المجموع : 31
سَحابُ الجودِ هامي الوَدقِ ساكِب
سَحابُ الجودِ هامي الوَدقِ ساكِب / وَظِلُّ الأَمنِ مُمتَدُّ الجَوانِب
وَعودُ الفَضلِ فَينانٌ وَوَردُ ال / مَكارِمِ وَالنَدى عَذبُ المَشارِب
بِسَيِّدَةِ الحَواضِرِ وَالبَوادي / وَمالِكَةِ المَشارِقِ وَالمَغارِب
بِسَيِّدَةِ النِساءِ وَلا أُحاشي / وَخيرِ العالَمينَ وَلا أُراقِب
بِمَن أَمسى لَها الإِحسانُ دَئباً / وَإِسداءُ العَوارِفِ وَالمَواهِب
بِمَن مَدَّت عَلى الثَقَلينِ ظِلّاً / ظَليلاً لَم تُلِمَّ بِهِ النَوائِب
لِيَهنِ الدَينَ وَالدُنيا جَميعاً / وَأَهلَ الأَرضِ مِن ماشٍ وَراكِب
سَلامَةُ مَن زِنادُ الجودِ وارٍ / بِصِحَّتِها وَنَجمُ العَدلِ ثاقِب
فَيا كَهفَ الأَرامِلِ وَاليَتامى / وَيا بَحرَ العَطايا وَالرَغائِب
وَيا نَجماً يُضيءُ لِكُلِّ سارٍ / وَصَوبَ حَياً يَجودُ لِكُلِّ طالِب
وَمَلجَأَ كُلِّ مَلهوفٍ طَريدٍ / إِذا ضاقَت عَلى الناسِ المَذاهِب
وَيا مَن تَخلُفُ الأَنواءَ جوداً / إِذا ضَنَّت بِدِرَّتِها السَحائِب
وَمَن يَسمو تُرابَ اكأَرضِ تيهاً / لِوَطأَتِها عَلى الشُهبِ الثَواقِب
لَقَد حَسُنَت بِكَ الدُنيا وَراقَت / وَكانَت قَبلُ لا تَصفو لِشارِب
إِذا عوفيتِ عوفي الخَلقُ طُرّاً / وَأَمسوا سالِمينَ مِنَ المَعاطِب
وَعادَ المُلكُ مُبتَهِجاً وَأَمسَت / فُروعُ عُلاهُ سامِيَةَ الذَوائِب
فَلا وَنَتِ البَشائِرُ وَالتَهاني / إِلى أَبوابِها تُزجي الرَكائِب
وَلا بَرَحَ البَقاءُ لَهُ مُطافٌ / بِسُدَّةِ مُلكِها مِن كُلِّ جانِب
وَأَلبَسَها النَعيمُ لِباسَ عِزٍّ / عَلى أَيّامِها ضافي المَساحِب
بِإِقبالٍ تُجَدِّدُهُ اللَيالي / لِدَولَتِها وَتَخدِمُهُ الكَواكِب
وَجَدٍّ يَخفِضُ الحُسّادَ عالٍ / وَنَصرٍ يَقهَرُ الأَعداءَ غالِب
سِربُ مَها أَم دُمى مَحاريبِ
سِربُ مَها أَم دُمى مَحاريبِ / أَم فَتَياتُ الحَيِّ الأَعاريبِ
هَيهاتَ أَينَ المَها إِذا اِتَّصَفَ ال / حُسنُ مِنَ الخُرَّدِ الرَعابيبِ
إِن شابَهَتها فَفي البَداوَةِ وَال / أَخلاقِ لا في الجَمالِ وَالطيبِ
هُنَّ اللَواتي وَإِن أَرَقنَ دَمي / يَعذُبُ في حُبِّهِنَّ تَعذيبي
ما لِيَ وَالغانِياتِ أُخدَعُ مِن / هُنَّ بِوَصلٍ في الطَيفِ مَكذوبِ
لا وَهَوىً غالِبٍ بِهِنَّ أُعا / نيهِ وَعَزمٍ فيهِنَّ مَغلوبِ
وَكَالأَساريعِ مِن بَنانِ يَدٍ / بِالدَمِ لا بِالحِنّاءِ مَخضوبِ
لَقَد حَمَلنَ الوِزرَ الثَقيلَ عَلى / لينِ قُدودٍ وَضُعفِ تَركيبِ
وَعاذِلٍ لا يُنيبُ عَن عَذَلٍ / يُهديهِ في الحُبِّ لي وَتَأنيبِ
لَومُكَ لِلصَبِّ في مُعَذَّبِهِ / سَوطُ عَذابٍ عَلَيهِ مَصبوبِ
ياسَعدُ إِلمامَةً عَلى إِضَمٍ / فَالهَضبِ مِن راكِسٍ فَمَلحوبِ
وَاِسأَل كَثيبَي رِمالٍ عَن رَشاءٍ / عَنّا بِسُمرِ الرِماحِ مَحجوبِ
وَاِعجَب لِجِسمٍ في جَنبِ كاظِمَةٍ / ثاوٍ وَقَلبٍ في الرَكبِ مَجنوبِ
ريمُ نَقاً لا يَريمُ ذا شَرَكٍ / مِن لَحظِهِ لِلأُسودِ مَنصوبِ
يَجولُ ماءُ الشَبابِ في ضَرَمٍ / مِن خَدِّهِ في القُلوبِ مَشبوبِ
لا تَطلُبوا عِندَهُ دَمي فَدَمٌ / أَراقَهُ الحِبُّ غَيرُ مَطلوبِ
آهِ لِبَيضاءَ كَالنَهارِ بَدَت / غَريبَةً في أَحَمَّ غَربيبِ
وَفارِطٍ مِن صِبىً حَنَنتُ إِلى / أَيّامِهِ الغيدِ حَنَّةَ النَيبِ
يا شَيبُ إِن تودِ بِالشَبابِ فَقَد / أَودَيتَ مِنهُ بِخَيرِ مَصحوبِ
أَغرَيتَ بِالصِدِّ مِن أُحِبُّ فَلا / غَروا إِذا كُنتَ غَيرَ مَحبوبِ
هَب لي بَقايا شَبيبَتي وَاِرتَجِع / ما أَكسَبَتني أَيدي التَجاريبِ
فَالشَيبُ لَو لَم يُعَدَّ مَنقَصَةً / ما زَهِدَ البيضُ في هَوى الشَيبِ
يادَهرُ خُذني في غَيرِ مَسلَكِكَ ال / وَعرِ وَعِدني سِوى الأَكاذيبِ
في كُلِّ يَومٍ يَجِدُّ لي عَجَباً / صَرفُكَ وَالدَهرُ ذو أَعاجيبِ
ما أَنا راضٍ عَمّا سَلَبتَ بِما / أَفَدتَ مِن حُنكَةٍ وَتَجريبِ
كَم أَتَلَقّى المَكروهَ مِنكَ أَما / تَغلَطُ لي مَرَّةً بِمَحبوبِ
قَد هَذَّبَتني أَيدي الخُطوبِ عَلى / شَماسِ عِطفَيَّ أَيَّ تَهذيبِ
فَلَيتَها هَذَّبَت خَلائِقَها / وَآخَذَت نَفسَها بِتَأديبِ
أَو لُقِّنَت مُستَفيدَةً كَرَمَ ال / أَخلاقِ مِن يوسُفَ اِبنِ أَيّوبِ
المَلِكُ العادِلُ الَّذي كَشَفَ ال / لَهُ بِهِ هَمَّ كُلِّ مَكروبِ
حامي ثُغورِ الإِسلامِ بِالهِندُوا / نِيّاتِ وَالضُمَّرِ السَراحيبِ
بِكُلِّ ماضي الغَرارِ مُنصَلِتٍ / وَكُلِّ سامي التَليلِ يَعبوبِ
رَبِّ المَذاكي الجِيادِ مُقرَبَةً / وَالنَصلُ عُريانُ غَيرُ مَقروبِ
خَوّاضِ مَوجِ الوَغى وَقَد أُخِذَت / أَبطالُها الحُمسُ بِالتَلابيبِ
تُنكِرُ أَغمادَها مَناصِلُهُ / في يَومِ حَلٍّ وَيَومِ تَأويبِ
تُسَلُّ في الحَربِ لِلمَفارِقِ وَال / هامِ وَفي السِلمِ لِلعَراقيبِ
سُلطانِ أَرضِ اللَهِ الَّذي ضَمِنَت / رِماحُهُ نَصرَ كُلِّ مَحروبِ
مَدَّ عَلى الأَرضِ ظِلَّ مَعدِلَةٍ / تَجمَعُ بَينَ المَهاةِ وَالذيبِ
صَوبَ نَدىً يُرتَجى مَواطِرُهُ / وَحَدَّ بَأسٍ كَالمَوتِ مَرهوبِ
فَالناسُ ما بَينَ آمِلٍ جَذِلٍ / وَخائِفٍ مِن سُطاهُ مَرعوبِ
الطاهِرُ الخَيمِ وَالشَمائِلِ وَال / أَعراقِ وَالجَيبِ وَالجَلابيبِ
نَجلُ أُسودِ الشَرى الضَراغِمِ وَال / نَجيبُ يُنمى إِلى المَناجيبِ
مِن كُلِّ طَلقِ الجَبينِ مُبتَسِمٍ / بِالتاجِ يَومَ السَلامِ مَعصوبِ
لَهُم حُلومٌ إِذا اِنتَدوا رَجَحوا / بِها عَلى الشُمَّخِ الشَناخيبِ
وَأَوجُهٌ يَسجُدُ الجَمالُ لَها / هِيَ القَناديلُ في الهَحاريبِ
يُخصِبُ وَجهُ الثَرى وَيَستَعِرُ ال / حَربُ لِبَشرٍ مِنهُم وَتَقطيبِ
إِذا دَجا لَيلُ مَأزِقٍ رَفَعوا / لَهُ ذُبالاً عَلى الأَنابيبِ
كَم سَلَبوا أَنفُسَ الفَوارِسِ في ال / رَوعِ وَعَفّوا عَنِ الأَساليبِ
وَاِرتَجَعوا بِالقَنا الذَوابِلِ مِن / حَقٍّ لِآلِ العَبّاسِ مَغضوبِ
فَكَم جَميلٍ لَهُم وَصُنعِ يَدٍ / عَلى جِباهِ الأَنامِ مَكتوبِ
عَلِقتُ مُنهُم بِذِمَّةٍ حَبلُها / غَيرُ سَحيلٍ بِالغَدرِ مَقضوبِ
يا مَلِكاً ذَلَّلَ المُلوكَ بِتَر / غَيبِ يَدٍ تارَةً وَتَرهيبِ
رَأَبتَ شَعبَ الدُنيا وَكانَ ثَأَى ال / إِسلامِ لَولاكَ غَيرَ مَشعوبِ
رَوَّيتَ آمالَنا العِطاشَ بِشُؤ / بوبِ عَطاءٍ في إِثرِ شُؤبوبِ
وَكانَ يا يوسُفَ السَماحِ بِنا / إِلى عَطاياكَ شَوقُ يَعقوبِ
حاشاكَ أَن تُرسِلَ الصِلاتِ عَلى / غَيرِ نِظامٍ وَغَيرِ تَرتيبِ
سَوَّيتَ بي في العَطاءِ مَن لا يُجا / رينِيَ في مَذهَبي وَأُسلوبي
وَغَيرُ بِدعٍ فَالسُحبُ ما بَرِحَت / يَقِلُّ مِنها حَظُّ الأَهاضيبِ
وَالحِذقُ في ما عَلِمتُ مُكتَسَبٌ / وَإِنَّما الحَظُّ غَيرُ مَكسوبِ
وَلي عَلَيهِم فَضيلَةُ السَبقِ في / مَدحِكَ فَاِعرِف سَبقي وَتَعقيبي
شَأَوتُهُم سابِقاً وَصَلّوا فَمَن / أَولى بِبِرٍّ مِنّي وَتَقريبِ
وَلَستُ مِمَّن يَأسى لِما فاتَ مِن / رِفدٍ سَريعِ النَفادِ مَوهوبِ
لَكِنَّها خِطَّةٌ يُضامُ بِها / فَضلِيَ وَالضَيمُ شَرُّ مَركوبِ
شِعرِيَ رَبُّ الأَشعارِ قاطِبَةً / وَهَل يُسَوّى رَبٌّ بِمَربوبِ
بِخاطِرٍ كَالشِهابِ مُتَّقِدٍ / وَمِقوَلٍ كَالحُسامِ مَدروبِ
أَمسَت مُلوكُ الأَفاقِ تَخطُبُهُ / وَأَنتَ دونَ الأَنامِ مَخطوبي
إِلى صَلاحِ الدينِ اِرتَمَت بِبِني ال / آمالِ كومُ البُزلِ المَصاعيبِ
تَضرِبُ أَكبادُها إِلى مَشرَفٍ / رَحبٍ بِأَعلى الفُسطاطِ مَضروبِ
تَؤُمُّ بَحراً يَلقى مَوارِدُهُ ال / وَفدَ بِأَهلٍ مِنها وَتَرحيبِ
تَرتَعُ مِن ظِلِّهِ وَنائِلِهِ ال / عُفاةُ في وارِفٍ وَمَسكوبِ
تَسيرُ مِن مَدحِهِ خَواطِرُنا / في واضِحٍ بِالثَناءِ مَلحوبِ
تَكسوهُ حَمداً تَبقى مَلابِسُهُ / وَالحَمدُ كاسيهِ غَيرُ مَسلوبِ
سَحابُ جودٍ شِمنا بَوارِقَهُ / فَاِنهَلَّ مُثعَنجِرَ الشَآبيبِ
ذو هَيدَبٍ لِلوَلِيِّ مُنهَمِرٍ / وَبارِقٍ في العَدُوِّ أُلهوبِ
لَبّى دُعائي مِنَ العِراقِ وَقَد / أُسمِعُهُ بِالصَعيدِ تَثويبي
فَقَرَّبَ النازِحَ البَعيدَ وَلَم / أُعمِل إِليهِ شَدّي وَتَقريبي
يَقرَعُ بابي عَفواً نَداهُ وَلَم / أَقرَع إِلى بابِهِ ظَنابيبي
فَلا عَدِمنا جَدواكَ مِن هَتِنٍ / مُجَلجِلٍ بِالنَوالِ أُسكوبِ
وَلا خَلا جودُكَ المُؤَمَّلُ مِن / وَفدِ ثَناءٍ إِلَيهِ مَجلوبِ
عَسى قاعِدُ الحَظِّ يَوماً يَثِب
عَسى قاعِدُ الحَظِّ يَوماً يَثِب / فَيَسفِرَ عَن وَجهِهِ المُنتَقِب
وَيَفرِجَ لي عَن طَريقِ العُلى / زِحامَ الخُطوبِ وَحَشدَ النُوَب
فَأَدرِكَ أَبعَدَ ما يَرتَمي / إِلَيهِ مَرامٌ وَيَسمو طَلَب
وَيُنصِفَ جائِرُ دَهرٍ يُبا / عُ في سوقِهِ الدُرُّ بِالمَخشَلَب
زَمانِ نِفاقٍ يُهابُ الثَراءُ / في أَهلِهِ وَيُهانُ الحَسَب
فَكَم لِيَ مِن تَرَةٍ عِندَهُ / وَمِن طَيِّ أَيّامِهِ مِن أُرَب
وَقَد غَرَّ أَبنائَهُ أَنَّني / ضَحِكتُ وَما ضَحِكي مِن عَجَب
فَظَنّوا خُشوعي لَهُم ذِلَّةً / وَتَحتَ سُكوتِيَ صِلٌّ يَثِب
وَإِنَّ وَراءَ اِبتِسامي لَهُم / فُؤاداً بِأَشجانِهِ يَنتَحِب
وَقَد يُرعَدُ السَيفُ لا خيفَةً / وَقَد يَنثَني الرُمحُ لا عَن طَرَب
فَلِلَّهِ دَرُّ أَخي عَزمَةٍ / رَأى الضَيمَ في مَوطِنٍ فَاِغتَرَب
فَما لي رَضيتُ بِدارِ الهَوانِ / كَأَن لَيسَ في الأَرضِ لي مُضطَرَب
وَقَد حَدَّثَني مَعالي الأُمورِ / بِأَنّي سَأُدرِكُها عَن كَثَب
وَأَنّي أَنالُ إِذا كُنتُ جارَ / عَبدِ الرَحيمِ أَعالي الرُتَب
فَكَيفَ وَأَحبَبتُهُ أَصحَبُ ال / مَذَلَّةِ وَالمَرءُ مَعَ مَن أَحَب
هُوَ المَرءُ تَهزَءُ أَقلامُهُ / بِسُمرِ العَوالي وَبيضِ القُضُب
كَتائِبُهُ في الوَغى كُتبُهُ / وَآراؤُهُ بَيضُهُ وَاليَلَب
كَريمُ المَناسِبِ مُستَصرَخٌ / لِسَترِ العَوارِ وَكَشفِ الكُرَب
مِنَ القَومِ لا جارُهُم مُسلَمٌ / وَلا حَبلُ ميثاقِهِم مُنقَضِب
تَذِلُّ لَهُم سَطَواتُ الأَسودِ / وَتَشقى البُدورُ بِهِم وَالسُحُب
بِهِم سارَ ذِكرِيَ بَينَ الأَنامِ / وَفَضلي إِلى جودِهِم مُنتَسِب
وَلَم تَعتَلِق حينَ أَعلَقتُها / يَدي مِنهُمُ بِضَعيفِ السَبَب
وَصُلتُ عَلى الدَهرِ مِن بَأسِهِم / بِعَضبٍ إِذا مَسَّ شَيئاً قَضَب
وَعَوَّلتُ مِنهُم عَلى ماجِدٍ / إِذا غالَبَتهُ اللَيالي غَلَب
كَريمِ الشَمائِلِ طَلقِ اليَدينِ / حُلوِ الفُكاهَةِ مُرِّ الغَضَب
هُوَ الغَيثُ إِن عَمَّ جَدبٌ أَثابَ / وَاللَيثُ إِن عَنَّ خَطبٌ وَثَب
فَمُنصُلُهُ مِن دِماءِ العِشارِ / أَو مِن دِماءِ العِدى مُختَصِب
جَوادٌ تُزَمُّ مَطايا الرَجاءِ / إِلى بابِهِ وَرِكابُ الطَلَب
فَلا ظَلُّ إِحسانِهِ قالِصٌ / وَلا شَمسُ مَعروفِهِ تَحتَجِب
إِذا فالَ أَبدَعَ فيما يَقولُ / وَإِن جادَ أَجزَلَ فيما يَهَب
نَدىً يَستَميلُ فُؤادَ الحَسودِ / وَبَأساً يَرُدُّ الخَميسَ اللَجِب
وَقى عِرضَهُ وَحَمى جارَهُ / وَأَموالُهُ عُرضَةٌ تُنتَهَب
عَلى ثِقَةٍ أَنَّهُ لَيسَ بِال / مُحَصَّلِ مِنها سِوى ما ذَهَب
وَلَولا الأَجَلُّ تَفانى الكِرامُ / وَغيضَ السَماحُ وَضَيمَ الأَدَب
وَلَمّا تَقَلَّصَ ظِلُّ الرِجالِ / لَجَأتُ إِلى عيصِهِ المُؤتَشِب
فَأَنضَبَ ماءَ الوُجوهِ السُؤالُ / وَوَجهي بِجَمَّتِه ما نَضَب
إِذا الفاضِلُ الماجِدُ الأَريَحيُّ / وَجَلَّت مَناقِبُهُ عَن لَقَب
سَقَتني يَداهُ فَقُل لِلغَمامِ / مَتى شِئتَ فَاِقلِع وَإِن شِئتَ صُب
كَفاني نَداهُ سُرى اليَعمَلاتِ / وَوَخدَ القِلاصِ المَهاري النُجُب
وَراضَت عَطاياهُ حَظي الحَرونَ / فَأَصحَبَ في كَفِّهِ وَاِنجَذَب
وَرَفَّت غُصونِيَ بَعدَ الذُبولِ / بِهِ وَاِكتَسى العودُ بَعدَ السَلَب
فَيا نَجمَ سَعدي الَّذي لا يَغيبُ / وَيا غَيثَ أَرضي الَّذي لا يَغِب
فَداكَ بَخيلٌ عَلى مالِهِ / يَعُدُّ المَناقِبَ جَمعَ الذَهَب
بَطيءُ المَساعي عَنِ المَكرُماتِ / سَريعٌ إِلى موبِقاتِ الرُتَب
إِذا عَقَدَت كَفَّهُ مَوعِداً / لَواهُ وَإِن قالَ قَولاً كَذَب
يَرُدُّ مُؤَمِّلَهُ خائِباً / يُرَدِّدُ وا سَوأَةَ المُنقَلَب
يُسِرُّ العَداواةَ في نَفسِهِ / وَشَرُّ الحَقيبَةِ ما يَحتَقِب
يَراكَ فَتَبرُدُ أَعضائُهُ / وَفي صَدرِهِ جَذوَةٌ تَلتَهِب
فَخُذ مِن ثَنائِكَ ما أَستَطيعُ / فَنُطقي يُقَصِّرُ عَمّا يَجِب
وَدونَكَ مِنّي ثَناءَ الوَليِّ / يُخَلِّصِهِ وَدُعاءَ المُحِب
عَرائِسَ ما كُنتُ في نَظمِها / بِخابِطِ لَيلٍ وَلا مُحتَطِب
مِنَ العَرَبِيّاتِ لَمّا يُزَنَّ / والِدُهُنَّ وَلَمّا يَخِب
فَأَضحَت بِهِنَّ صُدورُ الرُواةِ / مَملُؤَةً وَبُطونُ الكُتُب
وَسيرَتُها فيكَ تَطوي البِلادَ / فَأَيَّ حُزونِ فَلاً لَم تَجُب
وَجَوَّدَها فيكَ أَنّي بِها / مُوالٍ لِمَجدِكَ لا مُكتَسِب
فَلا زِلتَ وارِثَ عُمرِ الزَمانِ / تُبلي ثِيابَ البَقاءِ القُشُب
تُبَشِّرُ مُلكَكَ أَعوامُهُ / بِكَرِّ السِنينَ وَمَرِّ الحِقَب
أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ
أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ / وَأَنَّ فُؤادي لِلأَسى بَعدَكُم نَهبُ
تَناسَيتُمُ عَهدي كَأَنّي مُذنِبٌ / وَما كانَ لي لَولا مَلالُكُم ذَنبُ
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَكونوا عَلى النَوى / كَما كُنتُمُ أَيّامَ يَجمَعُنا القُربُ
وَقَد كانَتِ الأَيّامُ سِلمي وَشَملُنا / جَميعٌ فَأَمسَت وَهيَ لي بَعدَها حَربُ
فيا مَن لِقلبٍ لا يُبَلُّ غَليلُهُ / وَأجفانِ عَينٍ لا يَجِفُّ لَها غَربُ
حَظَرتُ عَليها النَومَ بَعدَ فِراقِكُمُ / فَما يَلتَقي أَو يَلتَقي الهُدبُ وَالهُدبُ
وَبالقَصرِ مِن بَغداذَ خودٌ إِذا رَنَت / لَواحِظُها لَم يَنجُ مِن كَيدِها قَلبُ
كَعابٌ كَخوطِ البانِ لا أَرضُها الحِمى / وَلا دارُها سَلعٌ وَلا قَومُها كَعبُ
مُنَعَّمَةٌ غيرُ الهَبيدِ طَعامُها / وَمِن غيرِ أَلبانِ اللِقاحِ لَها شُربُ
وَلا دونَها بيدٌ يُخاضُ غِمارُها / قِفارٌ وَلا طَعنٌ يُخافُ وَلا ضَربُ
مَحَلَّتُها أَعلا الصَراةِ وَدارُها / عَلى الكَرخِ لا أَعلامُ سَلعٍ وَلا الهَضبُ
إِذا نُسِبَت آباؤُها التُركُ وَاِنتَمَت / إِلى قَومِها أَخفَت مَناسِبَها العُربُ
وإِن حُجِبَت بِالسُمرِ وَالبيضِ غادَةٌ / فَليسَ لَها إِلّا غَلائِلِها حُجبُ
وَلَم أَنسَها كالظَبي لَيلَةَ أَقبَلَت / تُهادي وَمِن أَترابِها حَولَها سِربُ
وَسَقَّت عَنِ الوَردِ المُضرَّجِ بِالحَيا / لَنا بَينُهُم تِلكَ المَعاجِرُ وَالنُقبُ
وَلَمّا تَلاقَت بِالصَراةِ رِكابُنا / وَرَقَّ لَنا مِن حَرِّ أَنفاسِنا الرَكبُ
عَلى الجانِبِ الغَربي والجَوُّ مَوهِناً / رَقيقُ الحَواشي وَالنَسيمُ بِها رَطبُ
وَغابَ رَقيبٌ نَتَّقيهِ وَكاشِحٌ / وَراقَت لَنا الشَكوى وَلَذَّ لَنا العَتبُ
وَباتَت بِكَفّيها مِنَ النَقشِ رَوضَةٌ / لَنا وَغَديرٌ مِن مُقَبَّلِها عَذبُ
وَهانَ عَليها أَن أَبيتَ مُسَهَّداً / أَخالَوعَةٍ لا يَألَفُ الأَرضَ لي جَنبُ
إذا قُلتُ يالَمياءُ حُبُّكِ قاتِلي / تَقولُ وَكَم مِن عاشِقٍ قَتَلَ الحُبُّ
وَإِن قُلتُ قَلبي في يَدَيكِ ضَريبَةٌ / تَقولُ وَأَينَ المُستَطيبُ لَهُ الضَربُ
رُوَيدَكِ إِنَّ المالَ غادٍ وَرائِحٌ / وَمِن شِيَمِ الدَهرِ العَطِيَةُ وَالسَلبُ
لَئِن ضاقَتِ الزَوراءُ عَني مَنزِلاً / فَلي في بِلادِ اللَهِ مُرتَكَضٌ رَحبُ
سَأُرهِفُ حَدَّ العَزمِ في طَلَبِ الغِنى / وَأُسهِبُ حَتّى يَعجَبَ الحَزنُ وَالسَهبُ
فَما خابَ مَن كانَت وَسائِلَهُ الظُبا / إِلى الحَظِّ وَالقودُ المُطَهَّمَةُ القُبُّ
وَما أَنا مِن يَثني الهَوى مِن عِنانِهِ / وَيُملَكُ في حُبِّ الحِسانِ لَهُ لُبُّ
وَما أَدَّعي أَنّي عَلى الحُبِّ صَخرَةٌ / وَأَنَّ فُؤادي لايَحِنُّ وَلا يَصبو
وَلَكِنَّها الأَيّامُ تَعصِفُ بِالفَتى / إِلى غَيرِ ما يَهوى زَعازِعُها النُكبُ
وَقَد يُصحبُ القَلبُ الأَبيُّ عَلى النَوى / وَيَسلو عَلى طولِ المَدى الهائِمُ الصَبُّ
وَفي كُلِّ دارٍ حَلَّها المَرءُ جيرَةٌ / وَفي كُلِّ أَرضٍ لِلمُقيمِ بِها صَحبُ
وَإِنَ عادَ لي عَطفُ الوَزيرِ مُحَمَّدٍ / فَقَد أَكثَبَ النّائي وَلانَ لي الصَعبُ
وَزيرٌ إِذا اِعتَلَّ الزَمانُ فَرَأيُهُ / هِناءٌ بِهِ تُشفى خَلا إِقُهُ الجُربُ
لَهُ خُلُقا بأسِ وَجودٍ إِذا سَقى / بِسِجليهِما لَم يُخشَ جَورٌ وَلا جَدبُ
عَليهِ مِنَ الرَأيِ الحَصينِ مُفاضَةٌ / وَفي كَفِّهِ مِن عَزمِهِ باتِرٌ عَضبُ
يَفُلُّ العِدى بِالرُعبِ قَبلَ لِقائِهِ / فَلِلَّهِ مَلكٌ مِن طَلائِعِهِ الرُعبُ
نُهيبُ بِهِ في لَيلِ خَطبٍ فَيَنجَلي / وَنَدعوهُ في كَربٍ فَينفَرِجُ الكَربُ
وَتَلقاهُ يَومَ الرَوعِ جَذَلانَ باسِماً / وَقَد عَبَّسَت في وَجهِ أَبطالِها الحَربُ
فَطوراً سِنانُ السَمهَري بِكَفِهِ يَراعٌ / وَأَحياناً كَتائِبُهُ الكُتبُ
إِذا أَمَرَتهُ بِالعِقابِ حَفيظَةٌ / نَهاهُ المُحَيّا الطَلقُ وَالخُلقُ العَذبُ
إِلى عَضُدِ الدينِ الوَزيرِ سَمَت بِنا / رَكائِبُ آمالٍ طَواها السُرى نُجبُ
إِلى الضَيِّقِ الأَعذار في الجودِ بِاللُهى / ولا عُذرَ إِن ضَنَّت بِدَرَّتِها السُحبُ
أَأَظمى وَدوني مِن حِياضِ مُحَمَّدٍ / مَناهِلُ جودٍ ماوئها غَلَلٌ سَكبُ
وَأَخشى اللَيالي أَن تَجورَ خُطوبُها / وَما جارَ في عَصرِ الوَزيرِ لَها خَطبُ
وَقَد عِشتُ دَهراً رائِقاً في جَنابِهِ / فَما شُلَّ لي سَرحٌ وَلا ريعَ لي سَربُ
أَروحُ وَلي مِنهُ الضِيافَةُ وَالقِرى / وَأَغدو وَلي مِنهُ الكَرامَةُ وَالرُحبُ
وَمازِلتُ في آلِ الرَفيلِ بِمَعزِلٍ / عَنِ الضَيمِ مَبذولاً لي الأَمنُ وَالخِصبُ
إِذا أَنا غالَبتُ اللَيالي تَكَفَّلَت / بِنَصري عَليها مِنهُم أُسُدٌ غُلبُ
مَغاويرُ لَولا بَأسُهُم أَورَقَ القَنا / وَلَولا النَدى ذابَت بِأَيديهِم القُضبُ
إِذا سُئِلوا جادوا وَإِن وَعَدوا وَفوا / وَإِن قَدَروا عَفّوا وَإِن مَلَكوا ذَبوا
هُمُ عَلَّمُوا نَفسي الإِباءَ فَكَيفَ لي / بِتَركِ إِباءِ النَفسِ وَهوَ لَها تِربُ
صَحِبتُهُمُ وَالعودُ يَقطُرُ ماؤُهُ / رَطيبٌ وَأَثوابُ الصِبى جُدُدٌ قُشبُ
وَها أَنا قَد أودى المَشيبُ بِلِمَّتي / وَلاحَت بِفَودَيها طَوالِعُهُ الشُهبُ
وَكم مِنَنٍ عِندي لَهُ وَصَنائِعٍ / حَليتُ بِها وَهِيَ الخَلاخيلُ وَالقُلبُ
أَحِنُّ إِلى أَيّامِها وَعُهودِها / كَما حَنَّتِ الوَرقُ المُوَلَّهَةُ السُلبُ
وَلي إِن قَضى عَهدُ التَواصُلِ نَحبَهُ / مَدائِحُ لا يُقضى لَها أَبَداً نَحبُ
مَدَحَتهُمُ حُبّاً لَهُم وَإِخالُها سَتَروى / وَمِن فَوقي الجَنادِلُ وَالتُربُ
فَإِن أَقتَرِف ذَنباً بِمَدحِ سِواهُمُ / فَإِنَّ خِماصَ الطَيرِ يَقنِصُها الحَبُّ
أَعِد نَظَراً فيمَن صَفا لَكَ قَنبُهُ / وَخاطِرُهُ فالشِعرُ مَنبِتُهُ القَلبُ
أَيَطمَعُ في إِدراكِ شَأويَ مُفحَمٌ / وَأَينَ الدَنّيُ النِكسُ وَالفاضِلُ النَدبُ
يُطاوِلُني في نَظمِ كُلِّ غَريبَةٍ / لي الحَفلُ مِن أَخلافِها وَلَهُ العَصبُ
يُنازِعُني عِلمَ القَوافي وَإِنَّهُ / لَيَجهَلُ مِنها ما العَروضُ وَما الضَربُ
أَبيتُ وَهَمّي أَن تَسيرَ شَوارِدي / إِذا هَمَّهُ مِنها المَعيشَةُ وَالكَسبُ
فَسَوِّ عَلى قَدرِ القَرائِحِ بَينَنا / وَمِن عَجَبٍ أَن يَستَوي الرَأسُ وَالعَجبُ
فَثِب في خَلاصي مِن يَدِ الدَهرِ وازِعاً / حَوادِثَهُ عَنّي فَقاد أَمكَنَ الوَثبُ
وَسَقِّ غُروسَ المَكرُماتِ فَإِنَّني / أُعيذُكَ أَن تَذوى وَأَنتَ لَها رَبُّ
وَحاشى لِمَدحي أَن تَجِفَّ غُصونُهُ / وَمِن بَحرِ جَدواك المَعينِ لَها شُربُ
وَلا أَجدَبَت أَرضٌ وَأَنتَ لَها حَيّاً / وَلا مَرِضَت حالٌ وَأَنتَ لَها طَبُّ
وَلا عَدِمَت مِنكَ الوِزارَةُ هِمَّةً / تَبيتُ وَمِن تَدبيرِها الشَرقُ وَالغَربُ
وَدونَكَ مِن وَشي القَوافي حَبائِراً / لَأَذيالِها في مَدحِكُم أَبَداً سَحبُ
هِيَ الدُرُّ في أَصدافِها ما طَوَيتَها / وَإِن نُشِرَت فَهِيَ اليَمانِيَةُ القُضبُ
إِذا فُضَّ يَوماً في يَدَيَّ خِتامُها / تَضَوَّعَ مِن إِنشادِها فيكُم التُربُ
فَداكَ قَصيرُ الباعِ وَانٍ عَنِ العُلي / سَريعٌ إِلى أَعتافِهِ الذَمُّ وَالثَلَبُ
لَهُ مَنزِلٌ رَحبٌ وَلَكِن نَزيلُهُ / بِبَيداءَ لا ماءٌ لَديها وَلا عُشبُ
وَلازِلَت مَرهوبَ السُطا وَاكِفَ الحَيا / حُسامُكَ لا يَنبو وَنارُكَ لا تَخبو
أَيَطمَعُ أَن يُساجِلَكَ السَحابُ
أَيَطمَعُ أَن يُساجِلَكَ السَحابُ / وَهَل في الفَرقِ بَينَكُما اِرتِيابُ
إِذا رَوّى الشِعابَ فَأَنتَ تَروى ال / شُعوبُ بِجودِ كَفِّكَ وَالشِعابُ
يُقِرُّ لَكَ الحَواضِرُ وَالبَوادي / وَيَشكُرُكَ المَحاني وَالهِضابُ
وَأَنواءُ الغِمامِ تَجودُ غَبّاً / وَجودُكَ لا يَغِبُّ لَهُ اِنسِكابُ
وَجارُكَ لا تُرَوِّعُهُ اللَيالي / وَسَرحُكَ لا يَطورُ بِهِ الذُيابُ
إِذا دُعِيَت نَزالِ فَأَنتَ لَيثُ ال / شَرى وَإِذا دَجا خَطبٌ شِهابُ
فَما تَنفَكُّ في حَربٍ وَسِلمٍ / تَذِلُّ لِعِزِّ سَطوتِكَ الرِقابُ
تُظِلُّكَ أَو تُقِلُّكَ سابِقاتٍ / هَوادي الطَيرِ وَالجُردُ العِرابُ
فَيَوماً لِلجِيادِ مُسَوَّماتٍ / عَلى صَهَواتِها الإُِسدُ الغِضابُ
وَيَوماً لِلحَمامِ مُرجَّلاتٍ / عَلى وَجهِ السَماءِ لَها نِقابُ
خِفافٌ في مَراسِلِها شِدادٌ / عَلى ضَعفِ الرِياحِ بِها صِلابُ
لَها مِن كُلِّ مَهلِكَةٍ نَجاءٌ / وَكُلِّ تَنوفَةٍ قَذفٍ إِيابُ
إِذا أَوفَت عَلى أَرضٍ طَوَتها / عَواشِرُها كَما يُطوى الكِتابُ
كَأَنَّ جَوائِزَ الغاياتِ مِنها / عَلى أَكتافِها ذَهَبٌ مُذابُ
تَنالُ بِجَدِّكَ الطَلَباتِ حَتماً / فَليسَ يَفوتُها مِنها طِلابُ
وَتَصدُرُ عَن مَراحِلِها سِراعاً / كَما يَنقَضُّ لِلرَجمِ الشِهابُ
تَخوضُ دِماءَ أَفئِدَةِ الأَعادي / فَمِنهُ عَلى مَعاصِمِها خِضابُ
كَأَنَّكَ مُقسِمٌ في كُلِّ أَمرٍ / مَرومٍ أَن يَلينَ لَكَ الصِعابُ
يُحَصِنُها ذُرىً شَمّاءُ يَعنو / لَها القُلَلُ الشَوامِخُ وَالهِضابُ
سَمَت أَبراجُها شَرَفاً فَأَمسى / إِلى فَلَكِ البُرُجِ لَها اِنتِسابُ
وَأَجرَيَت العَطاءَ بِها فَأَضحى / لِجودِكَ في نَواحيها عُبابُ
فَتَحسُدُها النُجومُ عُلاً وِفَخراً / وَيَحسُدُ كَفَّ بانيها السَحابُ
إِذا نَهَضَ الحَمامُ بِها فَدونَ / الغَزالَةِمِن خَوافيها حِجابُ
سَواجِعُ يَنتَظِمنَ مُغَرِّداتٍ / حِفافَيها كَما اِنتَظَمَ السَحابُ
كَأَنَّ آعالي الشُرُفاتِ مِنها / غُصونُ أَراكَةٍ خُضرٌ رِطابُ
إِذا خافَت بُغاثُ الطَيرِ يَوماً / كَواسِرَها يِخَوِّفُها العُقابُ
فِداؤُكَ كُلُّ نِكسٍ لا عِقابٌ / لِمُجتَرِمٍ لَديهِ وَلا ثَوابُ
قَصيرِ الباعِ لا جودٌ يُرجىَّ / بِمَجلِسِهِ وَلا بَأسٌ يُهابُ
تُسالِمُ مَن يُحارِبُهُ المَنايا / وَتَرحَمُ مَن يُؤَمِّلُهُ السَرابُ
بَعَثتُ إِلَيكَ آمالاً عِطاشاً / كَما سيقَت إِلى الوِردِ الرِكابُ
عَدَلتُ بِهِنَّ عَن ثَمَدٍ أُجاجٍ / إِلى بَحرٍ مَوارِدُهُ عِذابُ
يُطارِحُ جودُهُ شُكري فَمِنّي ال / ثَناءُ وَمِن مَواهِبِهِ الثَوابُ
فَتىً أَمسى لَهُ الإِحسانُ دَأباً / وَما لي غيرَ شُكرِ نَداهُ دابُ
لَهُ سِجلانِ مِن جودٍ وَبأسٍ / وَفي أَخلاقِهِ شُهدٌّ وَصابُ
فَذابِلُهُ وَوَابِلُهُ لِحَربٍ / وَجَدبٍ حينَ تَسأَلُهُ جَوابُ
يُريكَ إِذا اِنتَدا لَيثاً وَبَدراً / لَهُ مِن دَستِهِ فَلَكَ وَغابُ
دَعوتُكَ يا عِمادَ الدينِ لَمّا / أَضاعَتني العَشائِرُ وَالصَحابُ
وَأَسلَّمَني الزَمانُ إِلى هُمومٍ / يَشيبُ لِحَملِ أَيسَرِها الغُرابُ
وَأَلجَأَني إِلى اِستِعطافِ جانٍ / أُعابِتُهُ فَيُغريهِ العِتابُ
صَوابي عِندَهُ خَطَأٌ فَمَن لي / بِخلٍ عِندَهُ خَطاي صَوابُ
إِلى كَم تَمضغُ الأَيّامُ لَحمي / وَيَعرُقُني لَها ظُفُرٌ وَنابُ
تُقارِعني خُطوبٌ صادِقاتٌ / وَتَخدَعُني مَواعيدٌ كِذابُ
فَكَيفَ رَضيتُ دارَ الهَونِ داراً / وَمِثلي لا يُرَوِّعُهُ اِغتِرابُ
مُقيماً لا تَخُبُّ بي المَطايا / وَلا تَخدي بِآمالي الرِكابُ
كَأَنَّ الأَرضَ ما اِتَسَعَت لِساعٍ / مَناكِبُها وَلا لِلرِزقِ بابُ
لَحى اللَهُ المَكاسِبَ وَالمَساعي / إِذا أَفضى إِلى الضَرَعِ اِكتِسابُ
أَفِق يا دَهرُ مِن إِدمانِ ظُلمي / وَإِعناتي فَقَد حَلِمَ الإِهابُ
مَتى اِستَطرَقتُ نائِبَةً فَعِندي / لَها صَبرٌ تَليدٌ وَاِحتِسابُ
تَنَوَّعَتِ المَصائِبُ وَالرَزايا / وَأَمري في تَقَلُّبِها عُجابُ
بِعادٌ وَاِقتِرابٌ وَاِجتِماعٌ / وَتَفريقٌ وَوَصلٌ وَاِجتِنابُ
وَكُلُّ رَزيَّةٍ مادام عِندي / أَبو نَصرٍ يَهونُ بِها المُصابُ
فَتىً في كَفِّهِ لِلذَبِّ عَنّي / حُسامٌ لا يُفَلُّ لَهُ ذُبابُ
خِضَمٌّ لا تُضَعضِعُهُ العَطايا / وَعَضبٌ لا يُثَلِّمُهُ الضِرابُ
لَهُ وَالسُحبُ مُخلِفَةٌ جِفانٌ / مُذَعذَعَةٌ وَأَفنِيَةٌ رِحابُ
فَدونَكَ مُحصِناتٍ مِن ثَنائي / نَواهِدَ لَم تُزَنَّ وَلا تُعابُ
ثَناءٍ مِثلِ أَنفاسِ الخُزامي / أَرَبَّ عَلى حَواشيهِ الرَبابُ
صَريحٌ لا يُخالِطُهُ رِياءٌ / بِمَدحٍ في سِواكَ وَلا اِرتِيابُ
تَزورُكَ في المَواسِمِ وَالتَهاني / بِمَدحِكَ غادَةٌ مِنها كِعابُ
وَبَخيلَةٍ سَمَحَ الرُقا
وَبَخيلَةٍ سَمَحَ الرُقا / دُ بِطَيفِها فَتَأَوَّبا
أَدنى مَحَلَّتَها عَلى / شَحطِ المَزارِ وَقَرَّبا
أَهلاً بِمَن أَدناهُ لي / طَيفُ الخَيالِ وَمَرحَبا
زارَت عَلى عَجَلٍ كَما / خَطَرَت عَلى الرَوضِ الصَبا
فَضَمَمتُ لَدناً ناعِماً / وَلَثَمتُ عَذباً أَشنَبا
باتَت مُجاجَتُهُ أَرَق / قَ مِنَ المُدامِ وَأَعذَبا
يا مَن إِذا حَدَّثتُ قَل / بي بِالسُلُوِّ لَهُ أَبا
رُمتُ التَنَقُّلَ عَن هَوا / هُ فَلَم أَجِد لي مَذهَبا
جانٍ إِذا عاتَبتُهُ / فيما جَناهُ تَعَتَّبا
أَمسى عَلى ما كانَ مِن / هُ مِنَ الجَفاءِ مُحَبَّباً
صَبَغَ الأَنامِلَ مِن دِما / ءِ العاشِقينَ وَخَضَّبا
فَقَضَت عَلَيهِ بِما اِستَبا / حَ مِنَ القُلوبِ وَما سَبا
يُفتَنُّ في قَتلي دَلا / لاً تارَةً وَتَجَنُّبا
يا جاعِلَ الهِجرانِ دي / ناً لِلمِلاحِ وَمَذهَبا
حَتّامَ أَصحَبُ فيكَ قَل / باً بِالصُدودِ مُعَذَّبا
أَلزَمتُهُ حُبَّ الوَفا / ءِ وَقَلَّ أَن يَتَقَلَّبا
كَم تَزحَمُ الأَيّامُ جَن / باً بِالخُطوبِ مُنَدَّبا
وَتَروعُ مُرتاضاً عَلى / أَهوالِهِنَّ مُدَرَّباً
ثَبتاً إِذا ما الدَهرُ قَع / قَعَ بِالشِنانِ وَأَجلَبا
مُستَصحِباً قَلباً حَمو / لاً لِلنَوائِبِ قُلَّبا
وَلَكَم رَكِبتُ إِلى المَطا / مِعِ جامِحاً مُتَصَعِّبا
وَبَلَوتُ أَبناءَ الزَما / نِ مُفَتِّشاً وَمُقَلِّبا
فَوَجَدتُ ظَهرَ اليَأسِ حي / نَ يَئِستُ أَوطَأَ مَركَبا
كُن ما اِستَطَعتَ لِخادِعِ ال / طَمَعِ المُذِلِّ مُخَيِّبا
وَاِختَر لِنَفسِكَ ناظِراً / في الحالَتَينِ مُغَلَّبا
إِمّا فَقيراً مُستَري / حاً أَو غَنِيّاً مُتعَبا
لِلَّهِ دَرُّ فَتىً رَأى / طُرُقَ الهَوانِ فَنَكَّبا
أَو سيمَ حَملَ الضَيمِ في / أَوطانِهِ فَتَغَرَّبا
يَقلي الصَديقَ إِذا تَنَك / كَرَ وَالمَحَلَّ إِذا نَبا
يَغدو عَلى خِمسٍ وَلا / يَرضى الدَنِيَةَ مَشرَبا
مُتَرَفِّعٌ عِندَ الحَوا / دِثِ أَن تُطَأمِنَ مَنكِبا
يا طالِبَ المَعروفِ شَر / رِق في البِلادِ وَغَرِّبا
يَسري لَهُ حُلمُ الرَجا / ءِ مُصَدَّقاً وَمُكَذَّبا
كَلَّفتَ نَفسَكَ مِنهُ ما / أَعيا الرِجالَ وَأَنصَبا
مَهلاً فَإِنَّ النَجمَ أَق / رَبُ مِن مَرامِكَ مَطلَباً
إِن شِمتَ غَيرَ بَني المُظَف / فَرِ شِمتَ بَرقاً خُلَّبا
وَمَتى اِنتَجَعتَ سِوى عِما / دِ الدينِ فَاِرتَع مُجدِبا
يَمِّم ثَراهُ تَجِد مَرا / داً لِلمَكارِمِ مُعشِبا
وَأَنِخ بِهِ مُتَهَلِّلاً / لِلطارِقينَ مُرَحِّبا
وَاِسرَح رِكابَكَ آمِناً / مِمّا يَريبُكَ مُخصِبا
وَاِدعُ النَوالَ تَجِدهُ أَد / نى مِن صَداكَ وَأَقرَبا
رَبُّ الفَضائِلِ وَالمَنا / هِلِ وَالصَواهِلِ وَالظُبا
مُردي الكُماةِ وَقائِدُ ال / جُردِ السَوابِقِ شُزَّبا
يَفَعٌ تُمارِسُ مِنهُ كَه / لاً في الأُمورِ مُجَرَّبا
يَقِظاً وَما نُظِمَت قَلا / ئِدُهُ عَلَيهِ مُهَذَّبا
يوليكَ مُقتَبِلُ الشَبا / بِ نُهىً وَرَأياً أَشيَبا
وَيَزينُ عِطفَيهِ وَقا / رُ الشَيبِ في عَطفِ الصِبا
لَيثٌ وَبَدرٌ إِن تَنَم / مَرَ أَو تَصَدَّرَ مَوكِبا
حُلوُ الجَنا ثَبتٌ إِذا / حُلَّت مِنَ القَومِ الحُبا
صَدَقتَ مَواعِدُهُ وَقَد / خابَ الرَجاءُ وَكُذِّبا
يُعطيكَ مُعتَذِراً فَتَح / سِبُهُ أَساءَ أَو أَذنَبا
خَجِلاً وَقَد أَعطى فَأَب / دَعَ في العَطاءِ وَأَغرَبا
مُتَبَسِّمٌ كَرَماً إِذا / كَلَحَ الزَمانُ وَقَطَّبا
جوداً يُباري الغَيثَ سَح / حَ عَلى البِلادِ وَصَوَّبا
غَمرٌ تَساوَت في مَوا / هِبِهِ المَذانِبُ وَالرُبا
وَتُقىً إِذا سَفَرَت لَهُ / الصُوَرُ الحِسانُ تَنَقَّبا
وَحِجىً يُريكَ هِضابَ قُد / سٍ في النَدِيِّ إِذا اِحتَبا
إِن هِجتَهُ عِندَ الكَري / هَةِ هِجتَ لَيثاً أَغلَبا
صَعبُ المَرامِ وَإِن عَجَم / تَ عَجَمتَ عوداً صُلَّبا
وَتَشيمُ مِن عَزمَيهِ مَض / ضاءَ المَضارِبِ مِقضَبا
وَإِذا اِحتَبى في مَحفَلٍ / عَدَّ الكِرامَ أَباً أَبا
وَأَبَرُّ ما تَلقاهُ مُع / تَرِفَ الإِساءَةِ مُذنِبا
فَتِخالُ جانيهِ إِلَي / هِ بِذَنبِهِ مُتَقَرِّبا
فَضَلَ الوَرى شَرَفاً كَما / فَضَلَ السِنانُ الأَكعُبا
وَشَآهُمُ بَيتاً قَدي / ماً في الفَخارِ وَمَنصِبا
فَاِلتَفَّ في غابِ المَكا / رِمِ عيصُهُ وَتَأَشَّبا
يا مَن أَقادَ حَرونُ حَظ / ظي في يَدَيهِ وَأَصحَبا
يَجري وَكُنتُ إِذا نَهَض / تُ بِهِ إِلى أَمَلٍ كَبا
لَوَ أَنَّ لِلغَضبِ الصَقي / لِ مَضاءَ عَزمِكَ ما نَبا
أَو كانَ ضَوءُ النَجمِ مِن / لَألاةِ وَجهِكَ ما خَبا
وَلَوِ اِقتَدى بِجَميلِ سي / رَتِكَ الزَمانُ تَأَدَّبا
بِنَداكَ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ / رَفَّ الحَديثُ وَأَعشَبا
يا مُنقِذي بِنَوالِهِ / وَالسَيلُ قَد بَلَغَ الزُبا
وَالدَهرُ قَد أَضرى حَوا / دِثَهُ عَلَيَّ وَأَلَّبا
فَلّأَشكُرَنَّ نَداكَ ما / غَنّى الحَمامُ وَطَرَّبا
وَلَأَملَأَنَّ الأَرضَ في / كَ مُشَرِّقاً وَمُغَرِّبا
مِدَحاً كَنَوّارِ الرِيا / ضِ مُفَضَّضاً وَمُذَهَّبا
فَاِسحَب ذُيولَ سَعادَةٍ / تَثني عَدُوَّكَ أَخيَبا
يُمسي لِسابِغِ ذَيلِها / ظَهرُ المَجَرَّةِ مَسحَبا
يا واثِقاً مِن عُمرِهِ بِشَبيبَةٍ
يا واثِقاً مِن عُمرِهِ بِشَبيبَةٍ / وَثِقَت يَداكَ بِأَضعَفِ الأَسبابِ
ضَيَّعتَ ما يُجدي عَلَيكَ بَقاؤُهُ / وَحَفِظتَ ماهُوَ مُؤذِنٌ بِذَهابِ
أَلمالُ يُضبَطُ في يَديكَ حِسابُهُ / وَالعُمرُ تُنفِقُهُ بِغَيرِ حِسابِ
أَياعَضُدَ الدينِ شَكوى فَتىً
أَياعَضُدَ الدينِ شَكوى فَتىً / عَلى دَهرِهِ واجِدٍ عاتِبِ
يَمُتُّ إِلَيكَ بِما لا يَمُتُّ / بِهِ اليَومَ مَولى إِلى صاحِبِ
لَهُ مَديحٌ فيكَ مَشهورَةٌ / تَدُلُّ عَلى حَقِّهِ الواجِبِ
كوشي الرِياضَ جَلاها الرَبيعُ / وَالعِقدِ في عُنُقِ الكاعِبِ
تَسيرُ شَوارِدُها الغُرُّ فيكَ / سَيرَ المَطِيَةِ بِالراكِبِ
إِذا شاهَدت نادياً غبتَ عَنهُ / دَلَّت عَلى فَضلِكَ الغائِبُ
فَيُثني عَليكَ لِسانُ الحَسودِ / بِإِنشادِها وَفَمُ العاتِبِ
فَكَيفَ تَوَخَّيتَهُ مُصَمياً / بِسَهمِ تَجَرُّمِكَ الصائِبِ
وَكانَ خَطيبَ مَعاليكُمُ / فَأَسكَتَ شِقشِقَةِ الخاطِبِ
يُقارِعُ مِن دونِ أَحسابِكُم / بِصارِمِ مِقوَلِهِ القاضِبِ
حَديقَةُ مَدحٍ رَماها شَواظُ / تَناسيكَ بِالفادِحِ الحاصِبِ
عَهِدتُكَ تَمنَحُ قَبلَ السُؤالِ / فَتَبهَرُ أُمنِيَةَ الطالِبِ
وَما زِلتَ ذا أَنفٍ أَن يَبيتَ / جارُكَ ذا أَمَلٍ خائِبِ
فَما لَكَ أَعداكَ طَبعُ الزَمانِ / فَجُزتَ عَنِ السَنَنِ اللاحِب
وَأَخلافُ جودِكَ ما بالُها / أَبَت أَن تَدُرَّ عَلى الحالِبِ
فَإِن كُنتَ تَعرِفُ حَقَّ الجِوارِ / وَإِلّا فَحَبلي عَلى غارِبي
وَتَعلَمُ أَنّي كَثيرُ العِيالِ / قَليلُ الجَرايَةِ وَالواجِبِ
وَلَستُ عَلى ظَمَئي قانِعاً / بِوِردٍ مِنَ الوَشَلِ الناضِبِ
وَلا شَكَّ في أَنَّني هارِبٌ / فَدَبِّر لِنَفسِكَ في كاتِبِ
يا مَعشَرَ الرُؤَساءِ وَالأَصحابِ
يا مَعشَرَ الرُؤَساءِ وَالأَصحابِ / وَجَماعَةَ السُؤّالِ وَالطُلّابِ
مَن كانَ مَولانا عَليهِ ساخِطاً / أَو كانَ طالِبَ نائِلٍ وَثَوابِ
أَو كانَ صاحِبَ حاجَةٍ لا تَنبَغي / بِوَسيلَةٍ مَسدودَةِ الأَبوابِ
فَليَتَّخِذني شافِعاً فَشَفاعَتي / في حَقِّهِ مِن أَوكَدِ الأَسبابِ
وَأَنا الكَفيلُ بِأَنَّها لا تَنقَضي / أَبَداً مَدى الأَيّامِ وَالأَحقابِ
في كُلِّ يَومٍ رُقعَةٌ مُسوَدَّةٌ / وَدَعا بِحَمدِ اللَهِ غَيرُ مُجابِ
وَكَذا تَكونُ مَواقِعُ الشُعَراءِ مِن / رُؤَسائِهِم وَمَواضِعُ الكُتّابِ
يا سادَتي ما لَكُمُ جُزتُمُ
يا سادَتي ما لَكُمُ جُزتُمُ / عَن نَهجِ إِحسانِكُمُ اللاحِبِ
وَصارَ في النادِرِ ما كانَ مَع / دوداً لَكُم يا قَومُ في الراتِبِ
دَعَوتُم الناسَ وَلَم تُهمِلوا / أَمرَ صَديقٍ لا وَلا صاحِبِ
وَاِزدَحَمَت في البابِ أَتباعُكُم / ما بَينَ فَرّاشٍ إِلى حاجِبِ
فَلَم تَضِق يَومَئِذٍ دارُكُم / عَن أَحَدٍ إِلّا عَنِ الكاتِبِ
فَيالَها مِن دَعوَةٍ كِدتُمُ / أَن تَسلَموا فيها عَنِ الغائِبِ
واعَجَبي وَحادِثُ الد
واعَجَبي وَحادِثُ الد / دَهرِ كَثيرُ العَجَبِ
لَم يُبقِ لي صُروفُهُ / في لَذَّةٍ مِن أَرَبِ
قَد ذَهَبَت لَذَّةُ أَي / يامِ الشَبابِ المُذهَبِ
وَأَخلَقَت جِذَّةُ أَث / وابِ الشَبابِ القُشُبِ
وَنَفَّرَ البيضَ الدُمى / بَياضُ الفَودِ الأَشيَبِ
وَنَجَمَت في لِمَّتي / طَوالِعٌ كَالشُهُبِ
مُؤذِنَهٌ أَن أَتَوَل / لى بَعدَها عَن كَثَبِ
وَالطالِعُ الشارِقُ لا / بُدَّ لَهُ مِن مَغرِبِ
آهِ لِعُمري مِن يَدَي / مُختَطِفٍ مُنتَهِبِ
يَنهَبُهُ كَرُّ اللَيا / لي وَاِختِلافُ الحِقَبِ
هَذَّبَني دَهرِي وَما / دَهرِيَ بِالمُهَذَّبِ
وَأَطلَقَت تَجارِبُ ال / أَيّامِ حَدَّ مَضرِبي
يا سَعَةَ الأَيّامِ ما / أَضيَقَ فيكِ مَذهَبي
وَيا لَيالي أَسفِري / بِالحَظِّ أَو فَاِنتَقِبي
فَما يَلينُ لِوُثو / قِ الحادِثاتِ مَنكِبي
وَصاحِبٍ مُضطَرِبِ ال / رَأيِ غَريبِ المَذهَبِ
يَترُكُني مُرَدَّداً / بَينَ الرِضا وَالغَضَبِ
لا أَنا بِالمُبَعَّدِ ال / أَقصى وَلا المُقتَرِبِ
أَخدِمُهُ بِالعُريِ وَال / جوعِ وَطولِ التَعَبِ
فيا لَها بَلِيَّةً / أَعُدُّها في النَوبِ
لي عِندَهُ وِردُ ظَمٍ / ظامٍ وَمَرعى سَغِبِ
فَلَيتَهُ إِذ كانَ لا / يَسمَحُ لي يَسمَحُ بي
دَعِ الحِرصَ فَالحُرُّ مَن لا يَبي
دَعِ الحِرصَ فَالحُرُّ مَن لا يَبي / تُ في رِبقَةِ الأَمَلِ الكاذِبِ
فَإِنَّ اِجتِماعَ الغِنى وَالنُهى / مَرامٌ يَشُقُّ عَلى الطالِبِ
لِأَنَّ الكِفايَةَ في جانِبٍ / مِنَ الناسِ وَالحَظ في جانِبِ
إِصبِر لِدَهرٍ قَد نابَ وَاِرتَقِبِ
إِصبِر لِدَهرٍ قَد نابَ وَاِرتَقِبِ / كَم في مَطاوي الأَيّامِ مِن عَجَبِ
كَم شِدَّةٍ أَيَّسَتكَ مِن فَرَحٍ / يَعقُبُها وَالرَخاءُ عَن كَثَبِ
فالقَ بِهَزلٍ جَدَّ الأُمورِ وَلا / تَحفَل بِكَرِّ الأَحداثِ وَالنَوبِ
فَرُبَّما كانَتِ السَلامَةُ مُس / تَفادَةً مِن مَظِنَّةِ التَعَبِ
يا قاصِداً بَغداذَ جُذ عَن بَلدَةٍ
يا قاصِداً بَغداذَ جُذ عَن بَلدَةٍ / لِلجَورِ فيها زَخرَةٌ وَعُبابُ
إِن كُنتَ طالِبَ حاجَةٍ فَاِرجِع فَقَد / سُدَّت عَلى الراجي بِها الأَبوابُ
لَيسَت وَما بَعُدَ الزَمانُ كَعَهدِها / أَيّامَ يَعمُرُ رَبعَها الطُلّابُ
وَيحَلُّها السَرَواتُ مِن ساداتِها / وَالجِلَّةُ الرُؤَساءُ وَالكُتّابُ
وَالدَهرُ في أولى حَداثَتِهِ وَلِل / أَيّامِ فيها نَصرَةٌ وَشَبابُ
وَالفَضلُ في سوقِ الكِرامِ يُباعُ بِال / غالي مِنَ الأَثمانِ وَالآدابُ
بادَت وَأَهلوها مَعاً فَبُيوتُهُم / بِبَقاءِ مَولانا الوَزيرِ خَرابُ
وارَتهُمُ الأَجداثُ أَحياءً تُها / لُ جَنادِلٌ مِن فَوقِها وَتُرابُ
فَهُمُ خُلودٌ في مَحابِسِهِم يُصَب / بُ عَليهِمُ بَعدَ العَذابِ عذابُ
لا يُرتَجى مِنها إِيابِهِمُ وَهَل / يُرجى لِسُكّانِ القُبورِ إِيابُ
وَالناسُ قَد قامَت قِيامَتُهُم وَلا / أَنسابَ بَينَهُمُ وَلا أَسبابُ
وَالمَرءُ يُسلِمُهُ أَبوهُ وَعِرسُهُ / وَيَخونُهُ القُرَباءُ وَالأَصحابُ
لا شافِعٌ تُغني شَفاعَتُهُ وَلا / جانٍ لَهُ مِمّا جَناهُ مَتابُ
شَهِدوا مَعادَهُمُ فَعادَ مُصَدِّقاً / مَن كانَ قَبلُ بِبَعثِهِ يَرتابُ
حَشرٌ وَميزانٌ وَعَرضُ جَرائِدٍ / وَصَحائِفٌ مَنشورَةٌ وَحِسابُ
وَبِها زَبانِيَةٌ تُبَثُّ عَلى الوَرى / وَسَلاسِلٌ وَمَقامِعٌ وَعَذابُ
ما فاتَهُم مِن كُلِّ ما وُعِدوا بِهِ / في الحَشرِ إِلّا راحِمٌ وَهّابُ
قُل لِلنَجيبِ مُحَمَّدٍ يا مَن لَهُ
قُل لِلنَجيبِ مُحَمَّدٍ يا مَن لَهُ / أَفعالُ سوءٍ كُلُّهُنَّ مَعائِبُ
إِنَّ اِستِنابَتَكَ اِبنَ فَهدٍ سُبَّةٌ / وَبِمِثلِها وَجَدَ الطَريقَ العائِبُ
لا تَدعُهُ إن كُنتَ تُنصِفُ نائِباً / هُوَ في الحَقيقَةِ نائِمٌ لا نائِبُ
إِذا اِجتَمَعَت في مَجلِسِ الشُربِ سَبعَةٌ
إِذا اِجتَمَعَت في مَجلِسِ الشُربِ سَبعَةٌ / فَما الرَأيُ في تَأخيرِ هِنَّ صَوابُ
شِواءٌ وَشَمّامٌ وَشُهدٌ وَشاهِدٌ / وَشَمعٌ وَشادٍ مُطرِبُ وَشَرابُ
يا اِبنَ الأَكابِرِ من ذُؤا
يا اِبنَ الأَكابِرِ من ذُؤا / بَةِ هاشِمٍ وَاِبنَ الأَطائِب
وَالمُستَعانَ بِهِ عَلى / دَفعِ الشَدائِدِ وَالنَوائِب
جُد لي فَلا زِلتَ المُرَج / جى لِلمَواهِبِ وَالرَغائِب
بِكَريمَةِ الطَرَفَينِ آ / لَةِ فارِسٍ وَأَداةِ كاتِب
شَمطاءَ وَهيَ فَتِيَّةٌ / سَوداءُ بَيضاءُ الذَوائِب
خَمصانَةٌ رَيّا المُخَل / خَلِ لا تُعَدُّ مِنَ الكَواعِب
بِئسَ الضَجيعُ وَإِن تَكا / مَلَ حُسنُها نِعمَ المَضارِب
تُسقى وَما زالَت تُذا / دُ عَنِ المَناهِلِ وَالمَشارِب
تَقتافُ آثاري فَتَم / حو ما تَراهُ مِنَ المَعائِب
تَلقى الأُمورَ لِقاءَ غِر / رٍ لا يُفَكِّرُ في العَواقِب
تَجني عَلى أَيدي المُلو / كِ وَلا تَخافُ وَلا تُراقِب
أَمضى مِنَ الحَدَثانِ قَه / راً بِالأَسِنَّةِ وَالقَواضِب
فَكَأَنَّها مَقطوعَةٌ / مِن عَزمِكَ الماضي المَضارِب
لَكَ ياعِمادَ الدينِ عَز / مٌ في ظَلامِ الخَطبِ ثاقِب
وَيَدٌ تَصوبُ نَدىً فَيُخ / جِلُ صَوبُها غَزرَ السَحائِب
فَاِنفِذ مُعَجَّلَةً إِلَي / يَ بِها فَلي فيها مَآرِب
رَهناً عَلى حِفظِ المَوَد / دَةِ لي وَهَبها قَوسَ حاجِب
وَاِكسِب بِها شُكري فَإِن / نَ الشُكرَ مِن خَيرِ المَكاسِب
أَلا أَبلِغ عِمادَ الدينِ عَنّي
أَلا أَبلِغ عِمادَ الدينِ عَنّي / وَقَبِّل عِندَ رُؤيَتِهِ التُرابا
وَصِف شَوقي وَأَهدِ لَهُ سَلامي / وَأَحسِن في الدُعاءِ لَهُ المَثابا
وَقُل يا خَيرَ أَهلِ الأَرضِ نَفساً / وَآباءً وَأَرحَبَهُم رَحابا
بَعَثتُ أَبا الفُتوحِ إِلَيكَ فَاِجلِس / لَهُ وَاِرفَع لِمَقدَمِهِ الحِجابا
وَزِدهُ مِنكَ إِكراماً وَقُرباً / وَأورِدهُ خَلائِقَكَ العِذابا
وَراعِ حُقوقَ مُرسِلِهِ قَديماً / وَعَجِّل مَااِستَطَعتَ لَهُ الإِيابا
فَقَد وافاكَ مِن بَلَدٍ بَعيدٍ / وَقَد أَنضى الرَواحِلَ وَالرِكابا
فَإِنّي قَد بَعَثتُ بِهِ رَسولاً / إِلَيكَ وَقَد خَتَمتُ لَهُ الكِتابا
وَقَد وَكَّلتُهُ وَشَرَطتُ أَن لا / يُفارِقَ ساعَةً لِلحُكمِ بابا
وَتَأخُذ مِن كَمالِ الدينِ عَهداً / بِأَنَّكَ في الحُكومَةِ لا تُحابى
إِلى أَن يَستَقِصَّ جَميعَ دَيني / وَيَستَوفيهِ عَيناً أَو ثِياباً
وَها أَنا قَد ضَمَمتُ عَلى رَجاءٍ / يَدي وَجَلَستُ أَرتَقِبُ الجَوابا
لِأَنظُرَ ما يَكونُ مآلَ أَمري / أَأَخطَأَ فيهِ ظَنّي أَم أَصابا
فَإِمّا أَن أُضَمِّنَ فيكَ شعري / ثَناءً أَو أُضَمِّنَهُ عِتابا
جاءَ بِدَستَبويَةٍ
جاءَ بِدَستَبويَةٍ / صَفراءَ مِن غَيرِ وَصَب
ثُمَّ فَراها فَرَأَي / نا عَجَباً مِنَ العَجَب
بَيضاءَ كَالشَحمَةِ ما / لِجائِعٍ فيها أَرَب
أَما رَأَت عَيناكَ تَخ / ييشَ اللُجَينِ بِالذَهَب
لا تُنكِرَنَّ صَفارَ قِرطاسي إِذا
لا تُنكِرَنَّ صَفارَ قِرطاسي إِذا / وافى إِلَيكَ وَدِقَّةَ المَكتوبِ
وَكِلاهُما عوفيتَ مِن داءِ الهَوى / بِنُحولِ جِسمي شاهِدٌ وَشُحوبي