المجموع : 33
رَضينا وما تَرضى السّيوفُ القواضِبُ
رَضينا وما تَرضى السّيوفُ القواضِبُ / نُجاذِبُها عن هامِكم وتُجاذِبُ
فإيّاكم أنْ تكشِفوا عن رؤوسكم / ألا إنّ مَغناطيسَهنَّ الذّوائِبُ
تقول مُلوكُ الأرضِ قولُكَ ذا لمن / فقلتُ وهل غيرُ الملوكِ ضرائِبُ
الآنَ بكَتْ بغْدادُ حين تشبّثَتْ / بنا البيدُ وانضمّت علينا الرّواجِبُ
نَصونُ ثَرى الأقْدامِ عن وتَراتِها / فتسرِقُهُ ريحُ الصَّبا وتُسالِبُ
وَهَبْنا منعْناه الصَّبا بركوبنا / أنَمنَعُ منها ما تَدوسُ الرّكائِبُ
فَما فعلتْ بيضٌ بها مَشرفيّةٌ / تَملسنَ منها أكلفُ اللونِ شاحِبُ
غُلامٌ إذا أعْطى المنيّةَ نفْسَهُ / فقَدْ فَنِيَتْ لأسبابِ المنيّةِ هائِبُ
أقولُ لسَعْدٍ والرِّكابُ مُناخُهُ / أأَنْتَ لأسبابِ المنيَّةِ هائِبُ
وهل خلَقَ اللهُ السرورَ فقال لا / فقلتُ أثِرْها أنْتَ لي اليومَ صاحِبُ
وخلِّ فضولَ الطّيلسانِ فإنّهُ / لباسُكَ هذا للعُلا لا يُناسِبُ
عَمائِمُ طُلاّبِ المَعالي صَوارمٌ / وأثوابُ طُلاّبِ المَعالي ثعالِبُ
ولي عندَ أعْناقِ الملوكِ مَآرِبٌ / تقول سُيوفي هُنّ لي والكَواثِبُ
فإن أنا لم أحربهم بنِصالِها / فما ولدتني من تميم الأجارِبُ
لقد طالما ما طَلُتُها وجفوتُها / وطالبتُ بالأشْعارِ ما لا تُطالِبُ
أآمُل مأمولاً بغيرِ صُدورِها / فواخَجْلتي إنّي إلى المجْدِ تائِبُ
رحمتُ بني البَرْشاءِ حين صَحِبْتُهم / من الجهْلِ إنّ الجهْلَ بئسَ المُصاحِبُ
وعلّمتُهم خُلْقِي فلم يتعلّموا / وقلتُ قبولُ المكرُماتِ معائِبُ
فصونوا يدي عن شَلِّها بِعطائِكم / فما أنا في أخْذِ الرغائبِ راغِبُ
خُلِقْتُ أرى أخْذَ الرغائبِ سُبّةً / فَمِنْ نِعَمِ الأيامِ عندي مَصائِبُ
ولا تَجْبَهوا بالرّدِ سائلَ حاجةٍ / ولو أنّها أحْسابُكم والمناقِبُ
فقد كِدتُ أُعْطي الحاسدينَ مُناهُمُ / مَخافةَ أنْ يَلقى المَطالِبَ خائِبُ
وكونوا على الأسْيافِ مِثلي إذا انثَنَتْ / سَواعدُها مَغْلولَةً والمضارِبُ
فَلو كانَ بأسي في الثّعالِبِ أصبحتْ / جماجمُها للمُرْهَفاتِ تُضارِبُ
ولا تَجْهَلوا نُعْمى تميمٍ عليكم / غَداةَ أتَتْنا تغْلِبُ والكَتائِبُ
على كلِّ طيارِ العِنانِ كأنّهُ / لراكبهِ من طولِ هاديهِ راكِبُ
تُطالِبُنا أكفالُها وصُدورُها / بِما نَهَبَتْ منْها الرّماحُ النّواهِبُ
تَوَدُّ من الأحقادِ أنّ شُعورَها / سِهامٌ فترمينا بِها وتُحارِبُ
وولَّوا عليها يَقْدَمونَ رِماحَهُمْ / وتقدَمُها أعناقُهُمْ والمَناكِبُ
خَلَقْنا بأطرافِ القَنا لظُهورِهم / عُيوناً لها وقعُ السّيوفِ حَواجِبُ
وأنتُم وقوفٌ تنظرونَ إلى الطُّلى / تُحَلُّ وغِربانُ الرؤوسِ نواعِبُ
ومن رأينا فيكم دُروعٌ حَصينَةٌ / ولو شاءَ بَزَّ السّابِريَّة سالِبُ
أبَوا أنْ يُطيعوا السّمهريةَ عِزّةً / فصُبّتْ عليهم كاللّجينِ القَواضِبُ
وعادتْ إليْنا عسْجَداً من دِمائِهِمْ / ألا هكذا فليكسبِ المجدَ كاسِبُ
بيومِ العُظالى والسّيوفُ صَواعِقٌ / تَخُرُّ عليهم والقِسِيُّ حواصِبُ
لقُوا نَبْلَها مُردَ العَوارِضِ وانثنوا / لأوجُههِم منها لحىً وشَوارِبُ
لأيّةِ حالٍ يخْتَلِسْنَ نفوسَهُمْ / وهُنّ عليها بالحَنينِ نَوادِبُ
تُعَرى كلُّ أرضٍ من فتاها
تُعَرى كلُّ أرضٍ من فتاها / ولا تَعرى المعرّةُ من نَجيبِ
تردَّينا إليها كلَّ جَفنٍ / يَغُضُّ على لواحِظِ مُستريبِ
له من سيفِهِ شطرٌ يَقيهِ / وشطرٌ ينتضيهِ كاللّهيبِ
يُجَلّي ما وراءَ اللثمِ منّا / فسِرْنا والدُّجى عينُ الرّقيبِ
تُودْعنا رماحُ بني عَديّ / وداعَ أخي المحبةِ والحبيبِ
على أكتافِنا وعلى طُلانا / أسَنّتَهنّ تلبُدُ للوثوبِ
ويذعَرُها تلفُّتُنا إليها / فتسقُطُ أوْ تَزِلُّ عن الكُعوبِ
وتَنشبُ في الخُدودِ إذا غَفَلنا / فيحسَبُ أنّها وَخَطُ المَشيبِ
نُحيي شخصَهُ ويقولُ أهلاً / تبدلُنا الطَلاقة بالشُحوبِ
بياضُكَ في الشعورِ نُهىً وحلمٌ / وجهلٌ في المهندةِ الغُروبِ
علِمنا ما جهلتَ من اللّيالي / فليسَ يُفيدُ عِلماً بالخُطوبِ
وحيّانا غلامٌ من كلابٍ / شَمائِلُهُ سِهامٌ في القُلوبِ
ردَدْتُ سَلامَهُ ورأيتُ فيه / مخائلَ لا تَخيلُ على أريبِ
فقلت ألا تذمُ من الأعادي / فقال بلى ومن طولِ السّهوبِ
أُريكَ الشّمسَ في حمصٍ فَتاةً / وقد عَنَسَتْ بقَوعَةَ للمغيبِ
سحابةُ ليلةٍ لا غزرَ فيها / لرَجْلِكَ غيرَ سيركَ واللغوبِ
فَيا غلاّقُ لا غلاقُ خَيرٍ / ولكنْ أنتَ فرّاجُ الكُروبِ
تُصاحِبُني البيداءُ في كلِّ مذهبِ
تُصاحِبُني البيداءُ في كلِّ مذهبِ / متى كانتِ البيداءُ تَطلُبُ مَطلَبي
قَرَيتُ الفَيافي روحَ كلِّ نَجيبةٍ / إلى أنْ تخوّفْتُ القِرى أنْ يكونَ بي
يُقطِّع أنفاسَ الرّياحِ تغلغُلي / ويُخمِدُ نيرانَ الهجيرِ تَلهُّبي
وأطلُبُ شيئاً ليس يُطلَبُ مِثلُهُ / وعند رجالٍ أنّ بالشِّعرِ مكسبي
وأُسرجُ أطرافَ الرِّماحِ فأمتطي / إلى مِثلِ هَمّي مثلَ ذلك مَركبي
أكلُّ مكانٍ في الزّمانِ من القَنا / ركوبي على أطرافِها وتقَلُّبي
رَمتني رجالٌ بالوعيدِ فليتَها / على البغضِ فيما بيننا لم تُحَبَّبِ
تفاءلتُ لمّا خوّفوني سُيوفَهم / بمسح يميني فوقَ رأسي ومَنكِبي
فمَن مبلغٌ أفناءَ خِندِفَ أنّني / ذهبتُ من الأخْلاقِ في غيرِ مَذهبي
وأنّي منحتُ الناسَ محضَ مودّتي / فَما منحوني غيرَ أهلٍ ومَرحَبِ
وجرّبتُ عَمراً منهُمُ فذَمَمتُهُ / ولو قلتُ عَمروٌ كلُّهم لم أُكَذَّبِ
وقالوا نَقِمنا منكَ أنّكَ مُعجَبٌ / فيا للعُلا هل فيهمُ غيرُ مُعْجَبِ
يَرى كلُّ مَغلوبٍ من النّاسِ أنّهُ / أحَقُّ بصفوِ العيشِ من كلِّ أغلَبِ
وكلُّ دنيٍ ظاهرِ النّقصِ منهم / يَرى أنه فوقَ الهُمامِ المُحجَّبِ
إلى كم تَشكّاني المَطيُّ وكم تُرى / أواصلُ ادلاجي بها وتأوُّبي
لعلّ صُروفَ الدّهرِ تَرثي من القَذى / لمكتحلاتٍ بالحَنادسِ لُغَّبِ
لبِسنَ الدُجى في فارسٍ وخلعنَه / على شَيْزَرٍ والنّجمُ لم يتغيّبِ
أطالتْ لها الظَّلماءُ أمْ قَصُرَ المَدى / مللناكَ يا ليلَ الثنيةِ فاذهبِ
فلو كان وجهُ الحارثِ الجونُ حاسِراً / تجلّيت حتى ينجَلي كلُّ غَيْهَبِ
فلمْ نسرِ إلاّ في ضياءِ جبينِهِ / ولم نرعَ إلاّ في حمىً منه مُخْصِبِ
حمى بين أحشاءِ الفُراتِ وجاسمٍ / طِعانَ فتىً بالسّمهريةِ هَبْهَبِ
يُمهد أكنافُ السوابقِ بعدَما / لعِبنَ به بين الظُّبا كلَّ ملعَبِ
عوابسُ إلا حين تُبصِرُ وجهَهُ / أوانِسُ إلاّ أن يقولَ له ثِبي
وما كنَّ قبل الرومِ يَشهدنَ مازِقاً / فيخطُرْنَ إلاّ في دمٍ متصبِّبِ
عشيّةَ طارتْ للوعيدِ دماؤُهم / فطارَ القَنا فيهم ولم يتخضّبِ
تفرَّقَ أملاكُ الطوائِفِ عن أبي / فِراسٍ وباعوا قُربَهُ بالتّجنُّبِ
مع الرُّمحِ رمحٌ يهتِك الدِّرع قبلَه / ويمضي بما يَعيا به كلُّ مِضْرَبِ
فتىً يصحَبُ الهَمَّ البعيدَ إلى المُنى / وحيداً وأدنى صحبِهِ ألفُ مِقْنَبِ
رعى الدّهرَ حتى ما تمرُّ غَريبةٌ / يُكرِّرُ فيها نَظرةَ المُتعجِّبِ
كفَتْهُ تجاريبَ الأورِ ظُنونُهُ / ولم يكفِ صرف الدّهرِ كلَّ مجرِّبِ
كَوَيتَ عيونَ الحاسدينَ بلحظها / فقد عَمِيَتْ والحربُ لم تتجَلْبَبِ
سِنانُكَ فليَسبِقْ لسانَكَ فيهمُ / متى تخلبِ الأعداءَ بالرفقِ تُخلَبِ
وإنْ قعدتْ كيما تلينَ لها فقمْ / وإنْ لبِستْ ثوبَ الرِّضا لكَ فاغضَبِ
فإنّ اجتنابَ الشّرّ سوف يُعيدُها / إلى شِيمَةٍ أخلاقُها لم تُؤَدَّبِ
ألستَ إذا ما الحربُ فرّ حماتُها / ولم يبقَ غيرُ الفارسِ المتلبّبِ
سبقتَ إليه السّيفَ ثم ضربتَهُ / وقلتَ لنصلِ السّيفِ إنْ شئتَ فاضرِبِ
وما يتمارى الدّهرُ أنّكَ ربُّهُ / فقل لبنيهِ ليس دهرُكم أبي
كأنْ لم يقل يوماً لصرفِكَ صرفُهُ / أجِزْني ولا قالت مكارمُه هَبِ
لَعَمري لقد نالَ الغِنى من رجاكُم / وأسمعَ من ناداكم يالَ تَغْلِبِ
أألفَلَكُ الدوّارُ قال وقد رأى / ثنائي عليكم كلَّ بيتِ مُهَذَّبِ
أظُنّ معاني شِعرِهِ من كواكبي / وأحلِفُ أني لا أفوهُ بكَوكَبِ
أقِلني أقِلني مَطلباً كنتُ رابحاً / وقد بعتُه شوقاً إليكَ بمَهْرَبِ
فلستُ وقد صانعتُ عنكَ عواذلي / بأوّلِ صَبٍّ بالملامِ معذَّبِ
عذَرتُ صروفَ الدّهرِ حين حرمتَني / وغيرُكَ مأْمولي فلمْ أتَعَتّبِ
وروّيتُ قلبي من هَواكَ فما ارتَوى / إذا أنتَ لم تَسْكَرْ من الخَمْرِ فاشْرَبِ
وأقسمتُ لا أرجو سِواكَ مؤَمَّلاً / وأخلصتُ عنَ المجدِ توبةَ مذنِبِ
أتَخشى بنو حمدانَ مَيلي عليهِمُ
أتَخشى بنو حمدانَ مَيلي عليهِمُ / وقد صَفِرَتْ أحلامُهُم يومَ غُرَّبِ
وما كلُّ من يَجْني عليَّ يَخافُني / فيا خوفُ لا تذهب بهم كلَّ مَذْهَبِ
وإنّي لأعفو عن ذُنوبٍ كثيرةٍ / لو اخْترتُ ما طالتْ بها يدُ مُذْنِبِ
تجنتْ بنو حمدانَ كلَّ جِنايةٍ / عليّ فلم أغضَبْ ولم أتعَتَّبِ
وكادت من التأنيبِ تطْلِقُ خبْوَتي / متى كانَ عِرضي قبلَها لمؤنِّبِ
وصارَ التّلاقي والمزارُ يريبُها / فداويتُ وجدي بالقِلى والتّجَنُّبِ
وأطمعَها مسُّ الزّمانِ وعضُّهُ / وصبري على أحداثِه والتقَلُّبِ
هم فتكوا والدّهرُ ينشِبُ ظُفرَهُ / فلا غلَبَتْ شَيبانُ غيرَ مُغلَّبِ
كلٌّ يقولُ إلى العُلا أنا صابِ
كلٌّ يقولُ إلى العُلا أنا صابِ / والمَجْدُ مَجدي والنِّصابُ نِصابي
يَهْوى تناولَها بغيرِ مَشقّةٍ / ويُريدُ غايتَها بغيرِ طِلابِ
ويجودُ للبيضِ الحِسانِ بقلبِهِ / والسّيفُ لا يَسخو له بإهابِ
لا يطمعُ الجبناءُ في إدراكِها / فالدّهْرُ ليس يحوزُها فيُحابي
لو كانَ يملِكُها لخُصَّ بصفوِها / أهلَ السّفاهةِ منهِمُ والعابِ
أرثي لمُفني سَيفِهِ بفنائِها / أضعافَ ما أرثيهِ للقرضابِ
وأذودُ وفدَ الدّمعِ يَركَبُ شأنَهُ / ووفودُ بابي يأمنونَ حِجابي
سُكّانَ هذا الجسمِ قبلَ فؤادِهِ / والقلبُ قبلَ نُهاهُ والآرابِ
هلْ تذكرونَ إذِ الترحلُ دأْبكمْ / والصَّدُّ عمّا في الهَوادِجِ دابِي
وسُؤالكم بالبينِ طَرْفاً سِرْتُمُ / لم تَظفَروا من دَمعِهِ بجَوابِ
أيامَ تحكي الريحُ سرعةَ إبلِكُم / فكأنّها قُطِرَتْ إلى الأذْنابِ
أخْفَيْتُ آيَةَ حُبِّكم فتوَهّمَتْ / رُوحي بأنّ جَوارِحي أحْبابي
وكذا توهمت الجوارح أنّكم / روحي وكل ليس يعلم ما بِي
فالوجدُ لا تجِدُ الجوانحُ حَرَّهُ / والسُقْمُ لا تَدري بهِ أثوابي
ما بالُ قَلبي يَستجيرُ ركائِبي / ويلومُني في فُرقةِ الأصحابِ
وهُمومُهُ أوحدنني من صُحْبَتي / وضياؤُهُ أغشى عليّ رِكابي
ألقى الظلامَ بحَلَّةٍ من مِثْلِهِ / وكأنّ لونَ الشّمسِ لونُ ثِيابي
فلَو اطّلعتُ وغبتُ ما شَكّ امرؤٌ / أنّ الغَزالَةَ فيهِم جِلبابي
سيروا بَني الأملِ البَعيدِ وبيّضوا / وجهَ المَطالِبِ بالعَجاجِ الكابِي
قد باتَ يُطوى الدّهرُ من أعمارِكم / ما ليس تُطوى البيدُ بالأنيابِ
لا نومَ حتّى يكتَحِلنَ بماجِدٍ / يَضَعُ اللحاظَ مواضعَ الإسهابِ
شيموا يمينَ أبي العَلاءِ وكذِّبوا / بحَياهُ بَرقَ العارضِ الكَذّابِ
بمُبَخّلِ الأنواءِ لولا جُودُهُ / عزَّ الترابُ لكثرةِ الطُّلابِ
رَحبُ المداخِلِ غيرَ أنّ عَطاءَهُ / أفضَى من الأبوابِ في الأبوابِ
وتظنُّهُ لمؤمِليهِ مُؤَمِّلاً / من شدةِ التّأهيلِ والترْحابِ
ويكادُ يبخَلُ باللها من ظنهِ / أنّ القبولَ لها أجَلُّ ثَوابِ
قَلِقُ الظَنونِ بجودِهِ لو سُمتَهُ / رَدّ الشّبابِ لياليَ الأطْرابِ
لتوَهّمَ الشّيْبُ الذي تَمضى بهِ / عوض النّوالِ فلم يَجدْ بشَبابِ
لا عيبَ يُعرَفُ فيهِ إلاّ أنّهُ / يُقلي خَلاقَ الآخِذِ الوهّابِ
يَستأنسُ المجدَ الغريبَ ولا يَرى / شَرَفَ الأبُوّةِ أشْرَفَ الأحْسابِ
أهدى الفتى من سَعيِهِ نَوْبَ العِدى / ومَناقِبَ الآباءِ والأعْقابِ
في حُلّةٍ صُبِغَتْ لهُ من نَحْرِهِ / تَهمي على عَقبَيْهِ كالهُدّابِ
لم يَدّخِرْ غيرَ الثّناءِ لعَقْبِهِ / إنّ الثّناءَ موارثُ الأنْجابِ
شَمِّرْ ثِيابَكَ للخطوبِ فإنّهُ / ما تحفَلُ الأحداثُ بالأنسابِ
ومُعاقِرٍ بدَم الفَوارِسِ هَمَّهُ / تعضيدُ كلِّ مُثقفٍ هَبْهابِ
فكأنّهُ يَبْرى أنابيبَ القَنا / بَدَلاً من الأقْداحِ والأكْوابِ
تِيهُ البلاغَةِ لا تزالُ يمينُهُ / تَخدى بخَواضٍ لها جَوّابِ
أعْمى من الظّلماءِ إلا أنّهُ / أهْدى البريةِ كلِّها لِصوابِ
يَفْتَرُّ من بَطْنِ الدّواةِ بكفّهِ / عن مثلِ نابِ الحيّةِ المُنْسابِ
يَرنو إلى الأفكارِ غيرَ مُلاحظٍ / ويُخاطِبُ القِرطاسَ غيرَ مُجابِ
ويُعَلِّمُ الآدابَ أفْهامَ الوَرى / وفؤادُهُ صَفِرٌ من الآدابِ
الفرقُ بينَ السّمهريِّ وبينَهُ / في الفَضلِ لا يَخفى على الألْبابِ
هذا يُوصِّلُ كلَّ ما قَطَعَ الرّدى / عفواً وذاكَ مُقَطِّعُ الأسْبابِ
ولسانُ هذا لا يُغاوِلُ مُهْجَةً / ولسانُ ذلكَ أخربُ الخُرّابِ
يَتبايَنانِ لَدى السّماحةِ والنّدى / كَرماً ويشتركانِ في الأعْطابِ
إنْ كانَ بانَ لنا بفضلِكَ فضلُهُ / يا فارِسَ الأُدباءِ والكتّابِ
فَعَجاجَةٌ مثلُ السّماءِ سَمَتْ بِها / تُسْدى رِداءَ القَسْطَلِ المُنْجابِ
خيلٌ إذا وطِئَتْ أعالي بلدةٍ / تركتْ أسافِلَها بغيرِ تُرابِ
تَرِدُ السِّهامُ بها العَوامِلَ شُرَّعاً / فيصيدها شركٌ من الأنْدابِ
شَجَرٌ بَراهُنّ الحِمامُ لكَفِّهِ / حُلّينَ أغصاناً من النُشّابِ
يتَلَفّفُ الخَطّي وهو مُسَدّدٌ / فيها عليكَ تلفُّفَ اللّبلابِ
علماً بأنّكَ لو سلكتَ صُدورَهُ / لنَثَلتَهُ قَصَباً بغيرِ كَعابِ
فمَتى تُساجلُكَ الملوكُ وإنّما / يوماكَ يومُ نَدىً ويومُ ضِرابِ
وهُمُ إذا وزَنوا الكلامَ بمجمعٍ / وصمَتَّ كانَ الصّمْتُ فصلَ خِطابِ
وإذا هُمُ جعَلوا الصّوارِمَ غايةً / فضَلَتْ يمينُكَ بالكَهامِ النّابي
وهُمُ إذا ركبوا إلى أعدائِهم / قُبَّ البُطونِ لَواحِقَ الأقْرابِ
أمتَعتَ أطرافَ الأسنّةِ بالقَنا / ووثبتَ وثبةَ ماجدٍ ركّابِ
شِيَمٌ ورِثْتَ حُظوظَها وجُدودَها / في المجدِ عن آبائِكَ الأرْبابِ
قومٌ إذا اقتسموا مغانمَ دهرِهم / وجدوا المَعالي فضلةَ الأسْلابِ
فإذا أردتَ بها نَهايةَ مَدحِهِمْ / لقّبتَهم بقَبائِحِ الألْقابِ
لمّا أتيتُكَ والُطوبُ تنوشني / فرددتَها تدمى على الأعْقابِ
ونهيتَ صرفَ الدّهرِ عنّي فانتهى / وكرَعْتُ ودَّكَ في ألذِّ خِطابِ
خجِلَ الزّمانُ فعُرْفُهُ يَعْتادُني / ولهُ إليَّ تَلَفُّتُ المُرْتابِ
وعصابةٍ يفحيي الجاءُ خُمولَها / خَطَبَتْ إليّ المدحَ في الخُطّابِ
قالوا أقَمتَ بأرضِنا فأجبتُهم / إنّ المكارمَ ينتظرنَ إيابي
إنْ تطلح الإبلُ العِتاقُ فبَعْدَما / أفنَى الكَلالُ جِذابَها وجِذابي
ووهبن لي أخفافَهُنّ مع الذُرى / فوهبتُ صِحَّتَهُنّ للأوصابِ
تشكو تنقليَ البلدُ وأشتكي / عدَمَ الشُّكول وقلّةَ الأضرابِ
طَيّانَ أبذُلُ للصّديقِ مَدائِحي / وأصونُ عن عِرضِ العدوِّ سِبابي
سَوادُ الدُّجى طِرفي وأنجُمُهُ صَحبي
سَوادُ الدُّجى طِرفي وأنجُمُهُ صَحبي / فهَلْ ركِبَ الظّلماءَ أشرفُ من رَكْبي
وإنّ طِلابي للعُلا وهي شيمَتي / عَجيبٌ ونَهبُ الهَمِّ لي وهو من نَهْبي
وفي النّفْسِ ثِقلٌ ليسَ تحمِلُهُ القُوى / وعَتْبٌ يبيتُ الدّهْرُ منه على نحْبِ
وقد زعَمَ الأقْوامُ أنّيَ مُعجَبٌ / تَواضُعُ قدري ما يَرونَ من العُجْبِ
فلولا ارتِفاعي يا شَريفُ عن الخَنا / رَغَتْ كلماتي فيكمْ رَغوةَ السُقْبِ
عَرَفْتُ صُروفَ الدّهْرِ حتى جهلتُها / وضاربتُها حتى فَنِيتُ من الضّرْبِ
فقد تركتْ سيفي أكَلَّ مَضارِباً / وأثلمَ حَدّاً من لساني في السِّبِّ
وعنَّفني في مركبِ الموتِ معشرٌ / وقالوا أيهوى الجَدبَ من هو في الخِصْبِ
وإني لأدري أن في العجزِ راحة / وأعلمُ أن السّهْلَ أوطا من الصعبِ
ولَو طَلَبَ الناسُ المكارمَ كلُّهم / لكانَ الغِنى كالفَقْرِ والعَبدُ كالرّبِّ
ولكنّ أشخاصَ المَعالي خَفيّةٌ / على كلِّ عينٍ ليسَ تنظرُ باللبِّ
لقد زادني حربُ الزّمانِ تَجارِباً / فلا عشتُ في يومٍ يَمُرُّ بلا حَرْبِ
ومن يكُ يَعتادُ الكروبَ فؤادُهُ / فإنكَ يا قلبي خُلِقْتَ من الكَرْبِ
أتَرضَى بأكْدارِ الموارِدِ مَشْرَباً / وقد كنتَ لا ترتاحُ للبارِدِ العَذْبِ
وتغري بلا ذَنبٍ عليَّ جَوانِحي / وقد كنتَ لا تجزي المسيءَ على الذّنْبِ
فإنْ كنتَ قلبي فابغِضِ الحُبَّ طائِعاً / ودَعني من بُعدِ الأحبّةِ والقُرْبِ
وإنْ كنتَ تأْبى ذاكَ فاعلمْ بأنّهُ / أبى المجدُ إلاّ أنْ أكونَ بلا قَلْبِ
أمَا لو تَخَيّرتُ الهَوى لمنحتُهُ / كمالَ عليَّ أو سلوتُ عن الحبِّ
فلولاهُ لم تلقَ المُنى في مَطالِبي / ولم تَلقَني بالسّهْلِ منها وبالرّحْبِ
ومَنْ كَعلي للفوارسِ تدّعي / وللبيضِ شامَتها القوائِمُ للوَثْبِ
يرى الشّمسَ أُماً والكواكبَ إخوةً / ويَنظُرُ من بدرِ السّماءِ إلى تِربِ
غَنيتُ عن الآمالِ حينَ رأيتُهُ / وأصبحَ من بين الوَرى كلّهم حَسْبي
فلم أطلُبِ المعرورَ من غيرِ كفِّه / وهلْ تُطلَبُ الأمطارُ إلاّ من السُّحْبِ
نمتكَ عرانينُ الوَرى وتَنازَعَتْ / نِطافَكَ أصْلابُ الجبابرةِ الغُلْبِ
فلا دَيْرُزُشْتٌ خانَ مَجْدُكَ مجْدَهُ / ولا فارسٌ شانَتْكَ في سالفِ الحُقْبِ
ورثتَ كتاباً عن يَلانَ وعنهُما / ورِثتَ بني سَاسانَ حِزباً إلى حِزْبِ
لأَلينُ من قلبِ الغَمامِ على الثّرى / وأقسى على صرفِ الزّمانِ من الهَضْبِ
هم قبلَ عادٍ في البلادِ وجُرْهُمٍ / أقاموا قَناةَ المجدِ كعباً على كعْبِ
تُقادُ مَذاكِيهمْ بغيرِ أعنّةٍ / وتركب في يومِ الهِياجِ بلا ركْبِ
رأى الفلكُ الدوارُ تربةَ بابِكٍ / أحقَّ وأوْلى منه بالأنجُمِ الشُّهْبِ
يَدِبُّ ويسْري نشرُكم في نسيمِها / ويَعبَقُ منكم في المياهِ وفي التُّرْبِ
وما بشروقِ الشّمسِ منها تشرفتْ / بكم شرُفَتْ شَرقُ البلادِ على الغَرْبِ
رأيتُكَ تَجني نارَ كلِّ قَبيلةٍ / فلا نارُ إلاّ ما تُنيرُ وما تجني
وتَفخَرُ بالعُجْمِ الكِرامِ عليهمُ / ولولاكَ كانَ العُجْمُ أدْنى من العُرْبِ
وكم لكَ من مالٍ وهبتَ وغارةٍ / نهبتَ وأعداءٍ أبَتَّ على عتْبِ
بكفٍ على عِلاتِها مُستَهِلّةٍ / وعُودٍ على عجمِ الخُطوبِ له صُلْبِ
وحَربٍ تثَنّى بالعَجاجِ وتلتَوي / بيضِ المَواضي والمُطَهّمَةِ القُبِّ
طِرادٌ مَصاليتُ الظُّبا من جفونِها / تُجَرُّ إليهِ والأسنّةُ في سَحْبِ
رأتْكَ فماتَتْ في الأكفِّ مخافةً / وللموتُ أدْنى أنْ تَموتَ من الرّعْبِ
فَما وطِئَتْ فيها السيوفُ على طُلى / ولا هجَمَتْ منهُ الرِّياحُ على شِرْبِ
وخطبٍ لِزلاتِ الزمانِ أقَلْتَهُ / ولو شِئْتَ خلّيْتَ الزّمانَ بلا خَطْبِ
صِحابُكَ فيما تَقتَنيه كَثيرةٌ / وتأْنَفُ أنْ تَلقى عدوكَ في صَحْبِ
يَوَدُّ ذُبابُ السّيفِ لو كانَ قائِماً / بكفكَ والأقلامُ تَغْبِطُ للكُتْبِ
سأحجبُ نَفسي عن مطامِعَ جمةٍ / لديكَ وما بيني وبينكَ من حُجْبِ
ولو شئتَ لمّا راثَ عندكَ مطلبي / هززتُكَ فيه هِزّةَ الصّارِمِ العَضْبِ
تركتُكَ لم أعصبْ بنانَك إنّني / رأيتُ ذَواتِ الدُرِّ تغني عنِ العَصْبِ
وكنتُ متى حاولتُ رفْدَكَ حُزتُهُ / بغيرِ خداعٍ من يديكَ ولا غَصْبِ
وما الجدُّ إلاّ أنْ أراكَ مُشَمّراً / كأنّكَ من بَذلِ المكارِمِ في لَعْبِ
تقلّدُ سِمْطَيْ لُؤلؤٍ من قَلائِدي / وأسرحُ من نُعْماكَ في بلدِ رَحْبِ
ألا مَن لقلبٍ بالحياةِ يُعَذَّبُ
ألا مَن لقلبٍ بالحياةِ يُعَذَّبُ / وجسم بأسيافِ السّقام يُضَرَّبُ
وخطبٍ على خطبٍ لقِيتُ لو أنّهُ / أصابَ شَماماً كانَ في التُّربِ يُحْسَبُ
لِيَنْدَمَ من باعَ المذلّةَ عِرضَهُ / فَما العيشُ عندي بالمذلّةِ طَيِّبُ
إلى كم تُرى في العِزِّ أدأبُ جاهِداً / لدَهري ودَهري في امتهانيَ يَدْأَبُ
ولمّا أقُدْ يوماً أغَرَّ مُحَجَّلاً / تَجِدُّ به الخَيلُ العِتاقُ وتلعبُ
فَيا لهفَ نفسي بعدَ ذلكَ لهفةً / على قمرِ بينَ الجوانحِ يُحْجَبُ
يلومونَ في دمعٍ تصبّبَ أثْرَهُ / وقَلّ له منّي دَمٌ يتَصبّبُ
سَقى اللهُ وصلاً لم تُدنّسْهُ هَجْرَةٌ / ولم يَبتذِلها في حِماهُ المؤنَّبُ
ويومَ وقفنا للتّفرقِ وَقفةً / غَدا السِّحرُ من ألحاظِنا يتعجّبُ
أرَيْنا ظَنونَ الحيّ بَردَ قُلوبنا / وأحشاؤنا من حَرِّها تتلهَّبُ
غَداةَ اختلطنا بالشّوامتِ منهم / ولم ندرِ مَنْ مِنّا إلى الحُبِّ أقْرَبُ
أذَلكَ أمْ يومٌ تركنا عَذولَهُ / يُعَنِّفُ فينا عَذلَهُ ويؤنِّبُ
توافت به أنفاسُنا ودموعُنا / فلم يدرِ منّا من يلومُ ويعْتِبُ
ومُستركبٍ جيشَ الظنونِ لفقدِهِ / له أينَما يمّمتُ أفعى وعَقْرَبُ
شددتُ قوى حِلمي بجهلٍ جَهلتُه / عليه وبعضُ الشّرِّ للخيرِ أجلَبُ
خليليّ لي من عَزمتي دونَ إخوتي / أخٌ هو أحفى بي ودون أبي أبُ
تعلمتُ حتى لم أدَعْ متَعلّماً / وجربتُ حتى لم أجدْ ما يُجْرَّبُ
وأدّبني دهرٌ تكُرُّ صُروفُهُ / عليّ وصَرفُ الدّهرِ نِعمَ المؤدِّبُ
ونحنُ بنو الدُنْيا نروحُ بِهامِها / وتغْدو على هاماتِنا تتقلّبُ
تُقَسِّمُ فينا قِسْمَةً عَجْرَفِيّةً / وكلٌّ إليها بالمطامع أشْعَبُ
فجُهّالُنا فيها على الخيلِ تركبُ / وألبابُنا فيها تُجَرُّ وتُسْحَبُ
تعرضتُ للأحزانِ حتى ألفتُها / وحتى كأنّ الحزنَ شيءٌ مُحَبَّبُ
كأنّ اللّيالي لم تفوضْ أمورَها / إليّ وفيها عن سِوايَ تَنكَّبُ
وإني لأخْشى أنْ أموتَ ولا أرى / ببالَ أوداجَ الأعاجمِ تُشْخَبُ
أشُنُّ عليهم غارةً تَرِدُ الرّدى / وتَسرجُ أمرَ اللهِ فيهم وتَركَبُ
ويضمَنُ لي دَهري بلوغَ مطالِبي / متى كانَ لي يا دهْرُ عندكَ مَطْلَبُ
بأيِّ رفيعٍ من حظوظكِ أرتَضي / وفي أيِّ جَمٍّ من عَطائِكِ أرغَبُ
تعجبتُ من أشياءَ فيكَ تَريبني / وأعجبُ منها أنّني فيكَ أعجبُ
ألِكْني إلى آل المهلّبِ إنهم / لأَرفَعُ من زهرِ النّجومِ وأثقَبُ
إذا سَلبوا الأموالَ مَنْ شَنّ غارةً / أغارَ عليها المُجتدونَ ليسلبُوا
فلازالتِ الأملاكُ تطلُب رِفدَهم / فتُدنى وتُعطى فوقَ ما تتطلَّبُ
ولا برِحَتْ حمرُ المَنايا وسودُها / إلى بأسِهم يومَ الوَغى تتحزَّبُ
فما استمطروا للجودِ ألاّ تدفقوا / ولا استصرخوا للطعن ألا تلببوا
إليكَ أمينَ اللهِ في الأرضِ شمّرَتْ / عزيمةُ صُبحٍ بالدُّجى تتَجَلْبَبُ
يَرى حَظَّهُ مُتأخّراً وهو أوّلُ / وآمالَهُ مَغلوبةً وهو أغْلَبُ
وأنتَ شَبابٌ للذي شابَ مُقْبِلٌ / إليه وجَدٌّ للذي خابَ مُنْجِبُ
تقودُ أبياتِ الأمورِ كأنّها / إليكَ أسارَى في الأزمَة تُجنبُ
وتفتحُ أقفالَ الغُيوبِ بصارمٍ / من الرأيِ يخشى الغيبُ منه ويَرْهَبُ
وتطعنُ في صدرِ الكتائبِ مُعْلِماً / كأنّكَ في صدرِ الدّواوينِ تكتُبُ
كفى وزراءَ الملكِ في الناسِ مَفخَراً / بأنّكَ منهم حينَ تُعزى وتُنسَبُ
كَما قد كَفى الأبطالَ بأساً ونجدَة / بأنْ قيلَ منهم في الهياجِ المُهَلَّبُ
ويوماكَ يومٌ للعُفاةِ مذَلَّلٌ / ويومٌ على الأعداءِ منكَ عَصَبْصَبُ
إذا حوّمَتْ فوقَ الرماحِ نُسورُهُ / أطارَ إليها الضّربُ ما تترقّبُ
فداؤُكَ أهلي والجهادُ منابرٌ / وأبطالُها بالمَشرفيّةِ تُخْطَبُ
وقد شمرتْ عن ساقِها الحربُ ذيلَها / وقرَّ لها الحامي وكَلَّ المُؤنِّبُ
أذُمُّ زياداً في رَكاكَةِ رأيِهِ / وفي قولِهِ أيُّ الرجالِ المُهَذّبُ
وهل يحسن التهذيب منك خلائِقاً / أرق من الماءِ الزلالِ وأعذَبُ
تكلم والنّعمانُ شَمْسُ سمائِهِ / وكلُّ مليكٍ عندَ نعمانَ كَوكَبُ
ولو أبصرتْ عيناهُ شَخْصَكَ مَرّةً / لأبصرَ منه شَمْسَهُ وهي غَيْهَبُ
إذا ذُكِرَتْ أيامُكَ الغُرُّ أظْلَمَتْ / تَميمٌ وقيسٌ والرّبابُ وتَغْلِبُ
وخاسَ لها عدنانُ في الأرضِ قاعداً / وقام لها فوقَ السمواتِ يَعْرُبُ
أتيتكَ والأملاكُ تَطلُبُ فَخْرَها / بمدحي ومدحي نحوَ فخرِكَ يَهْرُبُ
لقد صرّحوا بالمالِ لي وهو هاكَ ذا / وقد عَرضوا بالقولِ لي وهو مَرْحَبُ
ولستُ أرى كسبَ الدراهِمِ نافِعي / إذا لم لكنْ لي في المكارِمِ مكْسَبُ
ولي همّةٌ لا تطلُبُ المالَ للغني / ولكنّها منك المودّةَ تطلُبُ
فمُرْني بأمرٍ يترُكُ الجوَّ شاحباً / وسمرُ العَوالي بالدِّماءِ تَخَضَّبُ
فلو خالفَ المقدادُ أمركَ لم يكنْ / له أبَدَ الأيامِ في النّاسِ مذهَبُ
وكن لي في المأمولِ منكَ مُجَرِّباً / لتعلمَ ما آتي وما أتجنَّبُ
فإنْ كانَ قولي دونَ قدركَ قَدرُهُ / فما أنا فيه بامتداحِكَ مُذْنِبُ
إذا كانتِ الأشياءُ دونَكَ كلُّها / فغَيْرُ مَلومٍ أنْ يقَصّرَ مُسْهَبُ
إذا لم ترعْني الحادِثاتُ فطالما
إذا لم ترعْني الحادِثاتُ فطالما / غَدا خَلِقاً عنْدي جديدُ المصائِبِ
لقد بدَهتني بالغرائبِ برهة / فلم ألْقَ شيئاً لم يكنْ في تجارِبي
فَيا صاحبيّ من هِلالِ بنِ عامِرٍ / وسعدِ بنِ زيدٍ في الذّرى والغَوارِبِ
تعجبتُما أنْ أفنتِ العيسُ دمعَها / على طلَلٍ بينَ العُذَيْبِ فَراسِبِ
فَلا تحسَبا أنّ المَطايا عَرفْنَه / فتلكَ دُموعي في عيونِ الرّكائبِ
حَنيني أراها كيفَ تستشعِرُ الهَوى / دعائمُها فيض الدّموعِ السّوارِبِ
إذا ما هززتَ الغُرَّ آلَ نُباتةٍ / هززتَ متونَ المُرهَفاتِ القواضِبِ
ألا نادِ في الأحْياءِ هلْ مِن مُفاخرٍ / يفاخِرُنا في الناسِ أن مِن مُحارِبِ
ونحن بَنو سعدٍ تزورُ جفاننا / أباعدَنا في الجدْبِ قبل الأقارِبِ
إذا السنةُ العُظْمى أناخَتْ بمعْشَرٍ / أنَخْنا إليهمْ باللُّها والرغائِبِ
إذا اصطرعَتْ نيرانُنا ورِياحُها / ولم تبقَ نارٌ تستنيرُ لطالِبِ
رفَعْنا لها أموالَنا وجيادَنا / وأثوابَنا حتى تجيءَ بساغِبِ
نزلْنا من السبعِ السّمواتِ منزِلاً / وضعْنا به الأقدامَ فوقَ الكَواكِبِ
يا دهرُ مالكَ لا تَثني يدَ النوبِ
يا دهرُ مالكَ لا تَثني يدَ النوبِ / إني أخافُ عليْها سورةَ الغَضَبِ
ولا تأمَنَنَّ حليماً رمتَ هَضْمَتَه / أنْ يركبَ الجهلَ عُرياناً بلا قَتَبِ
أَراحَني اللهُ من قلبٍ بُليتُ بهِ / يهوى القعودَ ويهوَى أشرفَ الرّتبِ
اطلُبْ لهمكَ بالمُنى كَلِفاً / وخَلِّ صَدْري فما لي فيكَ من أرَبِ
فالمجدُ يَطلُبُ بالآفاتِ طالبَهُ / لم يحظَ بالمجدِ من لم يحظَ بالنُكَبِ
لا يمنَعَنّكَ صدمَ السيفِ رهبتُه / إنّ المذلّةَ أولى منه بالرّهَبِ
رِد الهجيرَ بثوبِ الشمسِ ملتثماً / واعقِدْ بطرفكَ سيرَ الأنجمِ الشُّهبِ
كيْما تنالَ من الدّنيا نهايتَها / إمّا حِماماً وإمّا حُسْنَ مُنقَلَبِ
سعى رجالٌ فَنالوا قدرَ سَعْيِهُمُ / لم يأتِ رزقٌ بلا سَعيٍ ولا طلبِ
حُسْنُ التّأنّي مفاتيحُ الغِنى وعلى / قَدرِ المطالبِ تَلقى شِدّةَ التّعبِ
ما بالزمانِ سِوى أولادِهِ طَبَعٌ / إنْ لم يكونوا بَنيهِ فالزّمانُ أبِي
تجنّبوني وأطرافُ الظُّبا حُلَلي / يا للرّماحِ ويا للهنديّةِ القُضُبِ
ليس المصائبُ عن حالي بمُقْلعة / أو ترتدي حدَّ سيفِ الدولةِ الذَّرِبِ
بمُسْبَلٍ فوقَ ظهرِ الأرضِ مُنسَحِبٍ / ومن ترائبها والنّحر مختضِبِ
ألا قُبوركَ صَمْصاماً مساكنهُ / هامُ العِدا بَدَلَ الأجفانِ والقِرَبِ
ما تكربُ الحربُ أنْ يُستَلَّ مُنصله / حتى يُمزّقَ قلبَ الجحفلِ اللّجِبِ
يَفري جماجِمَه والموتُ مفترشٌ / من النّزالِ صدورَ القومِ للركبِ
مشغوفةٌ بغريبِ الهمِّ همّته / يَرى السرورَ بعينِ الحزنِ والكَرَبِ
لا يطمئنُ إلى الدنيا وبَهْجَتِها / ويطمئنُ إلى الأحْداثِ والنُّوَبِ
لو كانَ شيءٌ من الأشياءِ يُطربُهُ / كانت مَعاليهِ تحظى منه بالطّربِ
مهذبٌ يسبِقُ الآمالَ نائلُه / فَما يكلِّفُ كَفاً أنْ تقولَ هبي
لو لم يكُن في الذي يُعطيهِ فائدة / إلاّ صِيانَتهُ العافي عن الطّلَبِ
يستكتمُ الرِّفدَ مُعطاهُ فَقاصِدهُ / يقولُ قد خِبْتُ كي يَرضى ولم يَخِبِ
كأنّهُ حينَ يستخفي مكارمَه / يَعُدُّ إظهارَها فينا من الرِّيَبِ
لا يهتدي الدّهْرُ قَتراً في مسالكِه / ولا يُدانيه في مجدٍ ولا حَسَبِ
خَرستَ يا دهرُ كيما لا تقولُ أجَلْ / إنْ كنتَ مثلَ أبيه القَرم تنتَسِبِ
اللهَ اللهَ يا صَمصامُ في رجلٍ / ببابِ دارِكَ قد أشفى على العَطَبِ
أجزلتَ من أدَبِ الدُنْيا عطيتَه / فهبْ له نَشَباً يا واهبَ الأدَبِ
ولا تقلْ في الذي أعطيتَ مُقْتَنَعٌ / فاقرعْ بهِ حلقَ الأرزاقِ واكتسبِ
مَنْ خابَ عندَك لم يُسْعَدْ بفائدةٍ / ومن تعدّاكَ لم يَظْفَرْ بمُطَّلَبِ
إنْ كان مثلي لا تُرضى خلائقُه / يَسومُ مِثلكَ أنْ ترضاهُ بالغَلَبِ
فهل تُطيقُ سُدا فعلٍ بِلا عجبٍ / وفعلُ مثلِكَ لا يخلْو من العَجبِ
بلْ أينَ مثلُكَ كانت هفوةٌ سَبَقَتْ / هيهاتَ لا تُعْطِني شيئاً ولا تهَبِ
أنتَ الذي تُنسَبُ الدُنْيا وعالمُها / إلى عُلاه ولا يُعْزى إلى نسَبِ
حاشاكَ أنْ تدّعيكَ العُربُ واحدَها / يا مَن ثَرى قدمَيهِ طينةُ العربِ
فإنْ يكنْ لكَ وجهٌ مثلَ أوْجُهِهم / عند العيانِ فإنّ الصُفرَ كالذّهبِ
وإنْ يكنْ لكَ نُطقٌ مثلُ نطقِهِمُ / فليس مثلُ كلامِ اللهِ في الكُتبِ
فدتْ ثَراكَ مُلوكٌ لو هَمَمْتَ بهِمْ / دارتْ جَماجمُهم للشَّربِ كالعُلَبِ
لا مالُهم باتَ محزوناً لسائلِهم / ولا دِماؤهُم تَشْفى من الكَلَبِ
أولادَ تَغلِبَ حلَّ الموتُ حُبوتَهُ / في دارِنا ودَعا بالويلِ والحَرَبِ
هَبوا لنا طَرَفاً من عمر جاهِكمُ / يفنى به غابرُ الأيامِ والحِقَبِ
فإنّ جاهَكُم يُعطى من الحسَبِ / ما ليسَ تُعطى عطاياكُم من الحَسَبِ
ركبٌ أمالوا خِباءَ الليلِ نحْوَكُمُ / حتى تقوضَ بالأعمادِ والطُّنبِ
أبوهُمُ الهمُ والبيداُ أمُّهُم / وما لهم ذملانُ الأينق الشُّسُبِ
لا يبتغون إلى معروفِكم سَبباً / إلاّ عطاياكُم الراجي لِلا سببِ
إنّ التغربَ شخصٌ ليس يألَفُه / إلاّ فتىً كَلِفٌ بالهمّ والنَّصَبِ
لا تَحْسُدَنّ غريباً أنْ يُقالَ لهُ / ما تحملُ الأرضُ مع نَبعٍ ومن غَرَبِ
فلستُ عند غروبِ الشمسِ أرحمُها / إلا لرحمةِ قَلبي كلَّ مُغتَرِبِ
أيُّ يومٍ من صاعدٍ لم أرحْ في
أيُّ يومٍ من صاعدٍ لم أرحْ في / هِ بخيلٍ كثيرةِ الأسْلابِ
من نَوالٍ يسري بغيرِ سُؤالٍ / وعَطاءٍ يأتي بغيرِ طِلابِ
قسَّمَ اللهُ يومَه للمَعالي / بين ضَرب اللَّها وضَرب الرِّقابِ
جئتُه زائراً وقد ركِبَ الأفْ / لاكَ والنجمُ تحتَهُ في التُّرابِ
بمعانٍ سرَقتُها من عُلاه / فكأني قرأتُها من كتابِ
فأشارتْ ألحاظُه بذنوبي / فكأني سمعتُ فصلَ الخِطابِ
ثم قبلتُ ظاهرَ الكفِّ منه / فكأنّي قبّلتُ خَدَّ السَّحابِ
يا جَواداً أرواحُنا من عَطايا / هُ وأفهامُنا مع الألْبابِ
إنّ هذي الهمومَ تقدحُ فينا / قدْحَ كفَّيكَ في السِّلام الصِّلابِ
فاسقِنا صيِّبَ المُدامِ سقاكَ ال / لهُ صوبَ الآمالِ والآرابِ
خَنْدَريساً كأنّها تتقي المزْ / جَ بدرعٍ مَسرودةٍ من حَبابِ
خَجلت من حُلاهُمُ فأتَتْنا / في رداءٍ مُورَّدٍ ونِقابِ
تَهَبُ المالَ للفقيرِ وتغزو / شَرْبَها في عساكِرِ الإطرابِ
سرقتْ حُسْنَ خلقها من سَجايا / كَ وأخلاقكَ الكرامِ الرِّغابِ
إنّها في السَّحابِ وبلٌ وفي الري / حِ نسيمٌ ونشوةٌ في الشّرابِ
خلقَ اللهُ صاعداً يومَ خلْق ال / ناسِ للكأسِ والنّدى والضِّرابِ
ما سؤالُ الدّنيا له وهي في عي / نيه أدنى من وُدِّها الكذّابِ
قد ظلمناهُ في السّؤالِ لأنّا / ما سألْناهُ ردَّ شَرخِ الشّبابِ
ألَمْ أكُ يا شيبان أوّلَ طاعِنٍ
ألَمْ أكُ يا شيبان أوّلَ طاعِنٍ / مشى رمحُهُ فيهم وآخرَ آيبِ
وكانَ فِراري مغنياً بقُصيبةٍ / غناءَ دِفاعي عنكم بالذّنائبِ
تركتُ كعوبَ الرمحِ في صفحاتِهم / ووزعْتُه في مُردهم والأشائبِ
ولم أُبقِ فخْراً للعدو عليكم / بقتلي وقد أعرضتُم بالمناكِبِ
لخوفهم من دولةٍ أستديلُها / أشدُّ عليهِم من بكاءِ أقارِبي
بَرى اللهُ وهباً يومَ صوّرَ خَلْقَهُ
بَرى اللهُ وهباً يومَ صوّرَ خَلْقَهُ / نهاية آمالي وأقصى مآرِبي
ولولاهُ ما لبيتُ دعوةَ ماجدٍ / ولا كنتُ أرضى غايةً في المَطالِبِ
رَدَدْتَ صروفَ الدّهْرِ عني ذليلةً / تُقلِّبُ أطرافاً بغيرِ مَخالِبِ
وعلّمتني من أينَ يُكتَسَبُ الغِنى / ومن أينَ كانت حِرفَتي في المكاسِبِ
وكثرتَ إخواني وكنتُ مسافراً / غريبَ الهَوى في بلدتي وأقارِبي
فزِدني نُهى قاضي القُضاةِ ووُدَّهُ / ورودَ العِطاشِ الهيمِ صفوَ المشارِبِ
أقولُ له إذْ شردَ الجورَ عدلُه / هذاذيك يا ربَ الهُمومِ الغَرائبِ
أفادَ عقولَ الناسِ صحّةُ رأيِه / فلم يُبقِ نفْعاً يُرْتَجى في التّجارِبِ
وقورٌ ولو دارتْ رَحا الحربِ حولَه / وهبتْ أعاصيرُ القَنا والقواضبِ
أتَتْهُ على قربِ المزارِ ركائبي / تخبُّ بولهانِ المودةِ خاطِبِ
فلا تَحرمنّي وُدَّهُ إنّ وُدَّهُ / ليرفعُ من بدرِ الدُّجى والكواكبِ
أخافُ إذا جئتُ العُلا أنْ يقولَ لي / رجعتَ ولم تُبصِر نظامَ المناقِبِ
فَيا وهبُ لَبّس أحبُلي بحِبالهِ / تكن نعمةً أنعمتَها في النّوائبِ
فأنتَ شِهابي في الخطوبِ إذا دَجَتْ / وغيثي إذا جفّتْ جُفونُ السّحائبِ
لكلِّ محبٍ في الزّمانِ حبيبُ
لكلِّ محبٍ في الزّمانِ حبيبُ / وزيرُ العُلا في العاشقينَ نَجيبُ
وإنّ التي ضَرّاتُها البيضُ غادةٌ / لها السيفُ واشٍ والحِمامُ رقيبُ
رأينَ بجسمي فعلَها فنكرنني / كأني في أصداغِهنّ مَشيبُ
وما غَشِيَتْني يا ابنةَ القومِ طربةٌ / لبينكِ والعُذريُّ ثَمَّ طروبُ
تركتُ عليلاتِ النطافِ لوالهٍ / يحومُ على غُدْرانِها ويلوبُ
وكنتُ كروعاءِ الفؤادِ نحيبةٍ / بِغارِبِها والصفحتينِ نُدوبُ
يُوقّرُ بُعدَ الناعجات حنينُها / بأسمرَ يدعو حلمَها فيُجيبُ
ألا حبّذا ليلُ الكثيبِ وفائحٌ / من الروضِ مهجورُ الفِناءِ خَصيبُ
تنفضُ منظومَ النّدى عن فروعِه / يمانيةٌ تَنْدى بهِ وتَطيبُ
إذا ما نسيمُ الفجرِ باشرَ نشرَهُ / تنبّه منه سائقٌ وجنيبُ
متى نشرَ الوسمي بردةَ منعجٍ / وهل زالَ من وادي الأراكِ قَضيبُ
قِفا فاقضِياني لذةً من حديثهِ / علانيةً إنّ السِّرارَ مريبُ
ولا تُنكِرا صَبري إذا ما جزعتُما / فشوقي وإنْ هيّجتماه أديبُ
عَجِبْتُ من الأقدارِ كيفَ تضيمني / وكنتُ ولا شيءٌ إليّ عجيبُ
وكيفَ تصورتُ الثّوابَ عنيمةً / لممعتضٍ في حاجبيه قُطوبُ
ومذ زَعموا أنّ الحياةَ عطيةٌ / أُعرِّضُها للموتِ وهي هُبوبُ
ولكنّ مطبوعَ البشاشةِ صادَني / برُقيتهِ والفاعلونَ ضروبُ
رأى ورقَ الأيّامِ ليس يَروقُني / فحاولَ وُدّي والنجيبُ نَجيبُ
جلا ثَغرَه عبدُ العَزيزِ بنُ يوسفٍ / عليْنا وبشر اليوسفي خَلوبُ
أغرُّ كأنّ الشمسَ حينَ تَزوره / تضمّنها عندَ الشّروقِ غُروبُ
حديثُ شَبابِ السنِّ وهو مُدَرَّبٌ / بعيدُ منالِ القَدرِ وهو قريبُ
فإن غرّكُم لينٌ ينازعُ عِطفَه / فإنّ القَنا يهتزُّ وهو صَليبُ
فتى لا يَحُلُّ الدّهْرُ عقدةَ عزمِه / إذا اعترضتْ دون الخطوبِ خُطوبُ
يصمم في عشواءِ كلّ كَريهةٍ / بِها لفؤادِ المستميتِ وجيبُ
إذا طلبَ الأعداءَ لم يُفنِ صَبرَهُ / كلالٌ ولم يَنقض قُواه لُغوبُ
ولا حافر هش المُشاشِ مثلّم / ولا مِنسِمٌ دامي الأظَلِّ نكيبُ
ورجمٍ من المقدورِ صدّقَ ظنهُ / عشيةَ أغراضُ الرّجالِ غُيوبُ
يَقيسونَ أشباهَ الخُطوبِ وكلّهم / رفيقٌ بتفريجِ الكُروبِ طبيبُ
فَشاورهم ثمّ استبدّ برأْيِهِ / فتىً همّتُه بينَ الهمومِ غَريبُ
تشُبُّ مع الظّلماءِ بينَ جُفونِهِ / وبينَ غِلالاتِ الرُّقادِ حُروبُ
حَظِيتَ بآمالِ الكرامِ غُلُبّةً / وغيرُكَ يحظى مرةً ويَخيبُ
إذا جَمَعتْهُمْ في المكارمِ غايةٌ / فأنتَ لما لا يطلبونَ طلوبُ
وقد عاينوا سُحبَ البلاغةِ ثَرَّةً / عليكَ وأنواءُ السَّحابِ تَصوبُ
براعيةٍ سَرحِ العقولِ كأنّها / إذا سمِعوها في القلوبِ قُلوبُ
بها تُخدعُ الأروى وتستطلَقُ الجَنى / وتجمُدُ أكبادُ العِدى وتَذوبُ
وما كنتَ إلا الليلَ صُبَّ عليهمُ / تَغيبُ النّجومُ الزُّهرُ حينَ تَغيبُ
وسافرةٍ لا تقنص العينُ وجهَها / إلى كلّ أرضٍ تَغتدي وتَؤوبُ
ملكتُ ولم أملُك تميمةَ حاسدٍ / له بمعاريضِ الحديثِ دَبيبُ
توهّمَ بُعدي عن بلادكَ رغبةً / وما أنا عن كسبِ العَلاءِ رَغوبُ
عَتودٌ إذا ما اليأسُ خفّضَ جأشَهُ / وعندَ مَخيلاتِ المَطامعِ ذيبُ
وإنّي وإنْ لم أدنُ في النَّيلِ منكمُ / لأبعَدُ عمّا ساءكم وأغِيبُ
وأذكركم ذِكرَ المُحِبِّ حبيبَه / على النأي ما هبتْ صَباً وجَنوبُ
وقد يلتقي الأقوامُ بينَ جُسومِهم / وبينَ مُلاقاةِ القُلوبِ شُهوبُ
ودونَ مصافاةِ الحليمين محنةٌ / يكونُ لها بعدَ الفتورِ لهيبُ
عَسى مَرُّ يومٍ بعدَ يومٍ وليلةٍ / يَنالُ بهِ من راحتيكَ نَصيبُ
فإنّ سِنانَ السّمْهَري ترادفَتْ / أنابيبَ حتى نِلنَه وكُعوبُ
تذَكّرتُ مصلتَةً كالقُضُبْ
تذَكّرتُ مصلتَةً كالقُضُبْ / على صَهَواتِ القِلاصِ النُّجُبْ
ووَقْعَتَها بعدَ طولِ السُّرى / تَسانَدُ أعناقُها والركبْ
كحلِّ الحُبى يومَ روّعتَها / وقد رفعَ الفجرُ بيضَ العَذَبْ
ولاحتْ تباشيرُه في الدُجى / كما لاحَ غِبّ دُخانٍ لهَبْ
وقد ضَحِكَ الليلُ عن صُبْحِهِ / كما افترّ عن ثغْرِهِ المكتئِبْ
وحَلّ عن الفجرِ أزْرارَهُ / وشمّرَ أذيالَهُ للهربْ
وما الرزقُ إلاّ لمُستأسِدٍ / على الطَلباتِ وَقاح الدأبْ
بكلِّ مرامٍ له حِرفَةٌ / وفي كلِّ أرضٍ له مُضْطَرَبْ
تمنيتُ قربَ مليكِ الملو / كِ حباً لرؤيتهِ لا النَّشَبْ
وكنتُ وكَرْمانُ ما بيننا / وكُرْدُفَنّاخَسرُ ذاتُ الطربْ
أؤمِّلُ جولةَ أفكارِهِ / ودولةَ أيّامِهِ والعُقَبْ
وأعلم أنّ لهُ عَزْمَةً / تُصَدِّقُ ظَنّي به في النُوَبْ
سعى تائقَ الهمِّ لم يستمل / ه عن سورةِ الجدِّ خفض اللَّعِبْ
فكابدَ حتى استباحَ البلا / دَ قسراً ونالَ المُنى بالطّلَبْ
وبالقولِ يَجْنَبُهُ بالفَعا / لِ مصّ الثمادِ ولسَّ العُشُبْ
لها نَشطَةُ الشيحِ من رَعْيِها / ومن وِرْدِها نَهْلَةُ المُسْتَلِبْ
فهنّ على الليلِ عينُ الصّبا / حِ ما يَستَرِحْنَ بغيرِ التعبْ
أطالَ لها قصباتِ الرها / نِ دونَ سوالِفِها والقَتَبْ
وحامٍ من الركضِ بعدَ المَلا / لِ يقدحُ تَقريبَها بالخَبَبْ
رَدَى كلِّ معتركٍ ضيقٍ / وآفةُ كلِّ خميسٍ لَجِبْ
إذا نكَصَتْ عنهُ صُمُّ القَنا / فإنّ السيوفَ عليهِ تَثِبْ
سجيةُ مُضْطَلِعٍ بالخُطو / بِ ماضي العَزيمةِ سامي الأرَبْ
له الفرسُ والتركُ بينَ السما / طِ والرومُ ساجدةٌ والعَربْ
تدورُ على مجدِه المكرُما / تُ دورَ الكواكبِ حولَ القُطُبْ
ولم ينجُ منه أبو تَغلِبٍ / أمين الفِرارِ إذا ما طَلَبْ
حقيبتُهُ سرجُه واللّجا / مُ ساقاه والسّاعدانِ اللّبَبْ
نأتْ عن قَواضِبِه دارُهُ / فأهْدى له حتفَه في الكتبْ
وقد ظنّ أنّ بلادَ الشّا / مِ لا يتخطّى إليها العَطَبْ
تَمطتْ به الفوتُ مذعورة / ينهنهُ من شَدّها الملتَهِبْ
لها حينَ يَشْتَجِرُ السمهر / يُّ سنطلةُ الثعلبِ المُنْسَرِبْ
وظِلُ أويسٍ رأى مَطْمَعاً / وأبصرَ فُرصَتَهُ من كَثَبْ
سَلِمتَ على عثراتِ الزّما / نِ يا عضدَ الدولةِ المنتجَبْ
ولا زلتَ ترفعُ من دولةٍ / تواضعتَ فيها بهذا اللّقَبْ
فلولاكَ ما منعتْ سَرحَها / ولا نوّهَتْ باسمِها في الخُطبْ
قسمتَ زمانَكَ بينَ الهمو / مِ تَنْعَمُ فيها وبينَ الدّأَبْ
فيوماً تُمِيرُ عفاةَ النّسورِ / ويوماً تُميرُ عفاةَ الأدَبْ
إذا ما الإلهُ قَضى أمرَه / فأنتَ إلى ما قَضاهُ السّبَبْ
دعِ البيضَ طامعةً في الذي / نَ أعدّوا الدّروعَ لها واليَلَبْ
فإن قوائِمَها والأكُفَّ / على ما يريكَ لا تَصْطَخِبْ
ورأيٌ يُدبرهُ المُبرمو / نَ عطَّلَهُ رأيُكَ المُقْتَضَبْ
وتَبْغَضُ في القولِ عيَّ افَتى / وأبغضُ منه إليكَ الكَذِبْ
فيوركَ مولدُكَ المُجْتَبى / وتَحويلُهُ في بَقايا الحِقَبْ
هو اليومَ توسَعُ فيهِ الذّنو / بُ عفواً وتُكْشَفُ فيه الكُرَبْ
بهِ عَرَفَتْ ثاقباتُ النّجوم / عورةَ تدبيرها المضطرِبْ
فأقلعَ كَيوانُ عن كيدهِ / وبضهْرامُ عن فتكهِ والشَّغَبْ
وثابتْ على يَدِكَ السّائراتُ / ذواتُ ذَوائِبِها والشّهُبْ
من الحظِّ يُرزَقُهُ وادعٌ / ويُحرمُهُ جاهدٌ بالنَّصَبْ
وهَبْتَ لها خطرةً من نُها / كَ يُبرئُ فيها الهَناءُ الجَرَبْ
وكلٌّ بطاعَتِهِ مُذْعِنٌ / وكلٌّ على طَبْعِهِ قد غَلَبْ
قَليلٌ بينَنا رَجْعُ العِتابِ
قَليلٌ بينَنا رَجْعُ العِتابِ / كذلِكَ دأبُ أيّامي ودَابي
عسى صَبْري على نُوَبِ اللّيالي / يُليّنُ من خَلائِقِها الصِّعابِ
فزعتُ إلى جميلِ الصّفحِ عنها / ولم أفزعْ إلى ظُفُري ونابي
وقد ذهبَ الوَفاءُ فلسْتُ أرجو / وفاءَ مصاحبٍ بعد الشَّبابِ
أأزْمَعَ سَلْوَةَ أمْ بانَ غَدْراً / فإنّ الغَدْرَ من شيمِ الذّئابِ
وكنتُ إذا نَبَتْ بهَواي أرضٌ / يَسُلُّ السّيرُ عَضْباً من ثيابي
لَبيباً حين تَخْدَعُني فَلاةُ / رَقوصُ الآلِ ساحرةُ السَّرابِ
وقَطّاعَ القرائنِ كلَّ يومٍ / على البيداءِ مُنْدَلِقَ الرّكابِ
أعِفُّ إذا المَطالِبُ أعجَبَتْني / ولا يَبْقى الحَياءُ مع الطِّلابِ
ولو كان الشّرابُ يجر منّاً / إذاً لصددْتُ عن بَرْدِ الشّرابِ
صَميمُ سَجيّةٍ يُعْطيكَ هَوناً / كما يُعطى على شَدِّ العِصابِ
يُحكِّمني الصّديقُ أرادَ ظُلماً / فأحكمُ للعدوِّ ولا أُحابي
وأعشَقُ كلّ ممتعضٍ أبيٍّ / يَفِرُّ إلى الحِمامِ من السِّبابِ
إذا شَبّهْتُهُ بالغَيثِ جُوداً / ونصلِ السّيفِ عزكَ في الخِطابِ
وما كلُّ الصّرامةِ في المَواضي / ولا كلُّ السّماحَةِ في السّحابِ
أقولُ لدَهْرِنا وله مقالٌ / لشيءٍ ما سكَتَّ عن الجَوابِ
تَعرانا النوائبُ عن خُطوبٍ / قَطَعْتَ بها القُلوبَ وأنتَ نابِ
فقد ركبتكَ خيلُ أبي شُجاعٍ / بضَيمٍ لم يكنْ لكَ في الحِسابِ
فتىً كشفَ المَشارِبَ عن قَذاها / وفتّحَ في المكارمِ كلَّ بابِ
وأمهلَ عثرةَ الجاني أناةً / يُقَدّمُ زَجرَهُ قبلَ العِقابِ
به عرفَتْ بصائرُ كلِّ أمرٍ / وقوعَ الحزْمِ منها والصّوابِ
ومُظلمةٍ من الغَمَراتِ يُغني / عن الآراءِ فيها والصِّحابِ
مُهَجَّرةَ الصّباحِ يكونُ منها / مقيلُ الموتِ في ظلِّ العُقابِ
أُعينَ بكلِّ مُشْعَلَةٍ تلَظّى / إلى الأعداءِ طائِشة الحِرابِ
وفتيانٍ يَهُزُّ الركضُ منهمْ / أنابيباً تَدافَعُ في الكِعابِ
نَسوا أحلامَهم تحتَ العَوالي / ولا أحلامَ للقَوْمِ الغِضابِ
إذا كانتْ نُحورُهُمُ دُموعاً / فما مَعْنى السّوابغِ في العِيابِ
تُتَيّمُهُ البلادُ وكُلُّ أرضٍ / له بلقائها فَرَحُ الإيابِ
أُؤَمِّلُ حُسْنَ رأيكَ في اصطِناعي / وحُسْنُ الرّأيِ من جُلِّ الثّوابِ
وأرجو من نَداكَ الغَمر بَحْراً / سَفيهَ الموْجِ مَجْنونَ العُبابِ
وما استبطأتُ كفَّكَ في نَوالٍ / على عدواءِ نأيٍ واقْتِرابِ
ولو كان الحِجابُ لغيرِ نَفْعٍ / لما احتاجَ الفؤادُ إلى حِجابِ
وكنتُ وبيننا كُرْمانُ أقضي / على طمعِ العِدى لكَ بالغِلابِ
وأرقبُ في العَواقبِ منكَ يوماً / عليلَ الشّمسِ مُحْمَرَّ الإهابِ
بأملاكِ الطّوائفِ منهُ ذُعْرٌ / يُقلّمُ بينَهم حَسَكَ الضّبابِ
ووصلُ ضَرورةٍ لا وَصْلُ ودٍ / مَعانقَة المعبَّدةِ الحِرابِ
رأيتُ الناسَ حينَ تَغيبُ عنهُمْ / كسارٍ في الظّلامِ بلا شِهابِ
هُمُ زَرْعٌ يَحُلُّ نَداكَ منهُ / مَحَلَّ الماءِ منه والتّرابِ
فليتَ صَبابةَ النقْعَيْنِ تُبْنى / فتخبِر عنكَ بالعَجَبِ العُجابِ
وأنتَ تعلّمَتْ منكَ المَواضي / هُبوبَ الأريحيّةِ في الضِّرابِ
فإنّ اللهَ لم يَسْلُلْ حُساماً / سِواكَ على الجَماجمِ والرِّقابِ
لا ماء عندي لَها ولا عُشُبَا
لا ماء عندي لَها ولا عُشُبَا / انْ لم تَدعْ كل مَارِنٍ ذَنَبَا
دَأبُ المَهارى ودأبُنا أَبداً / أَو يَتَقَطَّعْنَ خلفها عُصَبَا
اِنَّ عَدِيّاً عَدوا عليكَ وسا / موكَ قَبولَ الهَوانِ فالهَربَا
غَرُّوكَ فاستَبدِ لي بهم بَدَلاً / يَعرِفُ عِرنينُ وجهِهِ الغصَبَا
خُطَّةُ ضيمٍ قد سُدَّ مطلعُها / اذا أتاها غيرُ الجموحِ كبَا
يا نَفرةً خالطتكَ لا يَملِكُ ال / جاذبُ طُغيانَها اذا جَذَبَا
عجبتُ لما عَصيتِ أَمرهُمُ / كيفَ أَطَعْتِ الزمامِ والقَتَبَا
أَيَّ فتىً تحملينَ لا يعلمُ النْ / اسُ ولا تعلمينَ ما طلبَا
قاسٍ على نبوةِ الخُطوبِ فما / يَرحَمُ الا من خَافَ أو رَغِبَا
مِنْ أَبصرِ الناسِ بالمطامعِ لو / كانَ الى الرزقِ يَبتغي سَببَا
هل هي الا العروضُ زَاهية / تَفنى وتُبقي الأعراضَ والحَسبَا
ما لي اذا ما تركتُ منزلةً / غردَ فيها الحَمَامُ أَو طَربَا
وما على شَجوهِ وحُرقتهِ / عاتبتُ يوماً فقلتُ قد عَتَبَا
أَستغفرُ اللهَ لا أَلومُ فَتَىً / عَذَّبَ في الحبِ قلبَه وَصَبَا
انْ عَذُبَتْ عندَهُ مَرارتُهُ / فانما يُستَلَذُّ ما عَذُبَا
ليتَ الذي لا يزالُ يُنكِرُني / يَسأَلُ عني من لانَ أَو صَعُبَا
من غيرِ ضَعفٍ وغيرِ مَنْقصَة / أُعطي ولا آخذُ الذي وَجَبَا
وما ثَنائي الاَّ لمحتجبٍ / يرفع بَيني وبينَه الحُجبَا
فالدهرُ من غيرِ أَنْ أُغاضبه / يَزْعُمُ أَني مَلأتُهُ غَضَبَا
لا يَتعاطى سَعى العَلاءِ أَبي / سعدٍ نجيبٌ الاَّ كَبا وَنَبَا
يا راحةً في الرهانِ يُحرِزُهَا / عفواً اذا الربوُ أَحرزَ التَّعبَا
يَلُذُّ فيها الحسودُ زفرتَه / كما يلذ المُمَاعِكُ الجَرَبَا
جَزلُ العَطَايا لولا بَدائِعه / في الجودِ كنا لا نعرِفُ العَجَبا
نلقُطُ حبَّ الجُمانِ من فيهِ انْ / قالَ ومِنْ راحتيهِ انْ كَتَبَا
لحظٌ كوقعِ السهامِ يستعملُ الرْ / رُعْبَ ولفظٌ يستوعبُ الخُطَبَا
لا يَستَعيرُ السُّرورُ بَهْجَتَهُ / ولا تَراهُ للرزءِ مكتَئِبَا
مختلطٌ بالصِّحَابِ ممتزجٌ / اذا تحاميتَ جِدَّهُ لَعِبَا
لا يمنعُ البِشرُ من مهابتِهِ / كالسيفِ يُخفي فِرِنْدُهُ العَطَبا
عَرّضْ لنا مازِحاً بمبسَمِهِ / انَّ لنا في ابتسامهِ أَربَا
كالغَيْثِ لا يصدُقُ المخيلَةَ أَو / يَختلِبُ البرقُ ماءَهُ خَلَبَا
أَبلغ اذا جئتَ فارساً وبني ال / أَصفرِ عنّي وأَبلِغِ العَرَبَا
من قَرُبَتْ دَارُهُ ورؤيتُهُ / وَمَنْ نأَى في البلادِ واغتربَا
أَنّي تَخيَّرتُ للاباءِ فَتىً / تَخَيَّرَ المكرُمَاتِ والرُّتَبَا
كالليثِ لا يقصف الوعيدَ لمن / عادى وانْ هم بالرَّدى وثبا
للهِ مَولى طَلَبتُ نائِلَهُ / فَراحَ يهتزُّ للندَى طَرَبَا
لا تاركٌ حَظَّ يومِهِ لِغَدٍ / ولا على العيشِ يأمنُ النوبَا
يَعلم أَنَّ الفَتى يكون لَهُ / ما نالَ من مالهِ وما وهبَا
لا تَغبِطَنْ جَامِعاً لِثَروتِهِ / ولا لَئِيْماً بعِرضِهِ كَسَبَا
يَعَافُ كأسَ الردى ويشربها / لو أنه عائفٌ لما شَرِبَا
وفَى لعَمري وحاطَ ذمتَه / ماضٍ اذا سَلَّ سيفَه ضَرَبَا
نالَ بأدنى فِعَالِهِ قُحَم ال / مجدِ فما سعيهُ لمنْ دَأَبَا
متى أَراهُ يقودُ أَرعنَ كال / طود برَيْطِ العَجَاجِ منتقبَا
تَخَالُ من فضَّةٍ أَسنَّتَهُ / يوماً ويوماً تَخَالُها ذَهَبَا
مُلتهباتُ الوميضِ قد خَلَعَتْ / على العَوالي من مائِها عَذَبَا
انّي لعتب الخَليلِ مُحْتَملُ / أَصدُقُ في حُبِّهِ وانْ كَذَبَا
لا أَحقِر النَّظرةَ السَّليمةَ في ال / وُدِّ ولا استقلُّها عجبَا
ولا أَرى طالباً لزلَّتهِ / خُلِقْتُ أقلي السؤالَ والطَّلبَا
أَحسُدُ قوماً عليكَ قد غلَبوا / وكلُّ مَنْ بَادَرَ المدى غلبَا
دنوا ولم ندنُ منكَ فاعتَقَدُوا / أمُاً رَؤُوماً عليهم وأَبَا
وكنتَ كالكَرْمِ من تكَرُّمِهِ / تَلْتَفُّ أوراقُهُ بما قَرُبَا
سَقَامٌ ما يُصَابُ له طَبيبُ
سَقَامٌ ما يُصَابُ له طَبيبُ / وأَيامٌ مَحَاسِنُهَا عُيُوبُ
ودهرٌ ليس يَقْبلُ من نَصِيْحٍ / كما لا يَقبلُ التَّأْدِيْبَ ذِيبُ
يُحَبُّ على المَصَائبِ والرزايا / فلا كانَ المُحِبُّ ولا الحَبيبُ
أَلا لا تَدْنُ من أَربي وخَالبْ / رجالاً يَستفزُّهمُ الخَلُوبُ
خَفِيتَ عليهم والسُّمُ يُخفى / مَرارةَ طَعْمِهِ العَمَلُ المَشُوْبُ
ومغرورٍ بوصْلكَ ليسَ يَدْري / متى يُدعى بِهِ ومتى يُجيبُ
يَظُنُّ العيشَ ليس يَضُرُّ يوماً / اذا ما سرَّ والبلوى ضُرُوبُ
نظرتُ فما أرَى الاَّ غَفُولاً / يَمُدُّ رَجَاءَهُ الطَّمَعُ الكَذُوبُ
أَبعدَ الأَريحيِّ أَبي شُجاعٍ / يُسَرُّ بعيشهِ الفَطِنُ اللبيبُ
وقد ملكَ البلادَ وما أَديرتْ / عليه الشّمسُ تطلُعُ أَو تَغِيبُ
رأَيتُ جنودَه لم تغن عنه / وقد جَعَلَتْ بوفرتها تَثُوبُ
دَعَاهُم وهي تَصْعَدُ في حَشَاهُ / فما نَفَعَ البعيدُ ولا القَريبُ
ولا ما جمَّعَتْ من كل وفرٍ / يداه والمنونُ لها نَصِيبُ
يَعِزُّ عليَّ أَنْ تَنْقَادَ طَوعاً / وأنتَ لكلِّ ما جَدَحُوا شَرُوبُ
يَرِقُّ عليكَ مَنْ قَدْ كانَ يَخْشَى / ذُبابَكَ انَّ ذا عَجَبٌ عَجيبُ
فما عَلِمَ المُنَجّمُ حين يَقضي / بِبُرئكَ ما تُجَمْجِمُهُ الغُيُوبُ
ولا عَرَفَ الطبيبُ دواءَ داءٍ / سَواءٌ أَنتَ فيه والطبيبُ
غَداةَ يقول انَّ السقمَ رَكضٌ / وانَّ البرءَ ممشاهُ دَبِيبُ
تَجرأتِ الحَوادثُ واستَطَالَتْ / علينا بعد فُرْقَتِك الخُطُوبُ
وَجَاهَدْنا العدوَّ فكلُّ يومٍ / علينا منه نائبةٌ تَنُوبُ
وما تنفكُّ تَسمعُ من غبيٍّ / مَقَالاً كانَ برهبه الخطيب
لعمر أبي لقد سكنت وقرت / قلوب كان يألفُها الوَجِيبُ
ونامت أَعينٌ كانَ التَّغاضِي / يريبُ جُفُونَها فيما يرِيبُ
عَرَفْنَ النومَ مَضْمَضَةً وَمَذْقاً / فقد أَلَوى بِهنَّ كَرىً غَرِيبُ
كرى يزدادُ فيه الطيفُ وهناً / ولا واشٍ عليه ولا رَقيبُ
كفى حُزناً بأنَّكَ كلَّ يومٍ / يَؤُوبُ الغائبونَ ولا تَؤُوبُ
بأَرضٍ صِرْتَ جارَ أَبي تُرَابٍ / بها وكلاكُما فيها غَريبُ
فلا سئمَ الغَريَّ وساكنيه / من الأنواءِ سَارِيَةٌ سَكُوبُ
تُفرقُها الشَّمالُ اذا أَراقَتْ / مَدَامِعَها وتَجمعهَا الجَنُوبُ
أُسَرُّ بأَنْ تجادَ عليكَ أَرْضٌ / عِظامُكَ تَحْتَ جامدِها تَذُوبُ
وأَفرحُ بالرياحِ ولا ركودٌ / يُحِسُّ به صَداكَ ولا هُبُوبُ
عسى اليومَ الذي غاداكَ منَّا / قريبٌ كلما يأتي قَريبُ
فَبعْدَكَ وُشِّيَتْ حُلَلُ المَراثي / وَعُطلتِ المدائحُ والنَّسِيبُ
وأُعفيتِ السَّوابقُ فاستَراحَت / ونامتْ بعدَ يَقْظَتِهَا الحُروبُ
جَيادُكَ في الرياضِ مُعَطَّلاتٌ / جَفَاهَا السيرُ بعدَكَ واللغُوبُ
فلا مضغ الشكيم لها قضيم / ولا شم الجنوب لها ذَنوبُ
وكنَّ بِمُعْضِلاتِكَ كلَّ يومٍ / على الأَعداءِ تجلبها الجَلُوبُ
تُقاد الى الركابِ مُجنَّباتٍ / وما لهوانهِ قِيْدَ الجَنِيبُ
وقد أكلتْ سنابكَهَا المَوامى / فلان المشيُ منها والدَّبيبُ
مقاعدُ فتيةٍ هجروا كَراهُمْ / الى أَنْ يُدرِكَ التِّرَةَ الطَّلُوبُ
أَحُرِّمتِ المضاجعُ أَمْ أُضِيعَتْ / أمِ الفتيانُ ليس لهم جُنُوبُ
كأَنهم على فِقَرِ المطايا / أَنابيبٌ تُساندُها كُعُوبُ
ذكرتُ فليسَ يُنْسِينيِكَ شيءٌ / وهل يَنْسَى تَجَارِبَهُ اللبِيبُ
على حينَ استلانَ القومُ مَسِّي / وأَعلنَ في وجوهِهم القُطُوبُ
وما لكَ من اباءِ الضيمِ حَامٍ / اذا لم يَحْمِكَ الأنِفُ الغَضُوبُ
أَلاَ يا عينُ فاحْتَفِلي عليهِ / وانْ قَرِحَتْ جُفُونُك والغُروبُ
ويا دُرَراً غَسَلْنَ سَوادَ عيني / كذاكَ بِلِمَّتي صنعَ المَشِيبُ
فان أَكُ قد جَزعْتُ وسُرَّ قَومٌ / بأَني للنَّوائِبِ مُستَجيبُ
فلي نفسٌ على الزفراتِ باقٍ / وصبرٌ ليس تفنيهِ الكُرُوبُ
وقد تَتَأَوَّدُ الصُّمُ العَوالي / كما يَتَأَوَّدُ الغُصْنُ الرَّطِيبُ
كَعُودِ النبعِ يُحْسَبُ فيه أَينٌ / وَتَحْتَ لِحَائِهِ متنٌ صَلِيبُ
بتاجِ الملَّةِ اقتَسَرَتْ دموعي / وأَسرعَ في تَجمّلِيَ النَحيبُ
حفظْتُ له يَداً خَطَبَتْ ثَنائِي / وَشُمُّ الهُضْبِ دوني والسُّهُوبُ
وقولُ الكاشِحينَ وقد عَصَاهُمْ / فتى يُصغي لقولك أو تُنيبُ
فَخَالَفَهُمْ معيدُ النَّفْثِ رَاقٍ / به وبمثلهِ خُدِعَ الأَريبُ
أُمورٌ لا يُخاطِرُ في هَواهَا / بِسَورَةِ عِزَّةٍ الاّ نَجِيبُ
لحا اللهُ حياً لا تزالُ حِرابُهُ
لحا اللهُ حياً لا تزالُ حِرابُهُ / هَواربَ من حزبٍ تَراها الى حِزْبِ
أَبِقْنَ فما يَرجِعْنَ الاَّ عواطِفاً / على كلِّ نَحْرٍ في السَّنوَّر أو قُلْبِ
وما تصنعُ الزغبُ القِصَارُ اذا نَزَتْ / مع الزابلِ الخَطَّارِ والصَّارمِ العَضْبِ
اذا ما سلاحُ المرءِ فارقَ كفَّهُ / أَضاعَ ولاقى عَزْبَ قومٍ بلا عَزْبِ
تحمل كردُ الشَّاذِجانِ أُمورَها / غُلاماً كغصنِ البانةِ الناعمِ الرطْبِ
ومشتقُّ عنَّازٍ من العنز في الوَغى / وجَدِّكَ ما اشتقَ الحرابُ من الحَرْبِ
ولكنَّ أشباحاً من البيضِ والقَنا / تُعادُ وتُبدي في المفارقِ والحُجْبِ
يقولُ تباشيرُ الغزالةِ راجَعَتْ / كِناسَ الدُّجى أَم بُدّلَ الشرقُ بالغرْبِ
رأَى الليلَ تَزْهَاهُ النُّجومُ وانما / رأَى قَارِيَات في رِماحِ بني كَعْبِ
وَمَبثُوثَةً سوم الجَرادِ كأَنَّها / لَوَاحِسُ يا جُوجٍ خَرَجْنَ من النَّقْبِ
روادفُ بالخَطّي أَيمانَ فِتْيَةٍ / تُناجزُ بَعْدَ السَّمْهَريةِ بالقُرْبِ
فَما راعَهُ غلاَّ وميضُ سَحَائِبٍ / تَصُوْبُ بمنهلٍّ من الطَّعنِ والضَّرْبِ
وقوم بهم يُستدركُ الفَوتُ عَنوَةً / اذا كانَ سَهلاً جاوزوهُ الى الصَّعْبِ
فهلا شَدَدْتَ الطَّرفَ يومَ تَعَرَّضَتْ / فوارسُ من أولادِ حُرْقُفَةِ الكَلْبِ
كِرامٌ رَحى قيسٍ تدورُ عليهمُ / وكل رَحى دارتْ تدورُ على قُطْبِ
حَسِبتُ طِعَانَ الغُرِّ آلِ مُقَلَّدٍ / طِرادَ بنى شَيْبَانَ في أثَرِ النَّهْبِ
وأوطَأَكَ البَغيُ المُضَللُ جَمْرَةً / نكَصْتَ لها يوم الهِياج على العَقْبِ
وجَوْثَةُ حيٍّ من يُردْها بكَيْدِهِ / يكُنُ حَتْفُهُ أَدنى اليهِ من الرُّعْبِ
فقولا له لا وَفَّقَ اللهُ رأْيَهُ / متى صَبَرَتْ كردُ الأَعاجمِ للعُرْبِ
أَأَغلِبُ هذا الدهرَ أَمْ هو غَالبي
أَأَغلِبُ هذا الدهرَ أَمْ هو غَالبي / وعزمي مَعي والمَشْرفيُّ مُصاحِبي
أَصُونُ ضُلوعي عن مُعَالجةِ الهَوى / وأَتركُهَا نَصبَ الرماحِ النَّواشِبِ
وما العِزُّ الاَّ قطعةٌ من خَلائقي / وما المَجْدُ الاَّ اِربةٌ من مآربِي
وتَزعمُ يا قلبي بأَنَّكَ صَاحبي / وأَنتَ سِنانٌ في الحَشا والتَّرائِبِ
فلولا الذي أَمسيتَ مَنزِلَ سِرِّةِ / سكبتُكَ ما بينَ الدموعِ السَّواكِبِ
لكَ الويلُ ما هذا التَمَلمُلُ والأسى / على اِثرِ مفقودٍ من العيشِ ذَاهِبِ
وما العَيْشُ الا سَدُّكَ الجوَّ بالثَّري / وَسَدُّ الثَّري بالمقرباتِ السَّلاهِبِ
وتَصْييرُ تِيجَانِ الجَبابرةِ الذرى / مقاعدَ أولادِ الاماءِ الحواطِبِ
شَرِقْتُ على دَارِ الحبيبِ بأَدمعي / وقد شَرِقَتْ أَطلالُها بالمَصَائِبِ
اذا لَعِبَتْ أَيدي الرياحِ بتُربِهَا / فَتَقْنَ فتيتَ المِسْكِ بينَ المَلاعِبِ
ألا يا خليلَ القلبِ دونَ حِجَابِهِ / خَليلُكَ لا يَلقى هَواكَ بحَاجِبِ
أَعنّي بسيفٍ أَو بعُذرٍ تَقُولهُ / والا فأَنتَ اليومَ عونُ النَّوائِبِ
تقولُ ليَ الأيامُ خَوَّلْتُكَ الغِنَى / وهلْ أَنا آخذْ مِثْلُ واهِبِ
أُشرِّفُها بالأَخذِ منها لأَنَّهُ / يُشَرِقُنِي في أَخْذِهِ كلُّ راغِبِ
أَعُدُّ نُجُومَ الليلِ والرملَ والحَصَى / ولكنني أَعيا بِعَدِّ العَجَائِبِ
زَماني زَمانٌ قَدْ زَمِنَّ صُروفُهُ / بصَبري فما يطلُبنَ غيرَ مَطَالِبي
تَعَوَّدَ منَي كلَّما جَر نكبةً / تلقيتُها من صَرفِه بالمَرَاحِبِ
كما يتلقَّى صاعدٌ مُسْتَميحهُ / والا كما يلقي صُدورَ الكتائِبِ
فتَى الجُودِ لا تَسْأَلْهُ نَزْراً فانَّهُ / يَرى البَحْرَ لا يكفي عَطاءً لِشَارِبِ
يَجُود بما يُعطيك أَرضكَ كلها / فتحسَبه أَعطاكَ بعضَ السَّحَائِبِ
وما مرَّ يومٌ لم تعانقْ سيوفُهُ / نُحُورَ الأَعادي أَو نُحورَ الركائِبِ
أُبايعُ في أَقلامهِ كلَّ حَاسِدٍ / يقيس شَبَاهاً بالمَنايا الشَّواعِبِ
فانْ لم تكن أَمضى من الموتِ في الوَرى / فقلتُ العَوالي مثلُها في المَناصِبِ
ذكرتُكَ لما أَنكرَ السيفُ جفنَه / وجرَّرَ ذيلَ الحَربِ فوقَ الغَواَرِبِ
وهل أَنتَ الاَّ الهُندُ واني لاتَني / مضَاربُه مَشْغُوفةً بالضَّرائِب
وَبَحْر دَمٍ هامُ الرجَالِ حُبَابُهُ / وخيلُهم في لُجةٍ كالمَراكِبِ
ترفعُ شُرعُ الموت في جَنَباتِهِ / اذا ارتفعتْ فيه رياحْ القَواضِبِ
وَيَغْرَقُ في تَيَّارهِ كلُّ سَابِحٍ / أَقمتَ به الاقدامَ عندَ التَّضَارُبِ
ويوم عليهِ للكلامِ تلاطُمٌ / تلاطمُ موج اللجَّةِ المُتَراكِبِ
طعنتَ بفصلِ القولِ فيه كأَنَّما / طعنتَ بصَدْرِ الرمحِ قلبَ المُخَاطِبِ
أَلستَ من القوم الذينَ أكفهم / أَحدُّ من البيضِ الرقاقِ المَضَارِبِ
تَخِرُّ الجبالُ الشُّمُ عند ندَائِهم / وتقصُرُ عن أَعناقهم والمناكِبِ
فلا تَجْعَلَنّي كالذينَ رَأَيتَهم / وَمَنْ يَجْعَلُ الأَقدامَ مثلَ الذَّوائِبِ
اذا أَبصروني نكَّسوا فكأنَّما / شواربُهم مَضْفُورةٌ بالحَواجِبِ
أَعيذُكَ مِنْ مولىً بطيءٍ عن النَّدى / سريعٍ الى دَاعي الطعامِ مُكالِبِ
أَما ينتهي من أَول الزَّجرِ جاهِلٌ / اذا هو لم يُضرَبْ فليس بتائِبِ
وكنتُ اذا لم أُدْعَ للوِرْدِ لم أَرِدْ / ولو شَرِبَتْ روحي زُقَاقَ المَشَاربِ
أَبى ذاكَ عِزٌّ طالما وصلَ العُلا / وقطَّع غيظاً في صدورِ المعائِبِ
وانكَ لو أَبصرتَني متبسماً / أكرُّ على الأَيامِ من كل جانِبِ
رأَيتَ فتىً سُمُّ الأَفاعي شَرابُه / ومطعَمُهُ أطرافُ شَوكِ العَقَارِبِ
جليداً على ريبِ الزمانِ وصرفهِ / بصيراً بأَدواءِ الخطوبِ الغَرائِبِ
كتمتُ مقالَ الشعرِ حتى أضرَّني / وظنَّ المُعادي ظَنَّ كِسرى بحَاجِبِ
فانْ لم يكُنْ الاَّ التشهرُ باسمِهِ / فهذا أَوانُ الطَّالِعَاتِ الثَّواقِبِ
سَأَبعَثُ في أرضِ العِراقِ قصيدةً / يُصَلَّى الى أَبياتِها في المَحَارِبِ
يُعَوّلُ عُلاَّنُ عليها ومَعْمَرٌ / بما جَمَعَاهُ في كتابِ المَثَالِبِ
باسماعِ أَملاكِ الطوائفِ وَقْعُهَا / يَشُدُّ على هاماتهم بالعَصَائِبِ
عصيتُ القوافي وهي جِدُّ مُطِيْعَةٌ / وَقُمتُ على حَدٍّ من الحَقِّ لاحِبِ
أَشاوِرُ قَلباً فيكَ لو شاءَ عزمُهُ / وَقُمتُ على حَدٍّ من الحَقِّ لاحِبِ
وقبلكَ ما التفَّتْ عليَّ ربيعةٌ / ببيضِ المَواضي والوجوهِ الشَّواحبِ
فاعرضتُ عن زلاَّتها وَمَنَحْتُهَا / فصاحةَ عبد الوُدِّ رَبٍّ التَّجَارِبِ
وقلتُ اذا كاتَبْتم الرومَ بعدهَا / فَشدُّوا أَواخي كتبكم بالكَتائِبِ
سَرى الليلَ طَلاَّبُ الذحولِ ولا أَرى / طلابكم الاَّ انتظارَ العَواقِبِ
فلما أَبوا الاَّ الخلافَ تركتهم / وأُسدُهم مأْسُورةٌ للثعالِبِ
فمن مبلغ آلِ المهلبِ أَنَّني / أَلفتُهم في المجدِ اِلفَ الحَبائِبِ
فآليتُ أَلاَّ أَمدحَ الدهرَ غيرَهم / ولو عَرَضَ الأقوامُ لي بالرغائِبِ
هم سلَّموا دهري اليَّ فَشِلْوُهُ / لقاً بين أَنيابي وبينَ مَخَالبي
أُمزِّقُهُ ما مزَّقَتْني صُروفُهُ / وآخذُ منه ثَارَ كلِّ مُطَالِبِ
كيفَ العَزاءُ وأَينَ بابُهْ
كيفَ العَزاءُ وأَينَ بابُهْ / والحيُّ قد خَطَفَتْ ركابُهْ
بأَعزَّ منتَقِبٍ يَنِمْ / مُ على مَحَاسِنهِ نِقَابُهْ
كالبدَرِ في فزعٍ يَشِفْ / فُ كما يِشِفُّ به ثِيابُهْ
مُتَأَودٍ حُلْو الشَّمَا / ئِلِ من أَسَاوِرهِ حِقَابُهْ
زَعَمَ المُخَبِّرُ أَنَّهُ / ضُرِبَتْ على سَلَعٍ قِبَابُهْ
فطلبتُم كالأَيم أَو / كالسَّيْلِ في الليلِ انسِيَابُهْ
فاذا أَحَمُّ المقْلَتي / نِ يشينُ أَنملَه خِضَابُهْ
يَهتزُّ مثلَ السَّمهَريْ / يِ تَدَافعتْ فيه كِعَابُهْ
وقفَ الولائدُ دونَهُ / كالقلب يَسْتُرهُ حِجَابُهْ
أَقبلتُ أَسأَلُهُ وأَعْ / لَمُ أَنَّ حِرماني جَوَابُهْ
وَيلي على مُتلوّنِ ال / أَخلاقِ يُعجِبُهُ شَبابُهْ
لا رُسْلهُ تَتْرى اِلي / نا بالسَّلامِ ولا كتابُهْ
وعَلِمتُ أَنَّ هَواهُ أَقْ / صَرُ مذ تَجنبنا عِتَابُهْ
وفتى ظَفَرت بِوِدِّهِ / تَحْظَى بصحبتهِ صِحَابُهْ
حَسَنُ الفكاهةِ باسِمٌ / غِبَّ السُّرى حُلوٌ لُعَابُهْ
ماضي العَزيمةِ ما تُرى / اِلا على شَرَفٍ رِكابُهْ
ويلوحُ بالفقَر البيا / تِ كما يلوحُ به سَرابُهْ
للهِ دَرُّ أبي سَعيد / دٍ يومَ يُعْجِزُنا ثَوابُهْ
ألقَاؤُهُ الطَّلْقُ البَشَا / شَةِ يسترقُكَ أَم خِطَابُهْ
زانَ السَّماحَةَ بِشْرُهُ / وأَعانَ منطقَه صَوابُهْ
وَدَفَعْتُ منه في سَوَا / دِ الخَطْبِ ثَقَّاباً شِهابُهْ
كطلاوَةِ السَّيفِ المُهَنْ / نَدِ تَطْبِيَيْكَ كما تَهابُهْ
مُسْتَغنياً عن صَاحِبِ / ما دامَ يصحبُه ذُبَابُهْ
ما يُسْتَدلُّ على مآ / رِبِهِ ولا يُدرى طِلابُهْ
غَلَبَ الرجال على طَري / قِ الحَزْمِ لما سُدَّ بابُهْ
وَرأَى الذي لم يُبْصرو / هُ وحالَ دونهم ضَبَابُهْ
يتناذرونَ زئيرَ لي / ثٍ من سِوى القَصْباءِ غابُهْ
بمقصَّفاتِ النَّبلِ وال / خَطيِّ يسْتَدْفي اِهَابُهْ
فالآنَ ليسَ يروعني / صَرفُ الزَّمانِ ولا انِقلابُهْ