المجموع : 34
هَل الدَهر ذُو سَمع يَعي فأعاتبه
هَل الدَهر ذُو سَمع يَعي فأعاتبه / أَفي كُل يوم تَنتَحينا مَصائبه
وَمَهما بَدَت شَمس النَهار تَلفعت / بِنقع أثارته عَلَينا كَتائبه
لَهُ السلم أَنا لا نطيق دِفاعه / يحاربنا جَهراً وَلَسنا نُحاربه
وَمن غالب الدَهر الخؤون وَإِن يَصل / عَلَيهِ بِفتك القَلب فَالدَهر غالبه
هُوَ الدَهر مثل اللَيث مَهَّد ظَهره / لِيُركب لَكن كَيفَ يَأمَن راكبه
فَقل لملوك أُلبِسوا تاج ملكهم / لَقَد لبسوا ما الدَهر لا بد سالبه
فَلا يَفرَحوا في غَفلة الدَهر عَنهُم / فَعما قَليل يَنتَبهن عَقاربه
إِذا لَسبت قَوماً عَقارب صرفه / فَهَيهات أَن يَرقى الَّذي هُوَ لاسبه
ردىً لَم يَزل يَردي رؤوس قَبيلنا / وَلَيسَ يُدانيهم وَلَسنا نطالبه
وَإنا أُناس لَم ترعنا كَتيبة / وَلَكننا لَم نمح ما اللَه كاتبه
وَكَم قُضبنا فلَّت قَواضب معشر / لو الدَهر كانَت مِن حَديد قَواضبه
أَيَغدو حسين حَيث لم تصلت الظبا / وَلا صهلت بَينَ الصُفوف سَلاهبه
وَلا سَدَّدت ملس الأَنابيب دُونه / وَلا صين في نباذة النَبع جانبه
فَما باله أَعطَى يَد السلم طايعا / فَهَل غَفلت أَعمامه وَأَقاربه
نعم جئته يا مَوت طالب رَوحه / سؤالاً فأَعطاك الَّذي أَنتَ طالبه
وَإِنَّك لَو جاذبته الروح عنوة / أَراكَ المَنايا السُود حينَ تجاذبه
ذهبت حسيناً بِالسَماحة وَالتُقى / وَبعدك بَيت المَجد ضاعَت مَذاهبه
غَدَوت وَنضو العز أَهمله القَضا / وَمن نَبغه فليحمل الحَبل غاربه
وَقَفنا صُفوفاً في جَوانب قَبره / فَلِلّه من هيلت عَليهِ جَوانبه
وَللكل مِنا زَفرة بَرّحت بِهِ / تَعطّ حَواياه بِها وَترائبه
غَنينا فَلم نَنضح مِياهاً بِقَبره / لما بلَّه مِن لُؤلؤ الدَمع ذائبه
أُعاتب قَبراً ضمَّن المَجد لحده / وَربَّ فَصيح للجماد يُعاتبه
عَتبت وَلم أَطع بردّ جَوابه / كَغيلان في ربع لميٍّ يخاطبه
فَيا ماجداً قَد خَصَّه اللَه بِالتُقى / وَعَمَّت جَميع المُسلِمين مَواهبه
لَو أَنَّ اِبن عُمران رآك مشمّراً / لِنَفع اليَتامى ظَنّ إِنكَ صاحبه
تَعاهدهم بِالمال صُبحاً وَرَوحة / فَكُل يَتيم ظنّ إنَّكَ كاسبه
وَرَأَيك وَحي لَم يَخُنك بِمشهد / كَما سَيف عمرو لَم تَخنهُ مَضاربه
وَلولا بُنوك الأَكرمون لَما رقت / مَدامعنا وَالوَجد لَم يَطف لاهبه
وَماذا يضُّر المَجد إِن غاب بَدره / وَلاحَت كَما لاحَ المَنار كَواكبه
لَقَد نابَ عَنهُ في المَكارم نَجله / كَما نابَ مَنصوص الإِمامة نائبه
يَكاد يُحاكي كَفه الغَيث إِن هَمى / وَلَكنه قَد يَفزع الناس حاصبه
وَيَشبه البَحر الخضمّ إِذا طَما / وَلَكنه قَد يَذمم البَحر شاربه
زَكى جدُّه بَينَ الأَنام وَمَجده / فَيا لَيتَ شعري ما يَرى فيهِ ثالبه
وَما صنعه للمكرمات تطبُّعا / لِيعتادها لكنما الطَبع جاذبه
يَرى لاعِباً لَكنما الجدّ لعبه / فَأَما يَتيم أَو سِنان يُلاعبه
لَهُ الغُرة البَيضا فَإِن جاءَ وافد / تَهلّل حَتّى قارن البَدر حاجبه
فَهُم مثل ماء المُزن ما ذم ساعة / أَوائله مَحمودة وَعَواقبه
فَيا لَيتَ بَيت المَجد لا غابَ أَهله / وَيا لَيتَ بَيت اللؤم لا عادَ غائبه
خُذوها كَعقد الدر ثاقب فكرتي / جَلاها وَيَدري قيمة الدر ثاقبه
وَلو يَملك الإِنسان مقدار فهمه / إِذا كُل ما تَحت السما انا صاحبه
وَلا عَجب أَن يَحرم المال عاقل / وَيرزقه مَن لَيسَ تَحصى معايبه
فَكم عارض يَجري عَلى الصَخر ماؤه / وَيَهوي بِأَرض تنبت الشيح حاصبه
سَقت جدثا فيهِ الحسين سَحائب / مِن العَفو مَبعوث مِن اللَه ساكبه
وَصارَ لاملاك السَموات مهبطاً / فَقَد ضَمّ نَدباً ليسَ يَفزع نادبه
بشراك في لُؤلؤة قَد ثقبت
بشراك في لُؤلؤة قَد ثقبت / أَنفع مِن لُؤلؤة لَم تثقب
وَمُهرة وَطأ شخص ظَهرها / أَحسَن مِن جامحة لَم تركب
وَمنهج قَد سَلكت فيهِ الخُطا / أَحسَن مِن نَهج جَديد متعب
وَقَد وَجَدنا في الكِتاب آية / قدَّم فيها اللَه ذكر الثَيب
اسم العَجوز في المَقال طَيب / لِأَنَّهُ وَصف لِبنت العنب
مرّت عَليها أَربعون حجَّة / فَهِي إِذاً كَالصارم المجرّب
عرّفها الدَهر تقلباته / فاستصفها عارفة التقلب
وَمن يسبُّ الثيبات ساءَني / لِأَنَّهُ قَد سَبَّ ظُلما مذهبي
خَديجة بِنت خُوَيلد عَلى / ما نَقلوا أَعزَّ أَزواج النَبي
بِكَ الأَثافي كَملت ثَلاثة / فَفز بِها كَالمرجل المنصَّب
جاز الإِساءة بِالإِحسان إِن صدرت
جاز الإِساءة بِالإِحسان إِن صدرت / من امرء زلة تَدعو إِلى الغَضب
سَجية النخل من يضربهُ في حجر / جازاه عَن ضَربِهِ بِالبسر وَالرطب
كَذلك الصدف البحري إِن فلقوا / أَعلاه كافأهم بِاللؤلؤ الرطب
زَفَّها أَعذب مِن ماء الشَباب
زَفَّها أَعذب مِن ماء الشَباب / في لجين الكأس كَالتبر المذاب
ملأ الكَأس فخلنا أنَّها / ذهب رصع في درّ الحباب
هبَّ نشوان ثنت أَعطافهُ / نَشوة الصبوة لاسكر الشَراب
ما أَحيلاه وَقَد شَعشعها / وَلَها في كَفِهِ أَسنى التهاب
ذاهِباً طوراً وَطوراً آيباً / وَالجَوى بَين ذَهاب وَإِياب
وَالصبا قَد حملت أَنفاسَها / أَرجاً مِن شيح هاتيك الشِعاب
اترع الكاسات يا ساقي الطلا / وَأَمزجنها بثَناياك العذاب
لا تخل كاس الطَلا تنهلني / دُون أَن أَرشف مِن كاس الرضاب
وَإِذا غَنيت فاذكر عَهدَنا / بِاللوى ما بَين سَعدي وَالرباب
يَوم حَيّانا تَدانت مِنهما / معطنا العيس وَاطناب القباب
غَفلت عَن شَملنا عَين النَوى / فَتنعمنا بِوَصل واقتراب
وَوطاب الرَوض في أَرجائنا / شَخبت فيهِ أَفاويق السَحاب
ما اِنتَجَعنا غَير وادينا وَلا / رائدونا استخصبوا أَقصى جناب
وَأَنا مَع مَنيتي وَهيَ مَعي / لابها أَرقلت العَيس وَلابي
تِلكَ أَيام شَباب قَد مَضَت آه / لَو تَرجع أَيام الشَباب
إِنَّما البيض الَّتي في لمتي / نَفَّرت في لَونِها بيض الكِعاب
فَرَّت الآرام لَما أَبصرت / زغب الباز بِأَجناح الغراب
سَعد دَعني مِن تَعاليل المَها / إِنَّها أَخدَع مِن ماء السَراب
وَاقتبل فرحتنا في أَسعد / نَجل قَوم قَد سَموا أَعلا جناب
طهَّروه وَهُوَ لَولا سنة ال / مصطفى أَطهر مِن ماء السَحاب
هنّ خَير اللَه في فرحتهِ / أسد أنجبهُ آساد غاب
لَم يَجر في حكمهِ حاشا لَهُ / إِنَّما الجور لِأَهل الارتكاب
ناصح للملك لا تخدعه / صحبة الناس وَلا يَوماً يحابي
هابهُ أَهل الشَقا حَتّى لَقَد / رَعَت الشاة إِلى جَنب الذِئاب
شَكَت خُيولك طُول الكد وَالتَعب
شَكَت خُيولك طُول الكد وَالتَعب / مَهلاً فَما تَرَكت عاصٍ مِن العَرَب
أَتعبتها بالمَغازي واسترحت بِها / وَإِنَّما تحصل الراحات بِالتَعب
عرضت خَيلك للبيض الصفاح وللس / سمر الرِماح وَللأَهوال وَالنوب
في كُل يَوم بحزب اللَه راكضة / كَأَنَّها بِالسها مَعقودة الذنب
ما نفَّضت ترب نَجد عَن مَعارفها / حَتّى مَشَت لِلحَسا بِالنَصر وَالغَلب
لَيسَ الأَمير الَّذي يَقضي إِمارته / ملازم الظل لَم يَنهب وَلا يَهب
بَل الأَمير الذي يرقى غَواربها / وَلا يَبيت بِغَير السَرج وَالقتب
لا يَستَحق جُلوس التَخت غَير فَتى / قَد طالَ مَجلسه في أظهر النجب
أَرح جياد المَهاري وَاسترح فَلَقَد / بَلَغت ما تَشتَهي يا سامي الرُتَب
ذَللت كُل عَزيز في عَشيرته / حَتّى حكمت عَلى البُلدان وَالطنب
لَكَ الجَزيرة مِن صنعا إِلى هجر / إِلى العِراق إِلى مصر إِلى حَلَب
أَدّبت أَعرابها مِن بَعد بَغيهم / وَالعرب لَم تَثنهم إِلّا عَصى الأَدب
يا طالما لمغارات قَد التجأوا / وَخربوا دورهم خَوفاً مِن الطَلَب
وَاليَوم مُذ سَلَّموك الأَمر قَد عمروا / فلا تَرى لَهُم مِن منزل خرب
أَضحَت مَواشيهم بِالدوّ آهلة / وَارتعوها جنيَّ الرَوض وَالعشب
ثَوب الرِياسة لَم تلبسه عارية / بَل إِنَّهُ لَكَ إرث مِن أَب لِأَب
وَلَم ينازعك يا اِبن الطَيبين بِهِ / إِلّا الَّذي نَفسه اِشتاقَت إِلى العطب
إِن تَلقك الخَيل ألوت في أَعنَّتِها / وَما لَها سَبب ينجي مِن الهَرَب
جاؤوك وَالكُل يَبغي ثار وَالده / فَمُذ رَأوك أَنثنوا نكصاً عَلى العقب
لَقَد غضبت فَكادَ السَيف يَأخذهم / لَكن حلمك يَمحو سُورة الغَضَب
وَمُدَّعي العلم منهم قَد رَأى كُتباً / تَدله أنَّك المَذكور في الكتب
يَرون في آخر الأَزمان يَملكهم / ذُو همة غَير هيّاب وَلا نكب
لَم يَنخدع بِأَكاذيب مزخرفة / وَقَوله الحَق مَأمُون مِن الكذب
بَعثت خاتمة الأَجواد في زَمَن / بِهِ فَقَدنا السَخا حَتّى مِن السحب
لَو حلّ ضَيفك مِن سَلمى إِلى أَجأ / وَهُم أُلوف لأمسوا في قرى خصب
مثل الجَوابي لَهُ تَتَرى جفانكم / تَرى صغيراتها أَعلا مِن الهضب
فَفيك ما فَجعت طيّ بحاتمها / إِذا اِنتَهى كَرم الآباء للعقب
ما حاتم مِنك أَو ممن لَهُ شبه / ففي الحمية مَعنى لَيسَ في العنب
لِلّه قومك ما اَصفى قُلوبهم / كَأَنَّها خُلقت مِن خالص الذهب
هَذا ابن عمك قَد طابَت سَريرته / سَيف بِيمناك إن تضرب بِهِ تصب
أَخلصته لَكَ خلاًّ لا تُفارقه / وَنَفسه بِسوى رُؤياك لَم تَطب
مجرب أَن رَأى رَأياً أَصابَ بِهِ / وَمَن يُوافقه بِالرَأي لَم يَخب
قَد أَنجبت فيهِ قحطان عشيرته / وَآل قحطان كانوا جمرة العَرَب
وَإِن عَبد العَزيز الشَهم لَيسَ لَهُ / بِغَير حُب العُلى وَالمَجد مِن أَرَب
إِذا أَمرت مَضى فيما أَمرت بِهِ / بِهمة أَوطأته هامة الشهب
آل الرَشيد بذكراكم يَلذ فمي / كَعاطش ذاقَ طَعم البارد العَذب
خُذوا عراقية أَهديتها لَكُم / أَلفاظها اِنتَظَمَت كَاللؤلؤ الرَطب
هذا جَزا ما زرعتُم مِن مَكارمكم / وَزارع الكَرم يَجني طَيب العنب
ثُمَ الصَلاة عَلى الهادي وَعترته / وَصحبهِ مِن ذَوي الإِيمان وَالحَسَب
أَقول لركب رائحين لحايل
أَقول لركب رائحين لحايل / طُووا بِالمَطايا سَبسباً بَعدَ سَبسب
هَديتم خُذوا عَني تَحية عاشق / تَزف إِلى عَبد العَزيز بِن متعب
فَتى يَعجب الرائي جَميل فِعاله / وَلَكنهُ في نَفسِهِ غَير معجب
وَجرَّبهُ يَوم الكَريهة عَمهُ / فأَبصره مثل الحسام المجرب
وَقربهُ مِنهُ الأَمير لِأَنَّهُ / رَآه فَتى مُستأهلاً للتقرب
محمد يَهوى كُل طضيب عنصر / وَذا ابن أَخيهِ طَيب وَاِبن طَيب
كَفاهُ مِن الأَيام يَوم عَنيزة / غَداة طَواها مَوكِباً فَوقَ مَوكب
إِذا استعرت نار المَلاحم خاضَها / وَأَقدم مَسروراً وَلَم يَتهيب
لَقَد أَودَع الرَحمَن سراً بِسَيفِهِ / لِيَفتح فيهِ كُل باب محجب
بِمدحكم القَريض حلى وَطابا
بِمدحكم القَريض حلى وَطابا / وَمِن مَدح الكِرام فَقَد أَصابا
وَمن قَصَدت قَصايده سِواكُم / فَصفقة شعره خسرت وَخابا
لَكُم أَحدو القَوافي طيعات / وَأركبها لغيركم صِعابا
قَصدت لحيكم وَأَنا مُقيم / وَزُرتكم وَلَم أَوجف رِكابا
بَنات الفكر عَني يَممتكم / وَقَد طَوَت المَفاوز وَالهِضابا
تُزفُّ إِلَيكُم متبرجات / وَتضرب دُون غَيركم حِجابا
سَأَدرك غاية الآمال فيها / إِذا وَصَلَت دِيارَكُم الرِحابا
وَإِن نَزلت عَلى أَمل لَدَيكُم / فَقَد لَذَّ النُزول لَها وَطابا
وَقَد وَفدت عَلى كَرَم وَريف / فَأَدرَكت الأَماني وَالرغابا
أَراها عِندَكُم مُتأهلات / وَتَشكو عِندَ غَيرِكُم اِغتِرابا
علمنا أَنَكُم عرب كِرام / فاتحفناكُم الغرر العرابا
فَإِن حابيتموها بِالتفات / فمثلكم الَّذي أَعطى وَحابا
فَكم أَتعبت فكري بِالقَوافي / وَجَنَّبت المَطاعم وَالشَرابا
وَأَرعى النجم أَوَّل ما تبدّى / إِلى أَن لَفّ شَملته فَغابا
عباب الشعر كَم قَد غصت فيهِ / لأتحفكم لآلئه الرطابا
وَعِندي أَنَكُم خزان رزقي / إِذا ما الرزق أَعجَزَني طلابا
وَلمّا إِن مَدحت مُلوك عَصري / وَجَدت الناس كُلَهُم سَرابا
وَحينَ قَصدتكم ظمآن قَلب / وَجَدت نداكم البَحر العبابا
هداك اللَه يا سُلطان نَجد / وَسهَّل مِن مَقاصدك الصِعابا
وَأَعطاك الهبات بِلا حساب / كَما تُعطي الهبات وَلا حِسابا
وَلَولا أَنتَ ماجَت أَرض نَجد / وَما سَكَنت جَوانبها اضطِرابا
لَقَد وَطأتها بِالسَيف حَتّى / تَرَكت الشاة تَرتَع وَالذِئابا
وَيَلتَقط الحمام بكل أَرض / وَلا صَقراً يَخاف وَلا عِقابا
بِوَجهك جلّيت ظُلمات نَجد / كَعَين الشَمس إِن جَلت الضَبابا
وَكَم مَردت شَياطين الأَعادي / فَقيضت الحسام لَهُم شِهابا
لَقَد كانَت بُيوَتُهم عمارا / وَحين عَصوكُمُ أَمسَت خَرابا
وَلَولا الحلم منِكَ بِطشت فيهم / وَلا شيخا تَركت وَلا شَبابا
وَما أَعددت لِلأَعداء إِلّا / سُيوف الهند وَالأَسل الحِرابا
فَسمرك بِالضُلوع لَها ولوع / وَبيضك قَد تعشَّقت الرقابا
فَكَم مسحت سُيوفَكُم رُؤوساً / وَصَيرت النَجيع لَها خِضابا
وَلَو جَمَّعتُم رُوس الأَعادي / بَنَيتُم بِالقفار بِها قِبابا
إِذا اِفتَخرت مُلوك الأَرض طراً / فَأَنتَ اليَوم أَخصبهم جَنابا
وَأَصدقهم وَأَسمحهم يَمينا / وَأَنطقهم وَأَفصحهم خِطابا
فَزادَكَ هَيبة رَب البَرايا / وَنكَّس مِن مَهابتك الرِقابا
جاءَت إِلَيَّ هداياكم كَأَنَّ بِها
جاءَت إِلَيَّ هداياكم كَأَنَّ بِها / ريح القَميص الَّذي وافى لِيَعقوب
كَأَنَّما في رِحال القَوم غالية / زادَت بِأَنفاسكم طيباً عَلى طيب
ما البيض وَالصُفر مَطلوبي وَلا أَربي / لَكن سلامتكم قَصدي وَمَطلوبي
وَلا المَكاتب أَقصى ما أؤمله / لَكنما بغيتي أَهل المَكاتيب
رَعيتموني بِعَين غَير غافلة / عَن الجَميل وَوَعد غَير مَكذوب
يَد الأَمير كَسحب الجَوّ ماطِرَة / عَلى الأَعاجم طرّا وَالأَعاريب
ذو صَولة بَسط اللَه البلاد بهِ / عَدلاً فَجَّمع بَين الشاة وَالذيب
أَراده اللَه للأَيتام خَير أَب / فَلم يَهمَّوا بِمأكول وَمَشروب
إِذا الصَريخ دَعى لبّى لدعوته / بِأَبيض مِن دَم الأَعداء مَخضوب
يَقظان يَدعونه أَهل الحُروب لَهُم / عَوناً وَتَدعو لَهُ أَهل المَحاريب
وَلَم أَجد كَالفَتى عَبد العَزيز أَخاً / وَلَو أَطَلت بِتشريقي وَتَغريبي
مثل السِنان بِأَعلى الرُمح مُتقد / وَدُونه الناس أَمثال الأَنابيب
إِن الأَمير بِيَوم الطَعن جرَّبه / فَزاده حدة طُول التَجاريب
مِنيّ السَلام عَليكُم كُلَما سَجعت / وَرقَ الحَمام بِأَلحان وَتَطريب
اللَه ما أَكرمه مَنزِلا
اللَه ما أَكرمه مَنزِلا / فيهِ تراح الأُنفُس المُتعبه
شادَ مَبانيه أَبو محسن / في همة فَوقَ السُهى مرتبه
قَد جاوَرَ المَولى عَليّاً فَما / أَحسنه قَصراً وَما أَعجَبه
بِالواحد الفَرد استعن وَابتهج / فيهِ وَأرّخ غرفاً طَيبه
يا قَبر ذي النَسك محمد حسن
يا قَبر ذي النَسك محمد حسن / حَيث تَرى رَوضتك السَحائب
فَقَد حَجبت لِلسَماح انملا / كانَت وَلَيسَ عَن نداها حاجب
مهذب شاع جَميل ذكره / في الناس سارَت وَلَهُ مَناقب
مذهبه دين الهُدى وَإِنَّما / لِلناس فيما عَشقوا مَذاهب
لَكَ طَأطَأت دُول الضلال رقابها
لَكَ طَأطَأت دُول الضلال رقابها / قَدها فسيفك قَد أَذَّل صعابها
فَاليَوم صار الدين فيك مؤيداً / وَلدولة الإِسلام كُلٌّ هابَها
فَمن المطاول دَولة نَبوية / وَقفت ملائكة السَما حجّابها
فَبكم بَني عثمان دَولة أَحمَد / سَحبت بِفرع الفرقدين ثيابها
بشراك يا شَمس الوُجود بِدَولة / بَيضاء قَد جلّى سَناك ضبابها
أَرسى قَواعدها النبي محمد / وَرفعت أَنت إِلى السَماء قبابها
وَاهنأ رئيس المسلمين بِصَولة / مِنها الأَباعد أَكثرت إعجابها
أَرسلت مِن جُند الآله عَساكِراً / يَستَعذِبون مِن المَنية صابَها
دَفَعت مَدافعها كَأَن صَواعِقاً / صَبَّت عَلى هام العَدوّ عَذابَها
قَلَبوا اليَمين عَلى الشمال وَجدَّلوا / أَبطال شرك لا نطيق حسابها
حَتّى جَرين مِن الدِماء جَداول / خاضَت خُيول المُسلِمين عبابها
فَتصبغت تِلكَ الخُيول مِن الدِما / وَالنقع غبَّر نَجبها وَعرابها
فَغَدَت سِواء حمرها وَورادها / وَالشقر مُذ صبغ النَجيع أَهابها
وَتَحصَّنوا في قلعة قَد أُحكمت / أسّاً وَأَعلاها يَفوق سَحابها
وَتَخيَّلوا فيها النجاة وَما دَروا / إِن المَنية أنشبت أَنيابها
حَتّى إِذا فَتح المظفر أَدهَم / وَرَأَت جُيوش الشرك ما قَد نابَها
حلف النَصارى بِالمَسيح وأقسمت / تِلكَ البَطاريق أَن تَغير دابها
طَلَبوا الأَمان مِن الإِمام وَإِنَّما / تِلكَ العَصايب تَستَحق عقابها
فَعَفى برأفته الَّتي مِن شَأنِها / تَعفو وَتَجزي المذنبين ثَوابها
وَالعَفو أَقرَب لِلتُقى مِن قادر / لَو شاءَ عَفى أَرضهم وَترابها
عَبد الحَميد وَلَو أَرادَ بخيله اس / تئصال شَأفتها وَطت أَعقابها
لَولا جَميل العَفو مِنهُ لَدَمروا / زمر الضَلالة شَيبها وَشَبابها
ما سلّموا لَكنَّ أمَّ قِلاعهم / بِالمعجز النَبوي فكَّت بابها
الدَولة العظمى بِسَيف آلهها / مَنصورة الاعلام يا أَربابها
لَم يَسطع المَخلوق ذلة دَولة / الحَقُّ خالقها أَعَزَّ جَنابها
وَلَو أَنَّ سُلطان الزَمان دَعَت بِهِ / خَلف البِحار مَروعة لأَجابها
ثُمَ الصَلاة عَلى النَبي وَآله / مارَفّعت شَمس النَهار حجابها
سَل مُهجة العَلياء عَمّا نابَها
سَل مُهجة العَلياء عَمّا نابَها / وَأَيَّ سَهم حادث أَصابَها
وَسَل بُيوت المَجد أَي نَكبة / حلَّت بِها فَقوَّضت قبابها
وَسَل سَماء المكرمات ما الَّذي / سَما لَها مُختطفاً شهابها
وَسَل أَسود الشَرق آل جابر / كَيفَ الملمّات وَلجن غابها
فاختطفت مِنهُم أَخا أَبهة / مَن يَرَها وَلَو خَيالاً هابَها
إِن قالَت الدُنيا الفَقد مزعل / آهاً فَقَد أَثكلها شبابها
أَو أَظلمت أَيا مِنا فَأَنه / كانَ بِها شَمساً جَلى ضبابها
فَلتبكه الخيل الَّتي أَعدَّها / يَكثر فيها لِلعِدى أَربابها
قَد اِنتَقاها مُرسلا هجانها / وَمر سناً إِلى الوَغى عرابها
فَطالَما قحَّمها بأبحر / مِن المَنايا خائِضاً عبابها
يَزداد فيها وَجهه طَلاقة / إِذا الكماة سَدَدت حرابها
يَطعن إِعجاز مغيرات العِدى / وَخَيلَه تَدمي العِدى ألبابها
تَخال صَدر رمحه معندماً / يَصبغ مِن خَيل العِدى أَذنابَها
يَقصد أَعلام العِدى جَواده / عَن أَجدَل مُفترس عقابها
وَلتبكه السُيوف إِذ عوَّدها / إِن لَم تَزر طاهرة ترابها
يَستلُّ في يَمينه مهنداً / لَهُ الكَماة طَأطأت رقابها
تحسبه الأعداء بَرقاً ماطِراً / نعم وَلَكن ممطر عذابها
وَلتبكه الأَرض التي بعدله / أَعاد مثل سَهلها هضابها
فَسالم الصقر بها حمامها / وَالشاة فيها صاحبت ذئابها
غرَّب وَهوَ البَحر في مَراكب / زَجرت مِن شؤم النَوى غرابها
ما مرّ في قَبيلة إِلّا غَدَت / تَقرع في أَنملها أَنيابها
لَو علمت بَغداد مِن قَد زارَها / لَأَكثرت في وَجهِهِ ترحابها
ما زارَها إِلّا الَّذي يَمينه / قَد كفلت مِن الوَرى سغابها
أَنزل مِن وادي السَلام جَنة / وَزفت الحُور لَهُ كعابها
يا لَيث غابتها الَّذي أَقلامه
يا لَيث غابتها الَّذي أَقلامه / تَغني عَن الأظفار وَالأَنياب
ما خلت إِن المَوت رابط جاشه / يَدعوه أَن يردي أَسود الغاب
كانَت مجاجة عَيشنا بِكَ شهدة / فَاليَوم بدّل شهدها بِالصاب
لِمحمد يَوم كَيوم محمد / أحَزانه تَبقى مدى الأَحقاب
قَد قلت فيهِ أَبي وَربّ أُبوة / في الدين مثل أُبوّة الأَنساب
ما كُنت أحسب قبل حمل سَريره / أَن البُحور تحلُّ في الأَخشاب
راعي الشَريعة فَالشَريعة بَعده / كَالشاة خائفة مِن الأَذياب
أَجواد يَوم السَبق قَد جزت المَدى / لا أَنتَ بِألواني وَلا بِالكابي
صَبراً فَيا نَفسي فَدَتك وَإِن يَكُن / هَذا المصاب أَجلُّ كُل مصاب
بوركت مِن خَلف فشخصك مَأمل / في رَأي شيب وَسن شَباب
لَكَ فكرة في العلم إِن وَجهتها / خرقت كَواري الشهب كُل حجاب
سَتنال بِالجد المرام لِقولهم / سَبب الدُخول دَوام قرع الباب
أَتحببا للمكرمات تنالها / وَالمكرمات قَليلة الأَحباب
لَيديك منفعة السَحاب إِذا أَتَت / في الناس أَعوام بِغَير سَحاب
أمحمد سَببت تشييد الهُدى / وَمحمد هُوَ أَول الأَسباب
لَو تخبر العَلياء مِن أَولى بِها / قالَت رايت محمداً أَولى بي
لِلّه مِنطقه فكم أَبدى لَنا / حُكماً نَزت عَن فطنة الفارابي
يا طالب العَلياء خذ عَن فهمه / حَيث الزِحام وَمجمع الطُلاب
ستراه منطلقاً بكل عويصة / إِذ لا يحير لَها امرؤ بِجَواب
فَعلومه لبُّ العُلوم وَما أَرى / مِن غَيره قشر بِغَير لباب
ذا والج في الدار يعلم ما بها / وَسِواه يَنظر مِن شُقوق الباب
يا سَعد ما عرف الهداية غَيره / دَعني مِن الأَسما وَالأَلقاب
وَبآل جعفر لذ فَإن بُيوتهم / وَصلت إِلى الجِهات بالأَعتاب
كَشفوا الغِطاء لَنا فَزادَ يَقيننا / فيهم وَزالَ تَشكك المرتاب
وَشعاع أَنوار الفقاهة مِنهُم / جلّى عَن العَلياء كُلّ ضَباب
يا سَعد لذ فيهُم فَلَولا أَمنَهُم / بكرت عَليك مغيرة الأَعراب
ذكر المَنازل وَالأَحبَّه
ذكر المَنازل وَالأَحبَّه / صبٌّ أَذابَ الوَجد قَلبه
دنف متى هبّ النَسي / م مِن الحِمى لاقى مهبَّه
وَإِذا البُروق تَلامَحَت / ألوى إلى تيماء جَنبه
وَيَحن إِن نَظر القَطا / وَرَأى يَخف العَدو سربه
أَهوى الحِجاز وَإِن نَأى / عَن مسقطي وَأَحب عربه
يا ما أَعيذب ماءه / بِمرأشِفي وَالذ شر به
يا هل أَرى ذاكَ الحِمى / يَوماً وَهَل أستاف تربه
وَمَتى الرَكائب تَنتَحي / بي للّوى وَتُوءِم شعبه
وَمَتى نَرى عَين الظبا / وَمَتى المُحبُّ يَرى محبه
وَمَتى يساعفني الزَمان / بِمجلس في خَير صحبه
وَتدار فيما بَيننا / كَأس المَودة وَالمَحبه
لِلّه ذكرهم وَإِن / هَجروا مَعنّى القَلب صَبه
يا طائر البان الَّذي / أَضحى يُغرِّد فَوقَ عَذبه
أَنتَ الَّذي نَبهت قل / بي لِلجَوى حَتّى تَنبَّه
وَتَركتَني فَوقَ الفِرا / ش كَما عَلى المقلاة حبَّه
دكَّرَتني برزية / هِيَ لَم تَزَل لِلحَشر نَكبه
وَرد الحسين إِلى الطُفو / ف يَقود لِلعَلياء حزبه
شَمخت بِهم تِلكَ البِقا / ع وَقَد عَلَت شَرَفاً وَرتبه
أَمسَت مطاولة السَما / ء مُنيرة في خَير صحبه
فَلك بَنو الزَهرا لَهُ / شهب وَكان السبط قطبه
أَربَت عَلى الفلك المَدا / ر وشهبه أخفين شهبه
كُل ابن معركة يشق / دُجى الوَغى في خَير أَهبه
يَلقى العِدى متبسماً / فَكَأنَّما يَلقى الأَحبه
لا يَرهبنَّ وَسَيفه / يَلقي بِقَلب المَوت رَهبه
كُلٌّ تَراه بِحومة المي / دان بِالكرّار يَشبه
تَغشاه مِن نُور السِيا / دة في قِتام الحَرب هَيبه
وَيَذب عَن حرم النَبوة / مُخلصاً لِلّه ذبَّه
مُتنافِسون عَلى المُنون / بكربلا لِلّه حسبد
فَقَضوا هُناك بريّة / إِعراضهم مِن كُل سبَّه
مِن كُل أَبيض مُذ ثَوى / حرُّ الهَجير أَصابَ جَنبه
تَبكي الوُحوش عَلَيهُم / وَيجيب ضَبع القَفر ذئبه
قَد أَدرَكوا في قَتلِهم / ثار الوَليد وَيَوم عَتبه
يا صاحب الأمر الَّذي / أَلقى الزَمان عَلَيهِ حَجبه
أَفكل يَوم مِن عدا / ك لَنا إِلى عَلياك نَدبه
ماذا عَلى حامي الشَريعة / لَو يَسلُّ اليَوم عَضبه
وَتَبيد خَلقاً ما اِستَقا / م وَلا أَطاع اللَه رَبَّه
شَمِّر ثِيابك فَالحسي / ن أُميَّةٌ سَلبته ثَوبه
وَاشحذ حسامك فَال / حسين قَضى بِحَد السَيف نَحبه
لا يَسلُ قَلبك مَيتاً / وَطأت خُيول الشُرك قَلبه
ظامي الجَوانح وَالفرا / ت بِجَنبه ما ذاقَ شُربه
ماذا القُعود وَحقكم / أَخذته أَيدي الشرك غَلبه
يُدعى الطَريد مَع الطلي / ق بِهِ وَأَهل البَيت تُجبه
وَنِساؤُكُم ساروا بِها / وَلَها عَلى الأَكوار وَجبه
يَهتفن في آل الرَسو / ل إِذ المَطا شارَفنَ هَضبه
عَجباً أَمثل أُمية / لعلاكم تهدي المسبَّه
جَعَلوا الشِعار بِحكمهم / سَبَّ الوَصي بِكُل خطبه
كَمنت أَراقم عَزكم / فَمَتى تَثور بِهن وَثبه
أَفيقعد المقدام عَن / داء يَرى بِالسَيف طبَّه
صَلى الإِلَه عَلَيكُم / ما هَزَت النَسمات عَذبه
وَغَدَت مَصارعكم مَدى ال / أَيام للأَملاك كَعبه
إِني شَكَرت نحول جسمي بِالمَها
إِني شَكَرت نحول جسمي بِالمَها / إِذ صُرت لَم أَمنَع بِكُل حِجاب
إِن أَغلَقت باباً فقَلبي طائر / وَالجسم ينفذ مِن شُقوق الباب
فَأنا بعكس ذَوي الهَوى إِذ دأبهم / ذمُّ النحول وَشكره مِن دابي
أَأُعزي الكَون أَن البَدر غابا
أَأُعزي الكَون أَن البَدر غابا / أَم أَهنِّيه بِأَنَّ السَعد آبا
أَعلى آيبه أَحسو طلا / أَم عَلى غايبه أَجرَع صابا
حرّ قَلبي وَهنيئاً لِلحِمى / فَلَقَد أَصبَح مخضراً جَنابا
بغيوث ضحك الدَهر بِهُم / وَلَيوث اتخذت مَغناه غابا
فاضحكي يا أَدمع العَين لَهُم / وَاسق حرّانا مِن القَلب شَرابا
وَارقصي يا عبرة الصَدر فَقَد / آب مِن نرقبه وَالنشر طابا
وَازدهي بِالخصب يا أَرض الحِمى / فَلَقَد أَصبَحت لِلدَمع مصابا
آه يا دَهر لَما جئت بِها / فَلَقَد أَغربت صُنعاً وَارتِكابا
فَلَقَد جئت بِها صادمة / مَلأت حاشية الكَون اِكتِئابا
رجع المَهدي لَكن رجعة / هزَّ مِنها الفلك الأَعلى اضطِرابا
يا أَخا الود وَمِن شَأن الصَفا / أَن دَعى صاحبه الخل أَجابا
قُم نعزّي الدين في حادِثة / إنَّهُ قَد فَقَد اليَوم الكِتابا
وَلعمري صَدعت بَيضته / وَأَصابَ الخَطب مِنهُ ما أَصابا
فَاجرعي الصَبر بني عَمرو العلى / وَاخلَعي اليَوم مِن العزّ ثِيابا
طُلتِ بِالمهدي وَاليَوم بِهِ / قَد طَواك الدَهر شَيخاً وَشَبابا
وَاحتَبِس يا مجتدي الغَيث فَقَد / رَجع الماء بِواديكُم سَرابا
وَاتئد يا رائِداً رَوض النَدى / أَصبَح المَرعى مِن الغَيث يبابا
وَعَلى العافين تَرديد الشجى / قَد قَضى الدَهر بِأَن تَقضي سغابا
لَم تَزل تَمتار مِن أَنوائه / هزَّل العام فيعطيها الرِغابا
فَبِجَدواه إِذا السُحب هَمَت / وَلِمَغناه إِذا ما الركب جابا
كَم تَعرضنا رِكابا بِعدَه / وَزَجرنا خشية البَين غَرابا
فَأَصَبنا بِالَّذي نحذره / وَكَذا الحادث أَن يحذر أَصابا
أَذنَب الدَهر وَلَكن ما عَلى / مذنب شَيء إِذا اِستَعفى وَتابا
كَفكفي الأَدمُع يا عَين العُلى / فَأَبو الهادي عَن المَهديّ نابا
كَوكَب حجبه اللَه وَفي / أُفق العَلياء كَم أَبقى شِهابا
بَل أَبو الهادي ذكاً في أُفقِها / قَد جَلى عَن وَضح الدين الضَبابا
بَشِّر العَليا ففي أَفلاكها / تَبزغ الشَمس إِذا ما البَدر غابا
لا رآني شامت أَبكي امرأً / لَم يُفارق دسته حَتّى اِستَنابا
قَد رمقنا مِن أَبي الهادي فَتى / موئل الأَعلام مَرجواً مهابا
سَيد توّجه الفَخر بِما / قيل فيهِ إِنَّما المَهدي آبا
جَمعت فيهِ المَزايا أَروع / عَذب المَدح بِهِ وَالشعر طابا
ملك عاش الوَرى في عَدله / وَالسَرى تَحدو بِذكراه الرِكابا
أَمن الجور بِهِ حَتّى لَقَد / صَحبت سائِمة الضان الذِئابا
وَتَواخى الصعو وَالصَقر مَعاً / وَالقَطا الكدري لَم يَخشَ العِقابا
لا يَنال الضَيم فيهِ مَعشراً / وجهت تَلقاءه الدهم العرابا
جرَّدته صارِماً كَفّ الهُدى / صَقلت مِنهُ التَجاريب ذُبابا
بِعُلاه عزَّ مِن فَوق الثَرى / وَنَداه مَلأ البيد الرِحابا
كُلَّما بَين المَساعي وَالحِمى / أَخصبت فيهِ سُهولاً وَشِعابا
يا رعاه اللَه مِن مُبتهج / بِقُرى الضَيف ذَهاباً وَإِيابا
أَما وَالشَأن الَّذي خَصَّ بِهِ / وَعُلوم كَم جَلى عَنها النِقابا
لِأَبو القاسم ضاهاه عُلاً / وَنَداه بخَّل الغر السَحابا
أَي شَهم ضَمنت أبراده / مثل ما قَد ضمن القشر لبابا
ثاقب العزمة ما إن هتفت / باسمه صارخة إِلا أَجابا
شادَ في إِيمانه ذكر الهُدى / وَبَنى لِلفَخر فيء الجَوزا قِبابا
هُوَ لِلعَليا حسين باسمه / نَطرد الهَم وَنَستَسقي السَحابا
يَقتل الجدب نَدى راحتهِ / إِن أَصابَ الناس أَياماً صِعابا
قَد تَجلى في مَيادين التُقى / وَكَفى فيهِ نِضالاً وَغلابا
لا أَعيب الدَهر ما دُمتُم بِهِ / فَزَمان قَد حَواكُم لَن يُعابا
وَأَرى العَيش شَباباً فيكُم / نَضر العُود وَلَولاكُم لَشابا
أَيُّها المُحيي عُلوماً دَرَّسا / وَالمنضي عَن مَعماها النِقابا
يَشتَكي الشَرع لِعلياك خَفا / فَأَبن أَحكالمه بابا فَبابا
إِنَّما مِثلك مَن يَلقى الرَدى / بِثَبات العَزم صَبراً وَاِحتِسابا
أَنتُم الرَّجح أَحلامَكُمُ / لا يَهدُّ الخَطب مِنهُن هِضابا
لا عَدا الوَسمي بَطحاء الحِمى / وَسَقاها الغَيث سَحّاً وَاِنسِكابا
وَغَدَت مَهبط أَملاك السَما / أقبر قَد طيبت مِنهُ التُرابا
خطب أَباحَ مِن الإِمامة غابَها
خطب أَباحَ مِن الإِمامة غابَها / وَرَمى شَريعة أَحمَد فَأَصابَها
شَرقت بِعبرة ثاكل فَكَأَنَّها / فَقَدت لَعمرك وَحيها وَكتابها
فَقَدَت أَخا العَزمات دبَّر أَمرَها / زَمَناً وَعرَّف لِلوَرى آدابها
عذبت مَناهلها بعصر وَليِّها / وَاليَوم حينَ قَضى أَطالَ عَذابَها
بكر النَعيُّ إِلى العِراق فَلَم يَقف / بِمفازة إِلّا وَدكَّ هِضابَها
حَتّى إِذا بَلغ الغَريَّ وَقابل ال / غروية البَيضا أَسرَّ خِطابها
فَمَشى بِبَهجتها وَغادر ثاكِلاً / صَبغت كَلابسة الحداد ثِيابَها
لَولا الحِجاب رَأَيت أَملاك السَما / في جَنب حَيدرة تَقيم مَصابَها
مَيت أَعزَّ المُؤمنين بِعَدله / وَاليَوم حينَ قَضى أَذَلَّ رَقابَها
أَردى البَصائر فَالعُيون إِذا لَها / دَمعاً وَحَبات القُلوب أَذابَها
وَتَجانَست صَفتاهما فَعُيوننا / صابَت دِماء وَالقُلوب أَصابَها
لَو تَسمَعن العَتب بَطحاءُ الحِمى / أَكثرت مِن حَرق الفُوائد عتابها
عَقدوا جَنادلها عَلى ذي غرة / كانَت تَشعشع في الدُجى محرابها
كانَ المشار لَهُ بِكُل ملمة
كانَ المشار لَهُ بِكُل ملمة / دَهَت الأَنام فَأدهَشَت ألبابها
يَدعى لَها وَهِيَ الشَجي بصدورها / فَيسيغ عَن عَذب الفُرات شَرابَها
كَم حلَّ عُقدة معضل في رَأيه / وَكَم الوَرى شَدت إِلَيهِ عرابها
تَأتي الرَكائب وَالعياب خَلية / وَتَعود مالئة يَداه عيابها
أَنعم بِهِ خَلفا يَبين رشده / حكم الشَريعة زيغها وَصَوابها
رَأس لكل فَضيلة عرفت فَكُن / بِالراس مُقتدياً وَدَع أَذنابَها
وَرث المَكارم كابراً عَن كابر / فَسَمى البَرية شَيخَها وَشَبابها
تَأتي وُفود العلم ساحة داره / فَتمس في جبهاتها أَعتابها
فَلطالما اِختلفت إِلَيهِ وَأَكثَرَت / لِلأَخذ عَنهُ ذَهابها وَإِيابَها
تَتناظر العلما فَحيث تَشاجَرَت / رَدت إِلَيهِ سؤالَها وَجَوابَها
يَتسارَعُون لَهُ بِكُل عَويصة / فَيَحل مشكلها ويَفتَح بابَها
هُوَ لاسمه وَفق وَلا كَعِصابة / مُذ لَقبت ما وَافقت القابَها
قَد أَنزَل الدين الحَنيف بِخَيمة / قَصر السماك فَلَم يَصل أَطنابَها
يا رائِداً نَجع المَكارم فَاغترف / فَلَقَد وَردت مَع البُحور عبابها
وَإِذا اِنتَجَعَت سِواه عَدت بِخَيبة / أَو رُحت تَتَبع في البِقاع سَرابَها
نِظام كُل فَرائد جِماع كُل شَوارد / قَد أَعجَزَت طلابها
فلتركننَّ إِلَيهِ نَفس راقَبَت / يَوم القِيامة حَشرَها وَمآبها
تَاللَه إنَّ بحبه وَببغضه / قرن الإِلَه ثَوابَها وَعقابها
إِن المَكارم أَقسمت بِجماله / أَن لا تذيل عَلى سِواه ثِيابَها
رَضيته عَن خَلف الأَئمة نائِباً / أَبدا يَدل عَلى الهُدى نَوابها
نَظر الأَحاديث المحجب سرَها / فَأَماطَ عَنها سترَها وَحجابَها
جلى فَاحكمها وَجلى غَيره / فَأَعادَ مُحكم أَمرَها مُتشابها
يا باسِطاً لِلبَذل أَكرم راحة / بَيضاء تَخجل بِالسَماح سَحابَها
فَدَع الوَرى يَتشرفون بِلَثمِها / وَيَشم مِن يَستافها أَطيابها
لَو وازَنَتك الناس في علمائها / كانوا القشور وَكُنت أَنتَ لبابها
ما خابَ مِن منته هديك نَفسه / تطوي لحضرتك البقاع رحابها
يلقاك بَينَ الصالِحين مِن الوَرى / شَمساً تَحيد عَن القُلوب ضبابها
يَلقاك بَينَ أُولي النُهى صَمصامة / صَقلت تَجاريب الزَمان ذبابها
يَلقاك تَنثر مِن لِسانك بَينَهُم / دُرراً تمد لَها الكِرام رِقابها
يِلقاك تَدرُس بَينَهُم بِمَناقب / حَتّى المَلائك أَصبَحَت كِتابها
يا خاطب الأَبكار خُذ بدوية / جاءَتكَ سافِرة تَميط نِقابَها
كَم عَرَضوا فيها وَكَم خَطبت عَلى / شَرط الصداق فَلَم أَجب خِطابَها
ما إِن رَجَوت لَها ثَواباً إِنَّما / أَرجو بِأُخرى النشأتين ثَوابَها
أَهل تَرى لُؤلؤاً في الكأس أَم حَببا
أَهل تَرى لُؤلؤاً في الكأس أَم حَببا / وَغلمة تَجتَليها أَم قَطيع ظبا
وَذاكَ جامَ بِهِ الصَهباء ذائِبَة / أَم فضة قَد أَذابوا وَسطها ذَهَبا
ياما أَحيلاه ملعابا يَطوف بِها / يَجدُّ فينا رَسيس الشَوق إِن لَعِبا
سيان لَون حمياه وَوَجنَته / فَصبُّهُ لَيسَ يَدري كُلَّما شَرِبا
أَراحه حمرة مِن خَده اِكتَسبت / أَم خده حمرة مِن راحة اِكتَسَبا
وافى إِليَّ وَسر النجم منهتك / وَاللَيل يَضرب مِن ظَلمائِهِ حَجبا
خَوف وَعشق عَلى عَينيه قَد حَكَما / فَمقلة لي وَالأُخرى إِلى الرقبا
يا هَل يَعود لَنا دَهر بِكاظِمة / سُرعان ما مرَّ حاليه وَما ذَهَبا
حَيث الشَبيبه ثَوب قَد لَهَوت بِهِ / كَيفَ السُلو وَثوب اللَهو قَد سَلبا
أَصبَحت مثل سهيل في تفرده / وَكانَ شَملي كَالجَوزاء مقتربا
نزول وَجرة ما راعوا لَنا ذمما / ما كانَ بَعدي وَقَد فارَقتهم عربا
يَثقفون وَلَكن القُدود قَناً / وَيَصلتون وَلَكن العُيون ظبا
هلم يا مترع الكاسات نشربها / صَهباء لَم تَبقَ لي هَماً وَلا وَصبا
إِضافة الماء تَنبي عَن أَصالَتها / فَبالحباب عرفنا أَصلَها عنبا
وَروّ فيها حَشى لَو بَعض غلتها / بِالدجلَتين لَما طابا وَلا عَذبا
وَكفِّر الذنب فيها بِالثَناء عَلى / مُحمد وَعَلى ساداتِنا النجبا
إِن البَشير الَّذي وافى يبشرنا / لمنعم وَعَلينا شُكره وَجَبا
أَعزُّ ما أَقتنيهِ النَفس وَهِيَ لَهُ / إِحدى المَواهب لَو يَرضى بِما وَهَبا
ما حاوَل اللَيث إلماما بِلبوته / إِلّا ليصبح مِنها لِلشبول أَبا
يا ابن النبوة قَد أَلقى مَقالده / لَكَ الزَمان فَمل تَيها وَمس طَرَبا
إِني لِأَحقر ما أوليك مِن مَدحي / وَلَو نَظمت الثريا فيكَ وَالشُهُبا
مالي أَرى معشر أَراموا بِأَن يَصلوا / مِنكَ البَعيد وَهُم دُون الَّذي قربا
ناموا وَربك عَما أَنتَ فيهِ وَما / كانوا ذَوي الكَهف مِن آياتِهِ عَجَبا
عش بَينَنا كَسليمان النبي عَلا / وَهُم أَذل وَأَخزى مِن رِجال سَبا
أَنتَ الجَواد سباقا وَالجَواد نَدى / وَعَن مَجاريك قَد جزت المَدى وَكَبا
هُوَ الجمود إِذا درَّت مَخالفها / فَأَركن إِلَيها والا أضرب بِها الثَعبا
وَما كَرامة ضرع قَد فَنيت يدي / حَسا عَلَيهِ وَغَير اللؤم ما حَلَبا
مَن لي بِمرجع أَبكار تَعبت بِها / أَلفاظَها عَذبت إِذا لَفقت كذبا
خِلنا بِطَوق الثَنا يَنسى طَبيعته / وَالكَلب كَلب وَلَو طَوقته ذَهَبا
رحم النُبوة لَم يَنفَع أَبا لَهَب / لَم تَغنِ أَموالُهُ عَنهُ وَما كَسَبا
يا بَدر لَيلة تم قَد أَنار بِها / ضُوء السُعود فَجالَ اللَيل وَاِنقَلَبا
لَو أَنَّ بَدر السَما مِنكَ اِستعار سَناً / لَما استسرَّ لَييلات وَلا غَربا
وَيا حساماً أَحدَّ اللَه شفرته / فَكانَ أَقطَع مِن طَبع القيون شَبا
لَو أَنَّ لِلسَيف بَعضاً مِن مضاك لَما / فلَّت مَضاربه في حالة فَنَبا
وَجمرة العَرب كانَت هاشم وَإِذا / ما كُنت مِنها فَقَد زَيدتها لَهَبا
فَاخر بنسبتك الأَشراف إِن فَخروا / أَولا فَفي نَفسك أَفخر يَكفك النَسَبا
خَفيف طَبعك أَنسى الريح خفتها / وَثقل حلمك أَنسى ثقلها الهَضبا
يا مَعشَراً طَهروا مِما يَشينهم / وَالرجس عَنهُم بِنَص الذكر قَد ذَهَبا
فلَلسَّهى رتبة في النجم عالية / وَمَجدكم قَد رَقى فَوقَ السهى رُتبا
فَما السَما عَنكُم يَوماً بِنائِية / إِذ اِتخذتم لَها مِن مَجدكم سَبَبا
شابَ الزَمان فَمُذ صُرتُم بِهِ رَجعت / أَيامه وَاِكتَسى بَعدَ المَشيب صَبا
تَدُور حَولك أَشراف المُلوك رَحىً / وَما اِستدارتها لَو لَم تَكُن قطبا
تَحكي وَتبسم بشرا لاعدمت فَتى / بِالحالَتين تريهم لُؤلُؤاً رَطبا
جاؤوا وَهم باختلاف عَن حَوائجهم / فَليأخذوا عَنكَ إِن عَلما وَإِن أَدبا
وَحسبك الفَخر إِذ كانَ الحسين أَخاً / لَكُم وَكانَ لطلاب العُلوم أَبا
مَولى بِحال الرضا يَدنو الجَبان لَهُ / وَالأَسد تَوليه أَدباراً إِذا غَضِبا
المَوقد النار قَد فاحَت نَوافحها / كَأَنَّما جَزلها مِن مندل وَكَبا
يَمدها بِسناً مِنهُ إِذا خَمدت / وَفي مَلابسه إِن أَعوزت حطبا
ما زالَ مُنبسط الكَفين في زَمَن / حَتّى السَحاب يَرى الجَدوى بِهِ عَجَبا
لَو كانَ في قَلب قارون محبته / لِلبَذل أَو بَعضَها لَم يَقتن النَشبا
بِالغَلس انسلَّت إِلى حَبيبها
بِالغَلس انسلَّت إِلى حَبيبها / تَخطو وَعَيناها إِلى رَقيبها
ساحبة الأَبراد في مَرابع / أَرجاؤها تَضوعت بَطيبها
مَرَت بِها ريح الشَمال فَافتَدَت / تَحمل طَيب المسك في جُيوبِها
فَرشت أَحشاي لَها لَكنَّني / خَشيت أَن تَضجر مِن لَهيبها
عانَقتها كَأَن كَفيَّ التقت / مِن قضب الجرعا عَلى رَطيبها
حَشاشتان التَقتا كُلٌّ تَرى / إِن لَيسَ في الآخر كَالَّذي بِها
إِذا النُجوم اِنكَدَرَت في نَحرِها / وَالبَدر قَد كَوّر في جُيوبِها
وَفَوقَ طُرس الصَدر مِنها أَسطر / ما نَظر القاري إِلى مَكتُوبِها
مثل النمال سَربت في دمية / تَسري لَها وَالحُسن في تَسريبها
أَحسد هاتيك النمال إِنَّها / إِلى الرِضاب مُنتَهى دَبيبها
تَسبل فَوقَ رَدفِها ذوائِباً / يَذوب قَلب الصَب مِن تَقليبها
سُود عَلى أَكفالِها كَأَنَّها / أَساود تَسعى إلىكَثيبها
تحبها الناس ولكن إنمشت / كَأَنَّها تَمشي عَلى قُلوبِها
فَكَم شَكَت عُشاقَها لَها جَوىً / شِكاية المَرضى إِلى طَبيبها
كَالصعدة السمرا إِذا ما خَطرت / مَوصولة الصَدر إِلى كُعوبِها
كَم كَسَرت أَجفانَها في غَنج / فَاِنكَسَرَت لي عبرة أَبكي بِها
تَنظُر في دَعج وَارنو بِالَّتي / أَخضلت الأَردان في غُروبِها
وَهبتها قَلبي لافي عَوض / إِن رَضيت فيهِ فَمن نَصيبها
ياأسم جودي بِاللَما العَذب عَلى / ذي كَبد أَفرطت في تَعذيبها
حَرّى كَأَنَّ نار خَدَّيك بِها / فَلَم تَكد تَسكُن مِن لَهيبها
أَعذل عَينيَّ عَلى ما قَد جنت / فَكلما قاسيت مِن تَسبيبها
جازَيتها رعي السواري في الدُجى / مِن حين ما تَبدو إِلى غُروبِها
أَو تُرسل النَظرة نَحو المُصطَفى / فَإِنَّه يَجلو القَذى الَّذي بِها
تَاللَه قَد سَرّ الهُدى في عرسه / وَلِلمَعالي الفَوز في مَطلوبِها
لَيلة أُنس بِالتَهاني اِبتَسَمَت / وَانكمد الحاسد مِن تَقطيبها
لم أَرَ مثل المُصطفى وَأَهله / مِن مَشرق الشَمس إِلى مَغيبها
لا عَيب في الدُنيا إِذا كانوا بِها / فَحسنهم غَطّى عَلى عُيوبها
أُسرة مَجد سَمح اللَه بِهُم / لِيَرحَم الناس عَلى ذُنوبِها
إِيمانهم قَد خلقت غَواديا / تَخصب مِنها العَرب في جدوبها
حلّوا بِنجد زَمنا فَأَخصبت / مَرعى وَساوت مَصر في خَصيبها
وَسل بِهُم طيبة إِذ حلَّوا بِها / فَطيبهم ضاعف نَشر طيبها
وَفي العِراق خَيم العز لَهُم / أَربت عَلى الجَوزاء في تَطنيبها
تَساوَت الأَمصار فيهم فَغَدا / بِعيدها أَشبه في قَريبها