المجموع : 9
قَد رابَهُ وَلِمثل ذَلِكَ رابَهُ
قَد رابَهُ وَلِمثل ذَلِكَ رابَهُ / وَقَعَ البَياضُ عَلى السَوادِ فَشابَهُ
لَونٌ حَسِبتُ إِلى النِساءِ مُبَغَّضٌ / عِندَ النُصُولِ إِذا يَحِينُ خِضابُهُ
إِنَّ الشَباب عَسا وَأَدبَرَ خَيرُهُ / فَمَتى تَقُولُ وَلاتَ حِينَ إِيابُهُ
أَفَبَعدَ ذاكَ وَبَعدَ ما ذَهَبَ الَّذي / يَزَعُ الفُؤادَ عَن أَن يُصَبَّ ذَهابُهُ
أَذرى الدُموعَ فَلامَهُ أَصحابُهُ / إِذ صاحَ بِالبَينِ المُشِتِّ غَرابُهُ
مِن آلِ عَمرَةَ وَالمُحِبُّ مُشَوَّقٌ / سَرِبُ الدُمُوعِ إِذا نَأى أَحبابُهُ
ذَهَبَ النَهارُ وَلا يَبُوخُ عِتابُهُم / صَبّاً يَقِلُّ لَدى العِتابِ عِتابُهُ
وَاللَهُ يَعلَمُ ما تَرَكتُ مِراءَهُم / أَلّا يَكُونُ مَعي لِذاكَ جَوابُهُ
إِلّا مَخافَةَ أَن أُصارِمَ صاحِباً / وَالصرمُ فاعلَم وَالمِرا أَسبابُهُ
وَيَرى اللَئيمُ غَنيمَةً في مالِهِ / سَبَّ الكَريمِ إِذا الكَريمُ أَجابَهُ
فَسَكَتُّ إِضرابَ الحَليمِ وَإِنَّما / يُنجى الحَليمَ عَن الخَنا إِضرابُهُ
وَأَفَضتُ عَبرَةَ مَعوِلٍ هاجَت لَهُ / ذِكرَ الحَبيب فَهاجَهُ إِطرابُهُ
عَزَمُوا الفِراقَ وَقَرَّبُوا لِرَحيلِهِم / كَالهَضبِ في يَومٍ يَظَلُّ سَرابُهُ
يَجري عَلى جُدبِ المِتانِ كَأَنَّهُ / ماءٌ أَغاثَ بِهِ البِلادَ سَحابُهُ
يَوماً يَظَلُّ الرِيمُ فيهِ لازِماً / قعرَ الكِناس وَلا يُحَسُّ ضَبابُهُ
يَكتَنُّ مِن وَهجِ السُمُومِ كَأَنَّما / جُدُدُ المَلاءِ مِنَ البَياضِ ثِيابُهُ
مِن كُلِّ مُنتَفِخٍ كَأَنَّ تَلِيلَهُ / جِذعٌ بَراهُ جائِزاً خَشّابُهُ
تَستَنفِدُ النِسعَ الطَويلَ ضُلُوعُهُ / نابى المَعِدِّ نَبيلَةٌ آرابُهُ
مُغضٍ إِذا غَضَّ الزِمامَ خِشاشُهُ / يَفتَرُّ عَن أَنَفٍ فَيَبدُو نابُهُ
عَن مِثلِ زافِرَةِ الرِتاجِ أَجافَهُ / مِن بَعدِ أَوَّلِ فَتحِهِ بَوّابُهُ
حَتّى إِذا قُضِيَ الرَحيلُ وَقَد سَطا / نَقعٌ يَثُورُ إِلى السَماءِ ضَبابُهُ
نَبَّعتُ ذِفراهُ عَلى قَصَراتِهِ / كَالمُهلِ يَتَّبِعُ المَقَدَّ حَبابُهُ
مِن حَيثُ تَنتَكِتُ المَرافِقُ أَو يَقَع / أَثَرُ المَرافِقِ حَيثُ عادَ تِرابُهُ
دَقّاً يُراوِجُ دَقَّهُ ثَفَناتِهِ / سَحقَ التَخَلّصِ إِذ يَصِيحُ جَنابُهُ
خَرَجَت تَأَطَّرُ في أَوانِسَ كَالدُمى / وَالمُزنُ يَبرُقُ بِالعَشِيِّ رَبابُهُ
يَمشِينَ مَشيَ العِين في مُتَأَنِّقٍ / مِن نَبتِهِ غَرِدِ الضَحاءِ ذُبابُهُ
في زاهِرٍ مِثل النُجُومِ أَمالَهُ / ظَلَمٌ فَتَمَّ وَلَم يَهِج إِعشابُهُ
فَبَدا وَما عَمِدَت بِذاكَ تَبَرُّماً / جِيدٌ يمُجُّ عَلى اللُبانِ سَخابُهُ
مِسكاً وَجادِيَّ العَبير فَأَشرَقا / حَتّى كَأَنَّ دَماً يُقالُ أَصابَهُ
تُدنى عَلى اللِيتَينِ أَسحَمَ وارِداً / رَجِلاً يَشِفُّ لناظِرٍ جِلبابُهُ
وَكَأَنَّ أَحوَرَ مِن ظِباءِ تَبالَةٍ / يَقرُو الخَمائِلَ حِينَ تَمَّ شَبابُهُ
أَهدى لِعَمرةَ مُقلَتَيهِ إِذ رَمَت / نَحوي بِما لا يُستَطاعُ ثَوابُهُ
مِن طَرفِها إِني رَأَيتُ مُكَثِّراً / نَما عَلَيها لا يَريمُ إِهابُهُ
وَتَبَسَّمَت لِيَ عَن أَغَرَّ مُؤَشَّرٍ / ظَلمِ تَحَيَّرَ بارِدٍ أَنيابُهُ
كَغَريضِ مَوهِبَةٍ أَطافَ بِمائِها / طَودٌ تَمَنَّعَ أَن تُنالَ لِصابُهُ
بَيضاءَ تَنسُجُها الصَبا في مُشرِفٍ / حَلَّ القُلُوبَ الصادِياتِ حِجابُهُ
فَعَلَونَ أَوطِئَةَ الخُدورِ كَما عَلَت / رُقبُ المَها كُثُباً تَحِفُّ هِضابُهُ
أَنقاءَ وَحشِيِّ الأَلا أَسكانُهُ / فِيها يَقيلُ وَرَعيُها إِخصابُهُ
فَتَبِعتُهُنَّ لِنِيَّةٍ شَحَطَت بِهِم / كَالنخلِ حانَ لِمُجتَنٍ أَرطابُهُ
وَأَنَختُ مُنعَقِدَ الحِبالِ وَفَوقَهُ / رَحلٌ تَغَشَّت بَزَّهُ أَجلابُهُ
مِن خَلفِهِ لَدنُ المَهَّزةِ قاطِعٌ / ضافٍ تَضَمَّنَهُ لِذاكَ قِرابُهُ
فَتَبِعتُهُم وَلَنِعمَ صاحِبُ واحِدٍ / في الوَحشِ يَبدُرُ قَبلَهُ أَصحابُهُ
حَتّى إِذا اِختَلَطَ الظَلامُ وَقارَبُوا / زُرقاً وَأَسهَلَ لِلمُنيخِ جَنابُهُ
نَزَلُوا كَما نَزَلَ الحَجيجُ بِأَبطَحٍ / ضَمَّتهُمُ عِندَ الجِمارِ حِصابُهُ
قَولُها أَحسَنُ شَيءٍ
قَولُها أَحسَنُ شَيءٍ / بَلَدٌ لَفَّ حَبيبا
وَشِفاءُ القَلبِ مِنها / إِذ تَواعَدنا الكَثِيبا
نَأَيُّها سُقمٌ وَأَش / تاقُ إِذا أَمسَت قَرِيبا
لَيتَ هَذا اللَيلَ شَهرٌ / لا نَرى فيهِ غَريبا
مُقمِرٌ غَيَّبَ عَنّا / مَن أَرَدنا أَن يَغيبا
غَيرَ أَسماءَ وَجُملٍ / ثُمَّ لا نَخشى رَقيبا
جَلَسَت مَجلسَ صِدقٍ / جَمَعَت حُسناً وَطِيبا
دَمِثَ المَقعَدِ وَالمَو / طِئِ رَيّانَ خَصِيبا
أَفرَغَت فيهِ الثُرَيّا / مَن ذَرى الدَلوِ سُكُوبا
عاصِباً بِالنَبتِ زُرعاً / وَمَعَ الزَرعِ قُضُوبا
قَولَها لِي وَهِيَ تُذرى / دَمعَ عَينَيها غُرُوبا
إِنَّنا كُنا كَهَذا / أَنصَحَ الناسِ جُيُوبا
وَحَبَوناهُ بِوُدٍّ / لَم يَكُن مِنّا مَشُوبا
فَجَزانا أَن حَمَدنا / وُدَّهُ أَن لا يَغيبا
وَجَزانا اليَومَ عاراً / حِينَ يُنثا وَعُيُوبا
يا صاحِ هذا العَجَبُ
يا صاحِ هذا العَجَبُ / لِكُلِّ أَمرٍ سَبَبُ
أَهلُ سُلَيمى غَضِبُوا / فِيمَ تَراهُم عَتَبُوا
لَم نَأتِ سُخطاً لَهُمُ / وَلا لَدَينا قُصِبُوا
قَد بَعَثُوا رَسُولُهم / فَنَقَّبُوا وَطَلَبُوا
كَي يَجِدُوا ذَنباً لَنا / وَكُلَّ أَرضٍ ضَرَبُوا
ما تَسكُنُ العُجمُ وَما / تَسكُنُ فيهِ العَرَبُ
وَإِنَّما صرمي لِغَي / ظِي وَبُعادِي قَرَّبُوا
إِذ رَكِبُوا فيما أُرى / مِن حالِهِم ما رَكِبُوا
ما زالَ واشٍ مَعَهُم / يَكذِبُ حَتّى اِنشَعَبُوا
عُلَيُّ قَد يَشعَبُ ذا / الوَجدِ المُحِبِّ الكَذِبُ
يا لَيتَ أَهلِينا طَرِي / قاً لَم يَكُونوا اِصطَحَبُوا
إِذ وَرَّثُوني كَمَداً / فَالقَلبُ مِنّي يَضرِبُ
بَل لَيتَ شِعري وَالفَتى / لِحينِهِ مُجتَلَبُ
هَل يَقتُلُ المَرءَ رَخِي / مٌ دَلُّهُ مُختَضِبُ
رَحصٌ غَضِيضُ الطَرفِ لا / تُكشَفُ عَنهُ الحُجُبُ
كَالغُصنِ أَعلاهُ وَرا / بٍ ما تُوارى النُقُبُ
يُديرُ عَيني جُؤذَرٍ / يَحنُو عَلَيهِ رَبرَبُ
جِيدُ غَزالٍ جِيدُهُ / وَالثَغرُ مِنهُ أَشنَبُ
كَأَنَّما رِيقَتُهُ / مِسكٌ عَلَيهِ ضَرَبُ
شِيبَ بِهِ مِن قُنَّةٍ / ماءٌ زلالٌ قَعِبُ
أَسجَرُ قَد باتَ عَلَي / هِ مِن سَحابٍ ضَرِبُ
لَم تَرَهُ الشَمسُ وَلَم / يَعتِك عَلَيهِ الطُحلَبُ
لَهُ مَعَ النَعتِ الَّذي / أَنعَتُ لَونٌ مُشرَبُ
كَوَرَقِ المَصحَفِ قَد / أُجرى عَلَيهِ الذَهَبُ
تِلكَ عِرسِي تَلُومُني في التَصابي
تِلكَ عِرسِي تَلُومُني في التَصابي / مَلَّ سَمعي وَما تَمَلُّ عِتابي
أَهجَرَت في المَلامِ تَزعمُ أَنّي / لاحَ شَيبي وَقَد تَوَلّى شَبابي
أَن رَأَت رَوعَةً مِنَ الشَيبِ صارَت / في قذالي مُبِينَةً كِالشِهابِ
تَحتَ لَيلٍ بِكَفٍّ قابِسِ نارٍ / إِعتَشاها بِعارِضٍ مِن سَحابِ
قُلتُ مَهلاً فَقَد عَلِمتِ إِبائِي / مِنكِ هَذا وَقَد عَلِمت جَوابي
لَيسَ ناهِيَّ عَن طِلابِ الغَواني / وَخطُ شَيبٍ بَدا وَدِرسُ خِضابِ
وَرُكُوبٌ إِذا الجَبانُ تَطَوّى / فَرَقاً عِندَ عِرسِهِ في الثِيابِ
أَحمِلُ السَيفَ فَوقَ أَقرَح وَردٍ / ذي حُجُولٍ كَأَنَّهُ سِيدُ غابِ
أَجشَمُ الهَولَ في الكَعابِ وَقِدماً / جَشِمَ الهَولَ ذُو الهَوى في الكَعابِ
أَيُّها القَصرُ ذُو الأَواسِيِّ وَالبُس / تانِ بَينَ القُصُورِ فَوقَ الظِرابِ
خَصَّكَ اللَهُ بِالعِمارَةِ مِنهُ / وَوَقاكَ المَليكُ وَشكَ الخَرابِ
إِنَّني وَالمُجَمِّرِينَ بِجَمعٍ / وَالمُنيخِينَ خَلفَهُم بِالحِصابِ
لَم أَحُل عَنكَ ما حَيِيتُ بِوُدّي / أَبَداً أَو يَحُولَ لَونُ الغُرابِ
دَونَها الحارِسُ الشَفِيقُ عَلَيها / قَد تَولّى مَفاتِحَ الأَبوابِ
بِمُنيفٍ كَأَنَّهُ رُكنُ طَودٍ / ذي أَواسٍ مُطَمَّرِ المِحرابِ
وَتَرَقَّيتُ بِالحِبالِ إِلَيها / بَعدَ هَدءٍ وَغَفلَةِ البَوّابِ
فَجَزَتني بِما عَمِلتُ ثَواباً / حَسَناً كُنتُ أَهلَ ذاكَ الثَوابِ
إِعتِناقاً عَلى مَخافَةِ عَينٍ / قَد رُمِقنا بِها وَقَومٍ غِضابِ
هاجَ الفُؤادُ وَأَمسى الحِلمُ قَد عَزَبا
هاجَ الفُؤادُ وَأَمسى الحِلمُ قَد عَزَبا / بَعدَ العَزاءِ وَبَعدَ الصَبرِ قَد غُلِبا
وَهاجَهُ ذِكرُ قُربى بَعد سَلوَتِهِ / وَراجَعَ القَلبَ ما يَلقى فَقَد نَصَبا
وَجَشَّمَتهُ السُرى قُربى وَما جَشِمَت / قُربى سُرى لَيلَةٍ فيهِ وَلا تَعَبا
أَقُولُ لَمّا اِلتَقَينا وَهيَ مُعرِضَةٌ / لِقيلِ واشٍ عَلَينا يَقرِضُ الكَذِبا
فَقُلتُ لا تُعرِضِي نَفسي الفِداءُ لَكُم / في غَير شَيءٍ وَما نَأتي لَكُم غَضَبا
اللَهُ يَعلَمُ ما أَحبَبتُ حُبَّكُمُ / يا قُربَ مِن خَلقِهِ عُجماً وَلا عَرَبا
قَد كُنت أَحسَب وَجدي يا قَريب لَكُم / حَتّى أَتَحتِ لَنا بِالخَيفِ قَد ذَهَبا
لَمّا مَدَدتُ بِحَبل القَلبِ نَحوَكُمُ / خَفَّ الفُؤادُ لِما تَهوَينَ فَانجَذَبا
وَاللَهِ ما قَرُبَت قُربى وَلا نَزَحَت / إِلّا اِستَخَفَّ إِلَيها قَلبُهُ طَرَبا
وَلا دَعَت شَجوَها يَوماً مُطَوَّقَةٌ / إِلّا تَرَقرَقَ ماءُ العَينِ فَاِنسَكَبا
فَإِن كَلِفتَ بِقُربى أَو كَمِدتَ فَقَد / عَنَّتكَ قُربى وَأَترابٌ حِقبا
خَلِيلَيَّ عُوجا حَيِّيا اليَومَ زَينَبا
خَلِيلَيَّ عُوجا حَيِّيا اليَومَ زَينَبا / وَلا تَترُكاني صاحِبَيَّ وَتَذهَبا
إِذا ما قَضَينا ذاتَ نَفسٍ مَريضَةٍ / إِلَيها وَقَرَّت بشالهَوى العَينُ فَاِركَبا
فَإِنَّكُما إِن تَدعُواني لِمثلِها / إِلى حاجَةٍ فَاستَيقِنا لا تُؤَنَّبا
أَقُولُ لِواشٍ سالَني وَهوَ شامِتٌ / سَعى بَينَنّا بِالصَرمِ حيناً وَأَجلَبا
سُؤال امرئٍ يُبدى لَنا النُصحَ ظاهِراً / يَجُنُّ خِلالَ النُصحِ غِشّاً مُغَيَّبا
عَلى العَهد لَيلى كَالبَريِّ وَقَد بَدا / لَنا لاهَداهُ اللَهُ ما كانَ سَبَّبا
بَغاني لَدَيها بَعدَ ما خِلتُ أَنَّهُ / لَهُ الوَيلُ عَن بَغيٍ عَلَينا قَد اَضرَبا
فَإِن تَكُ لَيلى قَد جَفَتني وَطاوَعَت / بِعاقِبَةٍ بِيَ مَن وَشى وَتَكَذَّبا
فَقَد باعَدَت نَفساً عَلَيها شَفِيقَةً / وَقَلباً عَصى فيها الحَبيبَ المُقَرَّبا
فَلَستُ وَإِن لَيلى تَوَلَّت بِوُدِّها / وَأَصبَحَ باقي الوَصلِ مِنها تَقَضَّبا
بِمُثنٍ سِوى عُرفٍ عَلَيها وَمُشمِتٍ / وَشاةً بِها حَولي شُهُوداً وَغُيَّبا
عَلى أَنَّني لا بُدَّ أَنّي لَقائِلٌ / وَذُو البَثِّ قَوّالٌ إِذا ما تَعَتَّبا
فَلا مَرحَباً بِالشامِتينَ بِهَجرِها / وَلا زَمَنٍ أَمسى بِها قَد تَقَلَّبا
فَما زالَ بي ما ضَمَّنتِني مِنَ الجَوى / وَسُقمٍ بِهِ أَعيا عَلى مَن تَطَبَّبا
وَكَثرَةِ دَمعِ العَينِ حَتّى لَو أَنَّني / يَراني عَدُوٌّ كاشِحٌ لَتَحَوَّبا
فَذا العَرش أَنس القَلب ما عشت ذِكرها / فَفَد طالَما أَمسي إِلَيها تَحَبَّبا
فَكَم مِن مُشِتٍّ قَد جَمَعتَ بِقُدرَةٍ / وَمُجتَمِعٍ شَعَّبَتهُ فَتَشَعَّبا
تَأَوَّبني طَيفٌ بَعِيدُ التَأَوُّبِ
تَأَوَّبني طَيفٌ بَعِيدُ التَأَوُّبِ / هُدُوّاً وَلَم يَشعُر بِذَلِكَ صاحِبي
تَذَكُّرُ لَيلى إِنَّني خِلتُ ذِكرَها / يَؤُوبُ فُؤادي اللَيلَ مِن كُلِّ جانِبِ
فَقُلتُ أَقعُدَا قَد عِيلَ صَبرُ أَخيكُما / وَكَفكَفتُ دَمعَ العَينِ وَالدَمعُ غالِبي
وَقَد كُنتُ أَرجُو أَن أَييتَ بِراحَةٍ / وَلَم أَدرِ أَنَّ الطَيفَ إِن بِتُّ طالِبي
وَوَاللَهِ لا يُنكا مُحِبُّ بِمثلِها / وَإِن كانَ مَكرُوهاً فِراقُ الحَبائِبِ
وَأُشِربَ جِلدي حُبُّها وَمَشى بِهِ / تَمَشّي حُمَيّا الكَأسِ في جِلدِ شارِبِ
يَدِبُّ هَواها في عِظامي وَحُبُّها / كَما دَبَّ في المَلدُوغِ سَمُّ العَقارِبِ
تَبَدَّت لَنا يَومَ الرَحيلِ كَأَنَّها / أَحَمُّ المَآقي في نِعاجٍ الرَبائِبِ
تَكَفّا وَيَمشينَ الهُوَينا تَأَوُّداً / كَما أَنآدَ غُصنٌ بَلَّهُ ضَربُ هاضِبِ
يا لَقَومي لِطُولِ هَذا العِتاب
يا لَقَومي لِطُولِ هَذا العِتاب / وَلِصَبري عَلى الهَوى وَاِجتِنابي
مَن لَو انَّ الفُؤادَ خُيِّرَ يَوماً / بَينَهُ صادِياً وَبَينَ الشَرابِ
في سُمُومٍ يَهِمُّ مِن حَرِّها الثَو / بُ عُلى جِلدِ رَبِّهِ بِالتِهابِ
كانَ أَهوى إِلى الفُؤادِ وَأَشهى / مِن جَني النَحلِ شِيبَ صَوبَ السَحابِ
نَسَجَتهُ صَباً وَصَوبُ شَمالٍ / لَيسَ فيهِ قَذىً بِرُوسِ اللِصابِ
حالَ مِن دُونِ مُلتَقاهُ مُنِيفٌ / عارِمُ المُلتَقى أَزَلُّ الحِجابِ
وَلَقَد قُلتُ إِذ وَقَفتُ حَزِيناً / وَدُمُوعي حَثيثَةُ الإِنسِكابِ
أَيُّها القَصرُ ذُو الأَواسي وَذُو البُس / تانِ أَعلى القُصُورِ بَينَ الظِرابِ
زانَكَ اللَهُ بِالعِمارَةِ مِنهُ / وَوَقاكَ المَليكُ وَشَكَ الخَرابِ
أَعلى العَهدِ أَنتَ أَم حُلتَ بَعدي / كُلُّ شَيءٍ مَصِيرُهُ لِذَهابِ
قَد نَراهُ وَأَهلَهُ لَم يَحُلُّوا / آهِلاً مِنهُمُ خَصِيبَ الجَنابِ
لا وَرَبِّ المُكَبِّرينَ بِجَمعٍ / وَالمُنيخينَ بَعدَهُم بِالحِصابِ
لا يَحُولُ الفُؤادُ عَنكَ بِوُدٍّ / أَبَداً أَو يَحُولَ لَونُ الغُرابِ
ما ثَوى الصالِفُ الجَمُوحُ وَكانَت / بِنِطافِ العَرجَينِ حُمرُ القُبابِ
أَتانا فَلَم نَشعُر بِهِ غَيرَ أَنَّهُ
أَتانا فَلَم نَشعُر بِهِ غَيرَ أَنَّهُ / لَهُ لِحيَةٌ طالَت عَلى حُمُقِ القَلبِ
كَرايَةِ بَيطارٍ بِأَعلى حَدِيدَةٍ / إِذا نُصِبَت لَم تَكسِبِ الحَمدَ بِالنَصبِ
أَتانا عَلى سَغبٍ يَعَرِّضُ بِالقِرى / وَهَل فَوقَ قُرصٍ مِن قِرى صاحِبِ السَغبِ