القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : السَّيّد الحِمْيري الكل
المجموع : 21
وإن عليّاً قال في الصَّيدِ قبل أن
وإن عليّاً قال في الصَّيدِ قبل أن / يُنزَّلَ في التنزيلِ ما كان أَوْجَبا
قضى فيه قبل الوحي خير قضية / فأنزلها الرحمن حقاً مرتبا
على قاتلِ الصيدِ الحرامِ كمثلهِ / من النَّعَمِ المفروضِ كان مُعَقَّبا
إلى البيت بيتِ الله معتمِداً إذا / تعمَّده كيلا يَعودَ فَيعطَبا
وسلَّمَ جبريلٌ وميكالُ ليلةً / عليه وإسرافيلُ حيَّاه مُعْرِبا
أحاطوا به في روعةٍ جاءَ يَستقي / وكلٌّ علىْ ألفٍ بها قد تحزَّبا
ثلاثة آلاف ملائكَ سلَّموا / عليه فأدناهمْ وحَيّا ورحَّبا
وأعتقَ ألفاً من صُلبِ مالهِ / أراد بهم وجهَ الإلهِ وسيَّبا
وليلةَ قاما يَمشيان بِظُلمةٍ / يجوبان جِلباباً من الليلِ غَيْهَبا
إلى صنم كانت خُزاعة كلُّها / تُوَقِّرُه كي يَكسراه ويَهربا
فقال اعْلُ ظهري يا عليُّ وحُطَّه / فقامَ به خيرُ الأَنامِ مركَّبا
يُغادِرُه قضّاً جُذاذاً وقال ثُبْ / جزاكَ به ربي جَزاءً مؤرَّبا
أنت ابنُ عمّي الذي قد كان بعدَ أبي
أنت ابنُ عمّي الذي قد كان بعدَ أبي / إذا غابَ عني أبي لي حاضِنا وأَبا
ما إِن عَرفتُ سوى عَمّي أبيكَ أباً / ولا سِواك أخاً طِفلاً ولا شِيَبا
كم فرّجتْ يدُك اليُمنى بذي شُطَبٍ / في مأزَقٍ حرِجٍ عن وجهيَ الكُرَبا
وهؤلاء أهلُ شركٍ لا خلاقَ لهم / من ماتَ كان لنارٍ أُوقدتْ حَطَبا
نبئتُ أن أَباناً كانَ عن أنسٍ
نبئتُ أن أَباناً كانَ عن أنسٍ / يَروي حديثاً عجيباً مُعجباً عَجبا
في طائرٍ جاء مشويّاً به بَشَرٌ / يوماً وكان رسولُ الله مُحْتَجِبا
أدناه منه فلمّا أن رآه دَعا / ربّاً قريباً لأهلِ الخيرِ مُنْتَجِبا
أَدْخِل إليَّ أَحبَّ الخَلقِ كلهمِ / طرّاً إليكَ فأعطاهُ الذي طلبا
فاغترّ بالباب مُغترّاً فقالَ لهم / من ذا وكان وراءَ الباب مُرتَقِبا
من ذا فقال عليٌّ قال إن له / شأناً له اهتمَّ منه اليومَ فاحتَجَبا
فقال لا تحجِبَنْ منّي أبا حَسن / يَوماً وأبصرَ في أَسرارِه الغَضَبا
من رَدّهُ المرّةًَ الأولى وقال له / لُجْ وأحمدِ اللهَ واقبلْ كلَّ ما وَهَبا
أهلاً وسهلاً بِخُلصاني وذي ثقتي / ومن له الحبّ من ربِّ السّما وجبا
وقال ثمَّ رسولُ اللهِ يا أنسُ / ماذا أصابَ بك التخليطُ مكتَسَبا
ماذا دعاكَ إلى أن صارَ خالِصتي / وخيرُ قومي لديك اليومَ مُحْتَجِبا
فقال يا خيرَ خلقِ اللهِ كلّهمِ / أردتُ حين دعوتُ اللهِ مطَّلِبا
بأن يكونَ من الأنصارِ ذاك لكي / يكونَ ذاك لنا في قومِنا حَسبا
فقد دعا ربَّه المحجوبُ في أنسٍ / بأن يَحُلَّ به سُقم حَوى كَرَبا
فناله السوءُ حتى كان يَرفَعُهُ / في وجههِ الدهرَ حتى مات مُنْتَقِبا
إِنا وجدنا له فيما نخبِّرهُ / بعروةِ العرش مَوصولاً بها سببا
حبلاً متيناً بكفَّيه له طرفٌ / شدَّ العِراجُ إليه العَقدَ والكَرَبا
من يَعتصم بالقُوى من حبلِه فلهُ / أن لا يكونَ غداً في حالِ من عَطبا
قومٌ غلوا في عليٍّ لا أباً لهمُ / وجَشَّموا أنفساً في حُبّه تَعبا
قالوا هو اللهُ جلَّ اللهُ خالقُنا / من أن يكون ابنَ أمِّ أو يكونَ أبا
فمن أدار أمور الخلقِ بينَهمُ / إذ كان في المهدِ أو في البطنِ مُحتجِبا
أبو حسنٍ غُلامٌ من قريشٍ
أبو حسنٍ غُلامٌ من قريشٍ / أبرُّهم وأكرمُهم نِصابا
دَعاهم أحمدٌ لما أتتهُ / من اللهِ النبوّةُ فاستجابا
فأدَّبه وعلَّمه وأملى / عليهِ الوحيَ يكتُبه كِتابا
فأحصى كلَّما أملى عليهِ / وبيَّنه له باباً فبابا
لستُ أنساه حين أيقنَ بالمو
لستُ أنساه حين أيقنَ بالمو / تِ دعاهمْ وقامَ فيهم خَطيبا
ثم قال ارجعوا إلى أهلكم لي / سَ سِوائي أرى لهم مَطلوبا
فأجابوه والعيونُ سُكوبٌ / وحَشاهم قد شبّ منها لهيبا
أي عذر لنا غداً حين نَلقى / جَدَّك المصطفى ونحن حُروبا
أتتنا تُزفُّ على بَغلة
أتتنا تُزفُّ على بَغلة / وفوقَ رِحالتها قُبَّهْ
زبيريّةٌ من بنات الذي / أحلَّ الحرامَ من الكِعبَهْ
تُزفُّ إلى ملكٍ ماجدٍ / فلا اجتمعا وبها الوَجْبَهْ
لِعَلوةَ زارَ الزائرُ المتأوِّبُ
لِعَلوةَ زارَ الزائرُ المتأوِّبُ / ومن دون مَسراها الصِّفاحِ فَكبْكَبُ
تسدَّتْ إلينا بعد هَدو ودونَها / طويلُ الذُّرى من بطنِ نَخلَة أَغلب
فقلت لها أنَّى اهتديتِ ودونَنا / قِفارٌ تَرامى بالركائبِ سَبْسَبُ
مخوف الرّدى قفرٌ كأنّ نَعامه / عَذارى عليهنَّ المِلاءُ المجوَّبُ
إلى أهلِ بيتٍ أذهبَ الرجسَ عنهمُ / وصُفُّوا من الأَدناسِ طُرّاً وطُيِّبوا
إلى أهلِ بيتٍ ما لمن كان مؤمِناً / من النّاسِ عنهم في الولايةِ مَذهبُ
وكمْ مِن خَصيمٍ لامني في هَواهمُ / وعاذلةٍ هبّتْ بِلَيْلٍ تُؤنِّبُ
تقولُ ولم تقصِدْ وتعتِبُ ضَلَّةً / وآفةُ أخلاقِ النِّساءِ التعتُّبُ
تركتَ امتداحَ المُفضِلين ذوي النَّدى / ومَن في ابتغاءِ الخير يَسعى ويَرغَبُ
وفارقتَ جيراناً وأهلَ مَودّةِ / ومَن أنت منهم حينَ تُدعى وتُنْسَبُ
فأنتَ غريبٌ فيهمُ متباعدٌ / كأنّك مّما يَتَّقونَكَ أجربُ
تَعٍيبُهمُ في دِينِهم وهمُ بما / تَدينُ به أَزرى عليكَ وأَعْيَبُ
فقلتُ دَعيني لن أُحَبِّر مدحةً / لغيرهمِ ما حجَّ للهِ أَرْكُبُ
أتنهَينَني عن حُبِّ آل محمدٍ / وحُبُّهمُ ممّا بهِ أتقرَّبُ
وحبّهمُ مثلُ الصلاة وإنّه / على الناسِ من بعضِ الصلاةِ لأوْجَبُ
أيا شِعبَ رَضوى ما لمنْ بكَ لا يُرى
أيا شِعبَ رَضوى ما لمنْ بكَ لا يُرى / فحتى متى تَخفى وأنتَ قريبُ
يا ابن الوصيِّ ويا سميَّ محمدٍ / وكنيَّه نَفسي عليك تذوبُ
فلو غابَ عنّا عُمرَ نوحٍ لأيقَنَتْ / منّا النفوسُ بأنّهُ سيؤوبُ
أيا راكباً نحو المدينةِ جَسْرَةً
أيا راكباً نحو المدينةِ جَسْرَةً / عُذافِرَةً يَطوي بها كلَّ سبسب
إذا ما هداكَ الله عايَنت جَعفراً / فقل لوليِّ اللهِ وابن المهذبِ
ألا يا أمينَ الله وابنَ أمينِه / أتوبُ إلى الرحمن ثُمّ تأوُّبي
إليك من الأمر الذي كنتُ مُطنِباً / أحاربُ فيه جاهداً كلَّ مُعْرِبِ
إليكَ رددتُ الأمرَ غيرُ مخالِفٍ / وفِئتُ إلى الرحمنِ من كلّ مذهبِ
سوى ما تراه يا ابن بنتِ محمدٍ / فإنّه بِهِ عَقدي وزُلفى تَقرُِّبي
وما كان قولي في بن خولةَ مُبطِناً / معاندةً منّي لنسلِ المطيَّبِ
ولكنْ رَوينا عن وصيِّ محمدٍ / وما كان فيما قال بالمتكذِّبِ
بأن وليَّ الأمر يُفقد لا يُرى / ستيراً كفعل الخائف المترقِّبِ
فيقسِم أموالَ الفقيدِ كأنّما / تغيُّبه بينَ الصفيحِ المُنَصَّبِ
فيمكثُ حيناً ثم يُنْبعُ نَبعةً / كنَبعة جَدِّيٍّ من الأفق كوكبِ
يسيرُ بنصرِ اللهِ من بيت ربّهِ / على سؤدُدٍ منه وأمر مسبَّبِ
يسير إلى أعدائه بلوائه / فيقتلهم قتلاً كحران مغضب
فلمّا روى أنّ ابنَ خولةَ غائبٌ / صَرفنا إليه قولَنا لم نُكذِّبِ
وقلنا هو المهديُّ والقائمُ الذي / يَعيش به من عِدْلِه كلُّ مُجْدِبِ
فإن قلتُ لا فالحقُّ قولُك والذي / أمرتَ فَحتمٌ غيرُ ما مُتَعَصَّبِ
وأُشهِدُ ربّي أنّ قولَك حُجّةٌ / على الخَلق طُرّاً من مُطيعِ ومُذْنبِ
بأنّ وليَّ الأمرِ والقائمَ الذي / تَطَلَّعُ نَفسي نَحوَهُ بِتَطَرُّبِ
له غيبةٌ لا بدّ من أن يَغيبها / فصلّى عليه اللهُ من مُتَغَيِّبِ
فيمكثُ حيناً ثم يظهرُ حِينُه / فيملأُ عدلاً كلَّ شرقٍ ومَغْرِبِ
بذاك أدين اللهَ سِرّاً وجَهرةً / ولستُ وإنْ عُوتبتُ فيهِ بمُعْتِبِ
عليّ عليه رُدتْ الشمسُ مَرَّةً
عليّ عليه رُدتْ الشمسُ مَرَّةً / بِطَيْبَةَ يوم الوَحْيِ بعدَ مَغيبِ
ورُدّتْ له أُخرى ببابلَ بعدَما / عَفت وتدلّت عينُها لِغُروبِ
وقيلَ له أنذرْ عشيرَتكَ الأُولى / وهم من شبابٍ أربعينَ وشِيبِ
فقال لهم إنّي رسولٌ إليكمُ / ولست أراني عندكم بِكذوبِ
وقد جئتكمُ من عندِ ربٍّ مهيمنٍ / جَزيلِ العَطايا للجزيلِ وَهُوبِ
فأيُّكُم يَقفو مَقالي فأمْسِكوا / فقالَ ألا مِن ناطقٍ فَمُجِيبي
ففازَ بها منهم عليٌّ وسادَهُم / وما ذاكَ من عاداتهِ بغريبِ
عليٌّ أميرُ المؤمنينَ وعِزُّهُم
عليٌّ أميرُ المؤمنينَ وعِزُّهُم / إذا الناس خافوا مُهلكاتِ العَواقبِ
عليٌّ هو الحامي المرجَّا بفعلِهِ / لدى كلِّ يومٍ باسلِ الشرِّ عاصبِ
عليٌّ هو المرهوبُ والذائذُ الذي / يَذودُ عن الإسلامِ كلَّ مُناصِبِ
عليٌّ هو الغيثُ الربيعُ مع الحِبا / إذا نَزلت بالناسِ إحدى المصائبِ
عليٌّ هو العُدل الموفّق والرِّضا / وفارجُ لُبسِ المبهماتِ الغرائبِ
عليٌ هو المأوى لكلِّ مُطَرَّدٍ / شريدٍ ومنحوبٍ من الشرِّ هاربِ
عليٌّ هو المهديُّ والمُقتَدى به / إذا الناسُ حاروا في فنونِ المذاهبِ
عليٌّ هو القاضي الخطيبُ بقولِه / يجيءُ بما يعيا به كلّ خاطِبِ
عليٌّ هو الخَصمُ القؤولُ بحجّةٍ / يَرُدُّ بها قولَ العدوِّ المُشاغبِ
عليٌّ هو البدرُ المنيرُ ضِياؤه / يُضيء سَناه في ظلامِ الغياهبِ
عليٌّ أعزُّ الناسِ جاراً وحامياً / وأقتلُهم للقِرنِ يومَ الكتائبِ
عليٌّ أعمُّ الناس حِلماً ونائلاً / وأجودُهم بالمالِ حقّاً لطالبِ
عليٌّ أَكَفُّ الناس عن كلّ مَحْرمٍ / وأتقاهم للهِ في كلّ جانبِ
ألا أيّها اللاَّحي عَليّاً دعِ الخِنا
ألا أيّها اللاَّحي عَليّاً دعِ الخِنا / فما أنتَ من تأنيبِه بِمَصُوَّبِ
أتَلْحى وليَّ اللهِ بعد أَمينِهِ / وصاحبَ حوضٍ شُربُه خيرُ مَشْرَبِ
وحافاتُه دُرُّ ومِسكٌ تُرابُه / وقد حازَ ماءً من لُجينٍ مُذَهَّبِ
متى ما يُرِدْ مولاهُ يَشربْ وإن يُرِدْ / عدُوٌّ له يَرجعْ بِخِزيٍ ويُضْربِ
لَعمرُكَ ما من مسجدٍ بعدَ مسجدٍ
لَعمرُكَ ما من مسجدٍ بعدَ مسجدٍ / بمكّةَ طُهراً أو مصلّى بيثرب
بشرقٍ ولا غربٍ علمنا مكانَه / من الأرض معموراً ولا متجنَّبِ
بِأبينَ فضلاً من مصلّى مباركٍ / بكوفانَ رحبٍ ذي أرأسٍ ومَحْصَبِ
مصلَّى به نُوح تأثَّل وابتنى / به ذاتَ حَيزومٍ وصدرٍ مُحَنَّبِ
وفار به التنّورُ ماءً وعنده / له قيل يا نوحٌ ففي الفُلكِ فاركبِ
وبابُ أميرِ المؤمنين الذي به / ممرُّ أميرُ المؤمنينَ المهذّبِ
نادى عليٌّ فوافى فوقَ مِنَبرهِ
نادى عليٌّ فوافى فوقَ مِنَبرهِ / فأسمَعَ الناسَ أَنّي سيّدُ الشِّيبِ
وأنّ فيَّ وخيرُ القولِ أصدقُه / لَسنّةً من نبيِ اللهِ أيّوبِ
واللهُ لي جامع شَملي كما جَمعت / كفّاه بعد شَتاتٍ شملَ يَعقوبِ
واللهُ لي واهب من فضلِ رحمته / ما ليس إلاّ لذي وحيٍ بموهوبِ
واللهُ مبتعثٌ من عِترتي رجلاً / يُفني أُميّةَ وعداً غيرَ مكذوبِ
هذا حيثٌ عجيبٌ عن أبي حسنٍ / يُروى وقد كان يأتي بالأَعاجيبِ
صبوتُ إلى سُليْمى والرَّبابِ
صبوتُ إلى سُليْمى والرَّبابِ / وما لأخي المشيبِ وللتصابي
وربّ خريدةٍ ريّا رَداحٍ / خَدَلَّجةٍ بَرْهرَهةٍ كَعابِ
صموتِ الحَجِل تثنى المِرطَ منها / على كَفَلٍ كدِعصِ الرملِ رابي
خلوتُ بها فلم ألممْ بسوءِ / ولم يكُ بيننا غيرُ العتابِ
إذا ما المرء شابَ له قذالٌ / وعلَّله المواشطُ بالخضابِ
فقد ولّت بَشاشتُه وأودى / فقم يا صاحِ نَبكِ على الشبابِ
فليس بعائد ما فاتَ منه / إلى أحدٍ إلى يومِ المآبِ
إلى يوم يؤوبُ الناسُ فيه / إلى دنياهُم قبلَ الحسابِ
أدين بأنّ ذاك كذاكَ حقّاً / وما أنا بالنُّشورِ بذي ارتيابِ
لأن الله خبَّر عن رجالٍ / حيوا من بعدِ درسٍ بالترابِ
وأهوجَ نالَ جهلاً من عليٌّ / فقلتُ له رويدَك للجوابِ
أليس بذي المكارمِ من قريشٍ / إذا عُدوا وفي الحَسَب اللُّبابِ
وفي الإسلام أوَّلَ أوَّليهِ / وفي الهيجاءِ مشهورَ الضرابِ
ببدرٍ ثم أُحْدٍ ثم سَلْعٍ / غداةَ غدا بأبيضَ غير نابِ
إلى عمرٍو وعمرو من قريشٍ / تمكّن من ذُراها في النِّصابِ
ألا يا قومِ للعَجَبِ العُجابِ / لِخُفِّ أبي الحسين وللحُبابِ
عَدوٌّ من عُداةِ الجنِّ وغدٌ / بعيدُ في المَرادة من صوابِ
أتى خُفّاً له وانسابَ فيه / لنيهشَ رجلَه منه بنابِ
لينهشَ خيرَ من ركب المطايا / أميرَ المؤمنينَ أبا تُرابِ
فَخَرَّ من السماء له عُقاب / من العُقبان أو شبهُ العُقابِ
فطارَ به فحلّق ثم أهوى / به للأرضِ من دونِ السَّحابِ
فصكّ بِخُفِّهِ وانسابَ منه / وولّى هارباً حَذَرَ الحِصابِ
إلى جُحر له فانساب فيه / بعيدِ القعر لم يُرتَجْ ببابِ
كريهُ الوجهِ أسودُ ذو بصيصٍ / حديدُ النابِ أزرقُ ذو لُعابِ
يَهِلّ له الجريءُ إذا رآه / حثيثُ الشّدِّ محذورُ الوِثابِ
تأخرّ حَيْنُه ولقد رماه / فأخطأه بأحجارٍ صِلابِ
ودوفع عن أبي حسنٍ عليٍّ / نقيعُ سِمامِه بعدَ انسيابِ
هَلاّ وقفتَ على المكانِ المعشبِ
هَلاّ وقفتَ على المكانِ المعشبِ / بين الطويلعِ فاللِّوى من كَبْكَبِ
فنجادِ توضَح فالنضائدِ فالشَّظا / فرياضِ سَنْحةَ فالنَّقا من جَوْنَبِ
طال الثَّواء على منازلَ اقفرتْ / من بعدِ هندٍ والرَّبابِ وزَينبِ
أُدْمٌ حَللن بها وهنَّ أوانسٌ / كالعِينَ تَرعى في مسالكِ أُهضُبِ
يَضحكن من طربٍ بهنَّ تَبسُّماً / عن كلّ أبيضَ ذي غُروبٍ أشنبِ
حُورٌ مدامِعُها كأنّ ثغورَها / وَهْناً صوافي لؤلؤ لم تُثْقبِ
إنسٌ حللن بها نواعمَ كالدُّمى / من بين مُحصنة وبِكر خَرْعَبِ
لعساءَ واضحةِ الجبين أسيلةٍ / وعثِ المؤزّرِ جثلةِ المتنقَّبِ
كنّا وهنّ بنَضرةٍ وغَضارةٍ / في خفض عيش راغدٍ مستعذبِ
أيّامَ لي في بطن طَيْبَةَ مَنزلٌ / عن رَيبِ دهرٍ خائنٍ متقلّبِ
فعفا وصارَ إلى البلا بعد البِنا / وأزالَ ذلكَ صرفُ دهرٍ قُلّبِ
ولقد حلفتُ وقلتُ قولاً صادقاً / باللهِ لم آثَم ولم أتَريَّبِ
لمعاشرٍ غلبَ الشَّقاءُ عليهم / وهوىً أُمالَهُمُ لأَمرٍ مُتْعبِ
من حِمْيرٍ أهل السماحةِ والنَّدى / وقريشٍ الغُرِّ الكرامِ وتَغلبِ
أين التطرَّبُ بِالوَلاء وبِالهوى / أإلى الكواذبِ من بُروقِ الخلّبِ
أإلى أميّةَ أم إلى شيعِ التي / جاءت على الجمَل الخِدَبّ الشَوْقبِ
تَهوي من البلدِ الحرام فنبَّهت / بعد الهدوِّ كلابَ أهلِ الحوأبِ
يَحدو الزبيرُ بها وطلحةُ عسكراً / يا لَلرجالِ لرأيِ أُمِّ مُشْجِبِ
يا للرجال لرأي أُمِّ قادَها / ذئبانَ يكتنفانِها في أذؤبِ
ذئبان قادهما الشقا وقادها / للحَيْن فاقتحما بها في مَنْشَبِ
في ورطةٍ لَحَجا بها فتحمّلت / منها على قَتَب بإثمٍ مُحْقَبِ
أُمُّ تَدُبّ إلى ابنها وولِيّها / بالمؤذياتِ له دَبيبَ العقربِ
أمّا الزبيرُ فحاصَ حين بدتْ له / جأواءُ تُبرِقُ في الحديدِ الأَشهبِ
حتى إذا أمِنَ الحتوفَ وتحتَه / عاري النّواهقِ ذو نَجاء مُلْهِبِ
أثوى ابن جرموزٍ عميرٌ شِلَوه / في القاعِ مُنَعفِراً كشِلو التَوْلَبِ
واغتر طلحةَ عند مُختَلفِ القَنا / عبلُ الذراع شديدُ أصلِ المنكِبِ
فاختلّ حبةَ قلبهِ بمذلَّقِ / ريَّانَ من دم جوفهِ المتصبّبِ
في مارِقين من الجماعةِ فارقوا / بابَ الهدى وحيا الربيعِ المُخصِبِ
خيرَ البريةِ بعد أحمدَ من له / منِّي الهوى وإلى بنيةِ تطرُّبي
أمسى وأُصبح مِعصماً منّي له / يَهوي وحبلُ ولايةِ لم يُقْصَبِ
ونصيحةٌ خَلَص الصفاءُ له بها / منّي وشاهدُ نُصرةٍ لم يَعْزُبِ
رُدّت عليهِ الشمسُ لما فاته / وقتُ الصلاةِ وقد دنتْ للمغربِ
حتى تبلّج نورُها في وقتِها / للعصرِ ثم هوت هُوِيَّ الكَوْكبِ
وعليه قد حُبست ببابلَ مرّةً / أُخرى وما حُبست لخلقٍ مُغْرِبِ
إلاّ ليوشَع أو له من بعدِه / ولِرَدِّها تأويلُ أمرٍ معجبِ
ولقد سرى فيما يسيرُ بليلةٍ / بعد العشاءِ بكَربلا في موكبِ
حتى أتى متبتِّلاً في قائمٍ / ألقى قواعدَه بقاعٍ مُجْدِبٍ
تأتيه ليس بحيث تَلقى عامِراً / غيرَ الوحوش وغيرَ أصلعَ أشيبِ
في مُدمَجٍ زَلِقٍ أشمَّ كأنّه / حُلقومُ أبيضَ ضيّقٍ مستَصْعَبِ
فدنا فصاح به فأشرف مائلاً / كالنَّسرِ فوقَ شظيّة من مَرْقَبِ
هل قربَ قائمكَ الذي بُوِّئتَه / ماءٌ يصاب فقالَ ما من مَشْربِ
إلاّ بغايةِ فرسخيْن ومن لنا / بالماء بين نقاً وقِيّ سبسبِ
فثَنى الأعنّةَ نحو وَعْثٍ فاجتلى / مَلساءَ تُبرق كاللجينِ المُذْهَبِ
قال اقلبوها إنّكم إن تقلبوا / تُرْوَوا ولا تروَوْن إن لم تُقلب
فاعصَوْصَبوا في قَلعها فتمنَّعت / منهم تمنُّعَ صَعبةٍ لم تُرْكَبِ
حتى إذا أعيتهمُ أهوى لها / كفّاً متى تَردُ المُغالِبَ تَغْلِبُ
فكأنّها كُرةٌ بكفٍّ حَزَوّرٍ / عبلِ الذراع رِحابُها في مَلْعَبِ
فسقاهمُ من تحتِها متسلسِلاً / عَذباً يزيدُ على الأَلذِّ الأَعذبِ
حتى إذا شربوا جميعاً رَدَّها / ومضى فَخِلْتَ مكانَها لم يُقْرَبِ
أعني ابن فاطمةَ الوصيَّ ومن يَقُلْ / في فضلِه وفِعالِه لم يَكْذبِ
ليست ببالغةٍ عُشَيرَ عُشيرَ ما / قد كان أُعطيه مقالةُ مُطْنِبِ
صهرُ النبيِّ وجارُه في مسجدٍ / طُهْرٍ بِطَيبَة للرسولِ مُطَيَّبِ
سيّانِ فيه عليه غير مُذمَّمٍ / مَمشاه إن جُنُباً وإن لم يُجنبِ
وسرى بمكّةَ حين باتَ مبيتَه / ومضى بروعةِ خائفٍ مترقِّبِ
خيرُ البريةِ هارباً من شرّها / بالليلِ مكتتماً ولم يَسْتَصْحِبِ
باتوا وبتَ على الفراشِ ملفَّعاً / فيرونَ أنّ محمداً لم يَذْهَبِ
حتى إذا طلع الشميطُ كأنّه / في اللّيلِ صفحةُ خدِّ أدهمِ مُغْرِبِ
ثاروا لأخذ أخي الفراشِ فصادفتْ / غيرَ الذي طَلبت أكفُّ الخُيَّبِ
فوقاهُ بادرَة الحتوفِ بنفسه / حَذراً عليه من العدوِ المُجْلِبِ
حتى تغيّب عنهم في مدخل / صلّى الإلهُ عليهِ من مُتَغَيَّبِ
وجزاه خيرَ جزاءٍ مُرْسَلِ أمّة / أدَّى رسالَته ولم يَتَهيَّبِ
فتراجعوا لما رأوْه وعاينوا / أَسَدَ الإِله مجالِداً في مَنْهَبِ
قالوا اطلبوه فوجّهوا من راكبٍ / في مبتغاه وطالبٍ لم يَرْكَبِ
حتى إذا قصدوا لبابِ مغارِهِ / ألفَوْا عليهِ نسيجَ غَزلِ العَنْكَبِ
صنعَ الإلهُ لهُ فقال فريقُهم / ما في المغارِ لطالبٍ من مَطْلَبِ
مِيلوا وصدّهمُ المليكُ ومن يُرِدْ / عنهُ الدفاعَ مليكُهُ لا يَعْطبِ
حتى إذا أمِن العيونَ رَمَتْ به / خُوصُ الركابِ إلى مدينةِ يثربِ
فاحتل دارَ كرامةٍ في مَعشرٍ / آوَوْه في سِعةِ المحلِّ الأَرحبِ
وله بخيبَر إذ دعاه لرايةٍ / ردّت عليه هناكَ أكرمَ مَنْقَبِ
إذا جاء حاملُها فأقبل مُتعباً / يَهوي بها العَدَوِيُّ أو كالمتعبِ
يَهوي بها وفتى اليهودِ يَشُلُّه / كالثورِ ولّى من لواحقِ أكلبِ
غضب النبيُّ لها فأنّبه بها / ودعا أخا ثقة لكهلٍ مُنْجِبِ
رجلاً كلا طرفيه من سامٍ وما / حامٍ له بأبٍ ولا بأبي أبِ
من لا يفِرُّ ولا يُرى في نجدةِ / إلاّ وصارِمُه خضيبُ المضْرِبِ
فمشى بها قِبَلَ اليهودِ مصمِّما / يَرجو الشهادة لا كَمَشْيِ الأَنْكِبِ
تَهتزُّ في يمنى يَدَيْ متعرِّضٍ / للموتِ أروعَ في الكريهةِ مِحْرَبِ
في فيلقٍ فيه السوابغُ والقَنا / والبيضُ تلمعُ كالحريق المُلْهَبِ
والمشرفيّةُ في الأكفِّ كأنّها / لمعُ البروقِ بعارضٍ مُتَحَلِّبِ
وذوو البصائرِ فوق كلّ مقلّصٍ / نَهْد المراكِلِ ذي سَبيب سَلْهبِ
حتى إذا دنت الأسَّنةُ منهمُ / ورَمَوْا فنالَهمُ سِهام المِقْنَبِ
شدّوا عليه ليُرْجِلوه فردّهم / عنه باسمَر مستقيمِ الثعلبِ
ومضى فأقبلَ مرحّبٌ متذمِّراً / بالسيفِ يَخطر كالهِزَبْرِ المُغْضَبِ
فتخالسا مهجَ النفوسِ فاقلعا / عن جَري أحمرَ سبائلٍ من مَرْحَبِ
فهوى بمختَلَفِ القَنا متجدِّلاً / ودمُ الجبين بخدِّهِ المُتَتَرِّبِ
أجلى فوراسهُ وأجلى رَجلُه / عن مُقْعَص بدمائِه مُتْخَضِّبِ
فكأنّ زوَّره العواكفَ حولَهُ / من بين خامِعَةٍ ونَسرٍ أهْدَبِ
شعثٍ لَعافطةٍ دُعوا لوليمةٍ / أو ياسرون تَخالسوا في مَنْهَبِ
فاسأل فإِنّك سوف تُخبرُ عنهمُ / وعن ابن فاطمةَ الأغرِّ الأَغلبِ
وعن ابنِ عبدِ اللهِ عمرٍو قبلَهُ / وعن الوليدِ وعن أبيه الصَقْعَبِ
وبني قُرَيظة يومَ فرَّقَ جمعَهم / من هاربين وما هلمْ من مَهْرَبِ
وموائلين إلى أزلَّ ممنّعٍ / راسي القواعدِ مشمخَرٍّ حَوْشَبِ
ردَّ الخيولَ عليهمُ فتحصَّنوا / من بعد أرعنَ جَحفلٍ متحزِّبِ
إنّ الضّباع متى تُحسَّ بنبأةٍ / من صوت أشوسَ تَقشعرَّ وتَهربِ
فدُعوا ليمضي حكمُ أحمدَ فيهمُ / حكمَ العزيزِ على الذليل المذنبِ
فَرَضوا بآخرَ كان أقربَ منهمُ / داراً فمتّوا بالجِوارِ الأقربِ
قالوا الجوارُ الكريم بمنزلٍ / يَجري لديه كنسبةٍ المتنسِّبِ
فقضى بما رضي الإلهُ لهمْ به / بالحربِ والقتلِ الملحّ المُخْرِبِ
قتل الكهولَ وكلّ أمردَ منهم / وسِبى عقائلَ بدَّنا كالرَبْرَبِ
وقضى عَقارَهمُ لكل مهاجرٍ / دون الألى نَصروا ولم يَتَهيَّبِ
وبخمَّ إذ قال الإلهُ بعَزمةٍ / قُمْ يا محمدُ بالولايةِ فاخطُبِ
وانصُب أبا حسنٍ لقومك إنّه / هادٍ وما بلّغتَ إن لم تَنْصُبِ
فدعاهُ ثم دعاهمُ فأقامهُ / لهمُ فبينَ مصدِّقِ ومُكَذِّبِ
جعل الولايةَ بعدَه لمهذَّبٍ / ما كان يَجعلها لغيرِ مهذَّبِ
وله مناقبُ لا تُرام متى يُرِدْ / ساعٍ تَناوُلَ بعضِها بِتَذبذبِ
إنّا ندينُ بحبِّ آلِ محمد / دِيناً ومن يُحيهم يستوجبِ
منّا المودّة والوَلاءُ ومن يرد / بدلاً بآلِ محمد لا يُحببِ
ومتى يَمُتْ يردِ الجحيمَ ولا يَرِدْ / حوضَ الرسول وإن يَرِدْه يُضْرَبِ
ضربَ المحاذرِ أن تَعُرَّ رِكابُه / بالسوطِ سالفةَ البعيرِ الأجربِ
وكأنّ قلبي حين يَذْكُر أحمداً / ووصيَ أحمدَ نيطَ من ذي مِخلبِ
بِذُرى القوادمِ من جَناحٍ مُصَعِّدِ / في الجوّ أو بِذُرى جَناحِ مُصَوِّبِ
حتى يكادَ من النزاع إليهما / يَفري الحجابَ عن الضلوعِ الصُلَّبِ
هبةٌ وما يَهبُ الإلهُ لعبدِه / يَزدد ومهما لا يَهبْ لا يُوهَبِ
يَمحو ويُثبتُ ما يشاءُ وعندَه / علمُ الكتابِ وعلمُ ما لم يُكتْبِ
محمدٌ خيرُ بني غالبِ
محمدٌ خيرُ بني غالبِ / وبعدَه ابن أبي طالبِ
هذا نبيٌّ ووصيٌّ لهُ / ويُعزل العالمُ في جانبِ
حدّثه في مجلسِ واحد / ألفَ حديثٍ مُعْجبٍ عاجِبِ
كلُّ حديثٍ من أحاديثه / يفتحُ ألفاً عِدّة الحاسبِ
فتلك وفَّتْ ألفَ ألفٍ له / فيها جِماعُ المُحكَمِ الصَّائِبِ
جعلت آلَ الرسولِ لي سبباً
جعلت آلَ الرسولِ لي سبباً / أرجو نَجاتي به من العَطَبِ
على مَ أُحي على مودّةِ مَن / جَعلتُهمْ عُدّةً لمُنْقَلَبي
لو لم أكنْ قائلاً بحبّهمِ / أشفقت من بُعْضِهمْ على نَسَبي
هو مولاك فاستطارَ ونادى
هو مولاك فاستطارَ ونادى / ربَّه باستكانةٍ وانتصابِ
ربِّ إن كان ذا هو الحقَّ من / عِندكَ تَجزِي به عظيمَ الثوابِ
ربِّ أمطر من السماء بأحجا / رٍ علينا أو آتِنا بعذابِ
ثم ولّى وقال دوَنكُموهُ / إنّ ربّي مُصيبُهُ بشَهابِ
فاطلبوه إذا تغّيب عنكم / فسعوا يَطلبونهُ في الشِّعابِ
فإذا شِلوه طريحٌ عليه / لعنةُ اللهِ بين تلكَ الروابي
هاشميٌّ مهبّبٌ أحمديٌّ
هاشميٌّ مهبّبٌ أحمديٌّ / من قريشِ القُرى وأهلِ الكتابِ
خازنُ الوحيِ والذي أُوتيَ ال / حُكْمَ صَبيّاً طِفلاً وفصلَ الخِطابِ
كان للهِ ثانَي اثنينِ سِرّاً / وقُريشٌ تَدين للأَنصابِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025