المجموع : 20
أمنزل ذات الخال حييت منزلاً
أمنزل ذات الخال حييت منزلاً / وإن كانَ قلبي فيك بالوجد مبتلى
لك الله قلباً لا يزال مقيداً / بشجوٍ ودمعاً لا يزال مسلسلا
يعبر عن سر الهوى وأضيعه / فيا لك دمعاً معرباً راح مهملا
كفى حزناً أن لا أراقب لمحة / ولا أنظر اللّذّات إلاّ تخيّلا
ولا أستزير الطيف خوف فراقه / لما ذقت من طعم التفرّق أوّلا
وأقسم لو جاد الخيال بزورةٍ / لصادف باب الجفن بالفتح مقفلا
وأغيد قد أضنى العواذل أمره / فقل في أسى أضنى محبًّا وعذّلا
غرير رنت أجفانه ووصفنه / فراح كلانا في الورَى متغزّلا
إذا شئت أن أشدو بأوصاف ثغره / بدأت ببسم الله في النظم أوّلا
حذار عوادي القتل من سيف طرفه / فما كسر الأجفان إلا ليقتلا
بليت به ساجي اللحاظ كليلها / وما زال تعذيب الكليلة أطولا
إذا ما بدا أو ماس أو صان أو رنا / فما البدر والخطّيّ واللّيث والطّلا
وقالوا أتحكيه الغزالة في الضحى / فقلت ولا لحظ الغزالة في الفلا
فلا تنكرا منه حلاوة لحظه / فذاك أراه بالنعاس معسلا
ولا تعجبا من ردفه وثباته / فلولا وشاحا عطفه لتهيّلا
غدا البدر أن يحكي سناه وإنما / رأى مللاً من خلقه فتنقّلا
وماثل ريق النحل لذة ريقه / فقال اللّمى ما أخجل المتنحّلا
تبارك من جلّى صحائف أوجهٍ / وأوضح آيات الثغور ورتّلا
وشيد للملك المؤيد رتبة / من المجد تملي المادح المتوسلا
مليك رقى قبل الصبا كاهل العلى / فكيف وقد أبصرته متكهّلا
كريم الثنا نال الكواكب قاعداً / وجاوز غايات العلى متمهّلا
تخاف الغوادي من نداه كسادها / وما نفحت كفّاه إلا لتفعلا
يقولون أعدى باليمين يساره / فجادت فمن أعدى الذي جاد أوّلا
ومن في المعالي قد تقدَّم ورده / أجلْ إنها عادات آبائه الأولى
ملوك إذا قام الزمان لمفخرٍ / غدا بليالي ملكهم متجمّلا
كرام ثوَوا ثم استقلّ حديثهم / فأحزن في عرض البلاد وأسهلا
أناملهم تحت الثرى ربع مائه / وأقدامهم يكفيه أن يتزلزلا
رقوا ما رقوا من سؤدد ثم قوّضوا / فزادَ على ما أنهجوه من العلا
هنيئاً لدست الملك بدراً وغرَّة / إذا انْهلَّ في يوم الندَى وتهللا
دع الغيث بنار البرق والطود راسياً / ويمّمه إن راعَ الزمان وأمحلا
لراحة إسماعيل أصدق موعداً / وساحته الفتحاء أمنع مقفلا
هنالك تلقى أنعماً تترك الثرى / يراد وعزماً يترك الماء يصطلى
وأصيد من نسل الملوك إذا انْتدى / رأيت معمًّا في السيادة مخولا
أخا كرمٍ تبغي العواذل عطفه / فتلقاه أندى ما يكونُ معذّلا
دنا رفدُه قيد الوريد وإنَّما / ترفَّع حتَّى خاطبَ النجم أسفلا
فداه كرام العالمين فإنه / أبرُّهمُ مالاً وأشرف موئلا
إذا فاخر الأنداد جاءَ فخاره / بهذا الثنا يستوقف المتأمّلا
وبالعلم وضَّاح الهدى متألِّقاً / وبالحلمِ فيَّاح الجنا متهدِّلا
وبالمنطق الأزكى أسد محرَّراً / وبالسؤددِ الأجلى أغرّ محجَّلا
وبالزهدِ موصول القيام كأنما / يغازل طرفاً من دجى الليل أكحلا
وبالبأس سلْ عنهُ الصوارم في الوغى / وكانت مواضي البيض أفصح مقولا
وما هي إلاَّ همَّةٌ ملكيَّةٌ / انْقضى عزمها فرض العلى وتنفَّلا
يخصُّ سجاياها الوفا وهو مسلمٌ / وكان يهوديًّا يخصُّ السموألا
ويغني عن الأمداح مشهور فضلها / وما الصبح محتاجٌ إلى الوصفِ والحلى
وما الشمس في أفقِ السماء منيرة / تخال بها من ضحوة الغيظ أثكلا
بأوضح للأبصارِ من مجدِه الذي / توقَّد حتَّى لم تجد متوقّلا
ثنى رجله فوق النجوم ولو علتْ / وطالتْ ثنى باعيه أعلى وأطولا
وما روضة خاطت بها إبرة الحيا / من الودق ثوباً علق الوشي مسبلا
بأعبق من أوصافه الغرُّ نفحةً / وأبرع من ألفاظِه الزهر مجتلى
أوابد قد أعيى امرئ القيس قبلنا / سنا نجمها الهادِي فماتَ مضلَّلا
له راحة ضمَّت يراعاً ومرهفا / كأنَّهما زاداه بالمكثِ أنملا
يراعاً إذا مدَّته يمناه بالندى / رأيت عباب البحر قد مدَّ جدولا
وسيفاً كأنَّ القين سوَّاه جذوةً / فلو لو يعاهد بالطلا لتأكَّلا
مبيد لو أنَّ المرء ضاعف درعه / ومثله في نفسه لتجدَّلا
يؤيد خدّيه يدٌ ضربت به / دراكاً فما تحتاج كالبيض صيقلا
ألا رُبَّ شأوٍ رامه فتسهَّلت / رباه وصعبٍ راضه فتذلَّلا
وجيشٌ كأن الجوّ قد مدَّ أنجماً / عليه ووجه الأرض أنبت دبَّلا
كأن عتاق الطير بين رماحه / بنودٌ تهاوى للطعان وتعتلى
إذا نبضت يوماً بوادي قسيه / تلبس ثوب النقع بالنبلِ مجملا
رماه بعزمٍ فانْجلى ليل خطبه / ولو رامه الصبح المنير لما انْجلى
وذي ظمأة بادِي الخمول توعَّرت / عليه مساري الرزق حتَّى تحيلا
علا وارْتوى لما دعاه كأنما / يشافه من حوضِ الغمامة منهلا
وبيداء مقفار إليه قطعتها / فلاقيتَ معلوماً وفارقت مجهلا
وقلت لخليّ أنزلاني فهذه / منازله ثمَّ اعقلا وتوكَّلا
هنالك عاهدت الرياض أنيقة / ترفّ وجاورت الغمائم همَّلا
وقضَّيت في ظلِّ النعيم ليالياً / لو انْتقضت كانت كواكب تجْتلى
ولا عيبَ في نعمائها غير أنَّها / تجود متوهي الكاهل المتجمِّلا
وإني إذا أجهدتُ مدحي فإنَّما / قصاراي منها أن أقول فأخجلا
لبابك يا ابن الأكرمين بعثتها / أؤانس من مدحٍ عن الغيرِ جُفَّلا
وأرسلتها غرَّاء كالغصن يانعاً / وزهر الرُّبى ريَّان والريح سلسلا
ممنَّعة المغزى تجر برأسهِ / جريراً وتلقي من جرى الكلب جرولا
شببت لها فكري وفاحت حروفها / كأنيَ قد دخَّنت في الطرسِ مندلا
وأعْتقت رقِّي من خمولٍ عهدته / فحزت وَلا قلبي وللمعتق الولا
وأنت الذي أسْعفتني فصنعتها / ولولا الحيا لم يصبح الترب مبتَّلا
فلو رامها الطائيّ من قبل لم يقل / لهانَ علينا أن نقول ونفعلا
وكم مثلها أهديتها طيّ مدرجٍ / تكاد لفرطِ الشوق أن تتسلَّلا
يفوه بها الراوي فيملأ لفظها / فم الخلّ درًّا أو فم الضدّ جَندلا
جمعت بنعمى راحتيك فنونها / كما جمعَ السلك الجمانَ المفصَّلا
ومثلك من حلَّت أياديه حسنها / فزادَ وثنى حظّها فتكمَّلا
بقيت لهذا الدهر تبسط إن أسا / يديك فما ينفكُّ أن يتنصَّلا
ودمت لشأوِ المجد بالطول راقياً / ومن طلبَ المجد العليَّ تطوَّلا
حلفت يميناً ليسَ مثلك في الورَى / فما شرع الإسلام أن أتحلَّلا
بعثت طيفها إلينا رسولاً
بعثت طيفها إلينا رسولاً / فبلغنا من الزيادة سُولا
ثمَّ ولَّى فليت أنا قدرنا / فاتَّخذنا مع الرسول سبيلا
يا له واصلاً إليَّ وما كا / دَ بدمعي أن يستطيع وصولا
خلّ يا دمع مقلتي في الدجى إ / نَّ لها في النهارِ سَبْحاً طويلا
وأعدْ يا نسيم أخبار مصرٍ / رُبَّما طارحَ العليل عليلا
أنت لا شكّ من صبا أرض مصرٍ / فلهذا أرى عليك قبولا
وملول هويتهُ غير أنِّي / لا أراه من الملال ملولا
ذو جمال على بثينة يزهى / يا شكاة الهوى فصبراً جميلا
ورضاب حماه رمح التثنِّي / فهوينا العسَّال والمعسولا
جلَّ ربٌّ أعطاه تحسين مرآ / ه وأعطى الأفضل التَّفضيلا
ملك قد زهى به مربع المل / ك فحيَّى فرعه والأصولا
شادويّ ما فيه لو يوم وصفٍ / لا ولا للسؤال في لفظه لا
عذلوا جوده وشيمته الغرَّا / ء ترضي الورَى وتعطي العذولا
فيه بشر وفيه للروعِ حدٌّ / مثل ما ينتضي الحسام الصقيلا
نعمٌ تترك الذَّليل عزيزاً / وسُطاً تترك العزيز ذليلا
ومقيم على محاريب نسل / حسبه نور وجهه قنديلا
فإذا رامه العداة بكيدٍ / أخذتها الأيام أخذاً وبيلا
حاشَ لله أن نرى لك ضدًّا / يا ابن أيوب في العلى أو مثيلا
لك بيت في الملكِ قد جمع الأوزا / ن جمعاً يوافق التفعيلا
كرماً وافراً ومداً مديداً / وثناً كاملاً وذكراً طويلا
وعلى شخصك الكريم من السؤ / دد نورٌ يكفي العقول دليلا
كم سمعنا عن فضلِه وشهدنا / فحمدنا المنقول والمعقولا
ودمتمُ للفخار يا آل أيو / ب وبوركتمُ أباً وسليلا
كيف أنسى نوالكم وهو حولي / أتلقَّاه بكرةً وأصيلا
لم أذق صدّ جودكم فأغني / قمت ليل الصُّدود إلاَّ قليلا
إن طيفاً عن حال شجوايَ أملى
إن طيفاً عن حال شجوايَ أملى / لستُ أدري أدَّى الأمانة أم لا
جاءَ ضيفاً وردَّه سهد عينيَّ / فولَّى بيَ الهمومَ وولَّى
ليت طيف الحبيب ينقل جسمي / لا حديثي فكان يحسن نقلا
بأبي من إذا تثنَّى دلالاً / أطرقت في رياضها القضب خجلا
فاتك اللحظ وهو حلوٌ مع الف / تك فيا حبَّذا الحسام المحلَّى
عرف الناس سحر عينيه لمَّا / مدَّ فرعاً فصيَّر الفرع أصلا
مدَّ صدغاً على عذارٍ وخدٍّ / فرأينا مرعىً وماءً وظلاَّ
ورنا بعده الغزال فقلنا / حُطّ يا ظبيُ عن جفنك ثقلا
ليسَ يُسلى هواه من قلب صبٍّ / ونعم فوق خدَّيه يُسلى
يا سلوِّي عليهِ عليه بُعداً وسُحقاً / واشْتياقي إليه أهلاً وسهلا
أشتكي جوره التذاذاً بذكرى / شخصه كالأريحيِّ منه عدلا
عجبي منه ظالماً مستطيلاً / وهو إن ماسَ أعدل الناس شكلا
باخلٌ بالكلامِ لكن له سيَّا / ف لحظٍ تكلَّم الناس عنه طفلا
يا بخيلاً بلفظه ولقاه / شذَّ ما قد بخلت قولاً وفعلا
خنت عهدي ولست أوَّل خلٍّ / خانَ بعد الولاء والودّ خلاَّ
رُبَّ يومٍ قد كانَ ريقك فيه / ليَ راحاً وكان قدّك نقلا
سائلي عن قديم دهريَ إيهاً / ذاك وقتٌ مضى ودهرٌ تولَّى
وليالٍ جادت وأعقبت اله / مّ فيا ليت جودها كانَ بخلا
وحبيبٌ جفا ولست بسالي / ه وحاشا ذاك الجمال وكلاَّ
تتقلَّى به العواذل غبناً / فهو يُهوَى وعواذلي فيه تُقلى
عذلوني وفي الحشا عقد ودّ / لم يدع لاسْتماع عذلٍ محلاَّ
أنا في الحبِّ مثل قاضي قضاة الد / ين في الجودِ ليسَ يسمع عذلا
مغرف في العلى لماضيه يتلو / وثناه على البسيطة يتلى
دلفي يوم الفخار يجلى / وبه منهم الخطوب تجلَّى
حازَ غايات أهله بمساعٍ / قدَّمته إلى السيادة أهلا
فأفاضَ الجودين عدلاً ومالاً / وحمى الجانبين حزناً وسهلا
وحرام أن يطرق العسر والجو / ر فتىً كانَ في مغانيه حلاَّ
همَّة تحسب النجوم على الأف / قِ شعاعاً من جرمها يتجلَّى
وعلوم فاضت على الأرض بحراً / هادِياً لم يعف كالبحر سبلا
كم قضى فرض قاصدٍ لحماه / ثمَّ والى فأتبع الفرض نفلا
كم جنينا منه المواهب شهداً / إذ بنينا له الركائب نملا
كم إلى بيت ماله في العطايا / قد ضربنا بطالعِ العيس رملا
لائميه على المكارمِ كفُّوا / إنَّ للصبِّ بالصبابة شغلا
يا له سالكاً بغير مثيل / في طريقٍ من السيادة مثلى
وإماماً أقلامه كلّ يومٍ / تتلقَّى الأقلام قدح معلَّى
صانَ للفضلِ ذمَّةً وحوى العل / م جميعاً فلم تقل فيه إلا
لو أرادت شهب النجوم علاه / ما عزَا الفيلسوف للشهبِ عقلا
ما ألذُّ النعمى لديه وما أش / قى حسوداً بنارِهِ بات يُصلى
وعدوًّا إن لم ينازله بالقت / لِ كفاه سيف التحسُّد قتلا
أضعف الهمّ جسمه فإذا قا / لَ لرجليه بادري كتبت لا
قد بلونا السادات شرقاً وغرباً / فوجدنا جلال علياه أجلى
قيل يعني عطارداً قلت لا بل / مشتري الحمد بالنفائسِ بذلا
يا إماماً إذا المفاخر نادت / هُ مشى ساحب الذيول مدلا
أتشكَّى لك الزمان الذي تمل / ك إصلاحه لديَّ فهل لا
ومقام للعلمِ لولا نظام / من مساعيك ما تنظَّم شملا
ومحاريب شدْتها بدروس / وصلاة تحبى إليها وتجلى
حبَّذا أنوار شخصك في سجَّا / دِ محرابه النقى والمصلَّى
ربَّ مدح لولاك أمسى محالاً / ورجاء لولاكَ أصبح محلا
حبَّذا لي مدائحٌ فيك تبدى / من حياءٍ كالروض يحمل طلاَّ
طالَ إملاؤها عليكَ ولكن / لك كفٌّ من العطا لن يملاَّ
عادة لامها النصيح على البذ / لِ فقالت سجيَّة الأصل مهلا
إن أكن أحسن الثنا فيك قولاً / فلقد أحسنت أياديكَ فعلا
زادكَ اللهُ بسطةً واقْتداراً / ومقاماً على السّهى ومحلاَّ
جمعَ الله فيكَ ما عزَّ في الخل / قِ فسبحانه وعزَّ وجلا
بدت ورنت لواحظه دلالاً
بدت ورنت لواحظه دلالاً / فما أبهى الغزالة والغزالا
وأسفرَ عن سنا قمرٍ منيرٍ / ولكني وجدتُ بهِ الضَّلالا
صقيل الخدِّ أبصر من رآه / سواد العين فيه فخال خالا
وممنوع الوصال إذا تبدَّى / وجدت له من الألفاظِ لالا
وأعجب إذا وضعتُ سلاح صبري / لمنظرِهِ وما رفع القتالا
عجبتُ لثغره البسَّام أهدى / لنا درًّا وقد سكن الزّلالا
شهدتُ بشهدِ ريقته لأنِّي / رأيت على سوالفهُ نمالا
وأشهد أنَّ في خدَّيه جمراً / لأنَّ بمهجتي منه اشْتعالا
فيا لنعيم جسمٍ قد حواه / وقد أهدى إلى قلبي الوبالا
سأشكو الحزنَ ما بقيت حياتي / وأشكر في صنائعه الجمالا
على حمدِ ابن محمود اسْتقرَّت / عقول العالمين ولا جدالا
رئيس للعلى طالت يداه / ولم يفخر بذاك ولا اسْتطالا
بديهيّ المواهب يوم جود / إذا روَّى الورَى وهَبَ ارْتجالا
ونحويِّ العوارف يوم جاهٍ / فكم نصبت على التَّمييز حالا
وكم عطفت لذا من بعد هذا / وكانَ العطف والبذل اشْتمالا
لقد زهت العواصم يوم وافى / وأمست عصمة وغدت ثمالا
وصحَّ حمى الشمال بيمن رأيٍ / أنالَ من السعادةِ ما أنالا
فما يشكو سوى لحظ الغواني / ونشر الروض سقماً واعْتدالا
وكيفَ وقد تولَّى في حماه / عليّ القدر ذو كرم توالى
حكى السبع الشداد علاً وحاكت / عليه مدائحي السبع الطّوالا
أعاذله على المعروفِ دعهُ / فإنَّ له به عنك اشْتغالا
وطالب شأوه في المجدِ أقصرْ / ودعْ ليث العرينة يا ثعالى
له قلمٌ يكفُّ الخطب كفًّا / وينهمل الندَى منه انْهمالا
إذا جلى الحروف فلست أرضى / سنا ابن هلال ثمَّ ولا الهلالا
تجانسَ صنعه فترى سجلاًّ / يروق وفي النوال ترى سجالا
براحةِ منعم تعبت فسادت / وحاولَ طوله العليا فطالا
وثقت بجودِهِ فرأيتُ مالا / أرى من غيره وكنزت مالا
ألم ترَ أنني في كلِّ عامٍ / إلى طلب العلى أبغي الشمالا
بإسماعيل ابْتدئ الأيادي / وإبراهيم اخْتتم النوالا
لقد رفعا قواعد بيت جودٍ / دعا حجّ المقاصد واسْتمالا
ولا والله لا أزجي ركاباً / لغيرهما ولا أنهي سؤالا
إليك جمال الدين الله قصداً / تعوَّد منك عزماً واحْتفالا
وكنت بلوت برّك من قديمٍ / فلم أصرف لغير حماكَ بالا
رعاكَ الله ما دعيَ ابن غيث / وزادَ ندى يديك ولا أزالا
لقد حسنت فعالك في البرايا / فحسَّن فيكَ مادحك المقالا
دعوني لذكرى حسنه أقْتضي العذلا
دعوني لذكرى حسنه أقْتضي العذلا / ليملأ سمعي عنه أحسن ما يملى
بروحيَ أمرُّ الناس نأياً وجفوةً / وأحلاهمُ ثغراً وأملحهم شكلا
يقولون في الأحلام يوجد شخصه / فقلتُ ومن ذا بعده يجد الأحلا
ومن لي بطرف يستزير خياله / وقد حلف التَّسهيد من بعده أن لا
روى وجهه من تحت صدغيه معرضاً / فأعدم طرفي ذلك الروض والظلاّ
وكلَّفتني في رحلتي وإقامتي / على حسنه المطلوب أن أضرب الرملا
كأنيَ لم أختم على تبرِ خدِّه / بلثمٍ ولم أجعل عناقي له قفلا
ولم يسع نحوي شخصه أو خياله / فإن لم أصب من وصله الوبل فالطلاّ
على أنَّ لي فيه أمانيّ فكرة / أعيد على رغم الحسود بها الوصلا
ولي في الذي أهوى هوىً فلو أنه / تكلَّف لي عطفاً لناديته مهلا
وكانَ بودِّي لو أطقت تسلياً / فحققت عنهُ صبوتي كلما ملاّ
وحمّلت عنه ما عناه فلم أدع / على خصره سقماً ولا جفنه ثقلا
تحكَّم في ودِّي لديه وسلوتي / فأحسن في أحكامه العقد والحلاَّ
وإني على ظنِّي به وصبابتي / لأقنع من يدري على الطرفِ أن يجلى
أبى الله أن يجزي بذكرى أسرةٍ / تطفَّلت في العليا على مجدِهم طفلا
فيا لكَ بيتاً لا يقال لأهله / عزيز علينا أن نرى ربعكم يبلى
ولو حلَّ بي طيفاً وللراح سوْرَةٌ / بعقليَ لم أسلك به غير ما حلاَّ
سجيَّة آباءٍ كرمٍ ورثتها / وفقه عفاف يجمع الفرع والأصلا
ويدعو حماه طالباً بعد طالب / إلى المال يستجدى أو العلم يستجلى
فيا ليت شعري هل أرانيَ واقفاً / على بابهِ لا أقتضي الكتب والرسلا
فآوي بشطِّ النيل طرفي وناقتي / وأطرح في تيَّاره السرح والرحلا
وأسكن حيث الشهب حصباء واطئٍ / وحيث يمدُّ العزّ من فوقها ظلاَّ
وحيثُ أصوغ اللفظ أهلاً لمدحِهِ / وأمَّا سوى لفظي هناك فلا أهلا
وحيثُ زماني فهو ضدٌّ معاكس / يعود إذا طارحته صاحباً خلاَّ
أقول أبو جهل فلما أحفَني / ظلال الحمى العالي أقول أبى جهلا
هنيئاً لوفدٍ سائرين لبابه / لقد حمدوا المسرى وقد عرفوا السبلا
وإن امرأً أسرت إليه جياده / ليعظم أن يرضى الهلال لها نعلا
وإن لقاضي المسلمين عوارفاً / بها كم أقمنا للثنا شاهداً عدلا
ونحواً من العلياء نزِّه وضعه / فما الاسم منقوصٌ ولا الفعل معتلاَّ
رِدوا بحره واسْتصغروا ورد جعفرٍ / وقيسوا به الآمال واطْرحوا الفضلا
بني دلف طبتم وطابَ قديمكم / فأكرم بكم فرعاً وأكرم بكم أصلا
وجزتم مدا العلياء لم يتل سبقكم / ولكن على السماع ذكركمُ يتلى
فلا طرقت أيدي الخطوب لكم حمى / ولا فرَّقت عين الزمان لكم شملا
حاشاكَ من وحشةٍ تحت الثرى وجلا
حاشاكَ من وحشةٍ تحت الثرى وجلا / يا سائراً صرت في حزني له مثلا
سقياً لقربِك والأيام عاطفة / والقلب يسحب أذيال الهنا جذلا
والسمع قد صمَّ عن نجوى عواذله / وسيف جفنك عندِي يسبق العذلا
حيث التبسُّم طلاَّع الثنيَّة من / فرط السرور وبشر الطلعة بن جلا
فبينما أنا معطوفٌ على سكنٍ / حتَّى تحرَّكت الأيام فانْتقلا
أشكو إلى الله بيناً لا انْقضاء لهُ / ورحلة للنوى لا تشبه الرحلا
بيناً أرى فيه للنعشِ انْبعاث سرى / لا ناقة للسرى فيه ولا جملا
فليت أن بنات النعش تسعدني / بأدمعِ النوء للبدرِ الذي أفلا
لهفي عليك وهل لهفٌ بنافعة / إذا تحدَّر دمع العين وانْهملا
لم يترك الدهر من أوقات منتظري / إلا وآخر عمر تندب الأوَّلا
وتربة يتلقَّى الحزن زائرها / كأنَّها تنبت التبريح والوَجلاَ
حديثه الظهر إلا أن باطنها / قد اسْتجنَّ جنان الروضة الخضلا
أسْتوقف الجسد المضنى لأندبها / يا من رأى نادباً يسْتوقف الطَّللا
متيَّماً نصلت فوداً شبيبته / وقلبه من حدادِ الحزن ما نصلا
يا غائباً ذهبت أيدي الحمام به / بعداً ليومك ماذا بالحشا فعلا
إن ينأ شخصك إني بعد فرقته / أدنى وأيسر ما قاسيت ما قتلا
أو ينقضي للمنايا بعدنا شغل / فقد تركنَ بقلبِي للأسى شغلا
آهاً لعطفِ معانٍ فيك ذي نسق / جعلت من بعده نار الأسى بدلا
هلاَّ بغيرِك ألقى الموت جانبة / لقد تأنَّق فيك الموت واحْتفلا
هلاَّ قضى غصنك الزاهي شبيبته / فما ترعرع حتَّى قيل قدْ ذَبلا
أفدِي الذي كانَ لي عيشاً ألذُّ به / فما أبالي أجادَ العيش أم بخلا
دعا التجلُّد قلبي يوم رحلته / فقلت لا ودعا سقمي فقالُ هلا
سقم ملكت به معنى النحول فإن / جاءَ الخلال بسقمٍ جاءَ منتحلا
ومقلة قد طغى إنسان ناظرها / فكانَ أكثر شيء بالبكا جدلا
لا نلت قربك من دارِ النعيمِ غداً / إن كانَ قلبي المعنى عن هواكَ سلا
يا منية الصبّ أما ثكل مهجته / فقد أقامَ وأمَّا صبرها فخلا
ما أحسنَ العيش في عيني وأنتَ به / أما وأنت بأكناف التراب فلا
سقي ضريحك رضوانٌ ولا برحت / ركائب السحب في أقطاره ذُللا
يا صاحبيّ أرانا الدهر شوَّالا
يا صاحبيّ أرانا الدهر شوَّالا / فبادرا وانْصبا للذّة الحالا
لا تحذرا مع عفو الله موبقة / تحصى ولا مع ندى السلطان إقْلالا
جادَ المؤيد حتَّى كدتُ أحسبه / مع فضل فطنته لا يعرف المالا
ولا كحّلت بمرأى مثله بصري / هذا وقد جبتُ ظهر الأرض أميالا
فليهنه من هلال العيد مقترف / يدنو فيركع إعظاماً وإجلالا
حتَّى ترى نونه من فرط خدمتها / تودّ لو صيرت في أفقها دالا
ملوّز الطرف أهلاً
ملوّز الطرف أهلاً / كل الحلا إن تحلى
وحاكم العقل يقضي / إن الملوّز أحلى
وخشكناناً أتاني / في مثل عيديَ فتلا
من أفضل الناس نفساً / وأنفس الناس فضلا
وفي انتساب وعلم / أجلّ فرعاً وأصلا
عليّ هنئتَ عيداً / في الصيغتين محلّى
أنهيت عاليَ قصدي / فيه ورأيك أعلى
طلبت ريّ الغليل منها
طلبت ريّ الغليل منها / وعاذلي يطلب المحالا
عنفني ثم قال تسلى / عن حبِّ ماما فقلت لالا
يا حبيب القلب أهلاً
يا حبيب القلب أهلاً / بالهوى فيك وسهلا
ما ألذّ الوجد عندي / في معانيك وأحلى
غزلت عيناك لي / ثوب سقم ليس يبلى
فاقض لي ما أنت قاض / لست ممن يتسلّى
لا وشعرٍ لك داجٍ / وجبينٍ يتجلّى
لا تسلّيت ولا قل / ت لألحاظك مهلا
لا ولا استدفعت صدًّا / منك واستدعيتُ وصلا
غير أنّ العبد ينهي / حاله والرأي أعلى
متّع لواحظنا التي أضنيتها
متّع لواحظنا التي أضنيتها / لما اتخذتَ إلى البعاد سبيلا
وأعد بعودك للعيون منامها / فلقد ترحّل يوم رمت رحيلا
أولا فنظرتها إليك ألذّ من / عود المنام ولو جفته طويلا
يا قادماً أقسمت لو قسم الورَى / حُرّ الخدود له لكان قليلا
أهلاً بقربك فهو كحل نواظر / كم راقبت من نحو أرضك ميلا
صحّت بك الأيام حتَّى ما يرى / متأمّل إلا النسيم عليلا
دم يا علاء الدين في رفعة
دم يا علاء الدين في رفعة / رأيك فيما يقتضي أعلى
كتاب مولانا بإشفاقه / لا يختشي من سفر ثقلا
يصطاد في المشتى مهماتكم / ونحن نصطاد من المقلى
لكنّ لي في الشام يا سيدي / قرائن من همّها حبلى
بأبي غصن كبدر
بأبي غصن كبدر / قد تثنى وتجلّى
قلت إذ أضمر قصدي / قبلة يا بدر هلاّ
قال من خدّيَ خذها / قلت بل من فيك أحلى
يا مهدياً من خطه قاعداً
يا مهدياً من خطه قاعداً / على سواد العين محمولا
لفظك فينا مطرب كله / لم يبق للسامع معقولا
يرتدّعن إدراكه مسلم / ويصبح الفاضل مفضولا
كم أقاسي من الغرام وأخفي
كم أقاسي من الغرام وأخفي / عن وشاتي صبابة وغليلا
آه يا ويلتي ويا ليت أني / كنت لم أتخذ فلاناً خليلا
لي سيد رقى إلى
لي سيد رقى إلى / أفق المعالي فعلا
أقسم لا ينسى الندَى / إلا إذا ما فعلا
شهدنا بأن إله السماء
شهدنا بأن إله السماء / يحبك يا أكرم الناس حالا
يقول نبيّ الهدى إنه / تعالى جميل يحبّ الجمالا
لم أزل منذ غاب شخصك عني
لم أزل منذ غاب شخصك عني / أرتجي وصل كتبه والوصالا
أرقب الغرب حين أذكر مولا / يَ كأن الشهاب صار هلالا
سقى وواعدني وصلاً ألذّ به
سقى وواعدني وصلاً ألذّ به / عند الرقاد ولا والله ما فعلا
فيا له الله من ساق مواعده / كانت مواعيد عرقوب لها مثلا
شكراً لها يا سيدي من نعمةٍ
شكراً لها يا سيدي من نعمةٍ / بلغت من التأميل فوق المنتهى
لا زال مدحك كلّ شهر روضة / يعزى لمصرَ وكلّ شيءٍ منتهى