المجموع : 15
وَغادَرنَ نَضلَةَ في مَعرَكٍ
وَغادَرنَ نَضلَةَ في مَعرَكٍ / يَجُرُّ الأَسِنَّةَ كَالمُحتَطِب
فَمَن يَكُ في قَتلِهِ يَمتَري / فَإِنَّ أَبا نَوفَلٍ قَد شَجِب
يُذَبِّبُ وَردٌ عَلى إِثرِهِ / وَأَدرَكَهُ وَقعُ مُردٍ خَشِب
تَتابَعَ لا يَبتَغي غَيرَهُ / بِأَبيَضَ كَالقَبَسِ المُلتَهِب
لا تَذكُري مُهري وَما أَطعَمتُهُ
لا تَذكُري مُهري وَما أَطعَمتُهُ / فَيَكونَ جِلدِكِ مِثلَ جِلدِ الأَجرَبِ
إِنَّ الغَبوقَ لَهُ وَأَنتِ مَسوأَةٌ / فَتَأَوَّهي ما شِئتِ ثُمَّ تَحَوَّبي
كَذَبَ العَتيقُ وَماءُ شَنٍّ بارِدٍ / إِن كُنتِ سائِلَتي غَبوقاً فَاِذهَبي
إِنَّ الرِجالَ لَهُم إِلَيكِ وَسيلَةٌ / إِن يَأخُذوكِ تَكَحَّلي وَتَخَضَّبي
وَيَكونُ مَركَبَكِ القَعودُ وَرَحلُهُ / وَابنُ النَعامَةِ يَومَ ذَلِكَ مَركَبي
إِنّي أُحاذِرُ أَن تَقولَ ظَعينَتي / هَذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ
وَأَنا اِمرُؤٌ إِن يَأخُذوني عَنوَةً / أُقرَن إِلى شَرِّ الرِكابِ وَأُجنَبِ
جَزى اللَهُ الأَغَرَّ جَزاءَ صِدقٍ
جَزى اللَهُ الأَغَرَّ جَزاءَ صِدقٍ / إِذا ما أوقِدَت نارُ الحُروبِ
يَقيني بِالجَبينِ وَمَنكِبَيهِ / وَأَنصُرُهُ بِمُطَّرَدِ الكُعوبِ
وَأُدفِئُهُ إِذا هَبَّت شَمالاً / بَليلاً حَرجَفاً بَعدَ الجَنوبِ
أَراهُ أَهلَ ذَلِكَ حينَ يَسعى / رُعاءُ الحَيِّ في طَلَبِ الحَلوبِ
فَيُخفِقُ تارَةً وَيُفيدُ أُخرى / وَيَفجَعُ ذا الضَغائِنِ بِالأَريبِ
إِذا سَمِنَ الأَغَرُّ دَنا لِقاءٌ / يُغِصُّ الشَيخَ بِاللَبَنِ الحَليبِ
شَديدُ مَجالِزِ الكَتِفَينِ نَهدٌ / بِهِ أَثَرُ الأَسِنَّةِ كَالعُلوبِ
وَأُكرِهُهُ عَلى الأَبطالِ حَتّى / يُرى كَالأُرجُوانِيِّ المَجوبِ
أَلَستَ بِصاحِبي يَومَ اِلتَقَينا / بِسَيفَ وَصاحِبي يَومَ الكَثيبِ
كَأَنَّ السَرايا بَينَ قَوٍّ وَقارَةٍ
كَأَنَّ السَرايا بَينَ قَوٍّ وَقارَةٍ / عَصائِبُ طَيرٍ يَنتَحَينَ لَمَشرَبِ
وَقَد كُنتُ أَخشى أَن أَموتَ وَلَم تَقُم / قَرائِبُ عَمروٍ وَسطَ نَوحٍ مُسَلِّبِ
شَفى النَفسَ مِنّي أَو دَنا مِن شِفائِها / تَرَدّيهُمُ مِن حالِقٍ مُتَصَوِّبِ
تَصيحُ الرُدَينِيّاتُ في حَجَباتِهِم / صِياحَ العَوالي في الثِقافِ المُثَقَّبِ
كَتائِبُ تُجزى فَوقَ كُلِّ كَتيبَةٍ / لِواءٌ كَظِلِّ الطائِرِ المُتَقَلِّبِ
تُرى هَذِهِ ريحُ أَرضِ الشَرَبَّه
تُرى هَذِهِ ريحُ أَرضِ الشَرَبَّه / أَمِ المِسكُ هَبَّ مَعَ الريحِ هَبَّه
وَمِن دارِ عَبلَةَ نارٌ بَدَت / أَمِ البَرقُ سَلَّ مِنَ الغَيمِ عَضبَه
أَعَبلَةُ قَد زادَ شَوقي وَما / أَرى الدَهرَ يُدني إِلَيَّ الأَحِبَّه
وَكَم جَهدِ نائِبَةٍ قَد لَقيتُ / لِأَجلِكِ يا بِنتَ عَمّي وَنَكبَه
فَلَو أَنَّ عَينَيكِ يَومَ اللِقاءِ / تَرى مَوقِفي زِدتِ لي في المَحَبَّه
يُفيضُ سِناني دِماءَ النُحورِ / وَرُمحي يَشُكُّ مَعَ الدَرعِ قَلبَه
وَأَفرَحُ بِالسَيفِ تَحتَ الغُبارِ / إِذا ما ضَرَبتُ بِهِ أَلفَ ضَربَه
وَتَشهَدُ لي الخَيلُ يَومَ الطِعانِ / بِأَنّي أُفَرِّقُها أَلفَ سُربَه
وَإِن كانَ جِلدي يُرى أَسوَداً / فَلي في المَكارِمِ عِزٌّ وَرُتبَه
وَلَو صَلَّتِ العُربُ يَومَ الوَغى / لِأَبطالِها كُنتُ لِلعُربِ كَعبَه
وَلَو أَنَّ لِلمَوتِ شَخصاً يُرى / لَرَوَّعتُهُ وَلَأَكثَرتُ رُعبَه
كَم يُبعِدُ الدَهرُ مَن أَرجو أُقارِبُهُ
كَم يُبعِدُ الدَهرُ مَن أَرجو أُقارِبُهُ / عَنّي وَيَبعَثُ شَيطاناً أُحارِبُهُ
فَيا لَهُ مِن زَمانٍ كُلَّما اِنصَرَفَت / صُروفُهُ فَتَكَت فينا عَواقِبُهُ
دَهرٌ يَرى الغَدرَ مِن إِحدى طَبائِعِهِ / فَكَيفَ يَهنا بِهِ حُرٌّ يُصاحِبُهُ
جَرَّبتُهُ وَأَنا غِرٌّ فَهَذَّبَني / مِن بَعدِ ما شَيَّبَت رَأسي تَجارِبُهُ
وَكَيفَ أَخشى مِنَ الأَيّامِ نائِبَةً / وَالدَهرُ أَهوَنُ ما عِندي نَوائِبُهُ
كَم لَيلَةٍ سِرتُ في البَيداءِ مُنفَرِداً / وَاللَيلُ لِلغَربِ قَد مالَت كَواكِبُهُ
سَيفي أَنيسي وَرُمحي كُلَّما نَهِمَت / أُسدُ الدِحالِ إِلَيها مالَ جانِبُهُ
وَكَم غَديرٍ مَزَجتُ الماءَ فيهِ دَماً / عِندَ الصَباحِ وَراحَ الوَحشُ طالِبُهُ
يا طامِعاً في هَلاكي عُد بِلا طَمَعٍ / وَلا تَرِد كَأسَ حَتفٍ أَنتَ شارِبُهُ
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ / وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
وَمَن يِكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم / إِذا جَفوهُ وَيَستَرضي إِذا عَتَبوا
قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ / وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا
لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبسٍ لَقَد نَسَلوا / مِنَ الأَكارِمِ ما قَد تَنسُلُ العَرَبُ
لَئِن يَعيبوا سَوادي فَهوَ لي نَسَبٌ / يَومَ النِزالِ إِذا ما فاتَني النَسَبُ
إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي / قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ
اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً / يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ
إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها / عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ
فَتىً يَخوضُ غِمارَ الحَربِ مُبتَسِماً / وَيَنثَني وَسِنانُ الرُمحِ مُختَضِبُ
إِن سَلَّ صارِمَهُ سالَت مَضارِبُهُ / وَأَشرَقَ الجَوُّ وَاِنشَقَّت لَهُ الحُجُبُ
وَالخَيلُ تَشهَدُ لي أَنّي أُكَفكِفُها / وَالطَعنُ مِثلُ شَرارِ النارِ يَلتَهِبُ
إِذا اِلتَقَيتَ الأَعادي يَومَ مَعرَكَةٍ / تَرَكتُ جَمعَهُمُ المَغرورَ يُنتَهَبُ
لِيَ النُفوسُ وَلِلطَيرِ اللُحومُ وَلِل / وَحشِ العِظامُ وَلِلخَيّالَةِ السَلَبُ
لا أَبعَدَ اللَهُ عَن عَيني غَطارِفَةً / إِنساً إِذا نَزَلوا جِنّاً إِذا رَكِبوا
أُسودُ غابٍ وَلَكِن لا نُيوبَ لَهُم / إِلّا الأَسِنَّةُ وَالهِندِيَّةُ القُضُبُ
تَحدو بِهِم أَعوَجِيّاتٌ مُضَمَّرَةٌ / مِثلُ السَراحينِ في أَعناقِها القَبَبُ
ما زِلتُ أَلقى صُدورَ الخَيلِ مُندَفِقاً / بِالطَعنِ حَتّى يَضِجَّ السَرجُ وَاللَبَبُ
فَالعُميُ لَو كانَ في أَجفانِهِم نَظَروا / وَالخُرسُ لَو كانَ في أَفواهِهِم خَطَبوا
وَالنَقعُ يَومَ طِرادَ الخَيلِ يَشهَدُ لي / وَالضَربُ وَالطَعنُ وَالأَقلامُ وَالكُتُبُ
لِغَيرِ العُلا مِنّي القِلى وَالتَجَنُّبِ
لِغَيرِ العُلا مِنّي القِلى وَالتَجَنُّبِ / وَلَولا العُلا ما كُنتُ في العَيشِ أَرغَبُ
مَلَكتُ بِسَيفي فُرصَةً ما اِستَفادَها / مِنَ الدَهرِ مَفتولُ الذِراعَينِ أَغلَبُ
لَئِن تَكُ كَفّي ما تُطاوِعُ باعَها / فَلي في وَراءِ الكَفِّ قَلبٌ مُذَرَّبُ
وَلِلحِلمِ أَوقاتٌ وَلِلجَهلِ مِثلُها / وَلَكِنَّ أَوقاتي إِلى الحِلمِ أَقرَبُ
أَصولُ عَلى أَبناءِ جِنسي وَأَرتَقي / وَيُعجِمُ فيَّ القائِلونَ وَأُعرِبُ
يَرونَ اِحتِمالي عِفَّةً فَيَريبُهُم / تَوَفُّرُ حِلمي أَنَّني لَستُ أَغضَبُ
تَجافَيتُ عَن طَبعِ اللِئامِ لِأَنَّني / أَرى البُخلَ يُشنا وَالمَكارِمَ تُطلَبُ
وَأَعلَمُ أَنَّ الجودَ في الناسِ شيمَةٌ / تَقومُ بِها الأَحرارُ وَالطَبعُ يَغلِبُ
فَيا اِبنَ زِيادٍ لا تَرُم لي عَداوَةً / فَإِنَّ اللَيالي في الوَرى تَتَقَلَّبُ
وَيالِزِيادٍ إِنزَعوا الظُلمَ مِنكُمُ / فَلا الماءُ مَورودٌ وَلا العَيشُ طَيِّبُ
لَقَد كُنتُمُ في آلِ عَبسٍ كَواكِباً / إِذا غابَ مِنها كَوكَبٌ لاحَ كَوكَبُ
خُسِفتُم جَميعاً في بُروجِ هُبوطِكُم / جَهاراً كَما كُلُّ الكَواكِبُ تُنكَبُ
أَلا يا عَبلَ قَد زادَ التَصابي
أَلا يا عَبلَ قَد زادَ التَصابي / وَلَجَّ اليَومَ قَومُكِ في عَذابي
وَظَلَّ هَواكِ يَنمو كُلَّ يَومٍ / كَما يَنمو مَشيبي في شَبابي
عَتَبتُ صُروفَ دَهري فيكِ حَتّى / فَني وَأَبيكِ عُمري في العِتابِ
وَلاقَيتُ العِدا وَحَفِظتُ قَوماً / أَضاعوني وَلَم يَرعَوا جَنابي
سَلي يا عَبلَ عَنّا يَومَ زُرنا / قَبائِلَ عامِرٍ وَبَني كِلابِ
وَكَم مِن فارِسٍ خَلَّيتُ مُلقىً / خَضيبَ الراحَتَينِ بِلا خِضابِ
يُحَرِّكُ رِجلَهُ رُعباً وَفيهِ / سِنانُ الرِمحِ يَلمَعُ كَالشِهابِ
قَتَلنا مِنهُمُ مائَتَينِ حُرّاً / وَأَلفاً في الشِعابِ وَفي الهِضابِ
سَلا القَلبُ عَمّا كانَ يَهوى وَيَطلُبُ
سَلا القَلبُ عَمّا كانَ يَهوى وَيَطلُبُ / وَأَصبَحَ لا يَشكو وَلا يَتَعَتَّبُ
صَحا بَعدَ سُكرٍ وَاِنتَخى بَعدَ ذِلَّةٍ / وَقَلبُ الَّذي يَهوى العُلا يَتَقَلَّبُ
إِلى كَم أُداري مَن تُريدُ مَذَلَّتي / وَأَبذُلُ جُهدي في رِضاها وَتَغضَبُ
عُبَيلَةُ أَيّامُ الجَمالِ قَليلَةٌ / لَها دَولَةٌ مَعلَومَةٌ ثُمَّ تَذهَبُ
فَلا تَحسَبي أَنّي عَلى البُعدِ نادِمٌ / وَلا القَلبُ في نارِ الغَرامِ مُعَذَّبُ
وَقَد قُلتُ إِنّي قَد سَلَوتُ عَنِ الهَوى / وَمَن كانَ مِثلي لا يَقولُ وَيَكذِبُ
هَجَرتُكِ فَاِمضي حَيثُ شِئتِ وَجَرِّبي / مِنَ الناسِ غَيري فَاللَبيبُ يُجَرِّبُ
لَقَد ذَلَّ مَن أَمسى عَلى رَبعِ مَنزِلٍ / يَنوحُ عَلى رَسمِ الدِيارِ وَيَندُبُ
وَقَد فازَ مَن في الحَربِ أَصبَحَ جائِلاً / يُطاعِنُ قِرناً وَالغُبارُ مُطَنِّبُ
نَديمي رَعاكَ اللَهُ قُم غَنِّ لي عَلى / كُؤوسِ المَنايا مِن دَمٍ حينَ أَشرَبُ
وَلا تَسقِني كَأسَ المُدامِ فَإِنَّها / يَضِلُّ بِها عَقلُ الشُجاعِ وَيَذهَبُ
أَحِنُّ إِلى ضَربِ السُيوفِ القَواضِبِ
أَحِنُّ إِلى ضَربِ السُيوفِ القَواضِبِ / وَأَصبو إِلى طَعنِ الرِماحِ اللَواعِبِ
وَأَشتاقُ كاساتِ المَنونِ إِذا صَفَت / وَدارَت عَلى رَأسي سِهامُ المَصائِبِ
وَيُطرِبُني وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالقَنا / حُداةُ المَنايا وَاِرتِعاجُ المَواكِبِ
وَضَربٌ وَطَعنٌ تَحتَ ظِلِّ عَجاجَةٍ / كَجُنحِ الدُجى مِن وَقعِ أَيدي السَلاهِبِ
تَطيرُ رُؤوسُ القَومِ تَحتَ ظَلامِها / وَتَنقَضُّ فيها كَالنُجومُ الثَواقِب
وَتَلمَعُ فيها البيضُ مِن كُلِّ جانِبٍ / كَلَمعِ بُروقٍ في ظَلامِ الغَياهِبِ
لَعَمرُكَ إِنَّ المَجدَ وَالفَخرَ وَالعُلا / وَنَيلَ الأَماني وَاِرتِفاعَ المَراتِبِ
لِمَن يَلتَقي أَبطالَها وَسَراتَها / بِقَلبٍ صَبورٍ عِندَ وَقعِ المَضارِبِ
وَيَبني بِحَدِّ السَيفِ مَجداً مُشَيَّداً / عَلى فَلَكِ العَلياءِ فَوقَ الكَواكِبِ
وَمَن لَم يُرَوِّ رُمحَهُ مِن دَمِ العِدا / إِذا اِشتَبَكَت سُمرُ القَنا بِالقَواضِبِ
وَيُعطي القَنا الخَطِّيَّ في الحَربِ حَقَّهُ / وَيَبري بِحَدِّ السَيفِ عُرضَ المَناكِبِ
يَعيشُ كَما عاشَ الذَليلُ بِغُصَّةٍ / وَإِن ماتَ لا يُجري دُموعَ النَوادِبِ
فَضائِلُ عَزمٍ لا تُباعُ لِضارِعٍ / وَأَسرارُ حَزمٍ لا تُذاعُ لِعائِبِ
بَرَزتُ بِها دَهراً عَلى كُلِّ حادِثٍ / وَلا كُحلَ إِلّا مِن غُبارِ الكَتائِبِ
إِذا كَذَبَ البَرقُ اللَموعُ لِشائِمٍ / فَبَرقُ حُسامي صادِقٌ غَيرُ كاذِبِ
حَسَناتي عِندَ الزَمانِ ذُنوبُ
حَسَناتي عِندَ الزَمانِ ذُنوبُ / وَفَعالي مَذَمَّةٌ وَعُيوبُ
وَنَصيبي مِنَ الحَبيبِ بِعادٌ / وَلِغَيري الدُنُوُّ مِنهُ نَصيبُ
كُلُّ يَومٍ يُبري السُقامَ مُحِبٌّ / مِن حَبيبٍ وَما لِسُقمي طَبيبُ
فَكَأَنَّ الزَمانَ يَهوى حَبيباً / وَكَأَنّي عَلى الزَمانِ رَقيبُ
إِنَّ طَيفَ الخَيالِ يا عَبلَ يَشفي / وَيُداوى بِهِ فُؤادي الكَئيبُ
وَهَلاكي في الحُبِّ أَهوَنُ عِندي / مِن حَياتي إِذا جَفاني الحَبيبُ
يا نَسيمَ الحِجازِ لَولاكِ تَطفا / نارُ قَلبي أَذابَ جِسمي اللَهيبُ
لَكِ مِنّي إِذا تَنَفَّستُ حَرٌّ / وَلِرَيّاكِ مِن عُبَيلَةَ طيبُ
وَلَقَد ناحَ في الغُصونِ حَمامٌ / فَشَجاني حَنينُهُ وَالنَحيبُ
باتَ يَشكو فِراقَ إِلفٍ بَعيدٍ / وَيُنادي أَنا الوَحيدُ الغَريبُ
يا حَمامَ الغُصونِ لَو كُنتَ مِثلي / عاشِقاً لَم يَرُقكَ غُصنٌ رَطيبُ
فَاِترُكِ الوَجدَ وَالهَوى لِمُحِبٍّ / قَلبُهُ قَد أَذابَهُ التَعذيبُ
كُلَّ يَومٍ لَهُ عِتابٌ مَعَ الدَه / رِ وَأَمرٌ يَحارُ فيهِ اللَبيبُ
وَبَلايا ما تَنقَضي وَرَزايا / ما لَها مِن نِهايَةٍ وَخُطوبُ
سائِلي يا عُبَيلَ عَنّي خَبيراً / وَشُجاعاً قَد شَيَّبَتهُ الحُروبُ
فَسَيُنبيكِ أَنَّ في حَدِّ سَيفي / مَلَكَ المَوتِ حاضِرٌ لا يَغيبُ
وَسِناني بِالدارِعينِ خَبيرٌ / فَاِسأَليهِ عَمّا تَكونُ القُلوبُ
كَم شُجاعٍ دَنا إِلَيَّ وَنادى / يا لَقَومي أَنا الشُجاعُ المَهيبُ
ما دَعاني إِلّا مَضى يَكدِمُ الأَر / ضَ وَقَد شُقَّت عَلَيهِ الجُيوبُ
وَلِسُمرِ القَنا إِلَيَّ اِنتِسابٌ / وَجَوادي إِذا دَعاني أُجيبُ
يَضحَكُ السَيفُ في يَدي وَيُنادي / وَلَهُ في بَنانِ غَيري نَحيبُ
وَهوَ يَحمى مَعي عَلى كُلِّ قِرنٍ / مِثلَما لِلنَسيبِ يَحمي النَسيبُ
فَدَعَوني مِن شُربِ كَأسِ مُدامٍ / مِن جَوارٍ لَهُنَّ ظَرفٌ وَطيبُ
وَدَعوني أَجُرُّ ذَيلَ فَخارٍ / عِندَما تُخجِلُ الجَبانَ العُيوبُ
دَعني أَجِدُّ إِلى العَلياءِ في الطَلبِ
دَعني أَجِدُّ إِلى العَلياءِ في الطَلبِ / وَأَبلُغُ الغايَةَ القُصوى مِنَ الرُتَبِ
لَعَلَّ عَبلَةَ تُضحي وَهيَ راضِيَةٌ / عَلى سَوادي وَتَمحو صورَةَ الغَضَبِ
إِذا رَأَت سائِرَ الساداتِ سائِرَةً / تَزورُ شِعري بِرُكنِ البَيتِ في رَجَبِ
يا عَبلَ قومي اِنظُري فِعلي وَلا تَسَلَي / عَنّي الحَسودَ الَّذي يُنبيكِ بِالكَذِبِ
إِذ أَقبَلَت حَدَقُ الفُرسانِ تَرمُقُني / وَكُلُّ مِقدامِ حَربٍ مالَ لِلهَرَبِ
فَما تَرَكتُ لَهُم وَجهاً لِمُنهَزِمٍ / وَلا طَريقاً يُنَجّيهِم مِنَ العَطَبِ
فَبادِري وَاِنظُري طَعناً إِذا نَظَرَت / عَينُ الوَليدِ إِلَيهِ شابَ وَهوَ صَبي
خُلِقتُ لِلحَربِ أُحميها إِذا بَرَدَت / وَأَصطَلي نارَها في شِدَّةِ اللَهَبِ
بِصارِمٍ حَيثُما جَرَّدتُهُ سَجَدَت / لَهُ جَبابِرَةُ الأَعجامِ وَالعَرَبِ
وَقَد طَلَبتُ مِنَ العَلياءِ مَنزِلَةً / بِصارِمي لا بِأُمّي لا وَلا بِأَبي
فَمَن أَجابَ نَجا مِمّا يُحاذِرُهُ / وَمَن أَبى ذاقَ طَعمَ الحَربِ وَالحَرَبِ
أُعاتِبُ دَهراً لا يَلينُ لِعاتِبِ
أُعاتِبُ دَهراً لا يَلينُ لِعاتِبِ / وَأَطلُبُ أَمناً مِن صُروفِ النَوائِبِ
وَتوعِدُني الأَيّامُ وَعداً تَغُرُّني / وَأَعلَمُ حَقّاً أَنَّهُ وَعدُ كاذِبِ
خَدَمتُ أُناساً وَاِتَّخَذتُ أَقارِباً / لِعَوني وَلَكِن أَصبَحوا كَالعَقارِبِ
يُنادونَني في السِلمِ يا اِبنَ زَبيبَةٍ / وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا اِبنَ الأَطايِبِ
وَلَولا الهَوى ما ذَلَّ مِثلي لِمِثلِهِم / وَلا خَضَعَت أُسدُ الفَلا لِلثَعالِبِ
سَيَذكُرُني قَومي إِذا الخَيلُ أَصبَحَت / تَجولُ بِها الفُرسانُ بَينَ المَضارِبِ
فَإِن هُم نَسوني فَالصَوارِمُ وَالقَنا / تُذَكِّرُهُم فِعلي وَوَقعَ مَضارِبي
فَيا لَيتَ أَنَّ الدَهرَ يُدني أَحِبَّتي / إِلَيَّ كَما يُدني إِلَيَّ مَصائِبي
وَلَيتَ خَيالاً مِنكِ يا عَبلَ طارِقاً / يَرى فَيضَ جَفني بِالدُموعِ السَواكِبِ
سَأَصبِرُ حَتّى تَطَّرِحني عَواذِلي / وَحَتّى يَضِجَّ الصَبرُ بَينَ جَوانِبي
مَقامُكِ في جَوِّ السَماءِ مَكانُهُ / وَباعي قَصيرٌ عَن نَوالِ الكَواكِبِ
وَغَداةَ صَبَّحنَ الجِفارَ عَوابِساً
وَغَداةَ صَبَّحنَ الجِفارَ عَوابِساً / يَهدي أَوائِلَهُنَّ شُعثٌ شُزَّبُ