المجموع : 10
أشغَفُ يُزعِجني أم النوى
أشغَفُ يُزعِجني أم النوى / أم نارُ شوقٍ أم تَباريحُ الجَوى
أم حُرْقَةٌ شَبَّ لظاها فُرقةٌ / لَمْ تنطفي عنيَ حَتَّى المُلتَقَى
لمل يَزلْ يُرهِقني شُواظُها / فيَصْطَلِي من حَرِّها بردُ الحَشا
أُضحِي وسيفُ السُّهْدِ أَدْمَى مُقْلتي / مُشْحَوْحِباً يَسْفَعُني ذَاكَ اللَّظى
فالبينُ كالبينِ شديدٌ وَقْعُه / فمن رُمي بسهمِه فقد قَضَى
فارقتُ من لو فارَق الشمسَ انثنى / شعاعُها مُحْلَوْلِكاً مثلَ الدُّجى
أَوْ سامرتْه ليلةٌ مُقمِرة / ثُمَّ جَفاها لاَشتكتْ ذَاكَ الجَفا
فارقتُه والقلبُ فِي أقدامِه / والطيفُ يُدنيه إِذَا الليلُ سَجَى
إِن غاب عن إنسانِ عيني لَمْ يَغِبْ / عن ناظرِ القلبِ وإِن شَطَّ المَدَى
وإِن تناستنِي الليالي عندَه / حاشا فقلبي قط عنه مَا خَلا
أَصبحتُ مبهوتاً أُقاسي لوعتي / مبدِّدَ الأفكار مسلوبَ النُّهى
وأَدمُعي مرفضَّةٌ منهلَّةٌ / تَمَجُّها عيني دماءً بالثَّرى
حَتّامَ تَلْحونِي مُلِمّاتُ النَّوى / والقلبُ يقفو إِثرَ ذَاكَ المُلتحَى
لو أن مَا بي من ضَنىً ألقيتُه / عَلَى ثَبيرٍ ظَلَّ مكسورَ القَرَا
دَعْنِي والليلَ الطويلَ سَمَراً / أٌقضيه مَا بَيْنَ عويلٍ وبُكا
من بعدِ مَا قطعته مُتَّكِئاً / فِي سُررٍ موضونةٍ من الحَشا
قريرَ عين لَمْ تَرُعْني فُرقةٌ / ولا حميمٌ مَضَّ قلبي بالجَفا
لكنما الأيامُ طوراً تَنْتَحِي / وتارةً تُدني بعيدَ المُنْتَأَى
فالصبرُ خيرُ مَا بِهِ المرءُ اتَّقَى / قَرْعَ البَلا وخيرَ مَا بِهِ احْتَمَى
فلا يفوتُ خامِلاً نَصيبُه / ولا يرى الكَيِّسً غيرَ المُقْتَضَى
فابسط يديك قُربةً للهِ لا / تبخلْ فليس البخلُ يأتي بالغنى
قَدْ كفلَ اللهُ العبادَ رِزْقَهم / فالحرصُ لا يُجْدِي الفتى إِلاَّ العَنا
يسعى الفتى لما كُفى تَحصيلَه / هَلاّ لما كلَّفه الله سَعى
فمن يُرِد تحصيلَ مَا يَرومُه / لَمْ يُعطَ مَا لَمْ يكُ باللَّوْح جَرى
فالدهرُ لا يُعتِب مَهْمَا جُرِّدتْ / نِصالُه فالصبرُ مَنْجاةُ الفتى
ومن يعيشُ زَمناً يرى بِهِ / تَطوُّراً مَا كَرَّ صبحٌ ومَسا
فالمرءُ مَا سُرَّ بصبحٍ أبداً / إِلاَّ أتاه ليلةً نوعُ البِلى
في كلِّ يوم بَيْنَنا أعجوبةٌ / يرتاعُ منها فَطِنٌ وذو حِجَى
هل نَهْنَأُ العيشَ وذا الدهرُ إِذن / بطَيِّه تقلُّبٌ بلا انتها
وأَكؤُس الحَيْنِ لَنَا مملوءةٌ / نشربها كَرْهاً وإِن طال المَدى
لكنما آمالُنا رواحِلٌ / تَدْأَب دهراً فِي فَسيحات الرَّجا
إِني رَقيتُ ذروةَ العيشِ فإنْ / أُحَطُّ عنها فأقولُ لا لَعاً
وإِن يَغَضَّ الدهرُ عثى طَرْفَه / فَعَلَّه يَعْتاضُ مني مَا مَضَى
فليس مَا يفوتُني من عيشةٍ / أُسَا بِهِ إن كَانَ يَبْقَى لي التُّقَى
إِن يبقَ من عيشي مَا أَعُدُّه / لصونِ وجهي فَعلى الدنيا العَفا
من قارعَ الأيامَ فَلَّتْ حَدَّه / ومن يُعاكسْ دهرَه فقد وَهَى
ومن يرومُ فَوْقَ وُسْعِ طَوْقِه / يظَلُّ مفلوجَ الفؤادِ والقوى
لا يُدركُ الحظَّ الفتى بعقلِه / وكم رَقَى ذو حُمْقٍ فَوْقَ الذُّرَى
فهذه الأيام تمشي خَزَلاً / بالحُرِّ بل بالَّذْل تمشي المَطا
أُفٍّ عَلَى الدنيا خيالٌ عيشُها / فهْي خَئونٌ مَا لَهَا قَطُّ وَفا
قَدْ احْتَسيتُ شهدَها وصابَها / فما وجدتُ طعمَ ذَاكَ المُحتسَى
يَا دهرُ هَوِّن فالليالي دُوَل / فلن يُردَّ مَا بِهِ الله قَضَى
إِن كنتَ تسعى جاهِداً يَا دهرُ فِي / حَطّى فقَصْداً بَلَغ السيلُ الزُّبَى
رِفْقاً بشيخ ثَقُلتْ أَعباؤُه / فالشيبُ داءٌ لا يُداوَى بالرُّقَى
قد كنتَ أَوْفَى منذ عودي مُورقٌ / فهل تخونُ منذ عودي قَدْ ذَوَى
إِذَا ذكرتُ عابرَ الدهرِ أَقُلْ / دعْ غابرَ الأيامِ يأتي مَا يشا
أَيامُ عيشٍ بالهنا مَنوطةٌ / فاعْزِزْ بعيشَ قَرَّ عيناً بالهَنا
ذو دَعَةٍ تَمجُّها شبيبةٌ / فِي زمنٍ تُديره أيدي الصِّبا
أيامَ عيشي إِن تعودِي فَهلا / أولاً فعِنْدِي كلُّ مَا تأتي سَوا
صحبتِ من لو كنتِ فِي كَفَّيه مَا / عَراه آناً بَطَرٌ ولا خَنا
ولا اطَّباهُ سَفَهٌ بعيشةٍ / لكنه يَوَدُّ عبداً للقَرَا
يحنو لدهرٍ طُوِّرت أيامُه / قَدْ عاش فِيهِ زمناً وَمَا ارْتَوى
فِي فتيةٍ مثلِ الشموس أشرقتْ / تَهابُهم من سَطْوَةٍ أُسْدُ للشَّرى
كَأَنَّما هم إذ تراهم جُثَّماً / فَوْقَ العروشِ أُطُماً يحمِي الحِمى
أقمارُ تِمٍّ بالنَّدى تعمَّموا / واتَّزَروا وَقَدْ تَرَدَّوا بالعُلَى
همُ ملوك الأرضِ قِدْماً وهمُ / أقطابُ أفلاكِ المعَالي وللنَّدى
كم طَحْطَحوا من أُطمٍ كم دَوَّخوا / من بهُمَ كم زَحْزحوا عالي الذُّرى
همُ العَرانينُ الَّذِين لهم / تقومُ أركانُ الليالي والدُّنا
همُ الأُولَى بحورُ جودٍ وهمُ / كهفٌ وكنْفُ من يلوذُ مِن جَفا
لا تأمنُ الأيامُ منهم وهمُ / فِي مأْمَنٍ وإِنْ خَطْبٌ دَجا
سَلْطنةٌ تَوارَثوها كابِراً / عن كابرٍ فكالعروس تُجْتَلى
تسلسلتْ حَتَّى انتهتْ فِي فيصلٍ / فاعْظِمْ بمَلْكٍ بعضُه كلُّ الوَرى
فآضتِ الأيامُ تُدْلِي بَيْنَهم / مآثِراً لَيْسَ لَهَا قطُّ انتها
ثُمَّ اسْبَطرَّتْ فاستقرتْ فِي فتى / يُفرِّج المكروهَ إِنْ أمرٌ دَهَى
فهْو الَّذِي مَا شامَ طرفي مثلَه / لو أنني أرمُق أفلاكَ السما
وهْو الَّذِي أنْهَلَني مَناهِلاً / يَضيق أن يَضُمَّها وُسْعُ الفضا
هو الَّذِي تَحْيَى رُفاتُ المَيْتِ من / أخلاقه مَهْمَا تَهبّ كالصَّبا
وهْو الَّذِي رَفَّه عيشي رَغَداً / بقربه فكنتُ عبداً مُطْطَفى
وهو الَّذِي قَلَّدني صَفائِعاً / لو قُلِّد الدهرُ بهنّ مَا عَفا
من قبلِها قُلِّدتُها من فيصلٍ / صارتْ إليَّ شَرَفاً ومُنتمَى
أحلَّني بالقربِ منه منزلاً / مَا حَلّه غيري ولو نال السُّها
فلم تزلْ نُعماهُ موصولةً / حَتَّى تُفاجِيني مُلِماتُ النَّوى
كم من يدٍ لذا المليكِ بُسِطت / تُضْفِي عَلَى وجه الليالي بالجَدا
وكم لَهُ من خطةٍ فِي المجدِ قَدْ / خُطّتْ عَلَى وجه الليالي بالسَّنا
وكم تراثٍ فِي العُلى قَدْ حازَه / من ملكٍ فقد عَلا فَوْقَ العُلى
أبو سعيدٍ مَن بِهِ قَدْ أَشرقتْ / شمسُ المعالي واستنارتْ بالهدى
ما جاد قَطُّ ومنٌ بمثلِه / ولا بعرشِ الملك مثلُه اسْتَوى
فإن تَنُبْني بالنوى نَوائبٌ / فإنّ منها تركَ تيمورَ الحِمى
كنا إِذَا مَا النفسُ ضاقَ ذَرْعُها / يَنْجَابُ عنها إِنْ مُحَيّاه بَدا
أَوْ أزمةٌ يوماً ألمَّتْ بامرئ / كَانَ لَهَا رِدْءاً فصارت كالَهبا
يا بارِقاً بَلغْ سَلامي إنني / من وَهَنٍ قَدْ صرتُ مُلقىً كالعصا
واخلعْ بريقَ النّعل فِي أعتابه / وقُل سلامُ اللهِ مَا رَكْبٌ سَرَى
والْثم ثَراهُ أَيُّها البرقُ وقُل / خُلّفتموه مُغْرَماً يَقْفو الثرى
ألقى إليكم فِلْذَةً من شوقِه / لو صادفتْ رَضْوَى لَهُدَّ والْتَوى
فإِنْ تُرِدْ تاريخَ مَا نظَّمتُه / قُل سُلّم الشعرِ مَديحٌ وثَنا
سموتَ بأَعلى الأفْقِ تخترِق الذُّرَى
سموتَ بأَعلى الأفْقِ تخترِق الذُّرَى / لتعلمَ صنْعَ الكائناتِ وَمَا جَرَى
وأنت كمثلِ النملِ تمشي عَلَى الثَّرَى / وَمَا الأرضُ بَيْنَ الكائناتِ الَّتِي تَرى
بعينيك إِلاَّ درةٌ صغُرتْ حجما /
فعلمُك من بحرِ المَشيئةِ قطرةٌ / وجسمك من ظهرِ البَسيطة مَدرةٌ
تريد اكتشافَ الغيبِ ذَلِكَ عبرة / وأنت عَلَى الأرض الحقيرة ذرة
تحاول جهلاً أن تحيطَ بِهَا علما /
حلفتْ لَنَا بجمالِها أن لا تُرَى
حلفتْ لَنَا بجمالِها أن لا تُرَى / فلِذاك قَدْ حجبتْ محاسنَها الوَرَى
فأتت وان أحدٌ بحالتِها دَرَى / جادتْ لَنَا بوَداعِها إِثْرَ السُّرى
تِلْكَ الَّتِي بخلت بطيفٍ فِي الكَرَى /
فجثوتُ من أسفٍ وَقَدْ ذهب الجَلَدْ / وأتتنيَ العَبراتُ شوقاً للبلَد
فغدوتُ مخلوعَ الفؤادِ من الكمد / دمعي جرى لفراقها دُرراً وَقَدْ
جاء العذولُ يقول لي مَاذَا جرى /
فما صَدَّني عنها العُذيبُ ولا اللِّوى
فما صَدَّني عنها العُذيبُ ولا اللِّوى / ولا حُلتُ عن داري وإن شطَّ بي النَّوى
فأقسمت لولا الصبرُ طرتُ عَلَى الهوى / فهل ظن قلبي قَدْ سلوت عن الهوى
وهل ظن معشوقيَ بأنيَ قَدْ تبتُ /
فلا الضالُ يُسْلِي عن هواها ولا اللِّوَى
فلا الضالُ يُسْلِي عن هواها ولا اللِّوَى / ولا حبُّها عني يزولُ ولا الجَوى
وهيهات مَا ضلَّ الفؤاد وَمَا غَوى / فهل ظن قلبي قَدْ سلوتُ عن الهوى
وهل ظن معشوقي بأنيَ قَدْ تبت /
لا تُعنِّف بقرفةٍ للمُحبِّ
لا تُعنِّف بقرفةٍ للمُحبِّ / ين وَقَدْ كنتَ قُطْبَ رَحاها
لمتَني بالأنين يَا فارغَ القل / بِ وهل تعلم النفوسُ سِواها
قَدْ شربنا كأسَ المَلالةِ والهج / رِ كلانا يَذوق حَرَّ لَظاها
بك مَا بي من الصَّبابة والوج / د فدَعْنا نُبدِي الأَنين شِفاها
وَهَى جَلَدي مما أُقاسي من الجَوَى
وَهَى جَلَدي مما أُقاسي من الجَوَى / وَقَدْ شاب رأسي من مُعاناتيَ النَّوَى
فعاتبتُ قلبي فِي الغرامِ وَمَا ارْعَوَى / ألم يأنِ لي يَا قلبُ أن أتركَ الهوى
وأن يُحدِثَ الشيبُ المُلِمُّ ليَ العقلا /
وحَتَّى متى يَا قلب أصبو إِلَى الحِمَى / وألثم ثغرَ الكأسِ شوقاً إِلَى اللمَى
أيحسنُ يَا قلب التَّشبُّب بالدُّمَى / عَلَى حينِ صار الرأسُ منيَ كلما
عَلَتْ فَوْقَه نُدّافةُ العَطْب أَغْزلا /
تعرضتَ جهلاً لجلبِ النَّوَى
تعرضتَ جهلاً لجلبِ النَّوَى / فصرتَ ترومُ سبيلَ الجَوَى
وتوحُمُ أنتَ شديدُ القُوَى / وكنتَ غداً قَدْ دعاك الهوى
لحملِ الغرامِ سَميعاً مُطيعا /
نصحتُك والنُّصْحُ طبعُ الكرامْ / بأن الغرامَ كَرَشْقِ السِّهامْ
فذلك جهدي فلستُ أُلامْ / ولما رغبتُ لحمل الغَرام
حملتَ الغرام فلن تَستطيعا /
أنا لا أنسى زماناً قَد انقضى
أنا لا أنسى زماناً قَد انقضى / وعصراً برَيْعانِ الشّبيبةِ قَدْ مَضَى
ووقتاً بوصلِ الغانياتِ تَعرَّضا / وَلَمْ أنسَ ضَمِّي للحبيب عَلَى رِضا
ورَشْفِي رُضاباً كالرَّحيقِ المُسَلْسَل /
وَلَمْ أنسَ إِذ يحنُو عليَّ بقَدِّه / فأقطِف من رُمَّانتيه ووردِهِ
وكَفِّي بخَصْرَيه وأخرى بنَهْده / ولا قولَه لي عند تقبيل خدِّه
تَنَقَّلْ فلذاتُ الهوى فِي التنقلِ /
لو كنتَ تعلم حَقذاً
لو كنتَ تعلم حَقذاً / مَاذَا بُعدِك أَلْقَى
ما حِدْتَ عنيَ شِقاً / يَا مُنْيةَ القلبِ رِفْقا
كَفاك هَذَا التَّجنِّي /
ألبستُ جسميَ عاراً / منذ عشقتُ جِهارا
يا من به القلبُ طارا / هواك أَضْرَمَ نارا
بَيْنَ الجَوانحِ مني /
إن القَطيعة هُلْكُ / وصلُ الأحبة سِلْكُ
قلبي لقلبك مِلْكُ / إن كَانَ عندك شَكُّ
فاسْأل فؤادَك عني /