المجموع : 16
أغاباتُ أُسْدٍ أمْ بُروجُ كَواكِبِ
أغاباتُ أُسْدٍ أمْ بُروجُ كَواكِبِ / أَمِ الطَّفُ فيهِ اسْتُشْهِدَتْ آلُ غالِبِ
وَنَشْرُ الخُزامى سارَ تَحملُهُ الصَّبا / أَمِ الطّيبُ مِنْ مَثْوى الكِرامِ الأَطايِبِ
وَقفْتُ بِهِ رَهْنَ الحَوادِثِ أَنْحَني / مِنَ الوَجْدِ حَتّى خِلْتُني قَوْسَ حاجِبِ
تَمَثَّلْتُ في أَكْنافِهِ رَكبَ هاشِمٍ / تَهاوَتْ إِليْهِ فيهِ خُوصُ الرَّكائِبِ
أَتَوْها وَكُلُّ الأَرْضِ ثَغْرٌ فَلمْ يَكُنْ / لَهُمْ مَلْجَأٌ إِلّا حُدودَ القَواضِبِ
وَسُمْراً إِذا ما زَعْزَعوها حَسِبْتَها / مِنَ اللِّينِ أَعْطافَ الحِسانِ الكَواعِبِ
وَإِنْ أَرْسَلوها في الدُّروعِ رَأَيْتَها / أَشَدَّ نُفوذًا مِنْ أَخِ الرَّمْلِ واثِبِ
هُمُ القَوْمُ تُؤْمٌ للعَلاءِ وَليدُهُمْ / وَناشِؤُهُمْ لِلْمَجْدِ أَصْدَقُ صاحِبِ
إِذا هُوَ غنَّتْهُ المراضِعُ بِالثَّنا / صَغى آنِساً بِالمدحِ لا بِالمحالِبِ
وَمِن قَبلِ تَلقينِ الأَذانِ يَهُزُّهُ / نِداءُ صَريخٍ أَو صَهيلُ سَلاهِبِ
بِنَفْسي هُمُ مِنْ مُسْتَميتينَ كَسَّروا / جُفونَ المَواضي في وُجوهِ الكَتائِبِ
وَصالوا عَلى الأعداءِ أُسْداً ضَوارياً / بِعُوجِ المَواضي لا بِعُوجِ المَخالِبِ
تَراهُمْ وإنْ لَم يُجْهَلوا يَوْمَ سِلْمِهِمْ / أَقَلَّ ظُهوراً مِنهُمُ في المِواكِبِ
إذا نَكِرَتهُمْ بِالغُبارِ عَجاجةٌ / فَقَد عَرَفتهُمْ قُضْبُهُمْ بِالمَضارِبِ
بَهالِيلُ لم يَبْعثْ لَها العَتْبَ باعِثٌ / إذا قَرَّطَ الكَسْلانَ قَولُ المُعاتِبِ
فما بالُهُمْ صَرْعى ومِنْ فَتَياتِهِمْ / بِهمْ قدْ أَحاطَ العَتْبُ مِن كلِّ جانِبِ
تُعاتِبُهُم وَهْيَ العَليمَةُ أَنَّهُمْ / بَريئونَ مِمّا يَقْتَضي قَوْلُ عاتِبِ
ومَذْهولةٍ في الخَطْبِ حتّى عَنِ البُكا / فَتَدْعو بِطَرْفٍ جامِدِ الدَّمعِ ناضِبِ
تُلَبّي بَنو عَبْسِ بنِ غَطْفانَ فِتْيةً / لَهُمْ قُتِلَتْ صَبْراً بِأَيْدي الأَجانِبِ
وصِبْيَتُكُمْ قَتْلى وَأَسْرى دَعَتْ بِكُمْ / فَما وَجَدَتْ مِنْكُمْ لَها مِن مُجاوِبِ
وَما ذاكَ مِمّا يَرتَضيهِ حِفاظُكُمْ / قَديماً وَلَمْ يُعْهَدْ لَكُمْ في التَّجارِبِ
عَذَرتُكُمُ لَم أَتَّهِمْكُمْ بِجَفوةٍ / ولا ساوَرَتْكُمْ غَفْلةٌ في النَّوائِبِ
شَكَتْ وارْعَوَتْ إِذْ لَم تَجِدْ مَن يُجيبُها / وما في الحَشا ما في الحَشا غَيرُ ذاهِبِ
وباكية حرى الفؤاد دموعها / تصعد عن قلب من الوجد ذائب
تصك يديها في الترائب لوعةً / فتلهب ناراً من وراء الترائب
ومدت إلى نحو الغريين طرفها / ونادت أباها خير ماشٍ وراكب
أَبا حَسَنٍ إِنَّ الذينَ نَماهُمُ / أبو طالِبٍ بِالطَّفِّ ثَأْرٌ لِطالِبِ
تَعاوَتْ عَلَيهِمْ مِنْ بَني صَخْرَ عُصْبَةٌ / لِثاراتِ يَومِ الفَتْحِ حَرّى الجَوانِبِ
وَسامُوهُمُ إِمّا الحَياةُ بِذِلَّةٍ / أَوِ المَوْتَ فَاخْتاروا أَعَزَّ المَراتِبِ
فَهاهُمْ عَلى الغَبْراءِ مالَتْ رِقابُهُمْ / وَلمّا تَمِلْ مِن ذِلَّةٍ في الشَّواخِبِ
سُجودٌ عَلى وَجْهِ الصَّعيدِ كَأَنّما / لَها في مَحاني الطَّفِّ بَعضُ المَحارِبِ
معارضها مخضوبةً فكأنها / ملاغم أسدٍ بالدماء خواضب
تفجر من أجسامها السمر أعيناً / وتشتق منها أنهر بالقواضب
ومما عليك اليوم هون ما جرى / ثووا لا كموثوى خائف الموت ناكب
أصيبو ولكن مقبلين دماؤهم / تسيل على الأقدام دون العراقب
ممزقة الأدراع تلقا صدورها / ومحفوظة ما كان بين المناكب
تأسى بهم آل الزبي فذللت / لمصعب في الهيجاء ظهور المصاعب
ولولاهم آل المهلب لم تمت / لدى واسط موت الأبي المحارب
وزيد وقد كان الأباء سجيةً / لأبائه الغر الكرام الأطائب
كأن عليه ألقي الشبح الذي / تشكل فيه شبه عيسى لصالب
فقل للذي أخفى عن العين قبره / متى خفيت شمس الضحى بالغياهب
وهل يختفي قبر امرئٍ مكرماته / بزغن نجوماً كالنجوم الثواقب
ولو لم تنم القوم فيه إلى العدى / لنمت عليه واضحات المناقب
كأن السما والأرض فيه تنافساً / فنال الفضا عفواً سني الرغائب
لئن ضاق بطن الأرض فيه فإنه / لمن ضاق في آلائه كل راحب
عجبت وما أحدى العجائب فاجأت / بمقتل زيد بل جميع العجائب
أتطرد قربي أحمد عن مكانه / بنو الوزغ المطرود طرد الغرائب
وتحكم في الدين الحنيف وإنها / لأنصب للإسلام من كل ناصب
لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب
لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب / لصرع نصب عيني لا الدم الكذب
وغلمة من بني عدنان أرسلها / للجد والدها في الحرب لا اللعب
ومعشر راودتهم عن نفوسهم / بيض الضبا غير بيض الخرد العرب
فانعموا بنفس لا عديل لها / حتى أسيلت على الخرصان والعضب
فانظر لأجسادهم قد قد من قبل / أعضاؤها لا إلى القمصان والأهب
كل راي ضر أيوب فما ركضت / رجل له غير حوض الكوثر العذب
قامت له رحمة الباري تمرضهم / جرحى فلم تدعهم للحلف والغضب
وآنسين من الهيجاء نار وغى / في جانب الطف ترمي الشهب بالشهب
فيمموها وفي الإيمان بيض ضباً / وما لهم غير نصر اللَه من أرب
تهش فيها على أساد معركةٍ / هش الكليم على الأغنام للعشب
إذا انتضوها بجمع من عدوهم / فالهام ساجدةً منها على الترب
ومولجين نهار المشرفية في / ليل العجاجة يوم الروع والرهب
ورازقي الطير ما شاءت قواضبهم / من كل شلو من الأعداء مقتضب
ومبتلين بنهر ما لوارده / من الشهادة غير البعد والحجب
فلن تبل ولا في غرفةٍ أبداً / منه غليل فؤادٍ بالظما عطب
حتى قضوا فغدا كل بمصرعه / سكينةٌ وسط تابوتٍ من الكثب
فليبك طالوت حزناً للبقية من / قد نال داود فيه أعظم الغلب
أضحى وكانت له الأملاك حاملةً / مقيداً فوق مهزول بلا قتب
يرنوا إلى الناشرات الدمع طاويةً / أضلاعهن على جمر من النوب
والعاديات من الفسطاط ضابحةً / والموريات زناد الحزن في لهب
والمرسلات م الأجفان عبرتها / والنازعات بروداً في يد السلب
والذاريات تراباً فوق أرؤسها / حزناً لكل صريعٍ بالعرا ترب
ورب مرضعةٍ منهن قد نظرت / رضيعها فاحص الرجلين في الترب
تشوط عنه وتأتيه مكابدةٌ / من حاله وظماها أعظم الكرب
فقل بهاجر إسماعيل أحزانها / متى تشط عنها من حر الظما تؤب
وما حكتها ولا أم الكليم أسى / غداة في اليم القته من الطلب
هذي إليها ابنها قد عاد مرتضعاً / وهذه قد سقي بالبارد العذب
فأين هاتان ممن قد قضى عطشاً / رضيعها ونأى عنها ولم يؤب
بل آب مذ آب مقتولاً ومنتهلاً / من نحره بدم كالغيث منسكب
شاركنها بعموم الجنس وانفردت / عنهن فيما يخص النوع من نسب
كانت ترجى عزاءاً فيه بعد أب / له فلم تحظ بابن لا ولا بأب
فأصبحت بنهار لا ذكاء له / وباتت الليل في جو بلا شهب
وصبيةٌ من بني الزهرا مربقة / بالحبل بين بني حمالة الحطب
كأنكل فؤادٍ من عدوهم / صخر نب حرب غدا يفريه بالحرب
ليت الألى أطعموا المسكين قوتهم / وتالييه وهم في غاية السغب
حتى أني هل أتى في مدح فضلهم / من الإله لهم في إشرف الكتب
يرون بالطف أيتاماً لهم أسرت / يستصرخون من الآباء كل أبي
وأرؤس سائرات بالرماح رمى / مسيرها علماء النجم بالعطب
ترى نجوماً لدى الأفاق سائرةً / غير التي عهدت بالسبعة الشهب
كواكبٌ في سما الهيجاء ثابتةً / سارت ولكن بأطراف القنا السلب
لم أدر والسمر مذ ناءت بها اضطربت / من شدة الخوف أم من شدة الطرب
لا غرو أن هزها تيه غداة غدت / مشارقاً لبدور العز والحسب
وإن ترع فلما وشكياً له نظرت / من حطها بصدور القوم واللبب
وكيف لم تظهر والحاملون لها / لم يبق منها فؤاد غير مضطرب
لعظم ما شاهدوا يوم الطفوف فهم / يرونه في بعيد العهد عن كثب
بعداً لقومٍ أبادوا خصب ربعهم / فأصبحوا بعدم في مربع جدب
والقاتلين لسادات لهم حسداً / على علا الشرف الوضاح والحسب
والفضل آفة أهليه ويوسف في / غيابة الجب لولا الفضل لم يغب
وصفوة اللَه لم يسجد له حسداً / إبليس لما رأى من أشرف الرتب
وحسن نصر بن حجاج نفاه وفي / سواه طيبةٌ منها العيش لم يطب
يا سادتي يا بني الهادي ومن لهم / بثني وحزني إذا ما ضاق دهري بي
ندبتكم فأجيبوني فلست أرى / سواكم مستجيباً صوت منتدب
فأنتم كاشفو البلوى وعندكم / صدق الأماني فلم تكذب ولم تخب
ألستم جعل الباري بيمنكم / رزق الخلائق من عجمٍ ومن عرب
بل أنتم سبب بالعرش متصلٌ / لكل ذي سببٍ أو غير ذي سبب
يا ابن بنت النبي عذراً فإني
يا ابن بنت النبي عذراً فإني / قد رأيت الحياة بعدك ذنبا
من تراه أشد مني وقاحاً / جعل الصبر بعد قتلك دأبا
فكأني لم يأتني خبر الطف / أو أني استسهلت ما كان صعبا
أين حبي إن لم أمت لك حزناً / أين حزني إن لم أمت لك حبا
طربت فعم الكرام الطرب
طربت فعم الكرام الطرب / وضوء ذكاء يمد الشهب
وملت فمالت لك المكرمات / سروراً لما نلت مما تحب
إذا اهتز من دوحةٍ ساقها / فلا عجب إن تهز العذب
وصال على الحزن جيش السرور / فشرده وانثنى بالغلب
وخيم في القلب لا يبتغي / رحيلاً وجودك كان السبب
ولما ابتهجت بدا الابتهاج / علىالخق من عجمها والعرب
كأن سرورك في العالمين / يحاري نوالك أنى ذهب
إلى قول قائلهم صادقاً / كأنا رياض ومنك السحب
ولولا ابتسام وميض الغمام / لما ابتسم النور فوق القضب
ولا عجب أن تسر الأنام / ولو لم تسر لكان العجب
ألست الذي قد بعثت السرور / إلى كل قلبٍ عظيم الكرب
وأنت الذي قد ملأت الجفان / مدعدعةً قد علون الهضب
ترى الناس من وارد ساغب / يعود بطيناً عقيب السغب
فلو حاول الطير منها الطعام / بأم السما نال ما قد طلب
ولو قصد الوحش إدراكها / لما مسه من طوىً ما حجب
وشدت على الطرق للسائلين / قصور علا شيد فيها الحسب
وكم قد تفقدت من مرمل / وأرملةٍ ويتيمٍ سغب
وانعشت افئدةً منهم / تكابد في الحادثات النوب
وآخر جاءك يشكو إليك / من الدهر خطباً عليه خطب
فألفاك أسرع مستنجدٍ / إلى ما دعوه إليه وثب
يداوي بك الفقر حتى يزول / مداواة ذي الطب للمستطب
فمن كان ذا شأنه في الزمان / كان حقيقاً على أن يحب
ومن شاطر الناس أمواله / فقد شاطرته الرضا والغضب
أبا المصطفى قد سبقت الكرام / لغاياتها واحتويت القصب
فللَه درك من ماجد / عن الحق ما مال فيه غضب
تلذذ في بعد أحبابه / ليدنو من اللَه أو يقترب
وما لذة البعد فيما يرى / بأيسر من لذةٍ المقترب
توارثتم الحج جيلاً فجيلاً / كما ورث الهاشمي النسب
فكاد يحول مولودكم / عن المهد فوق ظهور النجب
كأن لكم مكة موطن / يهزكم لحماها الطرب
يشوقكم البرق من نحوها / ويصبيكم الريح أما يهب
وطاتم ثراها فآثاركم / مكررةٌ عندها في الكتب
كما أن آثاركم في الزمان / على أهله واضحات الشهب
فصارت إذا جاءها ابن لكم / رأت في محياه عنون اب
فتعرف في شيخكم كهلها / بسيماء عز عليه غلب
إذا جئتم أرضها رحبت / أباطحها فيكم والهضب
لعمري إذا كنتم تسرعون / إلى الحج أول عام يجب
فكيف يفوتكم غيره / وما غيره مثله في التعب
أرى الحج شاهد عدل لكم / بتأدية الفرض مهما وجب
فمن نال في عزمه النيران / لم يعيه نيله للسحب
ولا غرو أن يركبن الذلول / فتى ليس يعييه ركب الصعب
أرى اللَه أثنى على الأنبياء / لأمرهم الأهل فيما أحب
وها أنت تأمر في الوجبات / أهاليك طراً وبالمستحب
وفارقت عامين في حبه / حبيبيك تشكره محتسب
كأن الحجاز وقد أوطآ / محيا ثراه خفاف النجب
غدا بهما حاسداً للعراق / كما حسد الأعجمي العرب
ورام بقاءهما عنده / ليعلو على غيره في الرتب
ويخصب فضلاً بيمنيهما / له كل ربعٍ محيل جدب
فأتحف عامين نيل المنى / وزال عن المجد بين العطب
ليهن أبا المصطفى والرضا / رضا اللَه والمصطفين النجب
عشية حلّاً عن اليعملات / نسوعاً وشد العقال الركب
وسارا وقد لبيا معلنين / بقلب سليم ونطق عذب
وطاف بدمع غداة الطواف / يضاهي غروب الحيا المنسكب
صدقن أمانيهما في منى / ورب أمانٍ رزقن الكذب
وقد شكر اللَه سعييهما / وأعطاهما منه نيل الأرب
ومذ قضيا من فروض الإله / ما اللَه أوجب أو ما ندب
أثارا ليثرب نضويهما / فطوراً ذميلاً وطوراً خبب
إلى أن بدت قبة المصطفى / عليها رواق المعالي ضرب
كأن السماوات أرض لها / وبالعرض قد نيط منها الطنب
أناخا وسارا لها ماشيين / وخديهما عفراً في الترب
وزارا النبي فزادا علا / وفخراً على كل عالي الرتب
وقاما إزاء قبور البقيع / مقاماً تصانع فيه الكرب
يرد إلى القلب دمع العيون / حذاراً ويرضى بدون الطلب
وسارا يريدان ارض العراق / وأعين سكانه ترتقب
بأنيق تطوي فجاج الوهاد / كطي السجل بها للكتب
إلى أن أتت طور وادي الغري / ونور التجلي عليه ثقب
بباب مدينةٍ عالم الإله / ثنت بعد طول المسير الركب
وقاما يجران برد السرور / وإن رغم الحاسد الكتئب
وقبلت وجهيهها شاحبين / شحوباً به ضاء وجه الحسب
وما النقص أن تشحبن الوجوه / والنقص إن وجه عرض شحب
خذ من العلم موجزاً غير مطنب
خذ من العلم موجزاً غير مطنب / عن فنون الألحان في النحو معرب
فبه قد حباه من قد حبا في / فضله قبل ذا نزاراً ويعرب
ذو اليراع الذي يراع لديه / قلب من عن علاه قد ظل يرغب
قلم صك لوحه جبهة الدهر / فهم يقرأون ما كان يكتب
علمه عن أبيه عن جده عن / حامل الوحي جبرئيل عن الرب
ما الكسائي ما سيبويه فهذا / نجل أهل الكسا وسيف مجرب
لو ترائى لسيبويه تعجب / وبنصف اسمه مضى وهو يندب
طلب العلا فنال فوق المطلب
طلب العلا فنال فوق المطلب / في عزم غلاب وهمةٍ أغلب
وسما بما أوفت له آباؤه / ولرب سام للعلاء بلا أب
لا غرو أن طلب العلا من قومه / أما نبي أو وصي عن نبي
هذا أبو الفضل الذي جمع النهى / عزم الشباب له ونسك الأشيب
تاقت إلى نيل العسلا حوباؤه / في اللَه لم يحتج لقول مرغب
ولكم تعرضت العواذل دونه / فانصاع لم يحفل بلوم مؤنب
سلك البحار وهن جوداً كفه / والبر يقطعه بصدر أرحب
فجبال هذا من رصانة حلمه / وعباب هذي من نداه المخصب
وأرى المراكب في البحار محلها / وأراه بحراً حاصلاً في مركب
فاعجب له بحراً يحل بمركب / إذ ليس يغمره بموج مرهب
واعجب لفلك قد طغى وبضمنه / من حلمه جبل ولما يرسب
لكنما فيه استطار مسرةٌ / فطفت له في الماء خفة مطرب
ولو أن ناراً قد سرت فيه خبت / لمضى يزج بعزمه المتلهب
حتى إذا اجتاز القفار ومزقت / أيدي المطي به أديم السبسب
نشقت به البطحاء أطيب نكهةٍ / من طيب ورث العلا من طيب
ما زال يدنو وهي تعلو رفعةٍ / حتى استقلت فوق هام الكوكب
ورأت شمائل هاشمي لم تكن / أبداً قرابته تناط بأجنبي
عقد الأزار فحل ما بين الرجا / والخوف عقدة أدمعٍ لم تنضب
فكأن كل الأرض كانت عنده / حرماً وكل الدهر يوم ترهب
ووا زاده الإحرام إلا مثلما / قد زاد ضوء الشمس نور الكوكب
ولكاد يشرق في يديه بهجةً / حجر أحالته أكف المذنب
وبزمزم لو كان يخلط ريقه / لأتت من الماء الفرات بأعذب
عرفت به عرفات حين وقوفه / دعوات آباه التي لم تحجب
وتوسمت منه محاني طيبةٍ / عنوان والده النبي الأطيب
حتى إذا ما جاء مرقد جده / ودعاه عند سلامه في يا أبي
أخذ الفخار على البرية كلها / إلا نوادر من بهذا المنسب
قد كان يسمع من جوانب قبره / صوتاً بأهل يلتقيه ومرحب
فكأنما هو قد رآه مشافهاً / وكأنه في القبر لم يتحجب
ومضى إلى نحو البقيع مسلماً / في دمع هام وقلبٍ ملهب
متذكراً آباءه الغر الألى / فيهم نجاة الخائف المترقب
ولقد شجاه أن رأى أجداثهم / عن جدهم بعدت ولما تقرب
يا من له صدق النوى بايابه / ولرب موعد غادر لم يكذب
ضاق العرقا وقد مضيت بأهله / كمضيق وجه الفارس المتنقب
حتى إذا أقبلت أسفر ضاحكاً / ببكاء غيثٍ للبرية معشب
فكأنما بعث الإله به لنا / قبل البشير مبشراً لم يحجب
حتى تيقنت الورى إذ سرهم / فيك البشارة كنت جد مسبب
عم السرور بك البرية كلها / بل خص قلب أبي الحسين الأنجب
علامة العلماء أفضل من غدا / في الشرق يهتف باسمه والمغرب
هو حجة اللَه العظيم فمن عشا / عنه تخبط للضلال بغيهب
من فضله كالشمس قد ملأ الفضا / نوراً وفضل سواه عنقا مغرب
وأرى العلاء إذا ارتداه غيره / ثوب الحير يلف جلد الأجرب
انظر إليه تجد به من شئت من / آبائه خلقاً وملقٍ مهذب
هو حول هو قلب هو مظهر / للملة الغرا وسر المذهب
فيه وفي آبائه عصم الورى / من كل خطبٍ في البرية أخطب
مهلاً أبا الفضل المحلق للعلا / فلقد رميت الواصفين بمتعب
ما إن عجبت لما أتيت من العلا / إلا سبقت وجئتنا في أعجب
مهما أقل ما كان إلا مثلما / قد قلت أن الشمس أحسن كوكب
فإليكها عن فكرتي عربيةً / ضربت بها أعراقها في يعرب
فلكم أبت نشزاً على من رامها / خطب النكاح لها ومن لم يخطب
لكنها زفت إليك ومهرها / منك اقبول وذاك أعظم مأرب
أتكثر في الأبصار هذي الثواقب
أتكثر في الأبصار هذي الثواقب / وتعظم للوراد هذي المشارب
ببيت ابن من قام الوجود بسرهم / فمن جودهم أنهاره والكواكب
ولو هبطت وهو الصعود لبيتهم / ذكاء وما منها الأشعة كاسب
وسالت من الأنهار ما قد أعده / آله الورى للمتقين الأطائب
لما كان ذا إلا القليل بحقهم / وما كان إلا بعض ما هو واجب
بكاظمهم غيظاً سما حسن العلا / وأحمدهم فعلاً تنال الرغائب
كأن الذي يعطيه باقٍ بكفه / وأن الذي يبقى وإن قل ذاهب
فتى لا يبالي إن تفرق ماله / وقد جمعت فيه لديه المناقب
ومن عجب أنى يلام على الندى / فتى قد نمته الأكرمون الأطائب
إذا كانت الأبناء فيها شمائل / لآبائها فالأمهات نجائب
ولما رأى الأعراب تعلي بيوتها / وتطلب فخراً وهو نعم المطالب
بنى بيت شعرٍ فيه يجتمع النهى / وتفخر أملاك السما لا الأعارب
إذا قلته جون السحاب يقول لي / صه أين مني في المنال السحائب
إذا انعقدت أبدت على الناس غيهباً / وأني الذي تنجاب عن الغياهب
كأن عمادي سوق دوحٍ ثماره / وأوراقه شهب السماء الثواقب
فهن رجوم للعدا وهدايةٌ / لطلاب نهج الحق والحق لاحب
وإن أنس لا أنس الهمام أخا النهى / فتى كنهه عن طائر الفكر عازب
له أسوةٌ في كل داعٍ إلى الهدى / وإن قيل في الدعوى وحاشاه كاذب
عليه سلام اللَه ما ذكر اسمه / ووافاه في أسماء آباه خاطب
وما أشرقت شمس النهار بمشرقٍ / وما حازها عند المساء المغارب
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب
أضاءت ولا مثل النجوم الثواقب / مصابيح بيت من بيوتات غالب
مصابيح كانت للمحب هدايةً / ولكن رجوماً للعدو المجانب
ترى ضوءها أهل السماء كما ترى / لدى الأفق أهل الأرض نور الكواكب
ولو أنها في الأفق كانت لما غشى / جوانبه في الدهر لون الغياهب
ولم يفتقر أفق السماء لكوكب / سواها وقد أغنته عن كل ثاقب
ولاحت ولا كالشمس تحت غمامةٍ / بدا حاجبٌ منها وضنت بحاجب
ولكنها لاحت كنار قراهم / تحيي البرايا من جميع الجوانب
يؤججها وهاجةً في سما العلا / فتى قد نمته الصيد من آلا غالب
أخو الهمة العلياء أحمود من غدا / لأحمد ينمى أصله في المناسب
ويترع عذباً خاله الناس كوثراً / به فاز من قبل الظما كل شارب
لدى ليلةٍ لو مثلها كل ليلةٍ / أمن الليالي موبقات النوائب
سمت وتعالت رفقة بمسرةٍ / لمولى سما بالملك أعلى المراتب
يؤدي لها ما كان فرضاً ومثله / فتى ليس يلهو قط عن كل واجب
يعظم في الدنيا شعائر دولةٍ / معظمةٍ في شرقها والمغارب
يواسي مليكاً بالمسرة طلما / يواسي رعاياه بجم الرغائب
تقاسمه الناس المسرات مثلما / تقاسمه أمواله في المواهب
مليك له دان الملوك فأصبحت / وهم بين راجي النيل منه وراغب
أقول وقد أهديتها بدويةٌ / تتيه على من في بيوت الأعارب
أبت كفؤها إلا ذوابة هاشم / وفاقت علواً من جميع الذوائب
عتبت عليه لو يرق لعاتبٍ
عتبت عليه لو يرق لعاتبٍ / وناشدته لو كان يوماً مجاوبي
وأطنب في الشكوى إليه لو أنه / سميع لشكوى وأجد القلب لأهب
أفي كل يومٍ للمنية غارةٌ / تعود بها الأرواح طعمة ناهب
هو الموت من حيث التفت وجدته / على كل حي كان ضربة لازب
فلا رد عن اسكندر ما افتدى به / ولا سد عنه السد ثغر النوائب
ولا مالت الأموال عنه بحتفه / ولم يمح مكتوب قضى بالكتائب
ولا مثل يوم المرتضى يوم نكبةٍ / أبانت بأن اللَه أغلب غالب
وراءك من ناع كأنك للورى / من النفخة الأولى أتيت بعاطب
أوانك إدراك الأنام سلبته / فلم يفرقوا ما بين أنف وحاجب
يخبر أن الدين قد أزمع النوى / وكان من الترحال من فوق غاربي
لك اللَه من ندب إلى اللَه ضاعن / وللدين والدنيا صراخ النوادب
إذا صرخت أقصى المشارق ثاكلٌ / تجاوبها ثكلى بأقصى المغارب
متى تلد الدنيا نظير مالكاً / لها تاركاً في وصلها غير راغب
ترى بيضها بيض السيوف وصفرها / إذا قاربت كفيك صفر العقارب
أتتك بأبهى ما بها من بشاشةٍ / فلاقيتها في وجه أعبس قاطب
فما تركت من حيلةٍ عملت بها / وجاءتك ترجو الصيد كل جانب
فأرجعتها عطلى تجر شراكها / رجوع امرئٍ عن مؤمل الصيد خائب
ألحت فلم تنعم عليك خطابها / وكم نفخت نشزاً على كل خاطب
كأنك والدنيا المسيح وغادةً / فكنت حصوراً مثله لم تقارب
ألا م يعزي آل بيت محمدٍ / بمؤتمنٍ ما خان نيلة شارب
وكافل أيتام لهم وأرامل / وهادي محبيهم سواء المذاهب
وكوكب محراب ومنطيق منير / وفيصل أحكام وغيث مواهب
ومستجمع الأضداد من بشر عالم / وهيبة سلطانٍ وحالة راهب
فلا تشمت الحساد في فقد ذاهب / فللَه فينا حجة غير ذاهب
أبو صالح المهدي واحد عصرنا / فأكرم به من واحد العصر صاحب
يهتك أتسار الغيوب بفكرةٍ / إذا هي زجت أحضرت كل غائب
ينبؤنا بالمشكلات صريحةً / فيشكل فينا أمره بالعجائب
يحدث أصحاباً ويقضي خصومةً / ويرقم مجهول العلوم الغرائب
فلم تلهه أقلامه عن مخاطب / ولا ينتهي عنها بقول المخاطب
ولو أنه قد كان في عصر جده / لأصبح منهم بين غالٍ وناصب
أخو همةٍ لم يحدث الدهر فتنةً / على الناس إلا غالها بالمعاطب
فيصلح من جهالها كل فاسد / ويخمد من نيرانها كل ثاقب
فتى ساس أهل الدهر في طب حكمه / فجربهم ثم اغتنى بالتجارب
يمرن أبناه على المجد صبيةً / كما مرن البازي كف الملاعب
وما ذاك من خوف الخمول وإنما / لتنتدب الفرسان فوق السلاهب
جرى وجروا في إثره نحو غايةٍ / فما اختلفوا إلا برور المناكب
وكل على كل تقدم في العلى / على قدر فضل السن غير مغالب
تقدم مقدار الجلالة جعفر / فحل من المهدي أعلى المراتب
ترقى براق العلم بل رفرف التقى / إلى قاب قوس مدرك العقل عازب
وكل إذا أبصرته شمت كوكباً / وضيئ المحيا في محل الكواكب
أخو فطنةٍ فيها استطال نباهةً / على كل كثلٍ للكرام وشائب
فلو أنه يملي على كل كاتب / قديم القضايا أعجزت كل كاتب
يكاد بأن يروي بعظهم أطلاعه / إلى ابن أبي الدنيا قديم العجائب
ولو رام كعب أن يجاري حديثه / كساه من الخجلان حلة كاعب
أضاءت بهم فيحاء بابلٍ مثلما / أضاءت قديماً في السنين الذواهب
فليست تبالي بعد أن ظفرت بهم / أغاب الذي قد غاب أم غير غائب
أعدتم لنا العصر القديم ومن به / من العلماء الفاضلين الأطائب
أأبا محمد والمصيبة سهمها
أأبا محمد والمصيبة سهمها / لجميع من في الكائنات مصيب
أني وأن عظمت علي رزيةٌ / فبمهجتي مما شجاك لهيب
فكأنما الأرزاء في أحشائنا / كانت ندوباً فوقهن ندوب
أبا القاسم المدعو في كل شدةٍ
أبا القاسم المدعو في كل شدةٍ / يزج بها المقدار أدعى نوائبه
إليك من الدهر العنيد شكايتي / ولا غرو أن يشكي الزمان لصاحبه
قلبي خزانة كل علمٍ
قلبي خزانة كل علمٍ / كان في عصر الشباب
وأتى المشيب فكدت / أنسى فيه فاتحة الكتاب
أعاتبه فيصبغ وجنتيه
أعاتبه فيصبغ وجنتيه / بلون العندم القاني عتابي
ويرمقني فيكسو حر وجهي / مخفافة سخطه صفر الثياب
واطنب في السؤال بغير داع / وما قصدي سوى رد الجواب
فغدت وقد مزجت بعذب رضابه
فغدت وقد مزجت بعذب رضابه / شهداً يضوع عليه نشر الطيب
تقول الشمس لما عاينتها
تقول الشمس لما عاينتها / إذاً سيان أطلع أم أغيب
فما في هذه الأفاق فقر / إلي فإنهما عني تنوب
ولما تشاكينا ونحن ثلاثةٌ
ولما تشاكينا ونحن ثلاثةٌ / من البرد أياماً لغيلان تنسب
وكل دعا من لي بفروةٍ أتقي / بها البرد أيام الشتا أتحجب
فقال امرؤ أني لخالي كاتب / وقال امرؤٌ أني لعمي أكتب
وغيرك لا خال لدي ولا أخ / وولا عم لي يرجى لذاك ولا أب
فجدلي وكم قد جدت قدماً بتحفةٍ / لها رحت أذيال المسرة أسحب
وكم صلةٍ لي من يديك ومثلها / بطي كتاب جاءني كنت أرقب
كأني بهم قد عدت والوعد بيننا / ظفرت وهم مما يرجون خيبوا
وأقرأ شعر ابن الحسين تمثلاً / وأعلم قوماً خالفوني وغربوا