المجموع : 11
الصُبُّ رَبِّ مُحِبُّ
الصُبُّ رَبِّ مُحِبُّ / نَوالُهُ مِنكَ عُجبُ
عَذابُهُ عِندي عَذبٌ / وَبُعدُهُ عَنكَ قُربُ
وَأَنتَ عِندي كَروحي / بَل أَنتَ مِنها أَحَبُّ
وَأَنت لِلعَينِ عِينٌ / وَأَنتَ لِلقَلبِ قَلبُ
حَسبي مِنَ الحُبِّ أَنّي / لَما تُحِبّ أَحِبُّ
سُبحانَ مَن أَظهَرَ ناسوتُهُ
سُبحانَ مَن أَظهَرَ ناسوتُهُ / سِرَّ سَنا لا هَوَتهِ الثاقِبِ
ثُمَّ بَدا في خَلقِهِ ظاهِراً / في صورَةِ الآكِلِ وَالشارِبِ
حَتّى لَقَد عايَنَهُ خَلقُهُ / كَلَحظَةِ الحاجِبِ بِالحاجِبِ
كَتَبتُ وَلَم أَكتُب إِلَيكَ وَإِنَّما
كَتَبتُ وَلَم أَكتُب إِلَيكَ وَإِنَّما / كَتَبتُ إِلى روحي بِغَيرِ كِتابِ
وَذَلِكَ أَنَّ الروحَ لا فَرقَ بَينَها / وَبَينَ مُحَبّيها بِفَصلِ خِطابِ
وَكُلُّ كِتابٍ صادِرٍ مِنكَ وارِدٌ / إِلَيكَ بِلا رَدِّ الجَوابِ جَوابي
لِلعِلمِ أَهلٌ وَلِلإيمانِ تَرتيبُ
لِلعِلمِ أَهلٌ وَلِلإيمانِ تَرتيبُ / وَلِلعُلومِ وَأَهليها تَجاريبُ
وَالعِلمُ عِلمانِ مَطبوعٌ وَمُكتَسَبُ / وَالبَحرُ بِحرانِ مَركوبٌ وَمَرهوبُ
وَالدَهرُ يَومانِ مَذمومٌ وَمُمتَدَحٌ / وَالناسُ اِثنانِ مَمنوحٌ وَمَسلوبُ
فَاِسمَع بِقَلبِكَ ما يَأتيكَ عَن ثقَةٍ / وَاِنظُر بِفَهمِكَ فَالتَمييزُ مَوهوبُ
إِنّي اِرتَقَيتُ إِلى طَودٍ بِلا قَدَمٍ / لَهُ مراقٍ عَلى غَيري مَصاعيبُ
وَخُضتُ بَحراً وَلَم يَرسُب بِهِ قَدَمي / خاضَتهُ روحي وَقَلبي مِنهُ مَرعوبُ
حَصباؤُهُ جَوهَرٌ لَم تَدنُ مِنهُ يَدٌ / لَكَنَّهُ بِيَدِ الأَفهامِ مَنهوبُ
شَرِبتُ مِن مائِهِ رِيّاً بِغَيرِ فَمٍ / وَالماءُ قَد كانَ بِالأَفواهِ مَشروبُ
لِأَنَّ روحي قَديماً فيه قَد عَطِشَت / وَالجِسمُ ما مَسَّهُ مِن قَبلُ تَركيبُ
إِنّي يَتيمٌ وَلي آب أَلوذُ بِهِ / قَلبي لِغَيبَتِهِ ما عِشتُ مَكروبُ
أَعمى بَصيرٌ وَإِني أَبلَهٌ فَطِنٌ / وَلي كَلامٌ إِذا ما شِئتُ مَقلوبُ
وَفِتيَةٍ عَرَفوا ما قَد عَرَفتُ فَهُم / صَحب وَمَن يَحظَ بِالخَيراتِ مَصحوبُ
تَعارَفَت في قَديمِ الذَرِّ أَنفُسُهُم / فَأَشرَقَت شَمسُهُم وَالدَهرُ غَريبُ
طَلَعَت شَمسُ مَن أُحِبُّ بِلَيلٍ
طَلَعَت شَمسُ مَن أُحِبُّ بِلَيلٍ / فَاِستَنارَت فَما لَها مِن غُروبِ
إِنَّ شَمسَ النَهارِ تَغرُبُ بِاللَي / لِ وَشَمسُ القُلوبِ لَيسَ تَغيبُ
مَن أَحَبَّ الحَبيب طارَ إِلَيهِ / اِشتِياقاً إِلى لِقاءِ الحَبيبِ
كَفى حَزناً أَنّي أُناديكَ دائِباً
كَفى حَزناً أَنّي أُناديكَ دائِباً / كَأَنّي بَعيدٌ أَو كَأَنَّكَ غائِبُ
وَأَطلُبُ مِنكَ الفَضلَ مِن غَيرِ رَغبَةٍ / فَلَم أَرَ قَلبي زاهِداً وَهوَ راغِبُ
سَكِرتُ مِنَ المَعنى الَّذي هُوَ طَيِّبُ
سَكِرتُ مِنَ المَعنى الَّذي هُوَ طَيِّبُ / وَلَكِن سُكري بِالمَحَبَّةِ أَعجَبُ
وَما كُلُّ سَكرانٍ يُحَدُّ بِواجِبٍ / فَفي الحُبِّ سَكرانٌ وَلا يَتَأَدَّبُ
تَقومُ السُكارى عَن ثَمانينَ جَلدَةً / صَحاةَ وَسَكرانُ المَحَبَّةِ يُصلَبُ
حنينُ المَريدِ لِشَوقٍ يَزيدُ
حنينُ المَريدِ لِشَوقٍ يَزيدُ / أَنينُ المَريضِ لَفَقدِ الطَبيبِ
قَد اِشتَدَّ حالُ المُريدينَ فيهِ / لَفَقدِ الوِصالِ وَبُعدِ الحَبيبِ
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ / وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ / وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ
إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ / وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابِ
فَيا لَيتَ شُربي مِن وِدادِكَ صافِياً / وَشُربِيَ مِن ماءِ الفُراتِ سَرابُ
أُريدُكَ لا أُريدُكَ لِلثَوابِ
أُريدُكَ لا أُريدُكَ لِلثَوابِ / وَلَكِن أُريدُكَ لِلعِقابِ
فَكُلُّ مَآرِبي قَد نِلتُ مِنها / سِوى مَلذوذِ وَجدي بِالعَذابِ
نِسمَةٌ مِن جَنابِهِ
نِسمَةٌ مِن جَنابِهِ / أَوقَفَتني بِبابِهِ
جَذَبتَني لِوَصلِهِ / أَبَداً وَاِقتِرابِهِ
وَاِستَراحَ الفُؤادُ مِن / هَجرِهِ وَاِحتِجابِهِ
طابَ لي ما سَمِعتُهُ / في الدُجى مِن عِتابِهِ
وَعَلى كُلِّ حالَةٍ / سَكرَتي مِن شَرابِهِ