المجموع : 22
لئن خالت نوىً قذف شطونٌ
لئن خالت نوىً قذف شطونٌ / يظن على الوداد بها العفاءُ
فلم أهجرك مَلَلاً ولكن / هو الرحمنُ يفعلُ ما يشاءُ
دعوتُ اللهَ رَبَّ العرشِ عِلْماً
دعوتُ اللهَ رَبَّ العرشِ عِلْماً / بأنّ اللهَ يسمعُ للدُّعاءِ
بقاءكَ يا غياث الدين شَهْماً / مُطاعَ الأمرِ منصورَ اللواءِ
فإنك إذْ يقيسُكَ ألْمِعَيٌّ / مقامُ الماءِ فينا والهَواءِ
إذا فسدا فمهْلِكُ كل شيءٍ / وإن صَحَّا فداعيةٌ البَقاءِ
هبني كتمتُ لواعجَ البُرَحاءِ
هبني كتمتُ لواعجَ البُرَحاءِ / فمن المكتِّمُ عبْرتي وبُكائي
لا تنْهَ عن قلقي فإنَّ تَصَبُّري / فيما ألمَّ مُباينٌ لوفائي
كيف التصبُّرُ والهمومُ أسِنَّةٌ / يخْطرْن بين حيازمي وحَشائي
كيف التبصر والرزية بالذي / جلت رزيته عن الأرزاء
بمُطاردِ الأيام في آمالهِ / كَطِرادِه في مأزقِ الهَيْجاءِ
والماليء الدُّنيا بذكرِ مناقبٍ / صُرِّفْنَ بين السَّير والإسْراءِ
بفتى الندى والبأس والمُرضي العُلى / في يوم مكْرمةٍ ويوم لِقاء
بأبي الأغر وأيُّ كُنيةِ ماجدٍ / فقد الزمانُ وأيُّ خِدْنِ عَلاءِ
منْ طالما شُجع الردى فأعادهُ / من بأسه والرأي في الجُبناء
وتجمَّعتْ غِيَرُ الزمانِ فَرَدَّها / مَغلولةً بأسِنَّةِ الآراءِ
وتضايقتْ خططٌ به فأباحها / خُدعاً قضيْنَ بمخلصٍ ونَجاءِ
طرقَ النَّعيُّ فلم يكن لي مسمعٌ / يصغي إلى المكروهةِ الروْعاءِ
فطفِقْتُ أنَّهم الحديثَ كغيره / من سائر الأخبار والأنباءِ
وإذا الردى قد أمْكنتْهُ غِرَّةٌ / منْ قِرْنه فجرى بلا إبْقاءِ
لا طعم بعد أبي الأغَرُّ لحالةٍ / وإن اكتست من رونقٍ وبهاءِ
صُرعتْ لمصرعه المقاصِدُ والمُنى / فالناسُ كلُّهمُ بغيرِ رجاءِ
ترك الجنودَ بضيعةٍ من بعدهِ / يمشونَ للأرزاقِ في عشواءِ
ما زالَ يُعطيهم ومنْ لم يُعْطهِ / فرض العطاء له على الأعْداءِ
فلتبكه البيضُ الصَّوارمُ والقَنا / والسَّباقاتُ لواحِقُ الأمطاءِ
وليبكه اليوم العصيب من الوغى / ينزو بكل كتيبة حمساء
وليبكهِ رأدُ الصباحِ أعادهُ / بطرادهِ كالليلةِ اللَّيْلاءِ
وليبكهِ اللُّطْفُ الذي لم تؤتَهُ / خَمْرٌ ولم يُرْزَقْهُ صَفوُ الماءِ
وتألُّفُ القلب الشَّريد بمنطقٍ / أغْنى مُومِّلَهُ عن الإعْطاءِ
وإذا تغبَّرتِ الفِجاجُ وهُتِّكت / سُتُرُ البيوتِ بزعزعٍ هَوْجاءِ
واستنَّ ماءُ الوُطف يشفع سحَّه / خصرٌ تُرَضُّ له حصى المَعْزاءِ
وغَدتْ حشايا العبقري كأنها / وسط البيوتِ نمارقُ الأنْقاء
وتنوَّر الساري لقصْدِ سبيلهِ / نار اليفاع فلم يفُزْ بضِياءِ
إبان مُثْري الحي مثلُ فقيرهِ / لِترادُفِ اللَّزَباتِ والَّلأواءِ
فقِري دُبيسٍ كان عند عُفاته / جملُ الغِنى فضْلاً عن الكوْماءِ
وعرمرمٍ كاليمِّ هيجَ بعاصفٍ / فضلتْ غواربُه على الدَّأماءِ
صخبٌ لو أنَّ الرعد يجلبُ عنده / ما نَمَّ صاعقُ من الضّوضاءِ
سترتْ سَنابكُه وما ثَوَّرْنهُ / لوْحَ السَّماءِ وقاعَةَ الفَيفاءِ
ظامي الصّوارم والكماة يشوقُهُ / ورْدانِ وردُ طُلىً ووردُ نِهاءِ
من كل مُحْتدمِ الحفيظةِ ثابتٍ / كي لا يُزنَّ بنَزْقةِ الجُبناءِ
لو لم يُحصِّنْ سره عن دعوةٍ / يومَ الوغى لجَرَتْ على البيْداءِ
عصف الأمير بهم وقد وضح الضحى / عصف الشمال بمَنْغضِ الوطْفاءِ
للهِ منْ ودَّعْتُ يوم مراغَةٍ / والدمعُ مُنحدرٌ بغير رياءِ
أسفاً على بُعْدِ المزارِ وكيف لي / ببعيدِ دارٍ كافلٍ ببقاءِ
أعددتهُ لشدائِدي فأصابني / من فقْده بالشِّدَّةِ الصَّماءِ
هجر الجيوش وحَلَّ بين كتائبٍ / مُستسلمينَ لحادثٍ وقضاءِ
سَدِكاً برمْسٍ لا يريمُ وطالما / نحلتْ سوابقُه من الإنضاءِ
في معشرٍ أغضوا على جورِ الردى / بالرُّغمِ منهم أيَّما إغضاءِ
رقدوا على غير الكرى وتوسَّدوا / بعد الرحالِ نمارقَ الدَّهْناءِ
وتضمَّخوا دُفعَ الصَّديد وطالما / رَثَموا بكل لَطيمةٍ ذفْراءِ
قد شوَّه الحُسن البِلى بوجوههم / وأسالَ كل كحيلةٍ نجْلاءِ
النَّومُ بعدك للجفونِ مُحرَّمٌ / إلا الغِشاش وغالِطَ الإغْفاءِ
ولد شفى نفسي وهوَّنَ وجْدها / خَلَفَ العُلى وبقيَّةُ الكُرماءِ
من كلَّما نظرتْ إليه عُيوننا / عَدَّتْك في الباقين والأحْياءِ
بلغَ المدى في المجدِ وهو مُراهقٌ / وتَلا إليه طرائِقَ الآباءِ
لبِقُ الشَّمائلِ بالإمارة دارهُ / مأوى العُفاةِ ومربعُ الفُقراءِ
فبقيتَ سيف الدولة بنِ سيوفها / عُمْر الزمان لنجدةٍ وعَطاءِ
فلئن تكَنَّفت الكُروبُ جوانحي / حُزْناً فإنك كاشفُ الغمَّاءِ
طربتْ جيادُ الخيلِ تحتك وانثنى / يهفو سُروراً بانُ كل لواءِ
وخلفْت قومك في المناقب كُلِّها / وملكْتَ كلَّ البأسِ والنَّعماءِ
وهناك فخر الدين رِدْءاً باسلاً / أسَدُ الهياجِ وفارسُ الجَأواءِ
من لم يزل فيكم أمينَ مودَّةٍ / صفْوَ الهوى من شائبِ الأقْذاءِ
ما غابَ قطُّ ولا عَدا بوفائه / في الحادثاتِ تَفَلُّبُ الأعْداءِ
أنا منكُمُ فارعوا عُهودَ مودَّتي / ولكم كريمُ مدائحي وثَنائي
أوجبْتُ حقاً في أبٍ لم يَقْضهِ / وجزاءهُ أرجو من الأبْناءِ
كيف أنساكَ والعوارفُ بيضٌ
كيف أنساكَ والعوارفُ بيضٌ / غُرَرٌ كالنُّجوم في الظَّلْماءِ
ساقها منْ مؤيد الدين نحوي / مُضْرَمُ البأس باردُ النَّعماءِ
فحِماهُ وفيضُ جُودِ يديهِ / لم يزالا لنجْدةٍ وعَطاءِ
واضِحُ الوجه والمناسبِ تلْقاهُ / كريمَ اللِّقاء والآباءِ
رأيهُ واليراعُ في الطِّرْس فاقا / قُضُبَ الهِندِ والقنا في المضاءِ
يفْضلُ النار في الحفيظةِ لكنْ / عندهُ في الوداد لُطْفُ الماءِ
فعلى المَرْزِبانِ من كرمِ اللّ / هِ وِقاءٌ بذودُ شَرَّ القضاءِ
سل الحي عني هل أناخت خسيفةٌ
سل الحي عني هل أناخت خسيفةٌ / بربعي وهل ذاد الرَّجاءُ إبائي
وهل رمت موفور المنى من ضراعةٍ / فيجْبُنَ عزمي أو يَكلَّ مَضائي
أبتْ مُرهفاتٌ كالمنايا طَريرةٌ / وجُرْدٌ كسيلِ الطَّوْد غيرُ بطاءِ
وغِيرانُ غزوٍ من تميمٍ بن خندف / يروْنَ نجاءَ الذُلِّ غيرَ نجاءِ
هُمُ منعوا يوم الكُلاب ذمارهُمْ / بضربٍ كحرِّ النَّار غيرِ رُخاءِ
وفادوا رسول اللهِ أسرى حبيسةً / وما كان يُرجى أخْذهم بفِداء
مصاعب مُلْكٍ لم تُقَدْ لِمُفاخرٍ / وأسْدُ غِوارٍ لم تُرَعْ بلقاءِ
ترى الجار فينا غير شاكي خصاصةٍ / إذا ضاقَ ذرعُ الحي بالنُّزلاءِ
كأنَّ القُروم الهادراتِ عشيَّةً / مراجلُنا في أزمْةٍ وشِتاءِ
سعيت فلم أترك حديثاً وإنْ أعِشْ / نسخْتُ بفخري مفْخرَ القُدماءِ
إذا لم أروِّ البيض من قمم العدى / فكُفَّ بناني أن يلوثَ ردائي
بنفسي من جور الحوادث وعْكةٌ / وعند قِراعِ الدارعين شِفائي
عدمتُ فؤاداً حالياً من عزيمةٍ / وطرْفاً يعيرُ اللَّحظ غير عَلاءِ
وباهر فضلٍ لا يُظاهرُ مجْدهُ / شَبا مُرْهفٍ لا نزْقةُ الأدباءِ
ومن لي بيومٍ ينغض الشَّعر عطفه / بصوني له عن مِنْحةٍ وعطاءِ
تكونُ نفوس الدَّارعينَ رغائبي / وطائحُ هام الناكثين حِبائي
ألفتُ همومي إلف زادي فحرَّمت / عليَّ سُرورَ الشُّرْبِ والندماءِ
فما أوجدتني الخمرُ غير تخمُّطٍ / ولا هازلُ الأقْوالِ غيرَ إباءِ
يملُّ خليلي طولِ جِدي تبرُّماً / ويكرهني من مِرَّتي خُلَصائي
وما ذاك أني عفت طيب فُكاهةٍ / ولكن قلباً غَصَّ بالبُرحاءِ
أما في ملوك الخافقين ابنُ همَّةٍ / يكفُّ بميسورِ الكفاف عَنائي
يصون نداهُ ماء وجهٍ أراقَهُ / طِلابيَ للجدوى من البُخلاءِ
وهيهات ذَلَّ الآلُ أن ينقع الصدى / وإنْ خالَهُ الظَّمآنُ مورَد ماءِ
يقولون مُغرىً بالفخار وليتهُ / يُقاسمنا الأشعار قَسْمَ سواءِ
وإني ومدحَ القوم أفخرُ عندهُ / رذيَّةُ سيرٍ نُشِّطتْ بحُداءِ
إليكمْ فإني سيدُ القوم ما جَرى / لساني وهذا سيدُ الوزراءِ
إذا ما بنى مجداً وقلتُ قصيدةً / علوْنا على الساداتِ والفُصحاءِ
وأيُّ عُلاً لم أستفد بابن خالدٍ / سَنِيَّ نوالٍ أو كريمَ سَناءِ
فَرَعْت بنُعماهُ رفيعَ محلَّةٍ / عَلَوتُ بها عن موقفِ الشُّعراءِ
ونازلتُ صرف الدهر حتى طردته / أمامي وقد كانَ المُغير ورائي
يعافُ ورود الماء شيبَ بذلَّةٍ / ويكره بذل الغَمْرِ بالخُيلاءِ
فلا مالَ إلا مُستفادٌ بعزَّةٍ / ولا بذْلَ إلا جالبٌ لثناءِ
وقورٌ يشدُّ الخطب حبوةَ حلْمه / إذا روْعةٌ حلَّتْ حُبى الحُكماءِ
بنانٌ ووجهٌ حين يُسألُ حاجَةً / نضوحانِ ماءً من حَياً وحَياءِ
ومحضُ ودادٍ لا يُكدِّرُ صفْوه / طُروقُ ملالٍ أو حدوثُ جَفاءِ
لك الصائب النفَّاذُ في كل مأزقٍ / نفاذَ نِصال النَّبل يومَ رماءِ
وصولٌ فلا اللَبس الخفيُّ بحاجز / لديه ولا نائي الديارِ بناءِ
ومُضْطمر الجنبَيْنِ يخطرُ مائساً / على لاحِبٍ من طِرْسهِ وقَواءِ
يُريكَ على الأطراسِ كل بليغةٍ / تذوبُ عليها أنْفُس العُلماءِ
وهبت وقارعْتَ الأعادي ولم تَذر / فخاراً لبيضِ الهندِ والكُرماءِ
وأعرضت عما بات يعْرض نفسهُ / من الأمرِ إعْراضاً بغيرِ رياءِ
فعاماً تُداري بانْزواءٍ وعِفَّةٍ / وعاماً بشُغلٍ خاملٍ وتَناءِ
فلما أبى الرحمنُ إلا التي بها / حياةُ بني الآمالِ والفُقراءِ
أجبْتَ مُغيثاً للنَّداء ولم تكُنْ / تُجيبُ لها من قَبْلُ صوت نداءِ
تقمصتها فضفاضةَ البُرْدِ حُرَّةً / مُكرَّمةً عن مِشيةٍ بِضَراءِ
شهدَ العراقُ وكلُّ راوٍ بارعٍ
شهدَ العراقُ وكلُّ راوٍ بارعٍ / فيه بفضلِ مدائحي وولائي
ورووا فكم من مٌنجدٍ ومُغوِّرٍ / يتْلو مديحي فيكُم وثنائي
حتى لو استمع الخوامسُ بعضه / عند الورود هجرْنَ صفوَ الماءِ
وجعلت صدق هواك يابن محمدٍ / وبهاءِ دينِ اللهِ أيَّ بهاء
أمَلي وذخري بعد كل ذخيرةٍ / أسْطو ببأسهما على الأعْداء
فاذا رأيتُ مخيلةً من جفْوةٍ / خفِتُ العظيمةَ من فسادِ الرَّائي
كالعاشق الصَّبْوان يوهمهُ الجَفا / جنفَ الجنابِ ونظرةَ الاِغْضاءِ
وأنا الأمينُ الغيب لستُ بجازعٍ / من قول واشيةٍ ومَشْي ضَراء
ألقى الرجالَ على حيائي منهمُ / من صحَّتي طَلْقاً بغير حياء
فاكشفْ غيابة ما جهلتُ حسابهُ / يا كاشفَ الكُرُباتِ والغَمَّاءِ
يظلُّ الدينُ مُبتهجاً طَروباً
يظلُّ الدينُ مُبتهجاً طَروباً / اذا أمسى وأنت له بهاءُ
ويُزْهى الفضل حين أبوهُ شهمٌ / لهُ البأسُ المُحاذرُ والعَطاءُ
فتىً عند العِدى صابٌ مُمِرٌ / وفي خِلاَّنهِ عسلٌ وماءُ
هُمامٌ لم يزلْ يحمي ويَقْري / اذا كَلَبَ الرزايا والشَّتاءُ
فهُنِّي كل شهرٍ من حَرامٍ / وحلٍّ ما بني المَجْدَ الثَّناءُ
بهاء الدين دعوةَ ذي ولاءٍ
بهاء الدين دعوةَ ذي ولاءٍ / مدائحهُ تَسُرُّكَ والثَّناءُ
له في كل مجتمعٍ مديحٌ / وعند سُتورِ خلْوتهِ دُعاءُ
اذا نقضَ العُهودَ رجالُ غَدرٍ / فشيمتهُ التَّحفُّظُ والوَفاءُ
تَهَنَّ قدومَه شهراً حَراماً / لنفسكَ فيه ما كَرَّ البَقاءُ
فأنت المرءُ مَلَّكَهُ المعالي / حليفاهُ البسالَةُ والعطاءُ
زُعازعُ عَزْمةٍومُنيفُ طوْدٍ / اذا حَسُنَ التَّأيُّدُ والمَضاءُ
فيشهدُ بالفضيلةِ غيرَ زورٍ / لهمتَّكَ التَّكَرُّمُ والحَياءُ
يُذِلُّ الجحفلَ الجرَّارَ بأساً
يُذِلُّ الجحفلَ الجرَّارَ بأساً / ويطمعُ في مكارمه الرَّجاءُ
فللعافين بالنُّعْمى نَعيمٌ / وللأعْداءِ بالمَلْقى شَقاءُ تلفى
إذا هدمَ الطُّلى ضربٌ طِلخْفٌ / بنى المجد التَّألُّفُ والعطاءُ
فمُنتهب السَّنابكِ والعطايا / بيوميه ثَراه والثَّراءُ
يمدُّ الأيْهمانِ براحتيه / دُجىً وضُحىً نَوالٌ أو دماءُ
فمطعانٌ إذا اشْتجرَ العوالي / ومِطعامٌ إذا هَرَّ الشتاءُ
تنكُّرهُ زعازعُ عاصِفاتٌ / وريحُ رضاهُ ساكنةٌ رُخاءُ
وسمٌّ في أعاديهِ ذُعافٌ / وعند وداده عَسلٌ وماءُ
طليقُ الوجه من عُليا تميمٍ / عليه من مناقبهِ بَهاءُ
مُشارٌ في دُسوتِ المجدِ صدرٌ / ومتبوعٌ إذا رُفعَ اللَّواءُ
غِناهُ وذُخْره حمدٌ مُقيمٌ / على الأيام لا نَعَمٌ وشاءُ
لَبيقُ العِطْفِ بالنَّعماءِ زَوْلٌ / كأنَّ سَنا مُحيَّاهُ ذَكاءُ
أرى تاج الملوكِ وزير فضلٍ / واِحسانٍ يليقُ به البَقاءُ
ومختارُ الاِمامة وهي أهْدى / لما يرضى بخيرتهِ العَلاءُ
بلتْهُ فاصطفتهُ على يقينٍ / كما أنْبا عن السيفِ المَضاءُ
فأقبلَ سالماً من كل عيبٍ / مشاهِدُه وغيبتهُ سَواءُ
يُطيعُ هواجس الآراءِ سَبْقاً / إِلى ما يبتغيه وما يشاءُ
ويُمضي الأمر في المنطوقِ حتى / كأنَّ الأمر من فمه قَضاءُ
ويُعْرِبُ عن مدائحهُ عَشيرٌ / حميدُ الودِّ شيمتُهُ الوفاءُ
اذا ما قال قافيةً شَروداً / تأرَّجَ مِنْ تَضوعِها الفضاءُ
مُهذَّبةٌ مُنقَّحةُ المَعاني / اذا اعْوجَّت يُقوِّمُها الولاءُ
عليها الوعرُ سهلٌ حين تَسْري / ومِنْ عصفِ الرياح لها نَجاء
جميلُ الذِّكر مغْنمُ كلِّ حُرٍّ / ويبقى المرءُ ما بقيَ الثَّناءُ
وما تلوَّمْتُ في مديحٍ
وما تلوَّمْتُ في مديحٍ / اِلا وأوجفْتُ في دعائِكْ
شَقيتَ بالمجْدِ عنْ نَعيمٍ / يحْدثُ للعِرْضِ من شَقائكْ
تَعلَّمَ الشَّهْدُ طيبَ خُلْقٍ / عندكَ والصابُ من اِبائكْ
أمامكَ النُجْحُ في المَساعي / ونجدةُ اللهِ من ورائكْ
يا شَرفَ الدينِ كلُّ فَخْرٍ / للدَّهرِ والناس من بقائكْ
مَخليةُ السّعْدِ منكَ تبَدو / وآيةُ النَّصْرِ منْ لوائكْ
اِني خَبرْتُ عُلاهُ خُبْر مجربٍ
اِني خَبرْتُ عُلاهُ خُبْر مجربٍ / فجعلتُ صفو قلائدي لثَنائهِ
وتعلَّمتْ مني الخواطرُ جودَهُ / فَبدائهي في الحمدِ مثلُ عَطائهِ
ولقد أغيبُ فعتريني ظُلْمَةٌ / في الحِسِّ يجْلوها ضياءُ لِقائهِ
ولقد رأيتُ بني الزمان فلم أجِدْ / كذمامه ووفائه وسَخائهِ
جمُّ العَوارفِ والمعاذرُ جَمَّةٌ / لا يستكِفُّ قِراهُ قُرُّ شِتائهِ
اللهُ يُبْقي الزينبيَّ فأنهُ / ممَّنْ يُسرُّ المجدَ طولُ بَقائهِ
مَلآنُ منْ كرمٍ فانْ فتَّشتَه / أبصرتَ خلو القلب من شَحْنائهِ
لفخر الدين أخْلاقٌ كِرامٌ
لفخر الدين أخْلاقٌ كِرامٌ / يَضيقُ الحمدُ عنها والثَّناءُ
تنكَّرُها على الأعْداءِ نارٌ / وعطْفتُها على العافينَ ماءُ
اذا مَرَّتْ على ليلٍ بهيمٍ / تَجَلَّلهُ التَّبَلُّجُ والضِّياءُ
أظلُّ مريضاً بالصدى دون وردكم
أظلُّ مريضاً بالصدى دون وردكم / واشْقى به والواردونَ رِواءُ
وأحبسُ أعناق المَطي عن السُّرى / وللشَّوْقِ ما بين الضُّلوعِ مَضاءُ
ولما دنتْ داري اليكم تعرَّضتْ / موانعُ قَرْبي عندها عُدَواءُ
فللهِ دَرُّ القَيْلِ من آلِ أرتقٍ / اذا ذكِرَتْ أكْرومةٌ وحَياءُ
يُروِّي رماح الخط من مُهَج العدى / وجُرْدُ المَذاكي والكماةُ ظِماءُ
وتمرحُ في الجأواءِ طيرُ لوائهِ / اذِ الهامُ أرضٌ والعجاجُ سَماءُ
كأنَّ حُسام الدين شمس ظهيرةٍ / لها في جميعِ العالمينَ ضِياءَ
فتىً شأنُه في كل خطبٍ وأزْمةٍ / لمُستْصرخيه نجدةٌ وعَطاءٌ
تودُّ ملوكُ الأرض مسعاهُ للعُلى / ويحْسدهُ في فضلهِ العُلماءُ
ولما تلاقينا وللشوقِ سَوْرَةٌ
ولما تلاقينا وللشوقِ سَوْرَةٌ / تَرُدُّ جيادَ القوْلِ وهي بِطاءُ
عشوتُ لأدْنى لمْعَةٍ من سنى العلى / وقَطَّعَ طَرْفي روْنقٌ وبَهاءُ
فقلت رئيس لدين أم جونة الضحى / لها بين أسْتارِ البيوتِ ضياءُ
أغرُّ وقور العطف ملآن من نُهىً / تَسُرُّكَ منه صُحْبةٌ ووفاءُ
اذا صرح الشَّران جدبٌ وخيفَةٌ / حمَتْ نَجْدَةٌ جيرانهُ وعَطاءُ
يمدُّ أتِيَّاهُ لدى السَّلْم والوغى / لُهىً كَرُمتْ عن موعِدٍ ودماءُ
بأدنى مدى في الطرس سارَ يراعه / يُحَلُّ لواءٌ أو يُشَدُّ لواءُ
يردُّ دُجى الخطب البَهيم ظهيرةً / ويثني الخميس المَجْرَ وهو هباءُ
وينثرُ هام الصيد والسيف مُغمدٌ / اذا ذلَّ في اِشْهارهِ الأمَراءُ
تطيبُ وتذْكو بالأصائل والضُّحى / أحاديثُ من أفْعالهِ وثَناءُ
أبا ثعْلبٍ ضربٌ من الحمد باهرٌ / له فيكَ خُلْدٌ اِنْ تَشا وبَقاءُ
واني على همي بعصْري وأهْلهِ
واني على همي بعصْري وأهْلهِ / وطولِ شَقائي بينهمْ وعَنائي
وكونِ مديحي رُشْوةً أحتمي بها / من القوم لا شيْماً لصوْبِ عَطاءِ
خزنْتُ لساني سُؤْدداً ورئاسةً / ولو شئتُ فاقَ المُرْهفاتِ هجائي
لمُثْنٍ على نشوانَ بالمجد موجفٍ / إِلى الحمد فَرَّاعٍ لكُلِّ عَلاءِ
تفرَّدَ واسْتثناهُ باهرُ مجْدهِ / فكانَ مَحَلاًّ قابلاً لثَنائي
فأضحي رئيس الدين في غير مِريةٍ / وأصبحتُ مَدَّاحاً بغيرِ رياءِ
وَقورُ الحُبى جمُّ الحجا ذو صرامة / يَسُرُّكَ في يوميْ نَدىً ولِقاءِ
هُمامٌ اذا ما قال أو صال فُرِّقتْ / كتائِبُ يوم الرَّوْعِ والفُصحاءِ
هنيئاً له العيدُ الذي جُلُّ فخْرهِ / بطولِ حَياةٍ عندهُ وبَقاءِ
أبا تغْلِبٍ صيتي بَعيدٌ وانما / أطَلْتُ بزوْراءِ العِراقِ ثَوائي
جزى اللّهُ ابْن نوشروانَ خيراً
جزى اللّهُ ابْن نوشروانَ خيراً / جَلالَ الدين ما حَسُنَ الجزاءُ
أتاني لُطْفه وبيَ الْتِياثٌ / فعاجَلَني من اللُّطْفِ الشِّفاءُ
العِزُّ حيث البلْدةُ الزوراءُ
العِزُّ حيث البلْدةُ الزوراءُ / والمجدُ حيث القُبَّةُ البيضاءُ
فخْرٌ تَسامى أنْ يُزانَ بمدحةٍ / فالنُّطْقُ عِيٌّ والصُّمات ثَناءُ
فعَلامَ يعْتسفُ الظَّلام مُشمِّرٌ / أودتْ به الشَّدَنيَّةُ الوجْناءُ
إنَّ الجحاجح من قُريشٍ أدركوا / شَرَفاً تُقِرُّ بفضلهِ الأعْداءُ
فلِهاشمٍ منه السَّوامقُ والذُّرى / ولغيرها الهَضَباتُ والأنْقاء
وأصاب سِرَّ اللّه من أبنائهمْ / دونَ الرجالِ ثلاثةٌ كُرَماءُ
فأُقِرَّ ذاك السِرُّ في مسترشدٍ / باللّه تخْرسُ دونهُ الضَّوْضاءُ
يقْظانُ أبْلجُ ينجلي بجبينهِ / ودليلهِ الإِشْكالُ والظَّلْماءُ
فتوهُّمُ المُتَجادلينَ حَقائِقٌ / منه وليلُ المُدْلجينَ ضِياءُ
غيثٌ وليثٌ يرْعَوي لبَنانهِ / بأسُ العِدى واللَّزْبةُ الغَبْراءُ
فلمُحْفِظيهِ مَتالِفٌ ومَعاطِبٌ / ولمُعْتَفيهِ مكارِمٌ وعَطاءُ
طوْدٌ أشَمُّ وخارقٌ ذو شارَةٍ / حُسَّادهُ الأنْصالُ والحُلَماءُ
فبهِ إذا نَزَقَ الحَليمُ تأيُّدٌ / ولهُ إذا نَبَتِ السِّهامُ مَضاءُ
حَبْرٌ إذا ذلَّ الدَّليلُ بموغِلٍ / شهدتْ بصائبِ قولهِ العُلماءُ
وإذا المَقاولُ ساورتْها نُبْذَةٌ / من لفْظهِ فَفَصيحُها فأفاءُ
خمصانُ يقْلي الزاد غير ممرَّضٍ / ولهُ التَّقيَّةُ مطْعَمٌ وغِذاءُ
نورٌ أضاء الأفْق ساطعُ لمْعِهِ / فعلى الزمانِ وأهْلهِ لأْلاءُ
نَضرَتْ به أيامُنا فكأنَّها / بين العُصورِ خَميلةٌ غَنَّاءُ
يا ساهرَ الظَّلْماءِ يرقبُ صبْحها / كي يستقلَّ به الغَداةَ نَجاءُ
هابَ الظَّلامَ وذاعريه فجرْسهُ / هَمْسٌ ونُطْقُ لسانهِ إيماءُ
نَسَعَ المَطايا والجيادَ مخافَةً / منْ أنْ ينُمَّ تَصاهُلٌ ورُغاءُ
سرْعانَ ما ظنَّ الإكامَ مَناسراً / دلَفَتْ إليه بشَرِّها الفَيْفاءُ
يُغْفي فيحلمُ بالعِدى فهُبوبهُ / فَرَقٌ وجالِبُ رَوْعهِ الإِغْفاءُ
سَعْياً جَريئاً أو فَنَمْ مُتَوَدِّعاً / ففِناءُ بيتكَ والعَراءُ سَواءُ
والأمرُ مزْمومٌ بعَدْلِ خليفَةٍ / تَلِغُ الذئابُ لخوفهِ والشَّاءُ
لفظتْ سياسته السيوفَ فضربُهُ / في الدارعينَ تَبَكُّتٌ وإِباءُ
وتماسكَ المُتَحرِّبونَ فكادَ أنْ / يسْجو بمُنْحَدرِ المَسيلِ الماءُ
وفَشا الحِذارُ به فكلُّ قبيلةٍ / جُهَّالُها من خوْفهِ حُلَماءُ
وجرى اللسانُ من الفقيرِ وطالما / حصِرَ الفَصيحُ وخصْمُه الإثراء
فالمُرْمِلُ الممْلاقُ منْ إِرْهابهِ / والمَلْكُ في حَقِّ المَقالِ سواءُ
الصَّائمُ اليومَ الهجيرَ تأجَّجَتْ / تحت الكُسورِ لوَقْدهِ الرَّمْضاء
والسَّاهرُ الليل الطويل وقد ثوتْ / بالرَّاقدينَ نمارقٌ ومُلاءُ
والقائدُ الخيلَ العِتاقَ يؤمُّها / مُتغطْرفٌ يُزْهى به الخُيَلاءُ
نَسخَ الغُبارُ صباحَها فكأنما / بيضُ الشُّهور حَوالِكٌ دَهْماءُ
أجْرا فتىً ركب الجياد إلى العِدى / قلْباً وأصْبَرُ مَنْ عَلاهُ لِواءُ
وإذا تعرَّضت الخطوبُ وساورت / أمْنَ الرَّعيَّةِ ضخْمةٌ بَزْلاءُ
وتقاعسَ المُتهافتونَ على الرَّدى / حَذرَ الحُتوفِ وصانَعَ الأحياءُ
مَنحَ المنابرَ والضَّوامِر أخْمصاً / تُزْهى بموقعِ وطْئهِ الجَوْزاءُ
وجرى الصيالُ مع المقال فأقْدَمَ / الضَّاري وخاسَ الأخضرُ الدَّأماءُ
فعلى المسامعِ والمطامعِ بالضُّحى / خَيْلٌ تُغيرُ وخُطْبَةٌ رَوْعاءُ
ينجابُ عنه الجيش وهو مُصممٌ / وتَحيدُ عنهُ الشِّدَّةُ الصَّمَّاءُ
بأسٌ وجودٌ في مَضاءِ عزيمةٍ / يُدْني البَعيدَ وعِفَّةٌ وحَياءُ
وأغرُّ مُرُّ العيش من حفظ الورى / يحلو وتَعْذُبُ عندهُ النَّعْماءُ
فصلُ الحكومة لا يُخامر قلبهُ / صَوَرٌ ولا تمضي بهِ الأهْواءُ
يُغنيه حدُّ العزم عن حدِّ الظُّبى / وتُريهِ قبلَ لِحاظِه الآراءُ
ما ضَيْغمٌ شثْنُ البراثنِ عازبٌ / بِالخيس فيه نَغَشْرُمٌ ومَضاءُ
ضارٍ يُعفِّرُ زأرُه أقْرانَه / فبهِ عن الصَّوْل الشَّديد غَناءُ
يتقصَّفُ العاديُّ عند مرورهِ / فَرَقاً وترْجُفُ تحتهُ الصَّحراء
عَرقَ الطَّوى أشْبالَه وتَناذرَ الأظع / انُ فهو مُلَجِّجٌ سَرَّاءُ
لَزِمَ الثَّنِيَّةَ لا يَلوحُ لشخصه / شَبَحٌ ولا يبدو عليه رُواءُ
ثمَّ استمرَّ كراشقٍ قذفتْ به / نحو الرَّميِّ شديدةٌ فَجْواءُ
فثنى الخميسَ المَجْرَ قُرُّ جَنانه / والذِّمرُ تُنْغض عِطفه العروَاء
كُلٌّ يقولُ أنا الصَّريعُ وإنما / صَيْدُ الهِزَبْرِ الأصْيَد الأبَّاءُ
فغدا يجُرُّ إلى العيالِ ونفسهِ / منْ لمْ تَرُعْهُ الفيْلق الشَّهباءُ
بأشدَّ من بأسِ الإِمامِ إذا عَلا / صوتُ الصَّريخ وهاجت الهيْجاءُ
وعرمرمٍ كاليمِّ هيجَ بعاصِفٍ / شرِقتْ بفضل عُبابه البَيْداءُ
نسخ الفلا والصبح ركضُ جياده / فالأرضُ جَوٌّ والصَّباحُ عِشاءُ
طردتْ فوارسهُ وما لاحَ العِدى / حِرْصاً فكلُّ كَتيبةٍ دَفْواءُ
تدنو له عنق القَشاعمِ مثْلما / تحْتفُّ بالمُتَصدِّقِ الفُقراءُ
تجري مُسابقَة السيوفِ فربما / نَسَرتْ وضرْبةُ طائحٍ رَعْلاءُ
والخيلُ تقتحمُ الغُبارَ كأنها / نَبْلُ الجَفيرِ وقد أُجيدَ رِماءُ
تزجي سنابكُها سَحاباً قطْرهُ / منها مَسيحٌ هاطِلٌ ودماءُ
ينقلن كلَّ مُساورٍ ذي هِمَّةٍ / تُجْلى بحدِّ حُسامهِ الغَمَّاءُ
زوْلٌ رياضُ سروره سمر القَنا / عِزّاً وملْعبُ أنْسهِ الجَأواءُ
حَنَّ الكُماة إلى النَّجيعِ ولونهِ / فلذاكَ كلُّ عِصابَةٍ حَمْراءُ
وطما أتِيُّ الحربِ حتى ماؤُهُ / مُهَج الفوارس والرُّؤوسُ غُثاءُ
أجْرى أميرُ المؤمنين جيادَهُ / ظمأى وعادَ بِهِنَّ وهي رِواءُ
فبطاءُ خيلِ الطَّالبينَ سَريعةٌ / وسِراعُ خيلِ الهاربينَ بِطاءُ
رَهَباً لأغْلبَ لا مفرَّ لهاربٍ / منه ولو أنَّ النجومَ وِقاءُ
عَمَّ البَريَّةَ بأسهُ ونَوالُهُ / فكأنه في الحالتين ذُكاءُ
ثُمَّ انجلى ذاكَ العجاجُ عن التي / عَظُمتْ لها الأخْبارُ والأنْباءُ
فغَدا على العاني الأسيرِ من النَّدى / عَفْوٌ وراحَ عن القَتيلِ عَفاءُ
ما ضرَّ أبناء السُّرى حَلكُ الدجى / لهمُ وأنت الأبْلَجُ الوَضَّاءُ
كَلاَّ ولا حُبس القطار فأجْدبت / أرضٌ وأنت الواهِبُ المِعْطاءُ
برَّزْتَ سبْقاً وافترعتَ محِلَّةً / لم يرْقَها منْ قبلكَ الخُلَفاءُ
وجريت حيث السَّابقاتُ عواثِرٌ / وثَبَتَّ حيث الشَّامخاتُ هَواءُ
وتخاذلت قِممُ الملوكِ وقد بدتْ / لِغرارِ سيفكَ عِزَّةٌ قَعساءُ
وستملكُ الدُّنيا تملُّكَ قابضٍ / وتُطيعُكَ الحمراءُ والبيضاءُ
ويجولُ طِرفُك في مشارق شمسها / والغربُ يُنْغِض عِطفه الخُيلاء
ولقد حُبيتَ من الرجال بناصِحٍ / ما في نميرِ ولائهِ أقْذاءُ
هجرَ الكَرى رعْياً لِما ولَّيْتهُ / فجُفونهُ لسُهادهِ مَرْهاءُ
يقظان يقدح زندُ عزمكَ فكرَه / فينرَه المُتَلَهِّبُ الوَرَّاءُ
زُهيت بك الخلفاء ثُمَّ كسوْتهُ / ظِلَّ العُلى فَزَهَتْ به الوزراءُ
لك من قُريشٍ كلُّ أغلب باسلٍ / تخشى سُطاهُ الصَّعْبةُ الشَّقَّاءُ
قومٌ إذا شهدوا الكريهةَ أصبحوا / وهُمُ غُزاةٌ أو هُمُ شُهداءُ
يمشي الثَّناءُ إليهُمُ مُتبرِّعاً / وتحيدُ عن ناديهُمُ الفَحْشاءُ
وإذا تَغَبَّرتِ الفِجاجُ وهتَّكتْ / سُتُرَ البيوتِ الزَّعْزعُ الهوجاء
واسَّاقطتْ غُرُّ العِشارِ أجِنَّةً / للقُرِّ فهي طَوائحٌ ألْقاءُ
وتعَفَّتِ الآناءُ حولَ خِيامِها / للسَّيْل مما سَحَّتِ الأنْواءُ
وخبا وأغْفى ذو الصِّلاء ونابِحٌ / خَصَراً فأعْوَزَ موْقِدٌ وعُواءُ
فرِحالُهُمْ للنَّائمينَ وثيرَةٌ / وجِفانُهمْ للطَّاعِمين مِلاءُ
شُمْتُ البوارق من نداكَ وساقني / أملٌ يحثُّ رَواحِلي ورَجاءُ
وبدتْ لساري الخطِّ شمس ظهيرة / فتَماحَقتْ في عينهِ الأضْواءُ
فانظُر إلى مأثورِ قولٍ قصَّرَتْ / عن شأوهِ في مدحكَ الفُصَحاءُ
هوْلٌ عليه من البسالةِ نَفْضَةٌ / وبه إلى حُبِّ العُلى بُرَحاءُ
ذلَّ الورى عما افْترعتُ وأفحمت / لما نَطَقْت بحمدكَ الشُّعراء
إذا نعمةُ الإنسان لم تكُ قُرْبةً
إذا نعمةُ الإنسان لم تكُ قُرْبةً / إلى اللّه رَبِّ العرشِ فهي بَلاءُ
وكلُّ غِنىً لم يُستفدْ بوجودهِ / رِضى اللّهِ والعَلْياءَ فهو عَناءُ
ومما شَجا نفس الحِجا بيعُ خالدٍ / بأعْراضِ لَهْوٍ ما لَهُنَّ بَقاءُ
ومن نظرَ الدنيا بعيْنِ حقيقيةٍ / تَشابهَ يأسٌ عندهُ ورَجاءُ
إذا أحْبَبْتَ فاصْبرْ للرَّزايا
إذا أحْبَبْتَ فاصْبرْ للرَّزايا / فإنَّ مُقارنَ الحُبِّ البَلاءُ
وكيفَ خُلوصُ حُبٍّ من بَلاءٍ / وبينَ الحُبِّ والبَلْوى إِخاءُ
للّهِ دَرُّ قَبيلَةٍ
للّهِ دَرُّ قَبيلَةٍ / أصبحْتَ منْ أبْنائها
نَجَلَتْكَ سيِّدَ مَجْدِها / وفَخارِها وسَنائها
وخَلَفْتَها مُتَحَلِّياً / بوَفائِها وإِبائِها
فلقدْ نَعَشْتَ جُدودَها / ورَفَعْتَ منْ عَلْيائها
وفَضَلْتَ مَسْعاها وما / قد شاعَ منْ أنْبائها
بالصَّبْرِ عندَ المُجْلِباتِ / تكُفُّ منْ ضوْضائها
والجودِ عند المُجْدِباتِ / تُعينُ في لأَوائها
والبَأسِ في الحَرْبِ العَوانِ / جَلَوْتَ منْ غَمَّائها
حيثُ السُّيوفُ المُرْهَفاتُ / تَكِلُّ بعد مَضائها
والخيْلُ تَعْثُرُ بالقَنا / المَلْفوظِ مِنْ تَعْدائها
خُزْرُ العيونِ تَعوَّضَتْ / بِدمِ الطُّلى عنْ مائها
فَهُناك سيفك كاشِفٌ / أقْصى دُجى جَأوائها
حَسِرَ الرجالُ عن العُلى / وَوطِئْتَ في شَمَّائها
ونَأتْ مَباغي المَجْدِ / فاسْتَدْنَيْتَ منْ بُعَدائها
وحَفِظْتَ نَفْس مَناقِبٍ / لم يبْقَ غيرُ ذَمائها
غَرْسَ الخِلافَةِ والذي / أمْسَيْتَ منْ آلائها
نَضُرَتْ بِكَ الأيَّامُ بعد / الأزْمِ منْ غَبْرائها
وتَبَلَّجَتْ وَضَّاحَةً / من حُسْنِها وبَهائها
كوضوحِ وجهكَ في عُفاتِكَ / عند قَسْمِ عَطائها
أو في الخُطوبِ إذا دَجَتْ / فكَشَفْتَ عنْ دَهْمائها
فَهَنَتْكَ أيَّامُ الزَّمانِ / بَقيتَ مثلَ بَقائها
لِصيامِها ولِفِطْرِها / ولخَوْفِها ورَجائها