى اللَيثَ لا يَعبا إِذا نَبَحَ الكَلبُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحِلمِ ثَوباً لِلابِسٍ / وَلا مِثلَ حُسنِ الصَفحِ إِن قُبحَ الذَنبُ
إِذا أَنتَ عاتَبتَ الدَنِيَّ فَإِنَّما / لَكَ اللَومُ في تِلكَ المَلامَةِ وَالعَتبُ
وَيا رُبَّ شَرٍّ ساسَ خَيراً وَرَيغةٍ / إِلى السَلمِ جَرَّتها الضَغِينَةُ وَالحَربُ
لَعَمرِي لَقَد عَزَّت كِلابٌ وَأَصبَحَت / تُنافِسُها طَيٌّ وَتَغبِطُها كَلبُ
فَجَمَّعتُمُ شَملَ العَشيرَةِ بَعدَما / تَفرَّقَ ذاكَ الشَملُ وَاِنصَدَعَ الشَعبُ
وَقَد جَرَّبُوا خَيرَ الزَمانِ وَشَرَّهُ / وَبانَ الأُجاجُ الطَرقُ وَالبارِدُ العَذبُ
رَعُوا حَقَّ فَضلٍ مِن أَبيكَ عَلَيهِمُ / فَصَحُّوا وَلَولا الغَيثُ ما نَبَتَ العُشبُ
فَلا عَدِمُوا مِنكُم جَميلاً فَإِنَّكُم / لَأَكرَمُ مَن يَرتافُهُ العُجمُ وَالعُربُ
مَحَلُّكُمُ رَحبُ الفِناءِ وَفَضلُكُم / لِوارِدِهِ جَمٌّ وَغُضنُكُمُ رَطبُ
عَرَّج فَحَيِّ مَنازِلَ الأَحبابِ
عَرَّج فَحَيِّ مَنازِلَ الأَحبابِ / مَحَّت كَما مَحَّت سُطُورُ كِتابِ
وَالمِم بِدارٍ لِلرَّبابِ وَقُل لَها / يا دارُ جادَ رُباكِ صَوبُ رَبابِ
فَلَطَالَما حَلَّت بِرَبعِكَ كاعِبٌ / كَالبَدرِ بَينَ كَواعِبِ أَترابِ
لَولا مَراشِفُها العِذابُ لَما هَوى / جَلَدِي وَلا غَرِيَ الهَوى بِعَذابي
عَتَبَت عَلى بُعدِ المَزارِ وَكَيفَ لِي / لَو زالَ ذاكَ العَتبُ بِالإِعتابِ
لا تُذنِبِي الرَجُلَ الغَرِيبَ عَلى النَوى / فَالذَنبُ ذَنبُ غُرابِكِ النَعّابِ
وَاستَغفِرِي مِمّا جَنَيتِ وَقَد حَدا / حادِي النَوى بِرِكابِكُم وَرِكابِي
يَومَ النَظِيرُ وَقَد سَأَلتُكِ نَظرَةً / ما كانَ ضَرَّكِ لَو رَدَدتِ جَوابي
يا هَذِهِ لا تَحسَبِيني واهِباً / لَكُمُ دَمي المَطلُولَ يَومَ حِسابي
وَلَقَد ضَنِيتُ فَما يَكادُ مِنَ النَوى / جَسَدِي يَبِينُ لِطَيفِكِ المُنتَابِ
أَهلاً وَسَهلاً بِالخَيالِ فَإِنَّهُ / حَيّ فَأَحيَانِي وفَرَّجَ ما بِي
وَشَكَوتُ في كَبِدِي إِلَيهِ مِنَ الجَوى / ناراً فَبَرَّدَها بِبَردِ رُضابِ
وَتَنُوفَةٍ سِربُ النَعامِ كَأَنَّهُ / فِيها سَفِينٌ في بُحُورِ سَرابِ
داوِيَّةٍ قَفرٍ طَوَيتُ مُتُونَها / بِنَجِيبَةٍ مَطوِيَّةِ الأَقرابِ
مَوّارَةِ الضَبعَينِ أَذهَبَ نَيَّها / نِيّاتُ شَعثٍ لِلفَلا جَوّابِ
شَكَتِ الكَلالَ فَما شَكَوتُ وَدَأبُها / ما تَشتَكِيهِ مِنَ الكَلالِ وَدابِي
حَتّى تُبَلِّغَني المُعِزَّ فَإِنَّهُ / رِيفُ العُفاةِ وَمَنجَعُ الطُلّابِ
أَلِفَ المُرُوَّةَ مِن صِباهُ فَقَلبُهُ / أَبَداً إِلى تِلكَ المُرُوَّةِ صابِ
يُخشى وَيُرجى فَهوَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / لَم يَخلُ فيها مِن نَدىً وَعِقابِ
ذُو عَزمَةٍ تَنجابُ كُلُّ كَرِيهَةٍ / عَن وَجهِهِ في القَسطَلِ المُنجابِ
وَالسُمرُ تَخطِرُ في الصُدُورِ صُدُورُها / وَتُخَلِّفُ الأَعقابَ لِلأَعقابِ
في مَأزِقٍ يَنبُو الحُسامُ وَقَلبُهُ / مِثلُ الحُسامِ العَضبِ لَيسَ بِنابِ
مَلِكٌ مَراتِبُهُ أَجَلُّ مَراتِبٍ / وَنِصابُهُ في المَجدِ خَيرُ نِصابِ
زَينُ الفَوارِسِ وَالمَذاكي شُزَّبٌ / تَردِي وَزَينُ مَجالِسِ الشُرّابِ
وَلَقَد بَنى لِلمَجدِ بَيتَ مَكارِمٍ / لَم يَخلُ مِن فَضلٍ وَبَذلِ رِغابِ
بَيتاً لَهُ مِن ذِي الجَلالِ دَعائِمٌ / تُغنيهِ عَن عَمَدٍ وَعَن أَطنابِ
تَجِدُ المَقاوِي فيهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ / غُرَّ الجِفانِ كَأَنَّهُنَّ خَوابِ
لا يَعرِفُ الفِعلَ القَبيحَ وَلا يَرى / أَحَدٌ عَلَيهِ طَريقَةً لِمَعابِ
مَلِكٌ حَباني بالجَميلِ فَواجِبٌ / أَلّا أُرى في حُبِّهِ بِمُحابِ
لَكِن أَصُوغُ لَهُ الثَناءَ مُحَبَّراً / يَبقى عَلى الأَعوامِ وَالأَحقابِ
مَدحاً كَأَنَّ الرَوضَ فاحَ نَسِيمُهُ / وَيَذُبُّ ما يُخشى بِحَدِّ ذُبابِ
قَد كانَ أُغلِقَ كُلُّ بابِ مُرُوءَةٍ / فَفَتَحتَ أَنتَ رِتاجَ ذاكَ البابِ
وَدَفَعتُمُ صَرفَ الزَمانِ وَريبَهُ / عَنّا وَحامَيتُم عَنِ الأَحسابِ
عِش للزَمانِ وَأَهلِهِ في نِعمَةٍ / مَحجُوبَةٍ عَن صَرفِهِ بِحِجابِ
فَلَأَنتَ أَكرَمُ سَيِّدٍ في عامِرٍ / خِيماً وَأَبسَطُهُم يَداً لِثَوابِ
أَما إِنَّهُ لَولا الحِسانُ الرَعابِيبُ
أَما إِنَّهُ لَولا الحِسانُ الرَعابِيبُ / لَما كانَ لِلأَرواحِ هَمٌّ وَتَعذيبُ
تَمَنَّعنّ بُخلاً فاستَزَدنَ مَحَبَّةً / أَلا كُلُّ مَمنوعٍ إِلى النَفسِ مَحبُوبُ
وَكَم جَلَبَت مَجلوبَةٌ سُقمَ مُهجَةٍ / فَهَل كُلَّ مَجلوبٍ بِهِ السُقمُ مَجلُوبُ
خَلِيلَيَّ لا عَصرٌ بِيَبرِينَ عائِدٌ / فَأَبرا وَلا وَصلٌ بِوَهبينَ مَوهُوبُ
فَما لَكُما لا تَعذُرا بِي عَلى الجَوى / وَحَبلِيَ مِن حَبلِ الأَحِبَّةِ مَقنُوب
حَلَمتُ بِهَجرٍ مِن سُعادَ فَلَيتَهُ / كَما قِيلَ إِنَّ الحُلمَ بِالشَرِّ مَقلُوبُ
يَمانِيَةُ مَحجُوبَةُ الشَخصِ مِثلُها / رَسِيسٌ بِها ما بَينَ جَنبَيَّ مَحجُوبُ
إِذا قُمُتُ يَومَ البَعثِ أَخفَيتُ حُبَّها / فَلَم يُرَ في اللَوحِ الَّذي هُوَ مَكتُوبُ
سَقَت دارَها الأَنواءُ أَو صَوبُ أَدمُعِي / فَكُلٌّ سَواءٌ مُستَهِلٌّ وَمَسكُوبُ
إِلى أَن يَبِيتَ الرَوضُ فِيها كَأَنَّهُ / إِذا ما زَها نَوّارَهُ لِمَمٌ شِيبُ
وَقَفنا بِها نَشكُو الجَوى فَيُجِيبُنا / صَداها وُورُقُ الأَيكِ وَالجُردُ وَالنِيبُ
بُكاءٌ وَإِرزامٌ وَسَجعٌ مُبَرِّحٌ / بِنا وَصَهيلٌ لِلجِيادِ وَتَهوِيبُ
أَخِلّايَ مالِي لا يُغَرِّدُ طائِرٌ / عَلى فَنَنٍ إِلّا وَقَلبِيَ مَرغُوبُ
حِذاراً وَإِشفاقاً مِنَ البَينِ أَن تُرى / مُخَبِّرَةً عَنهُ النِجاحُ الغَرابِيبُ
فَلا لَومَ لِي إِن طارَ قَلبِي صَبابَةً / لِأَنّي مِن شَحطِ الأَحِبَّةِ مَنحُوبُ
إِذا فارَقُوا فارَقتُ قَلبِي كَأَنَّما / فُؤادِي إِلى تِلكَ الهَوادِجِ مَجنُوبُ
أَصاحِ تَرى بَرقاً يَلُوحُ كَأَنَّهُ / سُلافٌ بِرَقراقٍ مِنَ المُزنِ مَقطُوبُ
بَدا يَمَنِيّاً في الظَلامِ كَأَنَّما / ظَلامُ الدُجى عَبدٌ مِنَ الزِنجِ مَخضُوبُ
وَلَو لاحَ شامِيّاً لَخِلناهُ أَنَّهُ / سَنا قَبَسٍ فَوقَ الثَنِيَّةِ مَشبُوبُ
لِأروَع يَهدِي الطارِقِينَ بِوَجهِهِ / وَلَو لَم يَلُح ضَوءٌ مِنَ النارِ مَثقُوبُ
إِذا زارَهُ الزُوّارُ فَرَّت قِلاصُهُ / لِتَنجُو فَخانَتها الشَوى وَالعَراقِيبُ
تَراهُنَّ يَكرَهنَ الوُفُودَ وَواجِبٌ / كَراهَةُ حَيٍّ لِلرَدى وَهوَ مَغصُوبُ
خُلِقنَ قِرىً لِلطارِقِينَ بِصارِمٍ / تَعَوَّدَ أَن يُقرى بِهِ النَسرُ وَالذِيبُ
لَقَد مُتنَ مَوتاً أَكسَبَ الحَمدَ أَهلَهُ / أَلا كُلُّ حَمدٍ بِالمَشَقَّةِ مَكسُوبُ
إِذا زادَ بِالزّادِ الثَناءُ فَبُورِكَت / عِشارٌ عَلى لَبّاتِها الدَمُ مَسرُوبُ
أَتاجَ مَعَدٍّ صُغ لَكَ التاجَ مُرغِماً / عِداك بِأَنَّ التاجَ بِالتاجِ مَعصُوبُ
وَبُردُكَ لا تَسحَبُهُ في الأَرضِ إِنَّهُ / لَبُردٌ عَلى وَجهِ السِماكَينِ مَسحُوبُ
وَقُل لِشَآبِيبِ السَماءِ تَهَمَّرِي / أَو اِنقَطِعي إِنّي وَأَنتِ شَآبِيبُ
قَضى اللَهُ لِي مِنكَ الغِنى وَتَسَبَّبَت / سَعادَةُ جَدِّي وَالسُعُودُ تَسابِيبُ
وَهَل أَنا إِلّا مِن جَماعَةِ أُمَّةٍ / لَها مَشرَبٌ مِن حَوضِكَ الجَمِّ مَشرُوبُ
لَكَ الخَيرُ إِن يُجرِم رَعاياكَ فاغتَفر / جَرائِمَهُم إِنَّ المُدَبَّرَ مَربُوبُ
هَفَوا هَفوَةً مِن غَيرِ بُغضِ فَأُدِّبُوا / بِعَفوِكَ إِنَّ العَفوَ لِلحُرِّ تَأَديبُ
وَلَو شِئتَ حاشا طِيبَ أَصلِكَ أَن تُرى / مُسِيئاً لَخاضَت في الدِماءِ اليَعابِيبُ
وَعادَت سُيوفُ الهِندِ ما لِنُصُولِها / شِفارٌ وَما لِلمارِناتِ أَنابِيبُ
خُلِقتَ كَرِيماً لَم يَفتُكَ تَفَضُّلٌ / وَطَولٌ وَلا أَخطاكَ حَزمٌ وَتَهذِيبُ
بَرَزتَ إِلَيهِم مُغضَباً فَتَضَرَّعُوا / إِلَيكَ وَما بَعدَ التَضَرُّعِ تَثرِيبُ
لَئِن رَهِبُوا لَمّا رَأَوكَ لَقَد رَأَوا / بِكَ الهَولَ إِنَّ المَنظَرَ الهَولَ مَرهُوبُ
فَعَفواً عَفا عَنكَ الإِله وَرَأفَةً / فَعَفوُكَ مِن عَفوِ المُهَيمِنِ مَحسُوبُ
فَإِنَّهُمُ لَم يَعهَدُوا مِنكَ جَفوَةً / وَلا ذُبَّ مِنهُم في جَنابِكَ مَذبُوبُ
تَرَبّى عَلى إِنعامِكَ الطِفلُ مِنهُمُ / وَشَبَّ عَلى إِحسانِكَ المُردُ وَالشَيبُ
وَأَنسى وَلا أَنسى نَصِيحاً وَخادِماً / مُسِنّاً لَهُ حَقُّ عَلى المَلكِ مَوجُوبُ
فَجُد بِالرِضا عَنهُم فَإِنَّك يُوسُفٌ / وَعَبدُكَ شَيخُ الدَولَةِ الشَيخُ يَعقُوبُ
فَأَقسِمُ لَو حَوَّلتَ وَجهَكَ مُعرِضاً / عَنِ الأَرضِ ما دَرَّت عَلَيها الأَهاضِيبُ
وَلَو قِيلَ لِلأَطوادِ إِنَّكَ واجِدٌ / تَدَكدَكَتِ الأَطوادُ وَهيَ شَناخِيبُ
وَلَو بِتَّ لِلشُهبِ المُنِيرَةِ طالِباً / بِسُوءٍ لَما أَعياكَ ما هُوَ مَطلُوبُ
كَذاكَ وَلَو أَضمَرت لِلصُبحِ إِحنَةً / لَحالَ وَأَضحى وَهوَ أَسوَدُ غِربِيبُ
وَما أَنتَ إِلّا الدَهرُ مُذ كُنتَ غالِباً / وَكُلُّ عَدُوٍّ مِن أَعادِيكَ مَغلُوبُ
وَأَنتَ رَبيعُ الناسِ بِرُّكَ واصِلٌ / وَعِرضُكَ مَوفُورٌ وَمالُكَ مَوهُوبُ
تَيَمَّمَكَ القُصّادُ مِن كُلِّ وَجهَةٍ / كَما أَمَّتِ البَيتَ الحَرامَ المَحارِيبُ
كَأَنَّكَ شَمسٌ مِن جَميعِ جِهاتِها / تَمُدُّ شُعاعاً وَالشُعاعُ أَسالِيبُ
فَلا الرَفدُ مَمنُوعٌ وَلا العَهدُ حائِلٌ / وَلا الفِعلُ مَذمُومٌ وَلا المَدحُ مَكذُوبُ
وَطالَت فَنالَت جَبهَةَ النَجمِ أُسرَةٌ / لَها نَسَبٌ في الصالِحيِّينَ مَنسُوبُ
فَتىً فَخُرَت قَيسٌ بِهِ كَيفَ عامِرٌ / وَطالَت بِهِ الأَحباشُ كَيفَ الأَعارِيبُ
فَلَستَ تَرى فِيهِ وَلا في عَشِيرِهِ / مَعاباً إِذا ما مَعشَرٌ غَيرُهُم عِيبُوا
جَزى اللَهُ فَخرَ المُلكِ عَمَّن أَعادَهُ / إِلى العِزِّ خَيراً وَهوَ لِلعِزِّ مَسلُوبُ
فَما كانَ إِلّا يُونُسَ الحُوتِ إِذ دَعا / إِلى رَبِّهِ في سِرِّها وَهوَ مَكرُوبُ
وَأَيُّوب إِذ نادى وَقَد طالَ ضُرُّهُ / فَفُرّجَ ما يَشكُو مِنَ الضُرِّ أَيُّوبُ
يُعَقِّبُهُ الجَدُّ السَعِيدُ وَرُبَّما / يَكُونُ لِجَدِّ المَرءِ بِالسَعدِ تَعقِيبُ
فَلا تَعجَبِي مِمّا رَأَيتُ فَإِنَّها / قُلُوبٌ لَها بِالخَيرِ وَالشَرِّ تَقلِيبُ
وَلِلناسِ في الدُنيا نَزُولٌ وَرِفعَةٌ / وَلِلمُلكِ إِبعادٌ وَلِلمُلكِ تَقرِيبُ
وَرُبَّ قَصِيٍّ جُرِّبَ الوُدُّ عِندَهُ / وَلِلناسِ في الدُنيا اِمتِحانٌ وَتَجرِيبُ
وَمَن عاشَ في الدُنيا فَلا بُدَّ أَن يَرى / عَجائِبَ شَتّى وَالزَمانُ أَعاجِيبُ
أَبا صالِحٍ لا يُعدَمِ اسمٌ وَكُنيَةٌ / فَقَد شَرُف اسمٌ وَاكتِناءٌ وَتَلقِيبُ
بَقِيتَ عَلى ما أَنتَ بانٍ مِنَ العُلى / وَباني المَعالي المُشمَخِرّاتِ مَتعُوبُ
فَإِن كُنتَ لا تَشكُو عَياءً فَقَد شَكا / حُسامٌ وَعَسّالٌ وَسَهمٌ وَيَعبُوبُ
وَهامٌ عَلى البَيداءِ مُلقىً كَأَنَّهُ / صِحافُ قِرىً مِنها سَوِيٌّ وَمَكبُوبُ
وَلَولا اجتِنابُ الإِثمِ قُلتُ صَحائِفٌ / تُفَضُّ وَآثارُ الجِيادِ مَحارِيبُ
لِيَسمُ بِكَ البَيتُ الكِلابِيُّ إِنَّهُ / لَبَيتٌ بِكُم فَوقَ المَجَرَّةِ مَنصُوبُ
رَفِيعُ الذُرى لَم يَضرِبِ العَبدُ وَدَّهُ / وَلَكِنَّهُ وَدٌّ مِنَ اللَهِ مَضرُوبُ
رَسا تَحتَ أَطباقِ الثَرى وَلِحَبلِهِ / إِلى مُنتَهى السَبعِ الطَوالِعِ تَطنِيبُ
وَجَدتُ مَقالاً في مَعالِيكَ مُمكِناً / فَقُلتُ وَواتانِي مَدِيحٌ وَتَشبيبُ
فَدُونَكَ جِلباباً مِن الحَمدِ قَلَّما / يَرِثُّ وَيَبلىحِينَ تَبلى الجَلابِيبُ
يُغاظُ بِهِ شانِيكَ حَتّى كَأَنَّما / عَدُوُّكَ بِالمَدحِ الَّذي فِيكَ مَنسُوبُ
دِيارُ الحَيِّ مُقفِرَةٌ يَبابُ
دِيارُ الحَيِّ مُقفِرَةٌ يَبابُ / كَأَنَّ رُسومَ دِمنَتِها كِتابُ
نَأَت عَنها الرَبابُ وَباتَ يَهمِي / عَلَيها بَعدَ ساكِنِها الرَبابُ
تُعاتِبُني أُمامَةُ في التَصابِي / وَكَيفَ بِهِ وَقَد فاتَ الشَبابُ
نَضا مِنّي الصِبا وَنَضَوتُ مِنهُ / كَما يَنضُو مِنَ الكَفِّ الخِضابُ
إِلى نَصرٍ وَأَيُّ فَتىً كَنَصرِ / إِذا حَلَّت بِمَغناه الرِكابُ
أمُنتَهِكَ الصَلِيبِ غَداةَ ظَلَّت / حُطاماً فِيهِمُ السُمرُ الصِلابُ
جُنُودُكَ لا يُحيط بِهِنَّ وَصفٌ / وَجُودُكَ لا يُحَصِّلُهُ حِسابُ
وَذِكرُكَ كُلُّهُ ذِكرٌ جَميلٌ / وَفِعلُكَ كُلُّهُ فِعلٌ عُجابُ
وَأَرمانُوسُ كانَ أَشَدَّ بَأساً / وَحَلَّ بِهِ عَلى يَدِكَ العَذابُ
أَتاكَ يَجُرُّ بَحراً مِن حَديدٍ / لَهُ في كُلِّ ناحِيَةٍ عُبابُ
إِذا سارَت كَتائِبُهُ بِأَرضٍ / تَزَلزَلَتِ الأَباطِحُ وَالهِضابُ
فَعادَ وَقَد سَلَبتَ المُلكَ عَنهُ / كَما سُلِبَت عَن المَيتِ الثِيابُ
فَما أَدناهُ مِن خَيرِ مَجِيءٌ / وَلا أَقصاهُ مِن شَرِّ إِيابُ
فَلا تَسمَع بِطَنطَنَةِ الأَعادِي / فَإِنَّهُمُ إِذا طَنُّوا ذُبابُ
وَلا تَرفَع لِمَن عاداكَ رَأساً / فَإِنَّ اللَيثَ تَنبَحُهُ الكِلابُ
صَبَرتَ عَلى الأَهوالِ صَبرَ ابنِ حُرَّةٍ
صَبَرتَ عَلى الأَهوالِ صَبرَ ابنِ حُرَّةٍ / فَأَعطاكَ حُسنُ الصَبرِ حُسنَ العَواقِبِ
وَأَتعَبتَ نَفساً يابنَ نَصرٍ نَفِيسَةً / إِلى أَن أَتاكَ النَصرُ مِن كُلِّ جانِبِ
وَأَنتَ امرُؤُ تَبغِي العُلى غَيرَ عاجِزٍ / وَتَسعى إِلى طُرق الرَدى غَيرَ هائِبِ
يُطَوِّلُ مَحمُودُ بنُ نَصرِ وَفِعلُهُ / كِلاباً كَما طالَت تَمِيمٌ بِحاجِبِ
بَكَت عَلَيَّ غَداةَ البَينِ حِينَ رَأَت
بَكَت عَلَيَّ غَداةَ البَينِ حِينَ رَأَت / دَمعِي يَفيضُ وَحالِي حالُ مَبهُوبِ
فَدَمعَتِي ذَوبُ ياقُوتٍ عَلى ذَهَبٍ / وَدَمعُها ذَوبُ دُرٍّ فَوقَ ياقُوتِ
الدَهرُ خَداعَةٌ خَلُوبُ
الدَهرُ خَداعَةٌ خَلُوبُ / وَصَفوُهُ بِالقَذى مَشَوبُ
فَلا يَغُرَّنَّكَ اللَيالي / فَبَرقُها خُلَّبٌ كَذُوبُ
وَأَكثَرُ الناسِ فَاعتَزِلهُم / قَوالِبٌ ما لَها قُلُوبُ
لَقَد أَطاعَكَ فِيها كُلُّ مُمتَنِعٍ
لَقَد أَطاعَكَ فِيها كُلُّ مُمتَنِعٍ / خَوفَ اِنتِقامِكَ حَتّى غارَتِ القُلُبُ