القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ كَمّونة الكل
المجموع : 11
تقاصرت دون أدنى شأوك الشهب
تقاصرت دون أدنى شأوك الشهب / وشامخات العلى والمجد والرتب
وقدست ذاتك العلياء واحتجبت / عن العقول فلا يرقى لها الطلب
تروم أوصافك الآراء قاطبةً / أنى ومن دونها الأستار والحجب
فكم تعرضها قوم وما بلغوا / منها المنى وقصارى نعتهم تعب
وكم تطلبها ذو العلم فأمتنعت / عن المنال ومس الطالب اللغب
جاؤا بكل صناعات العقول فما / فازت بضائعهم بالربح فأنقلبوا
فليغضض الطرف عما ليس يدركه / وليربع القوم قد شق الذي طلبوا
تاهت بنعتك أفواه الورى فحكت / عن بعض معناك لكن فاتها الشنب
يا من تجلى لموسى في الدجى فدعا / آنست ناراً بجنب الطور تلتهب
وأنتجت مريم عيسى المسيح به / كأنما هو للروح المسيح أب
وكم على هذه من نسبة نسبت / له بحيث إليه تنتهي النسب
فيا عظيماً تدلى وهو مرتفع / ونور قدس تجلى وهو محتجب
لولا المخافة من ربي لقلت ولا / أخشى من الناس إن لاموا وإن عتبوا
أنت المدبر بل انت المقدر بل / أنت المسبب للأسباب والسبب
مولاي حسبي من الدنيا هواك وفي / الأخرى لعفوك بعد الله أرتقب
ولاك غاية آمالي ومعتمدي به / نجبت وآبائي به نجبوا
هواك ليلاي لا أبغي به بدلاً بها / رغبت وعنها معشر رغبوا
أقول صدقا وأنفاسي تصدّقني / والصب يعرب عنه الوجد والوصب
لو أنني بهوى ليلى قضيت أسىً / لم أقض لا وهواها بعض ما يجب
باتت تلوم على الهوى وتؤّنب
باتت تلوم على الهوى وتؤّنب / وحمى شجوني بالغرام محجب
برئت فأغرت بالملام ولو شكت / بعض الذي بي ضاق فيها المذهب
بطر العواذل جاهلين صبابتي / فلذا أطالوا في الملام وأطنبوا
بعد ابن فاطمة الأم على البكا / ولو أن دمعي بالدما يتصبب
بأبي قتيلا بالطفوف وقل لو / كان الفداء له نزار ويعرب
برٌ برى الهندي منه وتينه / وعلى السنان له كريم يتصب
برحٌ يعاودني إذا مثلته / والخيل تطفو بالقتام وترسبه
بادي الحشاشة باسم في موقف / وجه المنون بجانبيه مقطب
بهمُ يجليها سناً من وجهه / فرحاً يناجزه الكريهة موكب
بطل يطاعن من عزائم بأسه / لدن ويشحذ من مضاه مقضب
بهر البصائر منه جاش لم يرع / يوماً وليس من المنية يرهب
بأس تحاذره الأسود ومدرك / لم ينج منه إذا تطلع مهرب
بدرت إليه عصابة لقتاله / أو سلمه والموت من ذا أقرب
برقوا ببارقة النصول وارجفوا / من لا يزول إذا تزايل أخشب
بدرية الحقد القديم وما لهم / بسوى تراث الشرك ثار يطلب
باعوا بصائر دينهم وشروا بها / خسراً يدوم وما كذاك المكسب
بعدوا كما بعدت ثمود وإنهم / كعدّو عادٍ بل أشد وأصعب
باؤوا بقتل ابن النبي وما لهم / آبوا وعن نهج الرشاد تنكبوا
بكيّت يا يوم الحسين عيوننا / حزنا عليك فكل عينٍ تسكب
باقٍ مدى الأيام حزنك لم يبخ / وجدٌ ولا يمُ المدامع ينضب
بكر الغمام فجاد عرصة كربلا / أرضاً بها نور الهداية يغرب
بدر أقام بها أحالته الدما / شمساً بسافية الرمال تحجب
بحر يروي الواردين نميره / قد راح في أطباقها يتصبب
بالله أقسم وهي حلفة صادق / ما في إليتّها يمين يكذب
بغي أصاب ابن النبي بكربلا / أثر لما يوم السقيفة سببوا
بل أن أول من أثار عجاجها / وعج بها لحرب معقب
بطلت عتاة ناظرته لمنصبٍ / من جده وأبيه ذاك المنصب
بيت الرسالة هاكم مرثية / طوراً تنوح لكم وطوراً تندب
بكرٌ من النظم الرقيق يزفها / عبد لكم وإلى ولا كم ينسب
أعدها أخا المسرى السباسب
أعدها أخا المسرى السباسب / مهجنة من يعملات نجائب
تمزق سربال الظلام بعدوها / وتعلو بخفيها رؤوس الأهاضب
نتيجة حرف في الذميل كأنها / هبوب رياح أووميض سحائب
جسور بسير الأرحبيات تزدري / كما تزدري لينا بزين الخراعب
تشوقها السير الحثيث تشوفي / إلى قاصرات الطرف بيض الترائب
ويطربها الحادي المزمزم للسرى / كما طربت نفسي لذكر الكواعب
غداة بجرعاء الحمى من محسر / تبدين من أبراجها كالكواكب
وأرخِ لها فضل الزمام وخلها / تدوس لدى الإدلاج هام المتارب
وعرج بها يا عمرك الله قاصداً / متالع وادي الطف مأوى النوائب
وسل يا رعاك الله عني عراصها / عن السادة الأمجاد من آل غالب
كرام بهم قام الوجود وطوقوا / رقاب بني الدنيا ببذل المواهب
سجيتهم بذل النفوس وعندهم / شراب المنايا من ألذ المشارب
إذا فاضت الهيجاء خاضوا عبابها / على صهوات العاديات السلاهب
وصالوا ببيض مرهفات كأنها / بروق تجلت من خلال السحائب
فما جردت في الحرب ألا تناهبت / مضاربها أرواح أسد الكتائب
كأني بهم والجيش قد طبق الفضا / بسمر القنا والبارقات القواضب
يصولون كالأسد الضواري فينثني / لهام الأعادي هاربا اثر هارب
يذودون عن حامي الذمار ورهطه / وعن آله الأطهار شر عصائب
ولما قضوا منهم لباناتهم قضوا / وخروا لشكر الله فوق السباسب
وأضحى فريد الدهر فردا ولم يجد / له غير ماضي عزمه من مصاحب
باهلي وبي أفدي فريداً تزاحمت / عليه بنو سفيان من كل جانب
بسمر ذعاف الموت فوق صعادها / وبيض صقيلات ونصل صوائب
إذا ماسطافي مرهف الحد طأطأت / وخرت على الأذقان شوس الحرائب
يذود بغاة الغي عن خفراته / وعن هتك دين الله كل محارب
همام له من شيبة الحمد همة / لها شامخات المجد أدنى المراتب
اقطب رحى الإمكان هل لك في الوغى / وفي خوض تيار الردى من مآرب
أرى الموت عند الناس مراً مذاقه / وعندك أحلى من عناق الكواعب
نعم لك بأس من أبيك وعزمةٌ / تزيل بها لو شئت شم الأهاضب
ولكنك اخترت الوصول لرتبة الشهادة / شوقا وهي أعلى المراتب
فوافاك ما لو شئت عنك ذهابه / لكان بأمر منك أسرع ذاهب
وأمسيت رهن الحادثات وأصبحت / نساؤك يعد الصون بين الأجانب
حيارى يرددن النواح سواغباً / عطاشى فلهفي للعطاشى السواغب
ثواكل يلطمن الخدود نوادياً / فواحزني للثاكلات النوادب
ومن بينها مأوى البليات ربة / الزريات حلف الحزن المصائب
فريسة أفواه الحوادث زينب / ومنهب أنياب الردى والمخالب
تنادي وقد حف العدو برحلها / وتهتف لكن لم تجد من مجاوب
فمن مبلغ عني الرسول وحيدراً / وفاطمة الزهراء بنت الأطائب
ومن مبلغ عني القطين بيثرب / ذوي الحسب الوضاح من آل غالب
ومن مبلغ أهل البسالة من بني / نزار وأشياخاً ليوث حرائب
بأنا سبيناً والحسين عمادنا / غدا موطئا للعاديات الشوازب
سليب كسته شمأل ثوب عثير / وذا رأسه في الرمح أبلغ خاطب
وهذا ابنه السجاد أضحى مكبلاً / يكابد يا الله كبد النوائب
اتستامكم خسفاً طغام وأنتم / غياث وملجا كل عاف وهارب
ويسرى بنا نحو الشآم فلا سقت / معاهد أرض الشام جون السحائب
ونهدى إلى الطاغي يزيد نتيجة / الدعي ابن سفيان لئيم المناسب
وينكت ظلما بالقضيب مراشفاً / ترشفها المختار بين المصاحب
ولكن أمر الله قد حال بينكم / وبيني فجلت يالقومي مصائبي
على ظالميكم لعنة إثر لعنةٍ / من الله ماكرت جيوش الغياهب
فواحزني إذ لم أكن يوم كربلا / قتيلا ولم اقض هناك مآربي
فإن غبت عن يوم الحسين فلم تغب / بنو أسد أسد الهياج أقاربي
وسوف يراني الله أعلو بصارمي / مع القائم المهدي هام الكتائب
واشفي غليلي من أعادي محمد / واعطى بعون الله أقصى المطالب
ودونكم آل النبي فرائداً / من الشعر تزري بالحسان الكواكب
رجوت بها من فضلكم أمن جيرتي / ونفسي من البلوى وسوء العواقب
وإني المكنى بابن كموتة لكم / رجوت وراجي فضلكم غير خائب
فحبكم يا علة الكون مذهبي / وهذا لعمر الله خير المذاهب
عليكم سلام الله مقدار قدركم / لديه وما عدت لكم من مناقب
حدا الحادي بأينق من أحب
حدا الحادي بأينق من أحب / فها أنا بعدهم ظهري أجب
وعادتني صروف الدهر حتى / كأن بيني وبين الدهر حرب
كباجدي وما برحت جياد الجدود / بكل سامي الحزم تكبو
وبأن الصبر عنى يوم بانت / أحبائي ويوم البين صعب
أما ونجائب يحملن وقراً / وخوص في الذميل لهن خب
وعدو العاديات الغر صبحاً / تفوت العاصفات متى تهب
لأعتسفن قفرا بعد قفرٍ / ولا لزخارف العذال أصبو
لقوم طلقوا الدنيا وسارت / بهم من يثرب للطف ركب
يأمهم إمامهم وتقفو / سبيل نتيجة الأنجاب نجب
فعرس في مغاني الطف غير المسير / بهم وقام هناك حرب
وسعرت الوغى فعدت عليهم / كتائب كلها كفرٌ ونصب
ألا بأبى كراماً من لؤيٍ / أكفهم بعام الجدب سحب
يرون شراب يوم السلم مراً / وعندهم عذاب الحرب عذب
سل الهيجاء كم ولى لهامٌ / مخافتهم وحشو حساه رعب
وكم خاضوا عباب الموت شوقا / وعاموا في لظى حربٍ تشب
وكم ذلت لسطوتهم صعاب / حذاراً وانقياد الصعب صعب
وكم لسيوفهم خضعت نفوس / كأن سيوفهم للموت حزب
فكان لها وللسمر العوالي / بأفئدة الأسود الربد لعب
فكم للوحش والعقبان منها / ومن جاري الدما أكل أكلى وشرب
فحدث عن مزاياهم وكرر / وجانب ما روة عمر وكعب
إلا بأبي وغير أبى كماة / لهم عن حوزة الإسلام ذب
يذودون العدى عن هتك بيت / عليه من جلال الله حجب
ومذ وافى قضاء الله شوقا / عليهم كي ينالوا ما أحبوا
تهاووا سجداً لله شكراً / وليس على قضاء الله عتب
قضوا دون الحسين ظماً فكانوا / بحوراً لا يمر بهن نضب
فتلك جسومهم صرعى عليها / خيول أميةٍ راحت تخب
وعاد فريد خلق الله فرداً / وليس له سوى العزمات صحب
فتىً عشق الهياج فليس يثني / أعنة عزمه طعن وضرب
همامٌ أروعٌ ما صال إلا / تقاذف في قلوب القوم رعب
وولى الجمع جيشاً أثر جيش / وضاق بهم من الفلوات رحب
يكر على الجناح ولا جناحٌ / عليه وكم له في القلب قلب
وحين دعاه داعي الله لبى / ومنه إجابة الداعين دأب
فسلم للقضا وقضى عليه / فعم الكون والإمكان كرب
ولو شاء الكفاف لكف لكن / يحب كماله الباري يحب
فماد العرش والكرسي حزناً / عليه وناب كل الخلق خطب
وراح الجود ينعاه وساخت / لعمرك من هضاب المجد هضب
قضى قطب النظام فليس يبقى / هناك سوى ابنه في الكون قطب
بنفسي والورى أفدي عليلاً / يضور وحوله الأطفال سعب
يسام من العدى خسفاً فيذري / الدموع كأنما عيناه سحب
تلوذ به نساء حاسرات / تقوم لدهشة طوراً وتكبو
تكابد ما تكابد من أوام / ويؤلمها على الأكتاف ضرب
تسب وتسلب الأبيات منها / فيوجع قلبها سبٌ وسلب
يطفن بكعبة العافي وطوراً / لهنَّ على جواد الندب تدب
فتهتف بالضياغم من لويٍ / هلموا غارةً فالأمر صعب
وقولوا للزكي ومن يليه / من الفرسان يا لله هبوا
عسى تستنقذونا من عدانا / فقد راح الذيب عنا يذب
ومن كانت له الأرواح نهباً / فذاك اليوم للأعداء نهب
وتلك العاديات على قراه / إلا عقرت لها عدوٌ وخب
فمن لنجائب يحملن وقراً / يقلقها على الأقتاب قتب
يشاهدن الرؤس على العوالي / تضيء كأنها في الأفق شهب
تسيرها الطغاة إلى يزيد / وهند أمه وأبوه حرب
عليه من آله الناس لعن / ويبيل ما طرى البيداء ركب
إلى م الكوكب الدري يخفى / وتحجبه عن البصار حجب
ونتحتمل الأذى من كل رجسٍ / ويحكم في أبي الشبال كلب
ولكن عادة الأيام فيها / يقدم قاصر ويذاد ندب
إلا يا قائماً بالقسط عجل / فقد ناب الورى إذ غيت خطب
بوقت ترفع الأوغاد فيه / وأبناء الكرام به تذب
إلا يا مصدر الأكوان يا من / غدا لدوائر الكونين قطب
إليك من ابن كمونِ نظاماً / أرقَ من النسيم متى يهب
به منكم رجوت العفو عما / جنيت وإن ألاقي ما أحب
عليك مدى المدى مني سلام / وما تليت بوصف علاك كتب
أصبحت آل علي في السبا
أصبحت آل علي في السبا / أين عنها اليوم أرباب الأبا
أيمن الساعد والسيف نبا / وجواد السبط والدهر كمبا
فهوى وانقض عن صهوته / وقضى خامس أصحاب العبا
خرَّ والدين على وجه الثرى / فغدا والدين نهبا للظبا
وبرى شمرٌ طلاه فجرى / دمه حتى طلا وجه الربى
فأثار الكرب في وجه السما / عُثيرُ الرض فوارى الشهبا
ونعى الكرسي والعرش له / ومن الحزن عليه إضطرب
فكأن الفزع الأكبر قد / حلَّ والوعد دنا واقتربا
وعليه الفلك الدوَّار من / أول الدور انحنى واحدودبا
وبكاه عوض الدمع دماً / مثل جاري دمه منسكبا
والثرى لو لم يوار جسمه / لدعاه عاصف الريح هبا
يا قضاء الله والموت الذي / ما قضى الموت عليه لو أبى
وهماماً أروعاً من بأسه / لهوات الدهر غصَّت رهبا
لم يغالب مثل محتوم القضا / جمج الأقدار إلا غلبا
وفريداً أدرك الكفر به / وبنيه منتهى ما طلبا
بعد ما غص به الكون ندىً / غص ندبا وعليه انتحبا
وقتيلا بعد ما روى الظبا / قطعته بشباها إربا
وطعيناً يتلظى عطشاً / وصريعاً يتلوَّى سغبا
وخطيباً راسه فوق القنا / عنه تروي الخطباء الخطبا
وبه الرمح تهادى مرحاً / حيث جلى بسانه الغيهبا
وأعار الشمس نوراً بعدما / كسفت والبدر لمَّا غربا
بعد ما عزَّ حماه جانباً / كابد الذل وقاس النوبا
كان روح القدس لا يدخله / زائراً إلا بإذن أدبا
هتكت أرجاس حرب حجبه / ونضت عنه بنات المجتبي
أبرزت بعد الخبا حاسرةُ / أبرزت حاسرةً بعد الخبا
بين أطفال تلظى عطشا / ونساء تتلوّى سغبا
كابدت ضرباً وسباً وسبا / والردى فرقها أيدي سبا
لست أنسى في السبايا زينباً / في السبايا لست أنسى زينبا
تندب الندب اباها المرتضى / يا أبياً علمَّ الناس الآيا
أن يكن رزؤكم أبكى امرءاً / وجرى مدمعه منسكبا
فأبن كمونة ذا من رزئكم / بمجاري الدمع جاري السحبا
ماذا على النوائب
ماذا على النوائب / لو جانبت جوانبي
إلى متى تنوبني / بطارقي وصاحبي
عفَّت ربوع جيرتي / وأبعدت أقاربي
ووكلت بينهم / قوائم النجائب
فخبطت بظعنهم / أفئدة السباسب
وفرقتهم فرقا / شتى بكل جانب
فعيل صبري ووهت / لبينهم مناكبي
ما للزمان لم يزل / يعبث بالأطايب
فكم له من وقعةٍ / بغلب آل غالب
حيث الحسين قادها / شوقاً على السلاهب
لخوض تيار الردى / ومورد الحرائب
رماحهم شواجرٌ / كالشهب الثواقب
ينصب عن حرابها / سوط العذاب الواصب
من كل مغوار عن / الغارة غير راغب
في الحرب غير تآكلٍ / في لكر غير ناكب
يلوي غرار عزمه / ألوية الكتائب
يرى مشارب الردى / من أعذب المشارب
دون الحسين علة / الإيجاد ذي المناقب
حتى قضوا بجهدهم / حق الجهاد الواجب
وكابدوا على ظما / حرارة القواضب
غداة غص الرحب بالبيض / وبالقعاضُب
فعانقوها كعناق / الخرد الكواعب
فاخترق الصفوف شبل / المرتضى بالقاضب
منتهباً أرواحها / فديته من ناهب
فصوَّبت هاماتها / كصيّب السحائب
وذكر القوم أباه / مظهر العجائب
كأنما الموت لديه / لذةُ للشارب
والقوم بين عافرٍ ثاوٍ / وبين هارب
محامياً عن دينه / وآله الأطائب
وقلبه من الظما / مثل شواظ اللاهب
ضاق الفضا وأعصوصبت / عصائب النواصب
هذا ولو شاء لما / أبقى على محارب
فشفه الوجد إلى / سامية المراتب
والفوز بالزلفى من الله / الكريم الواهب
وحين حان حينه / رمي بسهم صائب
وخرَّ عنه ساجداً / مثل سجود الراهب
وفاز بالزلفى وأسنى / الفوز بالمراتب
فديته بمهجتي / ومعشري وصاحبي
شلواً تدوس صدره / سنابك السلاهب
وأبرزت نسوته / تهتف بالذوائب
أين علي المرتضى / مقهقر الكتائب
لم تلف غير زاجرٍ / يزجرها وضارب
وشاتم والدها / وشامتٍ وسالب
نوادباً واحسرتي / للحسر النوادب
يشهرن في المدن / على الجف من الركائب
وما لها من ساتر / عن أعين الأجانب
مصائب قد عظمت / فلسن كالمصائب
فلو تعيها الأرض / مارت بقوى الأخاشب
نوى ظعناً يبقي منى فالمحصبا
نوى ظعناً يبقي منى فالمحصبا / فأدنى إليه اليعملات وقربا
وفوض من بعد الأقامة راحلاً / يلف الربى بالبيدو والبيد بالربى
وجشمها شرق البلاد وغربها / إذا جاز منها سيسباً أم سبسبا
ليقضي عليها من منىً غاية المنى / فقد شاقه من شعبه ما تشعبا
وقد جنحت للخيف حتى كأنما / قوائمها نيطت بأجنحة الصبا
وأرسلها من طيه الأرض آصفا / وقد ذكرتني هدهداً جاء من سبا
وعرس كيما يستريح ركابه / بأعطانها مما عراها وأتعبا
ولما حدا الحادي وهاج أهاجها / رواقص للادلاج هجن تطربا
ووجه تلقاء المعرف وجهه / ليقضي به فرض الوقوف تقربا
ولما قضى التعريف والشمس آذنت / وقد أزف الترحال أن تتحجبا
وحيث أفاض الناس أرخى ركابه / وألوى به للمشعرين ونكبا
وضج فضج الناس كل مؤديا / من الذكر ما نص الإله وأوجبا
ومال إلى جمع الحجار ورميها / ولما رماها ساق هدياً وقربا
وطاف ببيت الله سبعاً إنابةً / إليه وصلى في المقام وعقبا
وقد أوسع الأركان عند استلامها / دموعاً فخيل السيل قد بلغ الزبى
وأكثر عند المستجار تنصلاً / إلى ربه مما أساءَ وأذنبا
وساغ إليه الورد من ماء زمزم / وأعذب بماء ورده ساغ مشربا
وللسعي بين المروتين مهرولاً / سعى وبجلباب الخضوع تجلببا
وسارع للتقصير غير مقصر / وشرق للتشريق ينحو المحصبا
ولما قضى نسكاً مناسك حجه / نحا يثرباً لا أبعد الله يثربا
بأم وقد زفت به العيس مرقداً / هو العرش بل أربى حضيضا ومنكبا
تجلى عليه الله جل جلاله / فوارى به نور التجلي وحجبا
وأوذعه صوناً حقيقة سره / وصان به علم الغيوب فغيبا
ومد رواقي ظله في رواقه / فخيم ظل الله فيه وطنبا
وغشى بما غشى أشعة نوره / حذاراً بأن يغشى العيون فتذهبا
فهذا هو المشكاة في كل وجهة / ترى منه مصباحا يضيء وكوكبا
فيا مدلج الوجناء والليل حالك / سلكت بها الأهدى إلى الرشد مذهبا
إذا ما ترآى سفح أعلام يثرب / ولاح لديها مسجد الفتح من قبا
ترجل فما الوادي المقدس بالذي / يضاهي وإن حاز التقدس يثربا
وأنى يضاهي مرقداً ضم علةً / بها كل معلول من الله سببا
حوى من إليه الله أدناه رفعةً / وقربه من قاب قوسين أقربا
وأوحى إليه ما أراد بخلقهذ / فبلغ ما أوحى إليه وأعربا
فهذا زعيم الرسل والرسل نبَّؤٌ / عن الله ما يملي عليها من النبا
هو المصدر الفياض والفيض صادر / بامداده ينهل للخلق صيبا
صفا فاصطفاه ذو الجلال لنفسه / ونزهه من كل ريبٍ وهذبا
فليس لذي لبٍ سبيل لنعته / وإن صعَّد الفكر السليم وصوبا
فعفر بمثواه جبينك مدركاً / من المجد أنهى ما تمنيت مطلبا
وبث لديه ما جرى يوم كربلا / فبالحشران قايسته كان أصعبا
أمستنزل الأقدار هلا جلبتها / وفاجأت قوماً أغضبوا الله مغضبا
وهلا بعثت الرسل تترى كتائبا / لمن حاد عن نص الكتاب وكذبا
وهلا ندبت الغلب فتيان غالبٍ / ونبهت فرسان الملاحم يعربا
وهلا يخيل الله طلاب وتره / ملأت فجاج الأرض شرقاً ومغربا
لتدرك ثارات الحسين فقد قضى / ظماً وقضت أبناؤه الغر سغبا
برغم العلى فوق العوالي رؤوسهم / تعلى وفي أجسامهم تعبث الصبا
وقد هتكت حجب الجلال وأبرزت / بناتك من حجب الجلالة للسبا
أبيح حماها ما استكانت ولم تجد / حميماً فيحميها ولم تر مهربا
وأعظم ما يشجي الغيور سفورها / وأعظم منه أن تسب وتسلبا
فيالحريمٍ قد أتبيح وحرمة / أبى الله إلا أن تصان وتحجبا
لعمرك ما الصبر الجميل بهتكها / جميل لدى أهل الحمية والابا
ومن زينب عز البتول بولدها / وعز عليها أن تراهم وزينبا
وناد بنادٍ في البقيع لثارها / بني مضر والسادة الغلب تغلبا
وجعجع بها شعث النواصي ضوابحاً / فسلهبةً صبحاً تسابق سلهبا
تقل رجالاً من لوي سيوفها / لادراك ثار الله مشحوذة الشها
جرى جريها حتم القضا وسيوفها / جرت جريها الأقدار ضربا ومضربا
كأن علياً في الحروب أعارها / ثباتا وغضباً بالقراع مجربا
قيم بها مغناه فهو زعيمها / ومفزعها إن ناب دهر وارعيا
وفاخر ملوك الأرض حول ضريحه / طوافاً وأملاك السماء تأدبا
وقل يا عظيماً عظم الله شأنه / فعبر في فرقانه عنه بالنبا
ويا فتنى الله التي فتن الورى / بها وبها اذرا خبيثا وطيبا
ويا لوحه المحفوظ والقلم الذى / به أثبت الله القضاء ورتبا
وآيته الكبرى وفرقانه الذي / على حفظه حث الأنام ورغبا
إليك أمير المؤمنين شكايةً / تغص شجامها وتنقض مغضبا
ويوشك أن تنبث حزنا لبثها / المهاد وأحرى أن تسيخ وتقلبا
أبا حسن أضحى الحسين مجدلاً / تريب المحيان بالدماء مخضبا
صريعاً تحاماه الأسود مهابةً / وتعدو عليه الأعوجيات شزبا
عجبت وما فكرت إلا وزادني / قعودك عن ثار الحسين تعجبا
قعدت ولم تنهض ولا زلت قائماً / بأعباء ما أعي القرون وأتعبا
ولم تبرح المثوى كأن مصابه / أصار فقار الظهر منك محدبا
وأجج في أحشائك النار كلما / خبت زادها ما ذاب منك تلهبا
وصعد أقذاءً لعينيك عن دم / فأوشك أن يجري مع الدمع صيبا
فما زالت الدنيا وأنت مليكها / تنوبك إن أعرضت عنها تجنبا
وكنت لحلم الله بالصبر مظهراً / وعن بطشه بالبطش لا زلت معربا
فقلبك أعي أن يراع فما الذي / عراه فأعياه أرتياعاً وقلبا
وسيفك لو حكمته في نفوسها / لأسكنها دار البوار وماصبا
أضعتم سرايا شيبة الحمد حمدكم / وبالضيم بوءتم إن عدلتم عن الإبا
متى أبصر الدنيا وقد غص رحبها / سروراً وتغر الدين يفتر أشنبا
أسأت إلى نفسي وأذنبت واثقاً / بصفكم عمن أساء وأذنبا
فأنتم أمام الخائفين ولم أكن / وإن ساء فعلي خائفاً مترقبا
كفاني حسين شافعاً ومشفعاً / وخدمته حسبي فخاراً ومنصبا
أقول إذا ما قست ذنبي بعفوه / ألا إنني في تركه كنت مذنبا
رجت جوانبها اضطرابا
رجت جوانبها اضطرابا / لتسيخ بالدنيا انقلابا
جاس المصاب خلالها / لتزول وانتسف الهضابا
بل هز أرجاء الثرى / فأثار للفلك الترابا
فالشمس والقمر المنير / بمستثار النقع غابا
يا ليتها ساخت وليت / جبالها كانت سرابا
فلقد قضى رب القضا / وأجل من للشرع نابا
حكم حباه ربه / حكما وأورثه الكتابا
ومناقباً لا تستطيع / إلى الحساب لها حسابا
ومحدث أعيا الخطيب / وفيصل فصل الخطابا
وعباب فضلٍ قد أفاض / بكل ناحيةٍ عبابا
صلحت به الدنيا وطاب / العيش فيه حيث طابا
وتشوقت للقائه / الأخرى فحث لها الركابا
متبوءاً دار السلام / لأنها حسنت مآبا
طلب القصور الساميات / فنال أقصاها طلابا
من للمسائل بعده / إذ لم يحر بأحد جوابا
من ذا لخافية العلوم / مبين باباً فبابا
من ذا لخافية العلوم / مبين باباً فبابا
من ذا إذا لد الخصام / يعرف الناس الصوابا
رام الجنان فنالهن / وزاده الله الثوابا
متسربلا وهو الحري / من الحرير بها ثيابا
بمصابه عزِ الورى / إذ لا ترى إلا مصابا
ونواظر إنسانها / قذفته دمعاً حيث ذابا
قرت به ومن الوفاء / بأن تصب له انصبابا
لو سامه غير القضا / نهض الرجال له غضابا
ولطبقوا رحبَ الفلا / حرباً وغص بهم حرابا
لكنه القدر المذل / من الجبابرة الرقابا
يا عيلم العلم الذي / ساغت موارده شرابا
فجرتها فجرت عيوناً / بعد أن كانت صلابا
يا هل درى سهم الردى / لما أصابك من أصابا
أصمى فؤاد الدين فيك / وطبق الدنيا مصابا
فنعاك مشرقها وحن / وغص مغربها انتحابا
يفتى الورى وجميل ذِك / رِك خالدٌ يأبى الذهابا
يا بحر قد قذف الجوا / هر للنواظر ثم غابا
يا أمنع الدنيا حمىً / وأعزَّ من فيها جنابا
يا طود مجدٍ بعدما / أرسى جبال المجد ذابا
شمخت مناكبه علىً / وسمت جوانبه السحابا
لله رزؤك لم يدع / لقلوبنا إلا اكتئآبا
لو مر في شرخ الشباب / بنا لفارقنا الشبابا
سلب الرجال شعورها / ومن النسا سلب الحجابا
وتخلل الصم الصعاب / فصدع الصم الصعابا
لو يجدي في البين العتا / بُ لكنت أوقره عتابا
ولكنت أنبت النوا / ئب حيث نابت من أنابا
لكن رأيت الإحتمال / لما عرا أوفى ثوابا
فوكلت لله الأمور / وقلت صبراً واحتسابا
لا تحسبنَّ السبط بقد شط عن
لا تحسبنَّ السبط بقد شط عن / ورد وريديه الفرات العباب
لكنه أمسك عن ورده / حين رآه مورداً للكلاب
أباه لما كدَّرت صفوه / معاشرٌ باءت بسوء العذاب
أمارةٌ خالك من قبل ذا
أمارةٌ خالك من قبل ذا / قد كان من أكبر أربابها
وألآن أولاك بها نامق / لعلمه أنك أولى بها
مالي أرى الخسف عرى بدر السما
مالي أرى الخسف عرى بدر السما / في شهر ذي الحجة حتى احتجبا
وعاد من بعد الكمال ناقصاً / وفي المحاق نوره قد ذهبا
كأنه درى وليت لا درى / أن المحرم الحرام اقتربا
فحزنه أنحله فكلما هل / يهل ناحلاً محدودبا
يلطم بالكف الخضيب وجهه / أسىً علىخامس أصحاب العبا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025