القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إبراهيم الطَّبَطَبائيّ الكل
المجموع : 25
أمشيب وما بلغت المشيبا
أمشيب وما بلغت المشيبا / قد علا مفرق القذال ركوبا
ما على القلب إن يذوب وجيبا / فيه والعين إن تصوب غروبا
رب قلبٍ أمسى يقلبه الوجد / ودمع كما انتزحت قليبا
حين لا الريح تستفز عيون الن / نرجس الغض في الرياض هبوبا
القبول القبول في بان نعمان / أيا ريح لا الجنوب الجنوبا
أي يوم لنا بنعمان لو قد / أنعمونا به الغزال الربيبا
يا غزالاً بالجزع من جنب ريا / هاك قلبي إليك قده جنيبا
وبذاك الكثيب جؤذر رمل / عاطش الورد يوم جئنا الكثيبا
لاب حول الورود يطلب ريا / وقليل من الصدى أن يلوبا
قاطع ربقة الوصال مقيم / حيث شيح الغورين ينفح طيبا
طامح ينشد القطيع مضل / عارض الركب شارداً مستريبا
رب ركب ملازمٍ لذميل الس / سير مالازم الغراب النعيبا
بمطايا كأنهن حنايا / ترتعي جمرة الهجير سغوبا
بين زيافة وبين شموع / أكل النص من ذراها دئوبا
كم محب في الركب حن نزوعاً / كلما حنت المطي لغوبا
وحبيب قد عاقد المطل والنا / ي كما عاقد الحبيب الحبيبا
قد قصدنا بالجد حي لعوب / وعلى الغي قد قصدنا لعوبا
رحلة تجلب الذنوب وأخرى / لبني صالح تحط الذنوبا
تلك مكية تفوح بريا ال / مسك زرت على العبير جيوبا
أعطت الغار واليلنجوج نشراً / من شذاها والمندلي الرطيبا
حسن الخلق كم سجايا أديب / برزت عنك تسترق الأديبا
حزت في حلبة القريض طلوبا / ولك السبق طالباً مطلوبا
قد قصرنا من أن نطيل عنانا / بعد النجم أن يكون قريبا
دمت والدهر فيك يضحك وجهاً / لا أراك الزمان وجهاً قطوبا
قد رق بابن شبيب كأس تشبيبي
قد رق بابن شبيب كأس تشبيبي / حتى مزجت هوى الشبان بالشيب
كم بيض الشعر من فوديه ناصيةً / شابت باغيد داجي الشعر غربيب
وشب فيه زهيراً في صناعته / ككوكب شرقٍ في الأفق مشبوب
يحدو بسرح قوافيه مرجعة / حدو المرهفة العيش المطاريب
من كل حرف كحرف هاض جانبها / من خلف طرف طموح الطرف مجنوب
قد أنجبت فيه في الأعراب منجبة / أصلاً فأعرب عن طبع الأعاريب
غذته من لبن الحيين رغوته / حي اللقاح وحي المنزل الموبي
الغي الحضارة إذ حنت بداوته / فهل سمعت لشعر حنة النيب
ينسل مختطفاً أقصى شوارده / مثل انسلال رصيد الثلة الذيب
ما صوب الفكر إلا ريث صعده / فالفكر منه بتصعيد وتصويب
يفيض بالثاقب الرأي المصيب ذكا / حتى يصوب بدر غير مثقوب
منمنم زهر الألفاظ يرقمها / رقم الخميلة في طرز وترتيب
للشعر حسنان لا تعدوهما جهة / حسن بمعنى وحسن بالأساليب
مقوض الهم والحوبا مطنبة / فلا يزال بتقويض وتطنيب
سلس القياد وفيه بعد عجرفة / لا يسهل الصعب إلا بالمصاعيب
قد يخشن المرء بعد اللين جانبه / فالمرء ليس بمأكول ومشورب
يفتر عن خلق ذاك يفوه به / طيب النسيم كماء الورد مسكوب
قد حمل الطيب طيباً من خلائقه / فرحت أنشق طيباً منه في الطيب
زين الأخلاء إن جادوا وإن بخلوا / محب صدق تزيا زيَّ محبوب
وحسب جعفر تلقيباً وتسمية / لم يحوها البحر باسم أو بتلقيب
اللابس النثرة الحصدا من الزرد الن / نثر المشرد والنظم والأساريب
إذا اعتلى صهوة الاداب مزدهياً / بذَّ التخايل بالخيل السراحيب
يصيح في سرجها هب كلما انقعطت / حتى يواصل الهوباً بألهوب
جاري جواد فجدا في السباق معا / عنقاً لعنق وعرقوباً لعرقوب
إن لم يجز لهما في الحال نصبهما / قاضٍ قضى عنتاً في خفض منصوب
لا يعدم الضرم البازي شيمته / فوق المراقيب أو دون المراقيب
إن كان قد اصحباني بعض ودهما / أني اصطفيتهما من كل مصحوب
أو كنتُ أطلب شيئاً دون ما أربي / فقد ظفرت بشيء فوق مطولبي
ما كل من صحب الإخوان جربها / لا يعرف الخل إلّا بالتجاريب
أو كل من طلب لآداب أحرزها / إن الأديب لمشروط بتأديب
لم يبق حقّاً وراء الظهر باطنه / ولم يلذ بين تليق الأكاذيب
شعاره الصدق في جد وفي هزل / في وصف كل نقي الخد رعبيب
يعوم في جدولي ماءين زورقه / ماء الشباب بماء الحسن مقطوب
لم يحتجب منه وجه بالجمال بدا / ورب وجه لقبح فيه محجوب
تحلَّ عقدة صدر الصب لبته / إن حل أزرار أطراف الجلابيب
يقودني غنج عينيه بلا قرن / ذاك الغزيل مقرون الحواجيب
يشير إما بعين أو بحاجبها / إليَّ أو ببنان منه مخضوب
يشوب بالعذب تعذيبي وديدنه / يشوب بالعذب عذب الريق تعذيبي
يا يوسف نفحتني بعد غيبته / ريح القميص سرت وهنا ليعقوب
لي فيك قلب كالزجاجة مشعب
لي فيك قلب كالزجاجة مشعب / وهوىً بحبك مفرط متشعب
للعاشقين مذاهب لكنما / مالي سواك من المذاهب مذهب
ولقد شكوت عليك عندك عاتباً / لو كان للعشاق عندك معتب
ما خلت قبلك بل وبعدك سوقة / ملكاً تراه العين وهو محجب
ترنو إليك العين حتى تنتشي / فكأن عيني من جفونك تشرب
وكأن جعدك فوق خدك مرسلا / ليل أحم البردتين مكوكب
إني ليطربني قوامك إن خطى / يهتز كالخطي وهو مدرب
ينساب فوق كثيب ردفك أرقم / وتدب فوق شقيق خدك عقرب
لدغت وريقك قاتل لسمامها / والريق درياق بفيك مجرب
وغذا استمالك من هواي مؤنب / لم يستملني عن هواك مؤنب
إني وإن كنت المحب مذمم / فلعند غيرك في القلوب محبب
يا من يريح الصب من أوصابه / هلا تريح القلب وهو معذب
لك من وداد أخ الوداد تنكب / ولديك أهل للعذول ومرحب
لك حين تبدو من جمالك هيبةً / ومن الملاحة حين تقبل موكب
وغذا تأملت الملاحة خلتها / لجّاً به يطفو المحب ويرسب
أنت الحيا وسواك غيم خلب / أتراه يمطرنا الغمام الخلب
قد أطنبوا قوم بحسنك أغربوا / ولعارض أن أطنبوا أو أغربوا
إن شبت أو ذهب الشباب فعاذر / لو عدتُ بعد الشيب فيك أشيب
أمعذبي بهواك أقسم والهوى / لولاك لا يحلو النسيم ويعذب
تصف العذاب العذب منك ثلاثةً / ريق وسالفة وثغر أشنب
لقدحت لي ناراً بقلبي حرها / ودخانها بين الضلوع مطنب
النار تلهب ثم يخمد ضوؤها / أبداً ونارك في الحشا تتلهب
وأما وربربك البغوم آلية / لم يجتمع لولاك ذاك الربرب
أخذوا بأطراف الحديث كأنهم / عجم الكراكي أو قمارٍ تعرب
إن يمسي وادي الجزع ملعب سربهم / فلهم مراح في القلوب وملعب
ويشوقهم منك الجبين كأنه / قمر السما ينجاب عنه الغيهب
برقت أسرته عليه كأنه / طرس بمحلول النضار مذهب
فإذا طلعت فكل شيءٍ طلع / وغذا غربت فكل شيءٍ مغرب
ومجرد لحظاً لحتفي مرهفاً / عضب المضارب من دمي يتحلب
ومصرف بالتبر بيض أنامل / مثل اللجين تجدُّ فيه وتلعب
ناديته والقلب مني واجب / يا من يصوغ القلبَ قلبك قلب
كم قائل والطوق يحسد جيده / والقرط راح بخده يتذبذب
قد شب عمرو عن سلاسل طوقه / فأجبته اكفف يا بفيك الأثلب
يعتاده مرح الدلال كأنه / في حلبة الخيلاء مهر سلهب
عليك بملعب الرشأ الربيب
عليك بملعب الرشأ الربيب / وصد النفس عن مغنى لعوب
وما قولي وقد ذهبت شعاعاً / يا نفس اذهبي جزعاً وذوبي
وجيران بجنب منىً سقاهم / بصبه رباب حيا سكوب
مضى عصر الشباب الطلق نهباً / بأسرهم وذا عصر المشيب
تذب عن اللما المعسول منهم / لحاظ جآذر بلحاظ ذيب
أيا ريم الأجيرع حبذا لو / بقلبي ترتعي حب القلوب
وترعي الطرف زهر أريض روض / بمرعى فوق خدك غير موبي
أحبك ما بدت في الأفق شمس / ومال أخو الغزالة للمغيب
أحلئ عن ورودك ثم أدنوا / دنو الطير حام على قليب
حناناً كم قرعت عليك نابا / وكم رحلت يوم نواك نيبي
غداة قطيع رمل الجزع صفحا / تنافر قاطعاً رمل الكثيب
واعفر من ظباء القاع خشف / يشير إليَّ بالعنم الرطيب
ترصد رقدة الرقباء حتى / ذا ما هومت عين الرقيب
أتى والليل رطب الذيل يمشي / على وجل بمهزوز قضيب
والوى الجيد تذرف مقلتاه / وحيا بالخضيب وبالشنيب
فقمت إليه أرشف منه ريقاً / ألذَّ من المدامة للشروب
وبتنا حيث لا عين ترانا ال / عشية غير معقوص السبيب
بليل لا نراقب فيه إلا / نسيم الصبح هب من الجنوب
يصادقني الحديث به وألهو / أموه عنه بالفجر الكذوب
إلى أن لاح حاجبه طلوعاً / ومال النجم يجنح للغروب
فقمت مودّعاً أملود غصن / سرى بمسيَّر البرد القشيب
وجئت الحي لم تعلق برودي / سوى عبق تعلق بالجيوب
وهي جلدي وما رست الخطوبا
وهي جلدي وما رست الخطوبا / فلم يغمزن لي عوداً صليبا
لئن أورثنني شجنا طويلا / فما قصرن لي باعاً رحيبا
بكى نضوي فهيج إذ رثالي / جوى أورى الفؤاد به لهيبا
عجبت يحن من كلف وشوق / وكنت أظنه نضواً طروبا
يذكرني رغاه بغام ظبي / أغنَّ الصوت قد سلب القلوبا
إذا هب النسيم الرطب وهنا / ثنى من عطفه غصناً رطيبا
يريك بوجهه قمراً شروقا / إذا استبخلته لبس الغروبا
وكم قد شمت من رشأ ربيب / ولم أرَ مثله رشأ ربيبا
إذا انسابت أفاعي الجعد دبت / عقارب فوق عارضه دبيبا
ولست أشم من دارين طيبا / إذا استنشقت من صدغيه طيبا
يحبك يا غزال الجزع قلبي / فيجزع ريبة أن تتريبا
وهب لك باللوى وطن فإني / أرى لك في الحشا مرعى خصيبا
بودّي أن أقبل منك نحرا / وارشف مرشفاً خصِراً شنيبا
وعيشك لم يفز بالعيش إلّا / محب بات يعتنق الحبيبا
أطعت ذوي الهوى بهوى حبيب / عصيت به المعنف والرقيبا
إذا استعطفته يحمرّ غيضا / ولم يرع اصفراري والشحوبا
نضا عن منكبيَّ رداء صبري / فألبسني الأسى برداً قشيبا
ومن يخفي الهوى فرقا فإني / به أبدي الصبابة والنحيبا
ولما لم أفز بالوصل منه / ولم أر من مودته نصيبا
غدوت أقول والأجفان تهمي / كغادية الحياء دما سكوبا
يؤجج في الحشا عباس نارا / يكاد القلب منها إن يذوبا
تراه الناس بسّاماً فمالي / أراه علي عبّاسا قطوبا
حبيبة قلب الوالدين ألا اذهبي
حبيبة قلب الوالدين ألا اذهبي / ولا تذهبي حتى يرى القلب ذاهبا
لبثت بنا خطف الوميض لشائم / كما أومض البرق اليماني كاذبا
أقمت بذي الوادي وأنت صغيرة / ولم تبرحي حتى أقمت النوادبا
ولا تحسبن رزء الأصاغر هينا / فإن وحي الأخفاف ينضي الغواربا
أواصلة للَّحد لا بمشقة / وقاطعة أرضا ربىً وسباسبا
تنشقت ريح العنبر الورد غدوة / نشقتُ بها فيك الرياح الحواصبا
لغادرت جدّاً لا يرى لك من أب / على حالة ألا تلقاه ناحبا
زوي الأضحيان البدر للعين حاجبا / بيوم به اخترت الثرى لك حاجبا
وهل نافعي عض الأباهم بعد ما / بادرد ناب قد قطعت الرواجبا
أمزمعة للقبر حسبكِ من أبٍ / يضن بدمع أو يجودك ساكبا
سأبكيك ما انهلت دموعي ذرَّفا / من العين حتى يرجع الدمع ناضبا
وإن تحبس العين الجمودة ماءها / سأبعثه دمعاً من القلب ذائبا
لقد عاد يومي فيك أسود حالكا / كأني به واريت أبيض قاضبا
لقد غال صرف الدهر من آل غالب / منعمة أرزت نزاراً وغالبا
ربيبة أقوام كرام تخالها / ربيبة آرام سنحن رباربا
وكم قالت للبدر المنير بوجهها / هوت من لها أهوى النجوم الكواكبا
لقد ضل من يعتاض بابن عن ابنة / غداة بنات الدهر جدَّت لواعبا
وقالوا تسلى سوف يعقب مثلها / فقلت ومن يبقى فيرجو العواقبا
أصاحب أن الدهر للمرء صاحب / مداجٍ إلى أن ينزع النفس صاحبا
وما لامرءٍ عن ساحة الموت مهرب / ومن ذا الذي ينجو من الموت هاربا
يميل الفتى عن خطة الموت ناكبا / ولا ينثني عن خطة الحتف ناكبا
وأين فتى ردَّ الردى بضرابه / وكم من فتىً ضربٍ يرد الكتائبا
فكم بازل قد دق منه جرانه / وشمَّر لا يلوي فقاد مصائبا
فمن نازل يمشي على قدم له / ومن راكب ولّى بحث الركائبا
تضلّ له الأعناق بالذل خشعا / وكم ذل مطلوب فعزز طالبا
لفرَّق أقواماً وجمَّع جحفلا / وأجرى له مجرى وجر مقانبا
وما الناس إلا الذود صبح بطرده / أهاب به الداعي فذعذع هائبا
وما تلكم الأيام إلّا أراقم / تدب الليالي خلفهن عقاربا
فيا ليت لا ألقى الزمان مسالما / وقد كنت لا ألقى الزمان محاربا
ولو كان يصغي الموت للعتب ظالما / عتبت ولكن ليس يسمع عاتبا
وما غائب إلّا ويرجع آيبا / سوى الموت لم يرجع إلى الحي آيبا
وعينك ما للعين بعدك مسرح
وعينك ما للعين بعدك مسرح / ولا لمزار الدمع بعدك من غبّ
إذا خطرت لي منك في القلب خطرة / تأوهت من كربي وحن لها قلبي
حنين صوادي العيس ضحوة خمسها / روامي بالأحداق للمنهل العذب
فقدتك فقد البدن مطرح جنبها / رواغي تحت الليل تخبط بالركب
فكم زفرة لي فيك تعقب زفرة / وسرب دموعٍ يشرئب إلى سرب
وكم لهفة لي فيك في أثر عبرة / بقلب هفا صب ودمع جرى سكب
بكيتك حتى قد قضى الدمع نحبه / عليك فهلا قد قضيتُ به نحبي
فللعين عين بالدموع سفوحة / وللغرب غرب يستهل على غرب
تركت لذيذ العيش فيك كأنما / يمثل لي عينيك في الأكل والشرب
ولست علىما بي من الهم ناسياً / تذكر حال منك في البعد والقرب
بقيت على حب يرقص بالحشا / عليك وظني قد بقيت على الحب
ولا تحسبن أن الذي بي هين / فبي منك فوق الترب ما بك في الترب
لقد كنت رحب الصدر جلداً على النوى / فمذ بنت لا قد بنت قد ضاق بي رحبي
وكنت على سلم مع الدهر برهةً / فصرت مع الأيام فيك على حرب
وحسبي خصم في الزمان متنازع / ينازعني العلق الثمين على غصب
ولو كان خطبي بعد فقدك واحد / حملت لوكن حمل خطب على خطب
أغالب أيامي وهن عواكس / مقاصد آمالي ومن ليَ بالغلب
ما بال هذا الدهر يعجم صعدتي / كأني والدهر الألد على ألب
لعمرك ما نبئت والسيف مرهف ال / مضارب إن السيف ينبو بلا ضرب
فأين زعيم العجم والعرب أين من / دعي بفتى الفتيان في العجم والعرب
وأين ابن أم المجد طار إلى علا / شرافتها تعلو على الأنجم الشهب
وأين مصون العرض ما نيل عرضه / وباذل عرض المال بالنائل النهب
وأين الذي إن عطلت للعلى رحى / غدا قطبها ثم استدارت على القطب
واين الذي قد عزَّ في الموت حزبه / وصارع حزب الموت وهو بلا حزب
أرى الآلة الحدباء يحمل فوقها / رجال رسوا هضباً على الهضب الحدب
ندبناك يا أزكى الرفاق وإنما / ندبناك للندب الحسين أخ الندب
وما مات من أبقى لنا بعد فقده / فتى مثله ضرباً شقيق الفتى الضرب
وكوكب فضلٍ عزَّ في الناس خدنه / فليس له ترب سوى النجم من ترب
جواداً متى بالجود يبسط راحة / يظل لها يغضي حياءً حيا السحب
عزاؤكما والحادثات نوازل / على مذهب الأمحال بالمنزل الخصب
ولا زال ممطور من الروض ممرع / يرف على مثواك بالمندل الرطب
تجهم وجه الموت وازورَّ حاجبه
تجهم وجه الموت وازورَّ حاجبه / فراح يرينا كيف تجثو غياهبه
تعصب أو يمري القلوب مصمما / ومازال حتى استفرغ الضرع عصابه
ولن يرجع الموت الزؤام ابن نجدة / على عقب أو يرجع الدرَّ حالبه
وما لبس الدرع الحصيدة حازم / من القوم إلا بزّه الدهر سالبه
هو الخطب لم تكفف بسلم كتائبه / يحارب بالأرزاء من لا يحاربه
له الويل كم يسعى بسود أراقم / لبيض المساعي وهو تسعى عقاربه
وشوهاً له يفري بحمر مخالب / قلوب العلى والموت حمر مخالبه
نعاتب هذا الدهر والدهر لم يزل / يخيب من قد جاء يوماً يعاتبه
فلا تصحبن الدهر إن كنت كيسا / فحسبك أن الدهر يخذل صاحبه
عذيريَ من دهر إذا ما وجدته / لدفع ملم أدركتني مصائبه
فيا لائميّ اليوم كفّا فما بقي / مع القلب صبر يوم زمت ركائبه
قضى البين ممن يزجر الطير قلبه / بيوم غراب البين ينعق ناعبه
لقد قاد صرف الحتف للحتف قائداً / تناقل بالسلب اللدن سلاهبه
وقد كان ورد الفضل عذباً شرابه / فمذ بان عاد الفضل رنقا مشاربه
خليليّ ما الأيام صادقة الجدا / تخيل مخيل البرق أومض كاذبه
وللمرء أحباب مضت وحبائب / فافجعنه أحبابه وحبائبه
هل غالمرء يلقى بالتصفح صحبه / وقد أدرجت تحت الصفيح صحائبه
وما الناس إلا كالأنامل أن تقس / تجد أصبعا من أصبع لا يناسبه
فمن ظاعن يمضي وتبقى مناقبه / ومن قاطن يبقى وتبقى مثالبه
وليس ابن أم المجد إلا ابن قفرة / ملوّح مبدي صحفة الوجه شاحبه
إذا ثار في الصفين نقع عجاجة / يخوض عجاج النقع شعثاً ذوائبه
هل المشهد الأعلى قضى بابن مشهد / بلى بعليّ فيه قامت نوادبه
فتى أغرب المطري المطيل بوصفه / فاعجزت المطري المطيل غرائبه
فتى بث في الآفاق بيض مناقب / فسارت مسير النيرات مناقبه
فتى إن رجونا منه دفعا لفاقة / أمدت بدفاع العطاء رواجبه
إذا غربت عن عينه نفس طالب / إنما له عيناً عليها تطالبه
فتى رد بالكتب الكتائب فانبرت / تثير عجاجاً كتبه لا كتائبه
فتى العزم إن أجرى العدو مقانبا / فعزمته في الجحفلين مقانبه
وذي قلم قد عاض عن كل لهذم / إذا خط في الخطي أوجز كاتبه
وهوب إذا استر فدت إحدى هباته / أتتك ثبا ملء الفجاج مواهبه
طلوب لأسباب العلى مدرك لها / وقد يدرك المطلوب من هو طالبه
لقد نال أقصى ما ينال من العلى / وقد تجلب الشيء البعيد جوالبه
بعيد عن الأقران من ذا يقاربه / ومن ذا يجاريه ومن ذا يغالبه
فمن ينزل الفج الذي هو نازل / ومن يركب النهجل الذي هو راكبه
فما زال يرعى المجد في المهد يافعا / ويكلؤه طفلاً لدن طرّ شاربه
أعاد وأبدى في الجميل ولم تزل / أوائله محمودة وعواقبه
سأبكيه مبكى الفاقدات ثواكلا / بدمع جرت مجرى العزالي سواكبه
وذي عصبة أمسى مقيماً بحفرة / عشية لا تجدي فتيلاً عصائبه
ومحتمل فوق المناكب زاحمت / مناكب رضوى يوم سارت مناكبه
لتعول بالويلات بعدك فتية / يجاوبها فيك الصدى وتجاوبه
قطعت سهول يثرب والهضابا
قطعت سهول يثرب والهضابا / على شدنية تطوي الشعابا
سرت تطوي الفدافد والروابي / وتجتاز المفاوز والرحابا
إذا انبعثت يثور لها قتام / لوجه الشمس تنسجه نقابا
يجشمها المهالك مشمعل / يخوض من الردى بحراً عبابا
هزبر من بني الكرار أضحى / يؤلب للوغى أسداً غضابا
غداة تألبت أرجاس حرب / لتدرك بالطفوف لها طلابا
فكر عليهم بليوث غاب / لها اتخذت قنا الخطي غابا
إذا انتدبت وجردت المواضي / تضيّق في بني حرب الرحابا
وهبَّ بها لحرب بني زياد / لدى الهيجا قساورة صلابا
فبين مشمر للموت يصبو / صبوَّ متيم ولها تصابى
وآخر في العدى يعدو فيغدو / يكسِّر في صدورهم الحرابا
إلى أن غودرت منهم جسوماً / ترى قاني الدماء لها خضابا
وضلَّ يدير فرد الدهر طرفاً / ينادي بالنصير فلن يجابا
فمهما كرَّ ضلت منه رعبا / أسوداً لحرب تضطرب اضطرابا
يصول بأسمر طوراً وطورا / بأبيض صارم يفري الرقابا
وأروع لم تروّعه المنايا / إذا ازدلفت تجاذبه جذابا
يهز مثقفاً ويسلّ عضبا / كومض البرق يلتهب التهابا
نضا للضرب قرضابا صنيعا / أبى إلا الرقاب له قرابا
رمى ورموا سهام الحتف حتى / إذا ما أخطأوا مرمىً أصابا
إلى أن خرَّ منعفرا كسته / سواقي الريح غادية ثيابا
أحبيب أنت إلى الحسين حبيب
أحبيب أنت إلى الحسين حبيب / إن لم ينط نسب فأنت نسيب
يا مرحباً بابن المظاهر بالولا / لو كان ينهض بالولا الترحيب
شأن يشق على الضراح مرامه / بعداً وقبرك والضريح قريب
قد أخلصت طرفي علاك نجيبة / من قومها وأب أغر نجيب
بأبي المفدّي نفسه عن رغبة / لم يدعه الترهيب والترغيب
ما زاغ قلباً من صفوف أمية / يوم استطارت للرجال قلوب
يا حاملاً ذاك اللواء مرفرفا / كيف التوى ذاك اللوى المضروب
للَه من علم هوى وبكفه / علم الحسين الخافق المنصوب
أبني المواطر بالأسنة رعَّفا / في حيث لا برق السيوف خلوب
غالبتم نفرا بضفة نينوي / فغلبتم والغالب المغلوب
شكت الطفوف طفيفها فأكالها / بكم أبي الضيم وهو غريب
ما منكم إلّا ابن أمّ للردى / ليث أكول للعدى وشروب
كنتم قواعد للهدى ما هدَّها / ليل الضلال الحالك الغربيب
شاب وأشيب يستهل بوجهه / قمر السما والكوكب المشبوب
لولا فخامة شيبهم وشبابهم / شرفا لرق بهم لي التشبيب
فزهيرها طلق الجبين وبعده / وهب ولكن للحياة وهوب
وهلالها في الروع وابن شبيبها / وبريرها المتنمر المذروب
والليث مسلمها ابن عوسجة الذي / سلم الحتوف وللحروب حريب
آساد ملحمة وسمّ أساود / وشواظ برق صوارم ولهيب
الراكبين الهول لم ينكب بهم / وهن ولا سأم ولا تنكيب
والمالكين على المكاشح نفسه / والعاتقين النفس حين تؤوب
والمصدرين من المغيرة خيلها / والخيل شوط مغارها التخبيب
متابعدات في الغوار نوازع / ألوى بها الأساد والتقريب
قوم إذا سمعوا الدروع كأنهم / تحت الجواشن يذبل وعسيب
أو أنهم في السابقات أرقم ال / وادي يباكرها الندى فتسيب
ساموا العدى ضرباً وطعناً فيهما / غنيّ الحسام وهلهل الأنبوب
من كل وضاح الجبين مغامر / ضرباً وللبيض الرقاق ضريب
متخبب ذملا يحفز مهره / خببا وآخر خلفه مخبوب
ومحبب لهوى النفوس محكم / فيها كما يتحكم المحبوب
إن ضاق وافي الدرع منه بمنكب / ضخم فصدر العزم منه رحيب
ما لان مغمز عوده ولربما / يتقصف الخطي وهو صليب
ومعمم بالسيف معتصب به / واليوم يوم بالطفوف عصيب
ما زال منصلتاً يذب بسيفه / نمراً وأين من الأزلّ الذيب
تلقاه في أولي الجياد مغامرا / وسواه في أخرى الجياد هيوب
يلقى الكتيبة وهو طلق المجتلي / جذلان يبسم والحمام قطوب
طرب المسامع في الوغى لكنه / بصليل قرع المشرفي طروب
واهاً بني الكرام الأولى كم فيكم / ندب هوى وبصفحتيه ندوب
أبكيكم ولكم بقلبي قرحة / أبدا وجرح في الفؤاد رغيب
ومدامع فوق الخدود تذبذبت / أراطها وحشاً تكاد تذوب
حنَّ الفؤاد إليك فتعلمت / منه الحنين الرازحات النيب
تهفو القلوب صوادياً لقبوركم / فكأن هاتيك القبور قليب
قربت ضرائحكم على زوارها / ومزورها للزائرين مجيب
وزكت نفوسكم فطاب أريجها / في حيث نشر المسك فيه يطيب
جرَّ عليكم عبرتي هدّابها / فجرى عليكم دمعيَ المسكوب
بكرت إليكم نفحة غروية / وسرت عليكم شمأل وجنوب
أفخر العشيرة من غالب
أفخر العشيرة من غالب / ألان أضيع رجا الطالب
وأصبح صبح الهدى نافضا / شحوبا على اللفم اللاحب
غربت وكم قمر حائل ال / طلوع على القمر الغارب
مصابك قد حلَّ في الشارع ال / أصم وفي القاطع القاضب
أصبت بسهم الردى صائباً / لأخطأ سهم الردى الصائب
غلبنا عليك وهل غالب / يغالب حبيش القضا الغالب
إذا الدهر أصلح من جانب / ألحَّ فافسد من جانب
لقد جرَّ مجرى له أرعنا / جناحاه سداً فضا الراحب
تحوم العقاب على قلبه / فتطفو حصاة حشا الهائب
تعصب يقرع تاج العلى / على مفرق الملك العاصب
يفاجيك منتصباً همه / لهمِّ يسيغ القذى ناصب
فلم يجدِ منه وعدوائه / احتراز المقيم ولا الهارب
يسور بارقمه سائبا / حذارا من الأرقم السائب
يعود الفتى بعد وجدانه / رجوعاً إلى حمأ لازب
يصيح بنا هائب فوقنا / ولم نصخ للصائح الهائب
لكل امرئ أجل محرز / بذاك جرى قلم الكاتب
يغيب وكم غائب آيب / وكم غائب ليس بالآيب
هو الحتف خلف عنّا حافل / فهلا وقفت على الناضب
حلوب يدر بلا عاصب / وصفو الحليبة للشارب
فإن لم تلِ الرأي من حازم / فحاصف رأيك كالعازب
إذا شئت سلم حروب الزمان / فسالم على الزمن الحارب
ولا تضعِ القوس من حاجب / ولو كان قوسك من حاجب
أرى الموت أقرب من حاجب / لعين وعين إلى حاجب
أبا محسن إن حسن الفعال / يعقب حسناً إلى الراغب
وهبت حبا النفس عن رغبة / وفضل المواهب للواهب
تنال المطالب في مدرك / وإن المطالب للطالب
أطاعك عزم ولا صارم / إذا السيف عاصي يد الضارب
ولو كان طوعي ثني الحمام / وليس الزمام على الغارب
لحولت رجلك عن مركب / ودافعت منك يد الراكب
لقد كنت في زمن ماحل / كمثلك في زمن خاصب
وقرة عين امرئ طالب / وخاب فياصفقة الخائب
ندبناك في إيما معضل / وأينك من مصرخ النادب
فقدناك فقد قطاً عاطش / لمنهل ورد القطا السارب
رثيت ولم أقض من واجب / عليَّ ولا البعض من واجب
سقيت وإن كنت صوب الحيا / سكوبا بصوب الحيا الساكب
درى الدهراي عميد أصابا
درى الدهراي عميد أصابا / فأوجس منه الزمان انقلابا
ويا هل درت نكبات المنون / غداة لوت من لوي عقابا
رمت تاج رأس مليك الورى / فخاراً ولم تبق غير الذنابي
وعضت بادردها أنملاً / تمير الرحاب وتروي الهضابا
وحيث أصابته أم المنون / فكل غدا بأبيه مصابا
فخل الجفون تصب الدموع / برزء أتيح علينا انصبابا
لقد فلَّ بيضاً وحطم سمراً / وكسر نبعاً ودقَّ حرابا
وقشع غيثا وعرقب ليثاً / وزلزل طوداً ودكّ هضابا
قضى من يميط حجاب العلوم / فمن للعلوم يميط الحجابا
وأغلق رب الندى بابه / فمن للمكارم يفتح بابا
فقل للضيوف قضى في الطفوف / أمان المخوف إذا ما استرابا
غريباً أرى يا غريب الديار / برغم المعالي تموت اغترابا
فيا راحلاً قد شعبت الفؤاد / غداة ارتحلت تجوب الشعابا
ويا قافلاً خلفه الفاقدات / دعت حسَّراً بأبٍ ما أجابا
لرد الجواب لها نعشهُ / فول كان نعش يرد الجوابا
وللَه درك من راحل / اذل طلوباً وعز طلابا
ويا لرزايا تشيب القلوب / إذا ناب رزء له الرأس شابا
ونائبة ظل منها الزمان / يعط بروداً ويقرع نابا
تداعت تقود إلى يعرب / رعيلاً تألب خيلاً عرابا
تشن إلى كل رحب الفنا / غواراً يسد الفضا والرحابا
فمالك يا دهر تنحو الكرام / بريب لقد شد ما قد أرابا
هشمت لهاشم أنفاً أشما / فراحت تلف عليه النقابا
فمن ذا يرد عوادي الخطوب / إذا انبعثت تستتشيط غضابا
ويلجم منها فماً فاغراً / يلوك الشكيم ويحسوا للعابا
وناعٍ نعي نور عين الزمان / فاطفي شهاباً وأورى شهابا
نعى أغلباً من بني غالب / يغالبني الدهر فيه غلابا
نعى للحسين نسيم الصبا / هبوباً عليه وعزا مهابا
أمامان كل فتىً منهما / يعبي من العلم بحراً عبابا
وبحران قد عذبا منهلاً / وطابا وروداً وساغا شرابا
هما زيناً كل جدٍ حلى / لجيناً خليصاً وتبراً مذابا
فما منهما غير سبط البنان / بطلق المحيا يحيي الركابا
عرفنا طريق النجا فيهما / ولولاهما ما عرفنا الصوابا
فإنّى نضل وقال الزموا / نبي الهدى عترتي والكتابا
شقيقيه صبرا فإن الآله / جزى الصابرين عطاء حسابا
لأن غاب في اللحد ليث العرين / لخلف في الغاب شبلا وغابا
نقي جمان ومن كاسمه / جمان نقي يزين الرقابا
ووضاح وجهٍ إذا ما للزما / ن قطب وجهاً وكشر نابا
وعضباً صقيلاً بيوم القراع / بضرب الطلى لا يمل الضرابا
إذا سيم ضيماً بسجف القراب / تمطي فكاد يقدُّ القرابا
ولا زال بالعفو صوب الرضا / على ابن الرضا يصوب انسكابا
نوب تجد وبعدها نوب
نوب تجد وبعدها نوب / وتظن أن صروفها لعب
لا تعتبنَّ على الزمان وقد / أردى عداك اللوم والعتب
كم ذا يضعضع أخشباً ونرى / متسندين كأننا خشب
حتى إذا اغتالت حوادثه / ندباً لدى اللاواء ينتدب
هو حجة الإسلام من نشرت / فوق المنابر باسمه الخطب
فليبكه الإسلام منصدعاً / بجفون ثكلى دمعها صبب
من للمدارس بعده فلقد / أمست بها تتناوب النوب
ذهب الذي تزهو العلو به / فامتاز عما دونهُ الذهب
قل للرياسة بععده احتجبي / فلقد تساوى الرأس والذنب
لم يلف ندٌّ في الزمان لهُ / ما كل دوح طلعه عنب
ميت له العلياء نادبة / دون الورى والمجد ينتحب
أحيي عليه الليل مضطرباً / ولحزنه القلب مضطرب
لم يجر ذكر حديثه بفمي / إلا انثنيت ومدمعي سرب
عجباً أقام بمدجن حرج / صدر لهُ سع التقى رحب
ويبيت يفترش الثرى ترباً / يا ليت خدي دونه ترب
وذوي بطي رمال جندلها / غصن يلاعبه الصبا رطب
بكل يوم ظفر نائبة / في مهجة العلياء ينتشب
سلبت رقادي نكبة شرعت / تندق منها الشرَّع السلب
طرقت تجر كتيبة ضربت / فوق الضراح لنقعها قبب
جرّارة خرس زماجرها / ينهار منها الفيلق اللجب
حطمت ظهور المجد وانعثت / كالسيف ملء بطونها كرب
قم بي نعزي من بني مضر / حبراً له بحر العلوم أب
علامة الدنيا العلي ومن / نطقت بفيصل حكمه الكتب
لسِنٌ متى هدرت شقاشقه / غبطت سنان لسانه القضب
أضحت تزاحم تحت منبره / غلب تكدس فوقها غلب
يمضي الأمور بفاتك ذرب / وكذاك يمضي الفاتك الذرب
يسطو على الجلى فيقعدها / بأساً بسطوة باسل يثب
طود رسا في يعرب فغدت / تأوي إليه العجم والعرب
شمخت إلى الشرف الأشم به / شم المعاطس معشر نجب
يتهللون باوجهٍ شرقت / لولا رضا الرحمن ما غضبوا
تلقى الأماني البيض أن نزلوا / وترى المنايا السود أن ركبوا
لا الجود نزر من أكفهم / يلفي ولا المعروف يحتسب
إن طاولوا طالوا بمجدهم / أو غالبوا بنوالهم غلبوا
يتذاكرون بكل منقبةٍ / حتى إذا ذكر الندى طربوا
طلبوا بجدهم العلوم وقد / نالوا لعمري فوق ما طلبوا
ضربوا بمدرجة العلى قبباً / أطنابها المعروف والأرب
سارت بأفق سمائها شهب / عثرت بلمع سنائها الشهب
يا ابن الأولى لبس الزمان بهم / أبراد عزٍّ كلها قشب
إن غاب بدر عنك محتجب / وافاك بدر ليس يحتجب
فلك السلو بجعفر وله / فيك السلو عدا كما النصب
وسقى من الغفران حيث سقى / مثوى النقي العارض السكب
غنّى النسيم بروضة فثنى / عطفاً عليه المندل الرطب
لقد فتح الشبلي للمرتضى بابا
لقد فتح الشبلي للمرتضى بابا / علا بعلي ذروة العرش أعتابا
وحيث رأى الصحن الشريف تعاكفت / عليه وفود تبتغي الرفد طلابا
على المنهل الحوض الروي تزاحمت / وفي الحوض ساقي الحوض يملأ أكوابا
فشادله باب رفيعاً يود لو / يقوم عليه الدهر رضوان بوابا
ودام مدى الأحقاب باباً مشيداً / وخير صنيع الخير مادام أحقابا
هو الشبل لاغاب له فيكنُّه / ولم أرشبلا قط لم يفترش غابا
ولا يكل الحرب الزبون لغيره / وكم وكل لم يشهد الحرب هيابا
تراه إذا ما الحرب ألقت قناعها / بمعترك الهيجاءا أو كشرت نابا
يشب لظاها بالأنسة والظبى / فبالرمح طعاناً وبالسيف ضرابا
يسد من الثغر المخوف انشعابه / برأي كسيب الحية الذكر أنسابا
ومذ وقع الشبلي في باب حيدر / وجيز خطاب قد تضمن أطنابا
ترصع بالسبع الواري فأرخوا / نعم فتح الشبلي لحيدرة بابا
ألوى يختالها بالجد واللعب
ألوى يختالها بالجد واللعب / ظبي بملعب ذاك الربرب السرب
يفتر عن ظلم ثغر بارد شنب / يا حرَّ قلبي لذاك البادر الشنب
صبا له الصب لا يصغي إلى عذل / والوجد في صعد والدمع في صبب
شربت من فمه المعسول بنت لمىً / صهباء تهزء لونا بابنة العنب
أسرح اللحظ في خدٍّ له شرق / بالماء والنار مخضر وملتهب
يدعون خدك زهر الروض زاهيه / أولى لخدك أن يدعي أبالهب
لو لم يكُن ثغرك الدري كاس طلا / لما تحبب مثل الراح في الحبب
لم يخل منك ضمير قد خلوت به / ملآن من أربٍ خال من الربيب
تغازل العين عينيه مغازلة / غزيلاً أن رنا بالغنج واحربي
أخذت أنسج فيه الشعر رائقه / ثم انقلبت بأشعاري لمنقلبي
وافت بساعة يمن الأنس والطرب / ساع بسعي علي المركز الفصب
أتى بها السبب الداعي لخير حمى / يا ربما سبب قد جاء من سبب
نال العلى باسمه السامي علاً ويلي / نال العلى بعلي الأسم واللقب
دارت عليه رحا العلياء منتصبا / وهل تدور رحىً الأعلى قطب
الدُمنهُ يرد الخصم عن جدلٍ / سنان ذاك اللسان الفاتك الذرب
قضى له النجف الأعلى بمأثرة / في العزم فلَّت شبا المأثورة القضب
هو المجير إذا ما أزمة أزمت / وهو المعد لريب الحادث الأشب
ذو همة ما علاها في العلى نصب / قد غادرت همم النصاب في نصب
قد جدَّ قوم من الأقوام واجتهدوا / أن يلحقوه ققد خابوا ولم يخب
كم مغتد لبعيد الرزق يطلبه / والرزق أن تغد عنه انصاع في الطلب
بحر عباب من المعروف جاش له / بحر تغوَّر منه البحر ذو العبب
دعا الأمين قلبي عند دعوته / أمين غيب على الأستار والحجب
أهدى الأمين أمير العجم معربةً / هدية لأمير العجم والعرب
أتى بما حير الألباب من عجب / والمرء في حالةٍ يدعي أخا العجب
إن عضَّك الدهر في نابٍ لنائبة / فلذ بجانبه تأمن من النوب
إن كنت أعقبت عرفاً خص كاظمنا / فقد ذهبت بفضل البدء والعقب
فضيلة لك في الآفاق ذاهبة / فاذهب بحلي لجين الفضل والذهب
وخير جود الفتى من عمَّ نائله / ما خص فيه نبي أو وصي نبي
وقائل مالاسمعيل من شيم / صفها لنا قلت ما قد صح في الكتب
قد جاد في نفسه للَه محتسباً / للَه طاعة فرض ابنٍ لخير أب
هل كان يعرف إبراهيم موقعه / غداة تلَّ جبيناً منه للترب
له ضروب من الفعل الجميل وذا / ضرب لهمته أحلى من الضرب
يا حبذا ساعة بالبشر قادمة / بها علينا تباشير الحيا السكب
كنا نراع إذا ما لساعة اقتربت / إذ قال قائلنا للساعة اقتربي
نصغي لرنة صافي الطاس إن قرعت / إصغاء ذي طرب يصغي إلى الطرب
نارقب الوقت منها كل آونةٍ / ياحب مرتقب منها لمرتقب
تدعو إلى الصلوات الخمس مؤذنة / قتقتصي ناب ناهيك من أرب
تفيد من أمم نفعاً ومن كثب / والفيض من أمم يقضي ومن كثب
فضل تساوى به الداني القريب مع ال / نائي البعيد فكل بالحباء حبي
عاضت عن الشمس قانوناً يبين لنا / وقتا فوقتا إذا غابت ولم تغب
وطاردت في دجى الليل البهيم سرى / عطارد النجم بين الأنجم الشهب
كأنما قطب هذا الكون منتصب / فيها تدور به الأيام في الحقب
فهاكها سلسة الألفاظ منجبة / سادت على العشر بابن السادة النجب
ولم أكن حرفتي في رصفها أدبٌ / وإن أليَّ تناهت نوبة الأدب
بمنتهى أرب تم الحبور لنا / أرخ بساعة أنس العيش والطرب
ما بال جفني لا تجف غروبه
ما بال جفني لا تجف غروبه / أبداً وقلبي لا يقل وجيبه
ولرب ذي كلف يتوق وكلما / طال النوى شوقاً يطول نحيبه
يبكي فيخضب وجنتيه بمدمع / يجري وشؤبوب الدماء يشوبهُ
أضحى يجرعه المنون على النوى / في حبه قاسي الفؤاد حبيبهُ
رشأ متى يرنو تصبك لحاظه / سيان منه بعيده وقريبه
قمرٌ إذا جنَّ الدجى من جعده / شقَّ الضحى من خده ملحوبه
فلقد هداني منه صبح جبينه / وأضلني من فرعه غربيبه
بي شادناً أصلى بجمرة خده / زنجي خال قد تضوع طيبه
ضربت محاسن وجهه له صورة / مثلاً فصار الحسن منه ضريبه
ليس العجيب بان يبين عجيبه / أو أن يشيع عن الغريب غريبه
يا من تملك مهجة ليَ لم تزل / حرّى وقلباً لا يبوخ لهيبه
لم يلف صب في هواك متيم / شيئاً سوى الأعياء منك يصيبه
كم ذا يخيب من رجائك مغرم / ما أنفك يظفر بالرجاء رقيبه
لم يبق منه الوجد من فرط البكا / دمعاً ولا قلباً عليك يذيبهُ
غالبت خيل الدمع فيك مغالباً / لو كان يغلب غالباً مغلوبه
وتهيجه ذكراك شوقاً كلما / هب النسيم شماله وجنوبه
حتى مَ تسمح للوشاة بهجرة / ما آن يوماً بالوصال تجيبه
نفسي الفداء لجيرة
نفسي الفداء لجيرة / ذكراهم أرج يهبُّ
سارت بهم مجدولة / تطوي حزون الأرض نجب
أخذت تخب بركبهم / والقلب أثر الركب يخبو
يكبو وراء ظعونهم / للَه قلبي حين يكبو
الوجد اضرم في الحشا / ومسيل قاني الدمع سكب
ما راعني يوم الوغى / عند اقتراع البيض ضرب
بل راع قلبي أغيدٌ / تستلٌّ من جفنيه قضب
لو يعلمنَّ بصبوتي / ضلَّت مدامعه تصبُّ
أورى الجوى بجوانحي / جذوات إشراق تشبُّ
لم يخب فيه وقودها / هيهات نار الشوق تخبو
وافى على رغم النوى / فارتاح للمشتاق قلب
خوف الوشاة محجباً / وله العقاص السود حجب
وغدت عقارب صدغه / عن ورد وجنته تذبُّ
كالنمل آس عذاره / من فوق وجنته يدبُّ
لم ينب مرهف لحظه / يوماً وحدُّ السيف ينبو
أتردين من جوى ووجيب
أتردين من جوى ووجيب / أم تجيبين دعوة لمجيب
حبذا من جوى وجيب / أما تجيبين دعوة لمجيب
حببذا أنت لي حبيبة قلب / وحبيباً مولعاً بحبيب
صف لي الدمية التي صوروها / صنماً لعيون أو للقلوب
مهرة تسحب العنان فدتها / كل فينانة السبيب سحوب
سمحة صعبة تمانع عنها / مسك فضل الركاب قبل الركوب
بانة رودة رهيفة قد / خيزران يميل طوع الهبوب
هزئت بالضيب يوم تولَّت / لك تهتز فوق ذاك الكثيب
فقضيب يميل فوق كثيب / وكثيب يهيل تحت قضيب
من بنات الصليب أم أين منها / وهي بنت السهوب بنت الصليب
بنت سبع وأربع وثلاث / شبت فيها ولات حين مشيب
طفلة شب نهدها وبزعم / شب في نعت حسنها تشبيبي
إن تكن تلك عز فلماذا / ذهبت فطنة بلب لبيب
إلى الجانب الشرقي من أرض بابلٍ
إلى الجانب الشرقي من أرض بابلٍ / تهب بأشواقي صباً وجنوب
يذكرنيها الشوق ما طلعت ذكاً / ضحى بمحانيها وحان مغيب
إذا ما ذكرت الشعب من سفح بابل / رمت بي خرقاء اليدين شعوب
أحنُّ حنين الذود ذيد عن الروى / فضلَّ على الماء الرواء يلوب
تنكر لي دهري فشرد رفقتي / فطالت حزون بيننا وسهوب
قضيت بهم عصر الشباب بغبطة / إلى أن علتني حنوة ومشيب
لحي اللَه دهراً ما تزال سهامه / مفوقة ترمي بنا فتصيب
أأحبابنا حالت بكم غربة النوى / وحلَّت عرى الأجفان فهي غروب
أبت أن تذوق النوم مني مقلة / كأن عليها للسهاد رقيب
فبين جفوني والسهاد تسالم / وبين وسادي والرقاد حروب
إذا ما تزاورنا على البعد بيننا / تزاور أكباد لنا وقلوب
فلي فوق أكوار المطي تهجر / ولي بين أيدي اليعملات دؤوب
ولم أتعيف بالبوارح غدوة / ولا بغراب البين وهو نعوب
وما جائلات بالنسوع تناهبت / ثرى البيد فينا تغتدي وتؤوب
رواغي تحت الليل بالركب ترتمي / لهنَّ زفير بالسر ولغوب
تحنُّ إلى الوادي نواعب رزحاً / وأين من الوادي روازح نيب
قال شعاع الآل في رونق الضحى / ترقرق ماء طافح فتجوب
باشوق من قلبي عشية أنثني / أناديك أسوانا ولست تجيب
نزعت دين التسلي في هواك وقد
نزعت دين التسلي في هواك وقد / لبست دين التصابي فيك جلبابا
قطعت حبلك عن حبلي بلا سبب / يا قاطعاً من حبال الوصل أسبابا
أعلل القلب أن يحظى بمنيته / فكم أعلل قلباً فيك قد خابا
من لي بياقوت خدٍّ منك ملتهب / يزيد خدك قبيل الهابا
قابلت منه نسيم الورد أسأله / هل طاب منه نسيم الورد إذ طابا
أما وصلتِ جبين منك مثَّ لي / لدمية القصر أو داود محرابا
ما ضرَّ كونك بالسن الصغير وقد / أحرزت ضعف كبير السن آدابا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025