القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 37
سِوَايَ بِتَحْنَانِ الأَغَارِيدِ يَطْرَبُ
سِوَايَ بِتَحْنَانِ الأَغَارِيدِ يَطْرَبُ / وَغَيْرِيَ بِاللَّذَّاتِ يَلْهُو وَيُعْجَبُ
وَما أَنَا مِمَّنْ تَأْسِرُ الْخَمْرُ لُبَّهُ / وَيَمْلِكُ سَمْعَيْهِ الْيَرَاعُ الْمُثَقَّبُ
وَلَكِنْ أَخُو هَمٍّ إِذا ما تَرَجَّحَتْ / بِهِ سَوْرَةٌ نحَوْ َالْعُلاَ رَاحَ يَدْأَبُ
نَفَى النَّوْمَ عَنْ عَيْنَيْه نَفْسٌ أَبِيَّةٌ / لَها بينَ أَطْرافِ الأَسِنَّة مَطْلَبُ
بَعِيدُ مَناطِ الْهَمِّ فَالغَرْبُ مَشْرِقٌ / إِذَا مَا رَمَى عَيْنَيْهِ والشَّرْقُ مَغْرِبُ
لَهُ غُدُواتٌ يَتْبَعُ الْوَحْشُ ظِلَّها / وَتَغْدُو عَلى آثارِها الطَّيْرُ تَنْعَبُ
هَمَامَةُ نَفْسٍ أَصْغَرَتْ كُلَّ مَأْرَبٍ / فَكَلَّفَتِ الأَيَّامَ ما لَيْسَ يُوهَبُ
وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ / فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ
إِذا أَنا لَم أُعْطِ الْمَكارِمَ حَقَّها / فَلا عَزَّنِي خالٌ وَلا ضَمَّنِي أَبُ
وَلا حَمَلَتْ دِرْعِي كُمَيْتٌ طِمِرَّةٌ / وَلا دارَ في كَفِّي سِنانٌ مُذَرَّبُ
خُلِقْتُ عَيُوفاً لا أَرَى لابْنِ حُرَّةٍ / لَدَيَّ يَداً أُغْضِي لَها حِينَ يَغْضَبُ
فَلَسْتُ لأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقّعَاً / وَلَسْتُ عَلى شَيءٍ مَضَى أَتَعَتَّبُ
أَسِيرُ عَلَى نَهْجٍ يَرَى النَّاسُ غَيْرَهُ / لِكُلِّ امْرِئٍ في ما يُحاوِلُ مَذْهَبُ
وَإِنِّي إِذا ما الشَكُّ أَظْلَمَ لَيْلُهُ / وَأَمْسَتْ بِهِ الأَحْلامُ حَيْرَى تَشَعَّبُ
صَدَعْتُ حِفافَيْ طُرَّتَيْهِ بِكَوكَبٍ / مِنَ الرَّأْي لا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمُغيَّبُ
وَبَحْرٍ مِنَ الْهَيجَاءِ خُضْتُ عُبابَهُ / وَلا عاصِمٌ إِلَّا الصَّفِيحُ المُشَطَّبُ
تَظَلُّ بِهِ حُمْرُ المَنَايا وَسُودُها / حَواسِرَ في أَلْوَانِهَا تَتَقَلَّبُ
تَوَسَّطْتُهُ وَالْخَيْلُ بِالْخَيْلِ تَلْتَقِي / وَبِيضُ الظُّبَا في الْهَامِ تَبْدُو وَتَغْرُبُ
فَما زِلْتُ حتَّى بَيَّنَ الْكَرُّ مَوْقِفِي / لَدَى ساعَةٍ فيها الْعُقُولُ تَغَيَّبُ
لَدُنْ غُدْوَةٍ حَتَّى أَتَى الليلُ وَالْتَقَى / عَلَى غَيْهَبٍ مِنْ ساطِعِ النَّقْعِ غَيْهَبُ
كَذَلِكَ دَأْبِي في الْمِراسِ وَإِنَّنِي / لأَمْرَحُ في غَيِّ التَّصابِي وأَلْعَبُ
وفِتْيَان لَهْوٍ قَدْ دَعَوْتُ ولِلْكَرَى / خِباءٌ بِأَهْدَابِ الْجُفُونِ مُطَنَّبُ
إِلَى مَرْبَعٍ يَجْرِي النَّسِيمُ خِلالَهُ / بِنَشْرِ الْخُزَامَى والنَّدَى يَتَصَبَّبُ
فَلَمْ يَمْضِ أَنْ جاءُوا مُلَبِّينَ دَعْوَتِي / سِراعاً كَما وَافَى عَلَى الْماءِ رَبْرَبُ
بِخَيْلٍ كَآرَامِ الصَّرِيمِ وَرَاءَها / ضَوارِي سَلُوقٍ عاطِلٌ وَمُلَبَّبُ
مِنَ اللاءِ لا يَأْكُلْنَ زاداً سِوَى الَّذِي / يُضَرِّسْنَهُ وَالصَّيْدُ أَشْهَى وَأَعْذَبُ
تَرَى كُلَّ مُحْمَرِّ الْحَمالِيقِ فاغِرٍ / إِلَى الْوَحْشِ لا يَأْلُو وَلا يَتَنَصَّبُ
يَكَادُ يَفُوتُ الْبَرقَ شَدَّاً إِذَا انْبَرَتْ / لَهُ بِنْتُ ماءٍ أَوْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ
فَمِلْنا إِلَى وادٍ كَأَنَّ تِلاعَهُ / مِنَ الْعَصْبِ مَوْشِيُّ الْحَبائِكِ مُذْهَبُ
تُرَاحُ بِهِ الآمَالُ بَعْدَ كَلالِها / وَيَصْبُو إِلَيْهِ ذُو الْحِجَا وَهْوَ أَشْيَبُ
فَبَيْنَا نَرُودُ الأَرْضَ بِالْعَيْنِ إِذْ رَأَى / رَبِيئَتُنَا سِرْباً فَقَالَ أَلا ارْكَبُوا
فَقُمْنَا إِلَى خَيْلٍ كَأَنَّ مُتُونَها / مِنَ الضُّمْرِ خُوطُ الضَّيْمَرَانِ الْمُشَذَّبُ
فَلَمَّا انْتَهَيْنا حَيْثُ أَخْبَرَ أُطْلِقَتْ / بُزَاةٌ وَجَالَتْ في المَقَاوِدِ أَكْلُبُ
فَما كَانَ إِلَّا لَفْتَةُ ُالْجِيدِ أَنْ غَلَتْ / قُدُورٌ وَفارَ اللَّحْمُ وَانْفَضَّ مَأْرَبُ
وَقُلْنَا لِساقِينَا أَدِرْها فَإِنَّما / قُصَارَى بَنِي الأَيّامِ أَنْ يَتَشَعَّبُوا
فَقامَ إِلَى رَاقُودِ خَمْرٍ كَأَنَّهُ / إِذَا اسْتَقْبَلَتْهُ الْعَيْنُ أَسْوَدُ مُغْضَبُ
يَمُجُّ سُلافاً في إناءٍ كَأَنَّهُ / إِذَا ما اسْتَقَلَّتْهُ الأَنَامِلُ كَوْكَبُ
فَلَمْ نَأْلُ أَنْ دَارَتْ بِنَا الأَرْضُ دَوْرَةً / وَحَتَّى رَأَيْنَا الأُفْقَ يَنْأَى وَيَقْرُبُ
إِلَى أَنْ تَوَلَّى الْيَومُ إِلَّا أَقَلَّهُ / وَقَدْ كادَتِ الشَّمْسُ الْمُنِيرَةُ تَغْرُبُ
فَرُحْنَا نَجُرُّ الذَّيْلَ تِيهاً لِمنزلٍ / بِهِ لأَخِ اللَّذَّاتِ واللَّهْو مَلْعَبُ
مَسارِحُ سِكِّيرٍ وَمَرْبِضُ فاتِكٍ / وَمُخْدَعُ أَكْوابٍ بِهِ الخَمْرُ تُسْكَبُ
فَلَمَّا رآنا صاحبُ الدّارِ أَشْرَقَتْ / أَسارِيرُهُ زَهْواً وَجاءَ يُرَحِّبُ
وقَالَ انْزِلُوا يا بَارَكَ اللهُ فيكُمُ / فَعِنْدِي لَكُمْ ما تَشْتَهُونَ وَأَطْيَبُ
وَرَاحَ إِلَى دَنٍّ تَكَامَلَ سِنُّهُ / وَشَيَّبَ فَوْدَيْهِ مِنَ الدَّهْرِ أَحْقُبُ
فَما زالَ حتَّى اسْتَلَّ مِنْهُ سَبِيكَةً / مِنَ الخمرِ تَطْفُو في الإِنَاءِ وتَرْسُبُ
يَحُومُ علَيهَا الطَّيْرُ مِنْ كُلِّ جانِبٍ / وَيَسْرِي عَلَيْهَا الطّارِقُ الْمُتَأَوِّبُ
فَيا حُسْنَ ذاكَ اليومِ لَوْ كانَ باقياً / ويا طِيبَ هَذا الليلِ لَوْ دامَ طَيِّبُ
يَوَدُّ الْفَتَى ما لا يَكُونُ طَمَاعَةً / وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الدَّهْرَ بِالنَّاسِ قُلَّبُ
وَلَوْ عَلِمَ الإنْسَانُ ما فِيهِ نَفْعُهُ / لأَبْصَرَ ما يَأْتِي وَمَا يَتَجَنَّبُ
وَلَكِنَّها الأَقْدَارُ تَجْرِي بِحُكْمِها / عَلَيْنَا وَأَمْرُ الْغَيْبِ سِرٌّ مُحَجَّبُ
نَظُنُّ بِأَنَّا قادِرُونَ وَأَنَّنا / نُقادُ كَمَا قِيدَ الْجَنِيبُ وَنُصْحَبُ
فَرَحْمَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى امْرِئٍ / أَصَابَ هُداهُ أَو دَرَى كَيْفَ يَذْهَبُ
طَرِبَ الْفُؤادُ وكانَ غَيْرَ طَرُوبِ
طَرِبَ الْفُؤادُ وكانَ غَيْرَ طَرُوبِ / والْمَرْءُ رَهْنُ بَشاشَةٍ وَقُطُوبِ
وَرَدَ الْبَشِيرُ فَقُلْتُ مِنْ سَرَفِ الْمُنَى / أَعِدِ الْحَدِيثَ عَليَّ فَهْوَ حَسِيبي
خَبَرٌ جَلا صَدَأَ الْقُلُوبِ فَلَمْ يَدَعْ / فِيهَا مَجالَ تَحَفُّزٍ لِوَجِيبِ
ضَرَحَ الْقَذَى كَقَمِيصِ يُوسُفَ عِنْدَمَا / وَرَدَ الْبَشِيرُ بِهِ إِلَى يَعْقُوبِ
فَلْتَهْنَ مِصْرُ وَأَهْلُهَا بِسَلامَةٍ / جاءَتْ لَهَا بِالأَمْنِ بَعْدَ خُطُوبِ
بِالْمَاجِدِ الْمَنْسُوبِ بَلْ بِالأَرْوَعِ الْ / مَشْبُوبِ بَلْ بِالأَبْلَجِ الْمَعْصُوبِ
رَبِّ الْعُلاَ وَالْمَجْدِ إِسْمَاعِيلَ مَنْ / وَضَحَتْ بِهِ الأَيَّامُ بَعْدَ شُحُوبِ
وَرَدَ الْبِلادَ ولَيْلُها مُتَراكِبٌ / فأَضاءَهَا كَالْكَوْكَبِ الْمَشْبُوبِ
بِرَوِيَّةٍ تَجْلُو الصَّوَابَ وَعَزْمَةٍ / تَمْضِي مَضاءَ اللَّهْذَمِ الْمَذْرُوبِ
مَلِكٌ تَرَفَّعَ أَنْ تَكُونَ صِفاتُهُ / إِلَّا لَهُ أَوْ لاِبْنِهِ الْمَحْبُوبِ
ذو هَيْبَةٍ تَكْفِيهِ سَوْقَ جُنُودِهِ / وَبَدِيهَةٍ تُغْنِي عَنِ التَّجْرِيبِ
نَمَّتْ شَمائِلُهُ عَلَى أَعْراقِهِ / نَمَّ النَّسِيمِ عَلَى أَرِيجِ الطِّيبِ
أَكْنِي بِزَهْرِ الرَّوْضِ عَنْ أَخْلاقِهِ / وَبِنَشْرِهِ عَنْ فَضْلِهِ الْمَرْغُوبِ
وأَقُولُ إِنَّ الْبَرْقَ يَحْكِي بِشْرَهُ / لَوْ كَانَ بَرْقُ الْمُزْنِ غَيْرَ خَلُوبِ
فَالْخِصْبُ في الدُّنْيَا عَلامَةُ عَدْلِهِ / والْغَيْثُ فَضْلَةُ جُودِهِ الْمَسْكُوبِ
أَجْرَى نَسِيمَ الأَمْنِ بَعْدَ رُكُودِهِ / وَأَفَاضَ مَاءَ الْعَدْلِ بَعْدَ نُضُوبِ
وَأَعَادَ مِصْرَ إِلَى جَمالِ شَبابِها / مِنْ بَعْدِ مَا لَبِسَتْ خِمَارَ مَشِيبِ
فَتَنَعَّمَتْ مِنْ فَيْضِهِ في غِبْطَةٍ / وَتَمَتَّعَتْ مِنْ عَدْلِهِ بِنَصِيبِ
وَإِذَا أَرادَ اللهُ رَحْمَةَ أُمَّةٍ / بَعَثَ الشِّفَاءَ لَهَا بِخَيْرِ طَبِيبِ
فَلَقَدْ مَلَكْتَ زِمَامَها وَسَقَيْتَها / بَعْدَ الصَّدَى مِنْ رَحْمَةٍ بِذَنُوبِ
فَغَدَتْ وَمَا فِي الأَرْضِ أَحْسَنُ بُقْعَةً / مِنْهَا لِمُزْدَرِعٍ وَلا لِكَسُوبِ
يَسْتَنُّ فِيهَا النِّيلُ بَيْنَ حَدَائِقٍ / غُلْبٍ ورَفَّافِ النَّباتِ خَصِيبِ
وتَرَى السَّفِينَ يَجُولُ فَوْقَ سَراتِهِ / زَفَّ الرِّئَالِ تَمَطَّرَتْ بِسُهُوبِ
مِنْ كُلِّ راقِصَةٍ عَلَى نَقْرِ الصَّبَا / تَخْتَالُ بَيْنَ شَمائِلٍ وَجَنُوبِ
مَلَكَتْ أَزِمَّتَها الرِّيَاحُ فَسَيْرُها / ضَرْبَانِ بَيْنَ تَحَفُّزٍ وَدَبِيبِ
فَإِذا أَطَلْتَ عِنَانَها وَقَفَتْ وإِنْ / أَقْصَرْتَهُ سَارَتْ بِغَيْرِ لُغُوبِ
فَانْعَمْ بِخَيْرِ وِلايَةٍ وَلّاكَها / رَبُّ الْعِبادِ بِرَغْمِ كُلِّ رَقِيبِ
مَا آثَرُوكَ لَها بِغَيرِ رَوِيَّةٍ / بَلْ لاِعْتِصامِهِمُ بِخَيْرِ لَبِيبِ
فَاسْمَعْ مَقالَةَ صادِقٍ لَمْ يَنْتَسِبْ / لِسِوَاكَ في أَدَبٍ وَلا تَهْذِيبِ
أَوْلَيْتَهُ خَيْراً فَقَامَ بِشُكْرِهِ / وَالشُّكْرُ لِلإِحْسَانِ خَيْرُ ضَرِيبِ
فَاعْطِفْ عَلَيْهِ تَجِدْ سَلِيلَ كَرَامَةٍ / أَهْلاً لِحُسْنِ الأَهْلِ وَالتَّرْحِيبِ
يُنْبِيكَ ظاهِرُهُ بِوُدِّ ضَمِيرِهِ / وَالْوَجْهُ وَسْمَةُ مُخْلِصٍ وَمُرِيبِ
وَإِلَيْكَ مِنْ حَوْكِ اللِّسَانِ حَبِيرَةً / يُغْنِيكَ رَوْنَقُها عَنِ التَّشْبِيبِ
حَضَرِيَّةَ الأَنْسَابِ إِلَّا أَنَّها / بَدَوِيَّةٌ في الطَّبْعِ وَالتَّرْكِيبِ
وَلِعَتْ بِمَنْطِقِهَا النُّفُوسُ غَرَابَةً / وَالنَّفْسُ مُولَعَةٌ بِكُلِّ غَرِيبِ
أَرْسَلْتُها مَثَلاً بِمَدْحِكَ فِي الْوَرَى / وَالسَّهْمُ مَنْسُوبٌ لِكُلِّ مُصِيبِ
كَلِمٌ أَثَرْتُ بِها جَوَادَ بَراعَةٍ / لا يُقْتَفَى في الْحُضْرِ وَالتَّقْريبِ
تَرَكَ الْوَلِيدَ مُلَثَّماً بِغُبارِهِ / وَمَضَى فَكَفْكَفَ مِنْ عِنَانِ حَبِيبِ
فَاسْتَجْلِهَا تَلْمَحْ خِلالَكَ بَيْنَهَا / فِي وَشْيِ بُرْدٍ لِلْكَلامِ قَشِيبِ
كَزُجَاجَةِ التَّصْوِيرِ شَفَّتْ فَاجْتَلَتْ / مِنْ وَصْفِهِ ما كانَ غَيْرَ قَرِيبِ
لا زِلْتَ فِي فَلَكِ الْمَعَالِي كَوْكَباً / تُهْدِي الضِّياءَ لأَعْيُنٍ وَقُلُوبِ
أَعِدْ يا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ
أَعِدْ يا دَهْرُ أَيَّامَ الشَّبَابِ / وَأَيْنَ مِنَ الصِّبَا دَرْكُ الطِّلابِ
زَمَانٌ كُلَّما لاحَتْ بِفِكْرِي / مَخَايِلُهُ بَكَيْتُ لِفَرْطِ ما بِي
مَضَى عَنِّي وَغَادَرَ بِي وَلُوعاً / تَوَلَّدَ مِنْهُ حُزْنِي وَاكْتِئَابِي
وَكَيْفَ تَلَذُّ بَعْدَ الشَّيْبِ نَفْسِي / وَفِي اللَّذَّاتِ إِنْ سَنَحَتْ عَذَابِي
أَصُدُّ عَنِ النَّعِيمِ صُدُودَ عَجْزٍ / وَأُظْهِرُ سَلْوَةً وَالْقَلْبُ صَابِي
وَمَا فِي الدَّهْرِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ / يَكُونُ قِوَامُها رَوْحَ الشَّبَابِ
فَيَا للهِ كَمْ لِي مِنْ لَيَالٍ / بِهِ سَلَفَتْ وَأَيَّامٍ عِذَابِ
إِذِ النَّعْمَاءُ وَارِفَةٌ عَلَيْنَا / وَمَرْعَى اللَّهْوِ مُخْضَرُّ الْجَنَابِ
نَطِيرُ مَعَ السُّرُورِ إِذَا انْتَشَيْنَا / بِأَجْنِحَةِ الْخَلاعَةِ وَالتَّصَابِي
فَغُدْوَتُنَا وَرَوْحَتُنَا سَوَاءٌ / لعَابٌ في لعَابٍ في لعَابِ
وَرُبَّتَ رَوْضَةٍ مِلْنا إِلَيْهَا / وَقَرْنُ الشَّمْسِ تِبْرِيُّ الإِهَابِ
نَمَتْ أَدْوَاحُها وسَمَتْ فَكَانَتْ / عَلَى السَّاحاتِ أَمْثَالَ الْقِبابِ
فَزَهْرُ غُصُونِهَا طَلْقُ الْمُحَيَّا / وَجَدْوَلُ مائِها عَذْبُ الرُّضابِ
كَأَنَّ غُصُونَها غِيدٌ تَهَادَى / مِنَ الزَّهْرِ الْمُنَمَّقِ في ثِيَابِ
سَقَتْهَا السُّحْبُ رَيِّقَها فَمَالَتْ / كَمَا مَالَ النَّزِيفُ مِنَ الشَّرَابِ
فَسَبَّحَ طَيْرُها شُكْراً وَأَثْنَتْ / بِأَلْسِنَةِ النَّباتِ عَلَى السَّحَابِ
وَيَوْمٍ ناعِمِ الطَّرَفَيْنِ نَادٍ / عَلِيلِ الْجَوِّ هَلْهَالِ الرَّبَابِ
سَبَقْتُ بِهِ الشُّرُوقَ إِلَى التَّصَابِي / بُكُوراً قَبْلَ تَنْعابِ الغُرابِ
وسُقْتُ مَعَ الْغُواةِ كُمَيْتَ لَهْوٍ / جَمُوحاً لا تَلِينُ عَلَى الْجِذَابِ
إِذَا أَلْجَمْتَها بِالْمَاءِ قَرَّتْ / وَدَارَ بِجِيدِها لَبَبُ الْحَبابِ
مُوَرَّدَةً إِذَا اتَّقَدَتْ بِكَفٍّ / جَلَتْها لِلأَشِعَّةِ في خِضَابِ
هُوَ العَصْرُ الَّذِي دَارَتْ عَلَيْنَا / بِهِ اللَّذَّاتُ واضِعَةَ النِّقَابِ
نُجَاهِرُ بِالْغَرَامِ وَلا نُبَالِي / وَنَنْطِقُ بِالصَوابِ وَلا نُحَابِي
فَيَا لَكَ مِنْ زَمانٍ عِشْتُ فِيهِ / نَدِيمَ الرَّاحِ وَالْهيفِ الكِعابِ
إِذَا ذَكَرَتْهُ نَفْسِي أَبْصَرَتْهُ / كَأَنِّي مِنْهُ أَنْظُرُ فِي كِتابِ
تَحَوَّلَ ظِلُّهُ عَنِّي وَأَذْكَى / بِقَلْبِي لَوْعَةً مِثلَ الشِّهَابِ
كَذَاكَ الدَّهْرُ مَلَّاقٌ خَلُوبٌ / يَغُرُّ أَخَا الطَّمَاعَةِ بِالْكِذَابِ
فَلا تَرْكَنْ إِلَيْهِ فَكُلُّ شَيْءٍ / تَرَاهُ بِهِ يَؤُولُ إِلَى ذَهابِ
وَعِشْ فَرْداً فَمَا في الناسِ خِلٌّ / يَسُرُّكَ في بِعَادٍ وَاقْتِرَابِ
حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ مَلِيَّاً / وَذُقْتُ الْعَيْشَ مِنْ أَرْيٍ وَصابِ
فَمَا أَبْصَرْتُ فِي الإِخْوَانِ نَدْبَاً / يَجِلُّ عَنِ الْمَلامَةِ وَالْعِتَابِ
وَلَكِنَّا نُعَاشِرُ مَنْ لَقِينَا / عَلَى حُكْمِ الْمُرُوءَةِ وَالتَغَابِي
أَيْنَ أَيَّامُ لَذَّتِي وَشَبَابِي
أَيْنَ أَيَّامُ لَذَّتِي وَشَبَابِي / أَتُراهَا تَعُودُ بَعْدَ الذَّهابِ
ذَاكَ عَهْدٌ مَضَى وَأَبْعَدُ شَيْءٍ / أَنْ يَرُدَّ الزَّمانُ عَهْدَ التَّصَابِي
فَأَدِيرَا عَلَيَّ ذِكْراهُ إِنِّي / مُنْذُ فارَقْتُهُ شَدِيدُ المُصَابِ
كُلُّ شَيءٍ يَسْلُوهُ ذُو اللُّبِّ إِلَّا / ماضِيَ اللَّهْوِ فِي زَمانِ الشَّبابِ
لَيْتَ شِعْرِي مَتَى أَرَى رَوْضَةَ الْمَن / يَلِ ذَاتَ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ
حَيْثُ تَجْرِي السَّفِينُ مُسْتَبِقَاتٍ / فَوْقَ نَهْرٍ مِثْل اللُّجَيْنِ الْمُذابِ
قَدْ أَحَاطَتْ بِشَاطِئَيْهِ قُصُورٌ / مُشْرِقَاتٌ يَلُحْنَ مِثْلَ الْقِبابِ
مَلْعَبٌ تَسْرَحُ النَّوَاظِرُ مِنْهُ / بَيْنَ أَفْنانِ جَنَّةٍ وَشعابِ
كُلَّما شَافَهَ النَّسِيمُ ثَراهُ / عَادَ مِنْهُ بِنَفْحَةٍ كَالْمَلابِ
ذَاكَ مَرْعَى أُنْسِي وَمَلْعَبُ لَهْوِي / وَجَنَى صَبْوَتِي وَمَغْنَى صِحابِي
لَسْتُ أَنْسَاهُ ما حَيِيتُ وَحاشَا / أَنْ تَرانِي لِعَهْدِهِ غَيْرَ صَابِي
لَيْسَ يَرْعَى حَقَّ الْودادِ وَلا يَذْ / كُرُ عَهْداً إِلَّا كَريمُ النِّصَابِ
فَلَئِنْ زالَ فَاشْتِيَاقِي إِلَيْهِ / مِثْلُ قَوْلِي باقٍ عَلَى الأَحْقَابِ
يا نَدِيمَيَّ مِنْ سَرَنْدِيبَ كُفَّا / عَنْ مَلامِي وَخَلِّياني لِمَا بِي
كَيْفَ لا أَنْدُبُ الشَّبابَ وَقَدْ أَصْ / بَحْتُ كَهْلاً في مِحْنَةٍ وَاغْتِرابِ
أَخْلَقَ الشَّيْبُ جِدَّتِي وَكَسَانِي / خِلْعَةً مِنْهُ رَثَّةَ الْجِلْبَابِ
وَلَوَى شَعْرَ حاجِبَيَّ عَلَى عَيْ / نَيَّ حَتَّى أَطَلَّ كَالْهُدَّابِ
لا أَرَى الشَيءَ حِينَ يَسْنَحُ إِلَّا / كَخَيالٍ كَأَنَّنِي في ضَبابِ
وَإِذَا مَا دُعِيتُ حِرْتُ كَأَنِّي / أَسْمَعُ الصَّوْتَ مِنْ وَرَاءِ حِجابِ
كُلَّمَا رُمْتُ نَهْضَةً أَقْعَدَتْنِي / وَنْيَةٌ لا تُقِلُّها أَعْصابِي
لَم تَدَعْ صَوْلَةُ الحَوَادِثِ مِنِّي / غَيْرَ أَشْلاءِ هِمَّةٍ فِي ثِيَابِ
فَجَعَتْنِي بِوالِدَيَّ وَأَهْلِي / ثُمَّ أَنْحَتْ تَكُرُّ فِي أَتْرَابِي
كُلَّ يَوْمٍ يَزُولُ عَنِّي حَبِيبٌ / يا لِقَلْبِي مِنْ فُرْقَةِ الأَحْبَابِ
أَيْنَ مِنِّي حُسَيْنُ بَلْ أَيْنَ عَبْدُ اللَّ / هِ رَبُّ الْكَمالِ وَالآدَابِ
مَضَيَا غَيْرَ ذُكْرَةٍ وَبَقَاءُ الذ / ذِكْرِ فَخْرٌ يَدُومُ لِلأَعْقَابِ
لَمْ أَجِدْ مِنْهُما بَدِيلاً لِنَفْسِي / غَيْرَ حُزْنِي عَلَيْهِما وَاكْتِئَابِي
قَدْ لَعَمْرِي عَرَفْتُ دَهْرِي فَأَنْكَرْ / تُ أُمُوراً مَا كُنَّ لي في حِسابِ
وَتَجَنَّبْتُ صُحْبَةَ النَّاسِ حَتَّى / كَانَ عَوْناً عَلَى التُّقاةِ اجْتِنابِي
لا أُبالِي بِما يُقالُ وَإِنْ كُنْ / تُ مَلِيئاً بِرَدِّ كُلِّ جَوابِ
قَدْ كَفَاني بُعْدِي عَنِ النَّاسِ أَنِّي / في أَمانٍ مِنْ غِيبَةِ الْمُغْتَابِ
فَلْيَقُلْ حَاسِدِي عَلَيَّ كَمَا شَا / ءَ فَسَمْعِي عَنِ الْخَنَا في احْتِجَابِ
لَيْسَ يَخْفَى عَلَيَّ شَيْءٌ وَلَكِنْ / أَتَغابَى والْحَزْمُ إِلْفُ التَّغَابِي
وَكَفَى بِالْمَشِيبِ وَهْوَ أَخُو الحَزْ / مِ دَلِيلاً إِلى طَرِيقِ الصَّوابِ
إِنَّما الْمَرْءُ صُورَةٌ سَوْفَ تَبْلَى / وَانْتِهاءُ الْعُمْرانِ بِدْءُ الخَرابِ
سَلُوا عَنْ فُوادِي قَبْلَ شَدِّ الرَّكائِبِ
سَلُوا عَنْ فُوادِي قَبْلَ شَدِّ الرَّكائِبِ / فَقَدْ ضَاعَ مِنِّي بَيْنَ تِلْكَ الْمَلاعِبِ
أَغارَتْ عَلَيْهِ فاحْتَوَتْهُ بِلَحْظِها / فَتاةٌ لَهَا في السِّلْمِ فَتْكُ الْمُحَارِبِ
فَلا تَبْرَحُوا أَوْ تَسْأَلُوهَا فَرُبَّمَا / أَعَادَتْهُ أَوْ جاءَتْ بِوَعْدٍ مُقَارِبِ
وَكَيْفَ تُواريهِ وَهَذا أَنِينُهُ / يَدُلُّ عَلَيهِ السَّمْعُ مِنْ كُلِّ جانِبِ
فَيَا سَرَوَاتِ الْحَيِّ هَلاَّ أَجَبْتُمُ / دُعاءَ فَتىً مِنْكُمْ قَرِيبِ الْمَنَاسِبِ
إِذا لَمْ تُعِينُوني وَأَنْتُمْ عَشِيرَتِي / فَسِيرُوا وخَلُّوني فَلَسْتُ بِذَاهِبِ
أَيَذْهَبُ قَلْبِي غيلَةً ثُمَّ لا أَرَى / لَهُ بَيْنَكُمْ مِنْ ثائِرٍ أَوْ مُطالِبِ
إِذا الْمَرءُ لَمْ يَنْصُرْ أَخَاهُ بِنَفْسِهِ / لَدَى كُلِّ مَكْرُوهٍ فَلَيْسَ بِصاحِبِ
فَلا تَعْذُلُونِي إِنْ تَخَلَّفْتُ بَعْدَكُمْ / فَما أَنَا عَنْ مَثْوَى الفُؤَادِ بِراغِبِ
فَثَمَّ جَنَابٌ لا يُراعُ نَزِيلُهُ / بِنَائِرَةٍ لَوْلا عُيُونُ الْكَوَاعِبِ
إِذَا سَارَ فِيهِ الطَّرْفُ قِيدَ بَنانَةٍ / تَعَثَّرَ مَا بَيْنَ الْقَنا وَالْقَوَاضِبِ
وَبَيْنَ الْعَوالِي فِي الْخُدُورِ نَوَاشِئٌ / مِنَ الْعَينِ حُمْرُ الْحَلْي بِيضُ التَّرائِبِ
إِذَا هُنَّ رَفَّعْنَ السُّجُوفَ أَرَيْنَنَا / مَحَاسِنَ تَدْعُو لِلصِّبا كُلَّ راهِبِ
جَلَوْنَ بِحُلْوانَ الْوُجُوهَ كَوَاكِباً / فَيا مَنْ رَأَى فِي الأَرْضِ سَيْرَ الْكَواكِبِ
وَفَوَّقْنَ أَلحَاظاً فَأَصْمَيْنَ أَنْفُساً / بِلا تِرَةٍ إِلَّا مَجَانَةَ لاعِبِ
فَكَمْ مِنْ صَرِيعٍ فِي حَبائِلِ مُقْلَةٍ / وَكَمْ مِنْ أَسِيرٍ فِي قُيُودِ ذَوائِبِ
لَعَمْرُكَ ما فِي الأَرضِ وَهْيَ رَحِيبَةٌ / كَغِزْلانِ هَذَا الْحَيِّ عُذْرٌ لِنَاسِبِ
فَلا تَطْلُبَنَّ الْحُسْنَ في غَيْرِ أَهْلِهِ / فَأَبْدَعُ ما فِي الأَرْضِ حُسْنُ الأَعارِبِ
فَهُنَّ الأُلَى عَوَّدْنَ قَلْبِي عَلَى الْهَوَى / وَأَخْلَفْنَ ظَنِّي بِالْعِدَاتِ الْكَوَاذِبِ
وَتَيَّمْنَني حَتَّى إِذا ما تَرَكْنَنِي / أَخَا سَقَمٍ أَسْلَمْنَنِي لِلنَّوائِبِ
وَمَا كُنْتُ لَوْلاهُنَّ أَسْتَقْبِلُ الصَّبَا / وَأَسْأَلُ عَنْ أَهْلِ الْحِمَى كُلَّ راكِبِ
وَمَا زَاد ماءُ النِّيِلِ إِلَّا لأَنَّنِي / وَقَفْتُ بِهِ أَبْكِي فِرَاقَ الْحَبَائِبِ
فَيا صاحِبي هَلْ مِنْ فَكَاكٍ لِوَاقِعٍ / بِأَسْرِ الهَوَى أَوْ مِنْ نَجاةٍ لِهَائِبِ
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الهَوَى بَعْدَ عِزَّةٍ / وَمَا كُنْتُ لَوْلا الْحُبُّ طَوْعَ الْجَواذِبِ
وَإِنَّا أُنَاسٌ لا تَهَابُ نُفُوسُنَا / لِقَاءَ الأَعَادِي أَوْ قِرَاعَ الْكَتَائِبِ
نَرُدُّ عَلَى الأَعْقَابِ كُلَّ سَرِيَّةٍ / وَنَعْجَزُ عَنْ نبْلِ الْعُيُونِ الْصَّوَائِبِ
فَلَوْ كَانَ هَذا الْحُبُّ شَخْصَاً مُحارِباً / لأَوْجَرْتُهُ فَوْهَاءَ رَيَّا الْجَوانِبِ
وَلَكِنَّهُ الْخَصْمُ الَّذِي خَضَعَتْ لَهُ / رِقابُ أُنَاسٍ أَخْضَعُوا كُلَّ غَالِبِ
فَلا يَحْسَبَنَّ النَّاسُ قَوْلِي فُكَاهَةً / فَإِنَّ الهَوَى بَحْرٌ كَثِيرُ الْعَجَائِبِ
إِذا الْمَرْءُ لَمْ يَفْرِ الأُمُورَ بِعِلْمِهِ / تَحَيَّرَ ما بَيْنَ اخْتِلافِ الْمَذَاهِبِ
لِكُلِّ دَمْعٍ مِنْ مُقْلَةٍ سَبَبُ
لِكُلِّ دَمْعٍ مِنْ مُقْلَةٍ سَبَبُ / وَكَيْفَ يَمْلِكُ دَمْعَ الْعَيْنِ مُكْتَئِبُ
لَوْلا مُكَابَدَةُ الأَشْوَاقِ ما دَمَعَتْ / عَيْنٌ وَلا بَاتَ قَلْبٌ فِي الْحَشَا يَجِبُ
فَيَا أَخَا الْعَذْلِ لا تَعْجَلْ بِلائِمَةٍ / عَلَيَّ فَالْحُبُّ سُلْطَانٌ لَهُ الغَلَبُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَسْتَضيءُ بِهِ / فِي ظُلْمَةِ الشَّكِّ لَم تَعْلَقْ بِهِ النُّوَبُ
وَلَوْ تَبَيَّنَ ما في الْغَيْبِ مِنْ حَدَثٍ / لَكَانَ يَعْلَمُ مَا يَأْتِي وَيَجْتَنِبُ
لَكِنَّهُ غَرَضٌ لِلدَّهْرِ يَرْشُقُهُ / بِأَسْهُمٍ ما لَها رِيشٌ وَلا عَقَبُ
فَكَيفَ أَكْتُمُ أَشْوَاقِي وَبِي كَلَفٌ / تَكَادُ مِنْ مَسِّهِ الأَحْشَاءُ تَنْشَعِبُ
أَمْ كَيْفَ أَسْلُو وَلِي قَلْبٌ إِذَا الْتَهَبَتْ / بِالأُفْقِ لَمْعَةُ بَرْقٍ كَادَ يَلْتَهِبُ
أَصْبَحْتُ فِي الْحُبِّ مَطْوِيَّاً عَلَى حُرَقٍ / يَكَادُ أَيْسَرُها بِالرُّوحِ يَنْتَشِبُ
إِذَا تَنَفَّسْتُ فَاضَتْ زَفْرَتِي شَرَراً / كَمَا اسْتَنَارَ وَرَاءَ الْقَدْحَةِ اللَّهَبُ
لَمْ يَبْقَ لِي غَيْرَ نَفْسِي مَا أَجُودُ بِهِ / وَقَدْ فَعَلْتُ فَهَلْ مِنْ رَحْمَةٍ تَجِبُ
كَأَنَّ قَلْبِي إِذَا هَاجَ الْغَرَامُ بِهِ / بَيْنَ الْحَشَا طَائِرٌ فِي الْفَخِّ يَضْطَرِبُ
لا يَتْرُكُ الْحُبُّ قَلْبِي مِنْ لَواعِجِهِ / كَأَنَّمَا بَيْنَ قَلْبِي وَالْهَوَى نَسَبُ
فَلا تَلُمْنِي عَلَى دَمْعٍ تَحَدَّرَ في / سَفْحِ الْعَقِيقِ فَلِي في سَفْحِهِ أَرَبُ
مَنَازِلٌ كُلَّمَا لاحَتْ مَخَايِلُهَا / فِي صَفْحَةِ الْفِكْرِ مِنِّي هاجَنِي طَرَبُ
لِي عِنْدَ سَاكِنِهَا عَهْدٌ شَقِيتُ بِهِ / وَالْعَهْدُ ما لَم يَصُنْهُ الْوُدُّ مُنْقَضِبُ
وَعادَ ظَنِّي عَلِيلاً بَعْدَ صِحَّتِهِ / وَالظَنُّ يَبْعُدُ أَحْيَاناً وَيَقْتَرِبُ
فَيَا سَرَاةَ الْحِمَى ما بَالُ نُصْرَتِكُمْ / ضَاقَتْ عَلَيَّ وَأَنْتُمْ سادَةٌ نُجُبُ
أَضَعْتُمُوني وَكانَتْ لِي بِكُمْ ثِقَةٌ / مَتَى خَفَرْتُمْ ذِمَامَ الْعَهْدِ يا عَرَبُ
أَلَيْسَ فِي الحَقِّ أَنْ يَلْقَى النَّزِيلُ بِكُمْ / إِمْناً إِذا خَافَ أَنْ يَنْتَابَهُ الْعَطَبُ
فَكَيْفَ تَسْلُبُنِي قَلْبِي بِلا تِرَةٍ / فَتاةُ خِدْرٍ لَهَا فِي الْحَيِّ مُنْتَسَبُ
مَرَّتْ عَلَيْنَا تَهَادَى في صَوَاحِبِهَا / كَالْبَدْرِ في هَالَةٍ حَفَّتْ بِهِ الشُّهُبُ
تَهْتَزُّ مِنْ فَرْعِها الْفَيْنَانِ في سرَقٍ / كَسَمْهَرِيٍّ لهُ مِنْ سَوْسَنٍ عَذَبُ
كَأَنَّ غُرَّتَهَا مِنْ تَحْتِ طُرَّتِها / فَجْرٌ بِجَانِحَةِ الظَّلْمَاءِ مُنْتَقِبُ
كانَتْ لَنا آيَةً في الْحُسْنِ فاحْتَجَبَتْ / عَنَّا بِلَيْلِ النَّوَى وَالْبَدْرُ يَحْتَجِبُ
فَهَلْ إِلى نَظْرَةٍ يَحْيَا بِهَا رَمَقٌ / ذَرِيعَةٌ تَبْتَغِيها النَّفْسُ أَو سَبَبُ
أَبِيتُ في غُرْبَةٍ لا النَّفْسُ رَاضِيَةٌ / بِها وَلا المُلْتَقَى مِنْ شِيعَتِي كَثَبُ
فَلا رَفِيقٌ تَسُرُّ النَّفْسَ طَلْعَتُهُ / وَلا صَدِيقٌ يَرَى ما بِي فَيَكْتَئِبُ
وَمِنْ عَجَائِبِ ما لاقَيْتُ مِنْ زَمَنِي / أَنِّي مُنِيتُ بِخَطْبٍ أَمْرُهُ عَجَبُ
لَم أَقْتَرِفْ زَلَّةً تَقْضِي عَلَيَّ بِما / أَصْبَحْتُ فيهِ فَماذَا الْوَيْلُ والْحَرَبُ
فَهَلْ دِفَاعِي عَنْ دِيني وَعَنْ وَطَنِي / ذَنْبٌ أُدَانُ بِهِ ظُلْمَاً وَأَغْتَرِبُ
فَلا يَظُنّ بِيَ الْحُسَّادُ مَنْدَمَةً / فَإِنَّنِي صابِرٌ فِي اللهِ مُحْتَسِبُ
أَثْرَيْتُ مَجْداً فَلَمْ أَعْبَأْ بِمَا سَلَبَتْ / أَيْدِي الْحَوادِثِ مِنِّي فَهْوَ مُكْتَسَبُ
لا يَخْفِضُ الْبُؤْسُ نَفْساً وَهْيَ عَالِيَةٌ / وَلا يُشِيدُ بِذِكْرِ الْخَامِلِ النَّشَبُ
إِنِّي امْرُؤٌ لا يَرُدُّ الخَوْفُ بادِرَتِي / وَلا يَحِيفُ عَلَى أَخْلاقِيَ الْغَضَبُ
مَلَكْتُ حِلْمِي فَلَمْ أَنْطِقْ بِمُنْدِيَةٍ / وَصُنْتُ عِرْضِي فَلَم تَعْلَقْ بِهِ الرِّيَبُ
ومَا أُبَالِي ونَفْسِي غَيْرُ خاطِئَةٍ / إِذا تَخَرَّصَ أَقْوامٌ وَإِنْ كَذَبُوا
ها إِنَّها فِرْيَةٌ قَدْ كانَ باءَ بِها / في ثَوْبِ يُوسُفَ مِنْ قَبْلِي دَمٌ كَذِبُ
فَإِنْ يَكُنْ سَاءَنِي دَهْرِي وغَادَرَنِي / في غُرْبَةٍ لَيْسَ لِي فيها أَخٌ حَدِبُ
فَسَوْفَ تَصْفُو اللَّيَالي بَعْدَ كُدْرَتِها / وَكُلُّ دَوْرٍ إِذَا ما تَمَّ يَنْقَلِبُ
وَلَمَّا تَدَاعَى الْقَوْمُ واشْتَبَكَ الْقَنَا
وَلَمَّا تَدَاعَى الْقَوْمُ واشْتَبَكَ الْقَنَا / ودَارَتْ كَمَا تَهْوَى عَلَى قُطْبِها الْحَرْبُ
وَزُيِّنَ لِلنَّاسِ الْفِرارُ مِنَ الرَّدَى / وَمَاجَتْ صُدُورُ الْخَيْلِ والْتَهَبَ الضَّرْبُ
ودَارَتْ بِنَا الأَرْضُ الْفَضَاءُ كَأَنَّنا / سُقِينَا بِكَأْسٍ لا يُفِيقُ لَهَا شَرْبُ
صَبَرْتُ لَها حَتَّى تَجَلَّتْ سَماؤُها / وإِنِّي صَبُورٌ إِنْ أَلَمَّ بِيَ الْخَطْبُ
مَنْ صَاحَبَ الْعَجْزَ لَمْ يَظْفَرْ بِمَا طَلَبَا
مَنْ صَاحَبَ الْعَجْزَ لَمْ يَظْفَرْ بِمَا طَلَبَا / فارْكَبْ مِنَ الْعَزْمِ طِرْفاً يَسْبِقُ الشُّهُبَا
لا يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلاَّ مَنْ إِذَا هَتَفَتْ / بِهِ الْحَمِيَّةُ هَزَّ الرُّمْحَ وَانْتَصَبَا
يَسْتَهِلُ الصَّعْبَ إِنْ هاجَتْ حَفِيظَتُهُ / ولا يُشَاوِرُ غَيْرَ السَّيْفِ إِنْ غَضِبَا
يَنْهَلُّ صارِمُهُ حَتْفاً وَمنْطقُهُ / سِحْراً حَلالاً إِذَا ما صَالَ أَوْ خَطَبَا
إِنْ حَلَّ أَرْضاً حَمَى بِالسَّيْفِ جَانِبَهَا / وإِنْ وَعَى نَبْأَةً مِنْ صارِخٍ رَكِبَا
فَذَاكَ إِنْ يَحْيَ تَحْيَ الأَرْضُ في رَغَدٍ / وَإِنْ يَمُتْ يَنْقَلِبْ صِدْقُ الْمُنَى كَذِبَا
فَاحْمِلْ بِنَفْسِكَ تَبْلُغْ ما أَرَدْتَ بِهَا / فَاللَّيْثُ لا يَرْهَبُ الأَخْطَارَ إِنْ وَثَبَا
وَجُدْ بِمَا مَلَكَتْ كَفَّاكَ مِنْ نَشَبٍ / فَالْجُودُ كَالْبَأْسِ يَحْمِي الْعِرْضَ وَالنَّسَبَا
لا يَقْعُدُ الْبَطَلُ الصِّنْدِيدُ عَنْ كَرَمٍ / مَنْ جَادَ بِالنَّفْسِ لَمْ يَبْخَلْ بِمَا كَسَبَا
وَلَيْلَةِ أُنْسٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَها
وَلَيْلَةِ أُنْسٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَها / بِعَذْرَاءَ شَابَتْ وَهْيَ دُونَ حِجَابِ
صَدَعْنَا بِهَا الظَّلْمَاءَ حَتَّى تَبَلَّجَتْ / ضَبَابَتُهَا مِنْ ضَوْئِهَا بِشِهَابِ
مُعَتَّقَةٍ كَانَتْ ذَخِيرَةَ مَعْشَرٍ / لأَبْنَائِهِمْ فِي جَوْفِ أَقْتَمَ كَابِي
أَتَتْ دُونَها الأَيَّامُ حَتَّى تَخَلَّصَتْ / فَلَمْ يَبْقَ مِنها الْيَومَ غَيْرُ لُبَابِ
إِذَا اتَّقَدَتْ في الْكَأْسِ خِلْتَ مُدِيرَها / تَخَضَّبَ مِنْهَا كَفُّهُ بِخِضَابِ
كَأَنَّ سَنَا الْكاساتِ والنَّدُّ سَاطِعٌ / نُجُومٌ تَراءَتْ مِنْ خِلالِ ضَبابِ
فَيَا حُسْنَها مِنْ لَيْلَةٍ غَيْرَ أَنَّها / تَوَلَّتْ ولَمْ نَشْعُرْ لَها بِذَهابِ
وَقَدْ لاحَ بِالظَّلْماءِ فَجْرٌ كَأَنَّهُ / بَياضُ مَشِيبٍ فِي سَوَادِ شَبابِ
قُمْ هَاتِها واللَّيْلُ مَالَ عَمُودُهُ
قُمْ هَاتِها واللَّيْلُ مَالَ عَمُودُهُ / لِلْغَرْبِ وانْتَشَرَتْ جُنُودُ الْمَغْرِبِ
وَبَدَا الْهِلالُ عَلَى الأَصِيلِ كَأَنَّهُ / نُونٌ مُفَضَّضَةٌ بِرَقٍّ مُذْهَبِ
يَا مَنْ رَأَى الشَّادِنَ في سِرْبِهِ
يَا مَنْ رَأَى الشَّادِنَ في سِرْبِهِ / يَتِيهُ بِالْحُسْنِ عَلَى تِرْبِهِ
أَرْسَلَ فَرْعَيْهِ لِكَي يَعْبَثَا / بِأُكْرَتَيْ نَهْدَيْهِ مِنْ عُجْبِهِ
أَحْتَمِلُ الْمَكْرُوهَ مِنْ أَجْلِهِ / وَأَبْذُلُ الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
قَدْ لامَنِي الْعَاذِلُ فيهِ ولَوْ / رَأَى الْهُدَى أَقْصَرَ عَنْ عَتْبِهِ
وَهَلْ يُطِيقُ الْمَرْءُ سَتْرَ الْهَوَى / مِنْ بَعْدِ ما اسْتَوْلَى عَلَى لُبِّهِ
تَقَلُّبُ الْعَينِ دَلِيلٌ عَلَى / ما أَضْمَرَ الإِنْسَانُ فِي قَلْبِهِ
يا سامَحَ اللهُ عُيُونَ الْمَهَا / فَهُنَّ عَوْنُ الدَّهْرِ فِي حَرْبِهِ
أَمَا كَفَى ما جَرَّ أَحْدَاثُهُ / حَتَّى دَعَا الْغِيدَ إِلى حِزْبِهِ
أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْنِ كُفِّي عَنِ الْقَلْبِ
أَفَتَّانَةَ الْعَينَيْنِ كُفِّي عَنِ الْقَلْبِ / وَصُونِي حِمَاهُ فَهُوَ مَنْزِلَةُ الْحُبِّ
ولا تُسْلِمِي عَيْنَيَّ للسُّهْدِ والْبُكَا / فَإِنَّهُمَا مَجْرَى هَواكِ إِلَى قَلْبِي
وَإِنِّي لَراضٍ مِنْ هَواكِ بِنَظْرَةٍ / وَحَسْبِي بِها إِنْ أَنْتِ لم تَبْخَلِي حَسْبي
إِذا كانَ ذَنْبِي أَنَّ قَلْبِي مُعَلَّقٌ / بِحُبِّكِ يا لَيْلَى فَلا تَغْفِرِي ذَنْبِي
قَالَتْ وقَدْ سَمِعَتْ شِعْرِي فَأَعْجَبَها
قَالَتْ وقَدْ سَمِعَتْ شِعْرِي فَأَعْجَبَها / إِنِّي أَخَافُ عَلَى هَذَا الغُلامِ أَبِي
أَرَاهُ يَهْتِفُ بِاسْمِي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ / وَلَوْ كَنَى لَمْ يَدَعْ لِلظَّنِّ مِنْ سَبَبِ
فَكَيْفَ أَصْنَعُ إِنْ ذَاعَتْ مَقَالَتُهُ / مَا بَيْنَ قَوْمِي وهُمْ مِنْ سادَةِ الْعَرَبِ
فَنَازَعَتْها فَتَاةٌ مِنْ صَوَاحِبِهَا / قَوْلاً يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمَاءِ واللَّهَبِ
قَالَتْ دَعِيهِ يَصُوغُ الْقَوْلَ في جُمَلٍ / مِنَ الْهَوَى فَهْيَ آياتٌ مِنَ الأَدَبِ
وما عَلَيْكِ وفي الأَسْمَاءِ مُشْتَرَكٌ / إِنْ قالَ في الشِّعْرِ يا لَيْلَى وَلَمْ يَعِبِ
وَحَسْبُهُ مِنْكَ داءٌ لَوْ تَضَمَّنَهُ / قَلْبُ الْحَمامَةِ ما غَنَّتْ عَلَى عَذَبِ
فَاسْتَأْنَسَتْ ثُمَّ قالتْ وَهْيَ بَاسمَةٌ / إِنْ كانَ ما قُلْتِ حَقَّاً فَهْوَ في تَعَبِ
يا حُسْنَهُ مِنْ حَدِيثٍ شَفَّ باطِنُهُ / عَنْ رِقَّةٍ أَلْبَسَتْنِي خِلْعَةَ الطَّرَبِ
أَلا يا لَقَوْمِي مِنْ غَزالٍ مُرَبَّبٍ
أَلا يا لَقَوْمِي مِنْ غَزالٍ مُرَبَّبٍ / يَجُولُ وِشاحاهُ عَلَى فَنَنٍ رَطْبِ
تَعَرَّضَ لِي يَوْماً فَصَوَّرْتُ حُسْنَهُ / بِبَلُّورَتَيْ عَيْنَيَّ في صَفْحَةِ القَلْبِ
ذَهَبَ الهَوَى بِمَخِيلَتِي وَشَبابِي
ذَهَبَ الهَوَى بِمَخِيلَتِي وَشَبابِي / وَأَقَمْتُ بَيْنَ مَلاَمَةٍ وَعِتَابِ
هِيَ نَظْرَةٌ كَانَتْ حِبالَةَ خُدْعَةٍ / مَلَكَتْ عَلَيَّ بَدِيهَتي وَصَوابِي
نَصَبَتْ حَبائِلَ هُدْبِهَا فَتَصَيَّدَتْ / قَلْبي فَراحَ فَرِيسَةَ الأَهْدابِ
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ طَارِقَةِ الْهَوَى / أَنَّ الْعُيُونَ مَصايِدُ الأَلْبابِ
وَمِنَ الْعَجائِبِ في الْهَوَى أَنَّ الفَتَى / يُدْعَى إِلَيْهِ بِأَهْوَنِ الأَسْبَابِ
فَارْبَحْ مَلامَكَ يَا عَذُولُ فَإِنَّنِي / راضٍ بِسُقْمِي فِي الْهَوَى وَعَذَابِي
بِقَلْبِي لِلْهَوَى داءٌ عَجِيبُ
بِقَلْبِي لِلْهَوَى داءٌ عَجِيبُ / تَحَيَّرَ فِي تَلافِيهِ الطَّبِيبُ
إِذا أَخْفَيْتُهُ أَبْلَى فُؤادِي / وَإِنْ أَظْهَرْتُهُ غَضِبَ الْحَبيبُ
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي / أَضَعْتُ شَبَابِي في سَبِيلِ طِلابِي
فَمَا تَنْفَعُ الدُّنْيَا وَإِنْ نِلْتُ كُلَّ مَا / تَمَنَّيْتُ مِنْهَا بَعْدَ فَقْدِ شَبابِي
تَحَمَّلْ إِلَى نَادِي الْحَبِيبِ رِسَالَةً
تَحَمَّلْ إِلَى نَادِي الْحَبِيبِ رِسَالَةً / أَرَقَّ عَلَى الْمَخْمُورِ مِنْ نَفَسِ الصَّبا
وَخَبِّرْهُ عَنِّي أَنَّنِي مُنْذُ بَيْنِهِ / أُكابِدُ هَوْلاً يَتْرُكُ الطِّفْلَ أَشْيَبَا
فَإِنْ لانَ فَاشْكُرْهُ عَلَى فَضْل مَا أَتَى / مِنَ الْبِرِّ واعْذِرْهُ إِذَا صَدَّ أَوْ أَبَى
وَلا تُخْجِلَنْهُ بِالْعِتَابِ فَإِنَّنِي / أَخَافُ إِذَا مَا احْمَرَّ أَنْ يَتَلَهَّبَا
أَتَزْعُمُنِي خِلاًّ وَتَهْجُرُ ساحَتِي
أَتَزْعُمُنِي خِلاًّ وَتَهْجُرُ ساحَتِي / عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ إِنَّ ذَا لَعَجِيبُ
إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُحِبِّينَ وُصْلَةٌ / تُؤَكِّدُ عَهْداً فَالصُّدُودُ قَرِيبُ
وإِنَّ وِدادَ الْقَلْبِ ما لَمْ يَكُنْ لَهُ / دَلِيلٌ عَلَى إِخْلاصِهِ لَمُرِيبُ
وَبَاكِيَةٍ شَجَتْ قَلْبِي بِلَحْنٍ
وَبَاكِيَةٍ شَجَتْ قَلْبِي بِلَحْنٍ / تَهِيجُ لَهُ الْمَسامِعُ وَالْقُلوبُ
سَأَلْتُ فَقِيلَ قَدْ فَقَدَتْ حَبِيباً / وَهَلْ يَبْقَى عَلَى الدُّنْيَا حَبِيبُ
بَكَيْتُ لَهَا وَلَمْ أَفْهَمْ صداهَا / وَقَدْ يَبْكِي مِنَ الطَّرَبِ الْغَرِيبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025