القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 116
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى
تَبارك حسن لَيلى إن لَيلى / كعابٌ شعرها الذهب المذابُ
عيون تفتن الألبابَ سودٌ / ووجه منه يندفق الشباب
لَقَد أَرسلت عَن بعد كتاباً / إلى لَيلى فَما رجع الجواب
فَما أَدري أَليلى لَم ترد أَن / تجيب عليه أَم ضاع الكِتاب
وَلَم أَر مثل لَيلى في حَياتي / فَتاة لا يمل لها جناب
يريد الحسن من لَيلى سفوراً / فيدفن ذلك الحسن الحِجاب
تلاقينا فَطالَ لدى التَلاقي / عَلى طول النوى منا العتاب
ما إِن يزول عَن الشعب الهياج وإن
ما إِن يزول عَن الشعب الهياج وإن / زالَ الَّذي كانَ في إحداثه السببا
إلا إذا سكنت أَعصاب بنيته / مَع الزَمان الَّذي يستأصل الغَضبا
كَما تغادر وجه البحر زوبعة / له تثير وَيَبقى البحر مضطربا
ابنَتي قد تَرَعرَعَت فَهيَ تلعبْ
ابنَتي قد تَرَعرَعَت فَهيَ تلعبْ / كطلىً في جنبي وَتأتي وَتذهبْ
تتنزى من النشاط أَمامي / فَهي تحكي حَمامةً تتقلب
وَهيَ مثل الغَزال تشدو وَرائي / ببغام له فؤادي يطرب
خفة تطرب النفوس وَصوت / يستَبي حسنُه العقول وَينهب
وَعيون تَرنو العيون إليها / شاخصات ووجنة تتلهب
وَرواء في الخد منها جَميل / فهو ماء مصفق لَيسَ ينضب
تلع الجيد فوق قدٍّ رَشيقٍ / زانه الشعر مرسلاً يتذبذب
وإذا ما مشت مَعي في طَريق / سأَلتني عَن كل شيء وَمطلب
ابنتي هذه خلاصة نَفسي / فَهي مني مثل الحَياة وأَطيَب
رب صنها حتى تَكون فَتاة / ثم أمّاً تَرعى ابنها ليُهذَّب
كل الَّذين عَن المواطن غابوا
كل الَّذين عَن المواطن غابوا / يا أم إلا أحمداً قد آبوا
يا أم قد جاءَ البَريد ولَم يجئ / من أَحمَدٍ يا أم بعد كتاب
أَخبرته يا أم في كتبي له / أني مرضت فَلَم يوافِ جواب
يا أم إن بقاءَ أحمد غائباً / للصبر مني والعزاء غياب
يا أم في قلبي اضطراب ماله / يا أم عن قلبي الشقيِّ ذهاب
يا أم مثلي وَالزَمان أمضّني / يا أم لَيسَ عَلى البكاء يعاب
ما كانَ ظني أن أَحمد مزمع / عني رَحيلاً لَيسَ منه مآب
يا أم إني اليوم صرت بأَحمدٍ / بعد الوثوق بعهده أرتاب
قالَت لَها الأم الشَفيقة خولة / ما كل ظنّ يا سعاد صواب
أَسعاد أَنت مريضة وأَخاف أن / تزداد فيك من الأسى الأوصاب
لا تَتْهميه بالسلو فَربما / عاقته في أَسفاره أَسباب
قَد يوقف الإنسان عَن منويِّه / ما لَيسَ قبلاً يَحتَويه حساب
لي من تأخر كتبه عنا نعم / عجب إذا فكرت فيه عجاب
لكن ذلك قَد يَكون لباعث / ظني بكشف غطائه كذاب
وَلننتظر يومين بعد فربما / تأتي لنا بحديثه الأصحاب
إنَّ الحَقيقَة عند ذلك تَنجَلي / فَيَزول عنا هَذا الاستغراب
زارَت سعاداً في المَساء صَديقةٌ / للدمع فوق خدودها تسكاب
قالَت لَها ما لي أَراك كَئيبةً / أَرَبابُ ماذا تَعلَمين رباب
لِم أَنت ساكتةٌ بربك أَخبري / هَل عض أَحمدَ للحَوادِث ناب
لا تَكتمي عني مغبة أَحمَدٍ / أَلَهُ بسوءٍ يا رباب أَصابوا
ماذا سمعت تحدثي فَقَد اِلتَوت / مني لأجل بكائك الأعصاب
قالَت عزاءَك يا سعاد تجلدي / فَلَقَد تقوَّض للرجاء قباب
إن اللصوص أَتوا بليلٍ أَحمداً / واِغتاله طمع لهم غلاب
قَد جاءَ في هَذا لِزَوجي قاسم / من صاحبٍ هَذا الصباح كتاب
أَخذت سعاداً رجفة عَصبية / من هول ما سمعت وَضاع صواب
فكأنما نبأُ الفَجيعَة جذوةٌ / وَكأَنَّما إِخبارها إِلهاب
من بعد ما اِحترقت بها اِنقضَّتْ كما / ينقضُّ من كبد السماء شهاب
وَتقلَّبت فوق التراب كأنها / حملٌ تعجَّل ذبحَهُ القصّاب
سقطت وَقَد خطف الرزية لونها / فكأنها فوق التراب تراب
رفعت إليها الأم واطئَ رأسها / وغدت تسائلها وليس تجاب
ثم اِرعوَت من بعد ساعة غيبةٍ / تَبكي كأن عيونها ميزاب
وَتَقول يا أم استبد بحكمه / فيَّ القضاء فَلي عليه عتاب
يا موت إنك أَنت حلو فاِقترب / إنَّ الحَياة من المرارة صاب
يا موت غيري إن يَهبَك فإنني / أنا لا أهابك والحياة أهاب
أمنيتي قد صرت من أمنيتي / أمنيتي أنَّ الحَياة عذاب
يا أم قد أَتَت الحتوف تزورني / أَهلاً وَسهلاً أَيُّها الأحباب
يا أم منها استوهبي لي مهلة / يا أم حتى ترجع الغياب
يا أم إن هناك أحمد يَبتَغي / عوداً إِليَّ ودونه الأبواب
ما تلك أَبوابٌ فَقَد حققتها / بل إنها بين الطَريق هضاب
وكأَنَّما في كل قمة هضبة / يا أم من تلك الهضاب غراب
غربان بينٍ في الروابي وُقَّعٍ / منها يدوّي في الفلا التنعاب
وأَرى الطَريق أمام أَحمد واضحاً / لكن عليه يا سلام ذئاب
يا رب عونك فالذئاب تلوح لي / مثل اللصوص وَفي الأكف حراب
يا أحمد اثبت في مكانك باسلاً / لا يوهننّك منهم الإرهاب
كن حيث أنت وَلا تخف ستجيء من / قبل الحكومة ذادةٌ أنجاب
تأتي لخفرك بعد عشر دقائق / منهم كهولٌ لا تني وَشباب
درء الحكومة عَن رعيتها الأذى / متحتِّم وَلَها الحماية داب
وَسيقبضون عَلى اللصوص وَتَنتَحي / بهمُ السجون وإن ذاك عقاب
وَتَعود مخفوراً إِليَّ مشيعاً / فيُقرُّ هذي العين منك إِياب
يا أم قَد هَجموا عليه بجمعهم / في مرة وَالهاجمون صعاب
يا أم وهو مدافع عَن نفسه / يا أم ما إن أحمدٌ هيّاب
شرعت حراب الهاجمين تنوشه / لِلَّه أحشاءٌ هناك تصاب
قَد خرَّ من أَلم الجراح لجنبه / وَتلطخت بدمائه الأثواب
قَتَلوا حليلي أمسكوهم إنهم / فروا إلى تلك الشعاب وَغابوا
قَتَلوه وَيلي ثم وَيلي غيلة / والقاتِلون أسافلٌ أَذناب
أين الحكومة أين أين رجالها / ناموا وَنوم أولي الحراسة عاب
أخذت تسليها هنالك خولةٌ / وَسحاب همّ سعادَ لا ينجاب
حتىّ قَضَت حزناً وذلك بعدما / عبثت بناعم جسمها الأوصاب
فتبوأت جدثاً به نامَت سقى / جدثاً به نامَت سعاد سحاب
كانَت كعاباً في غضير شبابها / لو أخَّر الموتَ الزؤامَ شباب
لَهفي وَلهف بني عدنان قاطبةً
لَهفي وَلهف بني عدنان قاطبةً / عَلى الشَفيق عَلى إخوانه العرب
يساق وَهوَ محاط بالحراب كَما / تحاط من جانبيها العين بالهدب
عجبت من حرد السفاك حين رأى / أَذياله خضلات بالدم السرب
ما لوث الدم عمداً ذيل سافكه / حتىَ يقال جريء غير ذي أَدَب
ليست الحرب غير نار تشبُّ
ليست الحرب غير نار تشبُّ / حيث يَشقى شعبٌ وَيسعد شعبُ
إنها قبل أن تشب لظاها / عاصفٌ بين أُمتين تهب
لَقَد كنت في درب ببغداد ماشياً
لَقَد كنت في درب ببغداد ماشياً / وَبَغداد فيها للمشاة دروبُ
فَصادَفَت شيخاً قد حنى الدهر ظهرَه / له فوق مستن الطَريق دَبيبُ
عليه ثياب رثة غير أنها / نظاف فَلَم تدنس لهن جيوبُ
تدلّ غضونٌ في وَسيع جبينه / عَلى أنه بين الشيوخ كَئيبُ
يَسير الهُوَينا وَالجماهير خلفه / يسبونه وَالشيخ لَيسَ يجيبُ
له وقفة يقوى بها ثم شهقة / تكادَ لها نفس الشَفيق تذوبُ
فَساءَلت من هَذا فَقالَ مجاوب / هوَ الحق جاءَ اليوم فهو غَريبُ
فجئت إليه ناصراً ومؤازراً / وَدَمعي لإشفاقي عليه صَبيبُ
وَقلت له إنا غَريبان ههنا / وكل غَريب للغريب نَسيبُ
أترى أَفزع الغزالة ذيبُ
أترى أَفزع الغزالة ذيبُ / فَهي تَسعى شَريدة وَتغيبُ
وقد اصفر وجهها كفتاة / قلبها من وشك الفراق كَئيب
أَم أَتَت نصف دورةٍ هَذه الأر / ض دَنا فيه من ذكاء غروب
وَعَلاها السحاب فاحمرَّ منها / إذ توارَت ذوائِبٌ وَجيوب
صاح ما هذه الدماء أراها / بعيوني أَفي السماء حروب
أَم ترى في يد الطَبيعة لوحاً / نظر الروح نحوه مجلوب
تقف العين عنده وَهي حيرى / يستبيها جماله المحبوب
حار في وصفه الأديب فَلا يَع / لم ماذا عَسى يَقول الأديب
وانظر البر إن مشهده بع / دَ غروبٍ لها شجيٌّ مهيب
بقر الحي من مراتعها تر / جع في مشية خطاها قَريب
وَقَطيع الأغنام من وجهة الشر / قِ إلى جانب الخيام يؤوب
وَصغار الحملان مَربوطة تص / بو إِلى أمّهاتها وَتَلوب
تسمع الأمهات وَهي إليها / مسرعات بغامها فَتُجيب
مشهد للغروب في البر شاج / فَتَكاد القلوب منه تَذوب
مشهد يعجز المصوِّرُ وَالشا / عرُ عَن رسمه وَيعيا الخَطيب
أَمّا المُصاب فإنه جلل
أَمّا المُصاب فإنه جلل / قد سيء منه الترك وَالعربُ
بكت العيون عَلى شَبيبَته / وَبَكى عليه العلم والأدب
إني لأَسمع صوت معولة / في اللَيل أَحشائي له تجب
هَل أُمُّه أَخذت بمصرعه / خبراً يقيناً فَهي تنتحب
طلب الخَطيب لَها محاكمة / نعم الخطاب وَحبذا الطلب
فإذا الجواب عَلى مسائله / هُوَ موته هَذا هُوَ العجب
حر تكلم غير ملتفت / سخطوا هناك عليه أَم جلبوا
بعد السؤال أَتَت مَنيته / فكأَنَّ ذاكَ لهذه سبب
إن صح ما قد شاع يومئذٍ / فلأَنتَ آخر من به نكبوا
الموت لما جد علمني / أن الحياة جَميعها لعب
وَلَقَد أَثار الطائشون وغى / كثرت بها الوَيلات وَالنوَبُ
وَتَسارَعوا في خوض غمرتها / وَبَدا لهم وَهْيٌ فما رأَبوا
متسابقين لجر مغنمها / وَالغاية القُصوى هيَ الذَهَب
لا تنتظر لعصابة رشداً / فيهم تَساوى الرأس وَالذَنب
لما رأوا أن الوجوه عنت / ركبوا الغُرور وَبئسما رَكِبوا
حتى إذا اِنكشفت حقيقتها / وَرأوا نتائج جهلهم هَرَبوا
إذا فتح القوم المعادون لي قَلبي
إذا فتح القوم المعادون لي قَلبي / رأوه سَليماً لَيسَ فيه سوى الحبِّ
وَما أَنا مِمَّن يحمل الحقدَ قلبهم / فيجزونَ من قد آثروا الثلب بالثلب
أُريد نزوحاً عَن أُناس برحلتي / لألقى بَعيداً عَن مطاعنهم نحبي
وَما أَنا من صدق لهم متألم / ولكن من البهتان وَالزور وَالكذب
وَلست عَلى أَهل العداء بعاتب / وَلكن عَلى الأصحاب وحدهم عتبي
عداي وَصحبي قد أَرادوا إهانَتي / عفا اللَه رَبي عَن عداي وعن صحبي
وَيحزنني أني عَن الدار نازح / عَلى أَن بعد الدار خير من القرب
عَلى أَن بعد الدار لَيسَ بِنافع / إذا دامَ أعدائي يلجّون في سبي
سوى أنني في البعد لا أَسمع الخنى / ليأذى به سمعي وَيأسى له قَلبي
سَكَتنا حين ذمونا وَعابوا
سَكَتنا حين ذمونا وَعابوا / وإن سكوتنا عنهم جوابُ
وَهَل ضَرر عَلى قمر تسامى / إذا نبحت عَلى القمر الكلاب
أَرى عند الَّذي يأَتي اِنتقاداً / إذا كثر الحجى قلّ السباب
أَرى ناساً لهم دون البَرايا / وجوه حين تَلقاها صلاب
إذا ما الصدق أَعوزهم لقدح / فإن سلاحهم فيه الكذاب
سطا نفر عَلى آداب قوم / كذاك تعيث في اللَيل الذئاب
كَثير من يعاديني فيؤذي / وأَكثر من يعاديني الصحاب
وأَما الشاتِمون لغير شيء / فَلي من أَمرهم عجبٌ عجاب
لَقَد ساءَلت لَو أَجدى سؤالي / وَقَد عاتبت لَو نفع العتاب
وَما ذَنبي إليهم غير أني / إذا خاطبتهم صدق الخطاب
وَلست بمن يداجي مستبداً / تذل له من الناس الرقاب
وَكَم من فارغ يَطفو لنفخ / بمارنه كَما يَطفو الحباب
إذا ما ضاقَ بي يوماً مَكان / فإن مسالكي عنه رحاب
وَهَل يَحلو مَقامي في بلاد / تساوى الرأس فيها وَالذناب
وَلَيسَ تعوقني عَن أَرض مصر / إذا يممتها الطرق الصعاب
وإني إن ذهبت أُريد مصراً / فَلَيسَ يضر بغداد الذهاب
سَأَرحَل جاعلاً بغداد خَلفي / فَما عَيشي بها إلا عَذاب
وَما زالَت من الأعداء فيها / موجهة إلى صَدري الحراب
مناي هيَ الَّتي قد خادَعَتني / فَقَد لمعت كَما لمع السراب
وَلا أَرجو السَعادة بعد شيبي / فقد ذهبت كَما ذهب الشباب
وإن قَضَت السياسة لي سقوطاً / فَكَم ينقض في ليل شهاب
ذببت عَن العراق وَعن بنيه / وَلَم يكُ لي سوى الإصلاح داب
وَعلمتُ الشباب فكان منهم / جزائي أَن يحقِّرني الشَباب
وَرب صَنيعة نفعت أُناساً / فكانَ لغير فاعلها الثواب
أَقول لمن يداهنني وجاهاً / وَيثلبني إذا كانَ الغياب
بنيت القول حين أَفضَت فيه / عَلى جهل فأَخطأك الصواب
حذار من العباب فلا تخضه / مخافة أَن يطوحك العباب
لعمر أَبيك ما الوطن المفدى / بيوت للمقام وَلا تراب
بل الوطن العَزيز مثار ذكرى / لأجداد ثووا فيه وَغابوا
وَفي شَيخوخَتي سأَسير منه / وإن الشيخ ليسَ له مآب
تَجلو المَكاتِبُ كالكواكِبْ
تَجلو المَكاتِبُ كالكواكِبْ / ما لِلجَهالة من غياهبْ
كل الهداية وَالسنى / عند الكواكب وَالمكاتب
تَفشو الأشعة منهما / ملء المشارق وَالمغارب
إن المكاتِب عند قو / م مرتق لمن المآرب
هن المناهل للرجا / ل عَلى اختلاف في المشارب
وَهَل البلاد إذا خلت / منهن إلا كالخرائب
ما كانَ توجبه الحضا / رة فهو من أسنى المواجب
يا قوم إعداد المكا / تبِ فوق إعداد الكتائب
هذي مغذية النفو / س وَتلك مجلبة المعاطب
إن الكتاب هو المعل / لمُ وَالمسلي وَالمصاحب
أَوراقه في عين عش / شاق الهدى بيض كواعب
لا تَرتَقي بغداد إل / لا إن تكاثرت المكاتب
وإذا خلت منها فإن / نَ خلوها إحدى المصائب
أكبر بحاجتها إلى / إنشاء مكتبة تناسب
العلم نور بين أي / دي المرء في كل المطالب
وَالجهل أشبه بالظلا / م يحفه من كل جانب
العلم للحسنات يم / طر مثل هاطلة السحائب
العلم يعفى المرء في ال / أعمال من ثقل المتاعب
في العلم تَخفيف لما / يَعرو الحياة من النوائب
في العلم توسيع لأب / واب التجارة وَالمكاسب
في العلم إصلاح المفا / سد وَالعَقائد وَالمذاهب
لَيسَ الحَياة سوى وغىً / وَالناس مغلوب وَغالِب
وَالعلم في هَذا الجِها / د هُوَ السلاح لمن يحارب
بالعلم طار المرء حت / تى مر من بين السحائب
بالعلم قد تم اتصا / ل للمشارق بالمغارب
بالعلم صار يكلم ال / إنسان آخر وَهوَ عازب
بالعلم أَضحى الناس يط / وون البحار مَع السباسب
العلم في الدنيا أبٌ / زاك وأمٌّ للعجائب
أَنا لا أوفِّي ذكر ما / للعلم من غرر المناقب
الناس عندهم الشمو / س وَعندنا نور الحباحب
هاتوا لنا الأعمال إن / نَ القول يخلب أَو يؤارب
حتام تغتر العرو / بة بالأمانيِّ الكواذب
إن أَبطأت شمس الرقي / يِ فإنَّ فجر الشعب كاذب
يا قوم مرتبة العلو / م تفوق باقية المراتب
يا قوم إن العلم بال / إجماع محمود العواقب
يا قوم إن العلم يح / صل بالتعلم وَالتجارب
يا قَوم إن الجهل في / ذا العصر من أَخزى المعايب
يا قوم إن العلم ثمّ / العلم ثم العلم واجب
رأَيت السيف قد ملك الشعوبا
رأَيت السيف قد ملك الشعوبا / ولم أَر أَنَّه ملك القلوبا
رأَيت له محاسن فائقات / كما أني رأَيت له عيوبا
رأَيت الحقد بعد السيف يبقى / بمكمنه فينتظر الوثوبا
متى ما مسَّ حرَّ الوجه سيفٌ / رأَيت مكانه منه خضيبا
وإن له جروحاً مبقيات / إذا التأمت بصاحبها ندوبا
إذا ما السيف سل بغير حق / فأحرِ به هنالك أَن يخيبا
وكل حكومة بالسيف تقضي / فإن أَمامها يوماً عَصيبا
وليس يدوم للأعلين عز / وإن لكل طالعة غروبا
إذا رجع الخصوم إلى التقاضي / فإن السيف أَكبرهم ذنوبا
بعد ما اِرتَقى الأدبُ
بعد ما اِرتَقى الأدبُ / قد ترقت العربُ
إنه لنهضتها / وحده هو السبب
ثم بعد أن نهضوا / برهة قد اِنقَلبوا
قد مشوا بليلتهم / فاِعتَراهم التعب
يومَ في الحكومة لم / يفعَلوا كما يجب
إن في العراق لَنا / ساً ونوا وما دأبوا
ليس تستحق حَيا / ةً جماعةٌ خشب
أُمَّة قد اِنتهَجَت / منهجاً به العطب
لَم يكن لها وزر / لم يكن لها نشب
لَم يكن لها عَلم / ثم عسكر لجب
العَليم محتقر / والجهولَ منتخب
معشر إذا وعدوا / في كلامهم كذبوا
أَو إذا بدا وهن / من أخ لهم وثبوا
باعهم طماعيةً / واشتراهم الذهب
ما لهم سوى لقب / يحرزونه أرب
إن أتى الهوان فَلا / كان ذلك اللقب
يا لأمة نزلت / في عراصها النوب
ما رأت كفاضحة / مثل هذه الحقب
إنهم قد ارتكبو / ها وبئسما ارتكبوا
الحجى أَراد هدى / ما على الحجى عتب
غير أنهم بطروا / ثم للهَوى غُلبوا
كل ما أَلم بهم / بعض ما قد اكتَسبوا
لَيسَ مجدياً ندمٌ / بعد ما دَنا العطب
ليت قومنا غضبوا / يوم ينفع الغضب
ما أَرى لهم رشداً / سالموا أو احتربوا
أَلحَريق حين بدا / محدقاً بهم جلبوا
قل لثلة صخبت / ليس ينفع الصخب
لا يفيدهم لغط / بعد ما طما اللهب
ناره مؤججة / إنها ستقترب
قد رأوا بأعينهم / أنهم لها حطب
الرجال باكية / والنساء تنتحب
فتنة بها احترق ال / قوم بعد ما اِضطَربوا
ما نجا لشقوتهم / نبعهم ولا الغَرب
في العراق ما نكبت / أمة كَما نكبوا
إن العدالة ويك اليوم في الطلبِ
إن العدالة ويك اليوم في الطلبِ / يا ظلم فاِستخف أَو فالجأ إلى الهربِ
قد كانَت العين قبل اليوم باكية / من الأسى وهي تَبكي اليوم من طرب
البرق أَهدى لنا بشرى بها هدأت / أرواحنا بعد طول الخوف والرهب
بشرى كَما تَبتَغي الآمال صادقة / أجلها الناس من قاص ومقترب
لَقَد أَقر لعمري أَعيناً سخنت / ما ناله فئة الأحرار من أَرب
صاحت لفرحة هذا العيد أفئدة / كانت تئن من الإرزاء والنوبِ
صاحت سروراً وكانت قبل فرحتها / تدعو على كربها بالويل والحرب
العدل في الناس برد الصبح ينفحها / والظلم في الناس مثل النار في الحطب
بدا وكلُّ قوى الآمال تتبعه / كأنه قائد في عسكرٍ لجب
يا عدل سيفك محمود صرامته / في حده الحد بين الجد واللعب
جرده من غمده يا عدل مقتدراً / واحكم به بين مغصوب ومغتصب
يعود منك إلى بغداد شوكتها / مما مضى عهده في سالف الحقب
نعم يعود إليها كل ما فقدت / من دولة العلم والعرفان والأدب
كم قد تعبنا ولم نظفر بحاجتنا / واليوم فزنا بها من غير ما تعب
مرت علينا ليالٍ قد حكت حقباً / بعداً لها من ليال هن كالحقب
سود غرابيب ما في جوّها قمر / ولا على أفقها لمعٌ من الشهب
لها سماءٌ تهاب العين رؤيتها / لما على وجهها الداجي من السحب
ما كنت أحسبها واليأس معذرة / تبدي صباحاً ينير الكون في العقب
أبدت نعم ليَ فجراً صادقاً سطعت / أنواره ليس بالموهوم والكذب
أمي بما نلت من حرية فرحت / وإنها وطني المحبوب إي وأبي
يا أَيُّها الناس إن العدل غانية / فتانة الوجه والعينين واللبب
في نحرها ماسة كالنجم ساطعة / وفوق مفرقها تاج من الذهب
تالله قد سلبت لبِّي غداة بدت / هيفاء ترفل في أثوابها القُشب
أَخال ليلى وَلَيلى العدل قد رضيت / عن المحبين بعد السخط والغضب
أمَّلتُ بالأمس عن بعدٍ زيارتها / فواصلت فوق ما أمَّلتُ عن كثب
أظنها رقّ منها القلب فانعطفت / لما رأَت ما لدمعي أمسِ من صبب
إن لم يكن دمع عيني أمسِ رقَّقها / فإن زورتها من أعجب العجب
ماذا الَّذي جعل الحسناء ترحمنا / لا بد من سبب لا بد من سبب
بل لقد رقَّ منها القلب حين رأَت / عيني تجود بقاني دمعها السرب
جودي بوصلك ليلي يا حبيبتنا / جودي على كل مشتاق ومكتئب
يكفي الذي فيك كابدناه من ألمٍ / يكفي الذي فيك قاسيناه من نصب
بما بعينيك من سحر ومن دعج / وما بثغرك من ظلم ومن شنب
لانَت احسن ما شاهدت من حسن / وأَنت أَكبر ما منيت من أَرب
عَمَّ البِلاد سرور لا ينغِّصُهُ / إلا وَفاة أَبي أَحرارها رجبِ
ذاكَ الَّذي كانَت الآمال تطلبه / لدفع ما حاق بالأوطان من كرب
لمّا نعاه ليَ الناعي يخبرني / سكتُّ من دَهشي حيناً وَلَم أُجب
كأن جذوة نارٍ أَحرقت كَبدي / أَو كَهربائية سارَت على عصبي
نعيُّهُ جاءَ في إِبّان فرحتنا / فنحن في مأتم منه وَفي طرب
أَفراحنا برزايانا قَد اِختلطت / فَقلتُ قد طابَت الدنيا وَلَم تطب
أَبكيتَ يا موت عين السيف فيه كَما / أَبكيت يا موت عين العلم والأدب
ما كان ضرك لو أخرته فنجت / به البلاد من الأخطار والنوب
لهفي على العلم منه والنهى وعلى / تلك الفصاحة في ألفاظه النخب
لَقَد بكتك مَعاليك الَّتي اِشتهرت / وَهذه الناس من ترك ومن عرب
كبرت بالنفس والأفعال شاهدة / لا بالمناصب والألقاب وَالرتب
حوى ضَريحك محبوباً لمملكة / سقى ضَريحَك هطال من السحب
فغاب شمسك عنا بعد أن سطعت / فليت شمسك ذات النور لم تغبِ
وليت شمسَك كل الدهر بازغة / تجلو العمى عن عيون ظَلن في الريب
خلَّفتَ بعدك ذكراً خالداً حسناً / وَذاكَ أَفضَل من مال ومن نشب
نجاد إنك لا تجزع ستخلفه / نجاد إنك خير ابن لخير أب
نجاد إنك معروف بحكمته / فاصبر فإن جميع الناس للعطب
يا جهل أَنت برغم العلم والأدبِ
يا جهل أَنت برغم العلم والأدبِ / ممتع بعلو الجاه والرتبِ
يا جهل يأتيك عفواً ما تحاوله / يا جهل من غير سعي منك أو تعب
لا شيء في الشرق أَعلى منك منزلة / يا جهل حسبك هذا العز من حسب
العلم يعجز عن إدراك بغيته / وأنت تبلغ ما ترجوه من كثب
تأَتي المحافل محفوفاً بتكرمة / والعلم يرجع مطروداً إلى العقب
من أَين للعلم أردان مزخرفة / من أَينَ للعلم أطواق من الذهب
يا جهل قد ساعدتك الحال فاعلُ وتِه / وارفُل كما شئت في أثوابك القشب
قَد أَصبحَ الوطن المحبوب تربته / ألعوبةً في يد الأحداث والنوب
يُملى له الحيف من حزب التقهقر ما / يمليهِ قسراً لسان النار للحطب
الحلم ثبطه عن ثأر واتره / وَما الحليم بمأمونٍ على الغضب
وهل تعوق إذا حيته معدلة / شعاع وتتجن ألواح من الخشب
ما أَنقذ القوم نصحي من غوايتهم / ولا أَفادهمُ شعري ولا خطبي
إذا أَقمتم فإن المال منتزع / وإن رحلتم فإن النار في الطلب
يا باذلاً لولاة السوء ما ملكت / يداه من كل موروث ومكتسب
يرجو بها رتبةً شماءَ راقية / كيما يقال فلان من ذوي الرتب
من ذا يعولك والأيام محوجة / إذا بقيت بلا مال ولا نشب
لا يرحم القوم من بانت مفاقره / فبات في القوم مطوياً على سغب
الدهر خان وكبار البلاد قضوا / ودولة الترك سادت أمة العربِ
والمرء في وصف أمر لا يشاهده / بمنزل بين صدق الظن والكذب
وإنما العقل نبراسٌ لحامله / يضئ ما حوله في سدفة الريب
لا يحدث الشيء من تلقائه عرضا / لكل حادثة لا بر من سبب
العدل كالغيث يحيى الأرض وابله / والظلم في الملك مثل النار في القصب
يا عدل بعدك من للاهفين ومن / للواقفين تجاه الموت والعطب
يا عدل من لمروع بات مرتجفاً / وَصارخ قد دعا بالويل والحرب
من ذا إذا ما اِستَجار الخائفون به / يرد عن ذي حقوق كفَّ مغتصب
يا عدل هل أنت في يوم معاودنا / فبعدك العيش لم يحسن ولم يطب
يا عدل حسنك بعد اللَه نعشقه / حتَّام أنت عن العشاق في حُجُب
لو أسعف العدل لم نحتج إلى حرس / في طلعة البدر ما يغني عن الشهب
وقائل قد حرمت الجاه قلت له / ما الجاه في دولة الأوغاد من أَربي
والجاه ليس بأَلقاب مفخمة / تهدَى لمنغمسٍ في الإثم منتهب
بل إنما الجاه في مجد تطول به / وإنما المجد كل المجد في الأدب
وإنما العز مشروح خلاصتُه / في متن أبيضَ ماضي الغرب ذي شطب
لا تقربنَّ كثيراً من حكومتهم / فإن مكروبها أعدى من الجرب
لقد وضعت يدي والعين باكية / على فؤاد من الأحزان مضطرب
عثرت في جوف ليل للخطوب دجا / بذيل جيش من الأهوال ذي لجب
والأمن قد غاب عن عينيَّ مشهدُه / فليت ما غاب عن عيني لم يغب
إذا لعبت تجدُّ الحادثات وإن / جددت في الأمر فالأحداث تلعب بي
وهكذا أنا بالأحداث مرتهنٌ / أقطِّع العمر بين الجد واللعبِ
أرى ظلاماً أمامي غير منصرف / عني بحال وأني منه في عجب
عميت أم طال ليلي فوق مدتهِ / أم أَخَّر الفجر ما في الجو من سُحب
لو كان قومي أباة ما تهضَّمني / وغدٌ من الترك معزوٌّ لغير أب
ليس الفتى بذليل في قبيلتهِ / لحكم آخر إن كانوا ذوي عصب
فالمرء ما كان محمياً بأسرته / كالليث عرّس في عِيصٍ له أشب
كن يا دعيُّ إلى الأمجاد منتسباً / فإنما المرءُ مأمون على النسب
واذكر لمن لجَّ في الانكار بينةً / فذاك أكشف بين الناس للرِيبَب
لا تنتحل نسباً من غير بينةٍ / فقد يضرُّك أن تعزى إلى الكذب
ماذا عليك وأنت اليوم مقتدرٌ / إذا افتخرت بما أولوك من لقب
وأي نقص لمثرٍ فاته حسب / أليس في المال ما يغني عن الحسب
ألا رعى اللَه أَوطاناً لنا امتهنت / محبوبة السهل والوديان والكثب
فحبَّذا تلك من سهل وأودية / وحبذا هضب الأوطان من هضب
الماء يجري فراتاً في مسائلها / والريح طلقاً على الأغوار والحدب
ومنبت الشيحٍ والحَوذان تربتها / ومغرس النخل والرمان والعنب
قد أَضرم الجور ناراً في مساكنها / وأهلها بين نفاخ ومحتطب
واعصوصب الشر حتى لا ترى أَحداً / إلا يئن من الأرزاء والنوب
ورب حرّ رأَى الأوطار صائرة / إلى الدَّمار بحكم العسف والنكب
يقول قد وجب اليوم النزاع لها / كأنه قبل هذا اليوم لم يجب
أما لقد رقّ شعرٌ كان قائله / يبكي كثيراً على باكٍ ومنتحب
ولا تخالنّ أن الشعر أنقذني / من المصائب والآفات والكُرب
لو ساعدتني الليالي سرت من وطني / إلى مكان بعيد منه منشعب
لا غرو إن فرّ حرٌّ خوف محنته / فكل ذي رهب يأوي إلى هرب
إني على الرغم مني ساكن بلداً / ما إن بها من أَنيسٍ لي سوى كتبي
هيَ الحقيقة أرضاها وإن غضبوا
هيَ الحقيقة أرضاها وإن غضبوا / وأدعيها وإن صاحوا وإن جلبوا
أقولها غير هياب وإن حنقوا / وإن أهانوا وإن سبوا وإن ثلبوا
إِن يقتلوني فكم من شاعر قتلوا / أو ينكبوني فكم من عالم نكبوا
وَلست أول من أبدى نصيحته / لقومه فأَتاه منهم العطب
لَهفي على أمة ما زلت أرشدها / إلى سبيل هداها وهي تجتنب
نصحت للقوم في شعري وفي خطبي / فَما أفادهم شعري ولا الخطب
طلبت إصلاحهم في كل ما كتبت / لهم بناني ولما ينجح الطلب
جاؤوا إليّ غضاباً يسرعون ضحىً / فما رأَيتهم إلا قد اِقتَربوا
هَذا يسير على مهل ويشتمني / وَذاكَ يحبو وَذا يعدو وَذا يثب
يخاصمون صديقاً لا يخاصمهم / وَالجهل منهم إذا اِستنطقته السبب
ماذا تريدون مني يا بني وطني / إن كان ما تَبتَغون الحرب فاِحتربوا
سلاحكم خنجر ماضي الضريبة أو / مسدس وَسلاحي في الوغى قصب
إني امرؤ لَيسَ عندي للحياة يدٌ / فَما من الموت لي إن جاءَني رهب
حر تعود أَن يُقرى الأذى جلداً / وإن تلم به الأحداثُ والنوب
خاطبتهم بكلام بر قائله / ما فيه مين لمن يصغي ولا كذب
وَعندما فهموا مغزى مخاطبتي / تراجعوا بينهم في الأمر وانسحبوا
كأَنَّهم ندموا من بعد ما اِعتَزَموا / كأَنَّهم خمدوا من بعد ما التهبوا
لكنهم بعد يوم من ندامتهم / عادوا إلى ما اِنتَهوا عنه وَقَد صخبوا
الجهل أَبدى كَما قد شاء فعلته / فَما تَرى يفعلان العلم والأدب
أَشكو إلى أيِّ هذي الناس مظلمتي / وقد درى باضطهادي الترك والعرب
ما بال لَيلتنا سوداء حالكة / هل غاب عنك بها يا أَعيني الشهب
يا حق من أَجلك الجهال تشتمني / وَفي سَبيلك تؤذيني فأَضطَرب
فَما اكتتبت دفاعاً ذاع مشتهراً / ألا وأَنتَ مرادي حين اكتتب
إليك ترجع آرائي إذا اِنتسبت / فأَنتَ أُمٌّ لآرائي وأنت أَب
يا قوم أَنتم على غي يضرّ بكم / أَما هناك فَتىً للرشد ينتسب
إن السماء الَّتي تعلو مرابعكم / منها لأجلكم الخيرات تنسكب
هُوَ التعصب قد وَاللَه أَخَّركم / عَن الشعوب الَّتي تَسعى فتقترب
عَن الَّذين أَبوا إلا تقدمهم / عن الألى مشيهم نحو العلى خبب
يا قوم في كل عصر جاء ثم خلا / قَد غالب العلمَ جهالٌ فما غلبوا
ما للسماء أراها غير صافية / هَل قارب الليل أم حاقَت بها السحب
أَرى وجوهاً لعمري لست أَعرفها / تكاد من غيظها تغلي وتلتهب
للعلم ينمون عند الفخر أنفسهم / وهم من العلم لا نبع ولا غرب
العلم أربابه ما عندهم حنق / والعلم أصحابه ما عندهم غضب
إن جادَلوا لَم يسبوا من يخاطبهم / وإن تراءَت لهم في رأيه ريَب
نزلت كَما يَرجو السلام على الرحب
نزلت كَما يَرجو السلام على الرحب / بمشرفة بين المحابر والكتب
وَجئت إلى بغداد تبصر دجلة / وتشرب من سلسال منهلها العذب
فَقامَت بتَكريم الرجاحة أمة / ورحب شعب بالكياسة واللب
تَباركت للتهذيب من منتدى رحبِ
تَباركت للتهذيب من منتدى رحبِ / ومن مورد صاف لوراده عذبِ
ومن منهل للعلم أثرى به الحجى / فأكبره أَهلُ الرجاحة واللب
لَقَد أخذت تطريه بالحق دجلة / وَتوفيه حمداً من لسانٍ لها رطب
وتهدي له الريحان ريانَ نافحاً / وما أنضر الريحانَ في البلد الخصب
وكم لبني الزوراء من وطنية / بنوها على أس الصداقة والحب
أولئك قوم ما لهم في حياتهم / سوى أن يروا عز المواطن من إرب
وإِني بليلى مغرم وهي موطني / وَعلِّي أُقضِّي في غَرامي بها نحبي
ولعت بها حسناء تزهو كزهرة / نمت فأطلت في الرَبيع على العشب
سبتنيَ ليلى إذ بدت بمحاسن / كثرن ومن حازت محاسنها تسبي
أحبك يا لَيلى على السخط والرضى / وأهواك يا ليلى على البعد والقرب
وإن شط عن عينيّ يوماً بك النوى / فإنك يا لَيلى تقيمين في قَلبي
فَيا نفحات الروض ضوعي ذكية / وَيا نسمات الصبح باردة هبّي
لَقَد جئتُ لَيلى أنفث الشعر عاتباً / فَكانَت على الإكثار تصغي إلى عتبي
وَكَم لك يا لَيلى ببغداد وامق / وَكَم لك يا لَيلى ببغداد من صبِّ
عسى أَن أَرى الشعب العراقي مسرعاً / يهب فقد ضر التأخر بالشعب
تريد بحبو في السباق إلى العلى / لحوقاً بمن يطوي المسافة بالوثب
متى يَستَفيق الشرق من رقدة له / فيسرع حثحاثاً ليلحق بالغرب
خذوا العلم عنه إن أردتم سلامة / فَلَيسَ لداء الجهل كالعلم من طب
لكل هوى في الشرق حزب مؤيد / سوى أن فيه الحق لَيسَ بذي حزب
ولا يصل الإنسان في طلب العلى / إلى منزل حتى يسير على الدرب
إن السحب لم تسكب على موطني الحيا / غزيراً فلا منِّي سلام على السحب
ذببت عَن الآداب في يوم عسرها / فما نفع الآداب في عسرها ذبِّي
سيعقب هَذا الليل فجر ينيره / بصدق وبعض الفجر يظهر بالكذب
يُقال لهم هاكم خذوا ثمر الهدى / فتمتد أيدٍ يرتجفن من الرعب
وإني امرؤٌ يبني أساس دفاعه / على السلم إن السلم خير من الحرب
وأشدو بشعري كالهزار مغرداً / وَما كانَ يوما في الحياة به كسبي
وَما زلت في جوّ من الفكر طائراً / ومن عادتي أن لا أَطير مع السرب
قد اجتمع الأمجاد يحتفلون بي / وأكثرهم صحبي سلام على صحبي
يحس لهم بالشكر قَلبي على الرضى / فيبدي لساني ما يحس به قَلبي
وَهَل أَنا إلا شعبة قد تفرعت / كغصن مع الأيام من دوحة الشعب
خَطبي وأعظم بخطبي
خَطبي وأعظم بخطبي / أني أفارق صحبي
أنأى إلى مصر عنهم / ولا أراهم بقربي
صعب فراق أناس / هويتهم أي صعب
إني لأصبو إليهم / حتى ألاقيَ نحبي
إِذا ترحلت عنهم / فالذَنبُ لَيسَ بِذَنبي
هي الضرورة تقضي / برحلتي إي وربي
وإنما دمع عيني / دَليل آلام قَلبي
جرت دُموعي تباعاً / لما أردت الوداعا
عرفت أني سأنأى / فطار قَلبي شعاعا
كرت عليّ همومي / فَما اِستَطعت دفاعا
ما إن أَرى في بلادي / من المقام انتفاعا
أزمعت عنها رحيلاً / وما أمر الزماعا
إني سأهبط فيه / وَهداً وأعلو يفاعا
وأستعيض بسيري / عن البقاع بقاعا
فاضَت عليّ حياتي / من دجلة والفرات
كلاهما قَد سَقاني / ريّاً كريّ النبات
كلاهما خالطت صف / وَ مائه عبراتي
سأطلب النيل حتى / أبل منه لهاتي
تضيء آمال نفسي / كالنجم ليل حياتي
والنجم أجمل شيء / يبين في الظلمات
لعل نحسيَ يَمضي / لعل سعديَ ياتي
بغداد فيها كرام / على الموالاة داموا
كَما هناك أعاد / منهم تمادى الخصام
يا موطناً عنه أنأى / مني عليك السلام
لأنت أَرض هوىً لي / قد تم فيها الفطام
أقمت فيك وقد كا / نَ بي يضر المقام
فكنت فيك أُجافَى / وكنت فيك أضام
فإن أَردت رحيلاً / فما عليّ ملام
علّي إذا جئت مصراً / أعيش في مصر حرا
علّي أَرى لي فيها / لليل هميَ فجرا
إني سأهجر بعد ال / ستين بغداد هجرا
لا تعتبوني عليه / لعلّ لي فيه عذرا
أريد عنها فراقاً / يقصي وإن كانَ خسرا
فقد وجدت ببغدا / د طعم عيشيَ مرا
وَلَيسَ فوق الَّذي قَد / صبرت أسطيع صبرا
صعب على فراقي / لأخوتي ورفاقي
وسوف ألحق مصراً / ومصر أخت العراق
ولست أعلم ماذا / ألقى بها في لحاقي
فقد ألاقي سلاماً / فيها وقد لا ألاقي
للشعب في مصر عز / ضخم على الدهر باقي
ما زالَ يَنمو وَيقوى / بوحدة واتفاق
كَذاكَ يفعل شعب / ذو غاية وهو راقي
سموت ثم هويتُ / نموت ثم ذويتُ
قد اِهتَديت إلى الحق / قِ تارة وغويتُ
حفرت بئراً لِنَفسي / في غيضة وطويت
طلبت ماء فلما / شربته ما اِرتَويت
ماذا مَقامي بأرض / لي ما وفت فاجتويت
حتمٌ عليَّ رحيلي / فإنني قد نويت
فَسَوفَ أبرح بيتاً / إليه كنت أويت

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025