القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الصوفيّ العُماني الكل
المجموع : 16
رَوِّحِ النفسَ لا تَرِدْها المتاعبْ
رَوِّحِ النفسَ لا تَرِدْها المتاعبْ / مَا كذا يا أخيَّ تُحَدَّى الرَّكائِبْ
لا تَرِدها العِراكَ فالماء صَفْو / بازدحام النِّياقِ تَعْفُو المَشارب
أَو فَذَرْها سَوائماً لا تَرُعْها / غُفُلاً أَوْ خِطامُها فِي الغَوارب
أَوْ تَسَنَّم مَطِيَّ السَّراحِين منها / إنْ تكنْ تبتغي بلوغَ المَطالب
لَيْسَ مَن يَقطع المَهامِهَ سَعْياً / مثلَ مَن يمتطي ظهورَ النَّجائب
ذَاكَ فِي السير يقطع البِيد عَسْفاً / لَمْ يَكد يسلك الطريق المصاحِبْ
هَمُّه البيدُ لا سواها وهذا / هَيَّج الوجدُ قلبَه لا السَّباسِب
هاجَه الشوقُ منذ مَا شام برقاً / يَمَّم الأرضَ شرقَها والمَغارب
كلما سار فُسحةً طار شوقاً / حَثْحث العِيس كي يغالَ الرغائب
إن تَراءى علائمُ الرَّبْعِ حَنَّت / عِيسُه ترتجي ديارَ الحبائب
تَجذب النِّسْعَ لَمْ يَؤُدْها كَلال / جَذْبَةَ الشوقِ للحبيبِ المقارب
أَوْ تدانَى نحو المواقيتِ هاجتْ / لوعةُ الحبِّ من خلال المَضارب
هكذا الشوقُ يجذب الصَّبَّ حَتَّى / لَمْ يُطِق دفع عاملاتِ الجَواذِب
صاحِ دعْنِي أُفتِّت الصخرَ مما / هاج بالقلبِ من بديع الغرائب
لم أقل ذا الفتوحُ لما تَسَنَّى / سيدي ذا الفتوح إحدى العجائب
قد أدارتْ يدُ التهاني علينا / خَمرةً تَغْبَقُ السَّما والكواكب
من فتوحٍ بخمره قَدْ سكرْنا / لَمْ تجد فِي الحِمى فتى غيرَ شارب
ساجعاتُ الهَنا تغرِّد شَجْواً / فيْصَلٌ يمتطِي النجومَ الثَّواقب
هَمُّه كسبُ عالياتِ المَساعي / يَا لَسَعْي ويا لَنِعْمَ المَكاسب
سيدٌ فاضلٌ إما هُمام / عادِل مُحسِن رفيع المراتب
قد أُهنِّي بالفتح لكنْ / حقُّ أهلِ البلاد شكرُ المَواهب
أُخرِجوا من عذابهم فِي نعيم / كخروجِ العُصاة عند المذاهب
سَمدُ اليومِ أنت فِي مَلَك السع / دِ فتِيهي عَلَى ذوات المَناصب
انْعَمى بعد مَا أُهنتِ قديماً / وأَمْسِكي الطَّوْدَ بعد نسجِ العناكب
إن أعلى البيوتِ مَا قَدْ يُبنَّى / بانسكاب الدِّما وسَحْب القَواضب
عادَةُ اللهِ للأميرِ المفدَّى / قَمْعُ باغٍ وقهرُ كلِّ محارب
لا ألوم العُداة لما تولَّوا / يسألوا العفوَ كلما سار راكب
أيقَنوا أن مُلْكَهم يبلَى / هل يُرَدُّ القضاءُ والله ضارب
يَا لَطود الوفاءِ والحلم صَفْحاً / لَيْسَ عَفْوُ الملوك عنك بعازِب
إنما النصر فِي يديك فَخَفَّفْ / وَطْأَةَ القتلِ أنك اليوم غالب
وادخِرْ هؤلاء جُنداً فما هم / غير سعفٍ بساعديك ضَوارِب
لا تَقِسْ جُرْمَهم بإحسانِ من قَدْ / أَكْمَنَ الحقدَ مُظْهِراً زِيَّ صاحب
كامِنُ الحقدِ فِي النفوس وأَنَّى / يذهبُ الضِّغْنُ من فؤادِ المُناصِب
إِن تَشِم بارقَ الصداقةِ منه / لَمْ تجدْ غير بارقاتٍ كواذِب
كم مُشيحٍ بسَيْرِه بات يَطْوِي / مَهْمهاً طولَ سيرِه الدهرَ ساغب
شام بالبعد نار ضيفٍ فلما / صار بالقُربِ شام نار الحُباحِب
أسكرتْني شَمولُ فضلِك حَتَّى / لستُ أخشَى من العدو المُراقب
إن تكن لي من الزمان وحيداً / أيُّ شيءٍ من الزمان أُراقب
لستُ أَلوِي عَلَى سواك عِناني / أنت للمجد والعُلى خير خاطِب
أَأَسْلُو وحادِي البين جَدَّتْ رَكائِبُهْ
أَأَسْلُو وحادِي البين جَدَّتْ رَكائِبُهْ / وناحتْ عَلَى دَوْحِ المنايا نَوادِبُهْ
لَعمرُك من يَسْلُو وذا الدهرُ فِي الوَرى / عَلَى عجلٍ بالموتِ تسعى كتائبُهْ
هَيا كلُنا للموتِ حانوتُ خمرةٍ / يطوف بِهِ عِزْرِيلُ والخلقُ شارِبه
نُجانِب أسبابَ المنايا وإننا / لَنَهلك بالأسباب فيما نُجانبه
يَلَذُّ الفتى بالعيش والعيشُ خُدعة / ومن يختدع والدهرُ جَلَّتْ مصائبه
أَيُصبِح مسروراً هَنيئاً بعيشةٍ / أخو شَرَهٍ والموتُ لا شكَّ طالبه
ويرتاح فِي الدنيا لنَيْلِ حُطامها / وَقَدْ هلكَتْ قبل المَنال أقاربه
فَنَغدو ونُمسي والليالي تسوقنا / إِلَى مَنْهلٍ كأسُ المنايا مَشاربه
حثيثاً تجري الليالي ومن تكن / مَطيَّتُه الأيامُ قُصَّتْ حَقائبه
ومن كانت الأيام للسير نُجْبَه / بلغْنَ إِلَيْهِ مسرعاتٍ نجائبُه
فيا نفسُ إن الموتَ أعظمُ واعظاً / وَقَدْ نَشِبت يَا نفس فيك مَخالبه
إذَا مَا دَجا ليلٌ رجَوْنا صباحَه / وَلَمْ نعلمِ الإصباحَ مَاذَا عواقبه
ونحرِص فِي الدنيا عَلَى الرزق جهدَنا / وَلَيْسَ يفوت المرءَ مَا الله كاتبه
تُخادِعنا الآمالُ وهْي كواذبٌ / وَقَدْ يخدعُ الإنسانَ من هو كاذبه
نُراقب من وَقْع الأَسِنَّة والظُّبا / ويقتلنا بالرغم من لا تراقبُه
ويَفْجَوُّنا رَيْبُ المَنون بِغِرَّةٍ / كما فَجأتْ مَلْكَ الزمانِ نوائبه
فبالأمسِ قَدْ كَانَ المُمَلكُ فيصلٌ / بعرشِ سماءِ المجدِ تَزْهو كواكبه
فأمسى وناعِي البين يندب صارخا / أَلا إن عرشَ المجدِ هُدَّت مَواكبه
رويدكَ يَا ناعي المنون فجعْتَنا / بمن فِي مِهادِ المجدِ قَدْ طَرَّ شاربه
بمن كانت الأقدارُ صَحْباً لعَزْمِه / فإنا نراه اليومَ والعجزُ صاحبه
بمن كَانَ قَهّاراً عَلَى الخلقِ غالباً / فها هو مقهورٌ وذا الموتُ غالبُهْ
بمن قَلَّب الدنيا بتصريفِ رأيه / فصارت أيادينا أسيراً تقالبه
فلم أرَ قبلَ اليوم أنّ غَضَنْفَراً / تقلِّبه أيدٍ وأيدٍ تَناوَبُه
مُسَجَّى عَلَى ظهرِ الأَريكةِ هادئاً / وتنسج أكفانَ الحتوفِ عناكبه
فهُبّوا بني الإملاقِ طُرّاً فقد نَعَتْ / أبا الفضلِ رحبَ الساعدين نَواعبه
قِفوا ساعةً وابكُوا زمانَ حياتِكم / فهذا أبو الأيتام فُلَّت ضَواربه
لقد كَانَ فِي عين الخلافة حاجِباً / فأضحى بعين الأرض والقبرُ حاجبه
فيا لَكَ من بدرٍ بأُفْق سمائِه / تَغَشَّتْه بعد التِّمِّ ليلاً سَحائبه
ضياءٌ ضياءُ الشمسِ دون سَنائِه / كَستْه من الليلِ البَهيم غَياهبه
تَبدَّى وأفْقُ الفضلِ غارتْ نجومُه / فأَضحى عَلَى العافِين ترمي ثواقبُه
مَليكٌ تحلى الدهرُ فخراً بجوده / وَقلَّدنَ أعناقَ الرجال مَواهبُه
تَبدَّتْ بِهِ الأَيَّامُ غراً سَوافراً / وولّت بِهِ والدهرُ سودٌ جَلابِبُه
بِهِ عمِرت أرضُ المكارم وارتوتْ / بأَنوائه وارتدَّ للجود ذاهبه
أفيصلُ مَن للفضلِ بعدَك يُرتَجى / إذَا المرءُ قَدْ ضاقت عَلَيْهِ مَذاهبه
أفيصلُ مَن للحلمِ بعدك والسَّخا / ومن يَجْبُر الملهوفَ إن عُضّ غاربه
أفيصل إن الجود أصبح ثاوياً / بجنبيك فِي قبر تَضيق جوانبه
فمن لذوي الحاجاتِ فيصلُ إن أتى / لبابك محتاجٌ لتُقضَى مآربه
فيا عينُ قَدْ آن البكاءُ فأَذرِفِي / بفَيْضان دمعٍ يفضحُ السحبَ ساكبه
ورَوِّي ثَرَى قبرٍ بِهِ الفضلُ ثاوياً / رَواءً يُعيد القفرَ خُضراً سَباسبه
حرامٌ عَلَى نفسٍ وأنت فَقيدُها / سُلُوٌّ ومن يسلو وفَقْدُك سالبُه
فلولا تَأَسِّينا لَفاضَتْ نفوسُنا / بتَيْمورَ مَنْ للمُلكِ شَبَّتْ ترائبُه
تَجلَّى عَلَى أُفْق الخلافةِ مُشرِقاً / فضاءَ بِهِ شرقُ الفَضا ومغاربه
أتانا وثغرُ الدهرِ أَبْرَز نابَه / فلما بدا بالدهرِ زالت شَوائبُه
بَشوشٌ غَضيضُ الطرفِ عن كل مُذنبٍ / مُحِب لأهل الفضل بِيضٌ مناقبه
تَحلَّت بِهِ الدنيا وَلَمْ تكُ عاطِلاً / ولكنما خيرُ الحُليِّ أطائبه
فإن كَانَ طودُ المجد هُدَّ بفيصلٍ / فإن بتيمورٍ تطول شَناخِبه
تَكَهَّل إِكليلَ الخلافةِ يافعاً / وقُلِّدْنَ سيفَ المجد طفلاً مَناكبه
ومن كَانَ تيمور الخليفةَ بعَده / تُخَلَّد ذِكراه وتعلو مراتبه
مليكٌ بعرشِ العدل أصبح راقباً / يَحُفُّ بِهِ نَفْل الصلاح وواجِبه
كَسَتْهُ يدُ الإيمانِ ثوبَ جلالِه / وَحلاّه فرضُ الدين تَمْر رَغائبه
تَربَّع فِي دَسْتِ العدالةِ واسْتَوى / بكرسيِّ دينِ الله فاعتزَّ جانبه
تُسيل يمين الجودِ منه مَواهباً / فتَجري بسُبْروت العُفاة مَذانبه
هو الطود فاشدُد ساعِديْك بحبلِه / فقد خاب من كَانَ المليك يُجانبه
ويا دهرُ هَذَا المَلْكُ فانزِل ببُوحِه / ولا زال قَهْراً فيك تَجري مَطالبه
فلا زلتَ محفوظاً بظل أمانةٍ / ولا زال قهراً فيك تَجري مَطالبه
قلبٌ لتَذْكار الأحِبَّةِ قَدْ صَبا
قلبٌ لتَذْكار الأحِبَّةِ قَدْ صَبا / فكأنه سَعَفٌ تهاداه الصَّبا
تُدْنيه من أرَج التواصلِ نفحةٌ / وتَصدُّه ريح الصدود تَنكُّبا
فيظل بين هدىً وبين نوى / وبين جوى وبين تلهفٍ متقلبا
طوراً يَشيبُ بِهِ الغرام وتارةً / يَهْمِي عَلَيْهِ الدمعُ مُزْناً صَيِّبا
فكأنه والشوقٌ تذكُو ناره / لَهبٌ تَطايرَ بالحَشا أُبدِي سَبا
عَجَباً لجَرْيان الدموع ومُهْجَتِي / تَصْلَى بنيرانِ الفراق تَلهُّبا
كلتاهما نار تَوقَّدُ بالحَشا / هَذِي لتنضَحَ والدموعُ لتَنضُبا
فاعجبْ لنارِ الشوقِ يُذكِيها البكا / والدمعُ من نار الفراق ِتصبَّبا
مَا لي وَمَا للدهرِ أطلب وَصْلَهم / فيَصدُّني ويَرى التفرُّقَ مذهبا
ما أظلمَ الدهرَ المُشِتَّ بأهلِه / لَمْ يرضَ إِلاَّ الأسنةَ مَرْكبا
بالله عَرِّج يَا أخَيَّ إذَا بَدَتْ / لَكَ بالنَّقا تِلْكَ المَرابعُ وانْدُبا
فهناك روضُ الحُسْنِ أَزْهَر عُودُه / فانزِل فَديتُك سائلاً مترقِّبا
فَلعلَّ أن يَرْنُو إليّ أَحِبَّتي / ولعل أن يدنوا إليَّ فأقرُبا
وارفُقْ فديتُك صاحبي أوَ مَا ترى / بَيْنَ المَرابِع مهجتي طَارتْ هَبَا
واحْدُو بنا خُوصَ الرِّكاب مشرِّفاً / فهواى قَصْدُ الرَّكبِ لَيْسَ مغرِّبا
وإِذَا تَباينتِ الخيامُ فعُجْ بِهَا / واقْرأ السلامَ أُهَيْلَ ذَيّاكَ الخِبَا
واستوقفَنَّ الركبَ وَيْحَكَ وَاتّئِد / فعَساي أَقضِي للأحبةِ مَطْلبا
ما كنتُ قبلَ اليومِ أدري مَا الهوى / فلِذاك كنتُ مُصدِّقاً ومكذِّبا
فسُقيتُ من كأسِ الفراق أَمَرَّه / فعرفتُ علمَ المرءِ أن يَتغرَّبا
كم ذا أَبيتُ بنار شوقي أصْطَلي / عَزَّ اللقا والسيلُ قَدْ بلغ الزُّبَى
يا لائماً كم ذا تلوم مُعَنِّفاً / أَقْصِرْ فليس اللومُ فَرْضاً موجَبا
لو كنتَ تعلم مَا بقلبي من جَوىً / لَعلمتَ نفسَك من سَحاجٍ أكْذَبا
أو مَا ترى جسمي لبُعدِ أحبَّتي / دَنِفاً ورأسي من غرامي أَشْهَبا
والعمرُ فِي شَرْخِ الشباب ولِمَّتي / صبحٌ بِهِ ليلُ الشبابِ تَغيَّبا
مَا لي وللأيام تَعكسُ مَطْلبي / وأَنا بِهَا شوقاً أَبيتُ معذَّبا
أهديتُها غصنَ الشَّبيبةِ مُورِقاً / فأتت تُعوِّضُني بفَوْدٍ أَشيَبا
نشرتْ عَلَى رأسي لواءً أبيضاً / فطَوتْ بِهِ من عارِضيَّ الغَيْهبا
فكأن إكليلَ المَشيبِ بمَفْرِقي / دَسْتُ الخليفة بالجلالِ تَجلْبَبا
ظِلُّ الأمانِ وبهجةُ الدهرِ الَّذِي / بجَلاله وجهُ الزمانِ تَنقَّبا
سيفُ الإله بأرضِه ولخَلْقه / أذِن الإله بمَجْدِه أن يُخْطَبا
جادتْ بِهِ الأيامُ وهْي عَوابِسٌ / حَتَّى بدا سَمْتٌ بثَغْرٍ أَشْنَبا
وله الممالكُ صَفَّقت طرَباً وَقَدْ / حلفتْ لغير جلالهِ لن تَرْغَبا
موت بِهَا حِقبُ الزمانِ مَصونةً / فافْتضَّها بِكراً فعادتْ ثَيِّبا
واليومَ أضحتْ خُطةً مَا كلُّ من / رام المَعالي مثلَها أنْ يطلُبا
يا أَيُّهَا الملكُ الَّذِي بَهَر المَلا / بكمالك الدنيا تعالتْ مَنْصِبا
وبك المعالي أشرقتْ وتَرنَّمت / ورْقُ المكارِم بهجةً وتَطرُّبا
فضحتْ خِلالُكَ كلَّ ماضٍ فِي العُلَى / أَوَ من سعى لمثالِها أن يخطِبا
لَوْ كَانَ خُلْقُكَ فِي البحارِ اعْذَوْذَبتْ / أَوْ كَانَ فِي قفرٍ لَسال وأَعْشَبا
أغنتْ يداك بني الزمانِ ومثلَهم / فنَداك يُمطر مُخصِباً أَوْ مُجْدِبا
قتلتْ مَهابتُك العِدى وتَكفّلت / رَهَبُوتُ بأسِك للعَوالي والظُّبَا
فصِلات فَضلِكَ للعدو قَواتلٌ / أتكون ذي الرَّحَموتِ سمّاً مُعْطِبا
قَدْ جَرَّدتْك يدُ الزمان مُهنَّداً / لَوْ جَردتْه عَلَى الزمانِ لما نَبا
يا من عذَبْتِ بِهِ مَواردنا ومن / أضحتْ بِهِ الدنيا رَبِيعاً مُخْصِبا
سَمّاك ربك فَيْصلاً أَوَ مَا ترى / للسكونِ أصبحتَ المليكَ الأَغْلَبا
وأبوك تُركيّ الَّذِي تَرك الوَرى / خَدَماَ لَهُ بالسيفِ قَهْراً والحِبا
وسعيدُ نادرةُ الزمانِ بجِدِّه / وبجَدِّه عدنانِ ساد ويَعْرُبا
أَشْبالُ سلطانِ الهُمام بأحمدٍ / ذلتْ لديه الكائناتُ تَأَدُّبا
هَذَا الَّذِي تقف المكارم عنده / وباسمه يدعو المنيب تقربا
وُلِدوا عَلَى عرشِ السيادة وانْتَشَوا / بأربكة الملكوتِ ابناً أَوْ أبا
يَتناوبون عَلَى الخلافة سيداً / عن سيد حَتَّى اصطفَتْك الأَبْحَبا
ألقتْ إِلَيْكَ زِمامَها واستسلمتْ / لما رَأَتْكَ لَهَا الكَفيلَ الأَوْجَبا
الطيِّبُ ابنُ الطيبين وَلَمْ تجد / من طيبٍ إِلاَّ كريماً طيبا
فإليك يَا ابن الأَكْرمين ركائبي / تَخْدو وتقطع فِي سُراها السَّبسبا
جاءتْك تُرزِم بالحَنين تَشوُّقاً / لما استطابتْ فِي حِماكَ المَسْرَبا
أَوْ ليْتَني نِعَماً تكاد لوُسْعِها / فِيهَا تَبين الشمسُ حَتَّى تغْرُبا
لو كَانَ مَا فِي الأرض من قلمٍ جَرى / مِعْشارَ مَا أوليتَني لن يَكْتُبا
جودٌ تَدفّق بالبَسيطَةِ فارتوتْ / فَضَح السحائبَ موجُه أن تَسْكُبا
فلأنت روحٌ والعوالم هيكلٌ / أُودعتَ سِراً فِي الوجود مُحجَّبا
كَلّت يداي وضاق وُسْعُ قَريحتي / ولسانُ حالي عن لساني أَعْرَبا
لم أَذمُمِ الشعراءِ فِي فَلتاتِهم / بَهرت محاسُنك الفَصيح المُعْرِبا
فالعجز أعذَر للفتى وأَبَرُّ من / طلبِ المديحِ إذَا تَلعثَم أَوْ كَبا
لولا عظيمُ العَفْوِ يَسْتُر ذِلَّتِي / مَا كنتُ مِنْ بيْن العبيدِ مُقرَّبا
فكمالُ مجدِكَ كَلَّ عن إدراكه / وَصْفِي فَأَضْحى عن مديحي أَغْرَبا
الصبرُ أَجملُ والتَّجمُّل أَنْسَبُ
الصبرُ أَجملُ والتَّجمُّل أَنْسَبُ / والصمتُ عن كُنْزِ اللّجاجةِ أَصْوَبُ
وبحدِّ عزمِك فاحتملْ مَضَض الجَفا / إن كَانَ خِلُّكَ عن وِصالك يَرْغب
واسلِمْ لحكمٍ يرتضيه فإنما / حكمُ الأحبةِ للنفوسِ محبَّب
واصبِر عَلَى مَا حمَّلتْك يدُ النَّوى / واطلب من الأيام مَا هي تطلب
واقنَعْ بما يأتي الزمانُ فإنه / زمنٌ كقلبِ المرءِ قَدْ يتقلَّب
وإذا الحبيبُ سَقاك كأس صدودِه / فامزُجْه صبراً علَّ كأسَك يَعْذُبُ
وعلى سبيلِ رِضى الأَحبّة فاسْتَقِم / لَوْ عن وصالك أَعْرَضوا وتَجنَّبُوا
فَلَرُبَّ سانحةٍ تمر عَشيَّةً / ولعل رَبْعَك بعد جَدْبِك يُخصِبُ
إن المحبَّ وإنْ تباعدَ ساعةً / فَلَرُبَّما بعد التباعدِ يقرُب
إنْ لَمْ يكن بالصبر أَغْتَبِقُ الجَفا / فبِأَيِّ كاسٍ من هواكم أشرب
فالشوقُ يجذب زَفْرتي فأردُّها / خوفَ الرقيبِ لزفرتي يَترقَّب
ولَرُبَّ يومٍ قادني شوقي إِلَى / عَتْب الحبيبِ فلا أراني أعتِبُ
فأرى المُحالَ تَغَيُّري فِي الودِّ إذ / طبعُ المَحبةِ للمودة يجذِب
لولا التجاذبُ فِي الطبيعةِ لَمْ يقم / كَوْنٌ وأحكامُ الطبيعةِ تعلبُ
ما للهوى يَسْطُو بعَضْبٍ لَهْذمٍ / ولمهجتي بدمِ الصَّبابةِ تُخضَب
يا عاذلي والعذلُ مَجْلَبة الضَّنَى / إن الجفا بعد التواصُلِ يَصْعُب
لو كنت تَدرِي مَا حملتُ من الهوى / لَعلمتَ أن الحب أَمرٌ مُتعِبُ
لو نارُ وَجْدِي بالبحارِ لأَصبحتْ / غَوْراً وماءُ صبابتي لا يَنْضَب
يا مُتْلِفِي بالهجرِ حَسْبُك ذا الجَفا / فالحبُّ يقتل والتَّجافِي يَسلُب
عَجَباً لقلبٍ لا يرِقُّ وإنه / أَقْسَى من الصخرِ الأصَمِّ وأَصْلَبُ
إن الغرامَ إذَا تَحَكَّم فِي الفتى / فهو البَلا إنْ لَمْ يجد كل يطلبُ
أَتكلَّف السُّلوانَ وهو يَعُزُّنِي / إن السلوَّ عن الأحبة يَعْزُب
للهِ من زمنٍ حكمتَ ببَيْنِنا / مَا أنت إِلاَّ للفراق مُسبِّب
لا زلتَ مُغْرىً بالتَّشتُّتِ والقِلى / فِي كل يومٍ للعجائبِ تَجْلِب
إنَّ الزمانَ أبٌ لكل عجيبةٍ / تأتي وَمَا تَلِد الليالي أعجَب
أَيْنَ الفرارُ من الزمانِ وأهلِه / فجميعُهم شَرَك المَكائِدِ يَنْصِب
لا تأمَنَنَّ من الزمانِ فإنه / لا يأمنُ الدهرَ الخئونَ مجرِّب
ما هَذِهِ الأيامُ إِلاَّ عِبْرَةٌ / حارَ اللبيبُ لها وضاق المَذْهَب
لم يبقَ لي وَزَرُ أَلوذُ بِهِ سوى / كَنَفِ الخليفةِ مَنْ إِلَيْهِ المَهْرَب
ملكٌ يجير من الزمانِ وأهلِه / من كل مَا يَخْشَى ويَرْهَب
فإليه يُلجَأُ فِي المَخاوِف كلِّها / وإِليه فِي كل المَكارِم يُرْغَب
سِرٌّ بَدَتْه ضمائرٌ قدسيّة / وَنَمَتْهُ شُوسٌ للخلافة تُنْدَب
فهمُ نجومٌ للهُداةِ وللعُلى / وهمُ رُجومٌ للطُّغاةِ وأَشْهُب
من آلِ أحمدَ سادةٌ عربيةٌ / بزغتْ شموسُهُمُ فزال الغَيْهَبُ
لازالتِ العَلياءُ فيهم دُولةً / مَا دار فِي أُفْقِ المَجرَّةِ كوكب
يَتَابعون أئمةً قَدْ يَهتدِي / بهُداهمُ شرقُ العُلى والمَغْرِب
فَلَك يدور عَلَى البَرِيَّةِ قُطْبُه / مَلِك تُدار بِهِ الأمور وتُنْسَب
لَمْ أخشَ نائبةَ الزمانِ وفيصلٌ / بيد الزمانِ عَلَى النوائب يَضْرِب
فبفيصلٍ رسختْ عَلَى أعتابِها / قدمُ للمَالكِ إِذ بِهِ تَتَرَتَّب
فهو الَّذِي سَفَرت كواكبُ مجدِه / وبفضلِه فَوْقَ المنابرِ يُخْطَب
وهو الَّذِي قَدْ عشتُ فِي أكنافِه / ونشأْت فِي نَعْمَائِه أَتقلَّبُ
مُدَّت عَلَى الدنيا سُراْدقُ حلمِه / وبصَفْحَةِ العَليا نَداه يُكتَب
مَا ضامني زمنٌ ولا تَرِبت يدي / مذ صرتُ تَحْتَ وَلائِهِ أَتحسَّب
كم نعمةٍ طَفَحت عليَّ وكم يدٍ / ولكم فضائل لا تُعَدُّ وتُحْسَب
فعليه شُكري مَا حييتُ وإِنْ أَمُتْ / فلسانُ شكرِي بالمدائح يُعرِب
خِيامٌ مَا يُطاوِلها السحابُ
خِيامٌ مَا يُطاوِلها السحابُ / وشُهْبٌ فِي البَسيطة أَم قِباب
وأطنابٌ بأوتادٍ أُنِيطتْ / أم الجَوزا بأيديها شِهاب
وأعمدةٌ تجلِّلها سماءٌ / من الياقوتِ يكسوها ضَباب
وتلك مصانعٌ نشأت بأَيْدٍ / أم الأفلاك لَيْسَ لها حِجاب
أسود أم جنود فِي ذُراها / ومُرْد تَحْتها جُرْد عِراب
وصِيد أَم حديد فِي حِماها / وبيضٌ أم مُثقَّفة حِراب
مُلوك أم مَلاك فِي خِباها / بُحور أم بُدور لا يُصابوا
قُصور أم طيور حائِمات / لَهَا من كل داميةٍ شَراب
فيا خيمات إنسٍ تَحتَميها / ليوثٌ سادةٌ لا يُستَعابوا
كَساكِ الأُفْقُ ثوباً عَبْقَرياً / فكان عَلَيْكَ من شفق نِقاب
ووَشَّم خدَّك الورديَّ خالٌ / فكان عَلَيْكَ من حَلَكٍ خِضاب
تُطنِّب حولَك الحاجاتُ لما / رأَتْ كفّيْك مُدَّ لَهَا طِناب
ورحبتِ الوفودُ بَعَقْوَتَيها / متى راقتْ بأرجاها الرِّحاب
تطوف بِهَا الجَوارحُ والمَهارِي / وفرسانٌ بأيديهم حِراب
كلابٌ مثلُ وردِ الرَّوْضِ لوناً / يُصاد بِهَا وحوشٌ أَو ذِئابُ
فوَرْدان و بَرْدان يقولا / لخشْفِ الظَّبْي خذه يا عُقاب
و تَأْذِيةٌ تردُّ لهن قولاً / ألاَ خِلاّيَ مَا هَذَا العُقاب
أَعِيجوا الظبيَ نحوي أَفترِسْه / أَهَلْ غيري يردّ لَهُ الجواب
فقال الظبيُ مَهْلاً يا ضوارٍ / فَهَيْهات المَحيصُ ولا الذَّهاب
أَلا اصْغُوا أُناجِيكم بقولٍ / فليس اليومَ عنكم مَآب
فما رَدُّوا وَمَا سمعوا جواباً / وقال الظُّفْر رِفْقاً يا نِياب
وقالت مُدْية الصَّياد سَهْمِي / من الأَوداجِ قَدْكُم يا كلاب
وظل الظبي يَخبِط فِي دِماه / بأيدي القوم وانقطع الجواب
ومَلْكُ الأرض بِنظرها عِجاباً / تطوف بِهِ أُسود لا يهابوا
يقول لهم عِجُوا الأفراسَ نحوِي / وأَبْدوا أمركم طُرّاً تُحابُوا
فَهَذِي الأرضُ قَدْ طُوِيت لدينا / فحَسْبُكم المَهامهُ والهِضاب
فما أنتم تَهابون المنايا / ولا خَيْلي تُعاجُ لَهَا رِقاب
وَقَدْ مُلِئت رياضُ الأُنْسِ زَهْراً / وكاساتُ السرورِ انتهاب
تعَالَوا ننتهبْ مرحاً وصَيْداً / فقَبلِي تُبَّعٌ مرِحوا وطابوا
فرَدَاً ساردَ الأَفراحِ رَدّاً / فنادِي الأُنس شُقَّ لَهُ وِطاب
بأَملاكٍ غَطارِفةٍ كِرامٍ / سحائبُ نَيْلِهم شَهْد وصاب
سلاطينٌ مَيامينٌ غُيوثٌ / عَلَى أَديانهم نَزَلَ الكتاب
مَقاوِلة أَكاسِرَة شُموس / فهم عَلَم إِذَا خَفِيَ الصَّواب
مَباذِيلٌ أَساطينٌ طُهوف / إِذَا الأَنْواء عَزَّ بِهَا انْسِكاب
لهم شَرَف تَخِرُّ لَهُ الرَّواسِي / وفضلٌ لا يُعَدُّ لَهُ حساب
بنو سلطانَ أشبالُ المَعالي / دُعوا للمجد طُرّاً فاستجابوا
وَقَدْ شَرُفوا بعينِ الدهرِ جَمْعاً / وإنسانِ الزمانِ فلا ارتياب
بفاءٍ ثُمَّ ياءٍ ثُمَّ صادٍ / ولامٍ بعدَها شيء عُجاب
قَطوبٌ للمَكارِهِ يومَ يُدْعَى / بَشوشُ الوجهِ لَيْسَ لَهُ صِخاب
لَهُ خُلقٌ يَحار لديه فكرِي / وعَفْو فِيهِ للجاني عِقاب
فحَسْبي من أبي تيمورُ فضلٌ / غزيرٌ مَا لَهُ قطُّ اقْتِضاب
بِهِ أَنسى الزمانَ وساكنيه / وأوطاني وإنْ طال اغترابُ
تقول ليَ الوَساوِسُ وهي غر / لقد مضتِ الفُتوة والشباب
وَقَدْ وَلَّى الصِّبا فِي غيرِ شيءٍ / وآنَ بك التّراجعُ والإياب
فقلت لَهَا دَعيني منكِ يا ذِي / فما لِي غيرُ باب الفضلِ باب
ذَريني أَنْتَجِعْ برقَ المعالي / فذا مولاي فيْصَلنا المُهاب
فها أنا فِي ذَرَى نُعماه أسعى / بفَضلِ لا تُشَق لَهُ ثياب
وأَرفُلُ فِي نعيم العيشِ منه / بحودٍ لا يُطاق لَهُ ثَواب
فعِشْ وانْعَم أبا تيمورَ وابسُط / أَيادِي الجودِ مَا اسودَّ الغُراب
خَلِّ التَّجَهُّمَ والثَّلَبْ
خَلِّ التَّجَهُّمَ والثَّلَبْ / واخشَ المهالكَ والعَطَبْ
أَوَ مَا ترى الأيامَ تَلْ / وِي بالأَعِنَّةِ لَمْ تَهَبْ
لا تركبِ العَشْوَاءَ جه / لاً فالوَبالُ لمن ركب
وتَوَقَّ داهيةَ الليا / لي فالدُّنَا تُبْدِي العَجَب
واعصِ الهوى فالنفسُ تأ / مر بالفواحشِ والرِّيَب
واحذر مُطاولة الملو / ك ولا تُغالب من غَلَبْ
وارفُقْ فديتك لا تسا / وي بالأُنوفِ مع الذّنَب
فالمرءُ يدَّخر الجمي / لَ وخيرُ مَا كُنِزَ الأدب
شُغْلُ الفتى بعيوبه / يَكْفيه عن عيبٍ كَثَب
من بات يحفظ نفسَه / عن سبِّ قومٍ لَمْ يُسَبّْ
جُرح اللسانِ ووَقْعُه / أَمْضَى من السيف العَضَي
لا غَرْوَ أن حَسَدَ الأَسافِ / لُ من تَعالَى فِي الرُّيَب
إن الفتى بالفضل يُح / سَد لا بإنشاءِ الكذب
لما تخيّل للعِدى / نيلُ العُلى قالوا نَثِب
لم يحسَبوا أن الظنو / ن خيالُ وهمٍ لَمْ يُصِب
شاموا بروقَ المجدِ فِي / أَفلاكِها تَحْتَ السُّحُب
قالوا السماءُ مَنالُها / منا نراه قَدْ قرُب
يَتخبَّطون بجهلهم / مثلَ الفَراشِ عَلَى الشُّهب
فاعجَبْ لمن لا يرعوي / عن جهله أَفلاَ يَتُب
قَدْ شاهد الأمرَ المَهُو / ل بمسْكَدٍ لما وَثَب
فتجمعوا يتسللو / ن من السَّباسِب والحَدَب
فَغَدَوا فَرائسَ للذئا / بِ وللكلاب وللَّهَب
فكذاك عاقبةُ المغرْ / رِرِ نفسَه مهما طلَب
قل للذي شَمِت الكرا / مَ فما عَلَى أعمى عَتَب
قَدْ يَشْرَق الظمآن بال / ماءِ الزُّلالِ إِذَا شرِب
يهفو الكريمُ وتارةً / يَكْبو الجوادُ عَلَى الرُّكَب
وإِذا اختفى ضوءُ الصبا / حِ عَلَى الضَّريرِ هو السبب
طلب السِّياحة جارُنا / فله الحِمى حَتَّى يَؤُب
لا زالت الأشرافُ تك / رم ضيفَها أَنَّى ذهَب
لما تَذمَّر قاصداً / منا الخفيرُ لَهُ وَجَب
فمضى يُقطِّعُ آمناً / صَحراً الفَدافِد والهِضَب
قامت عَلَيْهِ عصابةٌ / لا يعرِفون سوى العُشُب
لا يَألفون سوى الكهو / ف إِذَا الغزالةُ تلتهب
لا يفقَهون من الكلا / مِ سوى الغُراب إِذَا نَعَب
لا يأكلون سوى الضُّبوب / من السُّروب أَوْ الحَلَب
أعرابُ باديةٍ جُفا / ةٌ صُنْعُهم حملُ الحَطَب
قَدْ عرقلوهُ عن المسا / عي والسُّرَى وعن الخَبَب
فأتى الصَّريخُ بمَسْكَدٍ / يا للحِفاظِ وللعَرَب
أبفيصلٍ تَهْدى الرّعا / ع شماتةً يا للحَرَب
أبفيصلٍ تُغرى الخدا / ئع والمكائد بالنَّشبِ
أبفيصلٍ يُبدى اللس / ان بَذاءَةً يَا للعَجب
يَا للكرام أتتْكمُ / شُمُّ المَعاطِس والحَسَب
لو نودِبوا بالعالم ال / عُلْوِيِّ منهم لاحْتَجَب
من ذَبَّ عن أعراضِهم / فهو الحَرِيُّ بيا النَّسب
سَلمانُ منا يَا أولِي / بيتِ النبوةِ يُحْتَسَبْ
قَدْ طُهِّرت أَبدانُهم / من كل رِجْسٍ أَوْ وَصَب
يَتعاقَبون عَلَى الخلا / فة سادةً بَيْنَ العرَبْ
فهمُ همُ أبناء سُل / طانَ الغَطارِفةِ النُّجُب
لا يرجِعون إِذَا دُعُوا / عند النِّزَال عَلَى العَقِب
أَوْ يورَدون حياضَ موتٍ / بالمَنايا يُنْتَهَب
قام الخليفةُ بَيْنَنا / لَمَّ الكتائِبَ وانْتَدَب
فأنى يُشمِّر ساعِداً / حامي الحَقيقة بالقُضب
فكأنه ملِك الصَّواعقِ / قَدْ تَقَنَّع بالغَضَب
فتَيمَّم البحرَ الخضَمْ / مَ وَلَمْ يُنَهْنِههْ الرَّهَب
فغدتْ عيونُ القوم شا / خصةً إِلَيْهِ مُذ وَثَب
ركب السفينةَ فاستطا / رَ لهيبُها لما استنب
فتَزعزعتْ وتمايلتْ / وغدت تَميسُ من الطَّرَب
بَحرِي رُخاءً كالريا / حِ كَأَنَّها بَرقٌ خَلَب
فجرى النُّضار بِهَا ومَدْ / دَ البحرُ كَفّاً قَدْ تَرِب
لما رأى كفَّ الإما / م تَمُدُّ بحراً من ذهب
ألقَى المتاعَ تكرُّماً / منه عَلَيْهِ إذ طَلب
ليثُ العرينِ بكفِّه / غيثُ السَّماحةِ يَنْسكِب
لم يُبقِ منهُ الجودُ إل / لاَ ماءَ وجه لَمْ يَشِب
وَهَب الإلَهُ لَهُ الخلا / فةَ مُنعِماً لما وَهَب
اللهُ أعلَمُ حَيْثُ يج / عل أمرَه لَمْ يضطرِب
قَدْ أفلح المأمون حَقْ / قاً إِذ بفيصلَ يَحْتَسِب
من ذا يُخاصم فيصلاً / إن المخاصِمَ مقتَضَب
من ذا يُعاند فيصلاً / إن المعانِد فِي نَصَب
فأتى إِلَى صورٍ لكي / يحمي النزيلَ المُغْتَرِب
فتقلقلت فكأنها / قلبُ العدو إِذَا وَجَب
فأتى الرعيةُ مذعني / نَ بكل وادٍ أَوْ سَهَب
والخيلُ تُعلن بالصَّهي / ل إِذ المَدافع تَنْتَحِب
والقنصل المخفورُ يم / شي بَيْنَنا لَمْ يحتجِب
فكأنه عَلَم عَلَى / روس الرجالِ قَدْ انْتَصب
قَرَّ المَليكُ بحِصْنِها / وإِذَا القبائل تجتلِب
فكأنها شُهْب تَقاذَف / أَوْ سحاب قَدْ سرب
إِلاَّ أميرَ الشرقِ قَدْ / رام الصوابَ فلم يُصِب
عيسى وأصحابٌ لَهُ / من قابل والمنترب
ركب الخِلافَ جميعُهم / قَدْ فاز من لَمْ يرتكِب
ضَلُّوا كقابض أَسودٍ / بالليل لما يحتطِب
أو من أَراق شرابه / طمع السَّرابِ إِذَا الْتَهب
طُوبَى لعامرَ وابنه / ذَاكَ الكَمِيُّ المُحتَسب
ومشايخ منهم أَتَوا / من آل شمس تنتسب
فهمُ إِذَا مَا لستُصرِخوا / جَرَس الحديد لهم جَلب
يتواثَبون عَلَى المَنونِ / إِذَا المنيةُ تَنْتَشِب
والحمدُ للهِ الَّذِي / كلُّ الثناءِ لَهُ وَجَب
رَدَّ العُداة كَأَنَّهم / حُمُر تفر من الرُّعُب
ساءوا وساء صَنيعُهم باءوا / بسوءِ المُنْقَلَب
إِنْ تُرِد أَهْنا شراباً
إِنْ تُرِد أَهْنا شراباً / قَرْقَفاً فاشربْ كِرابا
ذا شَرابٌ من لُجينٍ / فاق شهداً ورُضابا
خُذه من كَفَّي غَرِيرٍ / غَنِجٍ رَخْصٍ شبابا
خَنِث الأعطافِ يُكْسَى / من سَنا البدرِ ثيابا
أَهْيَفٍ يسعى برِدْفٍ / يُخجل البحرَ عُبابا
يَتدانَى منك شوقاً / يمش بالدَّلِّ اضطرابا
هاكَ فاشربْ من يديه / نارَجِيلاً مستطابا
أبيضَ اللون رَحيقاً / سَلْسلاً شَهْداً مُذابا
من سُلافٍ خَمَّرتْه / جامةٌ دارت حجابا
لستُ أنسى منه عهداً / فِي ظفارٍ يَا صِحابا
في رياض قَدْ سناها / مُنشِئ الكونِ سحابا
ونسيمِ البُرءِ يشفي / بالهوى قلباً مُصابا
وظباءِ الوحشِ حولي / رائعاتٌ لن تَهابا
في مروجِ مُعشباتٍ / تُعجز الساعي طلابا
يا رَعَى اللهُ ليالٍ / نَرْتَجي منها إيابا
في ديارٍ شَبَّ فِيهَا / رائقُ الأُنْس وشابا
مَزَج القلبُ هُياماً / بهواها واستطابا
يا ليالٍ هل تُعودِي / تُسرعي الخطوَ اقترابا
تَجمعينا بمليكٍ / أَرفعِ الخَلْقِ جَنابا
أَبْعَد الأَمْلاكِ صِيتاً / أقرب العلياءِ قابا
طَلِقِ الوجهِ سخيٍّ / مَلَّك الجودَ الرقابا
باسم الثَّغرِ بَشوشٍ / أَحسنِ الناس خِطابا
كلُّ نادٍ كَانَ فِيهِ / لَمْ تجد فِيهِ سِبابا
ليت عيشي كَانَ منه / يجمع السَّير إيابا
كي أَفزْ منه ببِشْرٍ / يُذهب الحزن ذَهابا
لَمْ يُغَلِّق دوني عنه / بافتراقٍ قطُّ بابا
فحياتِي بيديه / كنتُ كهلاً أَوْ شبابا
يَا سَقَى الله زماناً / جاد بالجَمْع وطابا
هَطَل المُزْنُ عَلَيْهِ / هَطَلاناً وانْسِكابا
يا مَليك العصرِ يَا من / فاق فِي الجود انتسابا
دُمْ بعزِّ فِي زمانٍ / بنُحوسٍ لن يُشابا
تهنأ بالملك سعيداً / دائمَ الدهر مُهابا
وبفهرٍ فِي ظَفارٍ / لَمْ يزل فِيهَا مُجابا
سَفرُ الإِنْس قصيراً / يُورِثُ القلبَ التهابا
وفراق الخِلِّ صعبٌ / يورث الصبَّ عذابا
وابتعادُ الدارِ يَسْقِي / بكؤوس الشوقِ صابا
قال أَرِّخْ قلت مَلْك / لَمَّ بالفضلِ الرقابا
أَلا يَا أُباةَ الضَّيمِ أهلَ المَناصبِ
أَلا يَا أُباةَ الضَّيمِ أهلَ المَناصبِ / لأَنتم أخصُّ الناسِ بَيْنَ الأقاربِ
إِذَا أنتمُ زرتم حِمانا بَقَفْرةٍ / أَقمناكُمُ ضيفاً بأعلى المَراتب
بأرضٍ فِراشُ النبتِ فِيهَا كسُنْدُسٍ / وعَرُفُ الحَزائي من بَخورِ الجَنائب
وريحُ الصَّبا تُهدى إلينا شَميمها / يُخالطه مَزْجاً رَذاذُ السَّحائب
وكَفُّ نسيمِ الأُنسِ يَقطِف بَيْنَنا / زهورَ الهَنا فِي مرتع ومَلاعب
نَظلُّ نهاراً كالسَّراجين فِي الفَلا / نُدالِس أسرابَ الظِّبا والرَّبارِب
فنرجع وَفْراً والقَنيص من الظِّبا / تَضيق بِهِ ذَرْعاً رِحالُ الرَّكائب
فنُطعمكم لحمَ الظباء مهضَّباً / رمتْه أيادينا بظَهر السَّباسِب
فنُمسي وَقَدْ مدَّ الظلامُ رِواقَه / وَنَفْحُ أَريجِ الزَّهْر من كل جانب
ليالٍ بِهَا طاب الزمانُ بقُربكم / وأصبح فِيهَا الدهرُ مُرْخَى الذَّوائب
يحن لذِكراها الفؤادُ وإنما / يَحقُّ لَهَا سفحُ الدموعِ السَّواكبِ
سَقاها الحَيا تِلْكَ الليالي الَّتِي خلتْ / وعادتْ لَنَا يوماً بحُسن المَطالب
بها العُمر أَضحى باسِقاتٍ فروعُه / بروض الأماني واجتناء الأطايِب
فيا حَبَّذا بِشْرٌ فَضَضْنا خِتامه / بيومٍ لَهُ بالوِصالِ أَشْهى المَشارب
يغنى بِهِ طيرُ التَّهاني مغرِّداً / وترقص منه زاهراتُ الكواكب
أتهجرني كذا من غير ذنبٍ
أتهجرني كذا من غير ذنبٍ / وتُعرض والهوى يَسْطو بعَضْبِ
وأسبابُ الجفا حَكمت بسَلْب / أَعِدْ نظراً إليّ فإن قلبي
لَعُمرك إِنْ أطلتَ الهجرَ فانِي /
إِلَى كم ذا الجفا والصبرُ ولَّى / وعقلي فِي مَهاوِي الهجرِ ضَلاّ
فإنْ تك قاتلي فالقتل أولى / سألتُك بالهوى العذريِّ ألا
تَضنَّ بما يُسَرُّ بِهِ فؤادي /
أعاتبه فِي الهجرِ شوقاً لعَتْبه
أعاتبه فِي الهجرِ شوقاً لعَتْبه / فيضرب صَفْحاً إِنْ رآني بقربِهِ
أيفعل صَبٌّ مثلَ هَذَا بصَبِّه / أرى كل محبوبٍ يَجُور بحبه
يُفتِّت أكبادَ المحبين بالهجر /
حادِيَ العيسِ هل مررتَ برَكْبِ
حادِيَ العيسِ هل مررتَ برَكْبِ / تَرك القلبَ فِي همومٍ وكَرْبِ
يَا لوُدي ويا أُهَيلِي وصحبي / إن يوم النَّفيرِ أحزن قلبي
ليتني فِي النفير كنت مُسافِرْ /
تركوا الشوقَ لازماً لا مُعَدَّى / حين جَدُّوا والرَّكائبُ تُحْدَى
لا تلوموا إِذَا غرامي جَدّا / كَيْفَ أسلو عن المليك المفدَّى
بهجةِ الدهرِ قُرَّةِ النواظرْ /
تركتُ خيالَ الوهمِ عني تَجنُّباً
تركتُ خيالَ الوهمِ عني تَجنُّباً / وألزمتُ عهدي للصديق تَحبُّبا
وأحسنتُ فِي إِلْفِي وإِن هو أَذْنبا / خُلقتُ أَلوفاً لو رجعتُ إِلَى الصِّبا
لَفارقتُ شَيْبي موجعَ القلبِ باكيا /
أُعانق قاماتِ الغصونِ تَحبُّباً
أُعانق قاماتِ الغصونِ تَحبُّباً / وأَلزَم عهدي للصديق تَقرُّبا
وأُحسِن فِي إِلْفِي وإِن هو أذنبا / خُلقت ألوفاً لو رجعت إِلَى الصبا
لفارقت شيبي موجع القلب باكيا /
لا زلتُ أرجو لقاكم ثُمَّ أطلبُهُ
لا زلتُ أرجو لقاكم ثُمَّ أطلبُهُ / والصعبُ فِي حبِّكم قَدْ لَذَّ مَرْكَبُهُ
أتعبتُ نفسي وأَحْلى العيشِ أَتْعَبه / لما رأيت سلوى عَزَّ مَطْلبه
عنكم وعَقْد اصطِباري صار مَحْلولا /
قَدْ قادني كَلَفاً مَا فِي مودتِكم / وزادني أَسَفاً فقدانُ أُلْفَتكم
واليومَ إِذ صرت مأسوراً برؤيتكم / دخلت بالرغم مني فِي محبتكم
ليقضيَ اللهُ أمراً كَانَ مفعولا /
مدَى الدهرِ لَمْ أبرح طويلاً أُطالبُهْ
مدَى الدهرِ لَمْ أبرح طويلاً أُطالبُهْ / حبيباً شَفوقاً فِي الغرام أُداعبُهْ
أرقتُ وزادت فِي فؤادي رَغائبه / أَلا طال هَذَا الليلُ وازْوَرَّ جانبه
وَلَيْسَ إِلَى جنبي حبيبٌ ألاعبه /
فكم دهرٍ بِهِ طال اغتِرابي
فكم دهرٍ بِهِ طال اغتِرابي / أُطاردُ فِيهِ أبطالَ الذُّبابِ
وكم صبحٍ أنا بَيْنَ الكلابِ / وليلٍ بِتُّه رَهْنَ اكتئابِ
أُقاسي فِيهِ أنواعَ العذابِ /
إِذَا مَا الليلُ بالذَّرْديرِ جَنّا / وَجيشُ الجُرد للغارات شَنّا
وطال بيَ السهادُ قَرَعْت سِناً / إِذَا شرب البعوضُ دمي وغَنى
فللبُرغوثِ رقصٌ فِي ثيابي /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025