القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو تمّام الكل
المجموع : 13
يا مُوضِعَ الشَدَنِيَّةِ الوَجناءِ
يا مُوضِعَ الشَدَنِيَّةِ الوَجناءِ / وَمُصارِعَ الإِدلاجِ وَالإِسراءِ
أَقْرِ السَلامَ مُعَرَّفاً وَمُحَصِّباً / مِن خالِدِ المَعروفِ وَالهَيجاءِ
سَيلٌ طَما لَو لَم يَذُدهُ ذائِدٌ / لَتَبَطَّحَت أولاهُ بِالبَطحاءِ
وَغَدَت بُطونُ مِنى مُنىً مِن سَيبِهِ / وَغَدَت حَرىً مِنهُ ظُهورُ حِراءِ
وَتَعَرَّفَت عَرَفاتُ زاخِرَهُ وَلَم / يُخصَص كَداءٌ مِنهُ بِالإِكداءِ
وَلَطابَ مُرتَبَعٌ بِطيبَةَ وَاِكتَسَت / بُردَينِ بُردَ ثَرىً وَبُردَ ثَراءِ
لا يُحرَمِ الحَرمَانِ خَيراً إِنَّهُم / حُرِموا بِهِ نَوءاً مِنَ الأَنواءِ
يا سائِلي عَن خالِدٍ وَفَعالِهِ / رِد فَاِغتَرِف عِلماً بِغَيرِ رَشاءِ
اُنظُر وَإِيّاكَ الهَوى لا تُمكِنَن / سُلطانَهُ مِن مُقلَةٍ شَوساءِ
تَعلَم كَمِ اِفتَرَعَت صُدورُ رِماحِهِ / وَسُيوفِهِ مِن بَلدَةٍ عَذراءِ
وَدَعا فَأَسمَعَ بِالأَسِنَّةِ وَاللُهى / صُمَّ العِدى في صَخرَةٍ صَمّاءِ
بِمَجامِعِ الثَغرَينِ ما يَنفَكُّ مِن / جَيشٍ أَزَبَّ وَغارَةٍ شَعواءِ
مِن كُلِّ فَرجٍ لِلعَدُوِّ كَأَنَّهُ / فَرجٌ حِمىً إِلّا مِنَ الأَكفاءِ
قَد كانَ خَطبٌ عاثِرٌ فَأَقالَهُ / رَأيُ الخَليفَةِ كَوكَبُ الخُلَفاءِ
فَخَرَجتَ مِنهُ كَالشِهابِ وَلَم تَزَل / مُذ كُنتَ خَرّاجاً مِنَ الغَمّاءِ
ما سَرَّني بِخِداجِها مِن حُجَّةٍ / ما بَينَ أَندَلُسٍ إِلى صَنعاءِ
أَجرٌ وَلَكِن قَد نَظَرتُ فَلَم أَجِد / أَجراً يَفي بِشَماتَةِ الأَعداءِ
لَو سِرتَ لَاِلتَقَتِ الضُلوعُ عَلى أَسىً / كَلِفٍ قَليلِ السِلمِ لِلأَحشاءِ
وَلَجَفَّ نُوّارُ الكَلامِ وَقَلَّما / يُلفى بَقاءُ الغَرسِ بَعدَ الماءِ
فَالجَوُّ جَوّي إِن أَقَمتَ بِغِبطَةٍ / وَالأَرضُ أَرضي وَالسَماءُ سَمائي
قَدكَ اِتَّئِب أَربَيتَ في الغُلواءِ
قَدكَ اِتَّئِب أَربَيتَ في الغُلواءِ / كَم تَعذِلونَ وَأَنتُمُ سُجَرائي
لا تَسقِني ماءَ المُلامِ فَإِنَّني / صَبٌّ قَدِ اِستَعذَبتُ ماءَ بُكائي
وَمُعَرَّسٍ لِلغَيثِ تَخفِقُ بَينَهُ / راياتُ كُلِّ دُجُنَّةٍ وَطفاءِ
نَشَرَت حَدائِقَهُ فَصِرنَ مَآلِفاً / لِطَرائِفِ الأَنواءِ وَالأَنداءِ
فَسَقاهُ مِسكَ الطَلِّ كافورُ الصَبا / وَاِنحَلَّ فيهِ خَيطُ كُلِّ سَماءِ
عُنِيَ الرَبيعُ بِرَوضِهِ فَكَأَنَّما / أَهدى إِلَيهِ الوَشيَ مِن صَنعاءِ
صَبَّحتُهُ بِسُلافَةٍ صَبَّحتُها / بِسُلافَةِ الخُلَطاءِ وَالنُدَماءِ
بِمُدامَةٍ تَغدو المُنى لِكُؤوسِها / خَوَلاً عَلى السَرّاءِ وَالضَرّاءِ
راحٌ إِذا ما الراحُ كُنَّ مَطِيَّها / كانَت مَطايا الشَوقِ في الأَحشاءِ
عِنَبِيَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ سَكَبَت لَها / ذَهَبَ المَعاني صاغَةُ الشُعَراءِ
أَكَلَ الزَمانُ لِطولِ مُكثِ بَقائِها / ما كانَ خامَرَها مِنَ الأَقذاءِ
صَعُبَت وَراضَ المَزجُ سَيِّءَ خُلقِها / فَتَعَلَّمَت مِن حُسنِ خُلقِ الماءِ
خَرقاءُ يَلعَبُ بِالعُقولِ حَبابُها / كَتَلَعُّبِ الأَفعالِ بِالأَسماءِ
وَضَعيفَةٌ فَإِذا أَصابَت فُرصَةً / قَتَلَت كَذَلِكَ قُدرَةُ الضُعَفاءِ
جَهمِيَّةُ الأَوصافِ إِلّا أَنَّهُم / قَد لَقَّبوها جَوهَرَ الأَشياءِ
وَكَأَنَّ بَهجَتَها وَبَهجَةَ كَأسِها / نارٌ وَنورٌ قُيِّدا بِوِعاءِ
أَو دُرَّةٌ بَيضاءُ بِكرٌ أُطبِقَت / حَمَلاً عَلى ياقوتَةٍ حَمراءِ
وَمَسافَةً كَمَسافَةِ الهَجرِ اِرتَقى / في صَدرِ باقي الحُبِّ وَالبُرَحاءِ
بيدٌ لِنَسلِ العيدِ في أُملودِها / ما اِرتيدَ مِن عيدٍ وَمِن عُدَواءِ
مَزَّقتُ ثَوبَ عُكوبِها بِرُكوبِها / وَالنارُ تَنبُعُ مِن حَصى المَعزاءِ
وَإِلى اِبنِ حَسّانَ اِعتَدَت بي هِمَّةٌ / وَقَفَت عَلَيهِ خِلَّتي وَإِخائي
لَمّا رَأَيتُكَ قَد غَذَوتَ مَوَدَّتي / بِالبِشرِ وَاِستَحسَنتَ وَجهَ ثَنائي
أَنبَطتُ في قَلبي لِوَأيِكَ مَشرَعاً / ظَلَّت تَحومُ عَلَيهِ طَيرُ رَجائي
فَثَوَيتُ جاراً لِلحَضيضِ وَهِمَّتي / قَد طُوِّقَت بِكَواكِبِ الجَوزاءِ
إيهِ فَدَتكَ مَغارِسي وَمَنابِتي / إِطرَح غَناءَكَ في بُحورِ عَنائي
يَسِّر لِقَولِكَ مَهرَ فِعلِكَ إِنَّهُ / يَنوي اِفتِضاضَ صَنيعَةٍ عَذراءِ
وَإِلى مُحَمَّدٍ اِبتَعَثتُ قَصائِدي / وَرَفَعتُ لِلمُستَنشِدينَ لِوائي
وَإِذا تَشاجَرَتِ الخُطوبُ قَرَيتَها / جَدَلاً يَفُلُّ مَضارِبَ الأَعداءِ
يا غايَةَ الأُدَباءِ وَالظُرَفاءِ بَل / يا سَيِّدَ الشُعَراءِ وَالخُطَباءِ
يَحيى بنِ ثابِتٍ الَّذي سَنَّ النَدى / وَحَوى المَكارِمَ مِن حَياً وَحَياءِ
نَعاءِ إِلى كُلِّ حَيٍّ نَعاءِ
نَعاءِ إِلى كُلِّ حَيٍّ نَعاءِ / فَتى العَرَبِ اِحتَلَّ رَبعَ الفَناءِ
أُصِبنا جَميعاً بِسَهمِ النِضالِ / فَهَلّا أُصِبنا بِسَهمِ الغِلاءِ
أَلا أَيُّها المَوتُ فَجَّعتَنا / بِماءِ الحَياةِ وَماءِ الحَياءِ
فَماذا حَضَرتَ بِهِ حاضِراً / وَماذا خَبَأتَ لِأَهلِ الخِباءِ
نَعاءِ نَعاءِ شَقيقَ النَدى / إِلَيهِ نَعِيّاً قَليلَ الجَداءِ
وَكانا جَميعاً شَريكَي عِنانٍ / رَضيعَي لِبانٍ خَليلَي صَفاءِ
عَلى خالِدِ بنِ يَزيدَ بنِ مَز / يَدِ أَمرِ دُموعاً نَجيعاً بِماءِ
وَلا تَرَيَنَّ البُكا سُبَّةً / وَأَلصِق جَوىً بِلَهيبٍ رَواءِ
فَقَد كَثَّرَ الرُزءُ قَدرَ الدُمو / عِ وَقَد عَظَّمَ الخَطبُ شَأنَ البُكاءِ
فَباطِنُهُ مَلجَأٌ لِلأَسى / وَظاهِرُهُ ميسَمٌ لِلوَفاءِ
مَضى المَلِكُ الوائِلِيُّ الَّذي / حَلَبنا بِهِ العَيشَ وُسعَ الإِناءِ
فَأَودى النَدى ناضِرَ العودِ وَال / فُتُوَّةُ مَغموسَةً في الفَتاءِ
فَأَضحَت عَلَيهِ العُلى خُشَّعاً / وَبَيتُ السَماحَةِ مُلقى الكِفاءِ
وَقَد كانَ مِمّا يُضيءُ السَريرَ / وَالبَهوَ يَملَأُهُ بِالبَهاءِ
سَلِ المُلكَ عَن خالِدٍ وَالمُلوكَ / بِقَمعِ العِدى وَبِنَفيِ العَداءِ
أَلَم يَكُ أَقتَلَهُم لِلأُسودِ / صَبراً وَأَوهَبَهُم لِلظِباءِ
أَلَم يَجلِبِ الخَيلَ مِن بابِلٍ / شَوازِبَ مِثلَ قِداحِ السَراءِ
فَمَدَّ عَلى الثَغرِ إِعصارَها / بِرَأيٍ حُسامٍ وَنَفسٍ فَضاءِ
فَلَمّا تَراءَت عَفاريتُهُ / سَنا كَوكَبٍ جاهِلِيِّ السَناءِ
وَقَد سَدَّ مَندوحَةَ القاصِعاءِ / مِنهُم وَأَمسَكَ بِالنافِقاءِ
طَوى أَمرَهُم عَنوَةً في يَدَيهِ / طَيَّ السِجِلِّ وَطَيَّ الرِداءِ
أَقَرّوا لَعَمري بِحُكمِ السُيوفِ / وَكانَت أَحَقَّ بِفَصلِ القَضاءِ
وَما بِالوِلايَةِ إِقرارُهُم / وَلَكِن أَقَرّوا لَهُ بِالوَلاءِ
أُصِبنا بِكَنزِ الغِنى وَالإِمامُ / أَمسى مَصاباً بِكَنزِ الغَناءِ
وَما إِن أُصيبَ بِراعي الرَعِيَّةِ / لا بَل أُصيبَ بِراعي الرِعاءِ
يَقولُ النِطاسِيُّ إِذ غُيِّبَت / عَنِ الداءِ حيلَتُهُ وَالدَواءِ
نُبُوُّ المَقيلِ بِهِ وَالمَبيتِ / أَقعَصَهُ وَاِختِلافُ الهَواءِ
وَقَد كانَ لَو رُدَّ غَربُ الحِمامِ / شَديدَ تَوَقٍّ طَويلَ اِحتِماءِ
مُعَرَّسُهُ في ظِلالِ السُيوفِ / وَمَشرَبُهُ مِن نَجيعِ الدِماءِ
ذُرى المِنبَرِ الصَعبِ مِن فُرشِهِ / وَنارُ الوَغا نارُهُ لِلصِلاءِ
وَما مِن لَبوسٍ سِوى السابِغاتِ / تَرَقرَقُ مِثلَ مُتونِ الإِضاءِ
فَهَل كانَ مُذ كانَ حَتّى مَضى / حَميداً لَهُ غَيرُ هَذا الغِذاءِ
أَذُهلَ بنَ شَيبانَ ذُهلَ الفَخارِ / وَذُهلَ النَوالِ وَذُهلَ العَلاءِ
مَضى خالِدُ بنُ يَزيدَ بنَ مَز / يَدَ قَمَرُ اللَيلِ شَمسُ الضَحاءِ
وَخَلّى مَساعِيَهُ بَينَكُم / فَإِيّايَ فيها وَسَعيَ البِطاءِ
رِدوا المَوتَ مُرّاً وُرودَ الرِجالِ / وَبَكّوا عَلَيهِ بُكاءَ النِساءِ
غَليلي عَلى خالِدٍ خالِدٌ / وَضَيفُ هُمومي طَويلُ الثَواءِ
فَلَم يُخزِني الصَبرُ عَنهُ وَلا / تَقَنَّعتُ عاراً بِلُؤمِ العَزاءِ
تَذَكَّرتُ خُضرَةَ ذاكَ الزَمانِ / لَدَيهِ وَعُمرانُ ذاكَ الفِناءِ
وَزُوّارُهُ لِلعَطايا حُضورٌ / كَأَنَّ حُضورَهُمُ لِلعَطاءِ
وَإِذ عِلمُ مَجلِسِهِ مَورِدٌ / زُلالٌ لِتِلكَ العُقولِ الظِماءِ
تَحولُ السَكينَةُ دونَ الأَذى / بِهِ وَالمُرُوَّةُ دونَ المِراءِ
وَإِذ هُوَ مُطلِقُ كَبلِ المَصيفِ / وَإِذ هُوَ مِفتاحُ قَيدِ الشِتاءِ
لَقَد كانَ حَظّي غَيرَ الخَسيسِ / مِن راحَتَيهِ وَغَيرَ اللَفاءِ
وَكُنتُ أَراهُ بِعَينِ الرَئيسِ / وَكانَ يَراني بِعَينِ الإِخاءِ
أَلَهفي عَلى خالِدٍ لَهفَةً / تَكونُ أَمامي وَأُخرى وَرائي
أَلَهفي إِذا ما رَدى لِلرَدى / أَلَهفي إِذا ما اِحتَبى لِلحِباءِ
أَلَحدٌ حَوى حَيَّةَ المُلحِدينَ / وَلَدنُ ثَرىً حالَ دونَ الثَراءِ
جَزَت مَلِكاً فيهِ رَيّا الجَنوبِ / وَرائِحَةُ المُزنِ خَيرَ الجَزاءِ
فَكَم غَيَّبَ التَربُ مِن سُؤدَدٍ / وَغالَ البِلى مِن جَميلِ البَلاءِ
أَبا جَعفَرٍ لِيُعِركَ الزَمانُ / عِزّاً وَيُكسِبكَ طولَ البَقاءِ
فَما مُزنُكَ المُرتَجى بِالجَهامِ / وَلا ريحُنا مِنكَ بِالجِربِياءِ
وَلا رَجَعَت فيكَ تِلكَ الظُنونُ / حَيارى وَلا اِنسَدَّ شِعبُ الرَجاءِ
وَقَد نُكِسَ الثَغرُ فَاِبعَث لَهُ / صُدورَ القَنا في اِبتِغاءِ الشِفاءِ
فَقَد فاتَ جَدُّكَ جَدَّ المُلوكِ / وَعُمرُ أَبيكَ حَديثُ الضِياءِ
وَلَم يَرضَ قَبضَتَهُ لِلحُسامِ / وَلا حَملَ عاتِقِهِ لِلرِداءِ
فَمازالَ يَفرَعُ تِلكَ العُلى / مَعَ النَجمِ مُرتَدِياً بِالعَماءِ
وَيَصعَدُ حَتّى لَظَنَّ الجَهولُ / أَنَّ لَهُ مَنزِلاً في السَماءِ
وَقَد جاءَنا أَنَّ تِلكَ الحُروبَ / إِذا حُدِيَت فَاِلتَوَت بِالحُداءِ
وَعاوَدَها جَرَبٌ لَم يَزَل / يُعاوِدُ أَسعافَها بِالهَناءِ
وَيَمتَحُ سَجلاً لَها كَالسِجالِ / وَدَلواً إِذا أُفرِغَت كَالدِلاءِ
وَمِثلُ قُوى حَبلِ تِلكَ الذِراعِ / كانَ لِزازاً لِذاكَ الرِشاءِ
فَلا تُخزِ أَيّامَهُ الصالِحاتِ / وَما قَد بَنى مِن جَليلِ البِناءِ
فَقَد عَلِمَ اللَهُ أَن لَن تُحِبَّ / شَيئاً كَحُبِّكَ كَنزَ الثَناءِ
أَمُحَمَّدَ بنَ سَعيدٍ اِدَّخِرِ الأُسى
أَمُحَمَّدَ بنَ سَعيدٍ اِدَّخِرِ الأُسى / فيها رُواءُ الحُرِّ يَومَ ظِمائِهِ
أَنتَ الَّذي لا تُعذَلُ الدُنيا إِذا / ما النائِباتُ صَفَحنَ عَن حَوبائِهِ
لَو كانَ يَغنى حازِمٌ عَن واعِظٍ / كُنتَ الغَنِيَّ بِحَزمِهِ وَذَكائِهِ
لَستَ الفَتى إِن لَم تُعَرِّ مَدامِعاً / مِن مائِها وَالوَجدُ بَعدُ بِمائِهِ
وَإِذا رَأَيتَ أَسى اِمرِىءٍ أَو صَبرَهُ / يَوماً فَقَد عايَنتَ صورَةَ رائِهِ
إِنّي أَرى تِربَ المُروءَةِ باكِياً / فَأَكادُ أَبكي مُعظِماً لِبُكائِهِ
حَقٌّ عَلى أَهلِ التَيَقُّظِ وَالحِجى / وَقَضاءُ طَبٍّ عالِمٍ بِقَضائِهِ
أَلّا يُعَزّى جاذِعٌ بِحَميمِهِ / حَتّى يُعَزّى أَوَّلاً بِعَزائِهِ
نَفسي فِداءُ مُحَمَّدٍ وَوِقاؤُهُ
نَفسي فِداءُ مُحَمَّدٍ وَوِقاؤُهُ / وَكَذَبتُ ما في العالَمينَ فِداؤُهُ
أَزَعَمتَ أَنَّ الظَبيَ يَحكَي طَرفَهُ / وَالقَدُّ غُصنٌ جالَ فيهِ ماؤُهُ
أُسكُت فَأَينَ ضِياؤُهُ وَبَهاؤُهُ / وَكَمالُهُ وَذَكاؤُهُ وَحَياؤُهُ
لا تُغنِ أَسماءُ المَلاحَةِ وَالحِجى / فيمَن سِواهُ فَإِنَّها أَسماؤُهُ
عَرِيَ المُحِبُّ مِنَ الضَنا فَقَميصُهُ / طولُ التَأَوُّهِ وَالسَقامُ رِداؤُهُ
لَو قيلَ سَل تُعطَ المُنى كانَ المُنى / أَن لَو رَأى مَولاهُ كَيفَ بُكاؤُهُ
أَحبابَهُ لِم تَفعَلونَ بِقَلبِهِ / ما لَيسَ يَفعَلُهُ بِهِ أَعداؤُهُ
مَطَرٌ مِنَ العَبَراتِ خَدّي أَرضُهُ / حَتّى الصَباحَ وَمُقلَتايَ سَماؤُهُ
سَقى اللَهُ مَن أَهوى عَلى بُعدِ نَأيِهِ
سَقى اللَهُ مَن أَهوى عَلى بُعدِ نَأيِهِ / وَإِعراضِهِ عَنّي وَطولِ جَفائِهِ
أَبى اللَهُ إِلّا أَن كَلِفتُ بِحُبِّهِ / فَأَصبَحتُ فيهِ راضِياً بِقَضائِهِ
وَأَفرَدتُ عَيني بِالدُموعِ فَأَصبَحَت / وَقَد غَصَّ مِنها كُلُّ جَفنٍ بِمائِهِ
فَإِن مِتُّ مِن وَجدٍ بِهِ وَصَبابَةٍ / فَكَم مِن مُحِبٍّ ماتَ قَبلي بِدائِهِ
إِذا جارَيتَ في خُلُقٍ دَنيئاً
إِذا جارَيتَ في خُلُقٍ دَنيئاً / فَأَنتَ وَمَن تُجاريهِ سَواءُ
رَأَيتُ الحُرَّ يَجتَنِبُ المَخازي / وَيَحميهِ عَنِ الغَدرِ الوَفاءُ
وَما مِن شِدَّةٍ إِلّا سَيَأتي / لَها مِن بَعدِ شِدَّتِها رَخاءُ
لَقَد جَرَّبتُ هَذا الدَهرَ حَتّى / أَفادَتني التَجارِبُ وَالعَناءُ
إِذا ما رَأسُ أَهلِ البَيتِ وَلّى / بَدا لَهُمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ
يَعيشُ المَرءُ ما اِستَحيا بِخَيرٍ / وَيَبقى العودُ ما بَقِيَ اللِحاءُ
فَلا وَاللَهِ ما في العَيشِ خَيرٌ / وَلا الدُنيا إِذا ذَهَبَ الحَياءُ
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ اللَيالي / وَلَم تَستَحيِ فَاِفعَل ما تَشاءُ
لَئيمُ الفِعلِ مِن قَومٍ كِرامٍ / لَهُ مِن بَينِهِم أَبَداً عُواءُ
أَعُتَيبَ يا اِبنَ الفِعلَةِ اللَخناءِ
أَعُتَيبَ يا اِبنَ الفِعلَةِ اللَخناءِ / أَأَمِنتَ مِن بَذَخي وَمِن غُلَوائي
فَبِحُرمَةِ الغُرمولِ في اِستِكَ إِنَّهُ / قَسَمٌ لَهُ حَقٌّ عَلى البُغاءِ
دَعواكَ في كَلبٍ أَعَمُّ فَضيحَةً / وَأَخَصُّ أَم دَعواكَ في الشُعَراءِ
عَجَباً لِصَيّادِ الهِجاءِ بِعِرضِهِ / وَحِرُ اِمِّهِ أَبَداً عَلى الإِعراءِ
ما شِعرُهُ كُفأً لِشِعري فَليَمُت / غَيظاً وَلا الخُلُقِيُّ مِن أَكفائي
أَنّى يَفوتُ مَخالِبي في بَلدَةٍ / أَرضي بِها مَبسوطَةٌ وَسَمائي
وَكُهولُ كَهلانَ وَحَيّا حِميَرٍ / كَالسَيلِ قُدّامي مَعاً وَوَرائي
فَأُلاكَ أَعمامي الَّذينَ تَعَمَّموا / بِالمَكرُماتِ وَهَذِهِ آبائي
نُبِّئتُ عُتبَةَ شاعِرَ الغَوغاءِ
نُبِّئتُ عُتبَةَ شاعِرَ الغَوغاءِ / قَد ضَجَّ مِن عَودي وَمِن إِبدائي
لَمّا غَضِبتُ عَلى القَريضِ هَجَوتُهُ / وَجَعَلتُ خِلقَتَهُ هِجاءَ هِجائي
ما كانَ جَهلُكَ تارِكاً لَكَ غِيُّهُ / حَتّى تَكونَ دَجاجَةَ الرَقّاءِ
حِلمي عَنِ الحُلَماءِ غَيرُ مُكَدَّرٍ / وَالحَتفُ فِي سَفَهي عَلى السُفَهاءِ
أَضعِف بِمَن أَمسى وَأَصبَحَ أَمرُهُ / تَبَعاً لأِمرِ الدودَةِ الشَعراءِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن أُناسٍ صُوِّروا / صُوَرَ الرِجالِ لَهُم فُروجُ نِساءِ
اللَهُ يَعلَمُ أَنَّها لَمُصيبَةٌ / نَزَلَت وَلا سيما عَلى الشُعَراءِ
ما الشَمسُ أَعجَبُ حينَ تَطلُعُ لِلوَرى / غَربِيَّةً مِن شاعِرٍ بَغّاءِ
إِن كُنتَ لَستَ بِمُنتَهٍ عَن بَذلِها / فَأَنا أَحَقُّ بِها مِنَ الغُرَباءِ
قُل لِعَبدونَ أَينَ ذاكَ الحَياءُ
قُل لِعَبدونَ أَينَ ذاكَ الحَياءُ / إِنَّ داءَ المُجونِ داءٌ عَياءُ
طالَما كُنتَ قَبلُ عِندي مَنيعاً / وَمَصوناً كَما يُصانُ الرِداءُ
ثُمَّ كَشَّحتَني عَلى غَيرِ جُرمٍ / فَأَنا وَالمُبارَكِيُّ سَواءُ
قالَ لي الناصِحونَ وَهوَ مَقالٌ / ذَمَّ مَن كانَ خامِلاً إِطراءُ
صَدَقوا في الهِجاءِ رِفعَةُ أَقوا / مٍ طَغامٍ فَلَيسَ عِندي هِجاءُ
بِأَيِّ نُجومِ وَجهِكَ يُستَضاءُ
بِأَيِّ نُجومِ وَجهِكَ يُستَضاءُ / أَبا حَسَنٍ وَشيمَتُكَ الإِباءُ
أَتَترُكُ حاجَتي غَرَضَ التَواني / وَأَنتَ الدَلوُ فيها وَالرِشاءُ
تأَلَّف آلَ إِدريسَ بنِ بَدرٍ / فَتَسبيبُ العَطاءِ هُوَ العَطاءُ
وَخُذهُم بِالرُقى إِنَّ المَهاري / يُهَيِّجُها عَلى السَيرِ الحُداءُ
فَإِمّا جازَ مِنّي الشِعرُ فيهِم / وَإِمّا جازَ مِنكَ الكيمِياءُ
وَقُل لِلمَرءِ عُثمانٍ مَقالاً / يَضيقُ بِلَفظِهِ التَلِدُ الفَضاءُ
أَلَم يَهزُزكَ قَولُ فَتىً يُصَلّي / لِما يُثني عَلَيكَ بِهِ الثَناءُ
فَتَفعَلَ ما يَشاءُ المَجدُ فيهِ / فَإِنَّ المَجدَ يَفعَلُ ما يَشاءُ
وَأَنتَ المَرءُ تَعشَقُهُ المَعالي / وَيَحكُمُ في مَواهِبِهِ الرَجاءُ
فَإِنَّكَ لا تُسَرُّ بِيَومِ حَمدٍ / شُهِرتَ بِهِ وَمالُكَ لا يُساءُ
وَإِنَّ المَدحَ في الأَقوامِ ما لَم / يُشَيَّع بِالجَزاءِ هُوَ الهِجاءُ
أَيا زينَةَ الدُنيا وَجامِعَ شَملِها
أَيا زينَةَ الدُنيا وَجامِعَ شَملِها / وَمَن عَدلُهُ فيها تَمامُ بَهائِها
وَيا شَمسَ أَرضيها الَّتي تَمَّ نورُها / فَباهَت بِهِ الأَرضونَ شَمسَ بَهائِها
عَطاؤُكَ لا يَفنى وَيَستَغرِقُ المُنى / وَيُبقي وُجوهَ الراغِبينَ بِمائِها
تَرامَتنِيَ الأَبصارُ مِن كُلِّ جانِبٍ / كَأَنّي مُريبٌ بَينَها لِاِرتِمائِها
وَلي عِدَةٌ قَد راثَ عَنّي نَجاحُها / وَمَجدُكَ أَدنى رائِدٍ في اِقتِضائِها
شَكَوتُ وَما الشَكوى لِنَفسِيَ عادَةٌ / وَلَكِن تَفيضُ النَفسُ عِندَ اِمتِلائِها
وَمالي شَفيعٌ غَيرَ نَفسِكَ إِنَّني / ثَكِلتُ مِنَ الدُنيا عَلى حُسنِ وائِها
أَلا تَرى ما أَصدَقَ الأَنواءَ
أَلا تَرى ما أَصدَقَ الأَنواءَ / قَد أَفنَتِ الحَجرَةَ وَاللَأواءَ
فَلَو عَصَرتَ الصَخرَ صارَ ماءَ / مِن لَيلَةٍ بِتنا بِها لَيلاءَ
إِن هِيَ عادَت لَيلَةً عِداءا / أَصبَحَتِ الأَرضُ إِذَن سَماءَ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025