هَذَا الحِمى فانزلْ عَلَى أرجائه
هَذَا الحِمى فانزلْ عَلَى أرجائه / فلَطالما صَدع الصَّفا ببكائِهِ
قَدْ شَفَّه ألمُ النَّوى فلَطالما / نَثَر الدموعَ بأرضه وسمائه
رَبْعٌ كَأَنَّ الساقياتِ بكفِّها / مسحتْه كي تُبرِيه من ضَرّائه
فغدا يحنُّ وذو الصبابة إن رأى / أثرَ الجفا يبكي لطول حَفائه
وكذا المنازلُ قَدْ تُساء بجارِها / من ضُرِّه وتُسَرّ من سَرّائه
والدهرُ يمرَض كالجسومِ ويشتفي / إن ساسَه بالعدل من أَكْفائه
يا منزلَ العظماءِ إن تك للنوى / تبكي فهجرُ الصَّب أعظمُ دائه
فلقد يُساء أخو الحِجَى بنعيمه / والعِزّ يَنْعَم فِي عظيم شفائه
فانعمْ بوصلٍ لا جفاءَ يَشُوبه / عَذُبت مَذاقَتُه بحسن صفائه
إن الكريم وإن تَطاوَل جَفْوُه / جادتْ مَكارمُه بقُرب وَفائه
وأخو الجَفاوة إن تخلَّق بالوفا / فالطبعُ يجذبه إِلَى بَلْوائِهِ
فامرحْ فذا غُصن الشَّبيبة قَدْ زَها / نَضِراً وعاد بِحسنه وبهائه
وارتدَّ عصرُ المجدِ فِي فلك العُلى / يعشو الضَّرير ببدره وذكائه
وانشقّ من أفق الخلافة فجرُها / فغدا الورى يعشو بنور ضيائه
طفح السرورُ وضاء نبراسُ الهدى / لما تجلّى البدر بعد خفائه
فلَرُبَّ يومٍ قَدْ نُساء بصُبحه / وغدا نُسَرّ بصُبحه ومَسائه
يتَعاقبان بِنَا صباحٌ مُسفِر / ودُجىً يظلُّ الركب فِي ظَلْمائه
وإِذا الزمانُ قَضى بشٌقةِ بينِه / ضمنتْ ثِقاتُ القربِ ردَّ قضائه
ما أبهجَ الأيامَ وهْيَ أَوانِسٌ / بمَليكها والدهرُ تَحْتَ لِوائه
والأرضُ تضحك والممالك سُجَّدٌ / تبكي سروراً فَرْحةً بلقائه
يومٌ بِهِ كمل السرورُ وأشرقتْ / شمسُ الممالك من ضياءِ سَنائه
يومُ بِهِ عاد المليك منعَّماً / بسريره وبملكه وعَلائه
فليَهْنَ عرشُ الملك فقد عادت بِهِ / روحُ الحياة وعاد فِي نَعْمائه
فارْبَعْ بِنَا يَا دهرُ إن زمانَنا / لَهُو الربيعُ وقفْ عَلَى أفنائه
فالمُلك أَسْفر عن أَسِرَّةِ وجهِه / لما غدا تيمور من قُرنائه
واستبشرتْ كلُّ البقاعِ وَقَدْ شَدا / طيرُ الهَنا طرباً بلحن هَنائِه
واخضرَّ وادي الفضل وانفجر الندى / ها فاسْتَقوا أهلَ الظما من مائه
قَدْ عادتِ الدنيا بعودةِ مالكٍ / عَقَد المكارمَ مثلَ عَقْدِ لوائه
إن شَفَّنا ألمُ البعاد فإنما / يحلو دواءُ الجرحِ بعد شفائه
فاخلعْ بُرودَ الهَمِّ من ألم النوى / واسْحَبْ بصحنِ البِشْر فضلَ رَوائِهِ
واعصُرْ غصونَ الأُنسِ من شَجر الهنا / وانشَقْ روائحَ مِسْكِه وكبائه
فاليومَ قَرَّت بالمليك دياره / وَقَدْ استراح الدهرُ بعد عَنائه
وبه اطمأن العصرُ وانتشر الندى / وبه استقر الملك فِي أَكفائه
فالْقِ العَصا واربَعْ فَثَمَّ مَرابعٌ / يَعتزُّ فِيهَا المرءُ عن أعدائه
وأَنِخْ ركابَك فالرِّحابُ بسيطة / وابسط يديك تنالُ فيضَ نَدائه
نعمتْ بقاعُ الأرض وابتهج المَلا / والوُرْقُ يَشْجَى من رخيم غنائه
فرحاً بمن بَهَر العقولَ بعقلِه / وبحلمه وذكائه وسخائه
يَا أَيُّها الملك الَّذِي مَلك العلى / واستخدم الأيام قهرَ وَلائه
إن الخلافة لا تزال مُنيرة / مَا ذَرَّ منكم كوكبٌ بسنائه
والملكُ لَمْ يبرحْ مَنيعاً بَيْنَكم / مَا شَقّ بدرٌ منكمُ بسمائه
إِرْثاً تَداوله بنو سلطان من / عهدِ الإمام إِلَى بني أبنائه
يتناوبون عَلَى الخلافة إِنْ خَفِي / بدرٌ تبدَّل منهمُ بسِوائه
وإليك يَا ابن الأَكْرَمين قَد انتهى / كَرَمٌ يَكَلُّ الدهرُ عن إحصائه
قَدْ أُيِّد الإسلامُ منك بسلطةٍ / فَلأَنت يَا مولاي من نصرائه
فاضربْ بسيفِ العدل هلمَ عِداته / فالدينُ موكول إِلَى أمرائه
وأعلنْ شعائر أحمدٍ بمُهنَّد / يَذَر الكنودَ مضرَّجاً بدمائه
إن الخلافة لا يقوم بشأنها / إِلاَّ عريقُ المجدِ من آبائه
من مَعْشرٍ ضُرِبت لهم قُبَب العُلى / فَوْقَ السُّهَا فهمُ لِمَن جُلسائه
لا تخلعُ الأيامُ حُلَّةَ مجدِهم / مَا اللهُ أَوْلَج صبحه بمسائه
فانعمْ كما نَعِم الزمانُ بمَقْدَمٍ / أضحى قرينُ السعدِ من نُدمائه
وإِليك يَا فخرَ الملوكِ خَريدةً / جاءتْ يُعثِّرها الحَيا بقَبائه
تمشي وتسحب بالقصور رداءها / قَدْ آدَها المعروفُ من أعبائه
قَدْ عَزَّ مَا أهدى تجاه تحيتي / خجلاً بنظمٍ لَمْ أُجد لبنائه
فجلوتُ بِكراً والسرور منها يزفها / والفخرُ يسترها بذيل حَيائه
لولا دليلُ المكرماتِ يقودُها / لَمْ تستطع تقبيلَ تُربِ ثرائه
فابسطْ رداء العذر يَا ملك الورى / واقبلْ من المحصور قدرَ غِنائه
أرسلتُها يومَ القُدوم مهنِّئاً / والبشرُ يجذب دَلْوَه برِشائه
في رابعِ العشرين قَدْ رَبَع الهنا / بحَيا الربيعِ جنيتُ زهرَ رُبائه
فأقول فِي يوم القدوم مؤرِّخاً / بُشْرايَ أَمَّ السعدُ بيتَ رَجائهِ