القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الأَبّار الكل
المجموع : 34
أحِنُّ إلى تُرْبٍ ثوى سكناً به
أحِنُّ إلى تُرْبٍ ثوى سكناً به / فَألْثَمُه شَوْقاً لِمَنْ وُسّد الترْبا
وأُطْبِقُ أجفاني أُحاوِلُ غَفْوَةً / فيَأبى هُناك الهُدب أن يصِلَ الهُدْبا
لَعَمْري لَقَد نالَ الرّدى مِنِّيَ الذي / أرادَ وخَلَّى الصَّبرَ مُقْتسماً نَهبا
فَغَيّضَ مِن ماء الحياة معِينه / وَضَيَّق من ذرْعي بِما صَنعَ الرّحبا
تَبَاعَد مَنْ أهْوى وشطّ مَزَارُهُ / وبَدَّل نَأياً شاسِعاً ذلِك القُرْبا
فَلو أنّني طَوَّعْتُ قَلبِيَ ساعةً / قَضى نحْبَهُ لَهفا عَلى مَن قَضى نَحبا
إذا رَحَل الرّكْبُ العِراقيُّ سُحْرَةً
إذا رَحَل الرّكْبُ العِراقيُّ سُحْرَةً / إلى الخَيفِ مِن وادي السّنا فالمُحصَّبِ
هَتَفْتُ بكُم قَلبِي لَديكم فَعَرِّجوا / أوَدِّعْه إذ خَبَّ المَطِيُّ بِكُمْ وَبي
وإلا فرُدّوهُ عَلَيَّ فإنَّه / مَتَاعٌ قَلِيلٌ بَعْد قَلْبِي تَقَلُّبي
إن ضاعَ قَلْبِي فَأينَ أطلُبُه
إن ضاعَ قَلْبِي فَأينَ أطلُبُه / أوْ ذاعَ حُبّي فأنْتَ مُوجبُهُ
يا شادِناً في الضُّلوعِ مَرْتعُه / ومن نمير الدُّموعِ مشْرَبُه
تَبيتُ لَيْلَ التّمام تَرْقُدُهُ / وَمُقْلَتِي للسّماك تَرْقبُه
مَا لِلْهَوى إلا الرُّصافَةَ مأرَبُ
مَا لِلْهَوى إلا الرُّصافَةَ مأرَبُ / بَعدَ الغَدير فكيفَ يصْفو مشرَبُ
كانا مراداً للنّعيم وَمَوْرِداً / إذْ كُنْت بَيْنَهُما أجيءُ وأذهَبُ
والإلْف لِلْميعادِ بي مُتَرَقّبٌ / والدّهر بالإسْعادِ لي مُتَقَرِّبُ
وَتلاعَبت أيدي النوى بِهما وَبي / حتى انقضى لَعِبٌ وأقْفَر مَلْعبُ
وللّهِ أسْحَارٌ بها وأصائلٌ / كانتْ تُفَضّضُ صبْغَةً وَتُذَهّبُ
وكأنّ كافوراً ومِسكاً لَيْلُها / ونهارُها ممّا يَروق وَيُعْجِبُ
يزداد حُسْناً صبحُها بِرُوائِها / ويكادُ يُشْرقُ من سناها الغَيْهَبُ
تلكَ المَغاني لا حُجِبنَ كأهلِها / عَني فَوَجْدي سافِرٌ لا يُحجَّبُ
وَلعَمْرُ ما أنْفَقْت مِن عُمري بِها / وجَنيْت مِن ثَمَراتِ عَيش يَعْذُبُ
وَلأَغلِبَنّ عَلى السلوّ صَبابتي / والشّوْقُ في كُل المواطن أغْلبُ
ولأندُبَن بها الشّباب وشَرْخَه / إنّ الشباب أحَقُّ فَانٍ يُنْدَبُ
ساحاتُ حُسْنٍ طَرّزَتْ أوقَاتَها / ساعاتُ أنسٍ رَدُّها مُسْتَصْعَبُ
وأجرُّ أذْيال الهَوَادَة والهوى / يَقْتَادُني دَلُّ الحِسَان فَأُصْحبُ
كم جِئْتُ بينَ خَمائلٍ وجَداول / مِنها أصعّد في المُنى وأصوِّبُ
ومُغازلاً فَتَيَاتها في فِتْية / ما منهمُ إلا أغَرُّ مُهَذّبُ
بينَ الأباطحِ والرُّبى مُتَصَرّفٌ / ومَع الصّبابة والصّبَا مُتَقَلّبُ
خَلَعوا على زَهْرِ الرّياضِ حُلاهُم / فَغدا بهم خَيْريُّها يتأدَّبُ
نَسَبَتْه للكرم الصريح شَمائِلٌ / أدَبيّةٌ عنها يَنِمُّ وَيُنْسَبُ
فَمَعَ الصّباح تبتُّلٌ وتَقَلّصٌ / ومع الظلام تبذُّلٌ وتَسحّبُ
كانتْ مآنسَ بل نفائسَ أصبحْت / مَسْلوبَةً وكذا النّفَائسُ تُسلبُ
أين المذانِبَ لا تزال تأسُّفا / تَجري عليها من دُموعيَ مذنبُ
من كُلّ بسّام الحَبابِ كأنّه / ثغرُ الحَبيبِ وريقهُ المُسْتَعذَبُ
كالنّصلِ إلا أنّه لا يُتَّقى / كالصّلِّ إلا أنّه لا يُرْهَبُ
تَقتادُنا أقْدامُنا وجِيادنا / لجنابهِ وهوَ النّضيرُ المُعشِبُ
لَهَجاً بِدُولاب تَرَقّى نهره / فَلَكا ولكنْ مَا ارْتَقاهُ كَوْكَبُ
نَصَبَتْهُ فَوْقَ النّهْر أيْدٍ قَدّرت / ترويحَه الأرْواح سَاعَةَ يُنْصَبُ
فَكَأنّه وهو الطّليقُ مقيّد / وكأنه وهوَ الحبيسُ مُسيَّبُ
للماءِ فيهِ تصعُّدٌ وتحَدُّرٌ / كالمُزنِ يَسْتَسْقي البحار ويسكُبُ
يُعْلي ويُخْفِضُ رنَّتَيْهِ كَما شدا / غَرِدٌ وتابعَ في زئيرٍ أغْلَبُ
شَاقَتْهُ ألحانُ القِيان وشاقها / فيبوحُ من كَلَفٍ بهِنّ ويطْربُ
أبَداً على وِرد ولَيْسَ بقانِعٍ / من غُلّة في صدرِهِ تَتَلّهبُ
كالعاشِقِ الحَرّان يرتَشفُ اللّمى / خَمرا ولا يرويه ريقٌ أشْنَبُ
هَامَتْ بهِ الأحْداق لمّا نادَمت / منهُ الحَدائقُ ساقِيا لا يشربُ
هَلْ تُرْجعُ الأيّامُ عَصْرَ شييبة / مازلتُ فيها بالحسانِ أشَبّبُ
حيثُ النسيم بما يَمُرّ عليهِ من / حقّ الرّياضِ مُضمّخٌ وَمُطَيّبُ
أيّام يُرْسَل من شبابيَ أدْهَمٌ / أرنٌ ويُشكِلُ من مَشيبيَ أشهَبُ
أمّا الرُّصافة فهيَ سَمْتي لا الحِمى / ولِوى الصريمُ ولا العُذَيبُ وغُرّبُ
ربَّى الهوى منها مكانٌ طيّب / وَلَد السُّرور به زَمانٌ مُنْجِبُ
تاللّهِ ما أنْصَفْتُ أهْلَ مَوَدّتي / شرّقت أشرَق بِالبِعاد وغرّبوا
وأعيذُهُم إذْ لَمْ يُلقِنا جَانِبٌ / مِنْ أن تَطولَ قَطيعَةٌ وتجنُّبُ
فعلام ضَنُّوا بالتّحيّة رغبَة / عنّي كأنّي عَن هواهُمُ أرغَبُ
هَذا فُؤادي قَد تَصَدّع بعدهُم / من يَرْأبُ القَلبَ الصديع ويشعبُ
ولَقد تَغُرُّنيَ المُنى فأطِيعُها / سَفَهاً وبَارقَةُ الأماني خُلّبُ
وأخفُّ ما حُمّلتُ من عِبْءِ الهوى / أنْ أسْتريحَ إلى مَطامع تُتْعبُ
يا منْزلاً كانَ الحِفاظُ يُجِلُّهُ / والجودُ بالضِّيفَانِ فيهِ يُرَحّبُ
أَهوى حلولَك ثُم يسلبُني الهوى / أنّ العَدُوّ بِجانبَيْك مطنِّبُ
أصْبَحْتُ فيك مُعَذَّلاً ومُعذَّبا / وكذا المُحِبُّ مُعَذَّلٌ ومعذَّبُ
ورافضةٍ من مائها في هوائِها
ورافضةٍ من مائها في هوائِها / نَثاراً يُريها في عدادِ النَواصبِ
تمُجُّ كِبار الدُّرّ في دَوَرَانِها / فلو لُقِطتْ زانَتْ نُحورَ الكَواعبِ
وتُفْرِغُ أنواع الفُروغ صَوادِقاً / دِلاءٌ لها مُنْهَلّةٌ كالسّحائبِ
بناتُ الرياضِ العِينُ من أخواتِها / فتَبكي عَليها بالدموعِ السّواكبِ
وتَجعلُ تَرْدادَ الحَنينِ لأصْلِها / دلالَةَ طِيب المُنْتَمَى والضَرائبِ
فَإنْ يَكُ للماء السّلاسِل رُوحُها / فَجُثمانُها في الدّوْحِ عالِي المَناسبِ
من الخائِضاتِ النهرِ يَسمو حَبَابُه / فيُذْكرُ من حُسْنٍ ثُغورَ الحَبائبِ
فمِن مبطئٍ يَحكِي إِذا انحطّ أوْ رَقَى / جَمال سَمَاءٍ زُيّنَت بكَواكِبِ
تَدورُ عليهِ فهيَ تَخشاهُ هَيْبَةً / في ما من الكمِيّ المُحاربِ
ومن عَجَلٍ فيها ورَيْثٍ تَخَالُها / إذا اعْتوَرَتْها طامِيات الغَواربِ
تُولّي فِراراً منه خِيفَة نَهْشِهِ / فَيُنْشِبُ في أضْلاعِها فَمَ جاذِبِ
وقَدْ أصْبَحَا إلْفَيْن يَعتَنِقان في / مُلاعَبَةٍ أثْناء تِلْكَ المَلاعبِ
فَتَأتِي لَه مِثْل الغِياثِ لِوَقْتِه / بِمُنْسابة منْساحَة في المَذانبِ
أرَاقِمُ للبُستَانِ خَيْرُ رَواقِم / سَوالِبُ لِلأشْجان خَيْرُ سَوالِبِ
يا حَبّذا بِحَديقَةٍ دُولابُ
يا حَبّذا بِحَديقَةٍ دُولابُ / سَكَنَتْ إلى حَرَكَاتِهِ الألبَابُ
غَنّى وَلَمْ يَطْرَبْ وَسَقَّى وهو لم / يَشْرَبْ ومِنْهُ اللّحْنُ والأكْوَابُ
لَو يَدّعي لُطْف الهَواء أو الهَوى / ما كُنْتَ في تَصْديقِهِ تَرْتَابُ
لِلْعُود محْتدُه وَمِلْءُ ضُلوعه / لإغاثَة الشّجَر اللّهيف رَبَابُ
وكَأنّه مِمّا تَرَنّم مَاجِنٌ / وكأنّه ممّا بَكى أوّابُ
وكَأنّه بِنُثَارهِ وَمَدارِه / فَلَكٌ كواكِبُهُ لَها أذنابُ
نَاوَلتني العُنّاب أنْمُلُ خَوْد
نَاوَلتني العُنّاب أنْمُلُ خَوْد / خَضَبَتْها بِحُمْرَة العُنّابِ
فتحيّرْتُ فِيهما ثم أهوَي / ت بِحُكمِ الهَوى لذاتِ الخِضابِ
صَبْوَةٌ لا أميلُ إلا إِليها / رُبّ طَبْعٍ يكونُ طوْعَ التَصابي
أمَا بَعْد عَتْب العامِرِيّة مِن عُتْبى
أمَا بَعْد عَتْب العامِرِيّة مِن عُتْبى / لقد قَطَعَتْ حتّى الوَلائِدَ وَالكُتْبا
إِذا زُرْتها لاقيتُ حجبا مِن القَنا / وبيض الظُّبى تحمي البَراقِع والحجبا
فأَرْجع أدراجي وَلَوْ شِئتُ خاض بي / لقُبّتها طرْفي جنابَتُها القَبّا
وما ذاك جُبْناً بل حيَاءً وَعِفّةً / مِن الحيّ أن يدْرُوا بمَن شفّني حُبّا
لَهَا اللّهُ لِمْ ضَنّتْ عَلَيّ بِوَصْلِها / وَلِم حَرمَتني القرْبَ دونَ ذرَى القرْبى
وَما ضَرّها أنّي يَمانٍ وأنّها / لِقَيْسٍ ألسْنا في تعارُفِنا عُرْبا
تَذود عن الثّغْر الشّنيبِ بِلَحْظِها / فيا مَن رأى عضْب الظبا يحرُسُ العَذبا
بِعَادٌ وإِعراضٌ عَلَيّ تَعَاقَبا / فيا فَاتِني بالحُسْنِ حسّنْ ليّ العُقبى
إذا كان إسعادي لِسُعدى مُنافِراً / فماذا عسى يُؤثرُ بي با
وللّهِ ذات القلْب والحَجْل كُلّما / أحَاولُ أن تَرْضَى تَطلعُ لي غَضْبى
يَقَرُّ بعَيني أن أزورَ مَغَانِياً
يَقَرُّ بعَيني أن أزورَ مَغَانِياً / بِسَاحَتِها كُنّا نَخوضُ ونَلْعبُ
إذا العَيْش غَضٌّ والشَبيبَةُ لَدْنَةٌ / وسافرُ وَجْه الحُسْنِ ليسَ يُحجّبُ
فكُلُّ صَباحٍ في الشُّروقِ مفضَض / وكل أصيلٍ في الغُروبِ مُذَهّبُ
وَما أربي إلا الرُّصافةُ لَوْ دَنَتْ / وَهل لِلْهوى إلا الرُّصَافةُ مَذْهبُ
لكَ الخَيْرُ أمْتِعنِي بِخَيري رَوْضَةٍ
لكَ الخَيْرُ أمْتِعنِي بِخَيري رَوْضَةٍ / لأنْفَاسِهِ عِنْد الهُجوع هُبوبُ
أليسَ أديبُ النّوْر يَجعلُ لَيْلَه / نَهاراً فيَذْكو تَحْتَهُ ويطيبُ
ويَطوي معَ الإصباحِ مَنْشورَ نَشْره / كَما بانَ عَن ربع المُحبّ حَبيبُ
أهِيمُ بِهِ عن نِسْبَةٍ أدَبيّةٍ / ولا غَرو أنْ يَهْوَى الأديبَ أديبُ
أهْلاً بِهِنّ أهِلَّةً وكَواكبا
أهْلاً بِهِنّ أهِلَّةً وكَواكبا / زَحَفت هِلالٌ دونَهنّ مواكِبا
تَخدي الركائِبُ والسّلاهِبُ حَوْلَهَا / تُرْدي كأسْطارِ الكِتابِ كتائبا
فالمَوْتُ بينَ أوانِسٍ وفَوارِسٍ / جاروا عَليّ أعادِياً وحَبائِبا
هُنّ الظّباءُ العاطِياتُ سوالِفاً / وهُمُ الأسودُ الضّارِياتُ مَخالِبا
جَعَلوا الدّماءَ خَلوقهُم وخِضَابهُم / مُسْتأصِلينَ مُسالماً ومُحارِبا
أنهاكَ لا تَغْشَ المَضاربَ خِيفَةً / من أعْيُن تَهَبُ الصّفاحَ مضَارِبا
لَم تَرْمِ إلا أقْصَدَتْ لحَظَاتُها / فَجَرى دَمُ الصّبّ المُتَيّم صائِبا
يا مَن لقَلبٍ ذائبٍ من غادَةٍ / كالصُّبحِ تسْحبُ لِلظّلام ذَوائِبا
وَحْشِيّةٌ في فَازَة بِمَفازَةٍ / يَنزو الجنانُ الوَحشُ مِنها راهِبا
خَيلاً وَشَوساً مِن حِفاظ صادِق / تَلقَى عِراباً قَبلَها وأعارِبا
حُمرُ القِبابِ على اليبابِ هيَ المُنى / وكَفَى بهِنّ أمانياً وَمآرِبا
لو لَمْ تُظلّل بالرّماحِ عَواسِلاً / دونِي وَتَكلأ بالصّفاحِ قواضِبا
فَلَكم طريرِ الحَدّ يخفُرُ طُرّةً / ولَكم أصمِّ الكعْبِ يكفلُ كاعِبا
دَعني أجِد شَوْقاً إلَى مَخضوبَةٍ / أطرافُها بِدَمي الطّرِيِّ خَواضِبا
مَنْ راح بالبِيضِ النّواعمِ هائِماً / لم يَغدُ للسُّمرِ الذّوابِل هائِبا
والصَبُّ مَن خاضَ الأسِنّة والظُّبى / نَحوَ الظّباء مُطاعِناً ومُضارِبا
إنْ لا يُسَلْ عنّي فكلُّ جوارِحي / جُرْحٌ رَغيبٌ بتُّ فيهِ راغِبا
قَد صَيّرَتني العامِريّة عامِراً / ألْقى الأسِنّةَ كيفَ شِئْتُ مُلاعِبا
أمّا الهَوى فأخو الوَغى لَم أسْتَرحْ / مَن ذا لذاكَ مُراوِحاً ومُناوِبا
فكأنَّ عهْداً من وليّ العهدِ لي / أنْ تُسْفِرَ الغَمراتُ عنّيَ غَالبا
مَلِكٌ أنَاف علَى الملوكِ مَحامِداً / ومَحَاتِداً ومَناسِباً ومَناصِبا
تَنْمِيه آباءٌ كِرامٌ لِلعُلى / كَثروا النجوم مَقانِبا ومَناقِبا
بَيْت الإمارةِ بيتُه وبِحَسْبِه / حَسباً يشقُّ عَلى الثّواقِبِ ثاقِبا
يَحلو له طَعم الكَريهَةِ سَلْسَلا / وهِيَ الأجاجُ مَشارِعاً ومَشارِبا
أمدُّ ما تَلقى طَلاقَتُهُ مَدىً / في اليومِ أنّ ضُحاه يَطْلعُ شاحِبا
مازالَ في ذاتِ الإلَهِ مُشمّرا / ولِذَيل فَيْلقِه العرَمْرَم ساحِبا
يَغشى الخِطار إلَى الخَطيرِ من العُلى / قبْلَ الصَلادِم لِلعَزائِم راكِبا
مُتَبَسِّما يُزْجِي سَحائِبَ عِثْيَرٍ / تَنْهلّ منهُنّ الدّماء سَواكِبا
وتَروقُ فيها كالبَروقِ مناصِلٌ / لا ترتَجي مِنها الجَماجِمُ حاجِبا
قَد راعَ أجواز المَهالِك حاطِبا / واحْتازَ أبْكارَ المَمالِك خاطِبا
أمْنِيّةٌ لَبّتْ لُهَاه راضِيا / وَمَنِيّةٌ صَدّت ظُبَاه غاضِبا
لم يَبْدُ في أفقِ الهِدايَة طالِعاً / إلا تَوارَى ذو الغِوايَة غارِبا
عَجَباً لِماء حَديدِه ألِف الوَغى / ناراً فولّد ذا وَذاك عجائِبا
لِيُطَهّر الآفاقِ من ذَنْبِ العدى / حَمَل الصوارِم في الغُمودِ مذانِبا
وكأنّما عَزَمَاتُه وعِداتُه / عُصُف الشّمال وقَد لقِينَ سَحائِبا
يُمناهُ مِثل المزن ترْسلُ وابِلاً / غَدقاً وترْسل في الكَريهَةِ حاصِبا
إنْ جَدّ راع الضارِيات غَواضِبا / أو جاد غاظ الطامِيات غَوارِبا
بيْنَ القَسَاوِر والكَساوِر زَحْفُه / مِمّا اصْطَفاهُ أخامِساً وسَلاهِبا
ما همّ بالمَلِكِ الهُمام ففاتهُ / ولَو اغْتَدى للنَيّرات مُصاقِبا
وَلهُ سَجايا في السّماحِ غَريبَة / مَلأت أكُفّ العَالَمينَ رَغائِبا
صَدّق بِكُلّ عَجيبة إلا بأن / يَنْفَضّ عَنْها ذو رَجاء خائِبا
مَنْ نالَ من تلك الأنامل نائِلاً / لَمْ يَشْكُ مِنْ نُوب الليالي نائِبا
أمِن الأنام به فعاد مَراقِداً / لِجُنُوبِهمْ ما كانَ قَبْلُ مَراقِبا
إنّ المُلوك بَني أبي حَفْصٍ أبَوْا / بِأبِيهِمُ إلا السماءَ مَرَاتِبا
أبْقاهُمُ لِلْمُتّقين هديَةً / كالشّمسِ تُعْقِبُ أقْمُراً وَكَواكِبا
وَعَلى أبي يَحْيى الْتَقَت أنْوارُهُ / فَتَمَزّقتْ عَنْها الخُطُوب غياهِبا
للّهِ درُّ عِصَابَة قدسِيّةٍ / لا يَرْتَضون سِوى النجوم عَصائِبا
باهى الزّمانُ بِهم سَرَاةَ مُلوكه / وزرَى عَلَيْهم عَاتِباً أو عَائِبا
يا ابْنَ الإمامِ المُرْتَضى هُنئْتَها / شِيَماً وَرثتَ ضُروبَها وَضَرَائِبا
وَإِمَارَةً قُلدْتَها فاسْتَخْدَمَتْ / سَعْدَ السعودِ فَواتِحاً وَعَواقِبا
وَلَقَدْ وَرَدْتَ علَى الأيَامِنِ قَادِماً / وصَدَرْت وضّاحَ المَيَامِن آيِبا
فانْهَضْ لتَدْبيرِ الأمورِ مُصاحِباً / لا زالَ أمْرُكَ للظهورِ مُصاحِبا
وَاطْلع بِأفْق النّاصِريّة باهِراً / يَأفُلْ أمَامَكَ كُلُّ باغٍ هَارِبا
يا حَضْرَةَ التّوْحِيدِ زانَكَ حاضِراً / ثُمّ استَقَلّ يَسُدّ ثَغْرَك غَائِبا
والأسْد قَدْ تَنْزاحُ عن غاباتِها / لِتُعزّ أطْرافاً لَها وجَوَانِبا
والبيض لوْلا هجْرُها أغْمادها / ما واصَلَتْ بَرْيَ الرِّقابِ ضَوارِبا
هِيَ خِدْمَةٌ أدّيْت حَقّاً لازِماً / مِنْ وَصْفِها وقَضَيْت فَرْضاً واجِبا
ولَعَلّ فِكراً جال في تَهذيبِها / لَفْظاً وَمَعْنىً لا يُسَمّى حَاطِبا
ما قُلْتُ إلا ما فعلتُم طيّباً / بِشَذى عُلاك مشارِقاً ومغارِبا
وإذا النهى أملتْ عُلاكَ مَدائِحا / فَمِنَ السّعادَة أن أكونَ الكاتِبا
دَعْ ما يريبُ إلى ما ليسَ بالرِّيب
دَعْ ما يريبُ إلى ما ليسَ بالرِّيب / فَذا يبوؤك العَلْيا مِن الرُّتبِ
واعْمِدْ إلى سُبُل الخيراتِ منتَهجا / لَها لِتَسْعَدَ في حالٍ وَمُنْقَلَبِ
دارت السرّاء فيهِ قَهْوة
دارت السرّاء فيهِ قَهْوة / فَتَسَوّغْتُ الأجَلَ الأعْذَبا
قَبْل أنْ أغْشَاهُ هَاجَرْتُ له / نِيّةٌ أخْلَصْتُها مُحْتَسِبا
فَلَئِنْ وَافَيْت عَبْداً كَلِفاً / فلَقد لاقَيْتُ مَوْلىً حَدِبا
لا أعْصِرُ الخَمْرَ بل أغْرِس العِنَبا
لا أعْصِرُ الخَمْرَ بل أغْرِس العِنَبا / حَسبي ثُغُورٌ تُبيحُ الظّلْمَ والشّنَبا
إذا تُدارُ على صاحٍ سُلافَتُها / يَوْماً تَهافَتَ سُكْراً وانتَشى طرَبا
وظلّ يَهْزَجُ في أثناءِ نَشْوَتِه / حتّى كأنّ دَمَ العُنقودِ ما شرِبا
قل للنّزيفِ بِها أدْمِنْ على ثِقَةٍ / فلا جُناحَ على مَن أدْمن الضَربا
يا بُؤْسَ للصبّ شَام البَرْقَ مُبتَسما / فباتَ يُزْري بصَوْبِ المُزْن مُنْتَحبا
وفي الحَشا ما الحَشايا عنْه تُنْبِئُه / مِن لوْعة سَعّرتها فاغْتَدَتْ عَجَبا
لا أنكرُ الضّد يلقى الضّدّ مذ جمعتْ / جوانحي وجفوني الماء واللَهبا
إنّ الذين ولُوا أمْر التي ولِيَتْ / أمْري غدا سِلْمُهُم حَرْباً فَواحرَبا
أمُّوا العَقيق فعاقوا العاشِقين ولَوْ / عاجُوا على منعجٍ قضّى الهوى أرَبا
آمَتْ بَنَاتُ نَسيبي يوْم بينهِمُ / لِفَقْدها منْ فُؤادي قَيّماً حَدِبا
ساروا بِه دونَ جِسْمي كَيفَ صاحَبَهُم / ولا قوامَ لهُ إلا إِذا اصْطُحِبا
يا آلَ خَوْلَةَ لا آلُو مَضَارِبَكُم / حَوْما عَليها رَجاء الوردِ إذْ عذُبا
وإنْ حَجَبْتم عنِ الأبصارِ هَوْدجَها / فحاجب الشمس لا يخفى وإن حُجبا
ما ضرّكم لو نَفَحْتُم مِن تعلّقها / بأنْ يَسوق لَها المُهرية النُّجُبا
لَئِن بَخِلْتُم بِنزْر ليسَ يَرْزَؤُكُمْ / لَتَفْضَحُنّ بِما تأتُونَه العَربَا
أليسَ يُعْديكُم جُودُ الأميرِ عَلى / قاصٍ ودانٍ بِما يَسْتَغْرقُ الطَلبا
المُنتَضي صارِماً للهَدْي مُنْتَصراً / والمُرْتَضى قائِماً بِالحَقّ مُنْتصبا
إمامُ دينٍ ودُنيا لمّ شَمْلَهُما / مِنْ بعد ما اضْطَرَبا دهراً وما اغْتَربا
تقلّد المُلْكَ والسُّلطان مُنْهَجةً / أثْوَابُه فَثَناها غَضّةً قُشُبا
يَسمو بآبائِهِ الأنام مُفْتَخِراً / إِذا المَنابِر سَمَّتْهُمْ أباً فأبا
وإنّ يَحْيى بنَ عبد الواحدِ بنِ أبي / حَفْصٍ لأَنوَرُ من شَمسِ الضُحى نَسبا
ثَلاثَةٌ هُمْ نُجومُ الأرضِ قَد عَشَروا / وعَاشَرُوا في السّماءِ السّبْعَة الشُهُبا
مُبارَكونَ عَلى الدُنيا عَزائِمُهُم / حِزْبُ الديانَة فيما غالَ أو حَزَبا
أضحى وحيدَهُمُ في كلِّ مَعْلُوَةٍ / مَنْ ردّ من ألْفة التّوحيدِ ما ذَهَبا
مَلْكٌ تَبَحْبَحَ في عَلْياء سُؤْدَدِه / فأَحرَزَ السّلَف القُدْسِيّ وَالعَقبا
تَهْوى الكَواكِبُ لوْ أهوَت لِسُدّتِه / فَقبّلَتْ راحَةً لا تَأتَلي تَعَبا
طَعْنَاً وضَرْباً وبَذلاً كُلّ آوِنَة / ولا نَصيبَ لمَن يَستَنكِفُ النّصَبا
فمِنْ سماح إذا القطر المُلِثُّ ونَى / أوْ مِنْ مَضاء إِذا العَضْبُ الحُسامُ نَبا
لَم يَدْنُ مِن بابِهِ مُسْتَشْعِرٌ وَجَلاً / إلا دنا مِن أمانِ اللّهِ وَاقْتربا
أَعْرى الصَوارِمَ لمّا باتَ مُدَّرعا / مُفاضَة الحزْم واستَدنَى القَنا السُّلبا
وَصالَ بِالبيضِ بأساً حِينَ سالَ نَدىً / بِالصَّبرِ فاسْتفْرغ الأكياس والقِربا
الطّوْد والبَحر من حُسّادِه أبداً / إذا احْتَبى في سَريرِ المُلكِ ثُمّ حَبا
لأجلِها طاشَ هَذا مُزبِدا قَلِقاً / وقَرّ ذاك طويلَ الفِكْرِ مُكْتَئِبا
ثمّ استَبان كَمالاً فيهِ عِزُّهُما / حتَّى لَقَد رَضِيا مِن طُولِ ما غَضِبا
مُبَارَكٌ لَم تَلُحْ كالصُّبحِ غُرّتُه / إلا جَلَتْ كالظّلام الحَندس النوَبا
يُغادِر النّهْر غَصّاناً وقَد جُعِلَت / تُحيلُ شُمّ الرّواسي خيلُه كُثبا
في الجَيْشِ منهُ رَبيط الجَأشِ يُؤْمِنُه / والرّوْع يَفْصِلُ عن راياتِها العَذَبا
ما هَزّهُ المَدْحُ إلا انْثَالَ نائِلُهُ / كالجِذع ساقط لما حرَّك الرُّطبا
عُلى المُلوكِ وُقوفٌ دونَ غايَته / إنّ القُطوف إذا جارى الجَواد كَبا
وَإن أخالُوا بِدَعوى في مُجَانَسَةٍ / فمن لَهم بلُجيْن يُشبِهُ الذّهَبا
هذِي الشُهورُ شُهورُ اللّهِ واحِدَةٌ / والفَرْدُ مِنهُنّ وَصفٌ لازِمٌ رَجبا
مَوْلايَ سَحّتْ عَلى العبدِ اللهَى دِيَماً / فَبَادَرَ الحَمْد يَقْضي مِنْهُ مَا وَجَبا
إنّي أخاف وَقَد عُجلْتهَا مِنَحاً / إِذا أؤَجّل مَدْحاً أن يكونَ رِبا
سارَعتُ بالشكرِ إِفصاحاً بأن يَدي / تَأثّلَت مِن يَدَيْك المَالَ والنّشَبا
وَما توقّفتُ عَن بَيْتٍ وَقَافِيَةٍ / مُنذُ استَفدْتُ لَدَيك العِلم والأدَبا
عَذلُوهُ في تَشْبِيبِهِ ونَسيبِه
عَذلُوهُ في تَشْبِيبِهِ ونَسيبِه / من ذا يُطيقُ تَنَاسِياً لحَبيبِهِ
ومَضَوْا عَلى تَأنيبِهِ وبِحَسْبِهِم / تأبِينُه مَحياهُ في تأنيبِهِ
أو ليسَ من خَضَب البياض مموها / كَصَريعِ مُشْتَجر القَنا وخضيبِهِ
ركدت صَبا عَصْر الصّبا وهُبوبُها / وهَفا النَسيم لِنَوحه وهبوبِهِ
تاللّهِ ما جَوْرُ الفَتى من كَوْرِهِ / وَكَفاهُ وَهْنُ قراهُ في تَجريبِهِ
والْعُمْرُ ليس قَشيبُه كَدَريسِه / كاليوم لَيْسَ شُروقُهُ كغُروبِهِ
من شارف الخَمسينَ ضَيّقَ عُذْرَهُ / تَعْدَادُهُ في الشّيبِ عَن تَشبيبِهِ
لَكِنها حَدَقُ المَهَا خَبَأت لَهُ / مِنْ سِحْرها ما جَدّ في تَحبيبِهِ
فالقَلبُ محتَملٌ صِلاءَ شُجونِهِ / والجِسْم مُشْتَمِلٌ مُلاء شُحوبِهِ
واهاً لَه حَسِبُوا المَشيبَ يَصُدُّهُ / عَنْ ذكر أيّامِ الحِمَى وكَثيبِهِ
وإذا العَميدُ نَضا رداءَ شَبابِهِ / أغراهُ بِالتّهْيام لِبْسُ مَشيبِهِ
هَيهات يَصْحو أو يفيقُ مِنَ الهَوى / مُسْتَعْذِبُ البُرَحاء في تَعذيبِهِ
يا حَبَّذا نَجدٌ وسَالِفُ عَهْدِهِ / فيهِ استَفَدنا طيبَها من طِيبِهِ
ومَجالُنا مِن رَوْضهِ بغَديرِهِ / في ظِلّ مائِسِ دَوْحِهِ وَرطيبِهِ
وصَباً تَحَمّلُ من تضَوّعِ رَندِه / وعَرَارِهِ ما زادَ في وَصبي بِهِ
لَم يَلْبثِ المَكروهُ فيها أنْ نَأى / لمّا دَنا المَحبوبُ دونَ رَقيبِهِ
هِبة الزمانِ قَضى بِها دَيْن المُنى / لو لم يَعُدْ مِنْ بَعد عن موهوبِهِ
شتّان بَينَ مُجَرِّر لِذُيولِهِ / طَرَباً وبَيْنَ مُمَزّقٍ لِجُيوبِهِ
ومِنَ العَجائِبِ أن يَتمّ تَمَتُّعٌ / لأخي هَوى بأَنيقِهِ وعَجيبِهِ
كانَت مَتَاعاً لَوْ يَدومُ وإنّما / ضَحِكُ الزمانِ ذريعَةٌ لِقُطوبِهِ
ولئِنْ تَقضّت لَيسَ يَنسَى عَهْدَها / كَلِفٌ بَسيطُ الحُبّ في تَركيبِهِ
مِنْ دونِ سَلْوتِها نَوازِعُ لَوْعَةٍ / قَرَّ الفؤادُ بها فُوْيقَ وجِيبِهِ
رَحُبَتْ حَياتي عندَ يَحيى المُرْتَضى / في رَحْبِ نائلِهِ وفي تَرحيبِهِ
مَلِكٌ أقامَ الحَقّ عندَ قُعودِهِ / وأَعادَ فَيْضَ الجُودِ بَعد نُضوبِهِ
حَسّت خلافَتُهُ الخلافَ وصيّرت / مِنْ حِزْبِه مَنْ لَجّ في تحزيبِهِ
وكذاكَ من لَحِظ العَواقِبَ لُبُّه / حَذِر العِقاب فكفّ عن تأليبِهِ
لاَ يَسْلُبُ الجَبّارَ بَيْضَةَ مُلكِهِ / إلا إذَا هوَ حاد عَن أسْلوبِهِ
تَتَقمّنُ الأقْدارُ خادِمةً لَهُ / سَرّاءه في سِلْمِهِ وحُروبِهِ
وعَلى مَيامِنِهِ الكَوافِلِ بِالمُنى / تأمِينُ ظَبْي القَفْر عَدْوةَ ذيبِهِ
وافَى الزمانُ بهِ إماماً عادِلاً / والجَوْرُ قَد عَمّ الوَرى بِضُروبِهِ
وَخليفَةً في الأرضِ لكِن بَيْتَه / فَوْق السماء يُمَدُّ في تَطْنِيبِهِ
يَرْمِي فيُصمي قاصِياتِ مَرامِهِ / مِن رَأيهِ بِسَديدِهِ ومُصيبِهِ
خَلَعَتْ مَناسِبُه الكَريمَةُ عِتْقَها / وزكاءَها حتى عَلى يَعْبُوبِهِ
فإِذا امتَطاهُ سَما النُّجومَ بِجيدِه / وشَأى الرياح بِحَضْره ووثوبِهِ
لو أنَّ لِلأملاكِ فَضْلَ نِصابِهِ / مَلَكوا مِن الأمداحِ مِثْل نَصيبِهِ
تَخريبُ بَيْتِ المالِ عادَةُ جُودِه / وحَصَانَةُ العَلياءِ في تَخْريبِهِ
ضَمِنَتْ لَهَاهُ ضَرَائِبٌ حَفْصِيّةٌ / قَد أعْدَمَتْ فِيهَا وُجودَ ضَريبِهِ
إنَّ الهُدى لمّا شَكا لِضَنىً بِهِ / ما شَكّ في إبْلالِه بِطَبِيبِهِ
جَرّ الجُيوشَ مُصَمّماً في رَفْعِه / مِلْءَ الملا هَضَبَاتِهِ وَسُهوبِهِ
وجَنَى جَنِيّ النّصْرِ في تَشريقِه / مِنْ غَدْر خَاذلهِ وفي تَغْريبِهِ
لَمْ يُبْقِ مِنْ شُعبِ الضلالَة شُعْبَةً / بالصَّيدِ من أحيائِه وَشُعُوبِهِ
مُتَبسّماً ورِماحُهُ تَبْكِي دَماً / في اليَوْمِ تُحْجَبُ شَمْسُه بِكُعوبِهِ
حَيثُ المُهنَّدُ مُسمعٌ بِصليلِهِ / والمَوْتُ ساقٍ للكُماةِ بِكوبِهِ
تِلْك الخِلافَة في يَديْهِ وعَهْدُها / لِسليلِه رَبّ النّدى ورَبِيبِهِ
ثَبَتَتْ معاقِدُها علَى تَأريبِهِ / وَرَسَت قَواعِدُها على ترْبيبِهِ
ألَمْ تَرَها تَسْمو لأشرَفِ غَايَةٍ
ألَمْ تَرَها تَسْمو لأشرَفِ غَايَةٍ / وتَسبِقُ سَبْق المقرباتِ الشَوازِبِ
إذا أصْدَرَتْ غُبْرُ السّباسِبِ وافِداً / لَها أوْرَدَتْ شرْواه خُضْرُ الغَوارِبِ
سَعادَةُ آفاقٍ بِها شَقِيَ العِدَى / كبت بمَجاريها مجرّ الكَتائِبِ
أَجابَتْ نِداء الحَقّ تَبْغي نَجاتَها / فأَعْقَبَها التّوفيقُ حُسْنَ العَواقِبِ
وَكانَتْ عَلى الكُفّارِ غَير مُعانَةٍ / فَسُرعان ما قَدْ صُرّعوا بِالقَواضِبِ
هُوَ الزّمَنُ المَضروبُ للنّصْرِ مَوْعِداً / ومازالَ وَعْدُ اللّهِ ضَرْبَةَ لازِبِ
لَقَد رَاقَبَتْ عام الجَماعَةِ بُرْهَةً / فَلَمْ يَعْدُها إِقرارُ عَيْنِ المُراقِبِ
هَنيئاً لأَهلِ العُدْوَتَينِ عِدَادُهُمْ / بإِخلاصِهِم في المُخْلِصِين الأطايِبِ
أَطاعُوا الإِمام المُرْتَضَى وَتَسابَقوا / إلى سَنَنٍ يهدي إِلى الرُّشد لاحِبِ
إلى مَذْهَبٍ سنّتْه سبْتةُ قاصِدٍ / بِهِ عَدَلُوا عَنْ زَائِعاتِ المَذاهِبِ
ألا هَذِه حِمْصٌ تُناسِبُ طاعَة / سِجلماسة في رَفْضِها لِلمناصِبِ
وَما خالَفَت غرْناطةٌ رَأي رَيّة / لتَشْمُلَ أنْوارَ الهُدى كُل جانِبِ
وَجَيّانُ لم تَبْرح كشلْبٍ وطَنجَةٍ / مُبارِيةً هُوجَ الصَبا والجَنائِبِ
لتسْعد بالرّضوانِ بَيْعاتُها التي / كَفى شَاهِدٌ مِنْه تَأمّلَ غَائِبِ
وَهَلْ قَدَحتْ إلا لِفَوْزٍ قِداحُها / فَلا غَرْوَ أن تَحظَى بِكُبرَى المَواهِبِ
كذا الخُلَفَاءُ الأَكرَمونَ مَنَاسِباً / تُنالُ بِهِم عَفواً كِرامُ المَطالِبِ
مَمَالِكُ ألْقَت خُضّعاً بِقِيادِها / إلى مَلِكٍ في العِزِّ سامي الذّوائِبِ
بهِ اعْتَصَمَتْ مِمّا تَخافُ عَلى النَوى / فلَيْسَ مَرُوعا سِرْبُها بالنّوائِبِ
سَتَظْمأ مِنْ وِرْدِ الرّدى جَنَباتُها / وإنْ رويتْ قِدما بِصَوْب المَصائِبِ
وَيَثْنِي مُلوُك الرّوم عمّا تَرُومُه / بِعَزْمة رَاض للدّيانة غَاضِبِ
وَمن يَرهَبُ الجُلّى وَهَذا جَلالُه / عَلى الأَمْنِ مَحْمولٌ بِهِ كُل راهِبِ
لأندَلُسَ البُشرى بِنَصْرِ خَليفَةٍ / ضَروبٍ بِنصْل السيف زاكي الضَرائِبِ
قَريبٌ عَليهِ نيْلُ كُلّ مُحاوِلٍ / وَلو كانَ بُعداً في مَحَلّ الكَواكِبِ
تَعَوّدَ إمْلاء النّوادِرِ بَأسُه / بِحَيثُ تَعِيها صارِخاتُ النّوادِبِ
غَرائِبُ مِن نَظْمِ الكُماةِ بِنَثْرِهِ / كُعُوبَ القنا واهاً لتِلك الضّرائِبِ
وقامَ بِحِزْبِ اللّهِ يَنْصُرُ دينَهُ / فلَمْ تَهَبِ الدُّنيا طُروقاً لِحازِبِ
وَقَدْ جَعل الهَيْجا رِياضاً خِلالَها / يُفجِّر أنْهارَ الدّماء الصّوائِبِ
أمَدّ بِجدٍّ صَاعِدٍ جُرَعَ الرّدى / عِدَاه فمَغْلُوبٌ بِهِ كُلُّ غَالِبِ
ومَن كانَ بالإحسانِ والعَدْل قَائِماً / فلَيسَ يُقِرُّ العَضْبَ في يَد غَاصِبِ
بِمَطْلَعِ يَحيى غار كلُّ مخالِف / ومِنْهُ اسْتماح السّلمَ كلُّ مُحارِبِ
وكَمْ أظهَرَ الماضونَ شَوْقاً لعصْرِهِ / بِما خَبّروه في العُصورِ الذّواهِبِ
إمَامَتُهُ أَلْوَتْ بِكُلّ إِمَامةٍ / وَبِالصُّبْحِ وَضّاحاً جَلاءُ الغَياهِبِ
هيَ العُرْوَة الوُثْقى ومنْ يعتصم بها / فلَيسَ يُبالي ناجِياً بالمَعاطِبِ
بنورِ هُداها يَقْتدِي كُلُّ تَائِه / وَمَحْضَ رِضاها يَقْتَني كُلُّ تائِبِ
أيَقْصُر عنْ فَتْح المشارِق بعْدَما / تَقاضى بِأَمْرِ اللّهِ فَتْح المَغارِبِ
وَسارَ إِلَيها في المقانِب زاحِفاً / وَلَو شاءَ لاسْتَغْنَى بِزُهْرِ المَناقِبِ
يُضارِب في ذاتِ الإلَهِ وَلَم يَكُنْ / لِيُخفِقَ في الأيامِ سَعْيُ المُضارِبِ
مَديد الغِنى من كَفِّه مُتقارِبٌ / لِمُنْتَزَحٍ عَن بابِهِ وَمُصاقِبِ
أجارَ من الإظْلامِ ثاقِبُ نُورِهِ / فَلا زالَ جاراً لِلنجومِ الثّواقِبِ
هنيئاً لوَفْدِ الغَرْبِ من صفوة العُرْب
هنيئاً لوَفْدِ الغَرْبِ من صفوة العُرْب / قُدومٌ على الرُّغبِ المُجيرِ من الرُّعبِ
وهَصْرٌ لأفنانِ الأماني أفادَهُم / أفانينَ حصْبِ الجُودِ بالرَّفْهِ والخِصْبِ
ألم تَرهُم أفضوا إلى فائض النّدى / فلقّاهُمُ بالنائِل الرّحب والرّحْبِ
وَقَلّدهم لَمّا كَساهُم فَلا تَرى / سوى العضْبِ حَلاهُ النُّضارُ عَلى العَصْبِ
تَحارُ عُقُولُ المعْقِلِيّينَ في لُهىً / كَفى السّحْب من فَضْفاضِها نُجْعة السحبِ
بِعَيْشِهِمُ هل أحْرَزوا قَبْل مِثْلَها / إذِ العَيْشُ بينَ القَسْبِ يَرْتادُ والسَّقَبِ
وأنْفَسُ مِنها ما أُفيدَ من الهُدى / وإن جَعَلَتْ تُربي عَلَى عَددِ التُّرْبِ
أَما انْجَلَتِ الجُلّى أما التَأم الثأى / فلِلّه شَعْبٌ قابلوا الصّدْع بالشّعبِ
دَنا بِهم الإخْلاصُ والدار غُرْبَةٌ / فكعْبُهم يَعلو رُؤوسَ بني كَعْبِ
هُمُ الرّكْبُ حاد الكْرب عَنهم محيدَهم / عَن الجَرْيِ في الإيضاعِ والخَبّ في الخبِّ
بُدوراً إِذا ما قطّب الجَوُّ أشرَقوا / تَدور رحاهُم مِن هِلالٍ على قُطْبِ
إنابَتُهُم تَقضي بِصِدْقِ منابهم / وعَزْمَتُهُم تُنْبي بِأنّ الظّبى تُنْبي
هَدَتْهُم إِلى الهادِي الإمام سعادَةٌ / تؤُمُهم بالسّرْبِ يوهِب والسّرْبِ
وتُعلمُهم أن ليس كَالْغَيْهَب الضُّحى / ولا السّابِقاتُ الجُرْد كالرُّزح الجُرْبِ
ومَنْ رامَ يحيى كَعْبَةً لِطَوافِه / غدا لا يُهابُ الهَضْم في ذَرْوَة الهَضْبِ
إمامُ هُدى أفنى الضّلال مُسلّطاً / عليهِ بِأوْحى القَضْبِ ماضية القُضْبِ
وبَحْر ندىً منْ يَرْجُ فيض عُبابه / يَفُزْ بالنُّضار السبك والوَرِق السَّكْبِ
أبَرّ على الأملاك بِراً مباركاً / صَنائعُه وهي الجسامُ إلى ربِّ
وأنْفَذَ عدْوَ الخَيْلِ في طلبِ العِدى / وَبنْدُ الهُدى منهُ إلى ملكٍ نَدْبِ
يُحبّر كُتْباً أو يَجُرُّ كتائِبا / وحَسبُك بالحِبْر المغامر في الحَرْبِ
فَكَمْ عَالِمٍ أرْدَتْ عُلاهُ وَمُعْلَمٍ / بِضَرْبٍ من التبكيتِ كالطّعنِ والضّربِ
عَلى النّشْجِ مقصورُ الزّهادةِ والتُّقى / وصارمُه الظمآن في العَلِّ والعَبِّ
أما راعَ منهُ الشّرقَ تأييدُ أرْوَعٍ / سَطا غَيْرَ نابي الغَرْبِ والحَدّ بالغَرْبِ
يُديل من الإملاقِ والفَقْرِ بِالغِنى / ويُفرِجُ بالكَر العَظيم من الكربِ
ويُؤمِنُ مَن تَضْطَرُّهُ حالُ مَحْلِه / إلى الخبطِ في الآفاقِ مِن خيفةِ الخطبِ
أوَى الدّين من سُلطانِه لِمُناجِزٍ / مُناوئَه بَسْلٍ على الدّم بالذّبِّ
أقامَ صَغاه يَوْم قام لِنَصْرِهِ / بصبح الأعادي الحَيْنَ في أشرَفِ الصَّحْبِ
تَرى كُلّ جحجاح إذا اعتزّ واعتَزَى / إلى الحَسَبِ الوَضّاحِ نادى بهِ حَسْبي
خَضيب الظُّبى من خضْدِه شوْكةَ العِدى / كأنّ به شَوْقاً إلى الخَضْدِ والخَضْبِ
تَقَبّل آثارَ الخَليفَة مُسلِفا / بِها قُرباً تحْظى من اللّهِ بالقُرْبِ
وَهَلْ هِيَ إلا الصّالِحاتُ بِأَسرِها / فَعُجْ بي عَلَيْها أستجدَّ بها عُجبي
وأُملي قَريضاً لا أملُّ تَوسُّلا / إلَيها بسحْرٍ منه يُعربُ عن حُبِّي
هُيامي بِأن يَرْضى إمامي وحَبّذا / فيأمُر من رحْماه بالغِبّ للصّبِّ
خِلافاً لِمن يَهذي بِلُبْنى وخوْلَةٍ / ويَحمِلُ ما يودي من اللسْنِ والنّسبِ
وَلَم أرَ كالهَيْمانِ يقْنَعُ في الهَوى / فتوناً بمُرِّ العَذْلِ من حلْوهِ العَذْبِ
ويَصْبو لخطْفِ البَرقِ أو هَبَّة الصَّبا / فَيُضحي ويُمْسي نُصْبَ ذلك في نَصْبِ
ومِنْ نِعْمة المَوْلى عليّ تخلُّصي / بِحُبّ العُلى من حالِي العيْث والعيْبِ
أما وحُلاها لا أسرّ صَبابَةً / إلى غَيرها قَلْبي ثَباتاً بِلا قلبِ
فإبْداء ما استنبطْتُ في الشكرِ شيمَتي / وإهدَاء ما اسْتَبْضَعْتُ من أدبي دأْبي
وفَوّضَ في سُلطانهِ لاضْطِلاعِه / ولابُدّ للجَيْشِ العَرمْرَم من قَلبِ
خلافَة يَحيى زانَ عَهْدُ مَحَمّد / ولا شكّ أنّ الزّند يَزْدان بالقلبِ
هُما القَمَران النيّران وإنّما / مَدارُهُما لِلْمَعْلُواتِ عَلى قُطْبِ
أما ووليُّ العَهْد أزكى ألِيَّة / لقَد أحرَزَ العَلْياء بالإرْثِ والكَسْبِ
وجَمّع أشتاتَ الكَمالات فالنهى / معَ الطبعِ مَشفوعانِ بالرّأبِ والشعبِ
هَنيئاً لَنا رَيْعَانُ دولَته التي / بِها يأمَن المُرتاعُ حتّى مِن العَتْبِ
وهل هي إلا رَحْمة اللّهِ يُسّرَتْ / لِمَوْهِبة الحُسْنَى وَمَغْفِرَة الذّنبِ
دَانَتْ بِهَجْر الدُّنى للّهِ وازْدَلَفَت
دَانَتْ بِهَجْر الدُّنى للّهِ وازْدَلَفَت / كَريمَة المُنتمَى مرْضِيّةَ القُرَبِ
قَوّامة الليلِ مَحْنِيا عَلى خَصَرٍ / صَوّامة اليَوْم مَطْوياً عَلى لَهَبِ
تَبَايَنتْ واليَتامى هُنّ في رغَب / لِمَا تَعَوّدْنَ مِنها وَهي فِي رَهَبِ
لَوْ أن آثَارها تُحصَى لَمَا كَتبَتْ / سِوى مَآثِرها الأقْلامُ في الكُتُبِ
نقُول في خطبها المُلقي طَلْعَتَهُ / إنّا بَكَيْناهُ بِالأشْعَارِ والخُطَبِ
فَلَوْ عَقَلْنَا عقَلنا عَنهُ ألسُننا / لكِنّها سُنَةٌ في شِرْعَة الأدبِ
هُنِّئْتَ يَا بَدْرَ الكَمَالِ أهِلّة
هُنِّئْتَ يَا بَدْرَ الكَمَالِ أهِلّة / طَلَعَتْ بِأسْعَد حَالَةٍ وَمَآبِ
اثْنَانِ ثُمّ ابْنَان مِنْكَ تَفَرَّعَا / في أطْهرِ الأحْسَابِ والأنْسَابِ
وَهلالُ هَذا الشّهْرِ ثَالِثُها الذي / أبْدَى شهَاباً مِنْهُمَا لِشهَابِ
لا زَالت الأيّامُ وَاهِبَةَ المُنى / مِنْ مُنْتَدَاك لِمفضَلٍ وَهّابِ
لَقَدْ تَرِبَتْ يَميني مِنْ شُخَيْصٍ
لَقَدْ تَرِبَتْ يَميني مِنْ شُخَيْصٍ / إلَى التُّرْبِ استقَل مِن التّرائِبْ
يُقَرِّبُه التّذُّكُّرُ وهْوَ نَاء / ويُحْضرُه التفكر وهْو غائِبْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025