تلك ربوع الحي في سفح النقا
تلك ربوع الحي في سفح النقا / تلوح كالاطلال من جد البلى
أخنى عليها المرزمان حقبة / وعاثت الشمأل فيها والصبا
موحشة إلا كناس اعفر / ومجثم الرأل وافحوص القطا
عرج عليها والها لعلها / تريح شيئا من تباريح الجوى
نسألها ما فعلت قطانها / مذ باينوها ارتبعوا أي الحشا
هيهات أقوت لا مبين عنهم / لمحتف بشأنهم غير الصدى
تربع الآنس من أرجائها / واستأنست بها الظباء والها
فقف بنا عند غصون بانها / نشاطر الورق البكاء والأسى
بحيث اهريق بقايا دمعتي / واتبع النفس اذا الدمع انقضى
ان من الحق على مدامعي / ان تسبق السحب على ربع عفا
عهدي بدمعي طاعة ادكارهم / وبفؤادي أن دعا العذل عصى
وما قوفي عند بان نبتت / غصونه بين الضلوع والحشا
لولا علاقات هوى تحكمت / في رمق عاش على مثل الصلا
دعني أبكي دمنا تغيرت / وأطبق الجفن بها على القذى
واذكر الإلف الذي كان بها / وكيف شطت بهم عنها النوى
لم يبق فيها أثر لهم سوى / عيارة الخيل ومركز القنا
لتسرح البرحة في براحها / فانها قد بلغت رأس المدى
لطالما أطلحتها سارية / تمزع في الدو ولا مزع الطلا
يعملة قد أخذت سلاحها / من حقب يزينها على الونى
روعاء ترمي مقلتيها حذرا / بين عزيف وعواء وصدى
زيافة تحوذ في تجليحها / لا فرق ما بين الدماث والكدى
تخلف الريح تكوس خلفها / كأنها أعارت الريح الحفا
كأنها من حقب منحب / في سدفة الليل هلال قد خوى
كأنما تطير من لغامها / سرب ثغام فوق خيطان الغضا
بلبها البرق كأن سائقا / يزجها نحا بأسواط السنا
اذا استطار أرزمت رازفة / تواضخ الخال بأجواز الفلا
كأنما البرق لها أجنحة / اذا رأته حلقت الى السهى
أقول للبرق وقد أرقني / لهيبه أعلىثنيات الحمى
سقيت أجراز البلاد فارتوت / وحظ قلبي منك الهاب الجذى
خل نعاماك تداجي مهجتي / فانها محروقة من الجوى
اهفو الى روح النسيم راجيا / اطفاء ما بالقلب من حر الصلا
أعلل الشوق يصادي كبدي / نفح شميم الزهر من تلك الربى
فكان من حيث الشفاء علتي / ورى زناد الشوق من ذاك النثا
وربما منيت نفسي طيفهم / وهو حلال لي ان حل الكرى
ولو قصدت هفوة بحبهم / أو كنت من عاهدهم فما وفى
أرسلت طرفي رائدا لدهشة / بربعهم تذهلني عن الأسى
هيهات لا تمنعني طلولهم / وسانحات ذكرهم الا الضنى
ولو تركت واجبات حبهم / أو صدف الهجر غرامي والقلى
أو تركت لي كبدا صحيحه / أو جلد الحر على قرع النوى
لكان لي على الطول وقفة / أبريء النفس بها من الهوى
لكن لي قلبا عرته سكرة / ما ضل في غمارها ولا غوى
وعاش في صبابة تعمده / مال اليها عامدا فما ارعوى
اسلو بمن أهواهم وان نأوا / وكيف يسلو دنف بمن نأى
وكيفما خامرني الحب فما / قلت رشادي يا ترى أين وخى
ليعمل الحب بنفسي ما يرى / ان ضلالي بهوى القوم هدى
ما زال بي مع الهوى تبصر / ينتقد الحب على شرط الحجا
ليت النهي مع الهوى تثبنت / راسخة فيها عزائم التقى
لو ارعوت مع الغرام نهية / لم يعبث الحب بأحلام النهى
اعمد ممن ضللته صبوة / وبين فوديه ضياء ابن جلا
لربما يهفو التصابي بالفتى / وماله وهفوة اذا عتا
اذا تباشير مشيب وضحت / لم تعذر المرء متى ولا عسى
وفي الصبا معتبة وزاجر / فكيف بالشيب اذا العود انحنى
وكيف بالشيب اذا تقاربت / خطاه أن يقصر في الجد الخطى
يبادر الكيس أخرى عمره / فيرقع الخرق ويوثق العرى
اذا تولى أمد موقت / لم يبق للرجعة منه مرتجى
وكل ما تلبسه من جدة / يعروه من كر الجديدين البلى
ليس الجديدان وقد تباريا / في حربنا يرضيهما منا الفدا
حتى يثلا معهدا ومعهدا / ويمضيا ثم على الدنيا العفا
لقد بلوت الدهر في عفوته / فكدر الصفو وجد ما عقى
وكان ما اجتبيت في صروفه / بالصبر أجدى من تفارق العصا
وساءني الفائت اذ اكسبني / كنزا من الصبر وفوزا بالرضا
جبلة الدهر خؤون حول / ما راش في عافية إلا برى
محافظ الثبت على طباعه / حتى يحول الآل بحرا في الملا
لا يستقيل عثرة من ندم / ولا يقبل من به الحظ كبا
فاصحبه ذا عزم على علاته / تزجي الهموم للعلى على الوجا
مستحقب الصبر على مراسه / حرا سليم العرض من سوء النثا
تبلد الخطب اذا جالدته / بمرة تبسه بس السفا
محجب البث رحيبا شامخا / من رقة الشكوى وسورة الجفا
ان هزك الممض هز طوده / أو هزك الهول فسيف منتضى
توسعه مريرة ويتقي / من جدها ما تبقى من الردى
لا تعرف النكبة منك جولة / تخذو لها خذو مقودات البرى
تصارع الأخطار غير ضارع / لطورها الأعصم ساخ أو رسا
تحس كل حادث بسيفه / فان نبا حينا فأحيانا مضى
لا تعجل الأمر أمام وقته / ولا تفته حيث آن بالونى
وان تعارضك اثنتان فاتخذ / أولاهما بالحق وانبذ الهوى
ان القوي من ثنى شرته / ومن اذا مال الى النفس انتهى
والعقل والحق يحرران من / رق الهوى ويدعوان للعلا
وشر ما صاحب مرء جهله / مطية فارهة الى الردى
ومن تكن عادته طادية / بالسوء هد مجده بما طدا
أني أصون صفحتي مقتنعا / بما يطف من علالات الحسى
انبو والهوب أواري ساعيا / عن مشرب أشربه على القذى
يحمي الكريم عرضه ويحتمي / ان يرد الآجن من كل الركى
لم التفاني في براض آسن / لا يرتجى من نبضه بل الصدى
ولا أقامني طمعا مقادرا / ولست ولاجا بأسواء القمى
كي لا ترى عين خسيس موقفي / ببابه منتظرا من الجدا
في ظلف العيش على قناعة / تظلف للعرض عن السوء غنى
ومطعم تهافتت ذبانه / قضم الهبيد منه أحلى في اللها
ما أضيع النبل اذا تطاولت / خساسة العرق عليه بالحبى
حسبك عيش ماجد على الرضا / بما منى الله به من المنى
ما أقذر العرض يلب عاذبا / برأسه الى لئيم المنتحى
حتى بغاث الطير تسمو أنفا / عن مشروب تخزى به لمنتضى
آليت لا تعلو يدي يد أمرء / يسلفها اللؤم ويطغيها الغنى
ولا أرى وجهي ناظرا الى / وجه يحق أن يحيا بالحثى
وعيشة تمنها خساسة / أشد عندي قذرا من الوغى
قناعه المرء بما يمنى له / من حظه في عيشه خير المنى
ولا أذود الحظ عن طريقه / فالسيل حظ للوهاد لا الربى
ولا أبات شاكعا من حسد / قد هيأ الله لكل ما كفى
في قسمة الله وفي ضمانه / وفي اقتناع الرزق غايات الرضا
اذا سنا الله لعبد نعمة / فواجب العبد الرضا بما سنا
ففيم يصلى حاسد ضميره / والحظ والأرزاق تقدير مضى
فافطن لاقسام الحظوظ انها / قضية عادلة بين الورى
سوية وان تكن تمايزت / حالة ذي عدم وحال من ثرى
لم يظلم القاسم محروما ولا / كل سعيد بالثراء محتظى
ما سرني من الثراء وفره / ان كان بين اللؤم والحرص نما
اذا نفته هكذا وهكذا / صنائع في أهلها فقد زكى
فانهب المال حقائق العلا / وفك من أسر الزمان المهتدى
ما بليت موهبة في حقها / ووعد ما ضن به الحرص البلى
فربما تحسبه وضيعة / في متجر الفضل به الريح نما
عقائل المال اذا أطلقتها / خلدت الذكرى وأنت في الثرى
ما الحق الله بنفس حوبة / تحوبت من شحها بالمقتنى
أذل أعناق الرجال حرصهم / لاتستقيم عزة على الكدى
حتى متى كأسي ريق حية / ومطعمي من زمني مر الجنى
أطالب الدهر حقوقا كلها / كبارح الأروى منيعات الذرى
أقطع آمالي بما في بعضه / أكبر من كاف لدرك المبتغى
كأن تطلابي أمرا ممكنا / أصعب من أمر محال المرتجى
لست على الحمد من الأمر اذا / غالطته خلابة فيما أتى
آتيه نصا فاذا خادعني / فوضتها الله يقضي ما قضى
والخب لا تصحبه فضيلة / ولو إلى النجم بدهيه غلا
ان وسه الدهر احتمال عاجز / فهو سلاحي وتلادي المجتبى
ينفق في اهانتي صروفه / وانفق العزم وانفاقي زكى
ذنبي اليه جنفي عن لؤمه / وقدرتي على احتمال ما حنى
وانني الحتف على لئامه / انكأ في حلوقهم من الشجى
أذود عن حريتي بحقها / واجهد النصر لحر مبتلى
وانني لا اعرف الحد لما / استطيع أن أنجزه من العلى
وانني لا ابطل الجهد الى / حد سكوني بين أطباق الثرى
وانني أدرك أن عازما / مثابرا يدرك غايات المنى
وانني في محن ساورتها / علمت ما جهلته من الورى
وان في حسن التدابير غنى / عن خدع وهو عماد من وهى
وانني لا أستثير سيئا / ولا أسيئ دفعه اذا عنى
ولا أداجي مالئا وذامه / علي غيظا بفقاعات النثا
ولا أحاجي ملقا ذا ظاهر / يشف لي ظاهره عما انطوى
مالي وجهان ولا ثلاثه / إن لم اكن حلوا أكن مر الجنى
تلك وما يفضلها خصائصي / وليسها عند الزمان ترتضى
أرى الحياة كلها ذميمة / وخيرها وشرقها الى مدى
يحبها المرء على آفاتها / وتظهر الآفة عند المنتهى
يعيش لاتندى صفاة كفه / يخزن للوارث كل ما اصطفى
لا تربح الدنيا بشح وافتقد / ما أوضع الجامع من خلد الغنى
نهب فيها هبة فتنسري / وكلنا مرتهن بما أتى
يفوز فيها كيس بربه / أمامه الرشد بمنهاج الهدى
فاستخلص المجهود في تخليصها / من ورطة الذنب واشراك الهوى
وانتهز الفرصة في استدراكها / أوامر الله وما عنه نهى
ان لها عدوا الى غاياتها / والحد وافاك ودربك انقضى
لاتهملن ذرة في عبث / فلست متروكا كما شئت سدى
تودع الأنفاس لا تبكي لها / ورجع ما ودعته لا يرتجى
والكل منها راحل ببضعة / من أجل مقدر على شفا
وآخر الأنفاس يرجو وقته / فهل ترى تأخيره اذا دنى
وربما فكرت في تأخيره / يكون أدنى لك من فكر الحجى
فودع الباقي منها مخلصا / بالباقيات الصالحات في اللقا
دراكها مبادرا دراكها / فالأجل المعدود للعمر خلا
أما ترق لحياة أوذنت / بغصة الموت وهول الملتقى
ارحم حياة طلحت بوزرها / في حمل ذر منه ايهان القوى
لو قرصتها ذرة تألمت / فكيف بالنار الى غير مدى
حتى متى تنصبني أمنية / في نصرة الله فتعدوني المنى
كأنني مكبل في شرك / يزداد في الشد اذا قلت وهى
أشاطر النجم السهاد ساريا / فيغرب النجم وعيني في السرى
كأن أفعى نهشت حشاشتي / من لازب الهم وتلهاب الحشا
أذكى من النار بقلبي زفرة / يخرجها المظلوم من حر الأسا
محترق الأكباد من حسرته / لاغوث لا منصف لا يلوي الى
أنفاسه تطرق باب العرش لا / تطرق بابا غيره ولا ذرى
وعبرة تسفحها أرملة / كالخلق السحق اصارها الضوى
شعثاء غبراء عليها ذلة / مهضومة الحق عديمة الحمى
وصفرة على يتيم شاحب / ادقعه الفقر واشواه الضنى
مفترسا على العفا اديمه / وهل له عافية على العفا
يغدو ويمسي ضاحيا تحت السما / كأنه عود خلال أو خلا
وضربة من سيف باغ نهكت / وجه تقي مثل تشهاق العفا
وسطوة من ظالم شباته / اقتل الاسلام من حد الظبى
يتنهك الحرمة لا تريغه / ضريبة من كرم ولا تقى
يرى عيال الله صيد قوسه / يترك ما شاء وما شاء رمى
جاس البلاد بالبلاء طاميا / فبز حتى بلغ السيل الزبى
وغيرة المؤمن في ضميره / يطفئها الخوف ويطغيها الأسى
يهان في حريمه وعرضه / ودينه وماله مثل اللقا
حامي الحميا مرس لكنه / شرارة في ضرر لا ما عدا
ما نتفع الغيرة في مكمنها / والسيف في قرابه لا ينتضى
حتى تكر الخيل كشفا ساقطا / تهوي هوي العاصفات في الوغى
تجمز جمزا بالكماة شزبا / عوابسا شمسا كسيدان الغضى
هوازجا غربا لجاجا ضبعا / غمر الأجاري بعيدات الشحا
في فلق حالكة أركانه / يجلل الأرض الدجى راد الضحى
مجر لهام أرعن هطلع / غمر دخاس لجب صعب الذرى
يقل في الجو عجاجا لو هوى / عليه رضوى لم يصل الى الثرى
تعشش العقبان في أحضانه / وتنشط الوحش اليه للخلا
لولا بروق المشرفيات به / لم يهتد الجيش الأمام والقفا
تضطرم الأرض بما تقدحه / سنابك الجرد وتقراع الشبا
يخلط غورا بيفاع وقعه / فالأرض في بطن رحاه كاللها
تلتحم الشكه في رعاله / فالجيش في بحر حديد قد طغى
مزجر الوغر له زمازم / زهاؤه الليل اذا الليل عسا
بكل صنديد عتيك داغر / مهول الكبة شداد السطى
يستحقب الحتف ويشهى حينه / ان يكن الحتف انتصارا ً للهدى
تهوى النسور سيفه ورمحه / لما يتيحان لها من القرى
يصدع قلب الروع في عزيمة / أسرع من برق واورى من لظى
كأنها جرازه من قلبه / لا ينتحي ضريبة الا فرى
مجرس مضرس ممارس / يمترس الخطب اذا الخطب شحا
على سراة شامس مطهم / معترق في جريه عبل الشوى
يخترق الحومة في وطيسها / يعارض الهول ويعتام الردى
كأنه صاعقة منقضة / لوصلك في خطفته الطود ثرى
محتمشا مضطغنا صمصامة / يحوش أكداس الرعال كالقطا
أخلصه الصقل شهابا قبسا / وكمن الموت به على الشبا
يفضفض الجحفل باهتزازة / منه ويجتز الاشم إن هوى
يشفعه بلهذم سطامه / أعصل رقشاء على الحتف انطوى
في مأزق بين كمي قد دمى / يحشرج الروح وضرغام شصى
يسوط فيه فيلقا بفيلق / كما يسوط البهم ضرغام الشرى
بهذه الخطة نشفي غيظنا / ان كان بالسيف أخو الغيظ اشتفى
بهذه الخطة نرضي ربنا / ان كان فينا طالب منه الرضا
بهذه الخطة نبتاع العلى / في الدين والدنيا ونستوفي المنى
بهذه الخطة نرقى سلبا / لغاية حض عليها ودعا
أين رجال الله ما شأنكم / الى متى في ديننا نرضى الدنا
الى متى نعجز عن حقوقنا / الى متى يسومنا الضيم العدا
كنا أباة الضيم لا يقدح في / صفاتنا الذل ونقدح الصفا
كنا حماة الأنف لا يطمع في / ذروتنا الطامع في نيل الذرى
لا يطرق الوهن عماد مجدنا / وكم ثللنا عرش مجد فكبا
على م صرنا سوقة إمعة / اتبع من ظل واقتى من عصا
ما أفظع الشنار أو يزيله / ضرب يزيل الهام من فوق الطلى
الى متى نخزى ولا يؤلمنا / كالميت لا يؤلمه حز الشبا
أذل من وتد حمار فيهم / وقدرنا أقصر من ظفر القطا
الى متى نهطع في طاعتهم / ونتقي وليتها تجدي التقى
الى متى نهرع في أذنابهم / لا ملتجى لا منتهى لا منتحى
الى متى يعرقنا نكيرهم / وجورهم وكفرهم عرق المدى
الى متى تقضمنا أضراسهم / الى متى نحن لهم عبد العصا
الى متى تعركنا أحكامهم / الى متى الى متى الى متى
أين محب الله فينا صادقا / لو صدق الحب لهان المختشى
لا ينتهي اذ نفست قروانها / محارم الليل الى العزم اللقا
أين ذوو الغيرة من لي بهم / قد حزب الأمر قد انقد السلا
اتسع الخرق على راقعه / من يشعب الوهى ويرتق الثأى
أما شعرتم أنها داهية / شعواء لا فصية منها بالولى
هبوا من النومات ان حية / تنباع ما بين شراسيف الحشا
حتى على الموت الزؤام نومكم / وليته موت على حفظ الحمى
قد استباحوا حرمان دينكم / ومنعوا الأرض الحياة والحبا
تحكموا في ملككم ورزقكم / وكبسوا البئر وقطعوا الرشا
منوا عليكم بغذاء طفلكم / وحسوة الماء ونفحة الصبا
وأزعجوكم عن ظلال ريفكم / وليتكم لن تزعجوا عن الفلا
وضايقوكم في بلاد ربكم / حتى على مدفن ميت في الثرى
لا يرقبون فيكم الا ولا / ذمة دين أو ذمام من رعى
قد سفكت دماؤكم وانتهكت / حرمتكم ولا حشا ولا خلا
نقعد يشكو بعضنا لبعضنا / وما مفاد من شكا ومن بكى
في بعض هذا غصة لعاقل / لو رجعت أفكارنا الى النهى
يسومنا الخسف خسيس ناقص / لا دين لا حكمة لا فضل ولا
أليس مما يذهل اللب له / عسف الطواغيت بشرع المصطفى
وحملنا على اتباع غيهم / مصيبة لحرها ذاب الحصى
هب ملكنا ورزقنا فيئً لهم / فديننا الأقدس فيئ وجزى
لله ما أفظعها داهية / لو عوفيت قلوبنا من العمى
فيا صباحاه وهل من سامع / لصرختي وهل يجيب من دعا
قد ذبح الملك وهذا دمه / ومدية الذابح في نحر الهدى
وأصبح استقلالكم فريسة / بين كلاب النار يا أسد الشرى
أليس عارا أن نعيش أمة / مثل اللقا أو غرضا لمن رمى
يلفنا الخزي الى أوكاره / ويحكم النذل علينا ما يرى
أنشرب الماء القراح ما بنا / من مضض وليس بالحلق شجا
ونهنأ العيش على اكداره / وتطعم الأجفان لذات الكرى
وجنبنا جنب صدئ صاغر / والسيف حران الحشا من الصدى
كم نظلم السيف بمنع حقه / أما يجازى ظالم بما جنى
ان السيوف طبعت لحقها / وحقها تحكيمها على الطلى
والسيف شهم لا يفيت حقه / أصدق من جد وأكفى من كفى
والسيف حر لا يقر خازيا / يصول ان ضيم وان صال اشتقى
والسيف لا يرضى الذليل صاحبا / ان الذليل بالشنار مكتوى
والسيف جلاء المخازي آخذ / بضبع من يكرمه الى العلى
والسيف مفتاح اذا تضايقت / على الهمام الحر آراء النهى
والسيف كالصدق من الرجال ما / هززته لخطة الا مضى
والسيف في عزومه مؤيد / ان شد سد وتقاضى وقضى
والسيف ذو نقيبة في أمره / ثبت على العلات ميمون الخطى
والسيف أقضى بالحقوق حاكما / أوفر حق ما به السيف أتى
والسيف أوفى صاحب رافقته / ان خانك الدهر وأهله وفى
والسيف فيه فرج معجل / ان الغموم بالسيوف تجتلى
والسيف يعطيك الذي اشتهيته / ان توله من حقه كما اشتهى
ان السيوف عاهدت أربابها / بالمصدر الأقصى وتقريب القصا
هن فحول الحرب منها لقحت / وهن يقتدن الفحول بالبرى
والمجد حيث أبرقت وأرعدت / ينبت من ساعته ويرتعى
ما بالنا نحصنها عقائلا / من المقاصير عليهن الحلى
أين بنو الآسلام ما يعجزنا / والعزة الكر بحومات الوغى
أين بنو القرآن هل ثبطكم / كتابكم عن الجهاد للعدى
أين غطاريف الجلاد بالظبى / أين مشائيم الطعان بالقنا
أين بنو التوحيد لو صدقتم / توحيدكم ما رقص الشرك على
أين بنو الأحرار ما سكونكم / والملك والدين حريب والحرى
كم ذا يناغيكم مبير خادع / أطرق كرى ان النعام في القرى
فجشموه جشما وبيلة / أو تهصروا العظم وتنزعوا الشوى
هلم شدوا شدة قاصمة / مريضة الشمس حمية الوحا
ثبوا الى الموت كراما واندبوا / عزائما تسعر تسعار الصلا
ان ضرابا بالصفاح خطة / ترد ما فات وترسي ما هفا
قدآن للاحرام ان نحله / وتنحر الهدي على رأس الصفا
قدآن لصائم وقت فطره / لطالما ارمض بالصوم الحشا
قد آن للوضوء أن ننقضه / بالسافح الثائر فرصاد الكلى
نقر احلاس البيوت خشعا / أبصارنا مغمضة عما دهى
ندرس تأريخ الالى تقدموا / وحسبنا الله تعالى وكفى
ان العظام لا تؤاتي شرفا / ولا أقاصيص الوغى تكفي الوغى
والسلف الصالح سل سيفه / وكان ما كان له ثم انقضى
تلك الرفات طينة صالحة / لغارس وحارث ومن بنى
أتبحثون بينها عن عزة / أوفي لعل فرجا أوفي عسى
تلكم إذاً أمنية مخلفة / وضيعة العقل وجهل وعمى
لنا صفاح ولها سوابق / لكننا نصفح عن سبق العلى
والمجد لا يملك عن وراثة / لكن بتحطيم الشبا على الشبا
عز على ما اثلت عهودها / كسب المعالي واندفاع ما عنا
ولو تقلدنا فعال أهلها / لم يعبث الفأر بهيصار الشرى
نعيش في هينمة بذكرهم / يعقبها واها وانى ومتى
نعم لهم سوابق لكنها / لا تنعش الجد إذ الجد كبا
معصومة الذروة لا يبلغها / الا همام باللهاميم اقتدى
اذا اتكلنا قعددا عليهم / لم يسلم المجد اذا من الأذى
شدوا الحزيم للهوادي فانثنت / ودوخوا بالعزم صعب المرتقى
واحمشوا الحرب اباء ضيمها / بل هم لها متى ذكت عين الذكا
هم علموا الدهر مراس قرنه / ثم انتهى بعد المراس مهتدى
هم علموا السيف مضاء عزمهم / فهو قرين عزمهم حيث انتوى
هم أدهشوا الهول بما يهوله / فانكفأ الهول شكيا بالضوى
هم شيدوا المجد بما ابيض به / فود عوادي دهرهم حتى غطا
هم عقدوا بالعز عين همهم / فلا تداني ذلة لهم حمى
لا يطرق الضيم عزيز ركنهم / ولا يضام عائذ به احتمى
هم أسبغوا للمكرمات دهرهم / فدهرهم للمكرمات في طوى
هم أجدبوا سوحهم من وفرهم / وهم لأرض الله غيث وحيا
هم أنضبوا غدرانهم بجودهم / وفجروا في الناس ينبوع الغنى
هم وسعوا الكون حلوما وهدى / وصائلا ونائلا ومجتدى
هم أمجدوا وانجدوا وأوجدوا / وأفقدوا وطولوا الباع الوزى
هم جردوا وشردوا وطردوا / وأوعدوا وأوردوا بحر الجدى
هم لكبات الخميس حدها / وجدها وشدها والمحتمى
هم اذا الخيل ارتجحن بحرها / في مأزق الروع تراموا للردى
أولئك القوم وصيت فخرهم / ان كان في أسماعكم ذاك الوحا
أسلافنا ومالنا من مجدهم / الاحديث بعدهم لا يفترى
لم التحجي بعدهم في شرف / عند رفات القوم في الأرض حجا
نرفع منا أنفسنا وننتخي / كأنها من كسبنا تلك النخا
نصحبهن أنفسنا مثقلة / بطيئة تحمل أوقار الونى
تعزف عن مضوفة إذا عنت / مجفلة عن المضاف ان دعا
الا نفوس عزم عارفة / لهن جأش ان طمى الهول رسا
الاشدا في أنفس أبية / يصبرها على مقاساة الشدا
تشفع احسابا زكت بمثلها / لها بها أصله الأصل أسى
هلم فلنحذو حذو سعيهم / فليس للانسان الا ما سعى
ليسوا رجالا لا نطيق فعلهم / لكنهم جدوا وقصرنا الخطى
تناولت أكفنا سيوفهم / يا أسفا وعجزت عن السطى
ما انطمست من دوننا سبيلهم / قد نصبوا الأعلام فيها والصوى
ما كابدتنا خطة عن شأنهم / أفظع مما كابدوه فانفأى
هم غربوا وشرقوا وأيمنوا / وأشأموا ومهدوا لنا الذرى
وهم سروا بجدهم وجهدهم / فحمدوا صباحهم غب السرى
همو أقاموا سننا شامخة / تمثل الشهب ارتفاعا وسنا
هم أقدموا ارتجرد السراحيب لها / تعطش الصادى الى نار الوغى
تزفي الخميس جحفلا فجحفلا / مثل الدبور انجلفت عنها الطخى
ياهي مالي وعشيري ارملوا / معاقل العز وايتموا العلى
أين رجال الله أين غارهم / قد هدم الحوض ودمت الركى
أين الذين استخلصت شيمتهم / كأنها الدر اليتيم المنتقى
أين الذين محصت سيرتهم / مكدرات دهرهم حتى صفا
أين الذين عرجوا الى السما / أعني سماء العلم والدين الهدى
أين شموس الأرض أنى أفلت / وأبقت الناس على مثل الدجى
أين الخيار العائذ الكون بهم / وصفوة الصفوة من هذا الورى
أين ربيع الأرض أين غيثها / يا حربا لا غيثها ولا السدا
أين بقايا الله في عباده / ظنائن الله وقائذ التقى
أين أسود الغيل ماذا اغتالها / قد أسد الثعلب فينا وضرى
هيهات بعد القوم شدت رحلها / حمية الدين وصارت منتسى
أنشدها من مسجد فمعهد / فمنهج فمجمع فمنتدى
فلم أجد منشودتي في موضع / ثم حدست انها رهن الثرى
أرملة ناحت على أحرارها / ثم ثوت آسفة فيمن ثوى
اواه اواه رزئنا بعدهم / وليتنا في خلف عمن مضى
مافي الحمى من دافع ومتق / ما يعقب الخزي ولا من يتقى
قد ضاعت الحرمة بعد صونها / وشنت الغارة في عقر الحمى
وطرق الحي ذئاب جوه / ودعثر الزرب وخاس المرتعى
ادعوا رعاة الحي في قبورهم / ان سمع الميت دعاء من دعا
ادعوا لها الأموات اذ آيست من / احيائهم لعل فيهم من وعى
يا أيها الراعي انتبه فما بقي / حول المراعي ما ثغى وما رغى
يصخ صوتي مسمعا ومسمعا / لو كان من يزعجه هذا الندا
أصبح قومي جثة باردة / عي بها الطب وعيت الرقى
ما أثر النصح على ألبابهم / الا كآثار الحيا على الحصى
وما رسوخ الوعظ من قلوبهم / الا كما يرسخ في الصخر الصدى
ولا لاحرار الكلام عندهم / تكرمة ولا لحر مستوى
تنصحهم فتجتوى ديارهم / ان الكرام دارهم لا تجتوى
امحضهم نصائحا لو ذهبت / الى جماد ذاب أو ماء جسا
فتنثني نصائحي مكارها ً / يقرضها اللوم وينفيها القلى
سيدرك النصح لزاز محوذ / عزائم الرأي اذا لاح الجلا
لقد نفت عني الرجال شيمة / لو سكنتهم زلزلت قلب العدا
لكنني أعجز أن أفيتهم / تكذيبهم بينتي للمدعى
ان القلوب استشعرت جبلة / فتاركت أحلامها الى الهوى
ليس العصور الغر ان تكشفت / بحسنها هادية لمن غوى
كل امرئ بفعله معتبر / والسف بالشفرة يفضل العصا
فتحت عيني فرأيت غافلا / يحمله السيل وليته درى
ونائما والنار في جثمانه / كأنه جزل الغضى وما وعى
وراضيا بذلة مفتخرا / بأن يعيش خازيا ومزدرى
ومؤمنا مستضعفا يغمزه / ظالمه من الرجا الى الرجا
وعاقلا في رأيه متهما / وأرشد الآراء للحر الدوا
وحاسدا لنعمة تخاله / أسعر ما كان اذا قلت خبا
وبائعا لوطن فيه انتشى / بلقمة يلذها وهي الودى
فهل لنا استقامة وعزة / وحالنا مشؤومة كما نرى
وأغلب الناس الوفاء عندهم / مستهجن وعهدهم على شفا
يجرون في الأهواء لا تكبحهم / شكيمة عن دحل ولا هوى
وأدعياء الفضل ان دعوتهم / لغمرة الجلى تراموا للعرا
همهم في شهوات طبعهم / هم السوام في ارتياد المرتعى
سريهم من جمع المال ولو / أفلس من مروءة ومن حجى
اذا دعا المجد تفادى ناقصا / وان دعاه بذخ قال انا
لا يشرف اليوم بعقل مقتر / والسيد الأقعس من نال الغنى
فخذ من الغمر الدني رأيه / ان ملأ الكيس ودعه ان ضقا
تخاضعت له الرقاب عنوة / وان جست صفحته وان ظمى
عصائب الاسلام تلكم حالنا / وليس يخفى في الظلام ابن رجلا
ما تنظرون في التماس طبكم / قد نكأ الجرح وادنف الضنى
ليس لها الا التفاف قوة / بقوة ومقتدى بمقتدى
ليس لها الا نفوس طفئت / أضغانها واشتعلت فيها التقى
يلمها الايمان قلبا واحدا / وجهته الله وحشوة الهدى
اذا رمت فقوسها واحدة / وما رمت وانما الله رمى
دب اليكم داء من قبلكم / من حسد يسفعكم ومن قلى
فخلصوا الأنفس من أدوائها / فقل من مهما أصابته نجا
ولو تآلفتم على ايمانكم / وكانت الأوجه وجها ينتحى
ومحصت أنواره قلوبكم / فصفيت من فتنة ومن شذا
ضاق على الخصم الفضاء دونكم / وعزه الاركاس من حيث نزا
عسى الذي قدر ما يهولكم / يزيل باللطف الخفي ما عنا
ويمطر الروح على ربوعكم / فينضر الروض وان كان ذوى