المجموع : 12
حرامٌ علىَّ طُروقُ الديا
حرامٌ علىَّ طُروقُ الديا / رِ ما دام فيها الغزالُ الربيبُ
أشاهد في جانبيها هواىَ / لغيري وماليَ فيه نصيبُ
وقد كان فوضَى فكان المنى / تعللنى والتمنِّى كذوبُ
فلمَّا تصيَّده قانصٌ / ألدُّ على ما حواه شَغوبُ
تداويتُ من مرضٍ في الفؤاد / بيأسىَ واليأسُ بئسَ الطبيبُ
فقد وهبَ الثأرَ ذاك الحريصُ / ونام على الحقدِ ذاك الطلوبُ
ومن عزَّ مطلبُه مُهمَلا / فكيف به وعليه رقيبُ
فلا حظَّ فيه سوى لمحةٍ / تُنافس فيها العيونَ القلوبُ
وُجود الأمير بأمثاله / فكلُّ بعيدٍ عليه قريبُ
وهوب الجيادِ وبيضِ القِيا / ن والظبي يرتجُّ منه الكثيبُ
وعَقَّار كُومِ الصَّفايا إذا / تعذَّرَ عند الضُّروع الحليبُ
تَعيثُ الأخلاّءُ في ماله / كما عاث في جانب السِّربِ ذيبُ
وما يسحَرُ القولُ أخلاقَهُ / ولكنّه الكرمُ المستجيبُ
ظفِرتَ وويلُ امّها حُظوةً / ببدرٍ تُزرُّ عليه الجيوبُ
إذا رُدِّد الطَّرفُ في حسنه / أثار البديعَ وماج الغريبُ
عُبوسٌ يُولَّد منه السرورُ / ومن خُلُقِ الخندريسِ القُطوبُ
وتيهٌ كأَنْ ليس بدرُ السماء / يُلمُّ الكسوفُ به والغُروبُ
ولولا حياءٌ تقمَّصتُهُ / لأجلكَ حجَّ إليه النسيبُ
سأطوِى على لَهبٍ غُلَّتى / إلى أن يُعطَّلَ ذاك القَليبُ
وأعلمُ أنْ سيباحُ الحمى / إذا أظهر الشَعراتِ الدبيبُ
طِرازٌ ينمنُمِ في العارضيْن / يُزَّينُ منه الرداء القشيبُ
فما ذلك الحسنُ مستقبَحا / بشَعرٍ ولو لاح فيه المشيبُ
قد رجعَ الحقُّ إلى نِصابهِ
قد رجعَ الحقُّ إلى نِصابهِ / وأنت من كلّ الورى أولىَ بهِ
ما كنت إلا السيفَ سلَّته يدٌ / ثُمّ أعادته إلى قِرابهِ
هزَّتهُ حتى أبصرْتُه صارما / رونقُه يُغنيه عن ضِرابهِ
أَكرِمْ بها وزارةً ما سلَّمت / ما استُودِعت إلا إلى أربابهِ
مشوقة إليك مذ فارقتَها / شوقَ أخي الشِّيب إلى شبابهِ
مثلُك محسودٌ ولكن معجز / أن يُدرَكَ البارقُ في سحابهِ
حاولها قومٌ ومن هذا الذي / يُخْرِجُ لينا خادرا من غابهِ
يُدمِى أبو الأشبال من زاحمَهُ / في خِيسهِ بظُفره ونابهِ
وهل سمعتَ أو رأيت لابسا / ما خلَع الأرقمُ من إهابهِ
لا تحسَبا لهوَ الحديث ماحيا / حَتما قضاه الله في كتابهِ
مرُّ النسيم غاديا ورائحا / لا يُزلقُ الأصمَ عن هِضابهِ
وليس يُعطى أحدا قيادَه / أمرٌ لسانُ المجد من خُطَّابهِ
تيقَّنوا لما رأَوها صعبةً / أن ليس للجوِّ سوى عُقابهِ
إن الهلالَ يُرتَجى طلوعُه / بعد السَّرارِ ليلةَ احتجابهِ
والشمس لا يُوءَس من طُلوعِها / وإن طواها الليلُ في جِلبابهِ
ما أطيبَ الأوطانَ إلا أنها / للمرء أحلىَ أثرَ اغترابهِ
كم عَودةٍ دلَّت على دوامها / والخُلدُ للإنسان في مآبه
لو قَرُبَ الدُّرُّ على جالبه / ما لجَّجَ الغائصُ في طِلابه
ولو أقام لازما أصدافَه / لم تكن التيجانُ في حسابه
من يعشق العلياءَ يلقَ عندها / ما لقىَ المحبُّ من أحبابه
طورا صدودا ووصالا مرّةً / ولذّةُ الوامقِ في عتابه
وبّما اعتاصَ الذي تأمُلُه / وأصبحَ المخوفُ من أسبابهِ
ما لؤلؤ البحر ولا مَرجانه / إلا وراءَ الهول من عُبابهِ
ذلَّ لفخر الدولة الصعبُ الذُّرَى / وعلَّم الأيام من آدابهِ
واستخدم الدهرَ فما يأمره / إلا أتى الطاعةَ في جوابه
يكاد من تهذيبه أخلاقَهُ / أن يستردَّ الغدرَ من ذئابهِ
قد طأطأتْ أيامُه أعناقَها / خاضعةً تسير في رِكابِه
كأنها عصائبٌ من طالبي / ثوابهِ أو خائفى عِقابهِ
إن أخطأتْ واصلت اعتذارَها / وإن أصابت فهو من صوابهِ
يا ناشد الجُود وقد أضلَّه / مالك لا تبغيه في جَنابِه
حيث أقام أبصرَ الناسُ الندى / تُشير كفاه إلى قِبابهِ
ترى وفودَ الشكر حولَ بيته / كأنها الأوتادُ في أطنابه
ما ثوَّروا الآمال عن صدروهم / إلا أناخت بفِناء بابهِ
وكيف لا يهوىَ الرجاءُ رَبعَه / وليس مَرعاه سوى أعشابهِ
قَلَّد أيدي المكرُماتِ إذَنهُ / فرفَعتْ من طَرَفَىْ حِجابهِ
لا تشئلنَّ عن مدى معروفه / أو تسل الوسمىَّ عن مَصابهِ
يكفيك ما يبسُطه من بِشره / أن تطلبَ الإذن إلى حُجَّابهِ
يطغَى بتكرير السؤال رفدهُ / والدَّرُّ جيَّاشٌ على احتلابهِ
هو الذي أفعالهُ من حسنِها / كأنما اشتُقِقن من ألقابهِ
مَن حسَبُ السؤددِ في صميمهِ / ونسبُ العلياء في لُبابهِ
كالسمهرىّ عزمُه لو لم يكن / ينقُص عنه الرمحُ باضطرابهِ
شكرا وزير الوزراء تستزد / أضعافَ ما بُلّغتَ من وَهابهِ
قدِمتَ كالغيث أصاب ظامئا / سنوَّفه الخَدَّاعُ من سَرابهِ
كم ساجدٍ لمّا سموتَ طالعا / كأنه صلَّى إلى مِحرابِه
وصائم رؤياك قد أغنته عن / طعامه طِيبا وعن شرابهِ
ولو أطاق الدَّستُ سعيا لسعى / مستقبِلا يختال في أثوابهِ
كان حشاه قلِقا حتى احتبى / في صدره من كان من آرابه
لأقمت في نعماءَ مطمئنَّةٍ / تُحكِّم الفؤادَ في إطرابهِ
تساعد الدنيا على زينتها / وتغلب الدهر على أحقابهِ
ألقت عصاها وارتمت ركابُها / في سُرَرِ الوادى وفي شِعابهِ
قد أُعفىَ المارنُ من خَشاشهِ / ورُوّحَ الغاربُ من أقتابهِ
على يديك المرتجَى إنعامُها / تابَ غرابُ البين من نُعابهِ
يا صِحابي واينَ منِّىَ صَحبى
يا صِحابي واينَ منِّىَ صَحبى / صرَعتهم عيونُ ذاك السِّربِ
يومَ أبدَوا تلك الوجوهَ علمنا / أنما يُشهَر السلاحُ لحَربِ
لحظاتٌ أسماؤهنّ استعارا / تٌ وما هنّ غير طعنٍ وضربِ
إن أُجبْ داعىَ الهوى غيرَ راضٍ / فالصدَى بالنداءِ كُرْهاً يلبِّى
هل أرى في السهادِ صُبحاً بعينى / من أرى في الرقاد ليلا بقلبي
أملٌ كاذبٌ قِطافُ ثمارٍ / من غصونٍ ملتفّةٍ بالعصْبِ
كلّما رنَّح النسيمُ فروعَ ال / بان هزَّت أطافَها بالعُجبِ
إِنَّ روضَ الخدودِ ليس لرعىٍ / وخمورَ الثغور ليست لشُربِ
أرِنى مِيتَةً تطيبُ بها النف / سُ وقتلاً يلَذُّ غيرَ الحبِّ
لا تَزُلْ عن العقيقيِ ففيهِ / وطرِى إن قضَيتُه أو نحبى
أجميلٌ ألاّ أزورَ ديارا / يوم بانوا دفنتُ فيها لبّى
لا رعيتُ السوامَ إ قلتُ للصُّح / بةِ خِفّى عنه وللعيس هُبّى
وقفةٌ بالركابِ تُجمعُ فيها / فرحةٌ لي وراحةٌ للرَّكْبِ
في كِناس الأَرْطَى شبيهةُ لعسا / ءَ حَماها العفافُ مثلَ الحُجْبِ
يُتمارَى أهذه من نِتاج ال / وحش أم تلك من بناتِ العُربِ
طلعتْ وِجهةً وقابلها البد / رُ فسوَّت ما بين شرقٍ وغربِ
كلُّ شيء حسبتُه من تجنّي / ها سوى عدّها الصبابةَ ذنبى
وسدادٌ رأىُ العذول ولكن / ليس يُعِفى الغرامُ من قال حَسبي
ربّما أقلع المتيَّمُ بالعذ / رِ وزاد استهامةً بالعتبِ
مثلما ازداد في الندَى شرفُ ال / دين لجَاجاً على الملام الصعبِ
مشرق الوجه باذل الفم بالنَّيْ / ل وحسنُ الغديرِ زهرُ العُشبِ
كاد أن يرفع الموازينَ إِعلا / ماً لَنا أنّ مالَه للنهبِ
واهب الخُرّد العطابيلِ والكو / مِ المطافيلِ والعتاقِ القُبِّ
وبُدورِ النُّضار أعجلها الطا / لبَ تِبرا عن سبكها والضربِ
شرفٌ صغَّر الذي عظَّموه / من كرامٍ أخبارُهم في الكُتْبِ
غمَس الشكر في سلاف أيادي / ه فحيّاه باللسان الرَّطْبِ
لا سقَى الله معشرا وهو فيهم / لِمَ يَرْجُونَ بارقاتِ السُّحبِ
عرفَت فضلَه الرجالُ فألقت / بالمقاليدِ للخُشاشِ النَّدبِ
طبَعوا بَهرَجَ المعالي ليحكو / هُ وليس النبيُّ كالمتنَبِّى
من له رِحلتا قريشٍ إلى المج / د تؤوبان من علاءٍ بكسبِ
كيف لا يملأ الحقائبَ شكرا / وهو في متجَر المكارم يُربى
شنَّ غاراتِه على عازبِ السؤ / ددِ ما يقترِحْ يحوز ويَسبي
هممٌ لا تَرى العلَّو علوّا / أو تُدلَّى على النجوم الشُّهبِ
طاعناتٌ فروعُها في الدَّرارِى / ضارباتٌ عروقُها في التُّربِ
سابقاتٌ وفدَ الرياح إذا يو / مُ رِهانٍ أجراهما من مَهَبِّ
شرفٌ دلَّ حاسدُوه عليه / ودليلُ القِرَى نُباحُ الكلبِ
إنّ هذا الهماَم قد عطَّل الرم / حَ وأبدَى كَهامةً في العضبِ
صقَل الرأى بالتجاربِ حتى / هو أنقى مَتنٍ وأذلقُ غربِ
وحمَى في رِباعه غابةَ اللي / ث بتدبيره وبيتَ الضبّ
ذو هباتٍ يُدنى لمحتلبِ الخي / رِ لَبوناً تِدُّر من غير عَصبِ
من صريح يعطيك زبداً بلا مخ / ضٍ ويُغنيك عن تعنّى الوَطبِ
ومتى يعترضه محتطبُ الش / رّ يجدْ عنده وَقودَ الحربِ
أسمرا كالرشاءِ يُرسله الرامحُ / في كلِّ طعنةٍ كالجُبِّ
وغَموضَ الحدين من جوهر ال / موت مُوَلًّى على النفوس لغصبِ
وسَبوحا قَوداءَ تحتلب الجِر / يةَ في حافرٍ كمثلِ القعبِ
لوذعىٌّ تهيج منه الأعادي / قانىءَ الظُّفر من فؤادٍ وخِلْبِ
عندَه للأمور أشفَى دواءٍ / وعلاجُ الشؤن خيرُ الطِّبِّ
أبدا جزُمهُ برغم الليالي / غُدَّةٌ أمسكتْ لَهاةَ الخَطْبِ
هو إما الذُّعافُ رقرقه الص / لُّ لحاويهِ أو هِناءُ النُّقْبِ
تقتِضى المشكلاتُ منه مقالا / يتولَّى حكَّ القلوب الجُربِ
حِكَمٌ لو أصابها حىٌّ عَدوا / نَ ادّعَوها لعامرِ بنِ الظَّرْبِ
إنما أنت يا محمدُ للنا / س شبيهُ المبعوثِ من آل كعِب
ذاك كان الربيعَ إذ قَحَط ال / دِّينُ وأنت الربيعُ عامَ الجدبِ
أطلعَ الله للخلافةِ نجما / منك عن سعدك المخلِّد يُنبِى
دولةٌ مذ دعيتَ فيها عميدا / غَنِيتْ من عَمودِها والطُّنْبِ
فلها السَّرحَ بالبسالةِ يحمِى / ولها الفىءَ بالأمانةِ يَجى
وإذا رايةٌ أُمدتْ بإقبا / لك سارت منصورةً بالرُّعبِ
كيفَ لم تَلبَس السِّوارَ حُلِيًّا / في يدٍ أُولعت بكشفِ الكربِ
قَرَّ عينا بمهرجانٍ وعيدٍ / أحفا بالحبيبِ نفسَ المحبِّ
لم يُطقْ واحدٌ قضاءَ أيادِي / ك فوافاك مستغيثا بِتِرْبِ
حَوْلُ هذا مستوفِزٌ لرحيلٍ / وثناءٍ وطَوْلُ هذا لقُربِ
جُمعا في غِلالةٍ نسجِ أيلو / لَ لها رقّةُ الفؤاد الصبِّ
فتلقَّ السرورَ من كلّ وادٍ / وتملَّ النعيمَ من كلّ شِعْبِ
كلّما جادت الليالي بفنٍّ / منه صابت أيامُهنّ بضربِ
لستُ فيه أُهِدى هديّةَ مثلى / بل هداياىَ شكرُ عبدٍ لربِّ
أنا لولاك لم أحُكْ بُردةَ الشِّع / ر ولا كان لؤلئى للثَّقبِ
غيرَ أني إذا زجرتُ القوافي / فيك خبَّت على طريقٍ لَحْبِ
والمديحُ العتيقُ للعِرض واقٍ / والمديحُ الهجينُ بعضُ الثَّلبِ
قلَّ نفعي بما حويتُ فيا لي / تَ ذوى الجهلِ يستبيحونَ سَلْبي
انَظُر المنهلَ المصفَّقَ مَورو / داً فأطويهِ جازئا بالرَّطْبِ
لِمَ يستنزلُ الزمانُ جدودى / وهي من عزِّك المنيع بهَضْبِ
أتُراني مثلَ الكواكب أبطا / هُنَّ سيرا ما دار حولَ القُطبِ
إنها عَقْبةٌ لضيقٍ تجَلَّى / ثم تُفِضى إلى مجالٍ رَحبِ
تفيض نفوسٌ بأوصابها
تفيض نفوسٌ بأوصابها / وتكتم عوَّادُها ما بِها
وما أنصفتْ مهجةٌ تشتِكى / هواها إلى غير أحبابها
ألا أرِنى لوعةً في الحشا / وليس الهوى بعضَ أسبابها
ومن شرفِ الحبِّ أن الرجا / لَ تشرِى أذاه بألبابها
وفي السِّرب مُثْرِيةٌ بالجمالِ / تُقسِّمه بين أترابها
فللبدر ما فوق أزرارها / وللغصن ما تحت جِلبابها
كأنّى ذَعرتُ بها في الخِبا / ءِ وحشيَّةً عند مِحرابها
أتبِّعها نظرا معجَلا / يعثِّر عينى بهُدّابها
متى شاء يقطِف وردَ الخدود / وقَتْهُ الأكفُّ بعُنّابها
كفانىَ من وصلها ذكرةٌ / تمرُّ على بَرْد أنيابها
وأن تتلألأ بروقُ الحمى / وإن أضرمتنى بإلهابها
وكم ناحلٍ بين تلك الخيا / م تحسَبه بعضَ أطنابها
فمن مخبرٌ حاسدى أننى / وهبتُ الأمانى لطُلاّبها
فإن عرَضتْ نفسَها لم تجد / فؤادىَ من بعض خُطّابها
يُسرُّ الغطارفةَ الأكرمي / ن قَرعُ مديحى لأبوابها
فها هي من قبل رفع الحجاب / يضاحكنى بشرُ حُجّابها
أنزِّه قَعْبىَ عن خَلِّها / وآنَفُ من مخِض أوطابها
وأعلم أن ثيابَ العفا / ف أجملُ زِىٍّ لمجُتابها
عدلتُ السرابَ بأوراقها / ولمعَ البروق بأذهابها
ولو شئتُ أرسلتُها غارةً / تعود إلىَّ بأسلابها
ولكننى عائفٌ شهدَها / فكيف أنافسُ في صابها
تذِلُّ الرجالُ لأطماعها / كذلِّ العبيد لأربابها
فلا تقطِفنّ ثمارَ المُنى / فبئسَ عُصارةُ أعنابها
وعُجْ بالأجلِّ أبي قاسمٍ / لتأتى المكارمَ من بابها
فنعمَ الرياضُ لمرتادِها / ونعمَ الديارُ لمنتابها
وأوديةٌ من يَرِدْ ماءَ ها / يرَ السُّحبَ من بعض شُرّابها
إلى كعبة الجود من راحتيه / تُشدّ الرحالُ بأقتابها
مناقبُ مثلُ عِدادِ الرمالِ / تكُدُّ أناملَ حُسّابها
وتُتعبُ ألسنَ دُرَّاسِها / وتُفنِى قراطيسَ كُتَّابها
تجاوزتَ حدّ صفاتِ البليغ / فمادُحها مثلُ مُغتابها
يذُمُّ البضائعَ ما لم يُعِ / دَّ من الشكر أوفرَ أكسابِها
تظُنُّ بأفواه مُدّاحهِ / عُقارا تدارُ بأكوابها
تُصافَحُ منه أكفُّ الرجاء / برطبِ الأنامل وَهَّابها
كأنّ الشؤالَ على رِفده / قِداحٌ تفوذ بأنصابها
إذا اشتكت الأرضُ داءَ المحو / لِ داوَى رُباها بإخصابها
من العصبة المدركين العُلا / بأحسابها وبأنسابها
أجاروا على الدهر من صَرفِه / وجاروا على الأُسْد في غابها
وساسوا ولاءَ قلوبِ الرجال / بإرغابها ثم إرهابها
كنوزُ محامِدها والثناءِ / عليها ذخائرُ أعقابها
ولم تَلبَس الرَّيْطَ إلا رأيتَ / محاسنَها نقشَ أثوابها
تعجَّبُ من حُسن بهجاتها / إلى أن ترى حسنَ آدابها
وإنَّ مكارمَ أخلاقها / تقوم مقاماتِ ألقابها
تمَلَّ بأيّام هذا الزمان / تجرُّ ذلاذلَ جِلبابها
مقامَ السواد لأربصارها / ومثلَ النُّخاع لأصلابها
إذا أنت أفنيتَ أيّامَها / توالت عليك بأحقابها
ما زال يكِشف عنّى كلَّ طارقةٍ
ما زال يكِشف عنّى كلَّ طارقةٍ / ما خوَّل الله من صُمِّ الأنابيبِ
إن أمطرتْها بنانٌ جاش غاربُها / على المهَارقِ منهلَّ الشأبيبِ
حتى بلغن إلى الغاياب حاسرةً / هُتْمَ السنابكِ من بدءٍ وتعقيبِ
واحتضَرتْها المُدَى نحتاً وقد فُلِقتْ / هاماتُها بين تصعيدٍ وتصويبِ
فعادَ من طول ما يسِرى عَشَنَّقُها / مدغَّما بين أطرافِ الرواجيبِ
وعندك الدوحةُ العلياء تُنبِتها / مَنابت النبع في شُمّ الشَّنا خيبِ
فقُدْ غلىَّ جيادا من ضوامرِها / صمَّ السنابكِ سَبْطاتِ الظَّنابيبِ
تختال في حَبِرَات الوشى تائهةً / على متون العوالى والقواضيبِ
لو أن بعض غصون الأيك أشبهها / ألهى الحمائمَ عن شدوٍ وتطريبِ
ولو يبايعني الخَطِّىُّ أنْفَسه / لم أعطِه شطرَ أُنبوبٍ بأنبوبِ
وحَملُ كفّى على الأقلام تُرسلها / يطلب حملى على الجُردِ السِّراحيبِ
لا يملِك الفارسُ المغوارُ شِدتهُ / ولا بسالَته إلا بمركوبِ
أيا وَلد الحُصَين وما حُصَينٌ
أيا وَلد الحُصَين وما حُصَينٌ / لماذا ضلَّ سعيُك هِجتَ حَربى
أطلتُ تفكُّرىَ فرأيتُ علمى / وجهلُك ضدُّه فعرفتُ ذنبى
وما أهجوك أنك أهلُ هجوٍ / ولكنّى أجرِّبُ فيكَ ضربي
وهل عيبٌ على شَفَراتِ سيفي / إذا استمحنتُها في لحمِ كلبٍ
أبا الخير المفيدَ لكلِّ خيرٍ
أبا الخير المفيدَ لكلِّ خيرٍ / وكاسىَ نُبْلهِ ريشَ الصوابِ
ومن ألقى إليه الناسُ طرًّا / مقاليدَ الكتابة والحسابِ
ومن إن شاء إنشاءً بليغا / فليس يَعُوزه فصلُ الخطابِ
فضائلُ يُنسَب الإحسانُ فيها / كما نُسب القِطارُ إلى السحابِ
أرانا كلَّ معجِبةٍ إلى أن / أرانا عنده لونَ الشبابِ
مِدادا إن تضمَّنه محلٌّ / ظننتُ مقرَّه وكرَ الغرابِ
فما أدرى أمن كُحلٍ مُماع / تجسَّم أم دُجَى ليلٍ مذابِ
تقولُ اللِّمة الشمطاءُ لمّا / رأته ليتَ هذا من خِضابى
وقد أزِفَ الرحيلُ فلا مقامٌ / سوى شدّ الرِّحال على الركابِ
إلى ملكٍ توسَّط بين بَرٍّ / وبحرٍ طافحٍ سامى العُبابِ
فلستُ بواجدٍ فيه أنيسا / سوى الحيتان تُقرنُ بالضِّبابِ
فزوّدْنى من الأنقاسِ قدرا / يقوِّتنى إلى حين المآبِ
فإن أسعفتَ بالأقلام مَنًّا / فما يغنى الطعامُ عن الشرابِ
يا آل عَوفٍ أنجدوا الصّبَّا
يا آل عَوفٍ أنجدوا الصّبَّا / ولطالما فرَّجتمُ الكَرْبا
كان ابتداء أخيكُمُ مِقَةً / ثم استحالت بعدَ ذا حَربا
كُفُّوا ظباءً في مَسارحكم / تَسبى إذا غُزيتْ ولا تُسْبَى
وخذوا يدى اليمنَى معاهِدةً / أن لا تعاوِد مقلتى الحُبَّا
قالوا حلَلنا عنهُ رِبقَتَهُ / صدقَوا وشَدّوا العينَ والقلبا
قالوا ابن مالكَ قَرنانٌ فقلت لهم
قالوا ابن مالكَ قَرنانٌ فقلت لهم / كذبتُمُ وأثمِتم بل له ذَنَبُ
لو كان يملِك قرنا كان ينطح عن / شاةٍ كلُّ تيسٍ فوقَها يثبُ
علَى مَن تبيعُ متاعَ الأدبْ
علَى مَن تبيعُ متاعَ الأدبْ / وتنثُرُ دُرَّ كلام العرَبْ
ومن يستحقُّ حُلِىَّ المديح / يصاغُ له كحُلِىّ الذهبْ
سَنَحْن كما اعترضَ الربرب
سَنَحْن كما اعترضَ الربرب / ولكنَّ صدَّهُم أعجبُ
وجوهٌ ترقرقَ ماء الجما / لِ فيهنّ لو أنّه يُشرَبُ
ما يصنَعُ المستسِرُّ بالغابِ
ما يصنَعُ المستسِرُّ بالغابِ / صُنعَ ظِباءٍ وراءَ أطنابِ
جفونُ هذِى باللحظِ تُرسلُها / أقتلُ مِن ذا بالظُّفْرِ والنابِ