المجموع : 10
كذبَ الواشي وخاب
كذبَ الواشي وخاب / من رأى الشاعرَ تاب
عمرُهُ فجرٌ من الحبِّ / وليلٌ من شراب
كيف أصحو؟ خمرتي من شفتيكِ / والمنى تضحكُ لي في ناظرَيكِ
وأناشيد الهوى في أذنيك / همساتُ القطرِ بل رنّاتُ أيكِ
غنني يا بلبُلي واسقني يا جدولي / ألليالي الحمرُ لي والشراب
ردّدي ذكرى لقانا الأولِ / وتساقينا كؤوسَ الغَزَلِ
وافتراشَ العشبِ عندَ الجدوَلِ / أنا لا أنسى وقد غنّيتِ لي
عندما الليلُ احتوانا / كيف سالت دمعتانا
وتلاقت شفتانا في الضباب / كذب الواشي وخاب
يا ليالينا على شطِّ الخليجِ / وملاهينا على مرمى الثلوجِ
حَبَّذا لبنان من أفقٍ بهيجِ / فاسفحي الخمرَ على تلكَ المروجِ
واسقني الشهد المذاب / فإذا ولّى الشباب
كل ما يبقى تراب وسراب / كَذَبَ الواشي وخاب
أنا طيف من خيالاتِ الليالي / من صدى الوادي ومن همسِ الدوالي
كم على الصحراء وشيٌ من خيالي / وعلى البحر يتيماتي الغوالي
منهما صغتُ حلاكِ / ومُنى النفس رضاكِ
أنا والشعرُ فداكِ / والشباب
كذب الواشي وخاب / من رأى الشاعر تاب
عمرهُ فجرٌ من الح / بِّ وليلٌ من شراب
لبنان ما لك إن غمزتك تغضب
لبنان ما لك إن غمزتك تغضب / أيجد غيرك في الحياة وتلعب
إني هززتك في البلاء فلم أجد / عزماً يفل ولا إباء يغضب
أما الشعوب فقد تألف شملها / فمتى يؤلف شعبك المتشعب
نضيت موارده وجف أديمه / وتقلص الريان والمُعْشَوْشِبْ
كم مورد لك في السراب وغصة / أرأيت كيف يغص من لا يشرب
نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَ الأَدَبا
نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَ الأَدَبا / وَإِنْ خُلِقْتَ لَها- إِنْ لَمْ تَزُرْ حَلبَا
شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا / في راحَةِ الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحبَبَا
أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْتَارَ حِلْيَتَهُ / وَقَدْ طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّهُبَا
لَوْ أَنْصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ / لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّصُبا
مَلاعِبَ الصِّيْدِ مِنْ حَمْدانَ، ما نَسَلوا / إِلَّا الأَهِلَّةَ وَالأَشْبالَ وَالقُضُبا
أَلخالِعينَ عَلى الأَوْطانِ بَهْجَتَها / وَالرَّافِعينَ عَلى أَرْماحِها القَصبَا
حُسامُهُمْ مانَبا في وَجْهِ مَنْ ضَرَبوا / وَمُهْرُهُمْ ما كَبا في إِثْرِ مَنْ هَرَبا
ما جَرَّدَ الدَّهْرُ سَيْفاً مِثْلَ«سَيْفِهِمِ» / يُجْري بِهِ الدَّمَ أَوْ يُجْري بِهِ الذَّهَبا
رَبُّ القَوافي عَلى الإِطلاقِ شاعِرُهُمْ / أَلخُلْدُ والمَجْدُ في آفاقِهِ اصْطَحَبا
سَيْفانِ في قَبْضَةِ الشَّهْباءِ لا ثُلِما / قَدْ شَرَّفا العُرْبَ بَلْ قَدْ شَرَّفا الأَدَبا
عُرْسٌ مِنَ الجِنِّ في الصَّحْراءِ قَدْ نَصبَوا / لَهُ السُّرادِقَ تَحْتَ الَّليْلِ وَالقُبَبا
كَأَنَّهُ تَدْمُرُ الزَّهْراءُ مارِجَةً / بِمِثْلِ لُسْنِ الأَفاعي تَقْذِفُ اللَّهَبا
يا مُلْبِسَ الحِكْمَةِ الغَرَّاءِ رَوْعَتَها / حَتَّى هَتَفْنَا: أَوَحْيًا قُلْتَ أَمْ أَدَبا
كأَنَّما هِيَ أَصْداءٌ يُرَدِّدُها / هذا إِذا بَثَّ، أَوْ هذا إِذا عَتَبا
قالوا اسْتَباحَ أَرسْطو، حينَ أَعْجَزَهُمْ، / وَإنَّهُ اسْتَلَّ مِنْ آياتِهِ النُّخَبا
مهْلاً، فَما الدَّهْرُ إِلَّا فَيْضُ فَلْسَفَةٍ / يَعودُ بِالدُّرِّ مِنْهُ كُلُّ مَنْ دَأَبا
مَنْ عَلَّمَ ابْنَ أَبي سُلْمَى« حَكيمَتَهُ» / وَقُسَّ ساعِدَةَ الأَمْثالَ وَالخُطَبا؟
قالوا: الجدَيدُ، فَقُلْنا: أَنْتَ حُجَّتُهُ / يا واهِباً كُلَّ عَصْرِ كُلَّ ما خلَبَا
عَفْواً نَبيَّ القَوافي، أَيُّ نابِغَةٍ / لَمْ يَزْرَعوا حَوْلَهُ البُهتْانَ وَالكَذِبَا
مَنَعْتَ عَنْهُمْ ضياءَ الشَّمْسِ فَانْحَجَبوا / فَهَلْ تَلومُهُمُ إِنْ مَزَّقوا الحُجُبا
أَضْرَمْتَ ثَوْرَتَكَ الهَوْجاءَ فَالتَهَمتْ / مِنَ القَريضِ الهَشيمَ الغَثَّ وَالخَشَبا
حَتَّى رَجَعْتَ وَلِلأَقْلامِ هَلْهَلَةٌ / في كَفِّ أَبْلَغِ مَنْ غَنَّى وَمَنْ طَرِبا
غَضِبْتَ لِلْعَقْلِ أَنْ يَشْقى فَثُرْتَ لَهُ / بِمِثْلِ ما انْدفَعَ البُرْكانُ وَاصْطَخَبا
هَلِ النُّبوَّةُ إِلَّا ثَوْرَةٌ عَصَفَتْ / عَلى التَّقاليدِ حَتَّى تَسْتَحيلَ هَبا
ما ضَرَّ مُوقِدَهَا، وَالخُلْدُ مَنْزِلُهُ / إِذا رَمى نَفْسَهُ في نارِها حَطَبا
قولي لشمسك لا تغيبي
قولي لشمسك لا تغيبي / وتكبدي فلك القلوب
بغداد يا وطن الجها / د ومرضع الأدب الخصيب
غناك دجلة والفرا / ت قصائد الزمن العجيب
رقصت قوافيها على / نغم البشائر والحروب
أعراس دارا من مقا / طعها وخيبة سنحريب
حتى إذا طلع الرشي / د وماج في الأفق الرحيب
صهر القرون وصاغها / تاجاً لمفرقك الحبيب
أسد العراق وما الريا / ح الهوج طاغية الهبوب
أمضى وأنفذ منك إذ / تثبين للأمر العصيب
قلمت أظفار الزما / ن ورعت داهية الخطوب
وبنيت بالقلم الحلي / م وبالمهندة الغضوب
مجداً تنقل في العلى / بين الأشعة والطيوب
بغداد يا شغف الجما / ل وملعب الغزل الطروب
بنت المكارم للعرو / بة فيك جامعة القلوب
بيت من الأخلاق ضا / قت عنه أخلاق الشعوب
وسع الديانات السما / ح وضم أشتات الندوب
زفرات أحمد في رسا / لته وآلام الصليب
بغداد ما حمل السرى / مني سوى شبح مريب
جفلت له الصحراء وال / تفت الكثيب إلى الكثيب
وتنصتت زمر الجنا / دب من فويهات الثقوب
يتساءلون وقد رأوا / قيس الملوح في شحوبي
والتمتمات على الشف / ه مضرجات بالنسيب
تبكي لها قبل الصبا / ويذوب فيها كل طيب
يتساءلون: من الفتى ال / عربي في الزي الغريب
صحراء يا بنت السما / ء البكر والوحي الخصيب
أنا لو ذكرت ذكرت أح / لامي وأنغامي وكوبي
إحدى الشموع الذائبا / ت أمام هيكلك الرهيب
أنا دمعة الأدب الحزي / ن رسالة الألم المذيب
من قلب لبنان الكئي / ب لقلب بغداد الكئيب
لبيك نابغة العرا / ق وحجة الشرق القريب
لبيك معجزة البيا / ن الحر والقلم الخصيب
حجاج روحك وهي مل / ء الكون تقذف باللهيب
تخبو الشموس وتنطفي / وتظل نامية الشبوب
حلم سفكت دم الشبا / ب فدى لمبسمه الشنيب
حب الخلود وكم أري / ق عليه من جفن سكيب
لولاه لم تلد الطرو / س الحمر إكليل الأديب
آليت أقتحم الجحي / م على جواد من ذنوبي
فأغوص في الأبدية ال / خرساء والأزل القطوب
أتلمس الأشباح والأ / رواح من خلل الحقوب
حتى إذا انكشف الجحي / م يئز بالضرم الصخوب
سكنت ثائرة الضلو / ع وكاد يصرعني وجيي
وسألت عن دانتي وعن / شيخ المعرة ذي الريوب
أحقيقة عرفا لظى / أم وصف مبتدع نجيب
لجميل ليلى فيه ما / شاء التفنن من ضروب
صور ملونة الجنا / ح على مخيلة خلوب
آليت اقتحم الجحي / م على جواد من ذنوبي
آليت لكني ارعوي / ت وقلت يا نفسي اهدئي بي
مهما سما عقل الحكي / م يزل عن حجب الغيوب
يا فيلسوف العرب وال / أيام كالحة النيوب
هلا ذكرت لنا العرا / ق ومجد غابره الذهيب
يفتر عن مثل ابن سي / نا والنواسي الأريب
إرث وهبت له الصبا / وسقيته دمع المشيب
ونشرت أنجمه على / بغداد من كفن المغيب
شيخ القريض أبا الرصي / ن الجزل والمرح اللعوب
ما زلت ألمحها على / لبنان طافرة الوثوب
من معصم النبع الدفي / ق لمعطف الغصن الرطيب
وأخو الوفا لبنان يرف / ل منه في الثوب القشيب
هو والعراق الحر مه / د هوى وأيكة عندليب
فجران من مزن السما / ء ووردتان على قضيب
يا هندُ قد ألِفَ الخميلَةَ بُلبلٌ
يا هندُ قد ألِفَ الخميلَةَ بُلبلٌ / يشدو فتصطفِقُ الغصونُ وتطرَبُ
تتعَشّقُ الأزهار عذبَ غنائهِ / فإذا شدا فبكُلّ ثغر كوكَبُ
والغصنُ والأوراقُ آذانٌ له / ماذا ترى فيها النسيم يُتَبتِبُ
هو شاعر الأطيار لا متكبّرٌ / صلفٌ ولا هو بالإمارة معجَبُ
وإذا الضحى لمعت بوارق ثغره / نادى بأجناد الطيور تأهبوا
فسمعت للأطيار موسيقى على / نغماتها يأتي النهار ويذحب
والصوت موهبةُ السماء فطائر / يشدو على غصن وآخر ينعب
وسعوا به فإذا الهزار مقفصٌ / والبوم منطلق الجوانحِ يلعبُ
يا هند إني كالهزار فإن يكن / هو مذنبا فأنا كذلك مذنب
ما للشفاه الكسالى لا تزودنا
ما للشفاه الكسالى لا تزودنا / فقد حملنا على أفواهنا القربا
بمهجتي شفة منهن باخلة / جاران ، تحسبنا إن تلقنا ، غربا
أهم بالنظرة العجلى وأمسكها / إذا قرأت على ألحاظها الغضبا
أفدي الشفاه التي شاع الرحيق بها / وهم بالكأس ساقيها وما سكبا
أأمنع الشفة الدنيا ، ولو طمحت / نفسي إلى شفة الفردوس ما انحجبا
وبمطر الضيم في أرضي وأشربه / وكنت لا أرتضي أن أشرب السحبا
ذر الليالي تمعن في غوايتها / فقد حشدت لها الأخلاق والعربا
خذ الطريق الذي يرضى الفؤاد به / ولا تخف ، فقديماً ماتت الرقبا
واسكب على راحتيها روح عاشقها / ومص من شفتيها الشعر والعنبا
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ / من يدِ المجد أحمرَ الجلبابِ
فهوَت أمةٌ عليه تُفَديهِ / بمنخوبِ شيبها والشبابِ
تتلوّى تحت المصاب وتصغي / لحديثِ الدموع في الأهدابِ
مأتمٌ في الخدودِ للأدمعِ الحمراء / ما بينَ مستهِلّ وخابِ
يتعَثّرن تارةً بالذي جفّ / وحينا يطفونَ طفوَ الحَبابِ
خطباءُ المآتمِ الخرسُ هذا / ذو اقتضابٍ وذاك ذو إسهابِ
كبقايا جيشٍ كسيح من الشهب / ترامى الشهاب إثرَ الشهاب
أبلغُ الشعرِ دمعةٌ تتلَظّى / فوق خدّ لا صفحةٌ في كتابِ
أطغى البحرُ ذو العباب على العربِ / فَلَفّ القصورَ بالأطنابِ
أم هو الحشر يوم زلزلت الأرضُ / على صوت بوقها الصخّاب
سأل السيل نفسه ما سيولٌ / من شعوب سدّت عليّ شعابي
كنشاوى مدهدهين أراقوا / فضلات الحلومِ في الأكوابِ
سكرةُ الحزن سكرةٌ ليس يصحو / المرء منها ما دام فوق الترابِ
تتغذّى بالذكريات وتنمو / بمآسي الأوطان والأحباب
إي أبا طارقوعهدكَ بالأيام / عهد الكفاحِ والأوصابِ
اي دائيك كان أفتك بالجسم / وأورى لثورة الأعصاب
عزمةٌ تقطع الحديد وجسمٌ / في قميص من الضنى والعذاب
تتلاقى عليه آمال شعبٍ / بين دفع من دهرها وانجذاب
ما رأينا طيفا أخفّ من الظلّ / على كاهليه شمّ الهضاب
ليس يزري القراب من رونق السيف / إذا كان عبقريّ الذباب
كم نحول يشفّ عن نفس جبار / جريءٍ الفعال ضخم الرغاب
قوّة الروح والعقيدة جيشٌ / من لهيب وقائد من صواب
حقّرت قوةّ الجسوم وأزرَت / بالسرايا وعسكرت في الروابي
يا دماء الشباب ما أنت إلا / ذائب الطيب يا دماء الشباب
أدفقي رحمةً ونورا وكوني / جدول السفح أو هزارَ الغابِ
لا تضنّي على الحراب وإن آذتك / بل عطري رؤوس الحراب
إملئيها شذى كما يملأ الورد / يد الجارحيه بالأطياب
قطرةٌ منك بسمة في فم الرفق / تردّ السيوفَ وهي نوابِ
كل حق لم تسقهِ لضَياعٍ / كلّ صرح لم تبنِهِ لتَبابِ
كم سياج من الحديد تعفّى / وسياجٍ باقٍ من الآداب
شرِقَت مقلَةُ المنابرِ بالدمع / ورقّ المحرابُ للمحرابِ
والليالي عوابسٌ والأماني / تائهاتٌ على الفساح الرحاب
والعناقيد من أغان ومن شعر / تتلوّى على الثرى المخضاب
فحنا قلبيَ الجريحُ عليها / كحُنُوّ الندى على الأعشاب
أنا منها وقلبُ لبنان في / قلبي وأهدابهُ على أهدابي
مَنِ الناعبُ قبل الفجرِ
مَنِ الناعبُ قبل الفجرِ / من هذا على البابِ
أعيذُ القبحَ من قبحٍ / بأظفارٍ وأنيابِ
أقبلَ الشمس في الآف / اق والعصفور في الغابِ
وما زار الكرى جفني / ولم تعلقُهُ أهدابي
ولا غدّيت أطفالي / سوى همّي وأوصابي
فراشي يا وقاكَ الله من / ه بعضُ أعشابِ
وهذي كوبَتي الفخّ / ار ما فيها سوى صاب
فما تبغيهَ في باني / ومن أنت أنا الجابي
إليهي أي دهياء / يردّي مثلها مثلي
ويشكو فقرهُ قبوي / ويشكو محلهُ حقلي
وشاتي وهيَ أمّ البي / ت يشكو ضرعها طفلي
رويداً يا أخا الهيج / اء قد اسرفتَ في القتل
ألا تبقي على شيء / فمن يحيا بلا أكل
كفانا أننا نمشي / من البؤس بلا نعل
وأنا نمضغُ الموتَي / نش من ظلمٍ ومن ذلّ
فمن أغرى الرزايا بي / ومن أنت أنا الجابي
بربّ الأرزِ حدثني / أحقّا قولهُم حقا
بأن الناس في بيروت / لا تشقى كما نشقى
وأن الأتنَ والثيرانَ / تلقى العطفَ والرفقا
فإن صح الذي قالوا / أيرضى العدل ذا الفرقا
ويرضى صاحب السلطان / أن نفنى وأن يبقى
أللحكام ما نجني / متى كنا لهم رزقا
كذا يلقى الذي / يبتاع بالحريّة الرقا
فعد بالله عن بابي / وخذ ما شئت يا جابي
لمن ينساق هذا المال / قولي يا سما قولي
ايلولٌ على الأبواب / لا عشنا لأيلول
يباع الخبز في بيتي / لتزمير وتطبيل
وخنق الدمعة الحمراء / في كف الأباطيل
أيحيا عيد أيلول / على مليون مقتول
ولا يرثي ألو الأمر / لأشباح مهازيل
نيام بين توراة / وقرآن وإنجيل
فما في الغاب من ناب / فزمجِر أيها الجابي
ألا سيفٌ من الإيمانِ / يبري السيف مسنونا
يجلّي عن سما الأوطان / هذا الذل والهونا
يقود إلى جنون المج / د أبطالاً مجانينا
بقلب يحمل الآمال / والآلام والدينا
يهزّ القوم بالذكرة / وقد ينسى الفتى حينا
إذا أعطيت وعد الحرّ / كان الوعد مأمونا
ولكن ليسَ في الباب / سوى الجنديّ والجابي
أحين صارَ تراباً
أحين صارَ تراباً / لقد أتيتُم عجابا
يا أمةً لا أراها / تخطو إلى الحق قابا
ألموتُ أكرمُ نفساً / والقبرُ أرحَبُ بابا
قد صافحاه عقابا / وعانقاه شهابا
قل للعراقِ أيقضي / شيخُ العراق اغترابا
يؤّلّفُ البؤسُ منهُ / في كل يوم كتابا
وقد بنى لك بيتاً / من العلى جوّابا
بيتا بناه وبيتاً / أقام فيه خرابا
نفسُ الأبيّ كدمعِ / الشجاع تأبى انسكابا
ورُبّ دمعَةِ شيخٍ / تُنسى الشباب الشبابا
إن لم تخَف أيّ شيءٍ / خفِ الدموعَ الغِضابا
لا يكرِمُ الله شعباً / لا يكرِمُ الآدابا
حظُّ النبوغ لديهِ / أن لا ينالَ ثوابا
يغذى ولكن كلاما / يسقى ولكن سرابا
والله حلفضةِ حرٍّ / يرى المعالي غلابا
والحقّ للحقّ شقَّ / اليراعُ عنهُ الحجابا
إن لم نبّر القوافي / المسوّمات العرابا
ونرفَعِ الأدبَ السمح / والبيان الُّلبابا
عَضَّ الحديد علينا / وحدّد الدهر نابا
شيخ القوافي سلامٌ / ومن يردّ الجوابا
قد كنت ظلاّ فوَلّى / وكنت نورا فغابا
يا شعر أي عزاء / ينسيك هذا المصابا
محا البكا سحر / عينيك والثنايا العذابا
وكنت حلم الليالي / والروضَ والأكوابا
لا يرجع الميتَ حيا / بنيانُك الأنصابا
فلا تمنّ عليه / زار الترابُ ترابا
إذا ما ضربت الكلب يعوي، ورُبَّما
إذا ما ضربت الكلب يعوي، ورُبَّما / تقَحَّمَ مُؤْذيه وعضَّ بنابه
وفي الشَّرْقِ ناسٌ، لو سحقت رؤوسهم / لما نبسوا... فليخجلوا من كلابه