المجموع : 19
شَقَّتْ على الأرضِ السَّماءُ جُيوبَها
شَقَّتْ على الأرضِ السَّماءُ جُيوبَها / فالمَحْ سَناها أو تَنَسَّمْ طيبَها
أرضٌ مُدَبَّجَةٌ وظِلٌ وارِفٌ / وشَذىً بهِ مَلأَ النسيمُ رحيَبها
قد مدَّ طاووسُ الجمالِ جناحَهُ / فِيها فغطَّى غُصنَها وكَثيبَها
ماشِئْتَ من وَشْيٍ بها تَوْريدَها / تَوْريسَها تَفْضيضَها تَذْهيبَها
سَحبَ السَّحابُ بها فُضولَ ذُيوِله / فَوشَى أباطِحَها ولَمَّ شعُوبَها
فأتَتْ كما نَضَت العَروسُ نِقابَها / وجَلتْ عن الوَجْهِ الجميلِ شُروبها
وادٍ بهِ نَفضَ الربيعُ عِيابَهُ / وأرَى فُنونَ فُتونِه وضُروبَها
أضفَى عليه النَّورُ من أثْوابِهِ / خِلَعاً تُهذّب نَشرها تَهذيبَها
في عاتِقَيْهِ من المياهِ صَوارمٌ / يُبدي النَّسيمُ بمتْنِها تَشْطيبَها
فالدَّوحُ بينَ مُدَمْلَجٍ ومُخَلخَلٍ / عنها غَدا جَرْسُ الحُليّ نَسيبَها
لا غَرْوَ إنْ ضَحِكَتْ مَباسِمُ زَهرهِ / فالمُزنُ قد سَفَحت عَلَيْهِ غُروبَها
أو إن بَدا خَجلٌ بخدَّيْ وَرْدِهِ / فالدَّوحُ قد شقَّتْ عَليْهِ جُيوبَها
أو أنْ يُغنّي بُلبلٌ في ظِلِّها / طَرباً وقَد حاكَ البَديعُ نَسيبَها
ما مِثْلُ أيَّامِ الرَّبيعِ ونَهْبِها / عَيشٌ يَطيبُ فلا تُضِعْ مَنْهوبَها
واعطِفْ عَلى وجْهِ الزَّمانِ فَحَيِّهِ / بِتَحيَّةٍ تُنْسي ذُكاءَ غروبَها
واعدِل لِظلٍّ ألعسٍ فارشُفْ بهِ / كأسَ المُنى حتَّى تَطَعَّمَ طِيبَها
والمَحْ صحائفَ ذا الوجودِ بعيْنِ مَنْ / جَمعَ التفرُّقَ تَستَبِنْ مَكتوبَها
فَوراءَ هذا الحُسنِ حُسنٌ قَدْ غَدا / مَطلوبَ نفسِكَ لو دَرتْ مَطلوبَها
لولا اتِّقائي أن يُقالَ أخو صِبا / لَرَشَفْتُ من ثَغْرِ الأَقاحِ شَنيبَها
أو أنْ يباهِتَ في المَلامةِ عاذِلٌ / بسفاهِ حِلْمٍ لاعتنَقتُ قضيبَها
ورَفعتُ نَفْسي عن زِراية غادَةٍ / وجَعَلْتُ ذاكَ من الحِسانِ نَصيبَها
وَشَى بِسرِّكَ دَمعٌ ظلَّ يَنْسَكِبُ
وَشَى بِسرِّكَ دَمعٌ ظلَّ يَنْسَكِبُ / وغالَ صَبركَ صَدْعٌ ليسَ يَنْشعِبُ
فَما اعِتذارُكَ لِلَّاحي وقَدْ هَتكَتْ / عنكَ الحِجابَ أُمورٌ ليسَ تَنحجبُ
هَيْهاتَ عندي جَوىً لو فَضَّ بادِرةً / منهُ على الشُّهْب ما دارَتْ بهِ الشُّهُبُ
ما كُلُّ جُرحٍ جَناهُ طَرفُ ذي حَوَرٍ / كلّا ولا كُلُّ سُكْرٍ جرَّهُ شَنَبُ
شَربتُ كأْسَ الهَوى وَحدي مُعَتَّقةً / والعاشقونَ جَميعاً فَضْلَها شَربوا
فَمَنْ يَكُنْ عاشِقاً مِثلي يَحقُّ لهُ / ألَّا يُبالي أقامَ الحَيُّ أمْ ذَهبوا
في وَجْهِ مَنْ هَامَ قَلبي فيهِ لي شُغُلٌ / عنْ كُلِّ شُغلٍ فلا يُزْري بكَ الرَّغَبُ
وجهٌ إذا انتَسَبتْ كُلُّ الوُجوهِ إلى / حُسنٍ فَما لِسِواهُ الحُسْنُ ينتسبُ
يالهفَ نَفْسي على خِلٍّ أُفاوضهُ / حَديثَ لَيْلَى فَيُصغي لي كَما يجبُ
مُطَهَّرِ السَّمعِ لا يَثْني لِلائِمةٍ / وَجْهاً ولا يَزدَريه المَيْنُ والكذِبُ
أبثُّه سِرَّ حُسْنٍ جلَّ مُضمَرُهُ / عنْ أن تُطالعهُ الأقلامُ والكُتُبُ
فيه شِفاءٌ من الدَّاءِ العَياءِ سِوى / أنَّ القُلوبَ إلى نَجْواهُ تَنجذِبُ
فَلا تظنَّنَّ أنْ يُصْغي لِنَغْمتِهِ / قلبٌ فَيُسلِمَهُ أخُرى المدى وَصَبُ
سِرٌّ من الحُسْنِ لو يُجلَى سَناهُ عَلى / أعْمَى لأبصرَ ما قَدْ وارَتِ الحُجُبُ
أو قيلَ في أُذُنٍ صمَّاءَ أسْمَعَها / أو رامَهُ أخرسٌ دانتْ له الخُطَبُ
أو خَطَّ في وَجْنَتَيْ مَيْتٍ لأنشرَهُ / وقامَ للحِينِ في أثوابِه يَثِبُ
فهل بذا الحُسنِ ما يُصغَى لناعِته / أو بالَّذي قد بَدا من نَعْتِهِ عَجَبُ
هَبْ صَحَّت الكِيْمِيا أيْنَ المُصيخُ لَها / هَيْهاتَ قَدْ صَعُبَ المَطْلوبُ والطَّلبُ
عَزَّ الرجالُ فهَل مَنْ يُستراح لهُ / بنَفْثةٍ دونَها الأرجاءُ تضطربُ
كرِّرْ لِحاظَكَ في هذا الوُجودِ تَجدْ / عن ذلكَ السِّرِّ مايَبْدو وَيحتجبُ
فَعَنْ لَطائِفِهِ الأفلاكُ دائرةٌ / والشَّمْسُ حاسِرةٌ والبَدر مُنْتقِبُ
والرَّوض مُلْتَحِفٌ والغُصْنُ مُنْعَطِفٌ / والزَّهْرُ مُبْتَسِمٌ والقَطْرُ مُنتَحبُ
ومِلْ بِسَمْعِكَ للطَّيرِ المُرِنِّ إذا / نَمَّ الصَّباحُ فعنهُ ذلِكَ الطَّرَبُ
ولِلمياهِ فَفِيه ما تَراجَعُهُ / ولِلْحُليِّ ففيه الحَلْيُ يَصطخِبُ
وشُمَّ إنْ شِئتَ أنفاسَ النَّسيم إذا / ما حَمَّلَتْهُ شَميمَ الرَّوضةِ السُّحُبُ
تَجِدْ عَليهِ أريجاً عَرْفُهُ عَبِقٌ / لاشَكَّ أنَّ شَذاهُ منهُ مُكْتَسَبُ
في كُلِّ حُسنٍ له مَعْنىً يُشاهِدُه / قَلْبٌ خَلا عنه إفكٌ وامَّحَتْ رِيَبُ
لا يَطمعُ الطَّرْفُ أن يَحْظَى بملْمَحَةٍ / مِن حُسنهِ ولِغَيْرٍ عِنْدهُ أربُ
مابَعَّد الرَّاحَ عَن عَلياءِ حَضْرتهِ / شَيءٌ سوى أنَّها قَدْ خانَها الأدبُ
وعاذلٍ ما دَرى مِقْدارَ مَوْجدتي / يَظُنُّ أنِّيَ مِمَّنْ سَعيُه خَببُ
عَنِّي بلومكَ إنِّي عَنْهُ في شُغُلٍ / ما كلُّ مُلتهب الأحشاءِ مكتئبُ
لي لَوعَتانِ وللعُشَّاقِ واحِدةٌ / شَيءٌ تفرَّدتُ فيهِ والهَوى رُتَبُ
أرضَى لِمَنْ ظَلَّ يَلحاني بِحالتهِ / يَقضي المَدى وهوَ لم يَعْلَق بهِ سَبَبُ
منكَ التجلِّي ومنَّا السَّتُر والحجُبُ
منكَ التجلِّي ومنَّا السَّتُر والحجُبُ / وكل نُعمى فمن عُلياكَ تُرتَقبُ
وأنتَ أنتَ الَّذي أبْغي وأطَّلِبُ / يا مَطْلباً ليسَ لي في غَيرهِ أربُ
إليكَ آلَ التَّقصِّي وانْتَهى الطَّلبُ /
ياحاضراً سِرُّهُ عِنْدي وفي ومَعي / أغَيْرَ ذِكْرِكَ أُمْلي أمْ سِواهُ أعِي
تاللهِ ما راقَ عَيْني حُسْنُ مُرتَبعِ / ولا طمَحتُ لِمَرْأى أو لِمُسْتَمَع
إِلّا بمعنىً إلى عُلياكَ ينتَسبُ /
لقد أبى فيكَ صَبري أنْ يُجامِلني / وجَلَّ فيكَ غَرامي أن يُشاكِلَني
وَدَدْتُ أرْدَى ولكنْ لن تُعاجِلَني / وما أُرانيَ أهلاً أن تُواصِلَني
حَسْبي عُلُوَّاً بأنِّي فيكَ مُكتَئِبُ /
ياعِزَّةَ العَبْدِ بينَ الذُّلِّ والرَّهَبِ / وراحةَ الصَّبِّ بينَ الجَهْد والنَّصَبِ
حَسْبي من الوَصْل أني لَسْتُ ذا طَلبِ / لكنْ يُنازعُ شَوْقي تارةً أدَبي
فأطْلُبُ الوَصْلَ لَمّا يضعُفُ الأدبُ /
ها فارمُقوني تَرَوا صَبّاً بلا رَمَقِ / مُقَسَّمَ الدَّهرِ بينَ الوَجْدِ والحُرَقِ
فاليومُ في وَلَهٍ واللَّيلُ في أرقِ / ولستُ أبرحُ في الحالَيْنِ ذا قَلَقِ
نامٍ وشوقٍ لهُ في أضْلُعي لَهَبُ /
أيْن التجلدُ ما للقلبِ ضَيَّعَهُ / من مُنْصِفي من فُؤادٍ خانَ أضلُعَهُ
ومِن ضَميرٍ أبانَ الشَّوقُ مُودعَهُ / ومَدْمَعٍ كلَّما كَفْكَفتُ أدمُعَهُ
صَوناً لِحِبُّكَ تَعْصيني وتَنسكبُ /
هَلْ مِن صَديقٍ لِنَجوى أو مكاتمةِ / أمَّا العَزاءُ فَقد وفَّى مُصارَمَتي
حَسْبي الأسَى لِخُلوِّي أو مُنادَمتي / ويدَّعي في الهوى دَمْعي مُقاسَمتي
وَجْدي وحُزني ويَجري وهو مُخْتَضِبُ /
هَيهات غَصَّ بِطعمِ الطَّعن مَن نَجلا / وأشْعلَ الوَجدَ مَن في قَلبهِ اشْتَعلا
أيْنَ التمثُّلُ مِمَّنْ قد غَدا مَثلا / كالطَّرفِ يَزْعُم توحيدَ الحبيبِ ولا
يَزالُ في لَيْلهِ للنَّجمِ يرتَقِبُ /
مالي وما لفُؤادٍ إن أرُضْهُ عَسا / وخاطرٍ كلَّما غَرَّبْتُهُ أنِسا
ومَدْمعٍ كُلَّما كَفكفتُهُ انْبَجَسا /
يا صاحبي قد عَدِمْتُ المُسعِدين فَسا / عِدْني على وَصَبي لا مسَّك الوَصَبُ
ياحاديَ العِيس رِفْقاً في السُّرى بهمِ / هُمُ بَقايا جسُومٍ فوقَ مِثْلِهمِ
وأنتَ أيضاً وقاكَ اللهُ مِنْ ألمِ / باللهِ إنْ جئتَ كُثباناً بذي سَلَمِ
قِفْ بي علَيها وقُل لي هذهِ الكُثُبُ /
ولْتَنْزلَنْ بي لَدَيها لا ضَللتَ سُرى / وسِرْ بِرَحْلي وذَرْني أندبُ الأثَرا
أُعفِّرُ الخَدَّ بين التُّرب مُنْكَسِرا / ليقضيَ الخدُّ في أجْراعِها وطَرا
من تُربها ويُؤدِّي بَعْضَ ما يَجِبُ /
يا صاحِ والقَلْبُ لا يَصْحو للائِمَةٍ / باللهِ إنْ ملتَ من نَجدٍ إلى سمةٍ
عارضْ صَباها لتَشفيني بناسِمةٍ / ومِلْ إلى البانِ من شرقيِّ كاظمةٍ
فَلي إلى البانِ من شَرْقيِّها طَرَبُ /
قُلْ أيّ مَغنىً زكتْ في الطِّيب تُرْبَتُهُ / تَحدو النُّفوسَ لِلُقياهُ مَحبَّتُهُ
وتزجرُ اللَّحْظَ عَنْ مَرآهُ رَهبتُهُ / أكرمْ بهِ مَنزِلاً تَحميهِ هَيْبَتُهُ
عَنّي وأنوارُه لا السُّمرُ والقُضُبُ /
إيهٍ خليلي بِوُدِّي فيكَ لا نُبِذا / شِمْ ذا البَريقَ وخُذْ بي حيثُ ما أخَذا
وحاذِهِ فهو من آمالِنا بِحِذا / ومِلْ يَميناً لمغنىً تَهْتدي بِشَذا
نَسيمِهِ الرَّطبِ إنْ ضَلَّت بِكَ النُّجُبُ /
فازَتْ نفوسٌ قُبيلَ العِيسِ قد ظَعَنتْ / وشاهَدَتْ حُسْنَ من تَشتاقُه ودَنتْ
أحْبِبْ لِقَلبي بِمثواها لقد أمِنتْ / ففيهِ عاهَدْتُ قِدْماً حُبَّ مَنْ حَسُنَتْ
بهِ الملاحةُ واعتزَّت بهِ الرُّتَبُ /
خاطِرْ بِنَفْسكَ فالبَلْوى تُمَخِّضُها / كمالُ ذاتِكَ في العُليا تُعَرِّضُها
حَيثُ المحاسنُ أجْلاها وأغْمَضُها / حيثُ الهِضابُ وبَطحاها يُرَوِّضُها
دَمْعُ المُحبِّين لا الأنداءُ والسُّحبُ /
مَنْ لي وأحْلى أماني الحُبِّ أكْذَبُها / بأنْ يُساعِدَ نَفسي فيهِ مأرَبُها
فَيَنْتهي الوَجْدُ أو يَرْضى مُعَذَّبُها / دَعْني أُعَلِّل نَفْساً عَزَّ مَطْلَبُها
فيهِ وقَلباً لغَدْرٍ ليسَ يَنقلبُ /
يا مانحَ العَتْبِ والإنصافُ يُعتبُهُ / لم تَدْر أنَّ عناءَ الصَّبِّ مَطْلَبُهُ
دَعني فبالقلب بَدْرٌ عَزَّ مَرْقَبُهُ / دانٍ وأدْنى وعِزُّ الحُسْنِ يَحْجبُهُ
عَنِّيْ وذُلِّيَ والإجلالُ والرَّهَبُ /
تَوَلُّهُ الصَّبِّ حَلْيٌ فوقَ حِليتهِ / فَمَنْ لَحاهُ نَهاهُ عن سَجيَّتِهِ
إنَّ الَّذي صَانَ قلبي في طَوِيَّتهِ / أحْيا إذا مِتُّ مِن شَوقي لِرُؤْيَتِهِ
فإنَّني لِهَواهُ فيهِ مُنْتَسِبُ /
هَلْ للْمُحبِّ سرورٌ بعدَ تَرْحَتِهِ / آهٍ لوجْدٍ كَوى صَدري بِلَفحتِهِ
جِسْمٌ تَفانَى وقَلْبٌ رَهْنُ قَرْحَتِهِ / ولَسْتُ أعجَبُ من حُبِّي وصِحَّتِهِ
من صِحَّتي إنَّما سُقْمي هو العَجَبُ /
للهِ لمحةُ حُسنٍ صَحَّ مُدْنَفُها / سَرَتْ بِقلبي فَتَصريفي تَصَرُّفُها
قَدْ مِتُّ عَنها ولكنْ لَستُ أُنْصِفُها / والَهْفَ نفسيَ لو يُجْدي تَلَهُّفُها
غَوْثاً ووا حَرَبي لو يَنْفَعُ الحرَبُ /
ياليْتَ شِعريْ وفي دَهْري مُخالَفةٌ / هَلْ مِنْهُمُ لِيَ قُربْى أو مُعاطَفةٌ
أو رحمةٌ أو حُنوٌّ أو مُلاطفةٌ / يَمضي الزَّمانُ وأشواقي مُضاعَفةٌ
يا لَلرجالِ ولا وَصْلٌ ولا سَببُ /
لو كنتَ للوصْل أهلاً ما تُركتَ سُدى / كم مُدَّعٍ وهوَ في دَعواه قد جَحَدا
ما كلُّ نُورٍ تَبدَّى للعُيونِ هَدى / يا بارِقاً بأعالي الرِّقمتين بَدا
لقد حَكَيْتَ ولكنْ فاتَكَ الشَّنَبُ /
آهٍ لنار عَلى الأحشاءِ ضارِمةٍ / باللهِ ريحَ الصَّبا حَيِّيْ بناسِمَةٍ
تُحْيِي ذَما مُهْجةٍ للبُعْدِ هائِمةٍ / ويا نَسيماً سَرى من جَوِّ كاظمةٍ
باللهِ قلْ ليَ كيْفَ البانُ والغَربُ /
إيهٍ فَداكَ مُحِبٌّ ليلهُ يَقِظُ / كيفَ الأحبَّةُ هَلْ راعَوا وهَلْ لَحَظوا
مُحبُّهم فَرضوا قُرباه أمْ لفَظُوا / وكيف جيرَةُ ذاكَ الحَيِّ هَلْ حَفِظوا
عَهداً أُراعيهِ إن شطُّوا وإن قَرُبوا /
يا سَعْدُ والقَلبُ لم يُسعِدْهُ غيرُهُمُ / تُراهُمُ وبِطَيِّ الصَّدرِ سِرُّهُمُ
رَعَوْا مُعَنّىً بهمْ أضناهُ هَجرُهُمُ / أمْ ضَيَّعوا ومُرادي مِنكَ ذِكرُهُمُ
همُ الأَحبَّةُ إن أعطَوا وإن سَلَبُوا /
هُمُ الملوكُ وإنِّي عَبْدُ مَجْدِهُمُ / حَسْبي عُلاً أنَّني صَبٌّ بوُدِّهِمُ
ما قدرُ منعِهِمُ في جَنْبِ رِفْدِهُمُ / إن كان يُرضيهمُ إبعادُ عَبْدِهِمُ
فالعبدُ منهم بذاكَ البُعْدِ مُقْتَربُ /
نحنُ المُحبِّينَ لا نُعْزَى الى طَلَبِ / رضى الأحبَّةِ عَنّا غايةُ الأربِ
إنْ كانَ وصْلُهُمُ تِهْنا من الطَّربِ / والهَجْرُ إن كانَ يُرضيهمْ بلا سَببِ
فإنَّهُ منْ لَذيذِ الوَصلِ مُحْتَسَبُ /
ما خَيَّبُوا قَطُّ حاشاهم مؤمِّلَهمْ / قَلبي بهمْ آهلٌ لا زالَ منزِلَهُمْ
إن أظْهروا الحُسْنَ لم أُغْفل تَأمُّلَهُمْ / وإنْ هُمُ احتَجبُوا عنِّي فإنَّ لَهُمْ
في القلبِ مَشْهودَ حُسنٍ لَيْسَ يَنْحَجبُ /
حَسْبُ المُتَيَّم أن يحدو مَحَجَّتَهمْ / فَقَدْ أقامَ العُلا والعِزُّ حُجَّتَهُمْ
بُدورُ تِمٍّ أبانَ الصِّدقُ لَهجتَهُمْ / قد نَزَّه اللطفُ والإشراقُ بَهْجتَهُمْ
عَن أنْ تُمنِّعَها الأستارُ والحُجبُ /
همُ الأهِلَّة لا تَخفى لِمُرْتَقِبِ / أدارَهُمْ فَلكُ العُليا على قُطُبِ
تُرْبي مَحاسِنُهم عَدّاً على الشُّهبِ / ما يَنْتَهي نَظري مِنْهم إلى رُتَبِ
في الحُسْنِ إلّا ولاحَتْ فَوقَها رُتَبُ /
كمالُ كُلِّ جَمالٍ من كمالِهمُ / وسِرُّ كلّ علاءٍ مِنْ جلالِهمُ
كلُّ القلوبِ هَيامَى في خِلالِهمُ / وكُلَّما لاحَ معنىً من جَمالِهمُ
لبَّاه شَوقٌ إلى مَعناهُ يَنتَسِبُ /
كَمْ ذا أُورِّي وكِتمانُ الهوى نَصَبُ / خيرُ الوَرى مقْصدي والصُّحبةُ النجُبُ
مالي وحَقِّهمُ في غيرهمْ أرَبُ / أظَلُّ دَهري وليْ من حُبِّهمْ طَرَبُ
ومن أليمِ اشتياقي نحوَهْم حَرَبُ /
جَلَتْ عَنْ حِجابَيْ خَجلةٍ وتَنقُّبِ
جَلَتْ عَنْ حِجابَيْ خَجلةٍ وتَنقُّبِ / كما لاحَ بَدْرٌ عن سَحابٍ وغَيْهبِ
فتاةٌ غَدا دَهري يُماطِلُني بِها / فأُعْتِبُهُ حتَّى انْثَنى للتَّعَتُّبِ
مَهدْتُ لها من فَضْلِ وُدِّيَ جانِباً / إلى أنْ دَنَتْ مِنْ بَعْد طُول تَجَنُّبِ
نَضَتْ عن مُحَيَّا الصُّبح سِجْفَ غَمامَةٍ / ولاحَت بمرأىً في المَلاحَةِ مُغْرِبِ
فصدَّت لِحاظي عن سَناها مَهابةً / بها حَجْبُها عَنِّي إذا لم تَحجَّبِ
أتتْ تتَهادى بَيْنَ أتْرابِها صِباً / فقُل ظَبيةٌ قَدْ أقبلَتْ وسْطَ رَبْرَبِ
مَهاةٌ جَرَى ماءُ الحياةِ بِثَغرِها / رُضاباً أعاذَتْهُ المَنونُ بِعَقْرَبِ
خَصِيبةُ طَيِّ الأزْرِ جَدْبٌ وِشاحُها / فرِدْفٌ لِبَغذاذٍ وعِطفٌ لِيَثْربِ
تَزُرُّ على البَدْرِ المُنيرِ جُيوبَها / فلا حُسْنَ إلّا ضمنَ ذاكَ المُنَقَّبِ
مُنَعَّمَةُ الأطرافِ تَعبثُ بالنُّهى / كما عَبثتْ أيامُ هَجري بمأْرَبِي
إذا ما اعْتَزت في الحُسنِ بانَ اعتزازُها / بِشَمْسِ الضحى أُمٍّ وبَدْرِ الدُّجى أبِ
مِنَ الواضِحاتِ الغُرِّ لو أنَّها سَرَتْ / بأكْمَهَ لَيْلاً مازَها عَنْ تَنَقُّبِ
فَما الشَّمسُ قد لاحَتْ ضُحىً وسْطَ مَشرقٍ / بأملحَ منها قدْ تَجلَّتْ بِمغْرِبِ
جُويريةٌ تَجري دَماً في مَفاصِلي / فقد ذَهَبَتْ بي في الهَوى كُلَّ مَذْهَبِ
تُريكَ انْعِطافَ القُضْبِ والطَيرُ ساجعٌ / إذا ماانْثَنَتْ رَقْصاً بصَوْتٍ مُطَرِّبِ
أيا جَنَّةً مِن رِيقها كوْثرٌ لَها / تُرى مَشْرقي في الحُبِّ مِنْك مُقَرّبي
نَهضْتُ بفَرضِ الحبِّ أبغي تَنعُّماً / لَديكِ فَمَنْ نَعَّمْتِهِ لم يُعَذَّبِ
ثِقي بوِدادي حالَيِ السُّخطِ والرِّضى / فَليس لِقَلْبي في الهوى منْ تَقَلُّبِ
أأجنحُ من بَعْدِ الهُدى لِضَلالةٍ / وأطلب بعدَ الحقِّ أكْذبَ مَطْلَبِ
وَهَبْتُ دَمي عن طِيْبِ نَفسِيَ للهوى / وأهْدَيْتُ أجري للبَنانِ المُخضَّبِ
ذُنوبُ العُيونِ النُّجل مَغْفورةٌ لها / فما الذَّنْبُ إِلّا للفُؤادِ المَعذَّبِ
أيا رَحْمَةً إِلّا لِمَشْغوفِ حُبِّها / حَنانَيْك في صَبٍّ أُهَيل مغرّبِ
صَدوقٌ كأفَّاكٍ وفيٌّ كناكِثٍ / كَتْومٌ كَبوَّاحٍ بَرِيءٌ كَمُذْنِبِ
هَبيني ولَوْ إغفاءةً من كرىً عَسى / أرَى طَيْفَكِ السَّاري فَذلِكَ مُحْسِبي
خُذي بِيَدي تُنجي غَريقاً من الرَّدى / ولا تَكِلِيني للرَّجاءِ المُخَيَّبِ
اللهُ يَكْفِي عاذِلي وَرَقيبَها
اللهُ يَكْفِي عاذِلي وَرَقيبَها / حَتَّى تُثيبَ عَلى الهَوى وأُثيْبَها
ما كانَ ضرَّ وقَدْ عَصيْتُ عَواذِلي / أنْ لَمْ تَكُنْ تَعْصِي كَذاكَ رَقيْبَها
وأنا الفَقِيْرُ إلى اخْتِلاسَةِ لَحْظَةٍ / مِنْها وتَقْتُلُ بالصُّدودِ كَئِيبَها
أمِنَ المُباح تَرَوْنَ في حُكمِ الهَوى / أنْ لا تَرَى عَيْنُ المُحِبِّ حَبِيْبَها
قَسَماً بِمَنْ تُحْدىَ الرِّكابُ لِبَيْتِهِ / فَتُبينُ من ألَمِ البِعادِ نَحِيْبَها
ما لِلنُّفوسِ سِوى الأحبَّةِ راحةٌ / دانُوا بنُعْمَى أم رَضُوا تَعذِيبَها
مَنْ لِي عَلى عَطَلي بِباهِرَةِ الحُلى / تُنْسي النجومَ الطَّالعاتِ غُروبَها
صَمتَتْ خَلاخِلُها وأنَّ وِشاحُها / وَكِلاهُما مِثْلي غَدا مَوْصُوبَها
تَلْوي عَلى لَدْنِ الغصونِ بُرودَها / وتَشُقُّ عن بَدْرِ الدُّجونِ جُيوبَها
لَمْياءُ تَبْسِمُ عن عُقودِ لآلىء / يا بَرْدَ كبدِي لو رَشَفْتُ شَنِيبَها
ما خِلْتُ أنَّ الرِّيقَ مِنْها خَمَرةٌ / حتَّى رَأيتُ بِخَدِّها أُلْهُوبَها
أو أنَّ عَرفَ الرَّوْضِ مِنْ أنفاسِها / حتَّى شَمَمْتُ عَلى الأزاهرِ طِيْبَها
أو أنَّ مُقلتَها تُغيرُ عَلى الوَرى / حتَّى غَدوتُ طَعِينَها وسَليبَها
ثُعَليَّةُ الألحاظِ أصْمَتْ مُهْجَتي / بِظُبا سِهامٍ لا عَدِمْتُ نُدوبَها
خَضَبَتْ أنامِلَها النَّواعِمَ من دَمي / عَمْداً وقَلَّدتِ الفؤادَ ذُنوبَها
يا ربِّ إنْ حالَتْ عَليَّ ولَمْ أحُل / عَنها فكُنْ يَوْمَ الحِسابِ حَسِيَبها
أقبلَ العِيدُ فابْتَدَرْتُ مُهِلّاً
أقبلَ العِيدُ فابْتَدَرْتُ مُهِلّاً / نَحْوَ أُمَّ العَزيزِ أبغي احتِسابا
أُخت ظَبيِ الفَلاةِ لمْ تَنْظُمِ الحَلْ / يَ ولم تَرْقُمِ البَنانَ خِضابا
عانَقَتْني وقَبَّلَتْني وَقالتْ / قَدَّسَ اللهُ مِنْ خُطاكَ تُرابا
فاعْتَنَقْتُ القَضيبَ مِنها قَواماً / وارتَشَفْتُ الرَّحيقَ مِنْها رُضابا
لَيْتَني لَمْ أمُدَّ خَطواً إلَيْها / فَتَنَتْني فصارَ أجْرِي عَذابا
جاءَ الشِّتاءُ بِغَيْمِهِ مُتَحَجِّبا
جاءَ الشِّتاءُ بِغَيْمِهِ مُتَحَجِّبا / أهلاً بِسُلْطانِ الفُصُولِ ومَرْحَبا
أعْظِمْ بِهِ مَلِكاً عَلَيْهِ مَهابَةٌ / عَمَّتْ كتائِبُهُ الأباطِحَ والرُّبا
فَصْلٌ تَوزَّعَ كُلُّ فَصْلٍ فَضْلَهُ / فَنَما وآنقَ حُسْنُهُ أو أخْصَبا
فإذا الرَّبيعُ تَبَرَّجتْ أنوارُهُ / وتأرَّجَتْ أسحارُهُ وتَطَيَّبا
وجَلا حُلى الزَّهرِ النَّضِيرِ مُدَبَّجاً / ومُدَمْلَجاً ومُفَضَّضاً ومُذَهَّبا
فَتَرى انِفتاحَ الوَردِ خَدّاً أحمراً / وتَرَى ابتِسامَ الزَّهرِ ثَغْراً أشْنَبا
وهَفَتْ قُدودُ القُضْبِ هَفوةَ مُنْتَشٍ / لَمْا سَقاها الطَّلُّ ريّاً مُحْسِبا
وعَلَتْ عَلى شُمِّ الغُصونِ طُيورُها / تَشدوكَ سَجْعاً مُشْجيا أو مُطْرِبا
وتَسَرْبَلَ النَّهرُ المُطيفُ بِدِرْعِهِ / لَمّا انْبَرَتْ لقِراعِهِ خَيْلُ الصَّبا
والوُرْقُ تَشْدو والغَدِيرُ مُصَفِّقٌ / والقُضْبُ تَرْقُصُ والزَّمانُ استَعْتَبا
وأتى المَصِيفُ بإثْرِهِ مُتَقَيِّلاً / آثارَهُ في الفَضْلِ نَدْباً مُخْصِبا
فَكَسا الوجودَ ثِيابَ دفءٍ واغْتَدى / يُسْدي الهِباتِ مُشَرِّقاً ومُغَرِّبا
يُهْدِي مِنَ الثَّمراتِ كُلَّ طَرِيفَةٍ / ويُنيلُ مِنها كُلَّ شيءٍ يُجْتَبى
وأتى الخَرِيفُ بإثْرِ ذاكَ مُعاوِداً / حُسْنَ الرَّبيعِ وطِيبَهُ المُسْتعذَبا
فَوَشى ثِيابَ الرَّوضِ مِنْ أوراقِهِ / وَشْياً تَنوَّعَ صِبْغُهُ وتَنَسَّبا
وسَرَى النَّسيمُ مَعَ الصَّباحِ مُبَشِّراً / بِدُنوِّ إقْبالِ الشِّتاءِ مُرَحِّبا
وتَقَهْقَهَتْ وُطْفُ الغَمامِ بِرَعْدِها / لَمَّا تَبَيَّنَتِ البُروقَ تَطَرُّبا
وتَتابَعَتْ كُلُّ الفُصول بِنسْبَةٍ / حَتَّى تَكَمَّلَ حُسْنُها وتَرتَّبا
فَمِنَ الشِّتاءِ قِوامُ ذاكَ وحُسْنُهُ / وبِما أنال مِنَ الحَيا وبِما حَبا
كُلٌّ بِقَدْرِ مِثالِهِ مِنْ وَبْلهِ / أسْدَى وأبْدَى بَهْجَةً وتَهذَّبا
والحقُّ يَشهدُ أنَّ عَقْدَ نِظامِها / ومِلاكِها كانَ الغَمامَ الصَّيِّبا
انظُرْ إلى الكَتَّان طَوْعَ الصَّبا
انظُرْ إلى الكَتَّان طَوْعَ الصَّبا / يَخْتالُ في خُضْرِ بُرُودِ الشَّبابْ
كأنَّهُ بَحْرٌ طَما مَوْجُهُ / نُوّارُهُ مِنْ فَوْقِهِ كالحَبابْ
سَبْعٌ لِيَ اليَوْمَ أيا بُغْيَتي
سَبْعٌ لِيَ اليَوْمَ أيا بُغْيَتي / لَم يَبْدُ لي مَنْظَرُكَ الأعْجَبُ
ماذا الجفاءُ اللهَ في مُغْرَمٍ / أدْمُعُهُ مِنْ لَوْعَةٍ تَسْكُبُ
أيَظْهَرُ البَدْرُ عَلى بُعْدِهِ / وأنتَ بالقُرْبِ ولا تَغْرُبُ
إذا الدَّهْماءُ أجْراها
إذا الدَّهْماءُ أجْراها / أبو زيَّان في لَعبِ
عَلَيْها مِنْ أعِنَّتِها / تَمائِمُ صِغْنَ مِنْ ذَهبِ
تَقُولُ اللَّيْلُ قَدْ وافَى / بِبَدْرِ التَّمِّ والشُّهُبِ
عابَ العَواذِلُ من حَبِيبي سُمْرَةً
عابَ العَواذِلُ من حَبِيبي سُمْرَةً / كَلّا فِرَنْدُ السَّيفِ لَيْسَ بعائِبِهْ
لَمّا جَرَى ماءُ النَّعيمِ بِوَجْهِهِ / لاحَتْ بِصَفْحتِهِ ظِلالُ ذَوائِبِهْ
أُهَيْلَ وُدِّي نِداءَ صَبٍّ
أُهَيْلَ وُدِّي نِداءَ صَبٍّ / أنْحَلَهُ الحُبُّ بَلْ أذابَهْ
أرادَ يَشْكُو لَكُمْ هَواهُ / فالتَهبتْ أحرُفُ الكِتابَهْ
هو الدَّهرُ لا يُبقِي عَلى لائذٍ بهِ
هو الدَّهرُ لا يُبقِي عَلى لائذٍ بهِ / فَمَنْ شاءَ عَيْشاً يَصطَبِرْ لِنَوائِبِهْ
فَمَنْ لم يُصَب في نَفسِهِ فَمُصابُهُ / بِفَوْتِ أمانِيهِ وفَقْدِ حَبائِبِهْ
خف السَّلاطينَ واحذَرْ أن تُلابِسَهُم
خف السَّلاطينَ واحذَرْ أن تُلابِسَهُم / ما دامَ أمْرُهمُ فِي المُلكِ مُضْطرِبا
إنَّ المُلوكَ بِحارٌ في خَلائِقِهم / ومَنْ سَما البحرَ في أهوالِهِ عَطِبا
سافِرْ تَنَلْ بالأسفارِ كُلَّ عُلا
سافِرْ تَنَلْ بالأسفارِ كُلَّ عُلا / وتَشْتَفِ النَّفسُ مِنْ مآرِبِها
لَوْ لَمْ تَكُنْ في الأسفارِ فائِدَةٌ / إِلّا امْتِثالَ امْشُوا في مَناكِبِها
أدِرِ الكؤوسا على الطَّرَبِ
أدِرِ الكؤوسا على الطَّرَبِ / واجْلُها شُموسا لِمُرْتَقِبِ
يالها عَروسا لم تَحْتَجبِ / تُبْهِجُ النُّفوسا
فَيَطوي الخَجَلْ / بِشْرَها طَيّا
حَسْبُكَ الطِّلاءُ على ذا الرَّبيعْ / قَد مَضى الشِّتاءُ وهذا الرَّبيعْ
وصَحا الهواءُ ومال الخَليعْ / وثَوَت ذُكاءُ
بِبُرْجِ الحَمَلْ / هيَّ بي هَيّا
جُمْلةُ النَّعيمِ لِمنْ عَدَلا / في وِداد رِيْمِ ورَشْفِ طِلا
فاسْقِني نَديمي وساقِ على / مَنْظَرٍ وَسيمِ
سَما واعْتَدَلْ / مِلءَ عَيْنَيَّا
بأبي حَلي بهِ شُغُلي / مالَهُ حُلي سِوى العَطلِ
أسْمَرُ حُلَيّ كما العَسَلِّْ / وجْهُهُ البَهِيّ
كَسَتْهُ المقَلْ / صِبْغَها زِيّا
جازَ مَنْ لَحاني طَوْرَ العَذَلِ / في هَوى مَعاني ساجي المُقَلِ
هل حُلى الحِسانِ سِوَى الكَحَلِ / الأُسَيْمِراني
حُلو كالعَسَلِ / أيَّ جِيْ لَيّا
أقولُ وعَيْنُ الدَّمع نصْبُ عُيونِنا
أقولُ وعَيْنُ الدَّمع نصْبُ عُيونِنا / ولاحَ لِبُستانِ الوزارِة جانِبُ
أهذي سَماءٌ أمْ بِناءٌ سَما بهِ / كواكبُ غضَّتْ عن سَناها الكواكبُ
تناظرتِ الأشكالُ منهُ تَقابلاً / على السَّعد وُسْطى عِقْدِه والحبائبُ
وقد جَرَتِ الأمواهُ فيهِ مَجرَّةً / مذانِبُها شُهْبٌ لَهُنَّ ذوائبُ
وأشْرَفَ من علياه بَهْوٌ تَحفُّه / شماسِيْ زُجاجٍ وشْيُها مُتَناسبُ
يُطلُّ على ماءٍ به الآسُ دائراً / كما افْتَرَّ ثَغرٌ أو كما اخضرَّ شاربُ
هنالكَ ما شاءَ العُلا مِنْ جَلالةٍ / بها يَزْدَهي بُستانُها والمَراتبُ
ومُعَطَّرِ الأنفاس يَبسِمُ دائِماً
ومُعَطَّرِ الأنفاس يَبسِمُ دائِماً / عن دُرِّ ثَغرٍ زانَهُ ترتيبُ
مَنْ لم يشاهِدْ منهُ عِقْد جواهرٍ / لم يَدْرِ ما التَّنقيحُ والتهذيبُ
هو الدَّهْرُ لا يُبقي على عائِذٍ به
هو الدَّهْرُ لا يُبقي على عائِذٍ به / فَمن شاءَ عيْشاً يَصْطَبِرْ لنوائبِهْ
فَمَنْ لم يُصَبْ في نفسهِ فُمصابُه / لِفَوْتِ أمانيهِ وفَقْدِ حَبائبِهْ