القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 11
خُذوا عَن يَمينِ المُنحَنى أَيُّها الرَكبُ
خُذوا عَن يَمينِ المُنحَنى أَيُّها الرَكبُ / لِنَسأَلَ ذاكَ الحَيَّ ما صَنَعَ السِّربُ
عَسى خَبَرٌ يُحيي حَشاشَةَ وامِقٍ / صَريعِ غَرامٍ ما يَجِفُّ لَهُ غَربُ
بِأَحشائِهِ نارُ اِشتِياقٍ يَشُبُّها / زَفيرُ جَوىً يَأبى لَها النَأيُ أَن تَخبو
أَلا لَيتَ شِعري وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ / وَذا الدَّهرُ سَيفٌ لا يُقامُ لَهُ عَضبُ
عَنِ الحَيِّ بِالجَرعاءِ هَل راقَ بَعدَنا / لَهُم ذَلِكَ المَرعى وَمَورِدهُ العَذبُ
وَهَل أَينعَ الوادي الشَمالِيُّ وَاِكتَسَت / عَثاكيل قِنوانٍ حَدائِقُهُ الغلبُ
وَهَل بَعدَنا طابَ المُقامُ لِمَعشَرٍ / بِحَيثُ تَلاقى ساحَةُ الحَيِّ وَالدّربُ
وَهَل عِندَهُم مِن لَوعَةٍ وَصَبابَةٍ / كَما عِندَنا وَالحُبُّ يشقي بِهِ الحِبُّ
وَهَل عَلِمت بِنتُ المَناوِلِ أَنَّني / بِأُخرى سِواها لا أهيمُ وَلا أَصبو
وَبَيضاءَ مِثلَ البَدرِ حُسناً وَشارَةً / يزينُ بِها السِّبُّ المُزَبرَقُ وَالإِتبُ
إِذا ما نِساءُ الحَيِّ رُحنَ فَإِنَّها / لَها النَّظرَةُ الأُولى عَلَيهنَّ وَالعَقبُ
تَحَيَّرَ فيها رائِقُ الحُسنِ فَاِغتَدَت / وَلَيسَ لَها فيهِنَّ شَكلٌ وَلا تِربُ
بَدَت سافِراً مِن ضَربِ دينار وَالصِّبا / يُرَنِّحُها وَالدَّلُّ والتّيهُ وَالعُجبُ
رَأَتني فَأَبدَت عَن أَسيلٍ وَحَجَّبَت / بِذي مِعصَمٍ جَدلٍ يَغصُّ بِهِ القُلبُ
وَقالَت غَريبٌ وَالفتاةُ غَريبَةٌ / وَلا في نِكاحِ الحلِّ ذامٌ وَلا ذَنبُ
فَقُلتُ لَها إِنّي أَلوفٌ وَلي هَوىً / وَما ليَ في بَغدادَ شِعبٌ وَلا سِربُ
فَقالَت وَأَينَ الشِّعبُ وَالسِّربُ وَالهَوى / فَقُلتُ بِحَيثُ الكرُّ وَالطَّعنُ وَالضَّربُ
فَقالَت أَرى البحرَين دارَكَ وَالهَوى / بَنوكَ وَهَذا ما أَرى فَمنِ الشِّعبُ
فَقُلتُ سَلي حيَّي نِزارٍ وَيَعرُبٍ / بِأَعظَمِها خَطباً إِذا اِستَبهَمَ الخَطبُ
وَأَمنعِها جاراً وأَوسعِها حِمىً / وَأَصعَبِها عِزّاً إِذا اِستُرحِلَ الصَعبُ
وَأَنهَرِها طَعناً وَضَرباً وَنائِلاً / إِذا اِغبَرّتِ الآفاقُ وَاِهتَزَّتِ الحَربُ
وأَقتلها لِلملكِ صَعَّرَ خَدَّهُ / قَديمُ اِنتِظام المُلكِ وَالعَسكَر اللَّجبُ
فَقالَت لَعَمري إِنَّها لِرَبيعَةٌ / بَناتُ المَعالي لا كِلابٌ وَلا كَلبُ
وَلَو سُئِلَت يَوماً رَبيعَةُ مَن بِهم / لَها خَضَعت وَاِرتَجَّتِ الشَرقُ وَالغَربُ
وَمَن خَيرُها طُرّاً قَديماً وَسالِفاً / وَأَنجبُها عَقباً إِذا أَخلَفَ العَقبُ
لأَخبرَ أَهلُ العِلمِ أَن رَبيعَةً / رَحىً آلُ إِبراهيمَ في سِرِّها القُطبُ
هُمُ النّاسُ كُلُّ النّاسِ وَالناسُ فَضلَةٌ / إِذا نابَ أَمرٌ أَطَّ مِن حَملِهِ الصُّلبُ
بِهم يُدرَكَ الشَأوُ البَعيدُ وَعِندَهُم / لِمُلتَمِسِ المَعروفِ ذو مَربَعٍ خَصبُ
وَفيهم رِباطُ المَكرُماتِ وِراثَةً / يُورِّثُها المولودَ والِدُه النَدبُ
وَلَولا أَياديهم وَفَضلُ حُلومِهم / لَزُلزلت الأَرضونَ وَاِنقَصَّتِ الشُهبُ
خِفافٌ إِلى داعي الوَغى غَيرَ أَنَّهُم / ثِقالٌ إِذا خَفَّت مَصاعيبُها الهُلبُ
إِذا الجارُ أَمسى نُهبةً عِندَ جارِهِ / فَأَموالهُم لِلجارِ ما بَينَهُم نَهبُ
أَطاعَت لَهُم ما بَينَ مِصرَ إِلى القَنا / إِلى حَيثُ تَلقى دارَها الشِّحرُ وَالنُّقبُ
وَجاشَت نُفوسُ الرومِ حَتّى مُلوكها / إِذا ذَكَرتَ أَملاكَهُم هَزَّها الرُعبُ
تَحِنُّ إِلى بَذلِ النَوالِ أَكُفُّهُم / حَنيناً كَذاتِ السَقبِ فارقَها السَقبُ
فَأَكثَرُ ما تَلقاهُمُ وَلِباسُهُم / حَبيكُ الدِّلاصِ التُبَّعِيّاتِ لا العُصبُ
لَهُم أَبَداً نارانِ نارٌ بِها الصِّلا / تَلذُّ وَنارٌ لا يُفارِقُها العَضبُ
وَأَيّامُهُم يَومانِ يَومٌ لِنائِلٍ / يَقولُ ذَوُوا الحاجاتِ مِن فَيضِهِ حَسبُ
وَيَومٌ تَقولُ الخَيلُ وَالبيضُ وَالقَنا / بِهِ وَالعِدى قَطنا فَلا كانَتِ الحَربُ
وَإِن ضُنَّ بِالعِدّانِ كانَ قِراهُمُ / سَديفُ المَتالي لا عَتودٌ وَلا وَطبُ
أُولَئِكَ قَومي حينَ أَدعو وَأُسرَتي / وَيُنجِبُني مِنهُم شَمارِخَةٌ غُلبُ
وَما أَنا فيهم بِالمَهِينِ وَإِنَّني / إِذا عُدَّ فَضلٌ فيهمُ الرَجلُ الضَربُ
لِيَ البَيتُ فيهم وَالسَماحَةُ وَالحِجا / وَذو الصَّبرِ حينَ الباسِ وَالمِقوَلُ الذَّربُ
وَإِنَّ اِنفرادي عَنهُمُ وَتَغَرُّبي / تَرامى بِيَ الأَمواجُ وَالحَزنُ وَالسُهبُ
بِغَيرِ اِختيارٍ كانَ مِنّي وَلا قِلىً / وَإِنّهُمُ لَلعَينُ وَالأَنفُ وَالقَلبُ
وَلَكِنَّها الأَيّامُ تُبعِدُ تارَةً / وَتُدني وَلا بعدٌ يَدومُ وَلا قُربُ
وَإِنّي حَفِيٌّ عَنهُمُ وَمُسائِلٌ / بِهِم حيثُ يَثوي السَفرُ أَو ينزلُ الرَّكبُ
وَكَم قائِلٍ لِي عدِّ عَنهُم فَإِنَّهُ / مَعَ الأَلَمِ المَضّاضِ قَد يُقطَعُ الإِربُ
فَقُلتُ رُوَيداً قَد صَدَقتَ وَذَلِكُم / إِذا لَم يَكُن فيهِ لِحامِلِهِ طِبُّ
إِذا لَم أُداوِ العُضوَ إِلّا بِقطعِهِ / فَلا قَصَبٌ يَبقى لَعَمري وَلا قُصبُ
وَإِنّي بِقَومي لَلضَّنينُ وَإِنَّني / عَلى بُعدِ داري وَالتَنائي بِهم حَدبُ
وَلي فيهمُ سَيفٌ إِذا ما اِنتضَيتُهُ / عَلى الدَّهرِ أَضحى وَهوَ مِن خِيفَةٍ كَلبُ
عَلى أَن حَدَّ السَّيفِ قَد رُبَّما نَبا / وَفُلَّ وَهَذا لا يُفَلُّ وَلا يَنبو
همامٌ عَلَت هِمّاتُهُ فَكَأَنَّما / يُحاوِلُ أَمراً دونَهُ السَّبعَةُ الشُّهبُ
عَلا كُلَّ باعٍ باعُهُ وَتَواضَعَت / لِعِزَّتِهِ وَاِنقادَت العُجمُ وَالعُربُ
سَليلُ عُلاً مِن دوحَةٍ طابَ فرعُها / وَطالَت ذُرى أَغصانِها وَزَكى التُربُ
يَبيتُ مُناويهِ يُساوِرُ هَمَّهُ / وَيُقضى عليهِ قَبلَ يُقضى لَهُ نَحبُ
سَما لِلعُلا مِن قَبلِ تَبقيلِ وَجهِهِ / فَأَدرَكَها وَالمأثراتُ لَهُ صَحبُ
هُوَ البَدرُ لَكِن لَيسَ يَستُرُ نُورَهُ / حِجابٌ وَنورُ البَدرِ يَستُرُهُ الحجبُ
هُوَ اللَّيثُ لَكِن غابُهُ البيضُ وَالقَنا / هُوَ النَّصلُ لَكِن كُلُّ مَتنٍ لَهُ قَربُ
هُوَ المَوتُ لَكِن لَيسَ يَقتُلُ غِيلَةً / هُوَ البَحرُ إِلّا أَنَّ مَورِدَهُ عَذبُ
وَما غالبتهُ مُنذُ كانَ كَتيبَةٌ / لِتظهِرَهُ إِلّا وَكانَ لَهُ الغَلبُ
وَما هابَتِ الأَملاك بكراً مِن العُلا / لِعِزَّتِها إِلّا وَكانَ لَهُ الخَطبُ
أَتاني مِنَ الأَنباءِ عَنهُ غَرائِبٌ / فَلَذَّت بِها الأَسماعِ وَاِستَبشَرَ القَلبُ
بِعطفٍ عَلى وُدِّ العَشيرَةِ صادِقٍ / وَرَفضِ عِداها لا محالٌ وَلا كذبُ
وَتَجميرِها مِن كُلِّ أَوبٍ حميَّةً / عَلَيها فَزالَ الخَوفُ وَاِلتَأَمَ الشَّعبُ
أَبا ماجِدٍ اِنظُر إِلى ذي قَرابَةٍ / بِعَينِ رِضاً يُغضي لَها الخائِنُ الخِبُّ
فَإِنَّ الوَدادَ المَحضَ ما لا يَشوبُهُ اِخ / تِلابٌ وَبَعضُ القَومِ شِيمَتُهُ الخلبُ
وَغِظ بِاِصطِناعي مَعشَراً إِن دَعوتهُم / لِنائِبَةٍ أَبُّوا وَإِن أَمِنوا نَبّوا
خَطاطيفُ في حَملِ الأَباطيلِ بَل هُمُ / أَخَفُّ وَفي الجُلّى كَأَنَّهُمُ الخُشبُ
لِيَ الطَّولُ وَالفَضلُ المُبينُ عَلَيهمُ / وَهَل يَستَوي عالي الشَناخيبِ وَالهُضبُ
وَأُقسِمُ لَولا وُدُّكَ المَحضُ لَم تَخُض / إِلى بَلَدِ البَحرينِ بِي بُزَّلٌ صُهبُ
وَقَد كانَ لِي في الأَرضِ مَنأَىً وَمَرحَلٌ / وَما ضرُّ أَهلِ الفَضلِ مِن أَنَّهُم غَربُ
وَثانِيَةً أَنّي أَغارُ عَلَيكُمُ / إِذا ما جَزيلُ النَّظمِ سارَت بِهِ الكُتبُ
وَجاءَ مَديحي في سِواكُم فَيا لَها / حُوَيجِيَّةٌ يَأبى لَها الماجِدُ النَدبُ
هُناكَ يَقولُ الناسُ لَو أَنَّ قَومَهُ / كِرامٌ لَكانَت زِندهُم عَنهُ لا تَكبو
فَإِنَّ اِمتِداحي غَيرَكُم كَهِجائكُم / وَذَلِكَ مِنّي إِن تَحرَّيتَهُ عَتبُ
وَعِنديَ ممّا يَنسِجُ الفِكرُ وَالحِجا / سَرابيلُ تَبقى ما تَرادَفَت الحِقبُ
أَضِنُّ بِها عَن غَيرِكُم وَأَصونُها / وَلَو بُعِثَ الطائيُّ ذُو الجودِ أَو كَعبُ
فَصُن حُرَّ وَجهي عَن سُؤالٍ فَإِنَّهُ / عَلَيَّ وَلَو عاشَ اِبنُ زائِدَةٍ صَعبُ
وَرُدَّ كَثيراً مِن يَسيرٍ تَقُت بِهِ / فِراخاً قَد اِستَولى عَلى ربعِها الجَدبُ
فَبَحرُكَ لِلوُرّادِ ذُو مُتَغَطمِطٍ / وَرَبعُكَ لِلوُفّادِ ذُو سَعَةٍ رَحبُ
أبى الدَهرُ أَن يَلقاكَ إِلّا مُحارِباً
أبى الدَهرُ أَن يَلقاكَ إِلّا مُحارِباً / فَجَرِّد لَهُ سَيفاً مِن العَزمِ قاضِبا
وَلا تَلقَهُ مُستَعتِباً مِن ظُلامَةٍ / فَما الدَهرُ سَمّاعاً لِمَن جاءَ عاتِبا
وَجانِب بَنيهِ ما اِستَطَعتَ فَإِنَّهُم / عَقارِبُ لَيلٍ لا تزالُ ضَوارِبا
وَإِن كُنتَ ذا جَهلٍ بِهم فَاِغدُ أَو فَرُخ / عَلَيَّ أُخبِّركَ الأُمورَ العَجائِبا
بَلَوتُهُمُ دَهراً طَويلاً وَغَرَّني / تَلألُؤ آلٍ يُرجِعُ الطَّرفَ كاذِبا
وَجَرَّبتهُم حَتّى إِذا ما عَرَفتُهُم / عَرَفتُ رَزايا جَمَّةً وَمَصائِبا
وَصاحَبتُ أَقواماً أَلا لَيتَ أَنَّني / تَبَدَّلتُ زِنجاً مِنهُمُ وَصَقالِبا
ظَنَنتُهُمُ ظِلّاً ظَليلاً وَجنَّةً / فَكانُوا سَموماً يَومَ صَيفٍ وَحاصِبا
بُليتُ بِهِم كَالوَردِ يلقى معاطِساً / أَحَقُّ بِأَن يَلقى أَكُفّاً خَواضِبا
سَعوا في دَمي بِالجُهدِ حَتّى كَأَنَّني / مِنَ الرُومِ قَد أعلمتُ جَيشاً مُحارِبا
وَلَم يَكفِهُم قَيدٌ ثَقيلٌ وَخَشبَةٌ / بِرِجليَ في دَهماءَ تُنسي المَصائِبا
وَأَشياءُ لَو عَدَّدتُها طالَ شرحُها / وَلَم أُحصِها في مُحكَمِ النَّظمِ حاسِبا
جَزى اللَّهُ خَيراً كُلَّ ثاوٍ رَأَيتُهُ / بِبَغدادَ لا يَنفَكُّ بِالدَربِ سارِبا
فَلَم أَلقَ مِنهُم يَومَ نَحسٍ وَلَم أَبِت / أُحاذِرُ مِنهُم جانِياً أَو مُواثِبا
وَأَعقَبَ سوءاً شامِتاً سُرَّ قَلبُهُ / بِضَيمي وَأَضحى عاثِرَ الجدِّ خائِبا
فَهَل سَرَّهُ إِلّا اِختلاقُ نَميمَةٍ / وَما زَالَ سَهماً لِلنَّميمَةِ صائِبا
فَلا تَحسَبُ الأَعداءُ أَنّي لِما جَرى / تَضعضَعتُ أَو أَعطَيتُ حبلي مُشاغِبا
فَقَبلي قَضى النُعمانُ في السِّجنِ نَحبَهُ / وَغُودِرَ مَسلوباً وَقَد كانَ سالِبا
وَعاشَ اِبنُ ذي الجدَّينِ في الغُلِّ بُرهَةً / لَياليَ يَدعو قَومَهُ وَالعَصائِبا
فَجلّت بُنو ذُهلِ بن شَيبانَ هَمَّهُ / بِمَلمومَةٍ تُزجي العِتاقُ الشَوازِبا
أَفاؤوا بِها أَنفالَ كِسرى وَلَم تَزَل / تُفِيءُ السَّبايا خَيلُهُم وَالحَرائِبا
وَلَو غَيرُ قَومي رامَ ظُلمي لَقَلَّصت / خُصاهُ وَأَضحى قاصِرَ الخَطوِ لاغِبا
لعايَنَ دوني عُصبَةً عَبدَلِيَّةً / تَسامى فُرادى لِلعُلا وَمُقانِبا
أَبوها أَبي إِن أَدعُها وَجُدودُها / جدُودي إِذا عَدَّ الرِّجالُ المناسِبا
وَمِن آلِ إِبراهيمَ كُلّ مُذَبِّبٍ / عَنِ المَجدِ يَحتَلُّ الذُرى وَالغَوارِبا
أَلا لَيتَهُ مِن غَيرِهم فَأَردُّهُ / بِهم فَيَروحُ الدَهرُ خَزيانَ ناكِبا
فَيا راكِباً تَطوي بِهِ البِيدَ جَسرَةٌ / وَتَغتالُ غيطانَ الفَلا وَالأَخاشِبا
إِذا أَنتَ أَلقَيتَ العِصيَّ مُخَيِّماً / بِالاِحسا وَجاوَرتَ المُلوكَ الأَطايِبا
فيمِّم لِجَرعاءِ الشَّمالِ فَإِنَّ لِي / بِها خِلَّةً أَشتاقُها وَمَلاعِبا
وَقِف وَقفَةً بِالدَّربِ غَربِيَّ بابِها / فَثَمَّ تلاقي أُسرَتي وَالأَقارِبا
فَتَلقى مُلوكاً كَالأَهِلَّةِ لَم تَزَل / تَهشُّ إِلى الجُلّى وَتَأبى المَعايِبا
وَإِن تَأتِ قَصرَ القُرمُطِيِّ تَجِد بِهِ / جَماجِمَ قَومي وَالقُرومَ المَصاعِبا
ذَوي المُلكِ وَالتيجانِ وَالمَنصِبِ الَّذي / سَما فَعلا فَخراً فَجازَ الكَواكِبا
فَقُل لَهُمُ بَعدَ السَلامِ مَقالَةً / تَعمُّ بِها عَنّي شَباباً وَشائِبا
أَلا يا لَقَومي وَالفَتى حينَ يَرتَمي / بِهِ الدَهرُ يَدعو قَومَهُ لا الأَجانِبا
كَفى حزناً أَنّي بِبَغدادَ مُفرَدٌ / عِنِ الأَهلِ أَلقى كُلَّ يَومٍ عَجائِبا
وَيَشتاقُكُم قَلبي فَأَذكُرُ دونَكُم / مَهامِهَ لا أَشتاقُها وَسَباسِبا
فَيسهلُ عِندي خَوضُها فَيعزُّ لي / تَذَكُّرُ حالاتٍ أَشَبنَ الذَوائِبا
وَلا عارَ في ضَيمِ المُلوكِ عَلى الفَتى / وَما زَالَ حُكمُ السَيفِ في الأَرضِ غالِبا
بَلى إِنَّ ضَيمَ الأَقرَبينَ وَجَدتُهُ / أَشَدَّ عَلى الأَحشاءِ حرّاً وَلاهِبا
أَلا إِنَّهُ الداءُ العَياءُ وَإِنَّهُ الش / شجا في التَراقي وَالمُزيلُ المَراتِبا
وَلَولا بَناتُ العامِرِيَّةِ لَم أَكُن / لِأَلوي إِلى دارِ المَذَلَّةِ جانِبا
لَقَد كانَ لِي بِالأَهلِ أَهلٌ وَبِالغِنى / فِناءٌ وَأَلقى بِالمُصاحِبِ صاحِبا
وَلَكِنَّني أَخشى عَلَيهنَّ أَن يَرى / بِهِنَّ عَدوٌّ مالَهُ كانَ طالِبا
مُقاساة ضُرٍّ أَو مُعاناة غُربَةٍ / تُريهنَّ أَنوارِ الصَّباحِ غَياهِبا
وَآنفُ أَن يُصبِحنَ في غَيرِ مَعشَري / فَأُصبِحُ قَد رَدّوا عَلَيَّ النَصائِبا
فَيُصبِحنَ قَد أُنكِحنَ إِمّا مُدَرَّعاً / لَئيماً يَرى الإِحسانَ لِلفَقرِ جالِبا
وَإِمّا اِبنَ ضِلٍّ تائِهٍ في ضَلالَةٍ / مِنَ الغيِّ تَدعوهُ الطَواغيتُ راهِبا
كَما نُكِحَت بِنتُ المُهَلهلِ إِذ غَدا / مِنَ الضَّيمِ في سَعدِ العَشيرَةِ هارِبا
بِأَيسَرِ مَهرٍ عِندَ أَلأَمِ خاطِبٍ / وَوالِدُها غَيظاً يَعضُّ الرَواجِبا
وَلَو أَصبَحَت في دارِ بَكرٍ وَتَغلِبٍ / لَما رامَ أَن يَأتي لَها النَّذلُ خاطِبا
فَيا اِبنَ أَبي رِفقاً بِهنَّ وَكُن أَباً / مُديباً عَلى إِكرامِهِنَّ مُواظِبا
وَصِل وَاِحتَمِل وَاِخفِض جَناحَكَ رَحمَةً / لَهُنَّ وَلا تَقطِب عَلَيهنَّ حاجِبا
وَحاذِر عَلَيهنَّ الجَفاءَ فَإِنَّني / أَرى المَوتَ أَن يَمشينَ شُعثاً سَواغِبا
فَإِن سَلِمَت نَفسي لَهُنَّ هَنيئَةً / مِنَ الدَهرِ جاوَرنَ النُّجومَ الثَواقِبا
وَعادَ إِليَّ الدَهرُ بَعدَ غَرامِهِ / يعفِّرُ خَدَّيهِ عَلى الأَرضِ تائِبا
كَما جاءَ قَبلي مُستَكيناً إِلى أَبي / وَقَد همَّ أَن يَلوي عَلَيهِ المَخالِبا
وَلِلّهِ فينا عادَةٌ مُستَمِرَّةٌ / يُجلّلُنا النُّعمى وَيُعطي الرَغائِبا
فَشُكراً لَهُ مِن مُنعِمٍ مُتَفَضَّلٍ / عَلَينا وَحَمداً ينفذُ الدَهر واصِبا
دَعِ الكاعِبَ الحَسناءَ تَهوي رِكابُها
دَعِ الكاعِبَ الحَسناءَ تَهوي رِكابُها / وَتُبنى لَها في حَيثُ شاءَت قبابها
وَلا تَسأَلَن عَن عيسِها أَينَ يمَّمت / فسيّانِ عِندي نأيُها وَاِقتِرابُها
فَقد كَرِهت جَهلاً مَشيبي وَإِنَّني / أَرى ضَلَّةً أَن يَزدَهيني شَبابُها
وَما شِبتُ مِن عَدِّ السِّنين وَإِنَّما / أَشابَ قَذالي مَيلُها وَاِنقِلابُها
وَتأَويلُ أَحداثٍ إِذا ما حَسبتُها / أَتَتني بِأَشيا قَلَّ عَنّي حِسابُها
ثَنى عِطفَهُ عَنّي القَريبُ لِأَجلِها / وَأَضحَت بَناتُ العَمِّ عُوجاً رِقابُها
عَلى أَنَّني في كلِّ أَمرٍ هُمامُها / وَبَدرُ دُجاها لَو وَعَت وَشِهابُها
وَإِنّي لِأَذكى القَومِ لَو تَعلَمونه / نِصاباً وَإِن كانَت كَريماً نِصابُها
وَأَبعَدُها في باحَةِ المَجدِ غايَةً / وَقاباً إِذا ما اِمتَدَّ لِلمَجدِ قابُها
وَأَفضَحُها يَومَ الخِصامِ مَقالَةً / إِذا فصحاءُ القَومِ أَكدى خِطابُها
وَعَوراءَ مَرَّت بي فَلَم أَكتَرِث بِها / وَقَد كَان لَولا الحِلمُ عِندي جَوابُها
فَيا راكِباً وَجناءَ تَستَغرِقُ البَرى / وَيَطوي الفَيافي خَطوُها وَاِنجِذابُها
أَقم صَدرَها قَصداً إِلى الخَطِّ وَاِحتَقِب / رِسالَةَ وُدٍّ أَنتَ عِندي كِتابُها
فَحينَ تَرى الحصنَ المُعَلّى مُقابِلاً / وَيَبدو مِنَ الدَربِ الشَمالِيِّ بابُها
فلِج بِسلامٍ آمِناً تَلقَ بَلدَةً / مُقَدَّسَةَ الأَكنافِ رَحباً جَنابُها
بِها كُلُّ قرمٍ مِن رَبيعَةَ يَنتَمي / إِلى ذِروَةٍ تَعلو الرَواسي هِضابُها
لكيزِيَّةٌ أَنسابُها عامِريَّةٌ / يَلوذُ المُناوي ضَيمُها وَاِعتصابُها
إِذا ثَوَّبَ الداعي بِها يالَ عامِرٍ / أَتَت مِثلَ أُسدِ الغابِ غُلبٌ رِقابُها
مُقَدِّمُها مِن صُلبِ عَوفِ بنِ عامِرٍ / إِلى المَوتِ فِتيانٌ شَديدٌ غِلابُها
مِنَ الحارثيِّينَ الألى في أَكُفِّهِم / بِحارُ النَدى مَسجورَة لا ثغابُها
وِمن مالِكٍ بِنتِ الفَخارِ بنِ عامِرٍ / فَوارِسُ أَرواحُ الأَعادي نِهابُها
وَكُلُّ هُمامٍ دَيسَميٍّ إِذا سَطا / عَلى الخَيلِ يَوماً قيلَ وافى عَذابُها
وَمِن نَسلِ عَبدٍ فِتيَةٌ أَيُّ فِتيَةٍ / يُجِلُّ المُعادي بَأسها فَيهابُها
وَإِن صاحَ داعي حَيِّها في مُحارِبٍ / أَتَت تَتَلَظّى للمَنايا حِرابُها
وَإِن قالَ إِيهاً يالَ شَيبانَ أَرقَلَت / إِلى المَوتِ عَدواً شيبُها وَشَبابُها
حَمَت دارَها بِالسَّيفِ ضَرباً فَلَم يَرُم / حِماها وَجَلّى القَومَ عَنها ضِرابُها
وَلَم تُعطِ مَن ناوى عُلاها مَقادَةً / وَذا دَأبُ قَيسٍ مُنذُ كانَت وَدابُها
سَلِ الخائِن الجَدَّينِ مَعروفَ هَل رَأى / بِها خَوراً وَالحَربُ تَهفو عِقابُها
أَتى مِن بِلادِ السِّيبِ يُزجي كَتائِباً / تَضيقُ بِها مِن كُلِّ أَرضٍ رِحابُها
فَلاقى طِعاناً أَنكَرَتهُ حُماتُهُ / فَآبت عَلَيها ذُلُّها وَاِكتِئابُها
وَضَرباً دِراكاً رامَ بِالسِّلمِ بَعدَهُ / صَهاميمُ حَربٍ لَم تُذلَّل صِعابُها
فَقُل لَهمُ مِن بَعدِ أَوفى تَحيَّةٍ / لَهُم مِن ضَميري صَفوُها وَلِبابُها
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَتاكُم عَلى النَّوى / تَصافي نِزارٍ بَينَها وَاِصطِحابُها
فَقَد دُفنت تِلكَ الحقودُ وَأُطفِئَت / لَواقِحُ غلٍّ في الصُّدورِ اِلتهابُها
وَأَضحَت بِحَمدِ اللَّهِ لا السِرُّ بَينَها / مُذاعاً ولا تَدأى لِسودٍ ذِئابُها
وَلا الخائِنُ الخِبُّ المُماذِقُ عِندَها / مُطاعاً فَيُخشى صَدعُها وَاِنشِعابُها
وَجَلّى عَنِ البَحرَينِ يَومَ اِبنِ أَحمَدٍ / صَواعِقَ شَرٍّ قَد تَدَلّى سَحابُها
وَقَد زَحَفت بِالقَومِ زَحفاً فَزُلزِلَت / وَماجَت بِمَن فيها وَحانَ اِنقِلابُها
وَذاك بِسامي هِمَّةٍ عَبدليَّةٍ / أَنافَ عَلى هادي الثُرَيّا وِثابُها
فَمن عيصِ إِبراهيمَ تُنمي فُروعُها / وَمِن بَحرِ عَبدِ اللَّهِ يَجري عبابُها
مُلوكُ نِزارٍ قَبلَ عادٍ وَتُبَّعٍ / وَكَعبَتُها اللّاتي إِلَيها مَثابُها
وَمِمّا شَجاني يا لَقَومي فَعبرَتي / لَدى كُلِّ حينٍ لا يَجِفُّ اِنسِكابُها
تَضاغنُ أَملاكٍ أَبوها إِذا اِعتَزَت / أَبي وَنِصابي حينَ أُعزى نِصابُها
أَبى أَن يلُمّ الدَّهرُ فيما يَلمُّهُ / عَصاً بَينَها أَو أَن يُرجّي اِعتِتابُها
أَطاعَت مَقالاتِ الأَعادي وَغَرَّها / تَمَلُّقُها في لَفظِها وَاِختِلابُها
فَأَنحَت عَلى أَرحامِها بِشِفارِها / وَأَوهَنَ عَظمَ الأَقرَبينَ اِصطِلابُها
وَلَو قَبِلَت نُصحي وَأَصغَت لِدَعوَتي / وَأَنجَحُ فاشي دَعوَةٍ مُستَجابُها
لَداوَيتُ كَلْماها وَأَبرَأتُ داءَها / فَلَم يَتَحَلَّم بَعدَ صَحٍّ إِهابُها
وَقُدتُ إِلى اللَّيثِ السَبَندى وَلَم أَنَم / عَلى الغَمرِ حَتّى يَصحَب الغيلَ لامُها
وَلَكِن لِأَمرٍ أَخَّروني وَقَدَّموا / زَعانِفَ لا يَنهى العَدوَّ اِحتِسابُها
تُصيبُ وَما تَدري وَتُخطي وَما دَرَت / وَتَغدو وَفي حَبلِ العَدُوِّ اِحتِطابُها
فَيا صَفقَةَ الخسرانِ فيما تَبَدَّلُوا / وَهَل يَتَساوى تِبرُها وَتُرابُها
وَهَل قِيستِ الخَيلُ العِرابُ بعانَةٍ / كُدادِيَّةٍ لا يلحقُ الضَبَّ جابُها
لِذا طَمعَت فينا البَلايا وَأَصبَحت / تَهِرُّ عَلَينا كَالشُّراتِ كِلابُها
وَشالَت لَنا أَذنابُها مُقذَحِرَّةً / وَعَهدي بِها تَسطو عَلَيها ذِئابُها
أَلا يا لَقَومي مِن رَبيعَةَ فَتكَةً / تُغادِرُ نَوكى القومِ صُفراً وِطابُها
فَما عَزَّ إِلّا فاتِكٌ ذُو عَزيمَةٍ / جَريءٌ عَلى النّزلا يصرِّفُ نابُها
فَأَقتَلُ داءٍ في الشِّرارِ اِصطِفاؤُهُ / وَأَشفى دَواءٍ لَعنُها وَاِجتِبابُها
مَنالُ العُلى بِالمُرهفاتِ القَواضِبِ
مَنالُ العُلى بِالمُرهفاتِ القَواضِبِ / وَسُمرِ العَوالي وَالعِتاقِ الشَوازِبِ
وَطَعنٍ إِذا ما النَّقعُ ثارَ وَأَقبَلَت / بَنو الحَربِ أَمثالَ الجِمالِ المَصاعِبِ
وَضَربٍ يُزِلُّ الهامَ عَن كُلِّ ماجِدٍ / عَلى الهَولِ مِقدامٍ كَريمِ المناسِبِ
وَليسَ يَنالُ المَجدَ مَن كانَ هَمُّهُ / طروقَ الأَغاني وَاِعتِناق الحَبائِبِ
وَلا بَلَغَ العَلياءَ إِلّا اِبنُ حُرَّةٍ / قَليلُ اِفتِكارٍ في وقوعِ العَواقِبِ
جَريءٌ عَلى الأَعداءِ مُرٌّ مذاقُهُ / بَعيدُ المَدى جَمُّ النَّدى وَالمَواهِبِ
حَليفُ سُرىً جَوّابُ أَرضٍ تَجاوَزَت / بِهِ العيسُ أَجوازَ القِفارِ السَباسِبِ
وَخاضَت بِهِ الخَيلُ النَّجيعَ وَحُطِّمَت / عَواليهِ قَسراً في صُدورِ الكَتائِبِ
تَعَلَّمَ مِن فِعلِ الأَميرِ مُحمَّدٍ / فَأَصبَحَ مَلكاً في أَجلِّ المَراتِبِ
فَتىً لَم تَزَل في كُلِّ يَومٍ جِيادُهُ / يُقسِّمنَ أَموالَ العَدُوِّ المُحارِبِ
يشنُّ بِها الغاراتِ أَروعُ ماجِدٌ / سَريعٌ إِلى الجُلّى بَعيدُ المَطالِبِ
شُجاعٌ إِذا ما أَصبَحَ الحَيُّ لَم يَكُن / صُبوحُهُم إِلّا رواقَ المَضارِبِ
أَزاحَ الأَعادي عَن حِماها وَحازَهُ / فَأَضحَت لَهُ آسادُها كَالثَّعالِبِ
فَلَم يَبقَ أَرضٌ لَم تَجُزها جيادُهُ / وَقَد حطَّمَت أَركانَها بِالمَناكِبِ
فَسائِل بِهِ في الحَربِ أَبناءَ مالِكٍ / وَما حاضِرٌ في عِلمِهِ مثلُ غائِبِ
غَداةَ تَوَلّوا هارِبينَ وَأَسلَمُوا / عَلى الرَّغمِ مِنهُم كُلَّ بَيضاءَ كاعِبِ
أَتاهُم بِجَيشٍ يَملأُ الأُفقَ مالهُ / سِوى مَن يُراعي مِن شَبابٍ وَشائِبِ
فَلمّا رأَوهُ أَنَّهُ هُوَ لَم يَكُن / سِلاحُهُمُ إِلّا غُبارَ السَّلاهِبِ
وَهَل مَنَعَت مِنهُ غَزيَّةُ دارَها / بِأَسمَرَ عسّالٍ وَأَبيضَ قاضِبِ
غَداةَ أَتاهُم في سَماءٍ عَجاجَةٍ / أَسِنَّتُه مِن تَحتِها كَالكَواكِبِ
وَقَد جاءَهُم مِنهُ النَّذيرُ لِيَأخُذُوا / مِنَ البِرِّ عَن جَوزِ الطَّريقِ بِجانِبِ
فَلَم يَقبَلوا قَولَ النَّصيحِ وَأَعرَضوا / وَظنّوا ظُنوناً يا لَها مِن كَواذِبِ
فَصبَّحهُم شَعواءَ سَدَّت عَلَيهمُ / رحابَ الفَيافي شَرقِها وَالمَغارِبِ
فَما لَبِثوا إِلّا فواقاً وَأَجفَلوا / كَإِجفالِ شاءٍ مِن ذئابٍ سَواغِبِ
وَخَلّوا عَن الأَموالِ صُفراً وَأَسلَموا / عذابَ الثَنايا ضاحِكاتِ الترائِبِ
وَطارَ اِبنُ مَذكورٍ يَشِلُّ قِلاصَهُ / وَيُنذِرُ مِن غاراتِهِ كُلَّ صاحِبِ
وَلَم يرعَ ما قَد كانَ مِن خُلفِ دَهمَشٍ / وَقالَ الوَفا في مِثلِها غَيرُ واجِبِ
وَلمّا أَتَت أهلُ الشَّآمِ يَقودُها / إِلَيهِ الرَّدى قَودَ الجَنيبِ لِراكِبِ
سَعيدٌ وَمَسعودٌ وَرَهطُ حَديثه / يَسيرونَ جُردَ الخَيلِ بَينَ النَجائِبِ
وَقَد حَسَدوا أَهلَ الحِجازِ وأَقبَلُوا / مِنَ الشامِ في أَهليهمُ وَالعَصائِبِ
أَتاهُم يَجوبُ البيدَ بِالخَيلِ وَالقَنا / فَتىً عَبدَلِيٌّ في الوَغى غَيرُ هائِبِ
ضَروبٌ لِهاماتِ الكُماةِ مُعَوَّدٌ / بِمَنعِ التَوالي وَاِبتِذالِ الرَغائِبِ
فَلَم يُنجِهِم إِلّا الفرارُ وَجيرَةٌ / أَتَت مِنهُ ما فيها مَعابٌ لِعائِبِ
وَقَد زَعَموا في زَعمِهم أَنَّ خَيلَهُم / تَدوسُ قُرى البَحَرينِ مِن كُلِّ جانِبِ
وَهَيهاتَ ما قَد حاوَلُوهُ وَدونَهُ / سُيوفُ اِبنِ فَضلٍ ذي العُلى وَالمَناقِبِ
وَفِتيانُ صِدقٍ مِن عَقيلٍ أَعَزَّةٌ / ثِقالٌ عَلى الأَعدا كِرامُ المناسِبِ
بِهِ بَلَغوا آمالَهُم وَمُناهُمُ / وَحَلّوا مِنَ العَلياءِ أَعلى المَراتِبِ
هُوَ السَّيّدُ الضِّرغامُ وَالأَسَدُ الَّذي / بَنى مَجدَهُ فَوقَ النُّجومِ الثَوَاقِبِ
لَهُ خَضَعَت غُلبُ الرِّقابِ وَأَصبَحت / بِه الأَرضُ تَزهو بَعدَ تِلكَ الغَياهِبِ
تَرى عِندَهُ رُسلَ المُلوكِ مُقيمَةً / ذَهابُ رَسولٍ عِندَ آخرِ آيبِ
مَخافَةَ سَطواتٍ لَهُ يَعرِفُونَها / تُقيمُ عَلى الأَعداءِ صَوتَ النَوادِبِ
مُورِّثُهُ مِن عَهدِ عادٍ وَجُرهمٍ / وُهَيبُ بنُ أَفصى وَالقُرونِ الذَواهِبِ
وَمالَ أَميرُ المُؤمِنينَ بِوُدِّهِ / إِلَيهِ وَسَمّاهُ زَعيمَ الأَعارِبِ
حَمى البرَّ مِن حَدِّ العِراقِ فَحازَهُ / إِلى الشّامِ وَاِستَولى عَلى حَدِّ ناعِبِ
فَعَزَّ لِسامي عِزِّهِ كُلُّ خائِفٍ / مَرُوعٍ وَأَغنى جُودُهُ كُلَّ طالِبِ
فَلا عَدمَت يَوماً رَبيعَةُ مِثلَهُ / لِتَشييدِ عِزٍّ أَو لِبَذلِ مَواهِبِ
وَلا بَرِحَت أَيّامُهُ في سَعادَةٍ / وَلا زالَ مَحروسَ الحِمى وَالجَوانِبِ
أَتَدري اللَّيالي أَيَّ خَصمٍ تُشاغِبُه
أَتَدري اللَّيالي أَيَّ خَصمٍ تُشاغِبُه / وَأَيَّ همامٍ بِالرَزايا تُواثبُهْ
تَجاهَلَ هَذا الدَهرُ بي فَتَكَتَّبت / عَلَيَّ بِأَنواعِ البَلايا كَتائبُهْ
وَظَنَّ مُحالاً أَن أَدينَ لِحُكمِهِ / لِتَبكِ عَلى عَقلِ المُعنّى نَوادِبُهْ
وَإِنّي وَإِن أَبدى اِصعِراراً بِخَدِّهِ / وَأَوجَفَ بِي وَاِزوَرَّ لِلبُغضِ جانِبُهْ
لأُغضي عَلى بَغضائِهِ وَاِزوِرارِهِ / وَأَعجَبُ مِن حُرٍّ كَريمٍ يُعاتِبُهْ
وَأَستَقبلُ الخَطبَ الجَليلَ بِثاقِبٍ / مِن العَزمِ يَعلو لاهِبَ النارِ لاهبُهْ
وَرَأيٍ مَتى جَرَّدتُهُ وَاِنتَضَيتُهُ / وَجَدتُ حُساماً لَم تُفلَّل مَضارِبُهْ
وَلَستُ بِيَهفوفٍ يَرى رَأي عِرسِهِ / مَتى أَركَبتهُ مَركباً فَهوَ راكِبُهْ
يَظلُّ إِذا ما نابَهُ الأَمرُ مُحجَزاً / يُخاطِبُها في شَأنِهِ وَتُخاطِبُهْ
وَلا قائِلٍ لِلدَّهرِ رِفقاً وَقَد طَمَت / أَواذِيُّهُ شَرّاً وَجاشَت غَوارِبُهْ
وَسيّانَ عِندي عَذبُهُ وَأَجاجُهُ / وَحاضِرُهُ فِيما يَشاءُ وَغائِبُهْ
وَما الدَّهرُ خَصمٌ أَتَّقيهِ فَشَأنُهُ / حَربي فَلا عَزَّ اِمرؤٌ لا يُحارِبُهْ
سَلوا صَرفَهُ هَل راعَني أَو تَزَعزَعت / مَناكِبُ عَزمي حينَ مادَت مَناكِبُهْ
فَكَم غارَةٍ قَد شَنَّها بَعدَ غارَةٍ / عَلَيَّ وَفَرَّت مِن قِراعي مَقانِبُهْ
وَإِنَّ جَليلَ الخَطبِ عِندي لَهَيِّنٌ / إِذا لَزِمت دارَ اِبن عَمّي عَقارِبُهْ
وَكَم قائِلٍ ماذا المقامُ وَإِنَّما / مَقامُ الفَتى المُستَهلِك المالَ عائِبُهْ
أَلَستَ تَرى أَنّ المُقِلَّ يَمُجُّهُ / أَخو الرَّحمِ القُربى وَتَبدو معايِبُه
إِذا المَرءُ لَم يَملُك مِنَ المالِ ثَروَةً / رَمَتهُ عِداهُ وَاِجتَوتهُ أَقارِبُهْ
وَمَن يَجعَلِ العَجزَ المَطِيَّةَ لَم يَزَل / يَمُرُّ عَلَيهِ الدَهرُ وَالفَقرُ صاحِبُهْ
فَقُم وَاِركَبِ الأَهوالَ جِدّاً فَطالَما / أَفادَ الغِنى بِالمَركَبِ الصَّعبِ راكِبُهْ
وَلا تَقعُدَن لِلشامِتينَ فَكُلُّهُم / يُذَعلِبُ أَو تَأتيكَ جَهراً نَيادِبُهْ
فَأَنت الفَتى حَزماً وَعَزماً وَلَم تَضِق / بِمِثلِكَ في كُلِّ النَواحي مَذاهِبُهْ
فَما يَقطَعُ الصّمصامُ إِلّا إِذا اِنتَحى / عَن الغِمدِ لَو كانَت حِداداً مَضارِبُهْ
وَما دامَ لَيثُ الغابِ في الغابِ كامِناً / فَإِنَّ حَراماً أَن تُدَمّى مَخالِبُهْ
كَذا البَدرُ لَولا سَيرُهُ وَاِنتِقالُهُ / عَن النَقص لاِستَعلَت عَلَيهِ كَواكِبُهْ
وَأَنتَ مِنَ الفرعِ الَّذي فَخَرَت بِهِ / نِزارٌ وَسارَت في مَعَدٍّ مَناقِبُهْ
سَما بِكَ بَيتٌ عَبدَليٌّ أحلَّهُ / ديار الأَعادي سُمرُهُ وَقواضِبُهْ
وَعالي مَحَلٍّ مِن رَبيعَةَ أَشرَفَت / عُلُوّاً عَلى كُلِّ البَرايا مَراتِبُهْ
فَشَمِّر وَسِر شَرقاً وَغَرباً فَقَلَّما / أَفادَ الغِنى مَن لَم تُشَمِّر رَكائِبُهْ
فَقُلتُ لَهُ لا تَعجَلَن رُبَّ سَاعَةٍ / تُزيلُ عَن الأَيّامِ ما أَنا عاتِبُهْ
فَفي عُقرِ داري مِن مُلوكِ بَني أَبي / هُمامٌ إِلى الخَيراتِ تَجري مَآرِبُهْ
إِذا لَم أَنُط مُستَعصِماً بِرجائِهِ / رَجائي وَتَروي تُربَ أَرضي سَحائِبُهْ
فَأَيُّ مَليكٍ أَرتَضى وَتَؤمُّهُ / رِكابي وَأَمشي نَحوَهُ وَأُخاطِبُهْ
وَمَن ذا الَّذي أَرضى عَطاياهُ أَو أَرى / يُزاحِمُني في سُدَّةِ البابِ حاجِبُهْ
وَمَن مِثلُ مَسعودِ الأَميرِ إِذا غَدا / يَغُصُّ بِفَضلِ الرّيقِ وَالماءِ شارِبُهْ
سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالمَنايا كَأَنَّما / يُناهِبُها أَرواحَها وَتُناهِبُهْ
أَخُو الطَعنَةِ النَجلاءِ وَالنَقعُ ساطِعٌ / وَوَقعُ المَذاكي يَملَأُ الطَرفَ حاصِبُهْ
وَضَرَّابُ هامِ الدَارِعينَ إِذا اِستَوَت / أسودُ الشَرى في مَوجِهِ وَثَعالِبُهْ
وَمَنّاعُ أَعقابِ اللَّيالي إِذا اِغتَدَت / تَعاطى وَواراها مِنَ النَقعِ ثائِبُهْ
وَسَلّابُ أَرواحِ الكُماةِ لَدى الوَغى / وَلَكِن مُرجِّيهِ لَدى السِّلمِ سالِبُهْ
وَحَمّالُ ما لا يَستَطيعُ تَثَبُّتاً / بِهِ حَضَنٌ إِلّا وَمادَت شَناخِبُهْ
سَليلُ عُلاً ما زالَ يُخشى وَيُرتَجى / فَتُخشى مَوَاضيهِ وَتُرجى مَواهِبُهْ
وَتَرّاكُ ما لَو أَنَّ قَيسَ بنَ عاصِمٍ / أُصيبَ بِبَعضٍ مِنهُ أَورَت حُباحِبُهْ
كَثيرُ سُهادِ العَينِ لا في مَكيدَةٍ / يُكابِدُ عُقبى شَرِّها مَن يُصاحِبُهْ
جَريٌّ إِذا لَم يَبقَ لِلطِّرفِ مَسلَكٌ / وَصَمَّ حَصى الجَبّارِ لِلخَوفِ جالِبُهْ
إِذا صالَ قالُوا هَل لَهُ مِن مُصاوِلٍ / وَإِن قالَ قالوا هَل همامٌ يُخاطِبُهْ
أَبو ماجِدٍ تِربُ العُلى وَربيبُها / أَبوهُ الَّذي تهدي السَّرايا مَقانِبُهْ
وَتَلقى عَلِيّاً جَدَّهُ خَيرَ مَن حَدَت / إِلَيهِ المَطايا وَاِلتَقتها رَغائِبُهْ
مُهينُ العِدى أَيّامَ تَعدو حُمولُها / وَفي العقبِ مِنها خَيلهُ وَنَجائِبُهْ
وَإِن يَفتَخِر بِالفَضلِ فَضلُ بنُ عَبدَلٍ / فَيا بِأَبي أَعراقُهُ وَمَناسِبُهْ
همامٌ حَمى البَحرَينِ سَبعاً وَمِثلَها / سِنينَ وَسارَت في الفَيافي مَواكِبُهْ
وَلم يَرعَ مِن ثاجٍ إِلى الرَملِ مُصرِمٌ / عَلى عَهدِهِ إِلّا اِستُبيحَت حَلائِبُهْ
زَمانَ يَقولُ العامِريُّ لِمَن غَدا / يُحَدِّثُهُ عَنهُ وَذو الحُمقِ غالِبُهْ
مَتى يَلتقي مَن نارَبَردَ مَحَلُّهُ / وَآخرُ سَودِيٌّ بَعيدٌ مَذاهِبُهْ
فَلَم يَستَتِمَّ القَولَ حَتّى إِذا بِهِ / يُسايِرُهُ وَالدَهرُ جَمٌّ عَجائِبُهْ
فَقالَ لَهُ الآن اِلتَقَينا فَأَرعَدَت / فَرائِصُهُ وَالجَهلُ مُرٌّ عَواقِبُهْ
وَمَن تلكُمُ آباؤُهُ وَجدودُهُ / فَمَن ذا يُسامي فَخرَهُ أَو يُقارِبُهْ
أَأَسكُت عَن مَولى الوَرى أَم أُعاتِبُه
أَأَسكُت عَن مَولى الوَرى أَم أُعاتِبُه / وَأُهمِلُ وَعدِي عِندَهُ أَم أُطالِبُهْ
أَراني بِأَدنى مَطلَبٍ هُنتُ عِندَهُ / وَقَد غَرَّقَت مَن لَيسَ مِثلي مَواهِبُهْ
أَترضى أَبا شُكرٍ بِسُحبِ غَمامَةٍ / لِمِثلي وَأَنتَ البَحرُ جاشَت غَوارِبُهْ
أَلِلمدحِ أَم لِلبَيتِ أَم لِسوالِفٍ / عَلَت أَم لِوُدٍّ لَم يحُل عَنهُ صاحِبُهْ
لِمَن تَذخَرُ المصرِيَّ يا اِبنَ مُحمَّدٍ / وَكُلُّ جَوادٍ أَنتَ بِالسَّيفِ كاسِبُهْ
أَتَخشى هُجومَ الفَقرِ أَم تَطلُبُ الرِّضا / بِهِ مِن عَدُوٍّ أَنتَ إِن شِئتَ غالبُهْ
فَلا تَبخَلَن عَنّي بِما أَنا أَهلُهُ / فَكُلُّ نَفيسٍ أَنتَ لا بُدَّ واهِبُهْ
فَأجمَلُ ثَوبَيكَ الَّذي أَنا لابِسٌ / وَخَيرُ جَواديكَ الَّذي أَنا راكبُهْ
وَلا تُرخِصِ الغالي وَقِف عِندَ قَدرِهِ / وَقَوِّمهُ بِالأَوفى فَما اِغتَرَّ جالِبُهْ
لعَمرُكَ ما مالُ الفَتى غَيرُ ما اِقتَنَت / ذوو وُدِّهِ أَو وَفدُهُ أَو أَقارِبُهْ
أَتَحرِمُني ما أَنتَ مُعطيهِ كاشِحاً / عَدُوّاً طوالَ الدَّهرِ تَسري عَقارِبُهْ
وَلَو كُنتَ ذا بخلٍ عَذرتُ وَلَم أَفه / بِحَرفٍ وَأَخفَيتُ الَّذي أَنا عاتِبُهْ
وَلَم أُبدِ مِن نَفسي هلوعاً وَلَم أَقُم / مَقاماً مَضى عُمري وَإِنّي لَهائِبُهْ
وَلَكِنَّكَ البَحرُ الَّذي كُلَّما طَما / صَفا وَحَلَت لِلوارِدينَ مَشارِبُهْ
فَيا اِبنَ المُلوكِ الصِّيدِ وَالذّروَةِ الَّتي / لَها كاهِلُ المَجدِ المُعَلّى وَغارِبُهْ
أُعيذُكَ أَن تَرضى بِنَقصٍ لِماجِدٍ / طَويلِ عِمادِ البَيتِ مَحض ضَرائِبُهْ
جُدودُكَ أَربابُ المَعالي جُدودُه / وَقاضِبُكَ المُهدي لَكَ العِزَّ قاضِبُهْ
تَروحُ وَتَغدو بِالثَّناءِ عَلَيكمُ / بِكُلِّ بِلادٍ خَيلُهُ وَنَجائِبُهْ
فَكَم سارَ لي في مَدحِكُم مِن غَريبَةٍ / تَروقُ وَأَغلى الشِعرِ مَهراً غَرائِبُهْ
بِلا مِنَّةٍ أَسدَيتُموها وَلا يَدٍ / إِليَّ وقَولُ المَرءِ أَسواهُ كاذِبُهْ
بَلى إِنَّني قاسَيتُ فيكُم مَصائِباً / تَهُدُّ القُوى إِذ أَدرَكَ الثَأرَ طالِبُهْ
وَلَولا هَواكُم ما شَقيتُ وَلا غَدا / يَصُكُّ بِرِجلي القَيدَ مَن لا أُشاغِبُهْ
وَلا اِجتاحَتِ الأَعداءُ مالي وَلا اِنبَرى / يُطاوِلُني مَن لَيسَ تُحصى مَعائِبُهْ
وَلا نَبَحَت شَخصي كلابُ اِبنِ ماجِدٍ / غِلاباً ولا بالَت عَلَيَّ ثَعالِبُهْ
وَكانَ اِبن عَمّي دُنيَةً وَمَناسِبي / إِذا نَصَّتِ الأَنسابُ يَوماً مَناسِبُهْ
فَلا تَرضَ لي غَيراً واِعلَم أَنّني / غَيورٌ وَما ضاقَت بِمِثلي مَذاهِبُهْ
فَأَنتَ الَّذي لَم يَبقَ إِلّاهُ سَيِّدٌ / نُناجيهِ في حاجاتِنا وَنُخاطِبُهْ
وَغَيرُكَ قَد عِفتُ الوُقوفَ بِبابِهِ / عَلانِيَةً فَليَرشمِ البابَ حاجِبُهْ
وَقُلتُ لِعيسي نَكّبي كُلَّ مَورِدٍ / مِنَ الأَجنِ يَزوي الوَجهَ وَالأَنفَ شارِبُهْ
فَإِن يُنسَ لي في العُمرِ لَم يَبقَ مَأكَلٌ / وَلا مَشرَبٌ إِلّا وَعِندي أَطايِبُهْ
لَقَد كُنتُ أَرجو مِنكَ يَوماً أَعُدُّهُ / لِمَولىً أُباهِيهِ وَخَصمٍ أُحارِبُهْ
وَإِنَّكَ للَملكُ الَّذي تَسلُبُ العِدى / قَناهُ وَلَكِن جُودُهُ الغَمرُ سالِبُهْ
وَإِنّي بِمَدحي عَن سِواكَ لَراغِبٌ / وَلَو باكَرتني كُلَّ يَومٍ رَغائِبُهْ
فَإِن تَجفُني فَالبَحرُ عِندي كَثيرَةٌ / مَراكِبُهُ وَالبَرُّ عِندي رَكائِبُهْ
وَلا تُنكرَن عتبي عَلَيكَ فَإِنَّهُ / جَميلٌ وَشَرُّ النّاسِ مَن لا تُعاتِبُهْ
أُعاتِبُ مَن أَهوى عَلى قَدرِ وُدِّهِ / وَلا وُدَّ عِندي لِلَّذي لا أُعاتِبُهْ
وَأَكرَمُ أَبناءِ المُلوكِ سجِيَّةً / كَريمٌ مَتى عاتَبتَهُ لانَ جانِبُهْ
بَقيتَ وَأُعطيتَ السَّعادَةَ ما شَدا / حَمامٌ وَما لاحَت بِلَيلٍ كَواكِبُهْ
إِلى كَم مُناجاةُ الهُمومِ العَوازِبِ
إِلى كَم مُناجاةُ الهُمومِ العَوازِبِ / وَحَتّى مَ تَأميلُ الظُّنونِ الكَواذِبِ
أَما حانَ لِلعَضبِ اليَمانيِّ أَن يُرى / بِيُمناكَ كالمِخراقِ في كَفِّ لاعِبِ
لَعلَّكَ خِلتَ الذُّلَّ حَتماً أَوِ العُلى / حَراماً وَأَنَّ الشَرَّ ضَربَة لازِبِ
فَقُم قومَ ناعي مَن يُقيمُ بِمَنزِلٍ / يُضامُ بِهِ وَالأَرضُ شَتّى المَذاهِبِ
وَلا عاشَ مَن يُغضي عَلى الضَّيمِ جفنهُ / وَفي قائِمِ الهِندِيِّ فَضلٌ لِضارِبِ
وَرُح واِغدُ في كَيدِ العَدُوِّ وَلا تَنَم / عَلى ضَمَدٍ فَالعُمرُ كسوَةُ سالِبِ
أَتَظمى لَدَيكَ المشرفِيَّةُ وَالقَنا / وَفي قُلَلِ الباغينَ وِردٌ لِشارِبِ
فَشَمِّر وَأَورِدها فَقد زادَ ظمؤُها / عَلى العَشرِ أَورِدها بِعَزمٍ مُؤارِبِ
وَلا تُورِدَنها وِردَ سَعدٍ وَعُلَّها / إِذا نَهَلَت عَلَّ الهِجانِ الحَلايِبِ
فَإِنَّ بِها تَرقى الدِّماءُ كَما بِها / تُراقُ وَفيها عالياتُ المَراتِبِ
وَمَن لَم يروِّ السَّيفَ يَظمَ وَمَن يَهُن / يُهَن وَمحاريبُ العُلى لِلمُحارِبِ
وَمَن لِم تَخَوَّفهُ العِدى في بِلادِها / تُخِفه وَعُقبى الذُلِّ شَرُّ العَواقِبِ
أَرى الناسَ مُذ كانوا عَبيداً لِغاشِم / وَخَصماً لِمَغلوبٍ وَجُنداً لِغالِبِ
وَما بَلَغَ العَلياءَ إِلّا اِبنُ حُرَّةٍ / قَليلُ اِفتكارٍ في أُمورِ العَواقِبِ
وَما العِزُّ إِلّا في صِها كُلِّ سابِحٍ / وَما المالُ إِلّا في شَبا كُلِّ قاضِبِ
وَمَن لَم يَعضَّ الدَّهرَ مِن قَبلِ عَضِّهِ / بِنابيهِ أَضحى مُضغَةً لِلنَوائِبِ
وَلا تَتَوهَّم أَنّ إِكرامَكَ العِدى / سَخاءٌ وَأَنَّ العِزَّ ضَيمُ الأَقارِبِ
لعَمرُكَ ما عَزَّ اِمرُؤٌ ذَلَّ قَومُهُ / وَلا جادَ مَن أَعطى عَطِيَّةَ راهِبِ
خَليليَّ عَن دارِ الهَوانِ فَقَوِّضا / خيامي وَزُمّا لِارتِحالٍ نَجائِبي
وَلا تَذكُرا عِندي لَعَلَّ وَلا عَسى / فَما بِعَسى يُقضى نَجاحٌ لِطالِبِ
وَلَيسَ عَسى أَو رُبَّما أَو لَعَلَّما / وَيا طالَما إِلّا قُيودَ المَعاطِبِ
لَحى اللَّهُ نَوّاماً عَلى الهَمِّ وَالبَرى / قِصاراهُ وَالدُّنيا عَلى فَوتِ ذاهِبِ
عَجِبتُ لِقَومٍ أَصبَحوا وَعُيونهُم / تُخازِرُلي مِن تَحتِ تِلكَ الحَواجِبِ
إِذا ما بَدا شَخصي لَهُم خِلتَ عاصِفاً / مِنَ الرِّيحِ قَد ثارَت عَلَيهم بِحاصِبِ
يَسُرُّهُمُ أَنّي اِختُرِمتُ وَغالَني / حِمامي وَقامَت بِالمَآلي نَوادِبي
وَما ليَ ذَنبٌ غَيرُ أمٍّ نجيبَةٍ / حَصانٍ أَتَت مِن مُحصَناتِ النَجائِبِ
وَآباءِ صِدقٍ حينَ أُعزى وَهِمَّةٍ / عَلَت بِي عَلى هامِ النُجومِ الثَواقِبِ
وَبُغضي لأَربابِ الخَنا وَمَودَّتي / لِكُلِّ أَبيِّ الضَّيمِ محضِ الضَرائِبِ
وَما مِنهُمُ إِلّا مَهينٌ رَمت بِهِ / أُبُوَّةُ سُوءٍ مِن إِماءٍ جَلائِبِ
أَخو مُومِسٍ أَو صنوُها أَو حَليلُها / فَقَد حُفَّ بِالسَّوآتِ مِن كُلِّ جانِبِ
شَغوبٌ عَلى الأَدنى وَلَو صَكَّ أَنفَهُ / عَدُوٌّ بِسَيفٍ أَو عَصاً لَم يُشاغِبِ
وَما زالَ نَتنَ الخِيمِ وَالأَصلِ مُولَعاً / بِبَغضاءِ أَربابِ العُلى وَالمَناقِبِ
عَلى رِسلِكُم وَاِمشُوا رُوَيداً فَتيهُكُم / عَلى عَبدَلِيٍّ مِن عَجيبِ العَجائِبِ
وَخَلّوا مُضِلّاتِ الأَمانيِّ عَنكُمُ / مَتى نَفَّرَ البازي صَريرُ الجَنادِبِ
وَلا تَحسَبوا ذا التيهَ فيكُم فَضيلَةً / فَما هُوَ إِلّا صَرُّ عَينٍ وَحاجِبِ
فَرُصّوا وَصُرّوا أَعيُناً أَو فَبَلِّقُوا / فَما نَفخُ حُفّاثٍ لِصلٍّ بِكارِبِ
وَمَن أَنتُمُ حَتّى أُساءَ بِبُغضِكُم / وَإِعراضِكُم يا شَرَّ ماشٍ وَراكِبِ
إِذا عُدَّتِ الأَنذالُ يَوماً بِمَجلِسٍ / عُدِدتُم وَما حُرٌّ لِنذلٍ بِصاحِبِ
فَلَو كُنتُمُ طَيراً لَكُنتُم مِن الصَّدى / صَدى البُومِ أَو غِربانَهُنَّ النَواعِبِ
رَضيتُ مَن اِختَرتُم لكُم غَيرَ غابِطٍ / رِضا زاهِدٍ في وُدِّكُم غَيرِ راغِبِ
وَكُنتُ إِذا ما أَحمَقٌ زَمَّ أَنفَهُ / شَمَختُ بِأَنفي عَنهُ وَاِزوَرَّ جانِبي
وَإِنّي لإِحسانِ المُلوكِ لَعائِفٌ / فَكَيفَ بِنَزرِ القدرِ نَزرِ المَكاسِبِ
أَرى هِمَّتي لا تَقتَضيني سِوى العُلى / وَلَيسَ العُلى دونَ النُّجومِ الثَواقِبِ
أَأَبقى كَذا لا يَتَّقيني مُشاغِبي / وَلا لِعَظيمٍ يَرتَجيني مُصاحِبي
وَهَذا هُوَ الذَنبُ الَّذي ما وَراءَهُ / لَدَيهم وَلَكِن لَستُ عَنهُ بِتائِبِ
أُداري مُداراةَ الأَسيرِ مَعاشِراً / مُداراتُهُم مِن مُوجِعاتِ المَصائِبِ
عَنِ الرُّشدِ أَهدى مِن سَطيحٍ وَكُلُّهُم / إِلى الغيِّ أَعدى مِن سُلَيكِ المَقانِبِ
وَأُنكِحُ أَبكارَ المَعاني أَراذِلاً / أَحَقّ بِخَصيٍ مِن يَسارِ الكَواعِبِ
وَأَكسو ثِيابَ الحَمدِ مَن حَقُّ جِسمِهِ / مَلابِسُ حُمّى أَفكَلٍ بَعدَ صالِبِ
وَإِنّي لَخَيرٌ مِنهُ نَفساً وَوالِداً / وَعِيصاً إِذا عُدَّت كِرامُ المَناسِبِ
وَأُكرِمُ أَقواماً لَو اِنّي مَدَحتهُم / بِما فيهمُ لَم أُبقِ عَيباً لِعائِبِ
لِكَفِّ أَذاهُم لا اِجتِلاباً لِخَيرِهم / وَكَيفَ يُدِرُّ الحولَ إِبساسُ حالِبِ
فَيا عِرَراً لا يفثأُ المَدحُ شَرَّهُم / وَقَد يَفثأُ الراقونَ سُمَّ العَقارِبِ
مَتى جَرَّ نَفعاً مَدحُكُم أَو كَفى أَذىً / وَكَم نَفَعَ السارينَ حَدوُ الرَكائِبِ
فَيا ضَيعَةَ المَدحِ الَّذي سارَ فيكُمُ / عَلى أَلسُنِ الرَواينِ سَيرَ الكَواكِبِ
أَلا لَيتَني مِن قَبلَهِ كُنتُ مُفحَماً / وَلَم يَجرِ مِن لَفظي بِهِ خَطُّ كاتِبِ
فَقَد كانَ مِنّي مِثلَ ما قالَ فَلتَةً / وَما اِعتَضتُ مِنهُ غَيرَ عَضِّ الرَواجِبِ
لَئِن كُنتُ لا كُنتُم قَذىً في عُيونكُم / فَإِنّي شِفاءٌ لِلعيونِ الضَوارِبِ
وَإِن كانَ ما نِلتُم عَظيماً لَدَيكُم / فَقَد يَعظُمُ العصفورُ في عَينِ خائِبِ
أَغرَّكُمُ دَهرٌ خَسيسٌ أَحَلَّكُم / مَراتِبَ ما كانَت لَكُم مِن مَراتِبِ
تَظُنّونَها أَهرامَ مِصرَ وَإِنَّها / لَأَوهى بِناءً مِن بيوتِ العَناكِبِ
أَلَيسَ الحَجا آجِرُّها وَبَلاطُهُ / قَذى الماءِ مَطبوخاً بِنارِ الحُباحِبِ
رُوَيداً بَني المُستَفرِماتِ فَغائِبٌ / وَعَدتُكُمُ إِنجازَهُ غَيرُ غائِبِ
فَوا أَسَفاً إِن مِتُّ لَم أوطِ أَرضَكُم / كَتائِبَ خَيلٍ تَهتَدي بِكَتائِبِ
تُريكُم نُجومَ اللَّيلِ ظُهراً إِذا بَدَت / تُكَدِّسُ في لَيلٍ مِنَ النَقعِ ضارِبِ
بِكُلِّ فَتىً أَمضى مِنَ السَّيفِ عَزمُهُ / إِذا اِعتَرَكَت وَالسَّيفُ عَضبُ المَضارِبِ
فَلَستُ اِبنَ أُمِّ المَجدِ إِن لَم تَزركُمُ / مسوَّمَةٌ بَينَ القَنا وَالقَواضِبِ
بِطَعنٍ يُنسّي الكَلبَ مَنكُم هَريرَهُ / وَيَترُكهُ يَضغو ضُغاءَ الثَعالِبِ
وَضَربٍ يَقولُ الأَحمَقُ البَلعُ عِندَهُ / أَلا لَيتَني بِالدّوِّ بَعضُ الأَرانِبِ
قَضى اللَّهُ ما تَستَوجِبونُ فَساقَهُ / إِلَيكُم فَما أَبغي لَكُم غَيرَ واجِبِ
أَشَرياً عَلى الأَدنى وَأَرياً عَلى العِدى / وَذُلّاً لذي صِدقٍ وَعِزّاً لِكاذِبِ
تَعِستُم وَأَدّى اللَّهُ ما في رِقابِكُم / أَما لِإِلَهٍ فيكُم مِن مُراقِبِ
تَجمَّعَ لي عَبدٌ زَنيمٌ وَفاجِرٌ / أَثيمٌ وَأَبّارٌ عَظيمُ النَيارِبِ
وَأَنساهُمُ ما يُعقِبُ الغَيُّ أَهلَهُ / شَقاهُم فَلَمّا يَنظُرُوا في العَواقِبِ
فأَولى لَهُم أَولى أَما إِنَّ خَيرَهُم / نِجاراً وَنَفساً مَن نُمِي لِلمُعائِبِ
وَلَم أَرَ آذى لِاِمرِئٍ مِن جِوارِهم / وَلا سِيَّما حُرٍّ كَريمِ المَناصِبِ
وَدِدتُ وَقَد جاوَرتُهُم أَنَّ مَنزِلي / بِحَيثُ ثَوَت غُبسُ الذِئابِ السَواغِبِ
فَإِنَّ الذِّئابَ الطُّلسَ أَندى أَنامِلاً / وَأَكفى وَأَوفى ذِمَّةً لِلمُصاحِبِ
فَما زالَ ناديهم عَجاجاً وَما لَهُم / رَجاجاً وَواديهُم أُجاجَ المَشارِبِ
بِيني فَما أَنتِ مِن جِدّي وَلا لَعِبي
بِيني فَما أَنتِ مِن جِدّي وَلا لَعِبي / ما لي بِشَيءٍ سِوى العَلياءِ مِن أَرَبِ
لا تُكثِري مِن مَقالاتٍ تزيدُ ضَنىً / ما الخَطُّ أُمّي وَلا وادي الحَساءِ أَبي
في كُلِّ أَرضٍ إِذا يَمَّمتُها وَطنٌ / ما بَينَ حُرٍّ وَبَينَ الدّارِ مِن نَسَبِ
يا ساكِني الخَطِّ وَالأَجزاعِ مِن هَجَرٍ / هَل اِنتِظارُكُم شَيئاً سِوى العَطبِ
بَحِحتُ ممّا أُناديكُم وَأَندُبُكُم / لِخَيرِ مُنقَلَبٍ عِن شَرِّ مُنقَلَبِ
فَسَكِّتوني بِقَولٍ لا تَفونَ بِهِ / قَد صِرتُ أَرضى بِوَعدٍ مِنكُمُ كَذِبِ
يَلُومُني في فِراقِيكُم أَخو سَفهٍ / أَحَقُّ مِن ناضِحٍ بِالغَربِ وَالقَتَبِ
اللَّهُ أَكرَمُ أَن أَبقى كَذا غَرَضاً / ما بَينَكُم لِصُروفِ الدَهرِ وَالنُوبِ
لِي عَن دِيارِ الأَذى وَالهُونِ مُتَّسَعٌ / ما كُلُّ دارٍ مَناخُ الوَيلِ وَالحرَبِ
لا تَنسِبوني إِلى مَنشاي بَينَكُمُ / التُربُ تُربٌ وَفيهِ مَنبَتُ الذَّهَبِ
لا تَحسَبوا بُغضِيَ الأَوطانَ مِن مَلَلٍ / لا بُدَّ لِلوُدِّ وَالبَغضاءِ مِن سَبَبِ
قِلٌّ وَذُلٌّ وَخِذلانٌ وضَيمُ عِدىً / مُقامُ مِثلي عَلى هَذا مِنَ العَجَبِ
إِذا الدِّيارُ تَغشّاكَ الهَوانُ بِها / فَخَلِّها لِضَعيفِ العَزمِ وَاِغترِبِ
حَسبي مِنَ المالِ ذَيّالٌ وَسابِغَةٌ / وَصارِمٌ مُرهَفُ الحَدّينِ ذُو شُطَبِ
وَحُرَّةٌ مِن بَناتِ العيدِ ناجِيَةٌ / لا تَعرِفُ السَّيرَ غَيرَ الشَّدِّ وَالخَبَبِ
تَخالُها بَعدِ خِمسِ الرَّكبِ رائِحَةً / دَوِّيَّةً فَقَدَت رَألاً بِذي نَجَبِ
لأَطلُبَنَّ العُلى جَهدي طِلابَ فَتىً / يَدوسُ بِالعَزمِ هامَ السَّبعَةِ الشُهُبِ
فَإِن أَنَل فَبِسَعيي ما أَتَيتُ بِهِ / بِدعاً وإِلّا فَقد أَعذَرتُ في الطَلبِ
واحَسرَتا لِتَقضّي العُمرِ في بَلَدٍ / الشّؤمُ في أَهلِها أَعدى من الجربِ
لا سَيّدٌ ماجِدٌ يَحمي ذِمارَهُمُ / يَحظى لَدَيهِم وَلا حُرٌّ أَخو أَدَبِ
مالي وَجِسمي وَسَمعي مِنهُمُ وَفَمي / وَناظِري وَمَحَلُّ الفِكرِ في تَعبِ
دُعايَ يا رَبِّ أَلهِم رَبَّ دَولَتنا / أَن يُبلِغَ الرَّأسَ مِنّا رُتبَةَ الذَنبِ
أَفي القَضِيَّةِ أَن أَبقى كَذا تَبَعاً / وَرُتبَتي في المَعالي أَشرَفُ الرُتَبِ
لا يَرتَجي لِحُؤُولِ الحالِ ذُو أَمَلِ / نَيلي وِلا يَتَّقي ذُو مَيلَةٍ غَضَبي
أَرى العُلى تَقتَضيِني غَيرَ وانِيَةٍ / عَزماً يُبَيِّنُ عَن فَضلي وَعَن حَسبي
وَما نَهَضتُ لَهُ إِلّا وَأَقعَدَني / خذلانُ قَومي وَعَيثُ الدَهرِ في نَشبي
وَالمَرءُ يَسعى بِلا رَهطٍ وَلا جِدَةٍ / كَالسَّهمِ يُرمى بِلا ريشٍ وَلا عَقبِ
عُجِّلتُ يَومِيَ إِن لَم أُفنِ غارِبَها / أَلَيسَ لا بُدَّ مِن هَمٍّ وَمِن نَصَبِ
تَقولُ لِي هِمَمي خَلِّ المُقامَ وَقُم / فَإِنَّما راحَةُ الأَبدانِ في التَعَبِ
وَاِرغَب بِمَدحِكَ إِلّا في سَليلِ عُلاً / يُنمَى إِلى العِزِّ مِن آبائِكَ النُجُبِ
مُتَوَّجٍ عَبَدَليٍّ حينَ تَنسِبُهُ / لِخَيرِ جَدٍّ إِذا يُدعى وَخَيرِ أِبِ
مِن آلِ فَضلٍ بُناةِ المَجدِ تَعرِفُهُ / كُلُّ القَبائِلِ مِن ناءٍ وَمُقتَرِبِ
الضارِبي الهامَ في يَومٍ تَخالُ بِهِ الش / شَمسَ المُنيرَةَ قَد غابَت وَلم تَغِبِ
وَالهاتِكينَ عَلى الجَبّارِ قُبّتهُ / شَدَّ النَهارِ بِلا خَوفٍ وَلا رَهَبِ
وَالمَطعِمينَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / نَكباءُ تَقلَعُ كسرَ البَيتِ بِالطُنُبِ
بَنى المَعالي لَهُم فَضلٌ وَشَيَّدَها / أَبو سِنانٍ قَريعُ العجمِ وَالعَربِ
وَأَحمَدٌ اِبنُهُ المَلكُ الَّذي مَنَعَت / ما بَينَ نَزوى سَراياهُ إِلى حَلَبِ
وَماجِدٌ كانَ نِعمَ المُستغاثُ إِذا / دَعا إِلى الحَربِ داعِيها فَلم يُجَبِ
وَمن أُولَئِكَ إِذ يُعزى أُبُوَّتُهُ / فَلَيسَ يُدرَكُ في فَضلٍ وَلا حَسَبِ
وَلَم يَمُت مَن أَبو شُكرٍ خَليفَتُهُ / المخجِلُ البَدرَ وَالمُزري عَلى السُّحبِ
مُقَدَّمٌ كاِسمِهِ في كُلِّ مَكرُمَةٍ / فَإِن نَبا بِكَ دَهرٌ فَاِدعُهُ يُجِبِ
وَأَين مِثلُ أَبي شُكرٍ إِذا اِستَعَرَت / نارُ الوَغى واِتَّقى المَسلوبُ بِالسَّلبِ
مُردي حُروبٍ تَرى تَحتَ العَجاجِ لَهُ / في الخَيلِ وَقعاً كَوَقعِ النّارِ في الحَطَبِ
لا يَتَّقي بَأَسَهُ الأَبطالُ يَومَ وَغىً / إِلّا بِعَقدِ ذِمامٍ مِنهُ أَو هَرَبِ
لَو أَنَّ لِلسَّيفِ يَومَ الرَّوعِ عَزمَتَهُ / ما كانَ لِلبيضِ مَعناهُ وَلا اليَلبِ
وَلَو تَكون لِليثِ الغابِ نَجدَتُهُ / ما كانَ مَسكَنُهُ في الغابِ وَالقَصَبِ
وَالشَّمسُ لَو خُلِقَت مِن نورِ غُرَّتِهِ / لَما تَوارَت عَنِ الأَبصارِ بِالحُجبِ
وَالبَحرُ لَو غُمِسَت فيهِ شَمائِلُهُ / لَصارَ أَنقَعَ لِلصَديانِ مِن ثَغبِ
تَسَنَّمَ المُلكَ لَم تَبقُل عَوارِضُهُ / وَحَلَّ مِن ذِروَتَيهِ أَفضَلَ الرُتَبِ
سَهلُ الخَليقَةِ مَحمودُ الطَريقَةِ من / نَاعُ الحَقيقَةِ سُمُّ الجَحفَلِ اللَجِبِ
ماضي العَزيمَةِ وَرّادٌ بِهِمَّتِهِ / عَلى المَتالِفِ هَجّامٌ عَلى النُّوَبِ
لَو يَبرُزُ المَوتُ في شَخصٍ وَقالَ لَهُ / اِنزِل لَنازَلَهُ ضَرباً وَلَم يَهَبِ
مِلءُ المُفاضَةِ مِن بَأسٍ وَمِن كَرَمٍ / وَمِن وَفاءٍ وَمِن حِلمٍ وَمِن أَدَبِ
بَدّاعُ مَكرُمَةٍ خَواضُّ مَلحَمَةٍ / أَشهى الكَلامِ إِلى فيهِ هَلا وَهَبِ
يَوماهُ يَومُ نَدىً غَمرٍ وَيَومُ وَغَىً / لا يَومُ كاسِ رَنَوناةٍ وَلا طَرَبِ
الطاعِنُ الخَيلَ شَزرَاً كُلَّ نافِذَةٍ / سُلكى وَمَخلوجَةٍ تَشفي مِنَ الكَلبِ
وَالتارِكُ القِرنَ في البَوغاءِ مُنعَفِراً / بِضَربَةٍ سَبَقَت مِنهُ عَلى غَضَبِ
وَالواهِبُ الهَجَماتِ الحُمرَ تَتبَعُها / فِصلانُها في السِّنينِ العُرَّمِ الشُّهبِ
يَقري الضُّيوفَ سَديفَ الكُومِ مُغتَبِطاً / في الشِّيزِ لا الخازِر المَمذوقَ في العُلَبِ
تَأبى لَهُ الضَّيمَ نَفسٌ عَزَّ خالِقُها / لا كالنُّفوسِ وَأَصلٌ غَيرُ ذي أَشَبِ
أَجرا عَلى البَطَلِ المِقدامِ مِن أَسَدٍ / عَلى حُوارٍ وَمِن صَقرٍ عَلى خَرَبِ
يا اِبنَ المُلوكِ الأُلى شادوا مَمالِكَهُم / بِسَلَّةِ البيضِ وَالخَطِّيَّةِ السُّلُبِ
نَماكَ مِن آلِ إِبراهيمَ كُلُّ فَتىً / مُهَذَّبٍ طاهِرِ الأَخلاقِ مُنتَخَبِ
كَم في أُبوَّتِكَ الأَمجادِ مِن مَلكٍ / بِالمَجدِ مُلتَحِفٍ بِالتاجِ مَعتَصِبِ
لَم يَبقَ إِلّاكَ فَاِذكُر ما يُقالُ غَداً / وَإِن هَمَمتَ بَضَعفِ العَزمِ فَاِنتَسِبِ
لا تَركَنَنَّ إِلى مَن لا وفاءَ لَهُ / الذِئبُ مِن طَبعِهِ إِن يَقتَدِر يَثِبِ
وَلا تَكُن لِذَوي الأَلبابِ مُحتَقِراً / ذُو اللُبِّ يَكسِرُ فَرعَ النَبعِ بِالغَرَبِ
وَاِحسِب لِشَرِّ العِدى مِن قَبلِ مَوقِعِهِ / فَرُبَّما جاءَ أَمرٌ غَيرُ مُحتَسَبِ
وَغَر عَلى المُلكِ مِن لعبِ الرِّجالِ بِهِ / فَالمُلكُ لَيسَ بِثَبّاتٍ عَلى اللَعِبِ
وَاِرفَع وَضَع وَاِعتَزِم وَاِنفَع وَضُرَّ وَصِل / وَاِقطَع وَقُم وَاِنتَقِم وَاِصفَح وَخُذ وَهَب
وَاِحذَر تُؤَخِّر فِعلاً صالِحاً لِغَدٍ / فَكَم غَدٍ يَومُهُ غادٍ فَلم يَؤُبِ
وَاِبسُط يَدَي فاضِلٍ في الأَمرِ تُكفَ بِهِ / ما نابَ واِرمِ العِدى عَن قَوسِهِ تُصِبِ
فَفاضِلٍ غَيرِ خَوّارٍ وَلا وَكلٍ / في الكائِناتِ وَلا وانٍ وَلا وَعِبِ
أَوفى نِزارٍ وَأَكفاها وَأَمنَعها / عِندَ اللّقاءِ وَأَحماها عَلى الحَسَبِ
إلَيكَ جَوهَرَةً مِن طَبعِ قائِلَها / تَبقى عَلى غابِرِ الأَزمانِ وَالحِقَبِ
يُقالُ لِلمُدَّعي شِعراً يُعادِلُها / كَذَبتَ ما الضَرَبُ الطَّلحِيُّ كَالضَّرَبِ
بَقيتَ في دَولَةٍ يَشقى العَدُوُّ بِها / تَرعى الصَديقَ وَتُدعى كاشِفَ الكُرَبِ
صَدَّت فَجَذّت حَبلَ وَصلِكَ زَينَبُ
صَدَّت فَجَذّت حَبلَ وَصلِكَ زَينَبُ / تِيهاً وَأَعجَبَها الشَبابُ المُعجِبُ
وَلَطالَما فَعَلَت تُطيلُ مُرورَها / وَتَجِيءُ عَمداً كَي تَراكَ وَتَذهَبُ
لا تَعجَبَن يا قَلبُ مِن هِجرانِها / فَوِصالُها لَو دامَ مِنهُ أَعجَبُ
أَغرى المَليحَةَ بِالصُدودِ ثَلاثَةٌ / نَأيٌ وَإِقلالٌ وَرَأسٌ أَشيَبُ
فَاِضرِب عَن اِستِعتابِها صَفحاً فَما / ذَو الشَيبِ وَالإِفلاسِ مِمَّن يَعتِبُ
وَاِستَبقِ ماءَ الوَجهِ فيهِ وَكُن بِهِ / حَجِياً وِلا تَقُلِ القُلوبُ تَقَلَّبُ
وَلَئِن طَمِعتَ بَأَن تُريعَ وَتَرعَوي / وَالحالُ تِلكَ فَمَرحَباً يا أَشعَبُ
يا حَبَّذا وَادي الحَساءِ فَإِنَّهُ / لَو ساءَني وادٍ إِليَّ مُحَبَّبُ
يا حَبَّذا دَربُ السَّليمِ وَحَبَّذا / ذاكَ القَطينُ بِهِ وَذاكَ المَلعَبُ
وَعِصابَةٌ فارَقتُهُم لا عَن قِلىً / مِنّي وَلا لي غَيرُ وَالدِهِم أَبُ
وَكَريمَةُ الطَرفينِ ذِروَةُ وائِلٍ / آباؤُها وَجُدودُها إِذ تُنسَبُ
شاطَرتُها شَرخَ الشَبابِ وَماؤُهُ / يَجري وَجَذوَةُ نارِهِ تَتَلَهَّبُ
لا تَحسَبُ الأَيّامَ تُبلي جدَّةً / أَبَداً وَلا بَردُ الشَبيبَةِ يُسلَبُ
وَبَعِيدَةٍ الأَقطارِ طامِسَةِ الضُّوى / تِيهاً تَموتُ بِها الظِبا وَالأَرنَبُ
يَتشابَهُ الطّرفُ المُجَلّلُ إِن بَدا / في عَينِ سالِكِ جَوِّها وَالثَعلَبُ
أَقحَمتُها شَرجَ النَّجاءِ شِمِلَّةً / أَحَداً يُباريها كمَيتٌ مُذهِبُ
ما لي بِها مِن صاحِبٍ إِلّا هُما / وَمُهَنَّدٌ عَضبٌ وَقَلبٌ قُلّبُ
وَلَقد حَلَبتُ الدَهرَ أشطُرَ نابِهِ / وَعَرَفتُ ما يُبدي وَما يَتَغَيَّبُ
فَإِذا مَوَدَّةُ كُلِّ مَن أَصفَيتُهُ / وُدّي لَدى الحاجاتِ بَرقٌ خُلَّبُ
يا هاجِرَ الأَوطانِ يَطلُبُ ماجِداً / يَلجا إِلَيهِ مِن الزَمانِ وَيَهربُ
اِنزل عَلى الملكِ الَّذي بِفنائِهِ / تُلقى الرِّحالُ وَيَستَريحُ المُتعَبُ
اِنزل عَلى البَحرِ الخِضَمِّ فَما بَقى / مَلكٌ سِواهُ بِهِ تُناخُ الأَركُبُ
اِنزل عَلى الطَّودِ الأَشَمِّ فَإِنَّهُ / حِصنٌ يُحاذِرُهُ الزَمانُ وَيرهبُ
اِنزل عَلى النَدبِ الهُمامِ فَما تَرى / أَحَداً سِواهُ إِلى المَكارِمِ يَرغَبُ
مُتَوَقِّدُ العَزماتِ يُخشى بَأسُهُ / وَيَخافُ صَولَتَهُ الهِزَبرُ الأَغلَبُ
أَمضى مِن الصِّمصامِ عَزماً وَالدِما / تَكسو المَناكِبَ وَالنُفوسُ تُسَلَّبُ
وَالبيضُ في أَيدي الكُماةِ ضِياؤُها / يَطفو مِراراً في الغُبارِ وَيَرسُبُ
وَكَأَنَّ أَطرافَ الأَسِنَّةِ أَنجُمٌ / شُهبٌ وَداجي النَّقعِ لَيلٌ غَيهَبُ
في مَعرَكٍ عاثَ الرَدى في أَهلِهِ / فَمُعَفَّرٌ وَمُضَرَّجٌ وَمُقَعضَبُ
أَلِفَ الحُروبَ جَوادُهُ فَكَأَنَّهُ / مِن ماءِ هاماتِ الفَوارِسِ يَشرَبُ
يَهوي اِنقِضاضاً في المكَرِّ كَما هَوى / لِقَنيصَةٍ حَجنُ المَخالِبِ أَشهَبُ
ما صَبَّحَت داراً هَوادي خَيلِهِ / إِلّا وَقامَ المَوتُ فيها يَخطُبُ
لِلّهِ دَرُّكَ أَيُّ فارِسِ نَهمَةٍ / وَاليَومُ يَومٌ بِالجِيادِ عَصَبصَبُ
وَمَلاذِ مَكروبٍ وَعِصمَةٍ آمِلٍ / أَذكى الرَجاءَ بِهِ وَعَزَّ المَطلَبُ
لَم يُمنَعِ العافونَ إِلّا عِرضَهُ / وَالعِرضُ عِندَ ذَوي النُهى لا يُوهَبُ
نَفسٌ لِعَمري مُرَّةٌ وَخلائِقٌ / أَحلى مِن الماءِ الزُلالِ وَأَعذَبُ
يَفديكَ يا خَيرَ المُلوكِ مَعاشِرٌ / ظَهَرُوا وَلَكِن عِندَما ظهرُوا غَبُوا
إِن يُمدَحوا غَضِبُوا عَلى مُدّاحِهِم / خَوفَ الجَزاءِ وَإِن هُجُوا لَم يَغضَبوا
أَموالُهُم فَوقَ السِماكِ وَجاهُهُم / يَغلو عَلى مُستامِهِ إِذ يُطلَبُ
جَعَلوا وِقاءَ حُطامِهم أَعراضَهُم / فَغَدَت تُمَزَّقُ في البِلادِ وَتُنهَبُ
فَلِذاكَ قالَ الناسُ في آبائِهم / قَبحَ الإِلَهُ أُبُوَّةً لَم يُنجِبُوا
لِلّهِ دَرُّكَ يا عَلِيُّ فَلَم يَعُد / إلّاكَ في هَذا الزَمانِ مُهَذَّبُ
أَضحَت بِكَ الأَحساءُ ساكِنَةً وَقَد / رَجَفَت بِمَن فيها وَكادَت تُقلَبُ
لَو لَم تَدارَكهَا وَتَرأَب صَدعَها / لَغَدت بِها خَيلُ الهَلاكِ تَوَثَّبُ
أَحيَيتها بَعدَ المَماتِ وَبَعدَما / قامَت بَواكيها تَنوحُ وَتَندُبُ
وَمَنَعتَها مِن بَعدِ ما كانَت سُدىً / في كُلِّ ناحِيةٍ تُغارُ وَتُنهَبُ
وَمَلأتَها عَدلاً وَكانَت عُمِّمَت / جَوراً تَغورُ بهِ الدِيّارُ وَتُخرَبُ
وَرَفَعتَ عَنها المُؤذِياتِ وَطالَما / راحَ البَلا في جَوِّها يَتَصَبَّبُ
حَتّى كَأَنَّكَ وَالمُشَبِّهُ صادِقٌ / عُمَرٌ بِها وَكَأَنَّها لَكَ يَثرِبُ
نامَ الغَنِيُّ وَكانَ قَبلَكَ لا يَني / خَوفَ المَظالِمِ ساهِراً يَتَقَلَّبُ
وَمَشى الفَقيرُ ضُحىً وَهَوَّنَ آمِناً / بِالإِلتِفاتِ وَأَسفَرَ المُتَنَقِّبُ
إِيهاً أَبا المَنصورِ يَقظَة ثائِرٍ / بَطَلٍ لِعَلياهُ يَغارُ وَيَغضَبُ
لا تَركنَنَّ إِلى العُدوِّ وَلا تُطِع / آراءَ مَن في حَبلِ غَيرِكَ يَحطِبُ
وَاِعصَ الذَّليلَ إِذا أَشارَ وَلا تَثِق / في الكائِناتِ بِكُلِّ مَن تَستَصحِبُ
وَاِعلَم بِأَنَّ الناسَ قَد جَرَّبتهُم / فَإِذا صَحيحُ الوُدِّ مِنهُم عَقرَبُ
وَاِقبَل نَصيحَةَ ماجِدٍ بِاعدتَهُ / عَنكُم لِضَعفِ الرَأيِ وَهوَ الأَقرَبُ
آباؤُكَ الغُرُّ الكِرامُ إِذا اِنتَمَوا / آباؤُهُ وَجُدُودُهُ إِذ تُنسَبُ
أَبقى لَكُم في كُلِّ دارٍ حلَّها / شَرَفاً يُشَرِّقُ ذِكرُهُ وَيُغَرِّبُ
يَشري عَدُوُّكُمُ المُداجي بُعدَهُ / عَنكُم بِأَنفَسِ ما يُباعُ وَيُطلَبُ
تَرِدُ الكِلابُ الواسِعِيَّةُ حَوضَكُم / وَأُذادُ عَنهُ كَما يُذادُ الأَجرَبُ
وَتُجِلُّني أُسدُ الشَّرى في أَرضِها / وَبِأَرضِكُم يَسطو عَلَيَّ الثَّعلَبُ
وَبِقَوسِكُم في كُلِّ يَومٍ أَرتَمي / وَبِسَيفِكُم في كُلِّ يَومٍ أُضرَبُ
وَأَقولُ ما قالَ اِبنُ مُرَّةَ مُعلِناً / لا أُمَّ لي إِن دامَ ذاكَ وَلا أَبُ
لي في بِلادِ اللَّهِ عَمَّن لا يَرى / حَقّي مَراحٌ كَيفَ شِئتُ وَمَذهَبُ
فَاِحفَظ وِصاتي يا عَلِيُّ وَلا تُضِع / ما قَد وُليتَ فَحولَ شاتِكَ أَذؤُبُ
وَعَلَيكَ بِالعَدلِ الَّذي أَحيَيتَهُ / فَدُعاءِ باكٍ في الدُجى لا يُحجَبُ
وَبَقيتَ مَعمورَ الجَنابِ مُؤَيّداً / ما قامَ داعٍ بِالصَّلاةِ يُثَوِّبُ
اليَومَ سُرَّ العُلا وَاِستَبشَرَ الأَدَبُ
اليَومَ سُرَّ العُلا وَاِستَبشَرَ الأَدَبُ / وَأَحمَدت سَيرَها المَهرِيَّةُ النُجُبُ
اليَومَ أَعتَبَ دَهري وَاِرعَوى وقَضى / في كُلِّ ما كُنتَ أَشكوهُ فَكَم أُجَبُ
اليَومَ أَسفَرَ وَجهُ الحَظِّ وَاِنبَسَطَت / يَدُ الرَجاءِ وَزالَ الهَمُّ وَالنَصَبُ
اليَومَ أَقبَلَتِ الآمالُ باسِمَةً / عَن كَالمَها زانَهُ التَفلِيجُ والشَنَبُ
فَكَم لِذا اليَومِ مِن دَوِّيَّةِ قَذفٍ / قَطَعتُ وَالقَلبُ في أَهوالِها يَجِبُ
تَبدو بِها الجِنُّ لي حيناً وَآوِنَةً / تَبثُّ أَضواءَها حَولي وَتَنتَحِبُ
فَحينَ أَكثَرتِ التَهويلَ قُلتُ لَها / هَذا التَّهَوُّلُ جِدٌّ مِنكِ أَو لَعِبُ
حَسبي أَبو جَعفَرٍ مِمّا يَدُبُّ عَلى / وَجهِ البَسيطَةِ أَو يَعتَرُّ أَو يَثِبُ
حَسبي إِمام الهُدى لا فرعُ دَوحَتِهِ / عِشٌّ وَلا ريشُ سَهمٍ راشَهُ لَعبُ
حَسبي إِمامُ الهُدى المَنصورُ فَاِمتَلَأَت / رُعباً فَضاقَت بِها الغيطانُ وَالجيبُ
صِنوُ النَبِيِّ إِذا يُعزى وَمُشبِهُهُ / خَلقاً وَخُلقاً وَبابُ اللَّهِ وَالسَّبَبُ
وَهّابُ ما لا رَأَت عَينٌ وَلا سَمِعَت / بِمثلِهِ هَيبَةً عُجمٌ وَلا عَرَبُ
تَرى مَناقِب كُلِّ الناسِ إِن سَفَرَت / أَدنى مَناقِبهِ تَخزى فَتَنتَقِبُ
كَم نارِ شَرٍّ طِلاعُ الأَرضِ جاحِمُها / لَهُ شُواظٌ بِحَيثُ النَجمُ يَلتَهِبُ
بِلَمحَةٍ مِنهُ عادَت وَهيَ خاشِعَةٌ / ثَلجاً وَما ذاكَ مِن آياتِهِ عَجَبُ
وَكَم أَخي ثَروَةٍ أَودى بِثَروَتِهِ / ظُلمُ الوُلاةِ وَتَأويلاتُها الكَذِبُ
أَعادَ ثَروتَهُ مِن غَيرِ مَسأَلَةٍ / إِلَيهِ عَفواً وَقَد مَرَّت لَها حِقَبُ
وَكَم خَلاءٍ مَخُوفٍ قَلبُ سالِكِهِ / لِلخَوفِ مِثلَ لِواءِ الجَيشِ يَضطَرِبُ
أَضحى بِهَ آمِناً تَمشي الفَتاةُ بِهِ / مَشيَ القَطاةِ وَحَلّا صَدرَها لَبَبُ
وَكَم أَنالَ الغِنى مَن لا يُعَدُّ لَهُ / غَيرُ الخَصاصَةِ أُمٌّ وَالشَقاءُ أَبُ
وَكَم عِظامِ ذُنوبٍ فيه مُوثَقَةٍ / أَقلُّها لِحَصاةِ القَلبِ تَنتَهِبُ
هَذا هُوَ الفَضلُ وَالنَفسُ الشَريفَةُ وَال / جودُ العَميمُ وَهَذا الخَيرُ وَالحَسَبُ
وَكَم قَبائِلَ بَعدَ المَوتِ أَنشَرَها / وَما لَها غَيرُ مَقصوراتِها تُرُبُ
فَلو رَأى عُمَرُ الفاروقُ سيرَتَهُ / لَقالَ هَذا رَحى الإِسلامِ وَالقُطُبُ
وَشَمَّرَ الذَّيلَ يَسعى في أَوامِرِهِ / ما في الَّذي قُلتُهُ شَكٌّ وَلا رِيَبُ
بِهِ الفُتُوَّةُ تَمَّت وَاِعتَلَت شَرَفاً / كَما بِهِ شَرُفَت آباؤُهُ النُّجُبُ
فَما نَرى كَعلِيٍّ في الأَنامِ فَتَىً / سِواهُ وَالشِّبهُ نَحوَ الشِّبهِ مُجتَذَبُ
وَأَيُّ مُعتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنتَصِرٍ / لَلّهِ مِنهُ الرِّضا في اللَّهِ وَالغَضَبِ
قَرَّت بِهِ الأَرضُ مِن أَقصى التُخومِ وَقَد / كادَت لِفَقدِ إِمامِ البِرِّ تَنقلِبُ
وَأَصبَحت أَيكَةُ الإِسلامِ ناضِرَةً / يَدعو المُسيمَ إِلَيها الماءُ وَالعُشبُ
وَاِهتَزَّتِ الأَرضُ مِن رِيٍّ فَلا طَلَقٌ / لِلماءِ يُذكَرُ في حَيٍّ وَلا قَرَبُ
وَأَشرَقَت بَهجَةً دارُ السَّلامِ بِهِ / حَتّى تَمَنَّت سَناها السَبعَةُ الشُهُبُ
وَأَظهَرَ العُجبَ شَطّاها وَدِجلَتُها / وَما أَحاطَت بِهِ الأَسواقُ وَالرُحُبُ
وَفُتِّحت لِلقِرى أَبوابُ ذي كَرَمٍ / جفانُهُ خُلُجُ الصِّينِيِّ لا العُلَبُ
وَأَلفُ أَلفٍ تَزيدُ الضِّعفَ جادَ بِها / في كُلِّ عامٍ وَقَلَّت عِندما يَهِبُ
وَمِثلُ ذَلِكَ أَضعافاً مُضاعَفَةً / أَعطى وَقالَ قُصارى كُلِّ ذي العَطَبُ
فَما يَمُرُّ بِهِ يَومٌ وَلَيسَ بِهِ / لَهُ مَواهِبُ تُستَزرى لَها السُّحُبُ
فَاليَومَ ما فوقَ ظَهرِ الأَرضِ قاطِبَةً / إِلّا اِمرُؤٌ وَلَهُ مِن مالِهِ نَشَبُ
فَلو تُذابُ عَطايا كَفِّهِ لَجَرَت / بَحراً مِن التِبرِ رَجّافاً لَهُ لَجَبُ
لَم يَدَّخِر غَيرَ ما آباؤُهُ اِدَّخُروا / مِن أَنفُسٍ وَجَميع المالِ قَد وَهَبُوا
يَأبى الأُلى غَيرَ كَسبِ الحَمدِ ما اِدَّخروا / وَغَيرَ أَنفَسِ ما يَحوونَ ما وَهَبُوا
وَغَيرَ رَجراجَةٍ شَعواءَ ما جَلَبُوا / وَغَيرَ نَجمٍ يُسامي النَّجمَ ما طَلَبُوا
وَغَيرَ هامَةِ مَعدى الهامِ ما ضَرَبُوا / وَغَيرَ مِدرَهِ دارِ الحَربِ ما حَرَبُوا
قَومٌ هُم الرَأسُ مِن فهرٍ وَغَيرهُم / إِذا يُقاسُ إِلى عَلياهُمُ ذَنَبُ
النَجمُ يَنجُم ظُهراً إِن هُمُ غَضِبُوا / وَالأَرضُ تَأرضُ نَهراً إِن هُمُ رَكِبُوا
بِفَضلِهِم نَطَقَ القُرآنُ مُمتَدِحاً / لَهُم وَجاءَت بِهِ مِن قَبلِهِ الكُتُبُ
أَبوهُمُ الخَيرُ عَبدُ اللَّهِ خَيرُ أبٍ / وَجَدُّهُم سَيِّدُ البَطحاءِ إِن نُسِبُوا
لَولاكُمُ يا بَني العَبّاسِ ما اِنصَدَعَت / عَصا الخِلافَةِ صَدعاً لَيسَ يَنشَعِبُ
عَنها طَردتُم وَلَمّا يَثنِكُم رَهَبٌ / بَني الطَّريدِ وَلا اِستَوهاكُمُ رُعبُ
وَلا وَنَيتُم إِلى أَن قامَ ماؤُهُم / وَخانَ دَلوَهُمُ مِن عَقدِها الكَرَبُ
وَعادَ ميراثُكُم مِن كَفِّ غاصِبِهِ / فيكُم وَأَهلُ الدَعاوى عَنكُمُ غِيَبُ
يا خَيرَ مَن عَلِقَت أَيدي الرَجاءِ بِهِ / وَمَن سَواءٌ لَدَيهِ التِبرُ وَالتّربُ
إِلَيكَ مِن بَلَدِ البَحرينِ قَرَّبَني / شَدٌّ بِهِ اِنحَلَّتِ الأَكوارُ وَالغُرُبُ
وَغادَرَ العِيسَ أَنضاءً مُطَلَّحَةً / يَكادُ يَصرَعُها مِن خَلفِها العُشبُ
فَحَلِّني بِلباسٍ مِنكَ يَحسُدُني / عَلى اِتّصالي بِكُم ناءٍ وَمُقتَرِبُ
وَاِجعَل عدادي في الفِتيانِ واِعلُ بِهِ / شَأني فَمُعتَقدي أَن يَنجَحَ الطَّلَبُ
أَنتَ الإِمامُ الَّذي قَد كُنتُ آمُلُهُ / وَذا الزَمانُ الَّذي قَد كُنتُ أَرتَقِبُ
كَم جُبت دونَكَ مِن تَيها وَخاوِيَةٍ / يَشكو الكَلالَ بِها النَجّاءَةُ التَعِبُ
وَمُزبِدٍ يَتراءى المَوتُ راكِبهُ / سَلامَةُ المُتَخَطِّيه لَهُ عَجَبُ
وَكَم طَرقتُ رِجالاً ينذِرونَ دَمي / أَسقيتُهُم عَلقَماً غَصباً لَهُ شَرِبُوا
كَم قُلتُ لِلنَّفسِ إِذ لَجَّ الهُلوعُ بِها / وَكَالدِماءِ دُموعِ العَينِ تَنسَكِبُ
قِرّي فَيُمنُ أَميرِ المُؤمِنينَ لَنا / حرزٌ يَقينا الَّذي يُخشى وَيُجتَنَبُ
فَبارَكَ اللَّهُ في أَيّامِ دَولَتِهِ / وَجادَها كُلُّ رَجّاسٍ لَهُ لجَبُ
فَإِنَّ أَيّامَها طرزُ الزَمانِ إِذ / عُدَّت وَتاجٌ بِهِ الأَعيادُ تَعتَصِبُ
وَلا أَرانا إِماماً غَيرَهُ أَبَداً / فَما لَنا في إِمامٍ غَيرِهِ أَرَبُ
وَعاشَ في ظِلِّهِ المَولى الَّذي شَهِدَت / بِمَجدِهِ وَعُلاهُ العُجمُ وَالعَرَبُ
بَحرُ النَّدا شَرَفُ الدّينِ الَّذي شَرُفَت / بِهِ الوَرى وَسَما فَخراً بِهِ اللَقَبُ
ما ناحَ صَبٌّ وَما ناحَت مُطَوَّقَةٌ / وَما اِستَلَذَّ غَراماً عاشِقٌ وَصِبُ
أَراهُ الهَوى ما لَم يَكُن في حِسابِهِ
أَراهُ الهَوى ما لَم يَكُن في حِسابِهِ / فَأَقلَقَهُ عَن صَبرِهِ وَاِحتِسابِهِ
وَلا تُؤلِماهُ بِالمَلامِ فَإِنَّهُ / يُثيرُ جَواهُ وَاِترُكاهُ لِما بِهِ
أُعيذُكما مِن وَجدِهِ وَغَرامِهِ / وَلوعاتِهِ يَومَ النَوى واِكتِئابِهِ
فَهل لَكُما أَن تَذهَبا لا شُفِيتُما / لِشأنِكُما أَو تُقصِرا عَن عِتابِهِ
تُريدانِ مِنهُ سَلوَةً وَتَناسِياً / وَصَبراً لَقَد بالغتُما في عَذابِهِ
وَأَنّى لَهُ الصَبرُ الَّذي تَطلُبانِهِ / وَقد ضاعَ يَومَ الحَشرِ مِفتاحُ بابِهِ
سَلا عَنهُ غِزلانُ القُرَيَّةِ أَيُّها / غَدا بِبقايا لُبِّهِ في نهابِهِ
وَقولا لَهُ يا أَحسَنَ السِربِ إِنَّهُ / غَريبٌ فَهل مِن رِقَّةٍ لِاِغتِرابِهِ
وَعَلَّ نَوالاً مِنهُ يَحمي حشاشَةً / يُزَكّي بِهِ عَن حُسنِهِ وَشَبابِهِ
فَإِنَّ زَكاةَ الحُسنِ تَقبيلُ ثَغرِهِ / وَرَشفُ ثَناياهُ وَبَردِ رُضابِهِ
حَلالاً لِأَبناءِ السَبيلِ مُخَصَّصٌ / لَهُم دونَ مَن قَد نَصَّهُ في كِتابِهِ
رَعى اللَّهُ أَيّامَ الشَّبابِ فَإِنَّها / هيَ العُمرُ يا طُولَ الأَسى بِاِستِلابِهِ
وَجادَ ديارَ الحَيِّ مِن أَيمَنِ الحَسا / مُرِبٌّ يُواري الهُضبَ داني رَبابِهِ
كَجودِ اِبنِ مَسعود الفَتى الواهِبِ اللُّها / وَمُخجِلِ مُنهَلِّ الحَيا في اِنسِكابِهِ
همام مِن الوَسميِّ أَغزَرُ ديمَةً / إِذا لَجَّ في تَهتانِهِ وَاِنصِبابِهِ
وَأَمضى مِن الصِّمصامِ عَزماً إِذا غَدا / يَمُجُّ دَماً مِن صَدرِهِ وَذُبابِهِ
وَأَضبطُ جَأَشاً يَومَ يُثني حِفاظَها / بَنو الحَربِ مُبدي لبدِهِ عِندَ بابِهِ
وَأَحلَمُ مِن قَيسٍ إِذا الحِلمُ لَم يُشِن / عُلاهُ وَلَم يُغرِ العِدا بِجنابِهِ
وَأَبلغُ مِن قسٍّ وَسَحبانِ وائِلٍ / إِذا الشَّرُّ أَبدى كَالِحاً جُلَّ نابِهِ
طَويلُ المطا عِندَ النِزالِ كَأَنَّما / دَمُ الفارِسِ المَرهوب أَحلى شَرابِهِ
إِذا مَلكٌ راحَ الحطامَ اِكتِسابُهُ / فَإِنَّ العُلا وَالمَجدَ حَبلُ اِكتِسابِهِ
بَصيرٌ بِمَعنى كُلِّ أَمرٍ كَأَنَّما / تُريهِ خَطاهُ عَينهُ مِن صَوابِهِ
ضروبٌ لِهاماتِ الكُماةِ إِذا اِستَوَت / مِنَ الرُّعبِ آسادُ الشَرى مِن كِلابِهِ
يَهُزُّ حُساماً صارِماً لَو رَمى بِهِ / شَماريخَ رَضوى لاِنزَوى عَن هِضابِهِ
تَضِجُّ حَماليقُ العِدا مِن طعانِهِ / وَتَبكي دَماً هاماتها مِن ضِرابِهِ
إِلى الصِّيدِ مِن نَسلِ العُيونيِّ يَنتَمي / وَأَيُّ نِصابٍ في الوَرى كَنِصابِهِ
إِذا ذُكرَت آباؤُهُ يَومَ مَفخَرٍ / تَضاءا لِمَن يَبغي العُلا بِاِنتِسابِهِ
لَعَمري لَقَد أَحيا مَكارِمَ قَومِهِ / فَحَسبُ معدٍّ سَعيُهُ وَكَفى بِهِ
تَقَبَّلَ فَضلاً ذا العُلا وَمُحَمَّداً / فَما لَهُما مِن بَعدِهِ مِن مُشابِهِ
رَأَيتُ لَهُ فيما رَأيتُ خَلائِفاً / أَلَذَّ وَأَحلى مِن زلالِ ثغابِهِ
فَتىً مالُهُ لِلمُعتَفينَ وَجاهُهُ / لِمُستَضعَفٍ لا يرعَوي لِخطابِهِ
نَماهُ إِلى العَلياءِ فَضلٌ وَعَبدَلٌ / وَلو أَدركاهُ اليَومَ لاِفتَخَرا بِهِ
وَخَيرُ عَقيلٍ كُلِّها حينَ يَنتَمي / خُؤولَتُه بِالصِدقِ لا بِكذابِهِ
وَلا خالَ إِلّا دونَ مَن كانَ جَدُّهُ / سِنانٌ مَحَلُّ الضَيفِ رَحبُ جَنابِهِ
أَقولُ لِعيسى وَالرِّياشِيُّ مُعرِضٌ / وَتِلكَ الرَوابي عُوَّمٌ في سَرابِهِ
إِذا حسَنٌ بَلَّغتِنِيهِ فَأَبشري / بِمَرعىً يَفوقُ المسكَ رَيّا تُرابِهِ
نَظمتُ لَهُ مَدحي وَما جِئتُ طالِباً / نَداهُ وَلا مُستَمطِراً مِن سَحابِهِ
وَلَكِن هَزّتني لِذاكَ اِرتِياحَةٌ / وَعُجتُ لِمَحمودِ الثَنا مُستَطابِهِ
عَلى أَنَّهُ البَحرُ الَّذي لا مَذاقُهُ / أُجاجٌ وَلا يَجري القَذا مِن عُبابِهِ
لِأَنَّ عُبابي دَفقَةٌ مِن عُبابِهِ / وَهَضبَةُ عِزّي تَلعَةٌ مِن هِضابِهِ
وَآباؤُهُ الغُرُّ الكِرامُ أُبُوَّتي / وَآسادُ غابي مِن رَآبيلِ غابِهِ
وَلَيسَ يَليقُ المَدحُ إِلّا بِسَيِّدٍ / مُهينٍ لِغالي مالِهِ مِن طِلابِهِ
إِذا قالَ فيهِ مادِحٌ قالَ سامِعٌ / صَدَقتَ وَلَم يَصدُق فَتىً بِاِغتِيابِهِ
كَمِثلِ اِبنِ مَسعودٍ وَهَيهاتَ مِثلُهُ / إِلى حَيثُ يَدعو الخَلقَ داعي حِسابِهِ
فَحازَ الَّذي يَرجو جَميلَ ثَوابِهِ / وَيَخشى مَدى الدُنيا أَليمَ عِقابِهِ
فَلا زالَتِ الأَعداءُ قَتلى سُيوفِهِ / وَأَقلامِهِ في أَرضِها وَحِرابِهِ
وَعَزَّ بهِ الدّينُ الحَنيفُ وَحَلَّلَت / مَحارِمُ دارِ الشِركِ حُمرُ قِبابِهِ
وَلا بَرِحَت عَينُ الإِلَهِ تَحُوطُهُ / وَتَحفَظُهُ في مُكثِهِ وَذَهابِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025