القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 32
برقُ الحِمى لاحَ مُجتازاً على الكثُب
برقُ الحِمى لاحَ مُجتازاً على الكثُب / وَراحَ يَسحبُ أَذيالاً مِن السُحبِ
أَضاءَ وَاللَيلُ قد مُدَّت غياهبُه / فاِنجابَ عَن لهبٍ يَذكو وعن ذَهبِ
فَما تحدَّرَ دَمعُ المزنِ من فَرَقٍ / حتّى تبسَّم ثغرُ الرَوضِ من طربِ
وَغَنَّت الورقُ في الأَفنان مُطربةً / وَهَزَّت الريحُ أَعطافاً من القُضبِ
وَالصبحُ خيَّم في الآفاق عَسكرُهُ / وَاللَيلُ أَزمعَ من خَوفٍ على الهَربِ
فَقُلتُ للصَحب قوموا للصَبوح بنا / يا طيبَ مُصطَبح فيه وَمُصطَحَبِ
واِستَضحكوا الدَهر عَن لَهوٍ فقد ضحكت / كأَسُ المُدامة عَن ثَغرٍ من الحَبَبِ
فَقام يَسعى بها الساقي مُشَعشَعةً / كأَنَّها حَلَبُ العُتّاب لا العِنَبِ
حَمراءُ تسطعُ نوراً في زجاجَتها / كالشَمسِ في البَدر تَجلو ظُلمة الكُربِ
وَراحَ يثني قَواماً زانَه هَيَفٌ / بمعطفٍ من قضيب البانِ مُقتَضَبِ
في فتيةٍ يَتَجلّى بينهم مَرَحاً / كأَنَّه البَدرُ بين الأَنجم الشُهبِ
مُهفهفُ القدِّ مَعسولُ اللَمى ثَمِلٌ / يَتيهُ بالحُسنِ من عُجب ومن عَجَبِ
لا يَمزجُ الكأسَ الّا من مَراشفِه / فاِطرب لما شِئتَ من خمرٍ ومن ضَرَبِ
قَد أَمكنت فُرَصُ اللذّات فاِقضِ بها / ما فاتَ منك وَبادر نُهزَةَ الغَلَبِ
واِغنَم زمانَكَ ما صَافاكَ مُنتهِباً / أَيّامَ صَفوِكَ نَهباً من يَدِ النوَبِ
ولا تَشُب مَورِداً للأنس فزتَ به / بِذكرِ ما قَد قَضى في سالف الحُقبِ
أَنَّ الزَمانَ على الحالينِ مُنقلِبٌ / وَهَل رأَيتَ زَماناً غَيرَ مُنقلِبِ
وإنَّما المَرءُ مَن وفَّته همَّتُهُ / حظَّيهِ في الدَهرِ مِن جِدٍّ ومن لَعبِ
كَم قلَّبتني اللَيالي في تصرُّفها / فَكُنتُ قُرَّةَ عَينِ الفَضلِ والأَدبِ
تَزيدُني نوبُ الأَيّام مكرُمةً / كأَنَّني الذَهبُ الإبريز في اللَهبِ
لا أَستَريبُ بعينِ الحقِّ أَدفعُه / ولا أُرابُ بغَين الشَكِّ والريبِ
لَقَد طَلبتُ العُلى حتّى اِنتهيتُ إِلى / ما لا يُنالُ فَكانَت مُنتهى أَرَبي
حسبي من الشَرف العليا أَرومَتهُ / أَن أَنتَمي لِنظام الدين في حَسبي
هَذا أَبي حين يُعزى سيِّدٌ لأبٍ / هَيهات ما لِلوَرى يا دَهرُ مثل أَبي
قُطبٌ عليه رَحى العَلياء دائِرَةٌ / وَهَل تَدورُ الرَحى الّا عَلى القُطُبِ
كاللَيثِ والغَيثِ في عَزمٍ وفي كَرَمٍ / وَالزَهرِ والدَهرِ في بِشر وفي غَضَبِ
مُملَّكٌ تَهَبُ الآلافَ راحتُه / فَكَم أَغاثَت بجَدواها من التَعَبِ
أَضحَت به الهِندُ للأَلبابِ سالبةً / كأَنَّها هِندُ ذاتُ الدلِّ والشَنَبِ
مولىً إِذا حَلَّ مُحتاجٌ بساحتِه / أَغناهُ نائلهُ عَن وابِلٍ سَرِبِ
تَرى مَدى الدَهر من أفضاله عجباً / فَنَحنُ كُلَّ شهورِ الدَهر في رَجَبِ
رَقى مِن الذِروة العَلياءِ شامخَها / وحلَّ مِن هاشِمٍ في أَرفَع الرُتَبِ
حامي الحَقيقةِ مِن قَومٍ نوالهُمُ / يَسعى الى مُعتقيه سَعي مُكتسِبِ
الباسمُ الثَغرِ والأَبصارُ خاشعةٌ / والحَرب تُعولُ والفُرسانُ بالحَرَبِ
يَقومُ في حَومة الهَيجاءِ مُنفرداً / يَومَ الكِفاح مَقام العَسكر اللَجِبِ
لَو قابَلته أُسودُ الغاب مُشبلةً / لأَدبرَت نادِماتٍ كَيفَ لم تَغِبِ
يَفنى المَقالُ وَلا تَفنى مدائحهُ / نظماً ونثراً من الأَشعار والخُطَبِ
لا زالَ غَوثاً لِمَلهوفٍ ومُعتَصماً / لخائِفٍ وَنجاةَ الهالِكِ العَطِبِ
ما رَنَّحت نَسماتُ الريح غصنَ رُبىً / وأومضَ البَرقُ مُجتازاً على الكُثُبِ
أَفي كلِّ يَومٍ للأَمانيِّ تَكذيبُ
أَفي كلِّ يَومٍ للأَمانيِّ تَكذيبُ / وَلِلدَهر تَصعيدٌ علينا وتَصويبُ
إِلامَ اِنقيادي للزَمان تَروعُني / لَهُ كلَّ يوم مُزعجاتٌ أَساليبُ
أَفي الحَقِّ أَن أَصدى وفي القَلب غُلَّةٌ / يَشبُّ لها بين الجوانح ألهوبُ
وَيُصبح مَن دوني نَقيعاً أوامُهُ / يَسوغُ له عذبُ الموارد أثعوبُ
أَروحُ وَأَغدو تَقتَضيني نَجاحَها / أَمانيُّ نَفسٍ كلُّهنَّ أَكاذيبُ
عَتبتُ عَلى دَهري وما الدَهرُ مُعتِباً / ولكنَّ عجزاً اِنتظارٌ وَتأنيبُ
وَقَد ساءَني بين المَهانة والعُلى / مقامي على حال لها الجأشُ مرعوبُ
فأَمّا عُلا لا يُلحَقُ الدَهرَ شأوها / وإِمّا خمولاً فهو في الحقِّ مَرغوبُ
طُبِعتُ على ما لَو تكلَّفتُ غيرَه / غُلبتُ وقد قيل التكلُّفُ مَغلوبُ
أَيوقفُني صَرفُ الزَمان ضَراعةً / وَما الخُطو مقصورٌ ولا القيدُ مكروبُ
إِذاً لا نَمت كفّي إِليَّ مهنَّدي / ولا قرَّبت بي المقرباتُ اليعابيبُ
وَكُلُّ طِمِرٍّ فائتِ الشأوِ سابقٍ / له في موامي البيد عدوٌ وتَقريبُ
عَلامَ ولا سُدَّت عليَّ مَذاهبي / ولا عاقَني تَرغيبُ أَمرٍ وتَرهيبُ
إِذا أَقعدَتني الحادِثاتُ أَقامَني / لنيل العُلى عزمٌ وحَزمٌ وتَجريبُ
وإِن أَنا جُبتُ البيدَ في طَلَبِ العُلى / فكم جابها قَبلي كِرامٌ وما عيبوا
وما ذاتُ نشرٍ قد تضاحك نَورُها / ومن دونه فَرعُ السِماكين مَجذوبُ
وَما عذرُ من يَرجو من الدَهر سلمهُ / وقد أَمكنتهُ المرهَفاتُ القراضيبُ
لَقَد آن أَن يَصفو من العزِّ مَوردي / فينجحَ مأمولٌ وَيَرتاحَ مَكروبُ
أَنِفتُ لمثلي أَن يُرى وهو والهٌ / وما أَنا مِمَّن تَزدَهيهِ الأَطاريبُ
أَبيتُ فَلا يَغشى جنابيَ طارِقٌ / كأَنّي ضَنينٌ من نواليَ محجوبُ
أَبى ليَ مَجدي والفتوَّةُ والنُهى / وهمَّةُ نفسٍ أَنتجتها المناجيبُ
وَقَد عَلمت قَومي وما بي غباوَةٌ / بأَنّي لنَيل المكرُمات لمخطوبُ
وَهَذا أَبي لا الظَنُّ فيه مخيَّبٌ / ولا المجد متعوسٌ ولا الرأي مكذوبُ
له من صَميم المَجدِ أَرفَعُ رتبةٍ / ومن هاشِمٍ نهجٌ إِلى الفَخرِ مَلحوبُ
وَهَل هو الّا دَوحةٌ قد تفرَّعت / فُكُنتُ لها غُصناً نَمَته الأَنابيبُ
وما ذاتُ نشرٍ قد تضاحك نَورُها / وهلَّ بها من مَدمَع المزنِ شؤبوبُ
تُغانُ لها ريحُ الصَبا إن تنفَّست / وَللشمس تَفضيضٌ عليها وتَذهيبُ
يُنافِسُ ريّاها من المِسكِ صائِكٌ / ومن نفحات المَندل الرَطب مَشبوبُ
بأَعبقَ نشراً من لَطيمةِ خلقِه / إِذا فُضَّ عنها من مَكارمه طيبُ
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ أَمضى على العِدى / من العَضب حدّاً وهو أَبيضُ مَذروبُ
تُريكَ زُؤامَ المَوتِ لحظةُ بأسهِ / وَماءُ الحَيا من جود كفَّيه أسكوبُ
هُوَ الأَبلَجُ الوضّاحُ فوقَ جبينه / ضياءٌ من النور الإِلهيِّ مَكتوبُ
حفيٌّ بإِكرام النَزيل إذا أَوى / إلى سوحه آواه أَهلٌ وتَرحيبُ
فَتىً ثقُلت أَيدي نداه على الطُلى / فأَطَّت كَما أَطَّت لأعبائها النيبُ
أَقام عمادَ الملك بعد اِزوِراره / فأَمسى له نصٌّ لديه وتطنيبُ
أَتِربَ المَعالي والعَوالي وربَّها / ومن ضاق في عَلياه وصفٌ وَتَلقيبُ
شكوتُك حالاً قد أَتاحَت ليَ الجوى / فهل أَنت مُشكٍ أَم لحظّيَ تتبيبُ
أعيذك أَن أمسي وفي النَفس حاجةٌ / ومن دون ما أَرجوهُ همٌّ وتَعذيبُ
أَراني لقىً لا يَرهبُ الدهرَ سطوتي / عدوٌّ وَلا يَرجو نَواليَ محبوبُ
فحاشاكَ أَن تَرضى لشِبلكَ أَن يُرى / وقد نشبت للدهر فيه مخاليبُ
وَعدتُ رَجائي منكَ أنجحَ مِنحةٍ / وأَنّيَ إِن لم أَوفِ وعدي لَعرقوبُ
فَها أَنا قد وجَّهتُ نحوكَ مطلبي / وأَغلبُ ظنّي أَن سَينجحُ مَطلوبُ
سَقياً لمَثناةِ الحجاز وطيبها
سَقياً لمَثناةِ الحجاز وطيبها / ولسوحِ رَوضَتِها وَسفح كثيبها
وَظِلالِ دوحٍ في شَريعتها الَّتي / تَنسابُ بين مَسيلها ومَسيبِها
وَرياضِ بَحرتها الَّتي فاقَت عَلى / كلِّ الرِياض بحسنِها وَبطيبها
يَنفي الوَبا عن مائِها وهوائِها / وَترابِها ما صَحَّ من تَركيبها
لِلَّه عقوتُها الَّتي نالَت بِها / نَفسي من اللَذّات كُلَّ نصيبها
كَم بِتُّ فيها ساحباً ذيلَ الصِبا / أَختالُ بين رَبابِها ورَبيبها
وَيكفُّني حلمُ الحِجا حتّى إِذا / دَبَّت حُميّا الكأسِ بعض دَبيبها
مزَّقتُ جلبابَ الوَقار بصبوَةٍ / ما زالَ دَهري مُعجَباً بعجيبها
واهاً لَها مِن لَيلَةٍ لم يأَلُ لَو / نُ سُلافها الذَهبيّ في تذهيبِها
كَم شنَّفت كأَساً بدُرِّ حَبابها / بل كم شفت نفساً بِقُرب حبيبها
يا ساقيَ الراح الشهيَّة هاتِها / وأَرح براحَتها فؤادَ كئيبها
قرِّب كؤوسَك لا نأَيتَ فَلا غِنىً / إِن رمتَ بُعدَ الهَمِّ من تقريبها
أَدِم اِصطِباحاً واغتِباقاً شربَها / فالأُنسُ مَوقوفٌ على شَرِّيبها
صِفها بأَحسنِ وصفِها ونُعوتها / واِختَر لها الأَلقابَ في تَلقيبها
حَمراءُ تسطعُ في الكؤوس كأَنَّها / ياقوتَةٌ ذابَت بكفِّ مُذيبها
صَرفت همومَ الشاربين بِصِرفها / واِفترَّ ثَغرُ الكأس من تَقطيبها
لو لَم يكن في الرَوض مغرسُ كرمها / ما رجَّعت ورقاءُ في تَطريبها
دعتِ العقولَ إِلى الذُهول فَلَم يفز / بجوامعِ اللذّات غَيرُ مُجيبها
وَمليحةٍ قد أَشبَهت شَمسَ الضُحى / في الحُسنِ عندَ طلوعها ومَغيبها
تَبدو فتختطِفُ العيونَ مضيئةً / بِشروقها وَتَغيبُ في غِربيبها
شبَّت فَشَبَّت في الحشا نارُ الأَسى / فقصرتُ أَشعاري على تشبيبها
ناسبتُها وَنَسَبتُ في شِعري بها / فاِعجب لحُسن نَسيبها لنَسيبها
ومنَ العجائب أَنَّ جمرةَ خدِّها / تَذكو فيشكو القَلبُ حرَّ لهيبها
ما زالَ منذُ فقدتها وَصَبي بها / يَقضي بصبِّ مدامعي وصَبيبها
ما ساغَ موردُ وَصلها لي ساعةً / الّا أَغصَّتني بعين رَقيبِها
باللَّه ربِّكم اِسمَعوا أَشرَح لكمِ / في الحُبِّ أَحوالي على تَرتيبها
أَبصَرتُها فعشقتُها فطلبتُها / فمُنِعتُها فَقَضيتُ من كلفي بها
يا عاذِلي ما رمتَ راحةَ مُهجتي / مِن وجدها بل زدتَ في تعذيبها
لا تكثرن نُصحي فتلكَ نصائحٌ / يَكفيكَ صدقُ هوايَ في تكذيبها
ما هُنَّ غَيرُ وساوسٍ تهذي بها / عندي وإن بالغتَ في تَهذيبها
هَيهات يَسلو بالمَلامة مغرَمٌ / يَزدادُ فَرطُ هواهُ من تأنيبها
وَيَرى السلوَّ مصيبةً من بعدما / رشقته نبلُ لحاظِها بمصيبها
ما زِلتُ أَنتخبُ القَريضَ لوصفها / وَلمدح مُنتخَب العُلى ونجيبها
مُولي المَعارِف والعوارفِ والنَدى / وَعريفِ ساداتِ الهُدى وَنَقيبها
إِن عُدَّت الأَنسابُ فهو نسيبُها / وَحسيبُها المَشهور واِبنُ حسيبها
حازَ الفخارَ بِنسبةٍ نبويَّةٍ / هي في غنىً عن بُردها وقضيبها
وَروى مُعنعنَ مجده بروايةٍ / جَلَّت عن ابن قَرينها وقَريبها
ندبٌ إِذا اِفتُرِعَت منابرُ مِدحةٍ / كانَت مناقبه لسانَ خَطيبها
وَإِذا المَجالسُ بالصدور تَزاحمَت / فَحسينُها الحسنيُّ صَدرُ رَحيبها
هو كَعبةُ الفَضلِ الَّتي يَهوي لَها / من أُمَّة الفُضلاءِ قَلبُ مُنيبها
ذَلَّت وأَذعَنتِ الأباةُ لمجدِهِ / إِذعانَ هائبها لبأس مهيبها
يا أَيُّها الشَهمُ الَّذي سَبقَ الوَرى / بِبَعيدِ غاياتِ العُلى وَقَريبها
جُزتَ السَماءَ بمُرتَقىً قد قصَّرت / عن أَن تَنالَ عُلاه كفُّ خَضيبها
وَحويتَ إِبّانَ الشَباب مَفاخراً / لم يحوِها شيبٌ أَوانَ مَشيبها
لِلَّه دَرُّكَ من جَواد ماجِدٍ / ضحِكت به الآمالُ بعد نَحيبها
وإِليكها غَرّاءَ تستلبُ النُهى / بأَوانسِ الأَلفاظِ دونَ غَريبها
وافتكَ تشرحُ شوقَ نَفسي عندما / حنَّت إلى لُقياكَ حَنَّة نيبِها
قايس بها الأَشعارَ في حُسنٍ تجد / شعرَ المحبِّ يَفوقُ شِعرَ حَبيبِها
واِسلم ودُم في نعمةٍ طولَ المدى / تَختالُ من أَبرادِها بقَشيبها
ما رنَّحت ريحُ الصبا زهرَ الرُبى / أَو غرَّدت وَرقاءُ فوقَ قضيبها
يا بالِغاً من بَلاغَةِ العربِ
يا بالِغاً من بَلاغَةِ العربِ / أَقصى الأَماني ومُنتهى الأَربِ
وَيا بَليغاً حوَت بلاغتهُ / دُرَّ المَعاني وجَوهر الأَدبِ
وَيا إِماماً سَمت فصاحتُه / قيساً وَقُسّاً في الشعر والخُطبِ
ما الراحُ في صَفوها ورقَّتِها / مفترَّةً عن مَباسِم الحَبَبِ
وَلا العَروسُ الكعابُ ضاحكةً / تبسمُ عن لؤلؤٍ من الشَنبِ
أَشهى وأَبهى من نظم قافيَةٍ / أَهدَيتَها للمحبِّ من كثَبِ
أَفادَت النَفسَ من مَسرَّتِها / ما لَم تُفدهُ سُلافةُ العِنبِ
أَلبستَها نظمكَ البَديعَ وَقَد / وافت بليلٍ عِقداً من الشُهبِ
فبتُّ منها في نَشوةٍ عجَبٍ / مُغتَبِقاً للسرورِ والطَربِ
وَفزتُ منها بوصلِ غانيَةٍ / ترفلُ في حُلَّة من الذَهبِ
فأَيُّ قَلبٍ لم تولهِ طَرباً / وأَيُّ عَقلٍ دَعتهُ لم يُجبِ
ضمَّنتَها العذرَ فاِستلبتَ بها / فُنونَ همٍّ من قَلبِ مُكتئِبِ
إن لم تُجب دَعوَتي فأنتَ فَتىً / يَملأ دلوَ الرِضا إلى الكَربِ
سبحانَ مُوليكَ فِطرةَ اللَعب / بالنَظم والنَثر أَيّما لَعبِ
دمتَ من العيش في بُلَهنيةٍ / تجرُّ أَذيالها مَدى الحِقَبِ
نَفَحَتنا بنشرها المُستَطابِ
نَفَحَتنا بنشرها المُستَطابِ / مُعرباً عَن دُعائها المستَجابِ
كَلِماتٌ كأَنَّها اللؤلؤُ المَك / نونُ أَسلاكُها سطورُ الكِتابِ
نظمتها قَريحةٌ لإِمامٍ / سَيِّدٍ ناطِقٍ بفصل الخِطابِ
هُوَ في الزُهدِ والعِبادَةِ فَردٌ / وهو في الفَضل جامعُ الآدابِ
خَطبَ الدينَ والزَهادةَ طِفلاً / وأَبانَ الدُنيا زَمانَ الشَبابِ
وَرأى ما عَلى التُراب اِحتقاراً / مِن مَتاعِ الغُرور مثلَ التُرابِ
واِقتَفى إِثرَ جَدِّه وأَبيه / سالِكاً مَنهجَ الهُدى والصَوابِ
يا أَجلَّ الوَرى لديَّ ثَناءً / وأَعزَّ الأَصحاب والأَحبابِ
لَكَ عِندي مودَّةٌ أَحكمَتها / يَدُ صِدقٍ وثيقةُ الأَسبابِ
فَبِما شِئتَ فاِختبرني فإنّي / عَبدُ ودٍّ لمن يودُّ جَنابي
واِبسط العذرَ في الجَواب فقد قا / بلتُ شَمسَ الضحى بِضَوءِ التُرابِ
حرَّكتني أَناملُ العزِّ للشَّع / رِ وَهيهاتَ أَينَ منها جَوابي
فَجوابي شِعرٌ وشعرُكَ سِرٌّ / حار في دَركه أُولو الأَلبابِ
أَنتَ تُملي من عالَمِ الغَيبِ إِلها / ماً وَشِعري من عالم الأَسبابِ
غير أَنّ الإخلاص أَوجبَ ما أَو / جَبَ منّي في رَفع هَذا الحِجابِ
فاِلحظَنّي بنظرةٍ منك في السِر / رِ تَقيني من كُربةٍ واِكتِئابِ
واِبقَ واِسلم ممتَّعاً بنَعيمٍ / ساحِباً ذيله لَدى الأَحبابِ
ما بَينَ قَلبي وَبرقِ المُنحنى نَسبُ
ما بَينَ قَلبي وَبرقِ المُنحنى نَسبُ / كِلاهُما من سَعير الوَجد يَلتَهِبُ
قَلبي لِما فاته من وصل فاتِنِه / وَالبَرقُ إِذ فاتَه من ثغره الشَنَبُ
بَدرٌ أَغارَ بُدورَ التمِّ حين بَدا / لَيلاً تحفُّ به من عقده الشُهبُ
مُهفهفٌ إِن ثَنى عِطفاً على كَفَلٍ / أَثنَت عَلى قَدِّه الأَغصانُ والكثُبُ
قَضى هَواهُ على العُشّاق أَنَّ له / سَلبَ القُلوبِ الَّتي في حُبِّه تَجِبُ
راقَت لعينيَ إِذ رقَّت محاسنُهُ / وَراقَ لي في هَواهُ الوَجدُ والوصَبُ
فالجَفنُ بالسُهد أَمسى وهو مكتحلٌ / وَالدَمعُ أَصبحَ يَجري وهو مُختَضِبُ
ظَبيٌ من العُرب تَحميه محاسنُهُ / عمَّن يؤَمِّلُه وَالسمرُ والقُضبُ
لكنَّه ما رَعى في الحُبِّ لي ذِمماً / وَكَم رعت ذِمماً في حيِّها العربُ
لَو لَم يكن بالحمى الشرقيِّ منزلُهُ / ما هزَّني للحمى شَوقٌ ولا طَربُ
لا زالَ صَوبُ الحَيا يُحيي معاهدَه / وَتسحبُ الذيلَ في أَرجائها السُحُبُ
معاهدٌ نِلتُ فيها مُنتهى أَرَبي / وَلَيسَ لي في سِوى مَن حَلَّها أَربُ
أَيّامَ غصنُ شَبابي يانعٌ نَضِرٌ / وَالعمرُ غضٌّ وأَثوابُ الصبا قُشُبُ
أَصبو إِلى كُلِّ بَدرٍ طَوقُه أفقٌ / وَكُلِّ شَمسٍ لها من ضوئِها حُجُبُ
أَستودُع اللَه غزلاناً بذي سَلَم / بانَت بهنَّ دواعي البَينِ والنوَبُ
شَكَوتُ جورَ النَوى من بعدها وشكت / وَكُنتُ لم أَدرِ ما الشَكوى ولا العَتَبُ
يا راحِلاً بِفؤادي وهو قاطنُهُ / وَساكِناً بِضُلوعي وهيَ تَضطَرِبُ
قطعتَ حبلَ الوَفا من غير ما سَبَبٍ / فَهَل إِلى الوَصل من بعد الجَفا سَبَبُ
أَمّا النفوسُ فَقَد ذابَت عليك أَسىً / وهيَ الَّتي من مَجاري الدَمعِ تَنسَكِبُ
فإِن سلبتَ الَّذي أَبقيتَ من رَمَقٍ / أَحييتها ولك المَسلوبُ وَالسَلبُ
وإِن قضيتَ بأَن تَقضي على كمَدٍ / فإِنَّها في سَبيل اللَه تُحتَسبُ
لَمَعَت لَيلاً فَقالوا لَهبُ
لَمَعَت لَيلاً فَقالوا لَهبُ / وَصفَت لَناً فَقالوا ذهبُ
وإِذا اِندَفَقَت من دَنِّها / في الدُجى قالوا طِرازٌ مُذهَبُ
قَهوَةٌ رقَّت فَلَولا كأسُها / لم يشاهد جرمَها يَشرَبُ
وَتراها في يَدِ الساعي بها / كَوكَباً يَسعى بها لي كَوكَبُ
أَلبسَتها الكأسُ طوقاً ذَهَباً / وَحباها باللآلي الحَبَبُ
عجِبوا من نورها إذ أَشرقَت / وَشَذاها من سَناها أَعجَبُ
بنتُ كَرمٍ كرُمَت أَوصافُها / أَيُّ بنتٍ قام عنها العِنبُ
أَرأَيتَ بين المأزِمين كواعبا
أَرأَيتَ بين المأزِمين كواعبا / أَسفرنَ أَقماراً ولُحنَ كواكِبا
رنَّحنَ من أَعطافِهنَّ ذوابلاً / وَنَضَونَ من أَجفانهنَّ قواضِبا
وَغَدونَ يَمنحنَ العيونَ مواهِباً / حُسناً ويَسبينَ القُلوبَ نواهِبا
ما رحنَ في كِلَل الجَلال غوارِباً / حتّى أرينَ من الجَمال غَرائِبا
من كُلِّ واضحةِ الجَبين كأَنَّها / قَمَرٌ يُنيرُ مِن الفُروع غياهبا
تَختالُ من مَرح الشَبيبةِ والصِبا / فَتُعيدُ فَودَ أَخي الشَبيبةِ شائِبا
فاقَت عَلى أَترابِها لَمّا جَلَت / تَحتَ العُقود مَع النُهودِ ترائبا
لا تَعجَبوا لتهتُّكي فيها وقد / أَبدَت من الحُسن البَديع عَجائبا
تَرنو لواحظُها فَيفري طرفُها / عَن حَدِّه المسنونِ قَلبي الواجِبا
فحَذارِ من تِلكَ اللِحاظِ فإنَّها / أَمضى من البيض الرِقاق مَضاربا
ما زالَ دَمعُ العين منّي صائِبا / وَجداً وَسَهمُ العينِ منها صائبا
وَصَبا بِها قَلبي فَراقَ لَهُ الهوى / عَذباً وَلَم يَرَه عَذاباً واصِبا
وتزيدُني ظمأً مَواردُ حُبِّها / وَلَقَد وردتُ من الغَرام مَشارِبا
لَم أَصحُ قطُّ وَكَيفَ يَصحو في الهَوى / مَن راحَ مِن راحِ المحبَّة شارِبا
لَم تَرضَ لي أَنّي أَهيمُ بحُسنِها / حتّى هَجَرتُ أَحبَّةً وَحَبائِبا
أَدنو فيُقصيني جَفاها راهِباً / منها وتُدنيني الصَبابَةُ راغِبا
يا صاحبي إِن كنتَ غيرَ مُلائمي / فَدَع المَلامَة لي عِدمتُكَ صاحِبا
لي مَذهَبٌ فيما أَراهُ وقد أَرى / لِلناسِ فيما يَعشَقون مذاهِبا
قسماً بصدقِ هوايَ وهو أَليَّةٌ / يُلفى لدَيها كُلُّ واشٍ كاذِبا
لَو أَنَّني أَفنَيتُ فيها مُهجَتي / وَقَضَيتُ نَحبي ما قَضيتُ الواجِبا
خَليليَّ خطبُ الحبِّ أَيسرُهُ صَعبُ
خَليليَّ خطبُ الحبِّ أَيسرُهُ صَعبُ / وَلكن عَذابُ المُستهام به عَذبُ
وَما أنسَ لا أَنسى وُقوفي صَبيحةً / وقد أَقبلت يَقتادُها الشَوقُ والحبُّ
فَتاةٌ هي البدرُ المُنيرُ إذا بَدَت / وَلكنَّ لا شَرقٌ حَواها ولا غَربُ
مُنعّمةٌ رؤدٌ لها الشَمسُ ضَرَّةٌ / وَغُصن النَقا ندٌّ وظبيُ الفَلا تِربُ
فَوافَت تُناجيني بعتبٍ هو المُنى / وَلَيسَ يلَذُّ الحبُّ ما لَم يكن عَتبُ
فَما زلتُ أُبدي العُذرَ أَسأَلُها الرِضا / وَقَد علمت لو أَنصفَت لمن الذَنبُ
إِلى أَن طوَت نشرَ العِتاب وأَقبلت / تبسَّمُ عن ثَغرٍ هو اللؤلؤُ الرَطبُ
فعاطيتُها كأسَ الحَديثِ وَبَيننا / حِجابُ عَفافٍ عنده تُرفَعُ الحُجبُ
فظلَّت بها سَكرى وَرُحتُ كأَنَّني / أَخو نَشوَةٍ بالراحِ لَيسَ لَهُ لبُّ
فَواللَهِ ما صِرفُ المُدامِ بِفاعِلٍ / بنا فعلَها يَوماً ولَو أَدمنَ الشِربُ
وَقَفتُ أُجيلُ الطَرفَ في روضِ حُسنها / وَيَمنَعُني من طَرفها مُرهَفٌ عَضبُ
وَما برحَت تُصبي فؤادي وهل فَتىً / تغازلُه تِلكَ اللِحاظ ولا يَصبو
وَراحَت تُريحُ القَلبَ من زَفَراتِهِ / بطيب حَديثٍ عنده يَقِفُ الرَكبُ
فَما راعَها الّا سُقوطُ قِناعِها / وطُرَّتُها في كَفِّ ريح الصَبا نَهبُ
هُنالكَ أَبصرتُ المُنى كَيفَ تُجتَنى / وَكَيفَ يَنال القَلبُ ما أَمَّل القَلبُ
فَلِلَّه يَومٌ ساعَفَتنا بِهِ المُنى / وَطابَ لَنا فيه التواصلُ والقُربُ
أَيُّ ذَنبٍ في هَواكم أَذنَبه
أَيُّ ذَنبٍ في هَواكم أَذنَبه / مغرَمٌ لم يقضِ منكم أَربَه
أَوجبَ البينُ له فَرطَ الأَسى / بجفاكم يا تُرى ما أَوجبَه
لَيسَ نُكراً بكُمُ إِعجابُهُ / من رأَى شَيئاً عَجيباً أَعجبَه
لا تَلوموه إِذا هامَ بكم / وَصَبا شَوقاً وأَبدى وَصَبَه
ما أَلَذَّ الوَجدَ في حبِّكُمُ / وَعَذابي فيكُمُ ما أَعذبَه
يا نزولَ الخَيفِ ما ضَرَّكمُ / لَو وَصَلتم من قَطعتُم سَبَبه
مُستهامٌ خانَه الصَبرُ فمذ / بعُدت أَظعانُكم ما قَربَه
كُلَّما لاحَ بَريقٌ شاقَه / وإذا هبَّ نَسيمٌ أَطرَبَه
منذُ أَقصَتهُ النَوى عن داركم / ما أَساغَ الدَهرُ يَوماً مَشرَبَه
وإذا رامَ هُجوعاً طَرفه / هزَّه الشَوقُ إليكم فاِنتَبَه
وَبشرقيَّ الحِمى من ضارِجٍ / بَدرُ حُسنٍ منه في البدر شَبَه
أَضرَم الأَحشاء وَجداً وأَسىً / وَسَبى العَقلَ غَراماً وَسَبَه
أَسمَرٌ لو غالبَ اللَيلُ به / هاجمَ الصُبح عليه غَلبَه
لا يَرى في الحُبِّ عتباً وإذا / عتبَ الصبُّ دَلالاً أَعتَبَه
مزجَ الدلَّ بأَعراض الجَفا / وَحَكى الإِدلالُ منه غضبَه
فإذا رام محبٌّ عتبَهُ / خَفي الأَمرُ عليه واِشتبَه
الصُبحُ وَاللَيلُ وَشَمسُ الضُحى
الصُبحُ وَاللَيلُ وَشَمسُ الضُحى / وَالزَهرُ والدُرُّ وَلينُ القضيب
في الفَرقِ والطُرَّة والوَجهِ وال / خدَّين والثغرِ وقدِّ الحَبيب
وَخودٍ تُحاولُ وَصلي وَقَد
وَخودٍ تُحاولُ وَصلي وَقَد / أَضاعَت حُقوقي وَمَلَّت جنابي
فَقُلتُ سَتَلقَين منّي الوِصال / إذا شِبتُ أَو عاد عصر الشَبابِ
لِلَّه من والهٍ عانٍ بأسرَتهِ
لِلَّه من والهٍ عانٍ بأسرَتهِ / ومن محبٍّ غدا يبكيه محبوبُ
كأَنَّه يُوسفٌ في السِجن مُضطَهداً / وكُلُّ ذي خِلَّة في الحيِّ يَعقوبُ
قَد طَلَعَ البَدرُ في كواكبهِ
قَد طَلَعَ البَدرُ في كواكبهِ / كالمَلك يختالُ في مواكِبهِ
وَاللَيلُ يَسعى به إِلى أَمَدٍ / كالطرفِ يَستنُّ تَحتَ راكِبهِ
لا تَجزعنَّ إذا نابَتكَ نائبةٌ
لا تَجزعنَّ إذا نابَتكَ نائبةٌ / ولا تضيقنَّ في خَطبٍ إذا نابا
ما يُغلق اللَه باباً دونَ قارعةٍ / إلّا وَيَفتَحُ بالتَيسير أَبوابا
لا تَحسب الراح أَورثَت يَدهُ
لا تَحسب الراح أَورثَت يَدهُ / من سوئِها رعشَةً لها اِضطربا
لكنَّه لا يَزالُ يَلمسُها / فالكفُّ تهتزُّ دائماً طَرَبا
وَلَو أَنَّني أَسعى لنفسي وجدتني
وَلَو أَنَّني أَسعى لنفسي وجدتني / قَليلَ المَساعي للَّذي أَنا كاسبُه
وَكُنتُ إذا حاوَلتُ في الدهر مطلباً / كَثير التأنّي في الَّذي أَنا طالبُه
وَلَكِنَّني أَسعى لأَنفع صاحبي / على أَنَّ هَذا الدَهرَ أَعيَت مذاهبُه
وإن أَنا لا أَسعى له خفتُ عارَه / وَشبعُ الفَتى عارٌ إذا جاعَ صاحبُه
قَد حالَ ما بيني وَبَينَ مآربي
قَد حالَ ما بيني وَبَينَ مآربي / سُخطي تحمُّلَ منَّةٍ من واهِبِ
لَو كُنتُ أَرضى بالخضوع لمطلبٍ / ما اِستصعَبت يَوماً عليَّ مطالبي
خيَّرتُ نَفسي بَينَ عزِّ المكتفي / بِأَقلِّ ما يَكفي وَذُلِّ الراغبِ
فتخيَّرت عزَّ القَنوع وأَنشدَت / دَعني فَلَيسَ الذلُّ ضَربةَ لازِبِ
لا فَرقَ ما بَينَ المَنيَّة والمُنى / إِن نالَ من عِرضي لِسانُ الثالبِ
إنّي لأَسغبُ والمَطاعِمُ جمَّةٌ / حذراً وخوفاً من مقالةِ عائِبِ
أَصدى ولا أَرِدُ الزُلالَ المُشتَهى / ما لَم ترُق مِمّا يَشينُ مَشاربي
وَعلى اِحتمالي للفَوادِح أَنَّني / ليروعُني هَجرُ الحَبيب العاتبِ
وَيشوقُني ذِكرُ الصَبابة والصِبا / وَيَروقُني حُسنُ الرداح الكاعِبِ
لا تَملكُ الأَعداءُ فضلَ مقادَتي / وَيقودُني ما شاءَ ودُّ الصاحِبِ
إِنّي لأَعذُبُ في مذاقِ أَحبَّتي / وَعدايَ منّي في عَذابٍ واصبِ
وَمَتى يَظُنُّ بي الصَديقُ تملُّقاً / لَم يَلقَني إلّا بظنٍّ كاذِبِ
وإذا رأى منّي الحضورَ لرغبةٍ / أَولَيتُهُ ودَّ الصديق الغائبِ
سيّان عندي مَن أَحَبَّ ومَن قَلى / إِن غضَّ طَرفاً عَن رِعاية جانبي
جرَّبتُ أَبناءَ الزَمان فَلَم أَجِد / من لم تُفدني الزُهدَ فيه تَجاربي
ورحلتي المُشتَهاةُ تُزري
ورحلتي المُشتَهاةُ تُزري / بالرَوضِ عند الفَتى الأَريبِ
فإن تغرَّبتَ فاِصطَحبها / فإنَّها سَلوةُ الغَريبِ
أَسعفَت ذاتُ الرضاب السَلسَبيل
أَسعفَت ذاتُ الرضاب السَلسَبيل / مغرماً قد طالَ نحبُه
وَأَغاثَت من لُقاها بالجَميل / فصفا زادُه وشربُه
وَشفَت صبّاً بها مضنىً عَليل / دمعُه ما كفّ غربُه
ما عَلى عاني هواها من سَبيل / إِن صَبا أَوهام قَلبُه
عادَ عيدُ الوصل من بعد البِعاد / وَبدت أَقمارُ سَعدي
وَقَضت ذاتُ اللَمى حقَّ الوداد / بعدَ إِعراض وصدِّ
وأَنالَت صبّها أَقصى المراد / ووفَت بالوصل وعدي
فسلوّي عَن هَواها مستحيل / لا تقل قد بان كذبُه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025