المجموع : 44
أَبا حَسَنٍ أَحْسَنْتَ بَدْءًا وعَوْدَةً
أَبا حَسَنٍ أَحْسَنْتَ بَدْءًا وعَوْدَةً / وحَسَّنْتَ فعلاً جِيئةً وذَهَابا
وما أَنا إلاَّ خادِمٌ لَكَ رِقُّهُ / وإِنْ كنت حُرَّ الوالِدَيْنِ لُبابا
وقد غَيَّبَتْنِي عَنْ عُلاكَ عوارِضٌ / رَمَتْنِي بسهمٍ للخطوبِ أَصابا
وغيرُ عجيبٍ أَن أُوافِيكَ مجرماً / أَتيتُ وأَرْجُو في ذَرَاكَ مَتَابَا
فأَسْأَلُ رَدَّ العَفْوِ منك تَفَضُّلاً / فَحَسْبِيَ كَوْنِي غِبْتُ عنكَ عِقابا
عَلَيْكُمُ جَانَبْتُ أَصْحَابِي
عَلَيْكُمُ جَانَبْتُ أَصْحَابِي / وفيكُمُ عادَيْتُ أَحْبَابِي
ولم أَزَلْ أُطْنِبُ في شُكْرِكُمْ / غايَةَ ما يَبْلُغُ إِطْنَابِي
وانْتَهَتِ الحالُ إِلى أَنَّني / جعلتُكُمْ قِبْلَةَ مِحْرابي
وكانَ لي رَبٌّ صَلاتِي لَهُ / فانْقَسَمَتْ فيكُمْ لأَرْبابِ
وكانَ ظَنِّي بكُمُ صادِقاً / فَغَرَّنِي مِنْهُ بِكَذَّاب
الحمدُ لِلَّهِ وإِنْ كُنْتُمُ / رُحْتُمْ عَنِ الشُّهْدِ إِلى الصَّابِ
لا أَدَّعِي السُّلوانَ عن حبِّكمْ / كلاًّ ولا أَكْتُمُ أَوْصَابي
كُنْتُمْ على كَثْرَةِ وَصْلِي لكمْ / تُبْدُونَ لِي أَوْجُهَ طُلاَّبِ
فأَنْثَنِي تِيهاً بلقياكُمُ / قد ضَاقَ بي أَوْسَعُ أَثوابي
فصِرْتُ إِنْ جئتُ إِلى دارِكُمْ / أَجيءُ في صورَةِ مُرْتَابِ
تظْهَرُ لِلْعَيْنِ ملالاتُكُمْ / وإِن رأَتْكُمْ بعدَ إِغبابِ
وإِنْ تحدَّثتُ على بابِكمْ / كَأَنَّنِي لستُ على البابِ
آذيتموني باستحالاتكمْ / حتى تَهَزَّأْتُ بآدابي
غيريَ قد أَصبحَ أَوْلَى بكُمْ / وغيركم أَصبحَ أَولَى بي
أَرَابَهُ البانُ إِذ لم يَقْضِ آرابا
أَرَابَهُ البانُ إِذ لم يَقْضِ آرابا / فارتدَّ ناظرُهُ المرتادُ مرتابا
وكان أَوطانَ أَوطارٍ محَاسِنُها / تَسْتَنْفِذُ اللَّفْظَ إِطراءً وإطرابا
حيثُ المغانِي غَوَانٍ ما اشْتَكَتْ يَدُها / يوماً من الخُرَّدِ الأَترابِ إِترابا
ولا أَلَمَّ بها مثلي بأَدْمُعِهِ / فاستَعْجَزَ الغَيْبَ إِرباءً وإِربابا
يا حبذا البانُ إِذ أَجني فَوَاكِهَهُ / على ذُرَى البانِ أَعناباً وعُنَّابا
وإِذْ أَبِيتُ وكأْسُ الراح مالئَةٌ / كَفِّي حَبَاباً وطَرْفِي فيه أَحْبَابا
سقاهُ كالدَّمْعِ إِلا ما يُؤَثِّرُهُ / فإِنه مَنَع الإِجْدَاءَ إجْدَابا
وجَرَّ فيه كأَنفاسِي غَلاَئِلَهُ / شَذاً تقولُ له الأَطْنَابُ إِطْنابا
قِفَا لأَعْتِبَ دَهْراً لانَ ثُمَّ عَسَى / عَسَاهُ يُعَقِبُ هذا العَتْبَ إِعْتَابا
واستنزِلاَ بلطيفٍ من حديثِكُمَا / قلباً طواهُ على الأَحقادِ أَحْقَابا
للهِ ما ضَمَّتِ الأَوزاعُ من قَمَرِ / أَرْخَى ذوائِبَ عنهُنَّ الدُّجَى ذَابا
أُغَمِّضُ اللحْظَ منه حينَ ينظُرُ عن / جفنٍ هُوَ النصلُ إِرهافاً وإِرهابا
وربما زارَني زَوْراً وشَقَّ إِلى / وَصْلِي حِجاباً يراعيهِ وحُجَّابا
ما كنتُ أُسْكِرُ طرْفِي من مُدامِ كَرًى / لو لَمْ يُحَرِّمْ على الإِصْحَاءِ أَصحابا
يا مَنْ إِذا ما وَفَى اسْتَوْفَى الحُشَاشَةَ لا / عَدِمْتُ حالَيْكَ إِعطاءً وإِعْطَابا
ومُغْرِياً جَفْنَ عَيْنِي بالمنامِ لقد / أَبدَعْتَ في ذلك الإِغراءِ إِغْرَابا
وفاضَ لي من أَبي الفَيَّاضِ بَحْرُ نّدًى / أَنشا سحاباً من المعروفِ سَحَّابا
المالكَ الموسعَ الأَملاكَ ما بَرَقَتْ / صوارِمُ الحَرْبِ إِجلاءً وإِجلابا
والمُقْطِعَ المعشرَ الراجينَ ما لقِحَتْ / سمائمُ الجدب إِنهالاً وإِنهابا
والبانِيَ المجدَ صَرْحاً من تِلاوَتِهِ / أَنا الَّذي أَبْلَغَ الأَسْبَابَ أَسْبابا
أَفناؤهُ الخُضْرُ تستَدْعِي بنَضْرَتِها / معاشِرَ الناسِ إِرْعاداً وإِرْعابا
هِيَ الحِمَى حَلَّ منهُ أَو نَأَى وكَذَا / كَ الليثُ إِنْ غابَ يَحْمِي بَأُسُهُ الغابا
شَهْمٌ هُوَ السَّهْمُ تسديداً لشاكِلَةٍ / مَهْمَا أَصابَ شَفَى للدينِ أَوْصابا
غَضَنْفَرٌ لا يزالُ الماضِيانِِ له / إِن حادِثُ الدَّهْر نابَ الظُّفْرَ والنابا
منْ كلِّ أبْيَضَ مهما التاجُ في وَهَجٍ / أَقامَ يُلْهِبُ نارَ الحربِ إِلهابا
وكُلَّ أَسْمَرَ مهما جالَ في حَرَجٍ / وانسابَ أَلْحَقَ بالحَيَّاتِ أَنْسابا
لفَّ الشجاعَةَ منه بالتُّقَى فغدا / يُريكَ من دِمْنَةِ المحرابِ مِحْرَابا
نَجْلُ الأَكابِرِ والأَمْلاكِ ما بَرِحُوا / للمُلْكِ مُنْذُ رُبُوا في الحِجْر أَرْبَابا
عَليه شَبُّوا ومن أَثْدَائِهِ رَضَعُوا / حتى لَصَارَتْ لَهُمْ آدابُه دَابا
طالوا وطابوا ومهما طالَ مكرُمَةً / فَرْعُ امرِىءٍ في العُلاَ فالأَصلُ قد طابا
نَهَّابُ أَعدائِهِ وَهَّابُ أَنْعُمِهِ / أَحْسِنْ بحالَيْهِ نهَّاباً وَوَهَّابَا
لِلْجُودِ والبَأْسِ أَحزابٌ بِرَاحَتِهِ / ساقَتْ إِليه جيوشُ الشُّكْرِ أَحْزَابا
أَتَتْ إِليه بناتُ الشِّعْرِ قاصِدَةً / وَكَمْ أَتَتْ قبلُ خَطَّاراً وخَطَّابا
من كُلِّ مُلْهَبَةِ الأَلفاظِ مُذْهَبَةٍ / تُشَعْشِعُ الطِّرْسَ إِلهاباً وإِذْهَابا
تَوَقَّدَتْ فَلَوَانَّ المَرْءَ يُنْشِدُها / في شهرِ كانُونَ ظنُّوا آبَ قَدْ آبَا
كم مِنْ حقائِبِ أَحْقابٍ قد امْتَلأَتْ / بشُكْرِ بِرِّكَ إِنجازاً وإِنْجابا
من كانَ مثلَكَ يُرْجَى خَيْرُهُ أَبّدًا / رَأَى جميعَ شهورِ العامِ أَرْجَابا
ضَحِكَتْ إِلى الأَحبابْ
ضَحِكَتْ إِلى الأَحبابْ / عن ثغرها الحباب
مَنَعَ السُّلُوَّ لِعاذرٍ ولعاذلِ
مَنَعَ السُّلُوَّ لِعاذرٍ ولعاذلِ / غَيَدٌ يُحَلِّي جِيدَ عَاطٍ عاطِلِ
تَرَكَ المُخَيَّمَ بالمُخَيَّمِ يَشْتَكِي / وَجْداً أَقامَ على فؤادٍ راحل
يا كوكبًا قلبي المُعَنَّى أُفْقُهُ / اطْلُعْ ولا تَكُ آفلاً في آفِلِ
أَنا مَنْ تُشَوِّقُهُ بهَجْرٍ صادقٍ / فعَسَى تسامِحُه بوَعْدٍ ماطِلِ
مَرْآكَ ديوانُ الجَمَال لأَنَّهُ / ذو ناظِرٍ فيهِ صِفاتُ العامل
ولقد سَهِرْتُ الليلَ فيكَ مُنَاجيًا / لبلابلٍ صَدَحَتْ صُدوحَ بلابل
والبدرُ في أُفُقِ السماءِ كفارِسٍ / نَظَمَتْ عليه الشُّهْبُ نَظْمَ جَحَافِلِ
مَنَّيْتَنِي بالوَصْلِ عاماً أَوَّلاً / فَقَنِعْتُ منكَ بقُبْلَةٍ في قابلِ
وَشَدَوْتُهُ يا بدرُ ضوؤكَ ناقصُ / فَدَعِ الكَمالَ فإِنَّهُ لِلْكاملِ
وَزَعَمْتَ طرفَك سِنَّ رُمْحٍ ذابلٍ / قُلْنَا صَدَقْتَ فأَيْنَ لِينُ الذَّابلِ
يا ماطِلَ الأَجفانِ وَهْيَ غِنيَّةٌ / حُوشِيتَ من إِثْمِ الغَنِيِّ الماطلِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ / وتَنْهَزِمُ الكتائِبُ بالكتابِ
وتخشى نارَ حربِكَ وَهْيَ تَخْبُو / فكيف إِذا ارْتَمَتْ شَرَرُ الحِرابِ
ومذ جَرَّدْتَ عَزْمَكَ وَهْوَ سَيْفٌ / رَقَبْنَا ما يكونُ من الرقابِ
فما وَجَّهْتَهُ حتى حَكَمْنَا / هُنَالك بالغنيمةِ والإِيابِ
وَكَزْتَ حَشَا اللَّعِينِ بمُنْكِصَاتٍ / على الأَعقابِ من جِهَةِ العُقَاب
قطائِعُ تستهلُّ بها المنايا / فتحسَبُ أَنها قِطَعُ السَّحابِ
يصارِعُها العُبابُ فيعتليهِ / بأَهْوَلَ في العُبابِ من العُبابِ
إِذا انْعَطَفَتْ عليه أَو اسْتَقَامَتْ / فقُلْ لَعِبَ الحُبابُ على الحُبابِ
وعُرْبٌ ماجَ منها البَرُّ بحراً / أَليس البحرُ من صِفَةِ العِرابِ
إِذا أُهَبُ القتال تناقَلُوها / أَقَلُّوها أَخَفَّ من الإِهابِ
أَغِرْبَانَ الشّآمِ حَذَارِ شُؤْمًا / لكم مُسْتَوْطَنًا في الاغْتِرابِ
هَفَتْ بكمُ المُنَى فأَطَعْتُمُوهَا / على الأَمْواهِ من عَدَدِ التُّرابِ
فكان لكُمْ من التَّضْعِيفِ فَأْلٌ / على مقدارِ تضعيفِ الحِسابِ
وعند الطَّيْرِ في الرّاياتِ رأْيٌ / فما يخلو عُقابٌ من عِقابِ
قُلْ للشريفِ على تَقَوُّلِهِ
قُلْ للشريفِ على تَقَوُّلِهِ / لَقَدِ انْتَهَيْتَ بغايةِ الكَذِبِ
لو كُنْتَ من مُضَرٍ ولَسْتَ لها / ما كانَ منها سيِّدُ العَرَبِ
لا تَرْمِ هاشِمَها بمنْقَصةٍ / تَدعُ الفضيلَةَ في أَبى لَهَبِ
لقدِ احْتَملْتَ مخازِيًا عُذِرتْ / من أَجْلِها حمَّالَةُ الحَطَبِ
شَرفٌ أَبى لك زُورَهُ سَرَفٌ / يختالُ في أَنفاسِ مُنْتَهبِ
واخَجْلَةَ الديوانِ إِن صرخُوا / من ذا يحاسِبُ سارِقَ الحَسَبِ
ما زالَ ذاك الصَّقْرُ يعْمُرُهُ / حتى غَدَا خَرِباً مع الخَرَبِ
يا ناظِراً أَعمى وإِنْ لَعِبَتْ / في وجْهِهِ أَلحاظُ مُرْتَقِبِ
غَضَّ الخليفَةُ عَنْكَ ناظِرَهُ / فَنَهبْتَ من نَشَبٍ ومن نَسَبِ
أَمَّا الكواكِبُ فاحْتَمَوْا بمواكِبِ
أَمَّا الكواكِبُ فاحْتَمَوْا بمواكِبِ / كم من عِرابٍ حَوْلَهُمْ وأَعارِبِ
ولقدْ هَوِيتُ طلوعَ نجمٍ ثاقِبٍ / منهم فكان هُوِيَ نَجْمٍ ثاقِبِ
تلك النجومُ فَإِنْ تُرِدْ أَنْواءَها / فَسَلِ الدموعَ تُجِبْ بغَيْث ساكِب
جَعَلُوا سماءَهُمُ الرِّكابَ وأًقسموا / أَنْ لا وصول لِطالعٍ في غارِبِ
ساروا وحوْلَ حُدُوجِهِمْ زُرْقُ القَنَا / فكأَنما نُظِمتْ وِشاحَ ترائبِ
من أَسمَرٍ يقضي بأَسْمَرَ عاسِلٍ / أَو أَبيضٍ يمضي بأَبْيَضَ قاضِبِ
قلْ لَسودِ دَعِي الخُروج فإِنَّها / قد مَنَّعتْ غِزْلانَها بثعالِبِ
هَزَّوا من الأَعطافِ آلة طاعنٍ / ونَضَوْا من الأَجفانِ آلةَ ضاربِ
ورَمَوْا بسهمٍ من عيونٍ صائبٍ / فقضَى بغَيْثٍ من عيونٍ صائِبِ
ولقد كسوتُ القلبَ لأْمةَ سَلْوَةٍ / وعلِمْتُ أَنَّ الحُسْنَ أَولُ سالبِ
وجلا عليَّ البدرُ وجه مُواصِلٍ / فأَبِيتُ حيثُ النَّجْمُ طَرْفُ مُراقِبِ
وجلَوْتُ للمنصورِ غيدَ قصائدٍ / أَنزلَتُهَا منهُ بأَكْملَ خاطِبِ
وخُصِصْتُ منه براتبٍ فاعْتَاقَهُ / عنِّي بَهَائِمُ خُصِّصوا بَمَرَاتِبِ
من عامل يغتالَهُ بعوامِلٍ / أَو كاتبٍ يحْتَازُهُ بِكتائبِ
والمالُ يُنْثَرُ في حُجُورِ عبيدِهِمْ / بَيدَي نظامِ الدينِ نَثْر الخاصِبِ
يا دهْرُ أَنتَ سَمَحْتَ منه بناظِرٍ / أعْمى فلا تَبْخَلْ عليه بِحَاجِبِ
أَيَتِمُّ أَمْرُكَ يا أَشَلُّ وهذِه ال / أَمثالُ لم تنطِقْ بشيءٍ كاذبِ
إِن الصناعةَ يا أَشلُّ مُهنَّدٌ / ماضِي الغِرارِ محلُّه لِلضَّاربِ
شُلَّت يَمِينُكَ عن صِيانَةِ مالِها / قَصْداً وصحَّتْ من بَنِيكَ لِنَاهِبِ
وأَراكَ قد ملَّكْتَ كفَّكَ عَيْنَ ما / جَحَدَتْهُ عيْنُك بالْعَمَى لِلطالبِ
لا يأْمْرنِّي منك وجْهُ مُسالمٍ / صمْتاً وقد أَخْفَيْتَ قَلْبَ مُحاربِ
لو قُمْتُ في الديوانِ أَنظِمُ هَجْوَهُ / ديوانَ شعرٍ لم أَقُمْ بالواجِبِ
دَسْتٌ بياذِقُهُ سطَتْ بشِياهِهِ / وتَحكَّمتْ فيهِ بحكْمٍ غالِب
يُزْهَى أَبو البدرِ اللعينُ كأَنَّهُ / لم يَدْرِ أَن البَدْرَ نَجْلُ غياهِبِ
ويُرَى أَبو الفَرجِ الخسيسُ مجازِفاً / يُقْضَى له بمناصِبٍ ومناسِبِ
ويَمِيلُ فيه الزَّعْلَمشُّ لِطَبْعِهِ / فَيهُزُّ منه التِّيهُ مَعْطِفَ شارب
قومٌ كأَنَّ اللَّه صَبَّ شُخوصَهُمْ / واللُّؤْمَ لما صُوِّروا في قالَبِ
يا كاتِباً أَدَى إِلَي الكُتَّاب ما / عادُوا أَحَقَّ لأَجلِهِ بمُكاتِبِ
لَقَطَتْ أَنَامِلُك السَّحابَ فخِلْتُها / بَرْقاً وكَفَّكَ هاطِلاتِ سَحَائِبِ
حاشاكَ أَ تَثْنِي اهْتِمامَكَ جانباً / وتنامَ عن ذَهبٍ لِخِلِّكَ ذاهِبِ
هُو راتِبٌ قد كُنْتُ أَرْقُبُ نَجْمَهُ / فَهَوَى وقد جَعَلَ التُّقلُّقَ راتِبي
والليلُ إِنْ لَمْ يأْتِ لَيْسَ بمُنْقَضٍ / أَبدًا ولا راعِي النُّجُومِ بآيِب
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ
لِذي الظُّلامة عُدَّ الظّلمُ والشّنَبُ / وهي الى رَفعِها لولاهما سبَبُ
هيهاتَ مطفِئُ ذاكَ الوجدِ مُوقدُهُ / قد ينضِجُ الجمرُ أحياناً فيلتهبُ
وكيفَ يخمُدُ عن صبٍّ ضِرامُ جوًى / الى ضرامٍ على الخَدّين ينتسبُ
بل كيفَ لا يجبُ القلبُ الذي فعلَتْ / يدُ الصّبابةِ منه فوقَ ما يجبُ
ما هذه القُضُبُ اللُّدْنُ التي اعترضتْ / فعارضَتْ دونها الأرماحُ والقُضُبُ
عقدنَ فوق وجوه كالبدورِ لنا / أكِلّةٌ ما شككنا أنها سُحُبُ
ولو رفعْنَ سُتورَ الحُجْب لانْسدَلَتْ / من العفافِ على عاداتِها الحُجُبُ
وما النّقابُ بمُغنٍ دونَ عاقِدِه / وللجمالِ محيّا ليس ينتقِبُ
للحسن روضٌ رأيتُ اللحظَ يقطِفُه / منه الغصونُ التي يحكونَ والكُثُبُ
وللشفاهِ كؤوسٌ غيرُ دائرةٍ / لها الثغورُ وما شاهَدْتُها حَبَبُ
لا تنكِرنّ فما ذاكَ الرّضابُ سوى / من دونِه حُجُراتٌ أنه ضَرَبُ
وإن تقُلْ أُقحوانٌ فيه طلُّ ندًى / فعنْهُ حين تهبّ الريحُ ما يهَبُ
هذي العيافةُ فاحسُبْها عليّ وقُلْ / للقائدِ العفّةُ الزهراءُ والحسبُ
ورُبّ يومٍ دخانُ النّدّ صيّرهُ / ليلاً وأقداحُنا في جنْحِهِ شُهُبُ
كرَعْتُ في فضّةٍ منه وفي ذهَبٍ / لم تحْتَجِبْ فضةٌ عنها ولا ذهَبُ
خَمْراً إذا الماءُ أورى زَنْدَها بعثَتْ / عنه شَراراً على حافاتِها يثِبُ
شدّتْ لتسلبَني لُبّي فقال لها / مديرُها بلحاظي ذاك مُستَلَبُ
يا قومُ حتى بأرضِ الروم لي كبِدٌ / حرّى تُغيرُ على أفلاذها العرَبُ
فيا أبا القاسِم الشّهْمِ الذي أبداً / حُبّاً به من صُروفِ الدّهرِ مُجتَنَبُ
هلاّ كتائبُ غيرِ الحُسنِ ثائرةٌ / كيما أقولَ بها يُمناك والكُتُبُ
ما طالَ خطبي مع خَطْبٍ يحاولُني / إلا استثارَتْكَ لي الأشعارُ والخُطَبُ
أقولُ فيك فتحميني وأنتَ بما / أقولُ فيك بدَسْتِ العزّ مُنتهَبُ
عجائبٌ في المعالي ما برِحْتَ لها / مُكرَّرَ الفعل حتى لم يُقَلْ عجَبُ
واسمٌ من الفضل لم يُخْصَصْ سواكَ به / إلا كما يَستبينُ النّعْتُ واللّقَبُ
شورِكْتَ فيه فكان العودَ مشترَكٌ / في لفظِه المندَلُ الفوّاحُ والحَطَبُ
وعلَّهُ في رماح الخطّ يمنعُها / من أنْ تُقاسَ بها أشكالُها القصَبُ
جرى أبوكَ لشأوٍ ما اقتنعْتَ به / فالمجدُ عندَك موروثٌ ومُكتَسَبُ
ونلْتَ من رُتَب العَليا وغايتِها / ثمّ استوَتْ في انحطاطٍ بعدَها الرُّتَبُ
كم ملتقى طرفَيْ عُرْفٍ ومعرفةٍ / إليك جاذب وصْفَيْهِ أبٌ وأبُ
مناسِبٌ رقّ فيها وصفُ مادحِها / فليس يُدْرى نَسيبٌ ذاك أم نسَبُ
إن ينتسبْ لقريشٍ فهي طائفةٌ / إليك بعد رسولِ اللهِ تنتسِبُ
يُنْمى لها وكذا يُنمى إليكَ فهلْ / من يَحسُبُ البدرَ إذ ما فاتَه الحسبُ
وكم ثبتّ بحيث الأمن مضطرب / وما لغيرك في الآراءِ مضطربُ
فقمتَ لا العِطْفُ عمّا سامَ منعطفٌ / وقُلتَ لا القلبُ عما سامَ منقلِبُ
وفلّ ما نصَبوا من زُورِ كيدِهِمُ / ربُّ به رُدَّ عنك النّصْبُ والنصَبُ
وهل يضرّك في مالٍ محاسبةٌ / وكلُّ مالِكَ عندَ الله محتسَبُ
يا قائداً دارتِ العَليا بمنصِبه / حتى كأنّهما الأفلاكُ والقُطُبُ
شهَرْتَ ذا الشهرَ بالبرّ الذي ملأتْ / به حقائبَها من قبلِه الحِقَبُ
وهل يُخَصُّ به ذا الشّهرُ منفرداً / وكلُّ شهرٍ بما أولَيْتَه رجَبُ
لا زلْتَ عذبَ مياهِ الفضل خافقةً / عليك فوقَ رماح السّؤدُدِ العذَبُ
لا يُقتضى جودُك الأزكى لمكرمةٍ / إلا ونائلُه الفيّاضُ ينتصِبُ
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا / وكان سناه قد ولّى فآبا
وهزّ الملكُ عطفَيهِ بمَلْك / تقلّد أمره وكفى ونابا
ومذْ لبِسَتْ به الدنيا حِلاها / جلاها حُسنُها خَوْداً كَعابا
وما عطُلَتْ رِقابُ الدهرِ إلا / وحلاّها عقوداً لا سِخابا
فلو أنّ اللياليَ عُدْنَ غيداً / شجَتْ ليلى وتيّمتِ الرّبابا
وأحسبُ أن أنجُمَها كؤوسٌ / تكونُ لها مجرّتُها شرابا
ومَنْ للشمس أن تُكسى سَناه / فتُغشي الناظرينَ لها التهابا
ولو حيّا محيّاها بنورٍ / لما كان الظلامُ لها حِجابا
صباحٌ يملأُ الآفاقَ نوراً / يقيم إذا سنا الإصباحِ غابا
وغيثٌ بات يُردي المحلَ طوعاً / وليثٌ ينزِعُ المهجَ اغتصابا
وسعدٌ من بني سعدٍ تجلّى / وقد جعل الدروعَ لها سَحابا
ولم يُرَ قبلَهُ بحرٌ خضمٌّ / أفاضَ على معاطِفِه سَرابا
رسا طَوْداً وأسفرَ بدرَ تِمٍّ / وجادَ غمامةً وسَطا شِهابا
مَروضُ الحِلمِ طمّاح المواضي / إذا ساموهُ عفواً أو عقابا
وما صابَتْ سماءُ الحربِ إلا / سقى أبطالَها شرْياً وصابا
وكم زهِرَتْ رياضُ دمٍ تغنّى / ذُبابُ حُسامه فيها ذُبابا
يواصلُ شُرْبَ كأسِ البأسِ صِرْفاً / ويجتنبُ المُدامةَ والرّضابا
ويبتعدُ الأعارِب ناعماتٍ / ويستَدْني المُضمّرةَ العِرابا
وقالوا أطولُ الأبطالِ باعاً / فقلت نعمْ وأعلاهُم رِكابا
وأفصَحُهُم إذا نطقوا لساناً / وأفسَحُهُم إذا طُرِقوا جَنابا
وقد سمعوا رُقاهُ وجرّبوها / فلا ينسابُ كيدُهُمُ حُبابا
ولا يغْرُرْهُمُ عفوٌ لديه / فربّ عذوبةٍ نتِجَتْ عَذابا
سَلوا عنه بَني رُزّيكَ لما / أفادَ الحربَ منهم والحِرابا
وأقدَمَ نحوهُم أسَداً مُشيحاً / فولّوا بين أيديه ذئابا
فإن عمرَتْ جموعُهُمُ الفيافي / فقد تركوا رُبوعَهمُ خرابا
أهابَ بهم لسانُ الخوفِ حتى / أقامَهُمُ لراحتِه نهابا
ومنّتْهُم ظنونُهُم نجاةً / ورُبّ حجًى رأيَ خطأَ صوابا
فإن جعلوا الظلام لهم مطايا / فقد جعلَ النجومَ له رِكابا
فلا يهْنِ الذين نجوا هروبٌ / فلو آبوا لكان الملك يابى
ولو شاءَتْ صوارِمُهُ المواضي / أقامَتْ دونَهُم سوراً وبابا
ولم يُرسِلْ شفارَ ظُباه إلا / غدَتْ قُلَلُ الملوكِ لها جوابا
إذاً لأزارَهُم تيّارَ حربٍ / تكون له جماجِمُهُمْ حَبابا
وساقَ إليهمُ غرْباً ورُعْباً / يسمّيها الكتيبةَ والكتابا
وصدّعَ شعبَهُمْ بوميضِ عزمٍ / يروّي من دمائِهمُ الشِّعابا
وكم فتحٍ أبو الفتحِ اجتناهُ / بقُبٍّ في العُلى رفعَتْ قِبابا
ولما لم يجدْ رُزّيكُ عنه / الى غير الملاذِ به ذَهابا
أتاهُ ورهطُه في الهَوْنِ سعياً / وقد سُلِبوا الحميّةَ والثيابا
وقد قادوا الصواهلَ مُقرَباتٍ / فقُلْنَ لهم الى الذُلِّ اقترابا
وكم ملؤوا الدروعَ وليس تُغني / وقد مُلئَتْ قلوبُهُمُ ارتِعابا
وكم شاموا ظُباً بأكُفِّ غُلْبٍ / قضَتْ شؤماً عليهم أو غِلابا
وكم ركَزوا رماحَهُمُ كِناساً / وسمّوها وما صدَقوا غيابا
وخالوا أنّ راحَهمُ غمامٌ / فغادرَها مؤمِّلُهُم ضَبابا
فجازَهُمُ إليه المُلْكُ طوعاً / ومَنْ وصلَ الرؤوسَ جَفا الذُنابى
فحسّن رُتبةً قبُحَتْ لديهمْ / وكان التاجُ في الأرساغِ غابا
ليَهْنِ المُلكَ أن أمسى مَصوناً / عشيةَ راحَ عزُّهُمُ مُصابا
بأنّ الله أكرمَهُ بمَلْكٍ / أذلّ له الغطارفةَ الصِّعابا
قد أغتدي والصبحُ خفّاقُ العذَبْ
قد أغتدي والصبحُ خفّاقُ العذَبْ / وعسكَرُ الليلِ مجدٌّ في الهرَبْ
وللدّراري دُرَرٌ بلا ثُقَبْ / براحةِ الأنوار راحَتْ تُنتهَبْ
كأنها في لُجّةِ البحرِ حبَبْ / والوُرْقُ في أوراقِها ذاتُ صخَبْ
حين رأتْ جيشَ الدُجى قدِ انقلَبْ / إذ ضربَ السِّرحانُ فيه بذَنَبْ
والصبحُ قد صال عليه وغلَبْ / ففرّ عنه وهو لا يثني الطلب
كما تفرّ الزّنْجُ من جورِ العرَبْ / بمُخْطَفِ الكشْحَيْنِ من غيرِ سغَبْ
لمنْ رسومُ الديار باللّبَبِ
لمنْ رسومُ الديار باللّبَبِ / قد درسَتْ من تعاقُبِ الحِقَبِ
لم تُبْقِ من رسمِها الرياحُ سوى / نُؤيٍ فمُستوقَدٍ بمُحتَطَبِ
الى ديارٍ بين الصِّفاحِ فذا / تِ الخالِ فالرقمتَيْنِ فالكتُبِ
بدتْ لعينيك وهي مزمنة / آثارُها كالسطورِ في الكتُبِ
وأقبلَ الدوحُ في جوانبِها / يضحكُ من فيضِ مدمَعِ السُحُبِ
فالأرضُ تبدو لعينِ ناظرها / مختالةً في ثيابها القُشُبِ
يا حاديَ العيس قفْ بها سحَراً / فحيِّ رسمَ الكثيبِ من كثَبِ
فالجِزْع فالمُنحنَى فبُرقة تَيْ / ماءَ فَوادي الأراكِ فاللّبَبِ
فالمَربدَينِ اللذَيْنِ جادَهُما / مُلُِّ وَدْقٍ بواكفٍ سربِ
ديارُ ميَّ التي تقرُّبُها / سُؤلي وإنجازُ وعدِها أرَبي
لمياءُ تبدو في رقّةِ الحضَرِ ال / لِّطافِ حيناً وفطنةِ العرَبِ
تحسَبُها حولَها صواحبُها / بدرَ تمامٍ قد حُفّ بالشُهُبِ
برّاقةُ الجيدِ واللّثاتِ شفا / ءُ الصبِّ سلسالُ ثغرِها الشّنِبِ
عجزاءُ ممكورةُ الوشاحِ لها / صفحةُ وجهٍ ما عيبَ بالنّدَبِ
حسناءُ زينُ الثيابِ ما سُلِبَتْ / إلا وزينَتْ بذلك السّلَبِ
وصاحبٍ صادقِ الودادِ كَتو / مِ السّرِّ في حالتَيْهِ ذي أدَبِ
عاطَيْتُه والصباحُ منبلجٌ / مُدامةً من سُلافةِ العنبِ
ترى بَنان المُديرِ مختضِباً / من لونِها وهْو غيرُ مختَضِبِ
ومَقعدٍ محرقٍ تنفّسُه / كالعاشقِ المستهامِ ذي الوصَبِ
فيه وفي شأنِ فعله أبداً / إذا تأملْتَ أعجَبُ العجَبِ
إذا همُ قلّدوه من سبج / قلائِداً ردّها من الذّهبِ
ومهمَهٍ تُصبِحُ المطيّ به / ما بين إرقالِها الى الخبَبِ
باكرتُه والنجوم آفلةٌ / والصبحُ قد لاح أبيضَ العذَبِ
بناقةٍ لا تكلُّ من أضم الس / ير ولا تشتكي من الدّأبِ
ما غير عانات جلهى انتصبت / والصُبحُ بالليلِ غيرُ مُحتجبِ
ينظرُ نشّ المياهِ منثغِباً / وكان من قبلُ غيرَ منثغِبِ
عينُ مياهٍ غدَتْ مطحلَبةً / جفّتْ لفيضِ المياهِ بالعُشُبِ
أُتيحَ للعين شخصُ مقتَنِصٍ / لها حفيّ بالعشب متّرِبِ
سعى بمُلسِ المتونِ طائرةً / بالرّيشِ طولَ الزمان والعُقُبِ
وشقّةٍ لا يخافُ مالكُها / منها فُطوراً كسائِرِ الخشبِ
حتى إذا ما أتَتْ لموردِها / رمى أتانا منها فلم يُصِب
فانصَعْنَ عنه الى التلال الى / السّفحِ فأرضِ القيصومِ فالغَرَبِ
لا الأجْدَلُ الوحْوَحُ الكميُّ إذا / ما انفضّ من لهبِه على خَرَبِ
يُشبِهُها إن جرَتْ وإن رفلَتْ / في صُعُد تارةً وفي صبَبِ
أقول يا ناقَ وهي قد طفِقَتْ / في النّسْعِ كالنّسعِ صلبةَ العصَبِ
مثلُكِ لا يشتكي الكَلال ولا / يئنّ أنّ المتيّمِ الوصِبِ
هل يا حُداة النُجُبِ
هل يا حُداة النُجُبِ / للركب من منقلَبِ
والعيشُ لما عزَموا / على النّوى لم يَطبِ
سارتْ بقلبي عيسُهمْ / وا أسَفي وا حرَبي
من حُبّ أحوى أغيدٍ / مهفهَفٍ محجَّبِ
زرى بحسنِ وجهه / على ابنِ يعقوبَ النّبي
عِذارُه في خدّه / كأرقمٍ أو عقربِ
تيّمني بحُسنه / ظبيٌ سريعُ الغضب
علِقْتُه فليس لي / عن حبّه من مهربِ
أعاذِلي في حُبّه / لم تُصِبِ لم تُصِبِ
تعذُلُني في رشأٍ / أرى هواهُ مذهبي
ما إن رآه البدرُ إل / ا واختفى في السُحُبِ
يا ويحَهُ ما بالُه / بصدّه معذّبي
ما ضرّه لو جادَ لي / بلثمِ ذاك الشّنبِ
يا رُبّ ليلٍ زارني / في غفلة المرتَقِب
فخِلتُه بدراً بدا / على قضيبِ ذهبِ
أو طلعةَ الشيخ الإما / م ذي الحِجى والحسب
خير الورى قاطبةً / من عجَمٍ أو عرَبِ
الحافظِ الحبرِ الإما / مِ الشافعي المذهب
هو الكريمُ بن الكري / مِ الأنجبُ بن الأنجبِ
مَن حسنُه كيوسفٍ / ونطقُه كيعْرُبِ
ومن نداهُ دائماً / يفيضُ فيضَ السُحُبِ
ومن علَتْ همّته / على السُهى والعقربِ
ومن غدَتْ ألفاظُه / مشرقةً كالكوكبِ
ومن أقلُّ خادمٍ / يخدُمُه كثعلب
ومن إذا ناظرَ ير / ضاهُ الإمامُ اليَثْربي
والشافعيُّ المُرتضى ال / مفضّلُ المطّلبي
يا عُمدَتي يا عُدّتي / يا جُنّتي في النّوَب
تهنّ بالشهر الذي / حوى الصيامَ المُذهَبِ
وعشْ ودمْ في نِعَمٍ / على ممرِّ الحِقَبِ
ما لاح برقٌ ساطعٌ / في خفض عيشٍ طيّبِ
من ذا يقولُ بأن قل
من ذا يقولُ بأن قل / بَك يا شجاع الى انقلابِ
خوّلْتَنا ما ردّ نا / بَ الدهرِ عنا وهْو نابِ
وكسوتَنا ما الصّمْتُ يُنْ / طِقُ فيه ألسنةَ الثيابِ
وسواكَ سعيُ المادحي / نَ لديه سعيٌ في تَبابِ
وأتيتَ ما للعاملي / نَ على يديكَ من الثوابِ
يا معشرَ الحُسّادِ لسْ / نا في جَناب الإجْتِنابِ
قد كنت أمنعُ بيعَ الشِّعرِ في زمنٍ
قد كنت أمنعُ بيعَ الشِّعرِ في زمنٍ / أقلُّ ما يُتشارَى فيه بالذهبِ
فصِرْتُ أعرِضُه بالبخْسِ في زمنٍ / يُردُّ أكثرُه في الماءِ والحطَبِ
ولي غرائبُ فيه لو يقومُ بها / أخو الشباب شفيعاً فيه لم يَشِب
ولم تكنْ وهْي عند الرومِ ضائعة / فهل تضيعُ وقد جاءتْ الى العربِ
وأميرٍ كلما أكرمتُه
وأميرٍ كلما أكرمتُه / قصدَ الهون فجازاني بهْ
جادَ لي باللقَبِ الفاسِدِ إذْ / لم يُبِحْني بُلغةً من نَشبِهْ
قلت إذ أسرفَ في تعريضِه / أنا أخشى خاطِري أن ينتبِهْ
وإذا مازَحْتَ ليثاً ضارياً / فتأهّبْ لتلقّي مِخلَبِهْ
أقام فلا عَتْباً رعاهُ ولا عُتْبى
أقام فلا عَتْباً رعاهُ ولا عُتْبى / وهبّ لريحٍ من صبابَته هبّا
نعمْ شابَ عمرو الشوقِ عن طوقِ كَتمِه / ولم يقتنعْ دون المشيبِ بأن شبّا
وفاضتْ فروّتْ خدّهُ دون قلبِه / كمثلِ دموعٍ أخطأتْ سُحْبُها الجَدْبا
الحمدُ لله ليس لي نشَبُ
الحمدُ لله ليس لي نشَبُ / لا وَرِقٌ حُزتُه ولا ذهَبُ
فخفّ ظهري منه وقلّ أذى / وِزْري فما فيّ لامرئٍ أرَبُ
فمَنْ رآني فقد أحاطَ بما / في الدارِ عِلماً هذا هو العجَبُ
سراجيَ البدرُ بالعشيّ وإنْ / أنامُ ليلاً وسادَتي خشَبُ
وخيمتي خيمةٌ بلا عَمَدٍ / ولا لها قبّةٌ ولا طُنُبُ
فلستُ أخسى اللصوصَ إن قطَنوا / في منزلي ما حييتُ أو ذهبوا
وقد أتيت الإمامَ أحمدَ مَن / له النُهى والجلاُ والحسبُ
وسيلتي جودُ كفّه فله / في بذْلِه الجَوْدِ للورى أرَبُ
جاد فمن دون جودِه السُحُبُ / ثمّ تعالى فدونه الشُهُبُ
يقصُرُ عنه ثوبُ الثّنا وعلى / سواهُ عند الإياسِ ينسحِبُ
له صِفاتٌ لم تجتمِعْ لفتًى / سواهُ حقاً كذا العُلى رُتَبُ
دار عليها مديحُنا فغدَتْ / بالله تُلفى كأنها قُطُب
مدحْتُه صادقاً وإن مدحَ الن / اسُ سواهُ يوماً فقد كذَبوا
له يدٌ تسكبُ النوالَ كما / تسكُب في الأرض ماءَها السحُب
بطونُ أيدي الرجالِ فقد مُلئَتْ / منه ومن مأثراتِه الكُتُب
يا أيها الحافظُ الذي حفظ الش / رْعَ لك العِلمُ ثمّتَ الأدبُ
بقيتَ في الفضلِ دائماً أبداً / فأنتَ للفضلِ ما حييتَ أبُ
قِفْ بقَفْراءَ يبابِ
قِفْ بقَفْراءَ يبابِ / بأبابات إيابِ
دمنةٌ أقوَتْ فأضحتْ / مثلَ أثارِ الخِضابِ
قفْ بها إن كنتَ صبّاً / مُستهاماً ذا اكتِئابِ
وابْكِ فيها بدموعٍ / مثلُها دمعُ السّحابِ
هل عرفتَ الدارَ قفراً / تتراءى كالسّرابِ
لبسَتْ ثوبَ نحولٍ / بعد أعرابٍ عِرابِ
بعد جُمْلٍ وسُعادٍ / وسُليمى ورَبابِ
إن جملاً وسعاداً / عرّضاني للعِتاب
تركا قلبي كئيباً / ودموعي كالرّبابِ
بعد أن أقبل شيبي / ومضى شرخُ شبابي
هنّ كالشّمس وجوهاً / وخدوداً كالشّرابِ
وثغوراً مصلَ سِلْكِ الد / رِّ من تحت الرُّضابِ
مشرقاتٍ حبّذاها / تحتَ أرياقٍ عِذابِ
عذُبَتْ ليستْ بملحٍ / فهْيَ كالشُّهْدِ المُذابِ
وبأجيادٍ كأجيا / دِ ظباءٍ في شِعابِ
وبرمّان صدورٍ / تركَتْني في عذابِ
وخُصورٍ نحُفَتْ من / فوق أعجازٍ روابي
فتفرّقْنا جميعاً / بعد ذاك الإصطحابِ
ربَّ أيامٍ شربنا / خمرةً مثلَ الشِّهابِ
قهوةً تذهبُ بالحِقْ / دِ لَعمْري والضِّبابِ
في رياضٍ معجِباتٍ / رقْمِ أنداءِ السَّحابِ
فترى الزّهْرَ إذا اهتزّ / كموجٍ في انصِبابِ
من شقيقٍ ذي احمرارٍ / كدماءٍ في قِعابِ
إلي ذلك يصبو / كلّ وقتٍ كلُّ صابِ
ولقد سِرْتُ بأرضٍ / مهمَهٍ ذاتِ هِضابِ
وقلاعٍ وتلالٍ / وفِجاجٍ ورَوابي
ورئالٍ وظِباءٍ / ولُيوث وذئابِ
سِرْتُها فوق جوادٍ / أسحمٍ مثلِ الغُرابِ
مُنطوي الأحشاءِ طيّاً / مثلُه طيُّ الكِتاب
فهو كالأجْدَل في الحُكْ / مِ إذاً في الانتِصابِ
وتراهُ حينَ يهوي / مثلَ نسرٍ أو عُقابِ
أو كلمحِ البرقِ سيراً / أو يُرى مثلَ الشِّهابِ
سار والليلُ على الأرْ / ضِ صِباغاً كالخِضابِ
أو مدادٍ حالكِ اللوْ / نِ على الصُمِّ الصِّلابِ
فبدا الصبحُ وقد كا / ن غدا تحت حِجابِ
مثلَ وجهِ الحافظِ الحب / رِ المُرجّى للصِّعابِ
مَنْ له الحكمةَ حقّاً / وله فصْلُ الخِطابِ
مادحوه الآن أضحَوْا / عدداً مثلَ التُرابِ
قُسِمَ العالَمُ نصفَيْ / نِ بتقسيمِ الصّوابِ
فالمُوالي في نعيمٍ / والمُعادي في عذابِ
مجدُه للشُهْبِ أضحى / منْ عُلوٍّ كالشِّهابِ
وعطاياهُ كمثلِ الد / رِّ سِلكاً في الرِّقابِ
فأعاديه / وهْوَ من فوقِ الرَّبابِ
أهلاً بطيفٍ في الدُجنّة أوّبا
أهلاً بطيفٍ في الدُجنّة أوّبا / حَيّا فأحيا المستهامَ وأطربا
وافى وقد صبغَ الظلامُ بلونِه ال / مُسودِّ مُبيضَّ الأباطح والرُبى
جذلانَ يجلبُه الى الدنِفِ الكرى / كالروض يجلبُ عرفَه ريحُ الصَّبا
فرأيتُ منه غُصنَ بانٍ مثمراً / بدراً وقد جعل الغدائرَ غيْهبا
لله ليلٌ بات فيه مُضاجعي / ظبيٌ لواحظُه لها فعل الظُبى
لم أنسَه لما ظفرتُ به وقد / سهّلْتُ منه ملاطفاً ما أصعَبا
أجني بأيدي اللحظِ من وجناتِه / ورداً ومن فيه أقاحاً أشنبا
ما أبعد الطيفَ الملمّ إذا بدا / وجهُ الصباحِ وفي الدُجى ما أقربا
لو زارَني مستيقِظاً لشفى جوًى / بين الجوانح قد غدا متلهِّبا
نفسي فداءُ الظّاعنين وإن همُ / تركوا فؤادي بالفراقِ معذَّبا
حلّوا بأكنافِ الغَضا وطلبتُهم / بالمُنحنى ما بعد ذلك مَطلَبا
خُلِّفتُ بعدَهُم ألاحظُ أربُعاً / درست ورسماً قد أمحّ وملعبا
ولقد رأيتُ الدهرَ ألبسَ ثوبَها / ببواكرِ الأنداءِ روضاً مُعشِبا
فتذكّرتْ نفسي ليالي نادمَتْ / فيها أناةَ العَطوِ ناعمةَ الصِّبا
وأغنَّ حيّا بالمدامةِ فِتيةً / جعلوا لهمْ شُربَ المُدامةِ مَذهبا
فكأنه إذ قام يحملُ كأسه / في كفّه بدرٌ تحمّل كَوكبا
ظبيٌ يَصيدُ الليثَ سِحرُ جفونِه / ولقد عهدْنا الليثَ يصطادُ الظِّبا
في الحُسنِ أغربَ والإمامُ الحافظ بْ / نُ محمد في كلِّ فن أغربا
أوصافه قد أعجزتْ وُصّافَها / فغدا يُعدُّ مقصِّراً مَنْ أسهَبا
كلّ البلاغةِ قد حوتْ أثوابُه / سحبانَ وائلٍ الفصيحِ ويعربا
فُقِد العراقُ لفقدِه فكأنه / لما أتانا الشّرقُ زار المَغربا
يكفيه أن الله بلّغه منَ ال / علياءِ أبعدَ شأوها والأقربا
وحباهُ بالعِلم السّعيدِ منالُه / والحُبُّ يعرفُه الذكيّ من الحِبا
قسْ جودَه بحَيا السحائبِ تلقَهُ / أوفى من الغيثِ الركامِ وأعذَبا
لو كان هذا العيدُ شخصاً ناطقاً / لأتاكَ يمشي بالمديحِ الهَيدَبى
الله جارُك قد بنيتَ مراتباً / نظر الزمان سموّها فتعجّبا
سارَتْ إليك اليعمَلاتُ فقطّعت / بالسير أرضاً مثلَ صدرِك سبسَبا
فرأوا لسانَ الحال ينطقُ قائلاً / أهلاً لقيتُم للوفودِ ومَرحبا
ما سُخْبُ جودِك بالجهامِ ولا غدَتْ / للشائمينَ بروقُ وعدِك خُلَّبا
ألبَسْتني نِعَماً تركنْ مُصادِقي / ليَ حاسداً وأخي المُصافي أجْنَبا
فليأتينّك ركْبُ شِعرٍ سائرٍ / قد عمّ مشرقَ شمسِها والمغربا
شعرٌ هو الروضُ الأنيقُ وإنما / أضحى له ماءُ المعالي مَشربا