المجموع : 172
شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ
شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ / وعجيبُ الزمان غَيْرُ عَجِيبِ
فاجعلي موضعَ التعجُّب من شَيْ / بِيَ عُجباً بفَرْعك الغِرْبيبِ
قد يشيبُ الفتى وليس عجيباً / أن يُرى النورُ في القضيب الرطيبِ
ساءها أنْ رأتْ حبيباً إليها / ضاحكَ الرأسِ عن مفَارقَ شِيبِ
فدَعَتْهُ إلى الخُضاب وقالت / إنَّ دفنَ المَعيبِ غيرُ معيبِ
خَضَبت رأسَهُ فبات بتَبْري / حٍ وأضحى فظلَّ في تأنيبِ
ليس ينفكُّ من مَلامة زارٍ / قائلٍ بعد نظرتَيْ مُستريبِ
ضلّةً ضلّةً لمن وعَظَتْهُ / غِيَرُ الدهر وهْو غيرُ مُنيبِ
يدَّري غِرَّةَ الظباء مُريغاً / صَيْدَ وحْشيِّها وصَيْدَ الرَّبيبِ
مُولَعاً موزَعاً بها الدهر يرْمي / ها بسهم الخضاب غيرَ مصيبِ
عاجزٌ واهنُ القُوى يتعاطى / صبغةَ اللَّه في قناع المشيبِ
رامَ إعجابَ كل بيضاءَ خود / بسواد الخضاب ذي التعجيبِ
فتضاحكْنَ هازئاتٍ وماذا / يُونِقُ البِيضَ من سوادٍ جَليبِ
يا حليفَ الخضاب لا تخدع النف / س فما أنت للصِّبا بنسيبِ
ليس يجدي الخضابُ شيئاً من النف / ع سوى أنه حِدادُ كئيبِ
فاتَّخذْهُ على الشباب حداداً / وابكِ فيه بعَبْرة ونَحيبِ
وفتاةٍ رأت خضابي فقالت / عَزَّ دَاءُ المشيب طِبَّ الطبيبِ
خاضبُ الشيب في بياض مُبينٍ / حين يبدو وفي سوادٍ مريبِ
يالها من غَريرة ذاتِ عينٍ / غيرِ مغرورة بشيبٍ خَضيبِ
وحقيقٌ لعورة الشيب أن تب / دُوَ للغِرِّ غيرِ ذي التدريبِ
لهفَ نفسي على القناع الذي مَح / حَ وأُعقِبْتُ منه شرَّ عَقيبِ
مَنَعَ العينَ أن تَقرَّ وقرَّت / عينُ واشٍ بنا وعينُ رقيبِ
شانَ ديباجةَ الشبابِ وأزرى / بقوامٍ له ولينِ عسيبِ
نفَّر الحِلْمَ ثم ثنَّى فأمسى / خَبَّبَ العِرْسَ أيَّما تخبيبِ
شَعَرٌ ميتٌ لذي وَطَرٍ حي / يٍ كنارِ الحريق ذات اللهيبِ
في قناعٍ من المشيبِ لَبيسٍ / ورداءٍ من الشباب قشيبِ
وأخو الشيب واللُّبانة في البِي / ض بحالٍ كقَتْلة التغبيبِ
مَعهُ صبوةُ الفتى وعليه / صَرفة الشيخ فهْو في تعذيبِ
يُطَّبَى للصِّبا فيُدْعى مجيباً / وهو يدعو وما لَه من مجيبِ
ليس تنقادُ غادةٌ لهواهُ / وهو ينقادُ كانقيادِ الجَنيبِ
ظلمتني الخطوبُ حتى كأني / ليس بيني وبينها من حَسيبِ
سلبتْني سوادَ رأسِي ولكن / عوّضتْني رياشَ كلِّ سليبِ
عوّضتني أخا المعالي عليّاً / عِوَضٌ فيه سلوة للحَريبِ
خُرَّهِيٌّ من الملوك أديبٌ / لم يزل ملجأً لكل أديبِ
يستغيثُ اللهيفُ منه بمدعوْ / وٍ لدى كل كَربةٍ مستجيبِ
أَرْيَحيٌّ له إذا جَمَدَ الكز / زُ بَنانٌ تذوبُ للمستذيبِ
يتلقَّى المُدفَّعينَ عن الأب / واب بالبشر منه والترحيبِ
لو أبى الراغبون يوماً نداهُ / لدعاهُمْ إليه بالترهيبِ
رُبَّ أُكرومةٍ له لم تَخَلْها / قبلَهُ في الطباع والتركيبِ
غَرَّبتهُ الخلائقُ الزُّهْرُ في النا / س وما أوحشتْهُ بالتغريبِ
يَهَبُ النائلَ الجزيلَ مُعيراً / طَرفَهُ الأرضَ ناكتاً بالقضيبِ
يتَّقي نظرة المُدلِّ بجدوا / هُ ويَعْتَدُّها من التثريبِ
بعد بشرٍ مُبَشِّرٍ سائليه / بأمان لهم من التخييبِ
حَبّبَتْ كفُّه السؤالَ إلى النا / س جميعاً وكان غير حبيبِ
ما سعى والسعاةُ للمجد إلا / سبقَ المُحْضِرينَ بالتقريبِ
لو جرى والرياحُ شأْواً لأَضحى / جريُها عند جريه كالدَّبيبِ
من رآه رأى شواهد تُغْني / عن سماعِ الثناء والتجريبِ
فيه من وجهه دليلٌ عليه / مُخبِرٌ عن ضَريبةٍ ذات طيبِ
حَكم اللَّهُ بالعلا لعَليٍّ / وبحق النجيب وابن النجيبِ
فَلْيَمُتْ حاسدوه همّاً وغمّاً / ما لحُكْم الإله منْ تعقيبِ
جِذْلُ سلطانِه المحكَّك في الخَطْ / ب وعَذْقُ الجُناة ذو الترجيبِ
والنصيحُ الصريحُ نُصحاً إذا ما / جمعوا بين رائبٍ وحليبِ
والذي رأيُهُ لأسلحة الأب / طالِ مثلُ الصِّقال والتذريبِ
عنه تمضي ولو تعدّته أضحت / من كليلٍ مُفَلَّلٍ وخَشيبِ
مِدْرَهُ الدين والخلافة ذو النص / ح عن الحَوْزتين والتذبيبِ
فَلَّ بالحجة الخُصومَ وبالكي / د زُحوفَ العِدا ذوي التأليبِ
رُبَّ مَغنىً لحزب إبليسَ أخلا / هُ فأمسى وما به مِنْ عَريبِ
دَمَّرتْ أهلَهُ مكائدُ كانت / لأسودِ الطغاةِ كالتقشيبِ
رتّبتهُ الملوكُ مرتبةَ المِدْ / رَهِ لا مُخطئين في الترتيبِ
قَيِّمٌ قوَّمَ الأمورَ فعادتْ / قيِّماتٍ به من التحنيبِ
واستناب الخطوب حتى أنابت / ربَّما لا تُنيبُ للمستنيبِ
عندَهُ للثَّأَي طِبابٌ من التد / بير يَعْيا به ذوو التطبيبِ
لَوْذعيٌّ له فؤادٌ ذكيٌّ / ماله في ذكائه من ضَريبِ
يَقظٌ في الهَناتِ ذو حركات / لسكون القلوب ذاتِ الوجيبِ
ألمَعِيٌّ يرى بأولِ ظنٍّ / آخرَ الأمر من وراء المغيبِ
لا يُرَوِّي لا يُقَلِّبُ كفّاً / وأكُفُّ الرجالِ في تقليبِ
يُدرِكُ الطِّلْبَ بالبديهة دون ال / عَقْبِ قبل التصعيد والتصويبِ
حازمُ الرأي ليس عن طول تجري / بٍ لبيبٌ وليس عن تلبيبِ
وأريبٌ فإنْ مُريغو نَداه / خادَعُوه رأيتَ غيرَ أريبِ
يتغابَى لهم وليس لمُوقٍ / بل لِلُبٍّ يفوقُ لبَّ اللبيبِ
ثابتُ الحالِ في الزلازل مُنْها / لٌ لسُؤّالهِ انهيالَ الكثيبِ
ليِّنٌ عِطفُه فإنْ رِيمَ منه / مَكْسرَ العود كان جِدَّ صليبِ
مَفْزعٌ للرُّعاةِ مرعىً خصيبٌ / لرعاياهُمُ وفوق الخصيبِ
في حِجاهُ وفي نداهُ أمانَا / نِ من الخوف والزمانِ الجديبِ
أحسنتْ وصفَهُ مساعيهِ حتى / أفحمتْ كلَّ شاعرٍ وخطيبِ
بل حَذَوا حَذْوَها فراحوا يريحو / ن من القولِ كلَّ معنى غريبِ
قد بلونا خلاله فَحمِدْنا / غَيْبَها حمدَ ذائقٍ مُستطيبِ
فانتجعنا به الحيا غيرَ ذي الإقْ / لاعِ والبحرَ غيرَ ذي التنضيبِ
ما زجرنا وقد صرفنا إليه / أوجُهَ العِيسِ بارحاً ذا نعيبِ
يَمَّمَتْه بنا المطايا فأفْضَتْ / من فضاءٍ إلى فضاءٍ رحيبِ
خُلُقٌ منه واسعٌ وفِناءٌ / لم يَرُعْها به هديرُ كليبِ
طاب لليَعْملاتِ إذ يَمَّمتْهُ / وصْلُهُنَّ البكورَ بالتأويبِ
لم يكن خَفْضُها أحبَّ إليها / من رسيم إليه بعد خبيبِ
ثِقةً أنَّهُنَّ يلقينَ مرعىً / فيه نَيٌّ لكل نِضْوٍ شَزيبِ
أيُّهذا المُهيبُ بي وبشعري / لستُ ممن يُجيب كلَّ مُهيبِ
رفعَ اللّه رغبتي عن عطايا / كَ وما لِلعُقاب والعندليبِ
ثَوَّبَتْ بي إلى عليٍّ معالي / هِ فلبَّيتُ أوّل التثويبِ
مَاجِدٌ حاربَ الحوادثَ دوني / بنَدى حاتمٍ وبأسِ شَبيبِ
ليَ في جاههِ مآربُ كانت / لابنِ عمرانَ في عصاهُ الشعيبِ
وإذا حزَّ لي منَ المال عُضْواً / أرَّب العضوَ أيَّما تأريبِ
أصبح الباذلَ المسبِّبَ لا زا / ل مَليَّاً بالبذلِ والتسبيبِ
ساجلَتْ جاهَهُ سحائبُ عُرفٍ / من يَمينَيْهِ دائماتُ الصَّبيبِ
قلت إذ جاد باللُّهى قبل سَعي / صادقٍ منه غيرِ ذي تكذيبِ
يا رِشاءً تَخْضَلُّ منه يد الما / تحِ قبل انغماسِهِ في القليبِ
بَضَّ لي من نداكَ قبل استقائي / بكَ ريِّي وفَضْلَةٌ للشريبِ
ذاك شيءٌ من الرِّشاءِ غريبٌ / يا ابنَ يحيى ومنك غيرُ غريبِ
ما أُراني إذا خبطتُ بدَلْوي / جُمَّةَ الماءِ بالقليل النصيبِ
لا لَعَمْري وكيف ذاك وقبل ال / متْحِ روَّيْتَني بسَجْلٍ رغيبِ
بل أُراني هناك لا شك أغدو / ويَدي منكَ ذاتُ بطنٍ عشيبِ
بأبي أنتَ من جليلٍ مَهيبٍ / مَطْلِبُ العُرْفِ منه غيرُ مهيبِ
طنَّبَ المجدَ بالمكارم والبي / ت بنصبِ العماد والتطنيبِ
من يُلَقَّبْ فإن أسماءك الأس / ماءُ يشغلنَ موضعَ التلقيبِ
من جوادٍ وماجدٍ وكريمٍ / وزعيمٍ وسيِّدٍ ونقيبِ
تَبَّ من يرتجي لَحَاقك في المج / دِ وما مرتجيكَ في تتبيبِ
أعجز الطالبيكَ شأوٌ بعيدٌ / لكَ أدركْتَهُ بعُرفٍ قريبِ
لم أُطِلها كما أطالَ رِشاءً
لم أُطِلها كما أطالَ رِشاءً / ماتحٌ ساء ظنُّه بقليبِ
حاشَ للَّه ليس مثلي تَظَنَّى / ظنَّ سَوْء بمُستقاكَ القريبِ
غير أني امرؤٌ وجَدتُ مقالاً / مُستتِبّاً في كل قَرْمٍ نجيبِ
فأطلتُ المديحَ ما طال فيهم / مع أنِّي قصَّرتُ غيرَ معيبِ
تأمُّلُ العيبِ عيبُ
تأمُّلُ العيبِ عيبُ / وليس في الحقِّ رَيْبُ
وكلُّ خيرٍ وشرٍّ / خلفَ العواقبِ غيبُ
إنْ يُمسكِ الناسُ عنّي / سَيْباً فللَّه سيبُ
يا رُبَّ غُمّةِ خَطْبٍ / فيها من الصُّنع جَيبُ
لا تَحْقِرَنَّ سُيَيْباً / كم جَرَّ نفعاً سيَيْب
يا ابنَ المُسَيَّبِ عشت في نِعَمٍ
يا ابنَ المُسَيَّبِ عشت في نِعَمٍ / وسَلمتَ من هُلْكٍ ومن عَطَبِ
يا شاعرَ العَجَم الكرامِ كما / أنَّ ابنَ حُجْرٍ شاعرُ العربِ
يا قائدَ الظرفاء لا كذباً / يا قدوةَ الأدباء في الأدبِ
أدرِكْ ثقاتكَ إنهم وقعوا / في نَرْجسٍ معه ابنةُ العنبِ
فهُم بحالٍ لو بَصُرْتَ بها / سبَّحتَ من عُجبٍ ومن عَجبِ
رَيْحانُهم ذهبٌ على دُررٍ / وشرابُهم دُرٌّ على ذهبِ
كأسٌ إذا ما الماءُ واقَعها / صاغ الحُلَى منها بلا تعبِ
في روضةٍ شَتوية رَضِعت / دِرَرَ الحيا حَلباً على حلبِ
من زهرةٍ قد حفَّها شجر / للطير فيها أَيُّما لَجبِ
تتنفسُ الأنوارُ فيه لها / فيهيجُ منها أيُّما طربِ
فتظلُّ فيه بخير مُصْطَحَبٍ / وكأنها في شرِّ مُصْطَحَبِ
والعودُ يصخَبُ كي تُجاوبه / مَوْموقةٌ معشوقةٌ الصَّخَبِ
واليومُ مدجونٌ فَحُرَّتُهُ / فيه بمُطَّلَعٍ ومحتجبِ
شمسٌ تساترنا وقد بعثت / ضوءاً يُلاحظنا بلا لهبِ
يا نرجِسَ الدنيا أقمْ أبداً / للإقتراحِ ودائمِ النُّخَبِ
ذَهبَ العيونِ إذا مَثلت لنا / دُرَّ الجفون زَبَرْجد القُضُبِ
لا زلت شَفْعَ الراح إنكما / سَكَنُ القلوبِ ومُنتهى الطلبِ
وأرى السماعَ مُثلِّثاً لكما / كابنٍ لأمٍّ حُرّةٍ وأبِ
إذ لم يكن درهمي دِرْهمي
إذ لم يكن درهمي دِرْهمي / ن عندك لم يزكُ عند الغريبِ
فَزِدنيَ فوق الذي استحق / قُ ما تستحقُّ بحقِّ الأديبِ
وحقِّ الأريب وحقِّ اللبيب / وحق الحسيب وحق النجيبِ
وإلا فلا فرقَ فيما لديْ / كَ بين البغِيض وبين الحبيبِ
دَعَتْنِي إلى فَضلِ معروفِكُمْ
دَعَتْنِي إلى فَضلِ معروفِكُمْ / وجوهٌ مناظرُها مُعْجِبَهْ
فأخلفتُمُ ما تَوسّمْتُهُ / وقلَّ حميدٌ على تَجْرِبَهْ
وكم لُمْعةٍ خلتُها روضةً / فأَلْفيتُها دِمنةً مُعْشبَهْ
ظَلَمتكُمُ لا تطيبُ الفرو / عُ إلا وأعْراقُها طيِّبَهْ
وكنتُ حَسِبتُ فلما حسَب / تُ عَفَّى الحسابُ على المَحْسِبَهْ
فهل تُعذَرون كَعُذْرِيكُمُ / بأَنَّ أصولكُمُ المُذْنِبَهْ
خرجتُ مُوازِنَكُم بالسوا / ءِ عُذراً بعذرٍ فلا مَعْتِبَهْ
نَفسي الفِداءُ لمن حَبَتْني كفُّهُ
نَفسي الفِداءُ لمن حَبَتْني كفُّهُ / تُفَّاحتينِ حكاهُما في الطيبِ
فحلفتُ أني ما كحلتُ نواظري / بمُشاكلٍ لهما ولا بضَريبِ
فتَورَّدت وتعصْفَرَتْ وجناتُهُ / إذْ قُلْتُ ذاك فأسرعَتْ تَكْذِيبي
أعلمُ الناسِ بالنجوم بنو نو
أعلمُ الناسِ بالنجوم بنو نو / بَخْتَ علماً لم يأتِهم بالحسابِ
بل بأن شاهدوا السماء سُموّاً / برُقيٍّ في المَكْرُماتِ الصِّعابِ
سَاوروها بكلِّ علياءَ حتى / بَلَغوها مَفْتوحَة الأبوابِ
مبلغٌ لم يكن ليَبْلُغَهُ الطا / لِبُ إلّا بِتلكُمُ الأسبابِ
إذا ما مدحتُ المرءَ يوماً ولم يُثِبْ
إذا ما مدحتُ المرءَ يوماً ولم يُثِبْ / مديحي وحقُّ الشعرِ في الحكم واجبُ
كفاني هجائيهِ قيامي بمدحه / خطيباً وقول الناس لي أنت كاذبُ
وما الحَسَبُ الموروثُ لا درَّ دَرُّه
وما الحَسَبُ الموروثُ لا درَّ دَرُّه / بمحتَسَبٍ إلا بآخرَ مُكتسبْ
إذا العودُ لي يُثمر وإن كان شُعبةً / من المُثمراتِ اعتدَّه الناسُ في الحطبْ
وأنت لعَمْري شُعبةٌ من ذوي العلا / فلا ترضَ أن تُعتدَّ من أوضع الشُّعَبْ
وللمجد قومٌ ساوروهُ بأنفسٍ / كرامٍ ولم يرضَوْا بأمٍّ ولاَ بأبْ
رأيتك قد عوَّلتَ بي في مدائحي / على نائِل الآباء في سالف الحِقبْ
وذلك شيءٌ كان غيريَ نالهُ / ولو كنتُ أيضاً نِلتُهُ كان قد ذهبْ
أتجعلُ نَيْلاً ناله ابنُ محلِّمٍ / ثوابَ مديحي فيك هذا هو العجبْ
فما رِفدُ عبد اللَّه والقَرْمِ طاهرٍ / سواي بقاضٍ عنك حقي الذي وجبْ
فلا تَتَّكِلْ إلا على ما فعلتَهُ / ولا تحسبنَّ المجدَ يُورَثُ بالنسبْ
فليس يسودُ المرءُ إلا بنفسه / وإن عَدَّ آباءً كراماً ذوي حسبْ
إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ
إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ / يَزيدُ به يُبساً وإن ظُنَّ يَرْطُبُ
وليس عجيباً ذاك منهُ فإنهُ / إذا غمر الماءُ الحجارةَ تَصلبُ
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ مُنيتَ به
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ مُنيتَ به / إحدى المواعِظِ أو بعضَ التجاريبِ
بل البوارُ الذي ما بعد موقعهِ / نَفْعٌ بوعظٍ ولا نفعٌ بتجريبِ
ما بعد وعظيَ ما تُوعَى العِظاتُ له / ولا مواقعُ صَوْلاتي بتدريبِ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ / وبابنِ بدرٍ أعز الظَّرْفَ والأدبا
يَمَّمْتُ بدرَ بني بدرٍ فما انتسبت / ألفاظهُ ليَ لكنْ وجهُهُ انتسبا
لاقيتهُ وأنا المملوءُ من غضب / على الزمان فسرَّى عنِّيَ الغضبا
فلو حلفتَ لما كُذّبت حينئذٍ / أنِّي هناك لقيتُ العُجْمَ والعربا
أجدى فأحسَنَ في الجدوى وأتبعني / حمداً وأردفني شكراً ولا عجبا
اللَّه يكلؤُهُ واللَّه يُؤنسهُ / فإنه بمعاليهِ قد اغتربا
أبا جعفرٍ لا زلت مُعطىً وواهبا
أبا جعفرٍ لا زلت مُعطىً وواهبا / ومُكْسِبَ أموالٍ رِغابٍ وكاسبا
طلبتُ كساءً منكَ إذ أنت عاملٌ / على قريةِ النعمان تُعطى الرغائبا
فأوسعتَني منعاً إخالُك نادماً / عليه وفي تمحيصه الآن راغبا
فإن حَقَّ ظني فاستقِلْني بمُتْرَصٍ / يقيني إذا ما القُرُّ أبدى المخالبا
وإن كان ظني كاذباً فهْي هفوةٌ / وما خلتُ ظني فيْئةَ الحُرِّ كاذبا
وما كان مَنْ آباؤك الخيرُ أصلهُ / ولُبُّكَ مَجْناه ليمنعَ واجبا
فعجِّل كسائي طيِّباً نحو شاكرٍ / سيُجنيك من حُرِّ الثناء الأطايِبا
وسلِّم من التخسيسِ والمطلِ بُغيتي / تكنْ تائباً لم يُضحِ راجيه تائبا
أجِبْ راغباً لبّى رجاءَك إذ دعا / إليك وعاصَى فيك تلك التجاربا
ولا تَرجِعنَّ الشِعرَ أخيبَ خائبٍ / فما حَقُّ مَنْ رجَّاك رُجعاهُ خائبا
ويا سَوْأتا إن أنت سوَّدتَ وجهَهُ / فأصبحَ معتوباً عليه وعاتبا
يذُمُّك مظلوماً وتلحاهُ ظالماً / هناك فيستعدي عليك الأقاربا
فإنَّ احتمالَ الحُرِّ غُرماً يُطيقه / لأَهونُ من تحويلِ سِلْمٍ مُحارِبا
عجائبُ هذا الدهر عندي كثيرة / فيا ابن عليٍّ لا تَزِدْني عجائبا
وإنّ اعتذاراً منكَ تِلقاءَ حاجتي / لأعجبُ من أن يصبح البحرُ ناضبا
ودَعْنِيَ من ذكر الكساءِ فإنه / حقيرٌ ودع عنك المعاذير جانبا
نصيبيَ لا يذهب عليك مكانُهُ / فتَلْقى غداً نَصْباً من اللَّوم ناصبا
رُزئنا جسيماً من لِقائك شاهداً / فعوِّضْ جسيماً من حِبائك غائبا
رأيتُ مواعيدَ الرجال مواهِباً / وما حَسَنٌ أن تَسْترِدَّ المواهبا
رجاءٌ وأَى عنك الرجاءَ فلا يكن / رَخاءٌ من الأرواح تَقْرو السباسبا
علينا بنُعماكُمْ منَ اللَّه أنعُمٌ / فلا تجعلوها بالجفاءِ مصائبا
وَلاَ تَكُ أُلهوباً من البرق خُلَّباً / فما زِلتَ شُؤْبوباً من الودْق صائبا
أبْلغ أبا سهلٍ فتى العَجَم الذي
أبْلغ أبا سهلٍ فتى العَجَم الذي / أضحتْ تَمنَّى كونَهُ منها العَرَبْ
يا من غَدا وعزيمُهُ ولسانُهُ / سيفان شتّى في الخُطوب وفي الخُطَبْ
الحمدُ للّه الذي من فضلِهِ / أنَّا رُزِقْنا فيك حُسْنَ المنقلبْ
والحمدُ للّه الذي صَرف الردى / والحمد للّه الذي كشف الكُرَبْ
كُنّا نُكلِّفك المواهبَ مرةً / حتى إذا استُنْقِذْت من كفِّ العطَبْ
عَظُمتْ بك النُّعمى فقد ألهيتنا / عن كل شيء كان فيه لنا أرَبْ
فدع المواهب أنت موهبةٌ لنا / من ذي المعارج والمواهب لا تهبْ
إنا لَنستحيي وقد وافيتنا / من بعد يأسٍ أنْ نَكُدَّك بالطّلَبْ
من ذا يراكَ وقد سلِمتَ فلا يرى / فيك الغِنى لا في اللُّجين ولا الذهبْ
لا نَبْتغي شيئاً سواك وإنما / طَلَبُ امرىءٍ ما بعدَ حاجتهِ كَلَبْ
إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ
إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ / كلاهما أصبحَ لي ناصبا
قد أُغريا بي يهجواني معاً / وحدي وكان الأكثرُ الغالبا
أقسمتُ ما استنجدَ عُثْنونَهُ / حتى غدا لي خائفاً هائبا
إن كان كفْؤاً ليَ في زعمه / فليعتزلْ لحيتَهُ جانبا
رأيتُ الذي يسعى ليُدركَ حَظَّهُ
رأيتُ الذي يسعى ليُدركَ حَظَّهُ / كسارٍ بليلٍ كي يُسامتَ كوكبا
يسيرُ فلا يَسْطيعُ ذاك بسيره / وكيف وأنَّى رام شأواً مُغَرِّبا
ولم لم يَسِرْ وافاهُ لا شك طِلْبُه / بغير عناءٍ بادئاً ثم عَقَّبا
أرى الحظ يأتي صاحب الحظ وادعاً / ويعيي سواه ساعياً فيه مُتعبا
إذا كان مجرى كوكبٍ سَمْتَ هامةٍ / علاها وإلا اعتاص ذلك مطلبا
عجبتُ لقومٍ يقبلون مدائحي
عجبتُ لقومٍ يقبلون مدائحي / ويأبْون تثويبي وفي ذاك مَعْجبُ
أشِعْرِي سَفسافٌ فَلِمْ يَجْتبونه / وإن لا تكن هاتي فَلِمْ لا أُثوَّبُ
حلفت بمن لو شاء سدَّ مَفاقِري / بما ليَ فيه عن ذوي اللُّؤمِ مَرْغَبُ
فَمَا آفتي شعرٌ إليهم مُبَغَّضٌ / ولكنه منعٌ إليهم محبَّبُ
وأعجبُ منهم معشرٌ ليس فيهمُ / بشعري ولا شيءٍ من الشعرِ مُعجَبُ
بَراذينُ ألهاها قديماً شعيرُها / عن الشِّعر تستوفي القضيمَ وتُركَبُ
من اللائي لا تنفكّ تجري سواكِناً / بفرسانها تِلقاءَ نارٍ تَلهَّبُ
تقُومُ بفرسانٍ تَحرَّكُ تحتها / أفانينُ فالركبان لا الظهرُ تتعبُ
فوارسُ غاراتٍ مَطاعينُ بالقنا / قناً لا يُرى فيهن رمحٌ مُكَعَّبُ
وليست بأيديهم تُهَزُّ رماحُهُم / ولكن بأحْقِيهم تُهَزّ فَتُوعَبُ
ولا رمحَ منها بالنَّجيع مُخضَّبٌ / هناك ولكن بالرَّجيع مخضّبُ
ولستَ ترى قِرناً لهم يطعنونَهُ / بل المَرْكَبُ المعلوُّ قِرنٌ ومركبُ
ترى كلَّ عبدٍ منهمُ فوق ربِّه / ونيزَكُهُ الشِّبرِيُّ فيه مُغَيَّبُ
وأعجَبُ منهم جاهلون تَعاقلوا / وكُلُّهمُ عمَّا يُتمَّمُ أنكبُ
أغِثّاءُ ما فيهم أديبٌ علمتُه / ولا قابلُ التأديب حين يؤدَّبُ
خلا أنَّ آداباً أُعيروا حُلِيَّها / فأضحت بهم يُبكى عليها وتُندبُ
وكم من مُعارٍ زينةً وكأنه / إذا ما تحلَّى حَلْيَها يَتَسلَّبُ
بحقِّهمُ أن باعدوني وقَرَّبوا / سِواي وتقريبُ المُباعَد أوجبُ
رأى القومُ لي فضلاً يعاديه نقصُهُمْ / فمالوا إلى ذي النقص والشكلُ أقربُ
خفافيشُ أعشاها نهارٌ بضوئه / ولاءَمَها قِطْعٌ من الليل غَيهبُ
بهائمُ لا تُصغي إلى شَدْوِ مَعْبدٍ / وأمَّا على جافي الحُداءِ فتَطربُ
إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه
إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه / فإنّيَ داعٍ والإلهُ مجيبُ
دعاءَ امرىءٍ أحييتَ بالعُرْفِ نفسَه / وذاك دعاءٌ لا يكاد يَخيبُ
أدامَ لك اللَّهُ المكارمَ والعلا / فإنهما شيءٌ إليك حبيبُ
وأبقاكَ للمُدَّاح يُهدون مدحَهم / إليك على عِلّاتهمْ وتُثيبُ
تكشَّف ذاك الشَكوُ عنك وصرَّحَتْ / محاسنُ وجهٍ بُردهُنَّ قشيبُ
كما انكشفت عن بدرِ ليلٍ غِمامةٌ / أظلَّت وولَّتْ والمَرادُ خصيبُ
أغاثت ولم تَصْعق وإن هي أرعدت / فمات بها جَدْبٌ وعاش جديبُ
شَكاةٌ أجدَّت منك ذكرى وأنشأت / سحائبَ معروفٍ لهنّ صبيبُ
وأعقبَها بُرءٌ جديدٌ كأنه / شبابٌ رَديد شُقَّ عنه مشيبُ
وبالسَّبْكِ راقت نُقرةٌ وسبيكةٌ / وبالصقل راعَ المُنتضينَ قضيبُ
ففي كل دارٍ فرحةٌ بعد ترحةٍ / وفي كل نادٍ شاعرٌ وخطيبُ
يقولون بالفضل الذي أنت أهلُهُ / وكلهُمُ فيما يقول مُصيبُ
ولو صِين حيٌّ عن شَكاةٍ لَكُنتَهُ / ولكن لكُلٍّ في الشَّكاة نصيبُ
وفي الصبر للشَّكْوِ الممحِّص مَحملٌ / وفي اللَّه والعرفِ الجسيم طبيبُ
وأنت القريبُ الغوثِ من كل بائسٍ / دعاكَ فغوثُ اللَّهِ منك قريبُ
أبى اللّهُ إخلاءَ المكان يَسُدّهُ / فتىً مَا لَهُ في العالمين ضَريبُ
أعاذك أُنْسُ المجدِ من كلِّ وحشةٍ / فإنك في هذا الأنامِ غريبُ
وتاب إليك الدهرُ من كل سَيِّئٍ / وجاءك يسترضيك وهو مُنيبُ
ولازال للأَعداء في كلِّ حالةٍ / وللمالِ يومٌ من يديك عصيبُ
لا تَهُولنَّكَ شمسٌ كسفَتْ
لا تَهُولنَّكَ شمسٌ كسفَتْ / دون أن تطلعَ مِنْ مغربِها
هان ذاك الرُّزءُ فيها مثلما / هانَ ما غرَّك من مَطْلَبِها
هي نارٌ وافقتْ مُطْفِئَها / لستَ بالآيس من مُلْهبِها
فابكِ مَنْ تُشفِقُ من مَعْطَبِهِ / فلقد أومِنْتَ من مَعْطِبها
ضلَّ باكٍ إن أبيخت جمرةٌ / سوف تُذكيها يَدا مُثْقبِها
ليس للشمسِ إذا ما كَسفَتْ / غيرُ شمسٍ تَخْلُفُ الشمسَ بِها
طَلَّةِ الصوتِ إذا ما غردت / رَكِبَتْ بدعةُ في موكبها
من بناتِ الروم لا يَكْذِبُنا / لونُها المُشرق عن مَنْصبِها
قامةُ الغصن إذا ما اعتدلت / قامةُ الغصن إلى مَنْكِبِها
شَهِدَ الشاهدُ مِنْ أحسَنِها / فحكى الغائبَ من أطيَبِها
تشفَعُ الحُسنَ بإحسانٍ لها / تجلُبُ الأفراح من مَجْلبِها
فهي حَسْبُ العَيْن من نُزهتها / وهي حسبُ الأُذن من مَطربِها
تشرعُ الألحاظُ في وجْنتها / فتُلاقي الرِّيَّ في مَشْربِها
وجنةٌ للغُنْجِ فيها عقربٌ / وبلاءُ الصب من عقربِها
وإذا قامت إلى مَلعبها / كمَهاةِ الرمل في رَبْرَبِها
سألت أردافُها أعطافَها / هل رأتْ أوطأ من مَرْكَبِها