أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى / يَزيدُ غَراماً واِشتياقاً عَلى البَلوى
رَعا اللَهُ مَن أَمسَت وَسوءُ صَنيعِها / بِنا فَوقَ أَن يَخفى واحسانها دَعوى
رأت أَنَّ في الاعراضِ تَقوى فَحَمَّلَت / مِن الضُرِّ ما تأبى المُروءَة وَالتَقوى
وَكَم نَقَضت مِن مُوثَقٍ جَعلت بِهِ / شَهيداً عَلَيها عالِم السِرِّ وَالنَجوى
إِذا فَكَّ هَذا اليَوم أَسوأ هجرها / ثَنَنتهُ بِيَومٍ مِن تجنّبها أَسوا
وَما زالَتِ الشَكوى تَزيدكَ غِلظَةً / عَليَّ الى أَن صِرتُ أُومن بِالشَكوى
لَها مَربَعٌ في القَلبِ ما زالَ آهِلاً / اذا رَبعُها بِالحُزنِ أَقفَر أَو أَقوى
وانّي عَلى ما حَمَّلَتهُ لَصابِرٌ / وان كُنت لا أَبقى عليه وَلا أَقوى
أُسَرُّ بِما سُرَّت وأأبى الَّذي أَبَت / وَأَرضى الَّذي تَرضى وَأَهوى الَّذي تَهوى
يَسيرٌ لَها أَنَّ السَقام مُحرَّمٌ / بِجِسمي وَسهَلٌ أَنَّ قَلبي بِها يَدوي
وَنَشوان مِن خَمرِ الصَبابَةِ لَم يَزَل / يَميلُ الى سَكرى مِن الدُلِّ أَو نَشوى
فَما يَستَفيق القَلبُ مِن بَرح صَبوةٍ / الى ظَبيَةٍ أَدماءَ أَو رَشأٍ أَحوى
تتابعَ في لَيلٍ مِن الغيِّ مُظلمٍ / وَقَد لاحَ صُبحٌ في المَفارِقِ أَو أَضوا
وَعائبَةٍ منّي العَفافَ مَع الضَوى / وَأَحسَنُ شَيء أَن أعفّ وَأَن أَضوى
اذا كانَ في المَسعى الغنى وَمذَلَّتي / فَحَسبي بِفَقرٍ لا يذلُّ وَبالمَثوى
صبرتُ عَلى نَحت الخطوب وبَريها / وان كانَ ثقلاً لَيسَ يحملُه رَضوى
وَنادَيتُ مِن قَعر الحَمولِ وَقَد هَوى / بجديَ صَرفُ الدَهرِ في أَبعد المَهوى
أَما في بَني الدُنيا فَتىً مُتَدارِكٌ / حُشاشَةَ هَذا الفَضل مِن قبل أَن تَبلى
وَكَيفَ وَدَهري المُعتَدي المُتَعَمِدي / أُحاوِلُ مِن أَنيابِهِ النَصر وَالعَدوى
وَما كانَ أَدناها اِستِغاثَةُ موثَقٍ / إِلى مُطلَقٍ لَو يَسمَعُ الفاضِلُ الشَكوى
فَريدُ بَني الدُنيا الَّذي لا يُرى لَهُ / نَظيرٌ عَلى مَرّ الزَمانِ وَلا يُروى
قَريبٌ الى باغي نَداهُ مُبادِرٌ / وَلا طالِبٌ يُقصى وَلا مَوعِدٌ يُلوى
إِذا التوت الأَحداثُ بِالمَرءِ واشَجت / وَنادى بِها أَلوى بِها المَرس الأَلوى
وَأَبلَج مَعسولِ الشَمائِل ما جدٍ / خَلائِقُه تُسلي عَن المَنِّ وَالسَلوى
يَهشُّ إِلى العافي اِرتياحاً الى النَدى / فَلا عُنُقٌ يُلوى وَلا حاجِبٌ يُزوى
شَرى المَدحَ مِنّي وَالمَوَدَّة وَالهَوى / فَتىً مالَهُ في الناسِ مِثلٌ وَلا شروى
أَقَرَّ لَه بِالفَضل شانيه راغِماً / مَتّى يسبِقِ الاجماعُ تتحِد الفَتوى
اذا قِستَهُ بالأَولين رَأَيتَه / وَآراؤُهُ أَهدى وَأَقواله أَقوى
لَهُ قَلَمٌ دِرياقُه وَسِمامُه / يُداوي بِه نَفس المَمالك اذ تَدوى
يطبّقُ عَفواً رأيُه كُلّ مُعضِلٍ / اذا قالَ بَعد الجهد ذو الرأي أَو أَسوى
وسَبّاقِ غايات البَلاغَةِ وَالنُهى / وَذو الخَصل مِنها ان شده أَو أَزوى
بِنَفسي كِتابٌ قُلتُ لَمّا قَرأتُه / مَكانَكَ لا تَنصب فَقَد بلَغت حَلوى
وَعرّيتُ ظَهر السِرِّ عَجزاً فَلا يَرى / لَهُ أَبَداً رَحلٌ وَلا يُزوى
وَأَيأستُ نَفسي مِن مُباراةِ بارِعٍ / حَوى قَصَبَ السَبقِ الَّتي لَم تَكُن تُحوى
وَلَو فَضَّه عِبدُ الحَميد لردَّهُ / يَذُمُّ الَّذي قَد كانَ سَدَّد أَو سَوّى
نَفائِس نَظمٍ لا يقوَّم شَذره / لَو انقاس رَوضٌ لا يَجِفُّ وَلا يَذوى
وَلَم أَرَ عِندي ما يَرى لهديَّةٍ / لقلَّةِ ما عِندي فأهدَيتُ ما يُروى
وَأَصغرتُ ما يُطوى وَيُنشَرُ وَشيُه / فحبّرتُ منشوراً عَلى الدَهر ما يُطوى
وَلَولاكَ ما أَسرَيتُ لَيلاً بُحرَةٍ / مِن المَنزِلِ الأَدنى إِلى الغايَةِ القُصوى
وَفاءً لحقِّ الوُدِّ لا تابِعاً مُنىً / وَلا بائِعاً شِعراً وَلا طالِباً جَدوى