المجموع : 19
إذا استشرفت عيانك جانب تَلعةٍ
إذا استشرفت عيانك جانب تَلعةٍ / جَلَت لك أُخرى من رُبَاها جوانبا
يُضَاحِكُنا نَوَّارها فكأنَّما / نُغَازل بين الرَّوض منها حَبَائبا
تبَسَّم فيها الأُقحوَان فخِلتُهُ / تلَقَّاكَ مرتاحاً إِليكَ مُدَاعِبا
وَحَلَّ نقاب الوَردِ فاهتزَّ يَدَّعى / بواديه في وَردِ الخدود مَنَاسبا
أقولُ وما في الأرضِ غيرُ قرارةٍ / تُصافحُ رَوضاً حَولها متقارباً
أباتت يَدُ الأستاذِ بين رياضها / تَدفَّقُ أم أهدَت إليها سَحَائبا
أألبسَها أَخلاقَه الغُرَّ فاغتدَت / كواكبها تَجلُو علينا كَوكَبا
أَوشَّت حواشيها خَوَاطرُ فكرِهِ / فأبدَت من الزهر الأَنيق غَرائبا
أَهَزَّ الصَّبا قُضبَانَهَا كاهتزازه / إذا لَمَست كفَّيه كَفَّك طالبا
أَخالته يصبُو نحوها فتزيَّنَت / تؤمِّل أن يختارَ منها مَلاعبا
وما الشِّعرُ إلا ما استَفَزَّ ممدَّحاً
وما الشِّعرُ إلا ما استَفَزَّ ممدَّحاً / وأَطربَ مُشتَاقاً وأَرضى مُغاضبا
أطاع فلم تُوجّد قوافيه نُفَّراً / ولم تأتهِ الألفاظُ حَسرَى لَواغَبَا
وفي الناس أَتبَاعُ القَوَافِي تراهُمُ / يبثُّونَ في آثارهن الَمقَانبَا
إذا لَحَظُوا حرفَ الرَّوي تَبَادَرُوا / وقد تركوا الَمعنى مع اللفظ جَانِبا
وإن مُنِعُوا حُرَّ الكَلامِ تَطَرَّقوا / حَوَاشيها فاجتَاحوا الضَّيعفَ الُمقَاربَا
ولكنني أرمي بكلِّ بديعةٍ / تَبتنَ بأَلباب الرجالِ لَوَاعِبَا
تسير ولم تَرحل وتدنو وقد نَأَت / وتكسب حُفَّاظَ الرِّجال المراتبا
ترى النَّاس إمَّا مُستَهَاماً بِذِكرِهَا / وَلُوعاً وإمَّا مُستَعيراً وغاصِباً
أَذودُ لَئام الناسِ عنها وأتقي / على حَسَبي إن لم أَصُنهَا الَمعَايبا
وأعضُلُها حتى إذا جاء كُفؤُها / سمحتُ بها مستشرفات كواعبا
وَأَيُّ غيورٍ لا يجيبُ وقد رأى / مكارمَك اللاتي أَتَينَ خواطِبا
ألم تَرَ أنواءَ الربيع كأنما
ألم تَرَ أنواءَ الربيع كأنما / نَشَرنَ على الآفا وَشيَاً مُذهّبا
فمن شجرٍ أظهرنَ فيه طَلاقَةً / وكان عَبُوسا قبلَهُن مُقَطَّبا
ومن روضَى قَضَّى الشتاء حِدَادهَا / فَوشَّحنَ عطفَيهَا مُلاءً مُطَيَّبا
سقاها سُلافُ الغيثِ رَيَّاً فأصبَحت / تَمايَلُ سُكراً كلما هَبَّت الصبَّا
كأنَّ سجَايا شيرزاد تَمدُّها / فقد أمنت من أن تُحولَ وتَشحُبا
أعلى المطالبِ أدناها إلى العَطَب
أعلى المطالبِ أدناها إلى العَطَب / وأمجدُ السُّبل أقصاها عن الأدبِ
ولا أرى في الورى شيئين بينهما / كبُعد ما بين هذا العلم والنَّشَبِ
وربما أشرفَ المجدودُ في دَعةٍ / على مراتبَ قد أعيَت على الطَّلَب
ولما تداعَت للغروب شُمُوسُهُم
ولما تداعَت للغروب شُمُوسُهُم / وَقُمنَا لتَوديعِ الفريقِ الُمغَربِ
تلقَّينَ أطرافَ السُّجُوفِ بمشرقٍ / لُهنَّ وأَعطافَ الخدور بمغربِ
فما سرنَ إلا بين دَمعٍ مُصَبَّغٍ / ولا قُمنَ إلا فوق قَلب معذَّب
كأن فؤادي قرنُ قابوسَ رَاعَهُ / تَلاعُبُهُ بالفَيلَقِ الُمتأَشِب
لَقيتُ أبا يحيى عشيَّةَ جِئتُه
لَقيتُ أبا يحيى عشيَّةَ جِئتُه / كَرِيمَ الُمحيَّا ظَاهرَ البشرِ واقلب
كريمٌ كَنَصلِ السَّيفِ يهتزُّ للنَّدى / كما اهتزَّ ماضٍ للضريبةِ واقلب
حِمارٍ دَاخِلٌ في / ولا تقلبَنَّ هذا فليسَ بواقلب
أحبُّ اسمه من أجله وسَميَّهُ
أحبُّ اسمه من أجله وسَميَّهُ / وَيَتبعُهُ في كلِّ أَخلاقه قَلبي
ويَجتازُ بالقوم العِدا فَأُحبُّهُم / وكلهم طاوِي الضَّميرِ على حربي
إلى الله أشكو ما اُلاقي لعلهَّ / يَمُنُّ بحال يجمعُ الشَّمل عن قُربِ
إذا قلت لم تبلُغ بيَ السِّنُّ مَبلَغاً / وُعِظتُ بطفلٍ صار قبلي إلى التُّربِ
إذا انحازَ عنك الغوثُ واحتفلَ العدا
إذا انحازَ عنك الغوثُ واحتفلَ العدا / عليك فَصَرِّح باسمِهِ الفرد واغلبِ
فلو طُبعت بيضُ السيوفِ على اسمه / مَضت وهي في الأغماد في كلِّ مَضربِ
وما خَلَعت للمرءِ مَسعاهُ والدٍ / إذا لم تقابله بحالٍ مُهذَّبِ
وما بَالُ هذا الدهرِ يَطوي جَوَانحي
وما بَالُ هذا الدهرِ يَطوي جَوَانحي / على نَفسٍ محزونٍ وقلب كئيبِ
تُقسمُني الأيامُ قسمةَ جائر / على نَضرةٍ من حولها وشُحُوبِ
كأَنِّي في كفِّ الوزير رَغِيبَةٌ / تُقَسَّمُ في جَدوى أَغَرَّ وهُوبِ
فإن يكُ قد سَلا وثَنَاهُ عَنِّي
فإن يكُ قد سَلا وثَنَاهُ عَنِّي / رَضاعُ الكأس أو ظبيٌ ربيبُ
تُسَلِّطُه النفوسُ على هَواها / وتُعطِيه أزمَّتَها القلوبُ
بأعطافٍ تُباحُ لها المعاصي / وألحاظٍ تَحِلُّ لها الذُّنوبُ
فلي كَبِدٌ به حَرَّى وقَلبٌ / على ما فيه من كَمَدٍ طَرُوبُ
الدَّهرُ مُستَعجِل يَخُبُّ
الدَّهرُ مُستَعجِل يَخُبُّ / فاختِم وطينُ الكتابِ رَطبُ
إن الذي أنتَ فيه حُلمٌ / وسوف تنساه إذ تَهُبُّ
تَوَقَّ مكرَ الزَّمانِ واحذَر / ولا تثق فالزَّمانُ خِبُّ
جميعُ أحوالِه غُرُورٌ / وَجلُّ ما نحن فيهِ لعبُ
وَلَيسَ يبقى عليه شيء / يكرهُهُ الَمرءُ أو يُحبُّ
بك الدهر يَندَى ظلُّه وَيَطيبُ
بك الدهر يَندَى ظلُّه وَيَطيبُ / ويُقلعُ عما ساءنا وَيَتُوبُ
ونَحمَدُ آثارَ الزمان وَرُبَّما / ظللنا وَأَوقاتُ الزَّمان ذُنُوبُ
أفي كلِّ يومٍ للمكارمِ روعةٌ / لها في قلوبِ الَمكرُماتِ وَجيبُ
تَقَسَّمتِ العلياءُ جسمَك كُلَّه / فمن أين فيه للسَّقام نصيبُ
إذا أَلمَت نَفسُ الوزيرِ تألَّمت / لها أَنفسٌ تحيا بها وقلوب
والله لاحظتُ وجهاً أُحبُّهُ / حياتي وفي وجه الوزير شُحُوبُ
وليس شُحُوباً ما أراه بوجههِ / ولكنَّهُ في الَمكرُماتِ نُدُوبُ
فلا تَجز عَن تلك السماءُ تَغَيَّمَت / فَعَمَّا قليل تَبتَدِي فَتَصُوبُ
وقد تَنجلي الشمس بعد استتارها / وَينقُصُ ضَوءُ البدرِ ثم يَثوبُ
تهلل وجهُ المجدِ وابتسم النَّدى / وأصبح غُصنُ الفضلِ وهو رَطيبُ
فلا زَالت الدُّنيا بملكك طلقَةً / ولا زال فيها من ظلاِلك طيبُ
ويا شمس لا تجري على غير مخلص / بطاعته يدعو بها ويُجيبُ
ويا دهر لا تهجم بمن لا تودَّه / على ساعةٍ يصفو له ويطيبُ
فإنَّ دعائي مُستجابٌ لأنَّهُ / سُلالةُ قلبي والقلوب ضُرُوبُ
وشكرتُ ما أوليتني ونشرتُه
وشكرتُ ما أوليتني ونشرتُه / في الناسِ فهو مُشَرِّقٌ ومُغَرِّبُ
من أين للعارِضِ السَّاري تلهُّبُه
من أين للعارِضِ السَّاري تلهُّبُه / وكيفَ طَبَّق وَجهَ الأَرضِ صَيِّبُه
هل استعانَ جُفُوني فهيَ تُنجِدُهُ / أم استعارَ فُؤادي فهو يُلهبُهُ
بجانب الكرخ من بغدادَ لي سَكَنٌ / لولا التَجَمُّلُ ما أَنفَكُّ أَندبُهُ
وصاحبٍ ما صَحِبتُ الصَّبرَ مذ بَعُدت / ديارُهُ وأرِاني لستُ أَصحبُهُ
في كل يومٍ لعَيني ما يؤرِّقُها / من ذِكرِه ولقلَبي ما يُعَذِّبُه
ما زال يُبِعدُني عنه وأُتبِعُهُ / ويستمرُّ على ظُلمي وأعتبُهُ
حتى لَوَت لي النوى من طولِ جَفوِتهِ / وَسَهَّلت لي سبيلاً كنت أَرهبُهُ
وما البعادُ دَهَاني بل خَلائقُه / ولا الفراقُ شَجاني بل تجنُّبهُ
لو أن قلبي على ما فيه من جَزَعٍ / يَومَ النَّوَى بيدي ما ضاق مهرَبُه
إذاً لَجُدتُ به طوعاً بينهم / كي لا أكون برغمي حين أَسلبهُ
ما فائت بذَلَتهُ النَّفسُ طائعةً / كما تُمانع عنه ثم تُغلبُه
فتىً يَستَمدُّ البدرُ من فضلِ نورِه
فتىً يَستَمدُّ البدرُ من فضلِ نورِه / ويُقسمُ أن يَرنُو إليه كواكبُهُ
فَحامت على هامِ العِداةِ سيوفُه / سوحَّت على أيدي العُفاةِ سحائبُه
يا مَن إذا نظر الزما
يا مَن إذا نظر الزما / ن إليه أَكثرَ عُجبَهُ
رحَلَ المصيفُ فلا تَزَل / أبداً تُوَدِّعُ رَكبَهُ
وبدا الخَريفُ فحيِّ خا / لصةَ الزمانِ ولُبَّهُ
زمنٌ كَخَلقك ناضِرٌ / إن كان خَلقُكَ يُشَبَّه
رقَّ الهواءُ فما تَرَى / نَفَساً يعالجُ كَربَهُ
وَصَفا وإن لاحَظتَ أب / عَدَهُ ظننتُكَ قُربَهُ
فلو استحالَ مُدامَةً / ما كنتُ أحظُرُ شُربَهُ
فتهنَّهُ يا فَردَه / وتملَّه يا قُطبَهُ
وأَغَنَّ من أربابِه أُرزى به
وأَغَنَّ من أربابِه أُرزى به / قلبي إلى أَوصابه أَوصَى به
ذي شافعٍ يوم النَّوى أضحى به / شُكرُ الهَوَى العُذرِيِّ من أَصحَابِه
أسلى به عن كلِّ مَن أحبَبتُه / وأَظلُّ دون الخلقِ من أَسلابِه
ويُغيرُني في الحُبِّ ما ألقى بهِ / فأَوَدُّ لو وُرِّيتُ عن ألقابه
كم مَنزلٍ بالأَبرقين ثَوى بهِ / لم يَقضِ فيه الصَّبُّ حقَّ ثوابهِ
أَتُرى به الحبيب نخوة قادرٍ / فيَسُومني للعزِّ لثمَ تُرابه
فرحا به الطللان حين رآهما / ما بين رَملَةِ عالج فرحابه
ووَشى به خَطُّ العذارِ بخدِّه / مالا أعارت لحظه فوشَى به
وَجَوَى به قلبٌ تَضاعَفَ حُبُّه / وبِردِّ جوَّاه لرد جوابه
إن كنتَ تطمعُ في هواه فغابه / فالليثُ لا يُسطَى عليه بغابه
بَصَري وسمعي في الهوى طلابه / عَبثاً كما طلت دماء طُلاَبه
وشرى به قلبي غداةَ فراقه / صبرٌ مرير بين كأسِ شَرَابهِ
وجنى به ثَمَرَ الصَّبَابة يانعاً / صب ألم بدارِه وَجَنابِهِ
ومن العجائبِ مَنزِلٌ أَزوي به / وأذوبُ من ظمأ فلا أَزوي بِهِ
لو نُفضَت أَشعارُهُ نَفضَةً
لو نُفضَت أَشعارُهُ نَفضَةً / لانتشرت تَطلُبُ أَصحَابَها
قَصيرُ الثِّيابِ فَاحشٌ عِندَ بَيتِه
قَصيرُ الثِّيابِ فَاحشٌ عِندَ بَيتِه / وشَرُّ قُرَيشٍ في قُريشٍ مُركبا