المجموع : 35
حسْبي من اللهو وآلات الطربْ
حسْبي من اللهو وآلات الطربْ / ومن ثَراءٍ وَعَتَادٍ ونَشَبْ
ومن مُدامٍ ومَثَان تصطخِبْ / وهمَّةٍ طامحةٍ إلى الرُّتَبْ
مجالسٌ مَصونةٌ عن الرَّيَبْ / مَعْمورةٌ من كل علم يُطَّلبْ
تكادُ من حرِّ الحديث تلتهبْ / شعراً وأخباراً ونحواً يقتضبْ
ولغةً تجمع ألفاظَ العربْ / وفقراً كالوعد في قلب المُحِبْ
أو كَتَأَتّي الرزقِ من غير طلبْ / نَعَمْ وَحَسْبي من دُوِيِّ تُنتخَبْ
مُحَلَّياتٍ بِلُجَيْنٍ وذهبْ / مِحْبَرَةٌ يُزهَى بها الحِبْر الأَلَبْ
مثقوبةٌ آذانها وفي الثُّقَبْ / مثل شُنُوفِ الخُرَّدِ البيض العرب
تضمن قطراً فيه للكُتْبِ عُشُبْ / أَسْودُ يجري بمعانٍ كالشُّهُبْ
لا تَنْضُبُ الحكمة إلا إن نَضَبْ / نيطَت إلى يسرى يدي بسببْ
كالقُرْط في الجيد تَدَلّى واضطربْ / تصحبُها والأخواتُ تصطحبْ
كِنانَةٌ تودع نَبْلاً من قصب / لم يَعْلُها ريشٌ ولم تُكْسَ عَقَبْ
لا تَضْحكُ الأوراقُ حتى تنتحِبُ / ترمي بها يُمناي أغراضَ الكتبْ
رمياً متى أقصد به السَّمتَ أُصِبْ / ومدية كالعضْب ما مس قضبْ
غَضَبِي على الأقلام من غير سببْ / تسطو بها في كلّ حين وتَثِبْ
وإنما ترضيك في ذاكَ الغضبْ / فتلك آلاتي وآلاتي تُحَبْ
والظرف في الآلات شئ يستحبْ / لا سيَّما ما كان منها للأدبْ
ضَرَبٌ في ارتشاف ذاك الرُّضابِ
ضَرَبٌ في ارتشاف ذاك الرُّضابِ / خُلَّبا كان برقُ ذاك السحابِ
يا مَهاةَ الفلاةِ يا عِرْضَةَ الأع / راض يا عَذْبَةَ الثنايا العذابِ
أمِنَ العدلِ أنَّ من سوف يقضى / فيكِ نحباً وَكَّلْته بانتحابِ
كيف يصحو نشوان خمر الثَّلِثَيْ / نِ وخمرِ الهوى من الإِطْرابِ
ومن الحين أن غزلانَ رملٍ / صائداتٌ باللحْظِ آسادَ غابِ
في رِياض الجمالِ يأخذن ما شئ / ن من الجُلَّنار والعنابِ
وأبى حبُّها يمينُ أخي الح / بِ لقد جاوبَتْ سريعَ الجوابِ
لَوْذَعِياً أمضَى من السيفِ في الرَّوْ / ع وأذكى في ظُلْمةٍ من شهابِ
اغْضَبِي إن أردب وارضَيْ فعندي / عَزَماتٌ مثلُ السيوفِ القضابِ
لستُ ممن يقول إنَّ الغِنَى تُدْ / رَكُ أسبابُه بلا أسبابِ
فالتَّداني من التَّنائي وما الرا / حةُ إلا في الكدِّ والإتعابِ
فابْشِري وَلْتَنَلْ بشارتُك الرِّك / بَ فهذا أوانُ حَلِّ الرِّكابِ
بفناءٍ كأنما انتظَمَ الده / رُ عليه وانحلَّ عقدُ السِّخابِ
وكأنَّ الخطوبَ خوفاً تواصَت / بينَها باجتنابِ ذاكَ الجَنَابِ
فيه سَبْطُ البناتِ من آل إبرا / هيم صعب المَرام سَهْلُ الحِجابِ
لم يُعَلِّلْ نصيبَهُ من مَعَالي / جدِّه يَعُرب الكريمِ النِّصابِ
يُعجَبُ الناسُ أنه أَفْضلُ النا / سِ عُلاً وهو غيرُ ذي إعْجابِ
وَكَثيرٌ حياؤُه والعَطَايا / يَتَبَرَّجْن مِنْهُ للخطَّابِ
لو تبحَّرت جُودَةُ تَحَسِبْتَ ال / بَحْرَ في صدرهِ الرّحيبِ الرّحابِ
أَغْربَتْ في النّدَى سَجاياهُ قِدْماً / فدعوناهُ طالب الطُّلابِ
شَرَفٌ كيف ما تصفَّحْتَ صافَحْ / تَ عليه ديباجَةَ الأحْسابِ
مثلَ بَيْتِ الله الذي أينما وجْ / هت وجهاً فأَنْت في مِحرابِ
وحكيمُ الزمان لم يُؤت عند ال / خَطْب من حكمةٍ وفَصْلِ الخطابِ
في يَدَيْ رأيه من الفِكْر مِرْآ / ةٌ تُرِيه الحِجَا بغير حِجابِ
ما رأَتْهُ الخُطُوب أَطْرَقَ إلاَّ / نَكَصَتْ خيفةً على الأعْقابِ
ورياضُ الجَمَالِ في وجهِهِ تُغْ / ذَى بماءِ العُلا وماءِ الشَّبابِ
وكأنَّ الظلامَ والنورَ طَيْفا / ةُ غَداةَ الإرْغَابِ والإرْهابِ
خُضْتُ منه بحر النَّوالِ وأهديْ / تُ إليه دُرَّ الكلامِ العجابِ
كلُّ بيتٍ أَعَمُّ طِيباً وأذْكى / أرْجاً من تنفُّسِ الأحبابِ
يا أخا المجد يا أبا الحسن المح / سن في فادح الخُطوبِ الصعابِ
والكريمُ الذي على كَرمِ الأخ / لاقِ منه مُعَوّلُ الآدابِ
إنا إن لم تَرَ التجوُّزَ في الحك / م وأَنْصَتَ أوّلُ الأصحابِ
والشريفُ الذي يرى بَيْنَنَا الآ / دَابَ أدْنى قرباً من الأَنْسابِ
مِدَحي ما حَييتُ تَتْرَى وإن كا / ن اعتقادي زيارةُ الإِغْبابِ
فاستمِع لي هَنِيتَ شاميَّةَ الألْ / فاظ حُسناً نجديَّةَ الإعْرابِ
بِنْتَ فكرٍ كِسوتها حلل الصِّد / ق فكادت تكونُ أمَّ الكتابِ
وَصَبُ الهوى ما كان من أوصابه
وَصَبُ الهوى ما كان من أوصابه / لولا طُرُوقُ خياله المُنْتابِهِ
يأبى وقد حسر الصباح لِثامَهُ / إلا تحية ركبه ورِكابِهِ
خُلوه يندب شجوه فلعله / يشفى الذي نَكَأْتَه من أندابِهِ
وتعجَّبْتُ بدمٍ ولوْ / تركت له دمعاً إذاً لبكى بِهِ
ما أَنْصَفَتْه يكون من أعدائِها / في زُعْمِها وتكونُ من أَحْبَابِهِ
وهي التي قالت لجارةِ بَيْتِها / قولاً دموعي كُنَّ رَدَّ جوابِهِ
ما كان ينفعُهُ لدى شبابهِ / فعلام يُتعب نفسَهُ بِخَضابِه
وعجبتُ منه يعود بعدُ إلى الهوى / فكأنَّ عذباً كان طعمُ عذابِهِ
غُصُنٌ من البان انثَنى وجناتُه / عن ورده واهتزّ عن عنابِهِ
وكأنما خَلْخالُه وَسِوارُه / صَمَتَا لنُطق وِشاحه وحِقابِهِ
وكأنما ضن الحُسَيْنُ بعِرْضِه / يومَ التفرُّق ضِنَّه بسحابِهِ
أَسَدٌ وَبيضُ الهند من أَظْفاره / صِلٌّ وسُمر الخَطِّ من أنْيابِهِ
تَلْقَى الملوكُ الصيدَ حول رِواقِهِ / للإذن أو زُمَراً على أبوابِهِ
يحوُون بين جلوسه وركوبِهِ / شرفاً بِلَثْم بساطه وركابِهِ
أبناء معتصَبٍ بجوهر تاجه / متلفّع برداءِ ظلِّ عُقَابِهِ
فإذا رَمى هدف الخطوبِ فإنما / في رقعة البُرْجاس سَهْم صوابِهِ
والملكُ يعلم حين غاب بأنه / ما غاب عنه غيرُ ضَيْغَمِ غابِهِ
ألقى أزمَّتَهُ إلى تدبيره / لما رأى طَبًّا بقوْدَ صعابِهِ
فكأنما هو مُحرم في حُلَّةٍ / لِعَفَاف شِيمته وطُهر ثيابِهِ
وافى فصدَّقَتِ الظنونُ ونُضّت / كُرَبُ القريضِ له وكان لِما بِهِ
في زجرِ فالٍ بان صادقُ وعده / وطلوع سعد لاح ضوء شِهابِهِ
أتت البشارة قصره بقدومه / فَعَلاَ سُرور صُحونه وقِبابِهِ
واختال فيه فوَدَّ تِبْرُ سُقوفه / لو أنه بمكان ثوب رحابهِ
حسداً على ما مس من أذياله / في مشيه واشتم من هُدَّابهِ
وارتاح مجلسنا إليه فلم يُعج / في صدره إلا على محرابهِ
بسجودِ مقبُولِ السجودُ مثابه / ودعاءِ مسموعِ الدعاء مُجابِهِ
لي في ذمامك حرمةٌ قد أكدت / سبباً يراه المجدُ من أسبابِهِ
علمت عهدك أن يصعّر خده / كبراً وأُبّهة على أصحابِهِ
بمواهبٍ ضاعفن من أموالِه / ومذكراتٍ زِدْن في آدابِهِ
وكسوتَه بالميل ثوب مناقب / تبقى عواقبهن في أعقابِه
فمتى تطلب أن يقوم بشكر ما / أو ليتَ أتعبَ نفسه بطلابِهِ
معلنةُ الأوتار صخابة
معلنةُ الأوتار صخابة / لها حنينٌ كحنين الغريبْ
زادت على المزهر طيباً وقدْ / تاهت على النّاي بخَلقٍ عجيبْ
مَكْسُوّةٌ أحشاؤُها حلةً / من جلد أحشاء غزالٍ ربيبْ
كأنما تسعةُ أوتارها / نصبن أشراكاً لصَيْدِ القلوبْ
مذبةٌ تهدى إلى سيّدٍ
مذبةٌ تهدى إلى سيّدٍ / ما زال عن كل ولي يَذُبْ
طريفَةٌ لم يخْلُ من مثلِها / مجلسُ ذي ظرْفٍ ولا ذي أَرَبْ
ناصيةُ الأدهم في عُودِها / لم تك من عُرْفٍ ولا من ذَنَبْ
وذاك فالٌ إن تأملتَهُ / لما تُرجّى من نواصي الرتَبْ
لطيفةٌ تجمعُها حليةٌ / مُذْهَبَةٌ في قائمٍ منتخَبْ
كأنها في ظهر مجدولةٍ / ذؤابةٌ أنبوبُها من ذَهَبْ
قليلةُ المقدار لكنها / أكثرُ منها أنها من مُحِبْ
عجبي ممن تعالت حالُه
عجبي ممن تعالت حالُه / وكفاه اللَّهُ ذلاّت الطلبْ
كيف لا يقسم شطريْ عمره / بين حالين نعيمٍ وأدبْ
ساعةً يمتع فيها نفسَه / من غذاءٍ وشرابْ منتخبْ
ودُنُوٍّ من دُمى هنَّ له / حين يشتاق إلى اللهو لُعَبْ
مرّةً جِداً وأخرى راحةً / فإذا ما غسق الليلُ انتَصَبْ
فقضى الدنيا نهاراً حقها / وقضى لله ليلاً ما يجبْ
تلك أقسام متى يعمل بها / عامل يَسعد ويَرْشد ويُصبْ
الحمد لله نال الناسُ حظهُمُ
الحمد لله نال الناسُ حظهُمُ / وأخطأتني مع استحقاقها الرُّتَبُ
وعاقَني عن طِلابِيها أُصَيْبَيةٌ / يأبى فراقهُمُ الإشفاق والحربُ
ولي قوادمُ لو أني جدفت بها / لأنهضتْني ولكن أفرُض زُغُبُ
وللمراتب أسبابٌ مبلِّغةٌ / كمالَها عنَّ من إدراكِها سَبَبُ
وما التعجُّبُ لو أني ظَفِرْتُ بها / بل في تنكُّبها اللاوي بها العجب
فإن يكن أدبٌ من رُتبةٍ عوَضاً / فقد قضى ما عليه العلمُ والأدبُ
جُدْ لي بِبَرْكارِك الذي صَنَعَتْ
جُدْ لي بِبَرْكارِك الذي صَنَعَتْ / فيه يَدَاً قينِهِ الأَعاجيبا
ملْتئُم الشفرتيْن معتدلٌ / ما شينَ من جانبٍ ولا عيبا
شخصان في شكلٍ واحدٍ قُدرا / ورُكّبا بالعقولِ تركيبا
أشبه شيئين في اشتباكِهما / بصاحبٍ ما يُمل مصحوبا
أوثق مِسمارُهُ وغيِّب عن / نواظر النّاقدينَ تغييبا
فغين من تجتليه تحسبُه / في قالبِ الإعتيلِ مصبوبا
وضمُّ شطريه محكِمٌ لهما / ضمٌّ محبٍّ إليه محبوبا
يزدادُ حرصاً عليه مُبصرُهُ / ما زاده بالبنانِ تقليبا
فقوله كلما تأمَّلَهُ / طُوبى لمن كان ذالهُ طوبى
ذو مُقْلَةٍ بصَّرتَهُ مُذهبَةٍ / لم تألُهُ زينةَ وتَذْهيبا
يُنْظَر منها إلى الصّوابِ فما / يزال منها الصوابُ مطلوبا
لولاه ما صحّ شكل دائرةٍ / ولا وجدنا الحسابَ محسوبا
الحقُّ فيه فإن عدلتْ إلى / سواه كان الحسابُ تقريبا
لو عين إِقْليدسِ به بَصُرت / خرَّ له بالسُّجود مكبوبا
فابْعثه واجنُبْهُ لي بِمِسْطَرة / تُلْفِ الهوى بالثّناء مجنوبا
لا زلت تُجدي وتَجْتَدي حِكَماً / مستوهباً للصَّديق موهوبا
لا تظنين في بكاء النُّؤْى والطنب
لا تظنين في بكاء النُّؤْى والطنب / ولا تُحَيّ وجه الحيِّ من كَثَبِ
ولا تجد بغمامٍ للغميم ولا / تسمح لِسِرْب المها بالواكف السَّرِب
رَبْعٌ تعفَّى فأعفى من جوى وَأَسى / قلبي وكان إلى اللَّذّات مُنقلَبِ
سيانِ بان خليطٌ أو أقام به / فإنما عامرُ البيْداء كالخرِب
أبهى وأجملُ من ذكر الجمال ومن / إدمان ذكرِ هوىً يَهْوى على قَتَبِ
مَدُّ البَنَان إلى كأْسٍ على سُكرٍ / ورفْعُ صوتٍ بتطريبٍ على طرْبِ
حمراءُ إذْ جُلِيَتْ في الكأس نقَّطها / مزاجُها بدنانيرَ من الحَبَبِ
كم جدَّدت وهي لم تُغْضَضْ خواتُما / من الدُّهور وكم أبْلَت من الحِقَبِ
كانت لها أرجُلُ الأعلاج واترةً / بالدوس فانتصفَتْ من أرؤُسِ العربِ
يَسْقيكها مَرِسُ الخُمارِ بدرُ دجىً / ألحاظُهُ للمعاصي أوكد السببِ
يومي إليك بأطرافٍ مطرَّفَةٍ / لها خضابان للعُنّاب والعنبِ
تَسْبيك قامتُه إن قام يمزجها / موشَّحاً بصليبٍ صيغَ من ذَهَبِ
كم مرَّةٍ قلتُ إذْ أهدى تَدَلُّلُهُ / إليّ جِدَّ الردى في صورة اللّعبِ
يا ضاحكاً حين أبكاني تبسَّمُهُ / حقٌّ من الحب تُبْكيني وتضحكُ بي
أفدي التي كلّف الفؤادُ من أجلِها
أفدي التي كلّف الفؤادُ من أجلِها / بالعودِ حتى شفّى إطرابا
تاهَتْ بجمعِ صناعتَيْن وأظهرَتْ / كِبْراً بذاك وأُعْجِبَتْ إعجابا
قالت فضَّلتك بالغِناء وأنت لا / تَشْدو وكنّا مثلَكُم كتابا
فَعُنِيتُ بالأوتار حتى لم أدعْ / نَغَماً ولم أُغْفل لهُن حسابا
وأَلِفْتُها فأغار ذاك على يَدِي / قَلمي وعاتَبَها عليَّ عتابا
فجعلتُ للقرطاس جانِبَ صدرهِ / وجعلتُ جانب عجزه مِضرابا
ها قد كَتَبْتُ فما رَدَدْتَ جَوابي
ها قد كَتَبْتُ فما رَدَدْتَ جَوابي / ورجعْتَ مَخْتوماً إلى كتابي
وأتى رسولي مُستكيناً يشتكي / ذلَّ الحِجَابِ ونَخْوَةَ البوابِ
وكأنَّنَي بك قد كَتَبْتَ معذِّراً / فظلمتني بملامَةٍ وعِتابِ
فارجِعْ إلى الإنصاف واعلمْ أنَّه / أولى بذي الأَلْبَاب والأحسابِ
يا رحمةَ اللَّهِ التي قد أصْبحتْ / دون الأنام على سوْط عذابِ
بأبي وأمي أنت من مستجمعٍ / تِيهَ القِيان ورِقَّةِ الكتابِ
عَدِمتُ رياسة قومٍ شقُوا
عَدِمتُ رياسة قومٍ شقُوا / شباباً ونالُوا الغِنى حينَ شابوا
حديثٌ بنعمتِهم عهدُهُم / فليس لهم في المعالي نِصابُ
يَرَوْنَ التكبّرَ مُستصوباً / من الكبر والرأْيُ لا يُستَطابُ
فإن كاتَبُوا صادقُوا في الدُّعاءِ / كأنَّ دعاءَهُمُ مُسْتَجَابُ
لا أحبُّ الدواةُ تُخْشَى يَراعاً
لا أحبُّ الدواةُ تُخْشَى يَراعاً / تلك عندي من الدُّوِيِّ معيبهْ
قلمٌ واحدٌ وَجَوْدةُ خطّ / فإذا شئت فاستزِدْ أُنْبُوبَهْ
هذه قُعْدَةُ الشُّجاعِ عليها / أبداً سيرُهُ وتلك جَنيبَهْ
ومنْزِلِ قينةٍ سَهْلُ الجَنَابِ
ومنْزِلِ قينةٍ سَهْلُ الجَنَابِ / تضمَّنَ كُلَّ آنِسَةٍ كَعَابِ
غَذَتْهَا نِعْمَةٌ ولذيذُ عيشٍ / فأنبَتَ صدرها ثَمَر الشَّبابِ
فمن عوّادةٍ تَشْدو وأخرى / بِمَعْزَفَةٍ وأخرى بالرّبابِ
ومُحْسِنَةٍ موَقِّعةٍ بِطَبْلٍ / كَصَوْت الرَّعْد من خَلَلِ السَّحابِ
وشافِعَةٍ صواحبُها بناي / أَحَنَّ من الخليعِ إلى التَّصابي
وراقصَةٍ على كُرَةٍ وحَبْلٍ / كخطْف البرقِ أو لَمْعِ السّرابِ
ركبتُ به مطايا اللّهْوِ حتى / حَطْنُ به مطَلّحَةً ركابي
فما بَقِيَتْ به عذراءُ إلاَّ / صَبَتْ نحوي وَهَامَ فُؤادُها بي
أُواصلُ هذه فَتَغَارُ هذي / وَتَعْتِبُ أو تُعرِّضُ بالعتابِ
وأخرى بينَنَا بالكُتُبِ تَسْعَى / مُكَاتمةً وتَرْجِعُ بالحَوابِ
فما إن رُمْتُه حتى تَوَلّى / بِذاتِ يدي وأوْدي باكتسابي
ورأيتُه في الطِّرسِ يكتُبُ مرةً
ورأيتُه في الطِّرسِ يكتُبُ مرةً / غلطاً يُواصِل محوَهُ بِرُضابِهِ
فوددتُ أنّي في يده صحيفةٌ / ووددتُه لا يهتَدِي لصَوابِهِ
لا تنْسَ وعداً بيننا قد اقتربْ
لا تنْسَ وعداً بيننا قد اقتربْ / واجتنبِ العُذْرَ ففي العُذْرِ العَطَبْ
وَعُجْ بنا والشرق مُبْيَضُّ العَذَبْ / نَسْعى إلى جَنَّةِ لَهْوٍ ولَعِبْ
حديقةٌ تُهدِي إلى النَّفْسِ الطَّرَبْ / قد جاءَ فيها الباقلاّءُ بالعَجَبْ
بهجةُ عَيْنٍ وشِفاءٌ للسَّغَبْ / يُخَالُ فيه النٌّورُ جَزِعا في سَخَبْ
أو بُلْقَ طيّرٍ وَقَعا على القُضُبْ / في ظلِّ سِدْرٍ مُثِمْرٍ داني الهَدَبْ
فيهِ لأنواعٍ من الطير صَخَبْ / إذَا الرِّياحُ زَعْزَعَتْ تِلْكَ الشُّعَبْ
أَهْدَى لنا بياذِقاً مِن الذَّهَبْ /
مَمْلُوكَةٌ تَمْلِكُ أَرْبَابَها
مَمْلُوكَةٌ تَمْلِكُ أَرْبَابَها / ما شانَهَا ذَاكَ ولا عابَها
قد سُمِّيَتْ بالضِّدِّ مَظْلُومَةً / وهِيَ التي تَظْلِمُ أحبابَها
لم أرضَ عَنْ نفسي مخافةَ سُخْطِها
لم أرضَ عَنْ نفسي مخافةَ سُخْطِها / وَرِضَى الفَتَى عن نفسه إغْضابُها
ولو أنَّني عنها رَضيتُ لقصّرَتْ / عما تُريد بمثِلهِ آدابُها
وتَبيّنَتْ آثارُ ذاكَ فأكثَرَتْ / عَذْلي فطالَ فيه عِتابُها
صرتَ يا عامِلَ البريد مَقِيتاً
صرتَ يا عامِلَ البريد مَقِيتاً / وقديماً إليّ كُنْتَ حبيبَا
كنتَ تستثقِلُ الرقيبَ فقدْ صِرْ / تَ علينا بما وَلِيتَ رَقيبا
شَنِئَتْكَ النفوسُ وانحرفَتْ عن / كَ قلوبٌ وكنتَ تَسْبي القُلوبا
أفلا يعجَبُ الأَنامُ لشَخْصٍ / صار قِرْداً وكان ظِبْياً رَبِيبَا
كثرّ الإحسانُ أعدا
كثرّ الإحسانُ أعدا / يَ فصبراً واحتِسَابَا
ما يعاديني إلاّ / كلُّ مَنْ عادَى الصَّوابا
زَعَمُوا أن افْتِنَاني / صار لي نقصاً وَعَابا
زادني اللَّهُ من الحِكْ / مَةِ حظًّا واكْتِسابَا