القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 44
المجدُ ما بينَ موروثٍ ومكتسبِ
المجدُ ما بينَ موروثٍ ومكتسبِ / والقطرُ في الأرضِ لا كالقطر في السحُبِ
وما الفتى من رأى آباءَهُ نُجُباً / ولم يكن هو إنْ عدوهُ في النُّجُبِ
وإن أولى الورى بالمجدِ كلُّ فتىً / من نفسه ومِنَ الأمجادِ في نسبِ
فالشهبُ كثرٌ إذا أبصرتهنَّ ولا / يعددُ الناسُ غيرَ السبعةِ الشُهُبِ
وما رقى الملكُ المأمونُ يومَ سما / للمجدِ في درجاتِ العزِّ والحَسَبِ
ولا استجابت له الأملاكُ يومَ دعا / بفضلِ أم غذته الفضلَ أو بِأبِ
لكن رأى المجدَ مطلوباً فهبَّ له / ومن يكُن عارفاً بالقَصدِ لم يَخِبِ
وعزَّز العلمَ فاعتزَّ الأنامُ بهِ / وما إلى العزِّ غيرَ العلمِ من سَبَبِ
ودولةُ السيفِ لا تقوى دعامَتُها / ما لم تَكُنْ حالفَتْها دولةُ الكُتبِ
ومن يجدَّ يجد والنفسُ إن تعبتْ / فربما راحةٌ جاءت من التعبِ
ويلٌ لمن عاش في لهوٍ وفي لعبٍ / فميتةُ المجدِ بينَ اللهوِ واللعبِ
ألم ترَ الشمس في الميزانِ هابطةً / لما غدا برجُ نجمِ اللهوِ والطربِ
تمايلَ دهرُكَ حتى اضطربْ
تمايلَ دهرُكَ حتى اضطربْ / وقد ينثني العطفُ لا من طربْ
ومرَّ زمانٌ وجاءَ زمان / وبينَ الزمانينِ كلُّ العجبْ
فقومٌ تدلوا لتحتِ الثرى / وقومٌ تعالوا لفوق الشُّهبْ
لقد وعظتنا خطوبُ الزمان / وبعضُ الخطوبِ كبعضِ الخطبْ
ولو عرف الناسُ لم تهدهمْ / سبيلَ المنافعِ إلا النوبْ
فيا ربَّ داء قد يكونُ دواءً / إذا عجز الطبُّ والمستطب
ومن نكد الدهر أن الذي / أزاح الكروب غدا في كُرَبْ
وإن امرءاً كان في السالبين / فأصبحَ بينهُمُ يستَلبْ
ألست ترى العربَ الماجدين / وكيفَ تهدمَ مجد العربْ
فأينَ الذي رفعتهُ الرماح / وأين الذي شيدتهُ القضبْ
وأين شواهق عزٍ لنا / تكادُ تمسُّ ذراها السحبْ
لقد أشرقَ العلم لما شرقنا / وما زال يضؤل حتى غَرَبْ
وكنا صعِدنا مراقي المعالي / فأصبحَ صاعدنا في صببْ
وكم كان منا ذَوو همةٍ / سمتْ بهم لمعالي الرُّتبْ
وكم من هزبرٍ تهزُ البرايا / بوادرهُ إن ونى أو وثبْ
وأقسمُ لولا اغترارُ العقول / لما كفَّ أربابها عن أربْ
ولولا الذي دبَّ ما بينهم / لما استصعبوا في العلا ما صعب
ومن يطعم النفس ما تشتهي / كمن يطعمُ النار جزلَ الحطبْ
الا رحمَ اللهُ دهراً مضى / وما كاد يبسمُ حتى انتحبْ
وحيى لياليَ كنا بها / رعاةً على من نأى واقترَب
فملكاً نقيل إذا ما كبا / وعرشاً تقيمُ إذا ما انقلب
سلوا ذلكَ الشرق ماذا دهاه / فأرسلهُ في طريق العطبْ
لو أن بنيه أجلوا بنيه / لأصبحَ خائبهم لم يخبْ
فقد كانَ منهمْ مقرُّ العلوم / كما كان فيهم مقرُّ الأدب
وهل تنبتُ الزهرُ أغصانهُ / إذا ماءُ كلِّ غديرٍ نضَب
وكم مرشدٍ بات ما بينهم / يُسامُ الهوانَ وسوء النصب
كأن لم يكن صدرهُ منبعاً / لما كانَ من صدرهِ ينسكبْ
ومن يستبقْ للعلا غايةً / فأولى به من سواه التعبْ
وليس بضائرِ ذي مطلبٍ / إذا كفهُ الناسُ عما طلبْ
فكم من مصابيحَ كانت تضيء / بين الرياحِ إذا لم تهبْ
وما عِيْبَ من صدفٍ لؤلؤٌ / ولا عابَ قدْرَ الترابِ الذهبْ
بني الشرقِ أينَ الذي بيننا / وبينَ رجالِ العلا من نسبْ
لقد غابتِ الشمسُ عن أرضكم / إلى حيثُ لو شئتُم لم تغبْ
إلى الغرب حيث أولاءِ الرجال / وتيكَ العلومِ وتلك الكتبْ
وإن كان مما أردتم فما / تنال العلا من وراءِ الحجبْ
فدوروا مع الناسِ كيف استداروا / فإن لحكم الزمان الغلبْ
ومن عاند الدهر فيما يحب / رأى من أذى الدهرِ ما لا يُحبْ
إذا صحتَ في شرقنا صيحةً
إذا صحتَ في شرقنا صيحةً / وقلت أرى الغربَ منا اقتربْ
فما أنت مسمعُ من في القبور / ولا أنتَ مفزعُ من في السحب
اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ
اتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهبُ / فأنتَ بها برٌوأنت لها أبُ
وما وجدتْ مثلي لها اليومَ شاعراً / أياديكَ تمليها عليَّ فأكتبُ
وهل كلساني إن مدحتُكَ مبدعٌ / وهل كبياني ساحراً حين أنسبُ
دع الشعرَ تقذفهُ من البحرِ لجةٌ / إليكَ ويلقيهِ من البر سبسبُ
فإن يممَ الغرُّ الميامين مكةً / حجيجاً فهذي كعبة الشعرِ يثربُ
طلعتْ عليها طلعة البدرِ بعد ما / تجللها من ظلمةِ الظلمِ غيهَبُ
بوجهٍ لو أن الشمس تنظرُ مرةً / إليه لكانت ضحوةُ الصبحِ تغربُ
فجليتَ عنها ما أدلهمَّ وأبرقتْ / أسارير كانتْ قبلَ ذلكَ تقطبُ
وهل كنتَ إلا ابن الذي فاضَ برُهُ / عليها كما انهلَّ الغمام وأعذبُ
فكنْ مثلُهُ عدلاً وكُن مثلهُ تقىً / وصن لبنيهِ ما يد الدهرِ تنهبُ
سما بكَ أصلٌ طبقَ الأفقَ ذكرهُ / وسارتْ بهِ الأمثالُ في الأرضِ تضربُ
وقومٌ همُ الغرُّ الكواكب كلما / تغيبَ منهم كوكبٌ لاح كوكبُ
وهم معشر الفاروقِ من كل أغلبٍ / نماهُ إلى ليث العرينةِ أغلبُ
حفظتَ لهم مجداً وكانَ مضيعاً / وأبقيتَ فخراً كانَ لولاكَ يذهبُ
ونالكَ فضلُ الله والملكِ الذي / أرى كل ملكٍ دونهُ يتهيبُ
إذا ذكروهُ كبرَ الشرقُ بهجةً / وإن لقبوهُ أكبرَ الشرقِ مغربُ
يصدعُ قلبَ الحاسدينَ وإنهُ / إلى كل قلبٍ في الورى لمحببُ
ويرضي رعاياهُ فيردي عدوهُ / وما زالَ في الحالينِ يُرجى ويُرهبُ
حباكَ بها غراءَ يفترُ ثغرها / وكنتَ لها بعلاً وغيركَ يخطبُ
وكم أمَّلتها أنفسٌ فتحجبتْ / وبنتُ العلا إلى عن الكفءِ تحجبُ
سموتَ إليها وما ونيتَ وقد أرى / ذوائبَ قومٍ دونها تتذبذبُ
فطر فوقها ما العزّ عنكَ بمبعدٍ / وفضلُ أمير المؤمنينَ مقربُ
كأني بربِّ الروضةِ اليومَ باسماً / وصدِّيقهُ يزهى وجدكَ يعجبُ
ويثربُ مما أدركتْ من رجائها / بمقدمكَ الميمون باتتْ ترحبُ
تجنى الخبيبُ فقالوا غضبْ
تجنى الخبيبُ فقالوا غضبْ / وتاهَ دلالاً فقالوا اجتنبْ
الا دعهمُ ذاكَ بدرُ السما / إذا ما أضاءَ السماءَ احتجبْ
وهذي عروسُ الصبا أقبلتْ / تزفُّ إلينا عجوزُ الحقبْ
فقم فاجلها إن بنتَ الضحى / تخافُ أشعةَ بنتَ العنبْ
ولا تأمنِ الماءَ يخلو بها / فيولدها من بناتِ الحببْ
وكم غشني حينَ عاملتهُ / فمزْ بينَ فضتهِ والذهبْ
وإما دعاني داعي الصبا / ومالت بعطفيَ أمُّ الطربْ
فقلْ لخطيبِ الرياضِ ارتجلْ / فإنَّ خطيبَ الهوى قد خطبْ
وللصبحِ يبدي تباشيرَهُ / ويروي الهنا عن إمامِ الأدبْ
وردةٌ هبَّ في الريا
وردةٌ هبَّ في الريا / ضِ على الفجرِ طيبُها
عانقتها الصَّبا كما / ضمَّ خوداً حبيبُها
فرمتها من الزهورِ / عيونٌ تريبُها
تركنها من الضحى / في همومٍ تنوبُها
ثمم جفتْ عروقُها / وتجافتْ جنوبُها
وشكتْ في الهجيرِ من / زفراتٍ تذيبُها
فدعا روضها الأصي / لَ فوافى طيبُها
وشفاها بنسمةٍ / كان طبا هبوبُها
ساءلتْ عن مصابها / فتنادى يجيبُها
ليسَ تخلو مليحة / من عيونٍ تصيبُها
عصافيرُ يحسبنَ القلوبَ من الحبِّ
عصافيرُ يحسبنَ القلوبَ من الحبِّ / فمنْ لي بها عصفورةٌ لقطتْ قلبي
وطارتْ فلما خافتِ العينُ فوتها / أزالتْ لها حباً من اللؤلؤ الرطبِ
فيا ليتني طيرٌ أجاور عشها / فيوحشُها بعدي ويؤنسُها قربي
ويا ليتها قد عششتْ في جوانبي / تغردُ في جنبٍ وتمرحُ في جنبِ
ألا يا عصافيرَ الربا قد عشقتُها / فهبي أعلمكِ الهوى والبكا هبي
أعلمكِ النوحَ الذي لو سمعتِهِ / رثيتِ لأهلِ الحب من شغفِ الحبِ
خذي في جناحيكِ الهوى من جوانحي / وروحي بروحي للتي أخذتْ لبي
نظرتُ إليها نظرةً فتوجعتْ / وثنيتُ بالأخرى فدارتْ رحى الحربِ
فمن لحظةٍ يرمى بها حدَ لحظهِ / كما التحمَ السيفانِ عضباً على عضبِ
ومن نظرةٍ ترتدُ من وجهِ نظرةٍ / كما انفلبَ الرمحانِ كعباً إلى كعبِ
فساقتْ لعيني عينها أي أسهمٍ / قذفنَ بقلبي كلَّ هولٍ من الرعبِ
وساق لسمعي صدرها كلَّ زفرةٍ / أقرت بصدري كلّ شيءٍ من الكربِ
ودارت بي الألحاظُ من كل جانبٍ / فمنهنَّ في سلبي ومنهنَّ في نهبي
فقلتُ خدعنا إنها الحربُ خدعةً / وهون خطبي أن أسر الهوى خطبي
فقالت إذا لم تنجُ نفسٌ من الردى / فحسبكَ أن تهوى فقلتُ لها حسبي
وليَ العذرُ إما لامني فيكِ لائمٌ / فأكبرُ ذنبي أن حبكِ من ذنبي
ويا منْ سمعتمْ بالهوى إنما الهوى / دمٌ ودمُ هذاكَ يصبو وذا يصبي
متى ائتلفا ذلاً ودلاً تعاشقا / وإلا فما رونقِ الحسنِ ما يسبي
سلوني انبئكمْ فما يدر ما الهوى / سوايَ ولا في الناسِ مثلي من صبِ
إذا شعراءُ الصيدِ عدوا فإنني / لشاعرُ هذا الحسنِ في العُجْمِ والعُرْبِ
وإن أنا ناجيتُ القلوبَ تمايلتْ / بها نسماتُ الشعرِ قلباً على قلبِ
وبي من إذا شاءتْ وصفتُ جمالها / فواللهِ ما يبقى فؤادٌ بلا حبِّ
من الغيدِ أما دلُّها فملاحةٌ / وأما عذابي فهو من ريقها العذبِ
ولم يبقِ منها عُجبُها غيرَ خطرةٍ / ولا هي أبقتْ للحسانِ من العجبِ
عرضتُ لها بينَ التذلّلِ والرضا / وقد وقفتْ بينَ التدللِ والعتبِ
وأبصرتُ أمثالَ الدمى يكتنفنني / فقلتُ أهذي الشهبُ أم شبهُ الشهبِ
فما زالَ يهدي ناظري نورَ وجهِها / كما نظرَ الملاحُ في نجمةِ القطبِ
وقد رُحنَ أسراباً وخفتُ وشاتَها / فعيني في سربٍ وقلبي في سربِ
وقالتْ تجلّد قلتُ يا ميُّ سائلي / عن الحزنِ يعقوباً ويوسفَ في الجبِ
وما إن أرى الأحبابَ إلا ودائعاً / ترد فإما بالرضاءِ أو الغصبِ
سحرُ عينيكِ سالَ في تشبيبي
سحرُ عينيكِ سالَ في تشبيبي / فانتشى منهُ عِطْفُ كل أديبِ
وتمشى إلى القلوبِ كبشرى / يوسفٍ إذ مشتْ إلى يعقوبِ
يستميلُ المشوقُ نحوكِ هزَ الخم / رِ عطفَ الطروبِ نحو الطروبِ
فاعجبي كيفَ شاءَ حسنكِ ما / التيهُ إذا شاءَهُ الهوى بعجيبِ
واخضبي بالقلوبِ لحظكِ إنا / لا نحبُّ الحسامَ غير خضيبِ
وتجني كما بدا لكِ فينا / وبدا للدلالِ في تعذيبي
واتركيني تراقبُ النجمَ عيني / ودعيني وما يشاءُ رقيبي
كلُّ ما تكرهُ النفوسُ من الضرِّ / حبيبٌ إن مسها من حبيبِ
يا دعاةَ السهادِ في كلِّ ليلٍ / وعداةَ الكرى وأهلَ النحيبِ
وذوي المدنفاتِ والكبدُ الحرُّ / أعليها من كلِّ صبٍ كئيبِ
أطلعوها على القلوبِ عساها / تستحي من فعالها بالقلوبِ
لا تضّني يا ظبيةٌ إن تحيي / عاشقاً هامَ في النقا والكثيبِ
من بعيدٍ إذا اغتدى من بعيدٍ / وقريبٍ إذا اغتدى من قريبِ
أنا أيوبُ في هواكِ فأينَ الصب / رُ يسرو الهمومَ عن أيوبِ
وفؤادي في راحتيكِ وخير / أن يكونَ العليلُ عندَ الطبيبِ
قلتُ للغادةِ البخيلةِ لما
قلتُ للغادةِ البخيلةِ لما / رفضتْ رقعتي وخافتْ جوابي
ما لمر النسيمِ يجرحُ خديكِ / ومرُ النسيمِ مثل عتابي
وللمسِ الحريرِ يوجعِ كفيكِ / ولمسُ الحرير مثلث كتابي
فرأيتُ العيونَ تنطقُ بالسحرِ / وقالتْ علي فصلُ الخطابِ
عوذتْ منكَ قلبُها بالتجني / ورقتْ منكَ كفها بالخضابِ
زارتْ وقد طافتْ بنا سنةٌ
زارتْ وقد طافتْ بنا سنةٌ / فطفقتُ أسمعها من العتبِ
وكأنما أشفي جوىً بجوى / وأتوبُ من ذنبٍ إلى ذنبِ
فبدا لها فتدللتْ ونأتْ / تدعو على الأحبابِ والحبِ
فنهضتُ مضطرباً أرى فإذا / بيديَّ من أسفي على قلبي
أمن الظبا ذاكَ الغريرُ المعجبُ
أمن الظبا ذاكَ الغريرُ المعجبُ / يلهو بحباتِ القلوبِ ويلعبُ
قد كنتُ أحسبني رأيتُ نظيرهُ / حتى بدا فرايتُ ما لا أحسبُ
قمر كأنَّ الشمسَ فوقَ جبينهِ / أضحتْ لو أنَّ الشمسَ ليستْ تغربُ
وكأنَّ طرتهُ طليعةُ ليلةٍ / حلكتْ فأشرقَ في دجاها كوكبُ
جمعَ المحاسنَ فهيَ تنسَ إن يغبْ / وإذا بدا فلهُ المحاسنُ تنسبُ
وعلقتهُ كالظبيِ أحورَ يُرتجى / وعشقتهُ كالليثَ أزورَ يرهبُ
يرنو فتنتزعُ القلوبَ لحاظُهُ / وتكادُ أنفسنا عليهِ تذهبُ
وإذا مشى الخيلاءَ في عشاقِهِ / خلتَ المليكَ مشى وقامَ الموكبُ
وبثغرهِ ظلمٌ يحرمُ رشفهُ / ظلماً وعهدي أن يحل الطيبُ
ولقد تحكمَّ في النفوسِ فبعضها / أودى العذابُ وبعضها يتعذبُ
وعجبتُ أن الحبَّ يقتلُ أهلهُ / ولأن أكونَ بهِ قتيلاً أعجبُ
خلِّ القلوبَ لما بها
خلِّ القلوبَ لما بها / تصبو إلى أحبابها
من أرضهم خُلقتْ فنا / زعتها الهوى لترابها
كم قطعتْ ذاتَ الحجا / بِ قلوبنا بحجابها
هيفاءُ إن خطرتْ فغص / نُ البانِ في أثوابها
وإذا أمطتَ نقابها / فالشمسُ تحتَ نقابها
والسحرُ في تلكَ العيو / نِ يلوحُ من أهدابها
والوردُ في وجناتها / يندى بماءِ شبابها
جمعتْ فنونَ التيهِ والإ / دلالِ في إعجابها
فغذا رأتْ سربَ المهى / تاهتْ على أترابها
وإذا رأتْ أهلَ الهوى / عزتْ على طلابها
وإذا رنتْ غدتِ القلو / بُ تفرُّ من أصحابها
سكرى القوامِ كأنما / ثَمِلَتْ بِخمرِ رِضابها
عاتبتها يومَ النوى / وحملتُ إثمَ عتابها
فمشتْ وأوقفني الهوى / أبكيهِ بعدَ ذهابها
سعوا بيننا حتى لقد كنتُ راضياً
سعوا بيننا حتى لقد كنتُ راضياً / فأصبحتُ من قولي احبكَ تغضبُ
ولم أجنِ ذنباً غيرَ أني ذو هوىً / وأنكَ لي دونَ الأنامِ محببُ
وقالوا ستنسى إن تباعدَ بيننا / فيا ليتَ داري من دياركَ تقربُ
ويا ويلنا إن بتُّ أستعطفُ الهوى / وبتَّ على حكمِ الهوى تتجنَّبُ
فلا تمكنِ الواشينَ من ذاتِ بيننا / فليسَ لهم غيرَ التفرقِ مطلبُ
وإنكَ لو ابصرتَ ما بينَ أضلعي / لأبصرتَ قلبي في لظىً يتقلبُ
يا طلعةَ البدرِ التمامِ
يا طلعةَ البدرِ التمامِ / وقامةَ الغصنِ الرطيبِ
ما شئتَ أني في الهوى / لا بالملولِ ولا الغضوبِ
ليتَ الذي بكَ حينَ تنأ / ى معرضاً مثل الذي بي
كم بتُّ بعدكَ ليلةً / أدعو بها للمستجيبِ
وشكوتُ هجركَ للصبا / شكوى الغريبِ إلى الغريبِ
أمستْ ليالي ذا الجفا / مثلَ الهمومِ على القلوبِ
سوداءُ في لونِ الشبا / بِ وهمُّ أيام المشيبِ
مرضُ العيونِ الحورِ طِبُهْ
مرضُ العيونِ الحورِ طِبُهْ / وسلاامُ ذب الأجفانِ حربهْ
وبهِ رشا أحوى أغنُّ / كما يشاءُ يراهُ ربُهْ
لم يحكهِ الغيدُ الحيا / نَ وهل تحاكي البدرَ شبهُهْ
يجزي محبةَ من يهي / مُ بهِ الصدودَ وذاكَ دأبهْ
يا قلبُ لم يعذركَ في / هذا الضنى والذنبُ ذنبهْ
من للجفونِ بأن تنا / مَ وما يطيعُ الجفنُ هدبهْ
أترى جنيتَ على حبي / بكَ أم كذا قد صارَ قلبهْ
رشأٌ تلاعبَ بالنهى / لا يستفيقُ الدهرَ لعبهْ
ما زالَ يهوى الناسَ حت / ى ما يُعَدُ اليومَ صحبُهْ
والحبُّ أحسنَ ما يكو / نُ إذا انفردتَ بمن تحبُهْ
فاصبر على خطبِ الزما / نِ فهينهُ يمضي وصعبُهْ
أأخشاهُ جفناً ما تُسَلُّ قواضِبُهُ
أأخشاهُ جفناً ما تُسَلُّ قواضِبُهُ / وحدُّ حسامي ما تُفَلُّ مضاربهْ
فأين يدي هاتيكَ والسيفُ في يدي / وما لفؤادي أنكرتهُ جوانبهْ
وما لي كأنَ الكهرباءُ تمسني / إذا لاحَ ذاكَ البدرُ أو نم حاجبهْ
أروني فؤادي كيفَ صدعهُ الأسى / وكيفَ تولاهُ الهوى ومصائبهْ
إذا كانَ قلبي لا يصاحبُ همتي / فما هو لي قلبٌ ولا أنا صاحبهْ
ركبتُ لحيني في الترامِ عشيةً / أرى الفلكَ الدوارَ لاحتْ كواكبهْ
وأحسبهُ قلباً يجاذبهُ الهوى / فينقادُ لا يدري بما هو جاذبهْ
فلاحتْ لعيني من زواياهُ غادةٌ / هي البدرُ لكنْ أطلعتْهُ مغاربهْ
تبسمُ أحياناً وتعبسُ تارةً / كما يخدعُ الواهي القوى من يحاربهْ
وقد كتبتُ فوقَ المحاجرِ آيةً / يطالعُ فيها الحبُ من لا تخاطبهْ
فلما رآها القلبُ آمنَ واغتدى / يكاتبها في أضلعي وتكاتبهْ
فما أنا إلا والهوى يستفزني / إلى حيثُ سلطان الهوى عزَّ جانبهْ
فقمتُ قيامَ الليثِ فارقَ غيلهُ / وقد حُطِّمتْ أنياهُ ومخالبهْ
وسلمتُ تسليمَ البشاشةِ والهوى / تدبُّ على أطرافِ قلبي عقاربهْ
فأغضتْ حياءً ثمَّ عادتْ فسلمتْ / ومن بعدِ كدرِ الماءِ تصفو مشاربهُ
فللّهِ ما أحلى حديثاً سمعتهُ / كأني يتيمٌ لاطفتهُ أقاربهْ
هو الخمرُ لولا طعمها وخمارُها / هو السحرُ لولا ذمَّهُ ومعائبُهُ
فقلتُ عرفتُ الحبَّ واللهِ أنهُ / مطالبُ قلبٍ لا تُحَدُّ مطالبهْ
فقالتْ بلى إن شئتَ زدتُكَ أنهُ / نوائبُ دهرٍ لا تُعَدُّ نوائبهْ
فكاشفتها مابي غراماً مبرحاً / يغالبني فيهِ النُّهى وأغالبهْ
وقلتُ ارى ذا القلبِ جُنَّ جنونهُ / وإلا فماذا في ضلوعي يواثبهْ
فهزتْ قواماً كالرديني مشرعاً / وحينَ أحسُّ الشعرَ ماجتْ كتائبهْ
وأعجَبَها ما قلتهُ فتَضَاحكَتْ / كأني طفلٌ في يديها تلاعبهْ
وقد كانَ صدري أطفأ اليأسَ نورهُ / فأصبحَ مثلَ الليلِ طارتْ غياهِبهْ
وقالتْ أخافُ الناسَ فالناسُ في الهوى / لئيمٌ نداري أو عذولٌ نراقبهْ
وعادتْ تروعُ القلبَ لم تدرِ أنني / شديدُ مناطِ القلبِ صلبٌ ترائبهْ
ولما رأتني هائماً غيرَ هائبٍ / سواها وقدماً ضيعَ الصيدُ هائبُهْ
تولتْ وقالتْ تلكَ عاقبةُ الهوى / وبعدَ صدورِ الأمرِ تأتي عواقبهْ
فغادرتْ قلبي في الترامواي وحدهُ / ينادي ولكنْ من عساهُ يجاوبهْ
وعشتُ بلا قلبٍ وعفتُ هوى الدُّمى / ولا يردعِ الإنسانَ إلا تجاربهْ
أبتْ عيناكَ إلا أن تصوبا
أبتْ عيناكَ إلا أن تصوبا / وهذا القلبُ إلا أن يذوبا
فما لكَ تحذرُ الرقباءَ حتى / هجرتَ النومَ تحسبهُ رقيبا
وقامَ عليكَ ليلُكَ فيس حدادٍ / يشقُّ على مصائبكَ الجيوبا
وربَّ حمامةٍ هبتْ فناحتْ / تنازعني الصبابةَ والنحيبا
أساعدها وتسعدني نواحاً / كلانا يا حمامةُ قد أصيبا
دعي همَّ الحياةِ لذي فؤادٍ / فما تركَ الغرامُ لنا قلوبا
ولا تنسي أخاكِ وما يعاني / إذا ماكانَ في الدنيا غريبا
فإنَّ المرءَ ينسى إن تناءى / وتذكرهُ صحابتهُ قريبا
رعاكِ اللهُ هل مثلي محبٌّ / وقد أمسى محمدُ لي حبيبا
شفيعي يومَ لا يجدي شفيعٌ / وطبي يومَ لا أجدُ الطبيبا
وغوثي حينَ يخذلني نصيري / وغيثي إن غدا ربعي جديبا
وآمنَ في حماهُ ريبَ دهري / وحادثهُ وإن أمسى غَضوبا
وأذكرهُ فيفرجُ كلُّ خطبٍ / ولو كانتْ رواسيها خُطُوبا
رسولَ اللهِ جئتكَ مستغيثاً / وجودكَ ضامنٌ أن لا أخيبا
متى تخضرُ أيامي وتزهو / ويصبحُ عودَ آمالي رطيبا
فقد ضاقتْ بي الدنيا وهبتْ / فجائعها على قلبي هبوبا
ومالي غيرُ حبكَ من نصيرٍ / فعلَّ من العنايةِ لي نصيبا
نُوبٌ تَغدُوعلى نُوبٌ
نُوبٌ تَغدُوعلى نُوبٌ / تقطعُ الأيامَ في طَلَبي
ليتَ شعري وهيَ معجلةٌ / أي ذنبٍ لي سوى أدبي
أقبلي يا نائباتُ فما / هذهِ الدنيا سوى تعبِ
واثبتي للعمرِ آونةً / فليالي العمرِ في هربِ
عجبي والناسُ إن فطنوا / وجدوا دهري أبا العجبِ
كم ليالٍ قد لعبتُ بها / وغدتْ من بعدُ تلعبُ بي
كعهودِ الغيدِ إن صدقتْ / فقُصاراها إلى الكذبِ
والذي يمضي على لعبٍ / سوفَ يلقى حسرةَ اللعبِ
يا زمانَ الهجرِ كيفَ لنا / بزمانِ الرُّسْلِ و الكُتُبِ
وليالٍ كالصبا سلفتْ / إن يؤبْ عهدُ الصبا تؤبِ
كم قطعناها على كَلَفٍ / في رضا حلوٍ وفي غَضَبِ
آةٍ ليتَ العينَ ما نظرتْ / ودموعُ العينِ لم تصبِ
إن ذا الحبَّ غادرني / ليسَ في العيشِ من أربِ
كلما افلتُّ من كربٍ / ساقني قلبي إلى كربِ
علمَ اللهُ أنني بكَ صبٌّ
علمَ اللهُ أنني بكَ صبٌّ / ولذكرى حماكَ ما عشتُ أصبو
يا خليفَ الوفا أما ليَ عذرٌ / يغفرُ الذنبَ إن يكنَ لي ذنبُ
قد سعوا بي إليكَ بالعيبِ فالعي / بُ وما لي سوى المحبةِ عيبُ
وأرادوا أن يلزموا القلبَ صبراً / لهم الويلُ هل لذي الحبِّ قلبُ
أتَخذت السحابَ داركَ في الجو / فليست تجيئنا منكَ كُتْبُ
أم فما أوجبَ القطيعةَ والبغ / ضا وقلبي كما عهدتَ محبُّ
لو سألتَ النسيمَ عني لأمسى / بزفيري على حماكَ يَهِبُّ
أو أذنتَ السحابَ ان تذكرَ الدم / عَ لباتتْ من الدموعِ تَصُبُّ
أو تعرضتَ للحمامِ بذكري / طالَ منهُ على جفائكَ عتْبُ
سقمي قاتلي وأنتَ طبيبي / ما لسقمي سوى رضائكَ طِبُّ
لم ينكشفْ همي ولكنني
لم ينكشفْ همي ولكنني / أريهمُ ما عرفوني بهِ
كذي هزالٍ خانهُ جسمهُ / فاستلفتَ الناسَ إلى ثوبهِ
وربما كانَ الفتى باسماً / وكانَ كلُّ الهمِّ في قلبهِ
ومن رأى ذلته صحبهُ / فربما هانَ على صحبهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025