المجموع : 10
دعا عذلي لم يبق عقلا ولا لبّا
دعا عذلي لم يبق عقلا ولا لبّا / مبيب دعاه البين فارتقت إذ لبى
وولى فولّت نضرة العيش بعده / وأضحى فؤادي مستهاما به صبا
يموت اشتياقا كلما عن ذكركم / فيحييه خقاق النسيم إذا هبا
فيا عين ما أبكى ويا قلب ما أشجى / ويا صبر ما أفنى ويا نفس ما أصبا
أأسي بموسى مستهاما معذّباً / أرى مرما ألقاه في حبّه عذبا
ويكثر عذلي في هواه عصابة / جعلت لرأسي من خلافهم عصبا
وقد ظهرت آياته في جماله / فيا حسنها من معجزات ويا عجبا
لئن ظهرت آي ابن عمران في العصا / فآيات هذا في عذار له دبا
إذا ضرب الخالين من سورة الهوى / يفجّر من حبّ القلوب له حبّا
وإن هو ألقاه لسال عن الهوى / تلقّف منه العقل والقلب والليا
إذا ما بدا في صفحة الخد مرسلا / تبيّن أن الحسن كان له ربا
فيا هاجري من غير ذنب جنتيه / أيجمل أن أرضاك خبا وأن تأبى
أيها الصاحب المعظّمُ إني
أيها الصاحب المعظّمُ إني / أتشكّى اليك من أوصابي
أعقبتني الصهباء أمسِ خمارا / راح في القلب مثل وخزِ الحرابِ
وسؤالي من حسن رأيك أن تن / في خماري بلعقة من شراب
وإذا لم يكن لديك شراب / فانف عنّي الخمار بالجلاب
تبسّم برقُ الحيا فانتحب
تبسّم برقُ الحيا فانتحب / فأبدى الربيع فنون الطرب
ودارت عليه حميّا السحاب / فشقّ من السكر حبيب العشب
فبادر إلى صرف همّ الفؤاد / بصرف مدام تحاكي اللهب
إذا أنكحوها بصفو الزلال / تولّد إذ ذاك منها الحبَب
وقد خلقت قبل خلق الزمان / فجاءت لذاك تعُدّ الحقَب
إذا قطبَ الكأس فاجعل له / يمينيك لما يدورُ القطب
وحسبك من أعجم ناطقٍ / تطيش العقول إذا ما اصطخب
إذا حركته يدا حاذقٍ / تحرك وافى النهى واضطرب
إذا ما أجدّ بأوتارهِ / أجبا الهوى منه داعي اللعب
ويا بأبي دمية حلّلت / دمي فاغتدى للنوى منسكب
نأت ونأت دارُها فاغتدى / فؤادي للبعد صبا وصب
ولم أنس ليلتنا بالكثب / إذ شملنا معها في كثب
وقد عقد الول لي باللوى / لواء وعيشتنا تنتهب
ونحن نصوك بجيش الوصال / ونسطو على حادثات النوب
فاجني من الوجنة الجلنار / وأرشف من تحت درّ ضرب
فويلاه إذ صاح فيدارنا / غراب على غصن من غرب
ففرق من شملنا جامعا / وبعد من ربعنا ما اقترب
ألا يا لقومي من مدنفٍ / نصبن له شركا من نصب
ويا قاتل الله جند الهوى / تذِلّ العزيز وتوهي الحسب
وإنا سلالة ماء السماء / فرعنا عُلا باذخات الرتب
فخرنا الملوك وطلنا الورى / وسدنا على عجمهم والعرَب
وأيا منا مثك ما قد عل / ت بؤس ويوم نعيم يحب
فأموا النافرقت في الورى / وأفعالنا جمعت في الكتب
وفينا العلوم وفينا الحكوم / تليد وطار فيها المكتسب
ولحم لها شرف باذخ / وأبوابها مستقر الطلب
أصول زكت وفروع نمت / فمدّت من الفخر أقوى سبَب
وركب تساقوا بكاس السرى / وكاسِ الكرى والندامى النجُب
يؤمون بحراً من المكرماتِ / فقلتُ طلابكمُ في حلب
قفوا بيني زهرة الأكرمين / فجودُ يديهم قصارى الأرب
وأموا النقيب فإن الحيا / إذا راؤه بالحباء انتقب
رحيب الفنا ومفيد الغنى / ومعطي المنى ومزيل الكرب
هو الشمس لكنّه دون من / يؤمّلهُ ليس بالمحتجب
حمى عرضه وأباح اللها / فأعراضهُ بالندى تنتهب
غدا المال محتقراً عنده / وعند الأنام غدا محتقب
يشيد شريعة آبائه / بعلم ونسك يزينُ الأدب
اقلّ فضائله إذ يعد / دبين الأنام علوم الأدب
لقد خصّهُ اللّه بالمكرمات / على من بقي وعلى من ذهب
مناقب يعجز عن حصرها / بنظم المديح ونثر الخطب
فيابن العطايا إذا ما احتبى / ويا ابن النبي إذا ما انتسب
تستهل اخلاقك الباهرا / ت نظم القريض إذا ما صعُب
ومن يستطيع مديحا لكم / وقد أنزل الله فيه الكتب
فيا ابن الحواميم في مدحكم / جفاني أخ وابن عمّ وأب
وإني أرى الدين لا يستتم / إلا بحبّكم إذ وجب
نزلت بربعك الفيتة / رحيب الغناء لذيذ الترب
فأكرمتني إذ جفاني الصديقُ / وباعدني الصاحب المقترب
طب اعل ارق زدعد مر انه احمم صب / جد انعم خذ اسلم عش آزه اسرجب
فلست أهنّيك بالعيد إذ / له بك أسنى التهاني نجب
فدمت له ولأمثاله / بمرتبةٍ من أجلّ الرتَب
ولا عدمَ الناس منك أمرأً / يصوب إذا أخلفتنا السحُب
سلام عليكم والتحية تكتبُ
سلام عليكم والتحية تكتبُ / إذا عزّ ممن نرتجيهِ التقرّبُ
وتهدي واهداء السلام بحاجبٍ / يكون وذو رد السلام محجّبُ
وما زال عندي الشوق نحوكَ دائماً / أغالبه والشوقُ لا شك أغلب
وفضلك يحدوني إليك وإنني / لذو كلف بالفضل والفضل معجب
فشرق حتى ما خلا منه مشرق / وغرب حتى ما انزوى عنه مغرب
ولا فخر في الدنيا بغير فضائل / يمدّ رواقُ المجد منها ويضربُ
وما الملك إلا حلية مستعارة / تجيء الفتى في عمره ثم تذهب
وإبقاء مجد م ثناء مخلد / ألذّ شذاً من مندلجا وأطيبُ
ترجى وذا فخز المرجّى وإنّما / فخار الفتى من حيث يرجو ويطيب
وكل امرء يولي الجميل محبّب / وكل مكان ينبت العز طبب
ولم أك إذ يممت ربعك منشدا / ولست بمستبق وأنت المهذب
فإن شملتني منك أدنى عناية / فما بين قصدي والغنى متطلب
فواللّه قد أصبحتُ في الناس مملقا / وقلبي لأملاقي من المال قلّبُ
وأنت سماء المكرماتِ وإنما / يرجّي السماء الناسُ حين تحجّبُ
أضرّ بي إذا جدّ في كعبه
أضرّ بي إذا جدّ في كعبه / ظبي غدا والفؤاد من سلبه
صبّ حبا بالبعاد مجتهداً / فيه وصبّ صبا إلى وصبه
مستعذب في الهوى العذابَ ولا / يلغى أريب والصد من أربه
يا من لدامي الجفون ساهرها / أم من لصبّ الفؤاد مكتبه
رماه رام قد رام قتلتهُ / فأقصدته سهام مستلبه
حكى رقادي جفان مجتنبا / والقلب يحكي خدّيه في لهبه
فز فرتي من هواه في صعد / والدمع من منتآه في صبَبه
كم صدّ عنّي ودارهُ صدد / منّي فراحَ الفؤادُ في كربِه
فمن مجيري من الصدود فكم / أخلصُ من حربه إلى حزبه
يا ليلةً لذّ لي العتاب بها / فيه ويا طيبه لمجتذ به
وباللّوى ما لوى الحبيبُ لنا / دينا وهضب الكثيب في كثبه
أسوف مسكا ما بين أترابنا / فيه ونشر العبير من تربه
واليوم من كنت فيه آلفهُ / نيتابه الدهر من ردى نوبه
يا رقدة لم يزل يزورّها / لي أملي فالحياة من كذبه
أروم فيها زور الخيال وهل / محتقب للمنى مدى حقبه
لو زال بؤسي حظيت منه بما / أملّ قلبي من منتهى طلبه
أو كان بهرام شاه يلحظني / بعين حبّ تدني إلى قربه
ملك إذا ما الأنام عادله / فالفخر في عجمه وفي عربه
علا يا دارك كل مكرمة / فراح في إسمه وفي لقبه
ما زلت أحدو إلى زبارنهِ / تجائب العزم غير مضطربه
حتى أنيخَ السرى قرأت لها / بيت حبيب وكان أجدر به
ترمي بأشباحنا إلى ملكٍ / تأخذ من ماله ومن أدبه
الملك الأمجد الهمام ومن / في مدحه راح منتشى طربه
فاق جميع الملوك في علمه ال / جمّ وفي جوده وفي نسبه
مشترك في ذرى فواضله ال / قاصي وحظ الداني على صغبه
والجود ما سار في البلاد مسي / ر الغيث تروي الأنام من سحبه
أغنى جميع العفاة من رغبه / وكفّ جمع الطغاة من رهبه
علم لو أن الخليل يسمعه / هجّن ما قد حواه في كتبه
والعلماء الماضون ما انتخبوا / من غرر الفضل منتخبه
مولى ملوك الأنام قاطبةً / فيمم البحر وامض عن قلبِه
فالعلم والحلم والفصاحة وال / سؤدد والمكرمات من رتبه
والطعن والضرب والمواهب من / رماحهِ أو يديه أو قضبه
حياة هذا الورى رضاه كما / مماتهم في اليسير من غضبه
قد عرف الدهر حقّ معرفةٍ / فالحمد والشرك جدّ مكتسبه
فقد تعرّى مما يشينُ كما / قد اكتسى ما يزين من رغبه
يا ملكا ربعه ربيع ندى / نيل الأماني لديه من عشبه
عذراً فمن كان جدّ يغيته / حصر معاليك ظلّ في تعبه
لا يبلغ اللفظ وصفكم لفتىً / بجهد في شعره وفي خطبه
جزتم وقد حزتم المكارم عن / كل مقال بروقُ من عجبِه
ما بعد رامة للمشتاق من إرب
ما بعد رامة للمشتاق من إرب / فاحبس بها فإليها منتهى طلبي
وقف بها وقفة تشفي الفؤاد بها / مما يعانيه من داء ومن وصبِ
واحلل عرى دمعك المقصود في دمق / قد أقفرت بعد بين الخرّد العرُبِ
يا دار لا زال درّ الغيث منهمراً / في عرصيتك بفيض غير منقضب
وإن جفتك غوادي المزن هامية / سقاك دمع جفون جدّ منسكب
حلّاك إذ حلّ في مغناك منه حلىً / يروقُ منظرُها بالزهر والعُشُبِ
حلّلتها بعد شمل كاف مقترباً / في ربعها ببعاد غير مقترب
وشملنا في اجتماعٍ والزمان لنا / مساعف ومحلّ الدار في صقب
ولم ترعنا من التفريق حادثة / ولا تعدّى إلينا قادح النوبِ
وودّ لمياء لا شيء يدنّسهُ / كذاك وذّي لها عار من الريب
وليلة بتّ أجني من مراشفها / رضاب ثغر حكى ضربا من الضرَبِ
إذ غادرت حندس الظلماء وهو ضحى / من نور وجه بريك الشمس لم تغبِ
عاطيتُها خمرة حمراء صدافية / تخال في كاسها جمرا من اللهب
كأنّ في اليد منها بعدما مزجت / يا قوتة رصّعت من لؤلؤ الحبَبِ
لم يخلق الدهر إلّا وهيَ كائنة / في دنّها قبل خلق الكرم والعنبِ
حتى بدا الصبحُ يحكى في تبلّجهِ / وجه المليك عماد الدين ذي الرتب
ملك له بأسُ من لا يرتجى أبداً / وجود من كفّه توفي على السحُبِ
نعمى أبى الفتح من أغنت فواضلهُ / ذوي المقاصد من فاء ومقترب
ملك إذا ما البحار السبع قست بها / جدوى أياديه عادت منه كالقلبِ
إذا تناسب هذا الناس وافتخروا / كانت مناقبه أعلى منَ النسب
تجيي عطاياه ميتَ المكرمات كما / تنسي سجاياهُ ما قد خطّ في الكتبِ
فارقب رضاه وكن منه على ثقةٍ / وخف سطاه إذاً في ساعة الغضَبِ
لم يعتقل سمهريا يوم معركةٍ / إلّا وقام مقام الجحفل اللجب
نابت مهابتهُ عن سيفهِ وقفت / نفوسُ أعدائهِ من شدّةِ الرعُبِ
فاسأل أعاديه عن افعاله فلكم / كساهم الذلّ بعد الويل والحرَبِ
لم ينج منهم سوى من كان عصمتهُ / من خيفة القتل ما أعياه من هربِ
ملك الورى دعوةً منّي على مضضٍ / من الزمان الذي أخنى بلا سببِ
أودى تلادي وولى بعده تبعا / حتا طريفي وما جمعت من نشَبِ
وكان قد غفلت عني حوادثهُ / في بغلة كنت أقضي فوقها أربي
حتى ألمّ بها منه الردى فغدا / قلبي قتيل الأسى والهمّ والنصَبِ
ولم أجد سبباً يخني الزمان به / على ذوي الفضل إلا حرفة الأدب
فألبت عداي بأخرى مثلها فلقد / قصّرت عن كلّ ما أهوى من التعب
أولا فأدهم تغري الليل غرّتهُ / نهدُ القصيري شديد العظم والعصب
سامي التليل عريض المتن مرتفع / عالي النواهق وافي الرسغ والذنب
صافي الأديم كأن البرق غرّتهُ / رحب اللبان أسمّ الأنف والقصبِ
كاس من الليل بالظلماء ملتحف / لكنما زانهُ التحجيل بالجبَبِ
هقل إذا ما تولى مدبرا فإذا / أتى فظبي كناس ريع من كثَبِ
يكاد يسبق لحظ العين كيف جرى / فما يدانيه مرّ الريح في الخبَبش
ولو يباريه زاد الركب عن عرضٍ / في حلبةٍ لكبا منه على الركبِ
فذاك بغية مثلي من نداكَ وأن / وأعود من جودكم بالمنظر العجب
ملك البرايا لقد أملت صفاتك لي / ما ليس يحصر في شعر ولا خطب
تراك تشفع لي عند الوزير عسى / يخطّ وزري وعيب قد حوت عيبي
أفروتي هي والمقيار ألبيتها / في الصيف أم كفن ينضمّ في الترب
تحلّم البرد في جسمي فغادرهُ / لقا بغير لقاء السمر والقضب
إذا أتى القرّ لم اسطع مدافعةً / عني بسمر الموالي لا ولا اليلَبِ
وصال غيري نقد حاضر أبداً / والوصل لي موعد من غير مكتسبِ
كذاك حظّي من الأيام أعرفهُ / قد فاتني العمر والآمال تلعب بي
حاشا جنابك إني أستطلّ به / والحال ما حال من فقري ومن سقبي
ما لي سواكم فلا الحدباء أدخلها / يوما ولا حلبي قد درّ من حلَبِ
من لي إذا لم تكن لي يا أجل فنى / فاق البرية من عجم ومن عرب
لا تستمع في أقوالاً مزخرفةً / من غير ذي حسب كلا ولا نسب
ولا تصدّق عدوا ما يفوه به / عنّي ويشبهُ ما قال من كذب
وفي البريّةِ قوم عمّ جهلهمُ / حقّا فيا عوابه درّا بمخشلب
يبغون أن يبلغوا شأوي ومن لهمُ / به وكم بين صمّ الصخر زالذهب
سعر إلا دراكه من غير منقبةٍ / كلا ولا رتبةٍ في الدين والأدب
فقصّروا فرموني بالقبيح ولم / أكن الأرضاه في جدّ ولا لعب
ما زلتُ بالعلم طول الدهر في صعد / ولم يزالوا بفرط الجهل في صبَبِ
باللّه أقسم إني لا أزال لكم / موالياً مددَ الأيام والحقَبش
لما رأيت أنّي الجود قد غَرقت / فيه الأماني بمال جد منتهب
كنت الحقيق به من كل زي أمل / علما وفضلا وما أسلفت من قربِ
دم هذكا بغم تولى ومنقبة / تبنى فتسموا على الأفلاك والشهبِ
فالرزقُ والأجل المحتوم قد كفلت / كفاك إعطاءها بالمال والقضب
لم يلحتق شأوكم كسرى ولا تبعت / أخلاق تبّع أو مسعى أبي كربِ
فؤاد عصاه صبره وهو طالبُه
فؤاد عصاه صبره وهو طالبُه / وقلب أبت إلا التهابا جوانبه
وجفن تداعت للفراق شؤونهُ / فسالت دما لما تناءت حيايبه
فللّه قلبي حين زاد خفوقهُ / ولله جفني حين سحت سحائبه
وليل كيوم الحشر طولا سهرتهُ / قتيل الأسى حتى تجلّت غياهِبُه
تساورني الأحزان فيه ولم أزل / أراقبه كيما تغور كواكبه
فمن لكئيبٍ ساء في الحب حاله / وقد رنّقَت بعد الفراق مشاربه
وأصبح لا يلوي على ذي ملامةٍ / يعنّفهُ يوم النوى ويعاتِبُه
ففي كل يوم ناصح تتكلّف / يفنّدُني إذا ليس تقضى مآربه
ولست بمن يصغي إلى قول عاذل / ولا لرقيب بعد بين أراقبه
فما بعد بعد المالكية حادث / أحاذره إذ تعتريني نوائبه
سقى السفح من أعلام منيج هاطل / من الغيث كل تروي ثراه سواكبه
معالم لهو لا يملّ فناؤُها / ومنزل عيش مشرقات جوانبه
فكم لي بها من ليلة بتّ أجتلي / بها الشمس والإظلام سود ذوائبه
فما زلت منها في نهار ولم أزل / من العيش في ظل صفت لي جلابيه
وما كان إلا الدهر فرّق ما غدا / من الشمل مجموعا فضلّت مذاهبُه
وما خلتُ أن الدهر تخني صروفهُ / ولكن دهري ليس تقضى عجائبه
وما فرقي من حادث ظلت جازعا / له وشهاب الدين بالجود غالبُه
فتى نصر الدين الحنيف بعزمةٍ / إذا الخطب لاقاها تهدم جانبه
هو الراهب المال الذي ليس غيرهُ / من الناس يعطي بعض ما هو واهبه
فلا جود إلا ما أفادت يمينهُ / ولا نصر إلا ما أفاءت كتائبُه
وما انفك سكريا على من ينيلهُ / نوالاً ومصبوما على من يحاربه
ولو لم يكن للجود عاف وطالب / عذت نفسه بالجود منه تطالبه
فإن كان حرب فالرؤوسُ نثاره / وإن حان سلم فالنفوس مواهبه
فيا ناصر الإسلام بعد اهتضامه / ويا ناشر الإنعام أكدت مطالبه
شددت عرى الدين الحنيف وقد وهت / وألبسته نصرا أو غيرك سالبه
شحذت له من حد رأيك منصلا / يردّ الرزايا لا تفلّ مضاربه
وأثبتّ من جدوى يديك مناقا / هي المجد لا ما يبتغي منه كاسبه
وأرغمت حُسّاوي بوعد وإنما / تلافهم أن ينجز الوعد صاحبه
فلا صبر إنّ الصبر محّت رسومهُ / ولا مهل قد غصّ بالماء شاربه
ومن عجب إني دعوتك للندى / وجودك مثل البحر جاشت غواربه
بأوهم محبوك الذراعين والقرى / هضيم الحشى مستشرفات مناكبه
كأنّ به من حندس الليل ظلمة / تقمّصَها إذ تمّ فيه تناسبُه
إذا رمقتهُ مقلة العين معجبا / وأثنَت عليه قيل إنّ وراكبُه
فذلك ما أمّلتهُ ووعدتني / به وهو دين ليس يسقط واجبه
فما لي من أرجو سواك نوالَهُ / ولا بفنا الحدباء سمح أجاذبه
وإني لمن قوم تكاد نفوسهم / جلالا تعاف العيش إذ لا تصاحبه
هم القوم من لا قيت منه رأيته / رفيع العلا ليست تنال مناقبه
بماذا أهنئ الشهر منك وأيما / خلالك أثنى إذ مدى لا أقاربه
فلا سوف للآداب إلا بأن ترى / مليّا بعز ليس يقلع راتبه
مدحت الوزير بما ليس فيه
مدحت الوزير بما ليس فيه / وكنت بمدحيه عين المريب
فقابلني منه منع الثواب / ومنع الثواب جزاء الكذوب
نسيت إلى الحدباء زورا وإنما
نسيت إلى الحدباء زورا وإنما / إلى بعلبك أنت تعزى وتنسب
وقلت ابن موسى أي موسى ادعيته / لامك بعلاء أنت فيه مكذب
وإنك لم تعلم أباك من الورى / فتعزى له يا خزي من ماله أب
طويت لكم سر الضمير على وفى
طويت لكم سر الضمير على وفى / يواظبه قلبي بغير تقلّب
فقولي وفعلي صادر عن مودّة / وليس على من ودكم من تعتب