المجموع : 4
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب
لكل امرئ في العيش شأن ومشرب / وحلم به تصفو الحياة وتعذب
ومن لم يُعود حالة عاش دونها / ومؤتلف العادات في الناس يُطلب
فلا القول في فضل الحضارة يزدري / ولا هو في فضل البداوة يغلب
ففي الحضر العيش الهنئ ميسر / وما عز فيه قط للرزق مطلب
وأنواع خيرات الوجود لأهله / تُساق ولذات النعيم تُسبسب
ولكن إذا ما أدرك الضيم بلدة / وجار عليها جائر متغلب
وأفسدت الأخلاق في غيبة التقى / ولم يُحترم دين هناك ومذهب
واضحى الفتى عبداً لشهوة نفسه / وأولع بالدنيا شباب وشيب
وعم الورى طرا كما في زماننا / بلاء وضنك فالحضارة عقرب
فما يستفيد الحر لو أن داره / جنان نعيم وهو فيها معذب
وما تنفع الأوطان من كان قلبه / بهنَّ على جمر الغضا يتقلب
هنالك ترنو للبداوة أنها / أعز وأهنا والموارد أعذب
يعيش بها الإنسان حراً منعما / بفيفاء فيها العز ضيف مطنب
إذا أمحلت شد الرحال لغيرها / وان أقبلت فالعيش طرز مذهب
وان أوبأت أو أن تعكر ماؤها / تنحى لأخرى ليس يُعييه مذهب
ومن تُتحّمل داره فوق عيسه / متى شاء لم يعجزه في الأرض مهرب
فلا يشتهي ما ليس يُهديه حاضر / لباد ولا يعدوه ان عن ربرب
ولا يُبتلى يوماً بظلم حكومة / وذل به أهل الحضارة تُنكب
وان رامه أعدى عدو بغارة / فحاكمه العدل الحسام المشطب
إذا قيل هم لم يحرزوا كل نعمة / إلى الحضر المرزوق تُجنى وتجلب
فقد عوضوا عنها القناعة والرضى / فليس لهم فيها هموم ومأرب
ويكفيهم واللَه كاف عباده / إذا امطروا في كل عام فأخصبوا
تدر مواشيهم وتزهو ربوعهم / ويكنفهم عزّ الحياة المحبب
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا
أخا العرب نبّه قومنا العرب النجبا / فقد طال ما ادعو ولم أر من لبّى
يجيبون داعي اللهو ايان ما دعا / وان عوتبوا القوا على الزمن الذنبا
ويعزون للأقدار فقد نجاحهم / واني أرى الأقدار من جهلهم غضبى
أثرهم فإن الشرق من طول نومهم / أضاع الرحى والغرب يكتشف القُطبا
تولّى زمان الخيل والسيف والقنا / وجاء زمان العلم يستشرف الشهبا
الم يبصروا ما أوجد العلم في الورى / لأهليه من خير أدام لها الخصبا
تحرّوا كنوز الأرض واقتحموا السما / وابدوا من الأعمال ما يدهش اللبا
ولم يكفهم سيارة تنهب الفلا / فجاؤوا بطيارتهم تخرق السحبا
ومن كل فن احرزوا كل غاية / وما زال فضل الاختراع لهم دأبا
ونحن على ما نحن ما هزّ غيرةً / تقدّمهم منا ولا حرك القلبا
نفاخر بالعظم الرميم وما لنا / سلاح إذا جار الزمان سوى العُتبى
لعمرك لو عاش الكرام الألى بهم / نفاخر من أسلافنا العَرَب العَربا
لما سرهم أنا بنوهم ولم يروا / لنا عملاً يرضي الفضيلة والربا
اليس من الإيمان ان ينهض الفتى / باوطانه دوماً ويوسعها حبا
أضعنا جميع الواجبات ولم يدع / لنا جهلنا إلا الشكاية والندبا
على أنني لم أخل لليأس موضعا / بقلبي ولا يوماً ألنت له الجنبا
فكم تحت أستار الخطوب فوائد / وما ساء خطب وخزه أيقظ الشعبا
وإني أرى لا خيّب اللَه ما أرى / بصيصاً من الآمال قد زحزح الكربا
أرى في شباب اليوم للعلم نهضة / تقول بأن العزم عن طوقه شبا
ويطربني النشء الصغير مُغادياً / مدارسه يمشي على طرقها وثبا
واحسبه عند الرواح حمائما / تناغي وتهوى نحو أوكانها سِربا
حمدت تباشير الحياة التي بدت / وشمت بها بُعد الأماني غدا قربا
تبشّرنا ان سوف ترسل نورها / على شرقنا الشمس التي أحيت الغربا
ظلموني ولم أكن أهل ذنب
ظلموني ولم أكن أهل ذنب / فعلى الظالمين لعنة ربي
شتتوني عن الديار وجاروا / قتل الجائرون هم شر حزب
قيدوني لكن بقيد ثقيل / كل منه صبري وجسمي وقلبي
حبسوني لكن وحيداً فريداً / لا أنيس ولا جليس بجنبي
فرابني من جيشهم ولو أني / كنت أدري منعته كل درب
حسبي اللَه ذو الجلال وكيلا / هو نعم الوكيل اللَه حسبي
وإليه شكواي من حسراتي / وعنائي ومن بكائي وندبي
ولعمري لولا ذماء من الصب / ر قليل قضيت بالحزن نحبي
ويحهم ما الذي رأوه بذاك الظل / م زينا حتى انتضوه كعضب
ثم قدوا حبل المراحم حتى / خلتهم آلة البلا المنصب
ليس هذا علامة الخير يا قو / م فعودوا إلى الطريق الأحب
أهرم الدهر آل عثمان حتى / قد طوت حكمهم عوامل غصب
واستبدت بهم عصابة سوء / ليس يدرى أصل لهم أو مر بي
لا ترى بينهم فتى قط يعزى / بانتساب ولو إلى آل كلب
حاربونا بل حاربوا اللَه فيما / احدثوه ما بين ترك وعرب
والتقنيا من ظلمهم ما التقاه / آل بيت النبي من آل حرب
كل دار قد أصبحت من أذاهم / كربلا فهي في بلاء وكرب
يا لقومي ما تلك حال يطاق الصب / ر فيها ويستهان التأبي
ما لكم يا بني الكرام سكوتا / لا تلبون والفتى من يلبي
نبهوا اعين العزائم واصغوا / لنداء من الضمائر يصبي
أنتم معدن الفضائل في النا / س وانخى قوم واكرم سرب
أنتم مظهر البسالة والاق / دام والحزم في المجال الصعب
أفلا تزمعون بعض احتجاجٍ / لا أقول انهضوا لحرب وضرب
ان شق العصا حرام ولكن / طلب الحق مقنع كل ندب
وطلاب الحق الشريف شريف / ليس فيه لحاكم حق عتب
وإذا لم نجد من الضيم بدا / فجدير بنا امتشاق القضب
ان موت العزيز تحت ظلال الن / قع خير من عيش خسف وخلب
فليقم من يشا على الضيم أني / لبريء من أهل ذاك المهب
وبلادي ان لم تفدني اعتزازاً / طرت عنها مع الرياح النكب
لا يعيش الإنسان يا قوم عمري / ن وجدب بالعز أفضل خصب
ما حياة الفتى بأرض براها / من دراها كأنها جحر ضب
ضرب الذل والصغار عليها / وانتحاها العدى لسلب ونهب
يا لصحبي ولم أقل يا لقومي / نام قومي فأستيقظوا يا لصحبي
جئت ادعوكم فهل لدعائي / من سميع ذي نجدة مشرئب
عظم الخطب واغتدى الكرب ينها / ل على الأنفس انهيال الكثب
افهل من وسيلة أو سبيل / للتوقي اوسد ذاك المصب
فاجيبوا جزاكم اللَه عني / كل خير جواب ترب لترب
بعثت رسالات الدموع السواكب
بعثت رسالات الدموع السواكب / لمرسلة العقدين فوق الترائب
بعيشك يا من صاغ مرجان عقدها / متى كانت الأفلاك حمر الكواكب
بصرت له من تحت آخر لؤلؤا / فجارت دموعي الحمر بيض السحائب
بدت لي مرخاة الذوائب تزدري / بياض العطايا في سواد المطالب
يا لحاظها هام الفؤاد صبابة / فيا لجريح مغرم بالقواضب
يرى حبها جسمي العليل وأوشكت / تفيض حياتي من جفوني النواضب
بلوت بنار البين يا ابنة يعرب / فؤادي فلأنت للمنون جوانبي
بربك عودي أو فجودي بنظرة / بها يشتفي دائي وتصفو مشاربي
بعادك والدهر الخؤون تجمعا / علي فضاقت يا أميم مذاهبي
بجدك يا حادي الركائب خلها / تمد خطاها في صدور السباسب
بها مثل ما بي من أليم تشوق / أطار فؤادي نحو أرض الحبائب
بسعدى إن أدركت أم عبيدة / قبيل مماتي قدر نهلة شارب
بها تكشف البلوى بها يثمر الرجا / بها تقطف الآمال زهر الرغائب
بحيث رواق العز مدت ظلاله / بحيث ذيول الغيث خضر المساحب
بحيث الإمام ابن الرفاعي ضارب / سرادقه فوق النجوم الثواقب
بسيم ثنايا الجود والدهر عابس / منيع الحمى والموت بين المضارب
به افتخرت في الناس آل رفاعة / كما افتخرت بالمصطفى آل غالب
بأعتابه نلت السعود وطاب لي / رحيق الأماني من ثغور المواهب
براهينه الغراء في كل خارق / غدت كاحورار في عيون الغرائب
بعليا اسمه أمشي على الجمر آمنا / ويحلو ارتشافي من سموم العقارب
بسرك يا شيخ العواجز نتقي / حراب المنايا في أكف النوائب
بلثم يد الهادي بلغت كرامة / غدت جوهرا فردا بسلك المناقب
بها خصك المولى وتلك إشارة / بأنك فرد الأولياء الأطايب
بباهر سر من طريقتك التي / أزالت غيومي بل أنارت غياهبي
بعدت عن الأغيار وانكف خاطري / وأصفيت كأسي من جميع الشوائب
بها اعتضت عن حب الغوادر وانطوت / سهام المآقي في قسي الحواجب
بمدحك أرقصت اليراع بأنملي / وفاضت حظوظي من خطوط الرواجب
بنيت بيوت الشعر آهلة الذرى / بمعناك فاستزرت خدور الكواعب
بحبك لم يبرح رضا الله شاملي / فحبك ديني والثناء مذاهبي