المجموع : 10
نَادَتْكَ أنْدَلُسٌ فَلَبِّ نِداءَها
نَادَتْكَ أنْدَلُسٌ فَلَبِّ نِداءَها / واجْعل طَواغيتَ الصّليبِ فِداءَها
صَرَختْ بِدَعوَتك العليّة فاحْبُها / من عاطِفاتك ما يقي حوْباءها
واشدُدْ بِجلبك جُرْد خَيلك أزْرَها / تَرْدُدْ على أعْقَابِها أرْزَاءها
هيَ دَارُك القُصوى أوَتْ لإِيالَةٍ / ضَمِنْتَ لها معَ نصْرِها إيواءَها
وبَها عَبيدُك لا بَقاءَ لَهُم سوى / سُبُل الضّراعة يَسْلُكون سَواءَها
خَلَعَتْ قُلُوبُهُمُ هُناك عزَاءَها / لمّا رأتْ أبْصارُهُم مَا ساءها
دُفِعوا لأبكارِ الخُطوب وعُونها / فَهُمُ الغَداةَ يُصابِرونَ عَنَاءَها
وَتَنَكّرَتْ لَهُم اللَّيالي فَاقْتَضَتْ / سَرَّاءَها وَقَضَتْهُمُ ضَرّاءَها
تِلك الجَزيرَةُ لا بقاء لها إذا / لَمْ يَضْمن الفَتْحُ القريب بَقاءَها
رِشْ أيها المولى الرّحيمُ جناحَها / واعْقِدْ بِأرْشية النّجاة رِشاءَها
أَشفى على طرفِ الحياةِ ذَماؤُها / فاستبْق للدّين الحَنيف ذماءَها
حاشَاكَ أنْ تَفْنى حُشاشتُها وَقدْ / قَصَرتْ عليك نداءها ورَجَاءَها
طَافَتْ بِطَائفَة الهُدى آمالُهَا / تَرْجو بِيَحيى المُرْتَضى إحْياءَها
واسْتَشرفَتْ أمْصَارُها لإمَارة / عَقَدت لنَصر المُسْتضام لوَاءَها
يا حَسْرَتِي لِعقائِلٍ مَعْقولَةٍ / سَئم الهُدى نحْو الضّلالِ هِداءها
إيهٍ بَلَنْسيَةٌ وفي ذكراكِ ما / يمري الشؤون دماءَها لا ماءَها
كيف السّبيلُ إلى احتِلال معاهدٍ / شبّ الأعاجِم دُونها هيْجاءها
وإلى رُبىً وأباطِحٍ لَمْ تَعْرَ مِنْ / خلَعِ الرّبيع مصيفَها وشِتاءَها
طابَ المُعرّسُ وَالمَقيلُ خِلالَها / وَتطلّعَتْ غُرَر المُنى أثْناءها
بِأبي مدارسُ كالطلول دَوارسٌ / نَسختْ نواقيسُ الصّليب نِداءَها
ومصانعٌ كسَف الضّلالُ صَباحها / فيخالُه الرّائي إليْه مَسَاءَها
رَاحَتْ بها الوَرْقاءُ تُسمعُ شدوَها / وغَدت تُرجِّعُ نَوْحَها وبكاءَها
عَجَباً لأهْل النار حلّوا جَنّةً / مِنْهَا تمُدُّ عَلَيْهِم أفْيَاءَها
أمْلتْ لهُم فتعجّلوا ما أمّلوا / أيّامُهُم لا سُوِّغوا إملاءها
بُعْداً لِنَفْس أبْصَرَتْ إسْلامَهَا / فَتَوكَّفَتْ عنْ جزّها أسْلاءَها
أمّا العُلوجُ فَقَد أحالُوا حالها / فَمَن المُطيقُ علاجَها وشِفَاءها
أهْوى إليْها بالمكاره جارح / لِلكُفْر كَرّه ماءَها وهواءَها
وكفى أسى أن الفواجعَ جمّة / فَمَتى يُقاوم أسْوُها أسْوَاءها
هَيهات في نَظَر الإمارَة كفُّ ما / تخْشاه ليْت الشُّكرَ كان كِفاءها
مَولاي هَاك معادةً أنْباءَها / لِتُنيلَ منْك سعادةً أبْناءَها
جَرِّدْ ظُباك لمحو آثار العدى / تَقْتلْ ضَراغِمَها وتَسْبِ ظِباءَها
واسْتدْع طائِفَة الإمام لِغَزْوها / تَسْبِق إلى أمثالِها استدْعاءَها
لا غَرْو أن يُعْزى الظهور لملة / لَمْ يَبْرحُوا دُون الوَرى ظُهَراءها
إنّ الأعاجِم للأعاربِ نُهْبَة / مَهْما أمَرْتَ بِغَزْوها أحْياءهَا
تالله لو دَبّت لها دَبّابُها / لَطَوَتْ عَلَيها أرْضَها وَسَمَاءَها
وَلو اسْتَقَلَّت عَوْفُها لقتالها / لاسْتَقبلت بالمُقرَبات عَفَاءَها
أرْسِل جَوارِحَها تَجئك بصيدها / صَيْداً وناد لِطَحْنِها أرْحَاءَها
هُبُّوا لها يا مَعْشَرَ التَّوحِيدِ قَدْ / آن الهُبوبُ وأحْرِزوا عَلْياءها
إنّ الحَفائِظَ من خلالِكُمُ التي / لا يَرْهَبُ الداعي بِهِنّ خَلاءها
هي نُكتةُ الدّنيا فحيهلاً بها / تَجدوا سناها في غدو سناءها
أوْلوا الجَزيرَةَ نُصْرَةً إن العدى / تَبْغِي على أقطارها اسْتيلاءَها
نُقِصَتْ بِأهل الشّرك من أطرافها / فَاستحْفِظوا بالمُؤْمنين بقاءَها
حاشاكُم أنْ تُظْهروا إلْقاءَها / في أزْمةٍ أو تُضْمروا إقْصاءَها
خُوضوا إليها بحْرها يُصبح لكمْ / رَهواً وجوبوا نحوَها بيداءها
وافى الصَّريخ مُثوّبا يدعو لها / من يصْطفي قصد الثّواب ثواءها
دَارُ الجِهاد فلا تَفُتْكمُ سَاحَةً / ساوَتْ بها أحياؤُها شُهَدَاءها
هَذي رسائِلُها تُناجي بِالتي / وَقَفَتْ عَلَيْهَا رَيْثَها ونجَاءَها
ولَرُبّمَا أنْهَت سَوالِبَ للنهى / منْ كائِنات حُمّلت إنْهاءها
وفَدَت على الدّار العَزيزة تَجْتَني / آلاءَهَا أوْ تَجْتَلِي آرَاءَها
مُسْتَسْقِياتٍ مِنْ غُيوث غياثها / ما وَقْعُه يَتَقَدّمُ اسْتسقَاءَها
قَدْ أمّنَتْ في سُبْلها أهْوَالَها / إذْ سَوَّغَت في ظِلِّها أهْواءها
وبِحَسْبِهَا أنّ الأمير المُرْتَضَى / مُتَرَقِّبٌ بِفُتوحها أنْبَاءها
في الله ما يَنويه من إدراكها / بكلاءةٍ يفدي أبي كلاءها
بُشْرى لأَنْدلُسٍ تُحبُّ لقَاءه / ويُحِبّ في ذات الإلَه لِقاءَهَا
صَدَقَ الرُّواةُ المُخْبِرونَ بأنّه / يَشْفِي ضَنَاهَا أوْ يُعيدُ رُوَاءها
إنْ دَوَّخَ العُرْب الصّعابَ مَقَادَةً / وأبى عليها أن تُطيع إبَاءها
فكأن بِفيْلقه العرمْرَم فالقاً / هَامَ الأعاجم نَاسِفاً أرْجَاءَها
أنْذرْهُمُ بِالبَطْشَة الكُبْرى فقدْ / نذَرت صَوارمُه الرّقاقُ دِماءَها
لا يَعدَم الزّمنُ انتصارَ مؤيَّدٍ / تَتَسوَّغُ الدُّنيا بِه سَرّاءَها
ملِكٌ أمَدَّ النَيّرات بِنُوره / وأفادَها لألاؤُه لألاءَها
خَضَعَتْ جَبَابِرَة المُلوكِ لِعزه / ونَضَتْ بِكَفّ صغارِها خُيَلاءَها
أبقى أبُو حَفْصٍ إمَارَتَه له / فَسَمَا إلَيها حامِلاً أعْبَاءهَا
سَلْ دَعْوَةَ المَهْديّ عن آثاره / تُنْبِئْك أنّ ظُباه قُمْنَ إزَاءَها
فَغَزا عِداها واسْتَرَقَّ رقَابَها / وحمَى حِمَاها واستَرَدّ بهَاءَها
قبضت يداه على البسيطة قَبْضَةً / قادَتْ له في قدّه أمراءَهَا
فعلى المَشارق والمغارب ميسَمٌ / لِهُداه شَرّفَ وَسْمُه أسْماءَها
تَطْمو بِتُونِسها بِحارُ جُيوشه / فيزورُ زاخر موْجها زَوْرَاءها
وَسع الزمانَ فضاقَ عنْه جَلالةً / والأرضِ طُرّا ضَنكها وفَضَاءَها
ما أزْمَع الإيغال في أكْنَافِها / إلاّ تصَيّد عَزْمُهُ زُعَمَاءَها
دانَتْ له الدُّنيا وشُمُّ مُلوكِها / فاحْتَلَّ منْ رُتَب العُلى شمّاءها
رَدّتْ سَعَادَتُه على أدْراجِها / غِيَل الزّمان ونَهْنهت غُلَواءها
إن يغْتِم الدُّوَلَ العَزيزَة بأسُه / فَلأنْ يُوالي جُودُه إعطاءَها
تَقَعُ الجَلائلُ وهْو راسٍ راسخٌ / فيها يُوقّعُ للسعودِ جلاءَها
كالطَّوْد في عَصْف الرياح وقَصْفها / لا رَهْوَها يَخْشى ولا هْوجاءها
سامي الذّوائب في أعزّ ذُؤَابَةٍ / أعْلت على خِيَمِ النجوم بنَاءها
بَرَكَتْ بكُلّ مَحَلّةٍ بركاتُه / شَفْعاً يُبَادرُ بذلُها شُفعاءها
كالغَيْث صَبّ على البَسيطة صَوْبَه / فَسَقى عَمائِرَها وجَاد قَواءَها
يَنْميه عَبْد الواحِد الأرْضى إلى / عُلْيا تَجَنّح بَأسها وَسَخَاءَها
في نَبْعَةٍ كَرُمتْ وطابَتْ مَغْرِساً / وسَمَتْ وطالتْ نضْرَةً نُظراءها
ظهرت بِمحتدها السّماء وجاوَزَتْ / بِسُرادقاتِ فخارها جوْزاءها
فئةٌ كرامٌ لا تكُفّ عن الوغى / حتّى تُصرِّعَ حوْلها أكفاءها
وتَكُبُّ في نار القِرى فوْقَ الذُّرى / من عِزّةٍ لُوّاتِها وكُبَاءَها
قد خلقوا الأيَّامَ طيبَ خَلائِق / فَثَنَتْ إلَيهمْ حَمْدها وثَنَاءَها
يُنْضُونَ في طَلَب النّفائِس أنْفُساً / حَبَسوا على إحرَازِها أنْضَاءَها
وَإذا انْتَضَوْا يَوْمَ الكَريهَة بيضَهُمْ / أبْصَرْت فيهم قَطْعها وَمَضاءَها
لا عُذْر عند المكرُماتِ لهم متى / لم تَسْتَبن لعُفاتِهم عذْرَاءها
قَوْمُ الأمير فمنْ يقُومُ بِما لهم / من صالِحاتٍ أفحَمتْ شُعَرَاءَها
صَفْحاً جَمِيلاً أَيُّها المَلك الرّضي / عنْ مُحكماتٍ لم نُطق إحْصَاءها
تَقِفُ القوافي دُونَهنّ حَسيرةً / لا عِيّها تُخْفي ولا إعْيَاءها
فلعل عَلْيَاكمْ تُسامح راجياً / إصْغاءها ومُؤمّلاً إغضاءَها
غَزْوٌ على النّصر والتمكين منْشؤُه
غَزْوٌ على النّصر والتمكين منْشؤُه / الفَتْحُ غَايَتُه والنُّجْح مَبْدَؤُهُ
لا رَيْبَ فيما تجلّى مِنْ دَلائِلهِ / إنّ السَّعادَةَ لِلْحُسْنى تُهيِّئهُ
والفجر إذ يَصْدُق الأبصارَ مطْلِعُه / لا يستطيعُ جَناحُ الجُنْحِ يُخفِئُهُ
يُعْطِيكَ أوَّلُه مَضْمونَ آخِره / فإِن واصفَه صدْقَاً يُنَبَّؤُهُ
خَطّتْ بِهِ اليَدُ منهُ مُهْرَقاً فبَدا / عنْوَانُه لِعُيونِ الناسِ تَقْرَؤُهُ
الأمْرُ أمْرُك تُعْطيه وتَمْنَعُه / والحُكم حُكمك تُمضيهِ وتُرْجِئهُ
غَضبت لله تَسْتَرْعي فرائِضَهُ / فَجِئتَ تَرْمي بِسهم لَيسَ يخطِئهُ
وقُمْتُ للدّين إفْصاحاً بنصْرَتِه / فاسحنْفَرتْ عندها الدُّنيا تُهنّئُهُ
قد كانَ مُنتهكاً جسْمُ الهُدى مَرَضاً / وأَنت رُوحٌ لَهُ مازِلت تُبْرئُهُ
للهِ جيْشُك والأسْطول قد ضَمِنا / لِلْمُقْتدي بالهُدى سيْراً يُهدّئُهُ
تَساوقا في سبيل الله واسْتَبَقا / فَاستَوْسَقَ النّصر أوفَاه وأبْطؤُهُ
هذا على أَغْبَرِ البَيْداء يسْجرُه / وَذاك في أخضَر الدّأماء يملؤُهُ
كُلُّ عَلَيْهِ بِما جَشَّمْتَهُ أبْداً / كِلاءةُ الدين واليُمنُ يُكلِّئُهُ
يا حبَّذا من بَنات الماء سَابِحَةٌ / تطفو لِما شبّ أهل النار تطفئُهُ
تُطيرُها الرّيح غرْباناً بأجنِحة ال / حمائمِ البِيض للإشْراكِ تَرْزَؤُهُ
مِن كلّ أدْهمَ لا يُلفى به جرَبٌ / فَما لراكِبه بالقارِ يهنئُهُ
يُدْعَى غُراباً ولِلْفتخاء سرْعتُه / وهوَ ابْن ماء وللشاهِين جُؤْجُؤُهُ
إن كانَ مِن نحو بَحر الشرق مسبَحه / فإنّ سَاحِلَ بَحْر الغَرْبِ مَرْفَؤُهُ
حَنَّ الإمَامُ إلى أوْطانِه كَرَماً / آثارهُ خيمُهُ الأرضَى وضِئْضِئُهُ
فيمّم المَغْربَ الأَقصى يُمَلّكه / واسْتَقبَلَ المَنْزل الأَعلى يبَوّؤُهُ
سَما إلى مَطلع المهديّ يصْدعُ ما / غَشّاهُ ظُلْمَاً وَإظْلامَاً تلأْلُؤُهُ
نَادى بِيحيى بن عَبد الواحدِ بنِ أبي / حَفْصٍ فَلَبَّاهُ يَجْزيهِ ويُجْزِئُهُ
لمَّا رَأى إخوَة التثليث تَمْحَقُه / أجَابَه بِبَني التّوحيدِ يُنْشِئُهُ
مِنْ جحْفلٍ يَحمل الإسعَادُ رَايتهُ / لا يَرْبأ بالعَالَمُ العَلْويُّ يُرْبِئُهُ
تُنْمى نِكايَتُهُ في الرُّوم إذْ جعلت / بالقَرْحِ توجعه والجرْح تنكؤُهُ
كَم ظامئٍ للظُّبا فِيهم تضَلُّعُه / وساغِبٍ للْقَنَا مِنْهم تَمَلُّؤُهُ
إمَام عَدْلٍ بِنُور اللَهِ يَنْظُر مَا / غَدا يُعَجّله أو مَا يُرَوِّئُهُ
على الكواكِب مضْروبٌ سُرادِقه / بِحَيْثُ يَبْلغ أوْج الشمسِ مَوْطِئُهُ
لا طيبَ حينَ يُعبي عَسكراً لِوَغىً / ما لم يكن من دَم الكُفارِ يَعبَؤُهُ
وزار كلَّ وَريدٍ حدُّ صارِمه / وَليْس من دونِه رِدْءٌ يُحلِّئُهُ
ينْسَى بإقْدامِه عَمْروٌ ومذحجُه / وحَاتِمٌ بِأياديهِ وطيِّئُهُ
من خاف حيفاً من الأيّام أو عنتا / وأمّه فَهْو مَنْجاهُ ومَلْجَؤُهُ
يا بَحْرَ عِلْم وجُودٍ لا كِفاءَ له / مَرْجَانُهُ مِلْءُ أيْدينا ولُؤْلُؤُهُ
يَفديك في سبْيك الأشْبالَ ضاريةً / منْ أُسْدِها كلِفٌ بالزِّقِّ يسْبؤُهُ
جاوزَ تلمسان فتحاً لاحقا بِسلا / يكُفُّ مَنْ كَفَر النُّعْمى ويَكْفؤُهُ
وانْهَدْ لمرّاكشٍ تسعدْ بها نفَلاً / ما كان مِثْلك يَنساه ويَنْسَؤُهُ
غرَّ المُناوئَ جَهْلاً نِيّةٌ قُذُفٌ / فأوْجَفَتْ نحوَهُ الأقدارُ تفْجؤُهُ
بَشِّرْ زناتة بالهَيجاء مُسْفِرَة / عَن كُلِّ ذي قَدرٍ لاَ حَوْلَ يَدْرَؤُهُ
ماضٍ على المَوْتِ والأسيافُ نابِية / ما أنصَفَ العيشَ يَهْوَاهُ ويَشنؤُهُ
إِذا ازْدَهى بِكَميٍّ ظَلَّ يَصْرَعُه / أحْظَاهُ مَا فَاتَ للمَقْدُور يُخطِئُهُ
يا وَيْل من غَشِيته الحرْبُ وهْو على / عَصا مَعاصيهِ لَم يُفْلِحْ توكؤُهُ
ما يَغْمرَاسنُ إلا أكْلُ غَمْرَتها / وإنْ بدا عن تَلظِّيها تَلَكُّؤُهُ
غَدا وَأصْلتَ وهوَ العبْدُ سيّدَهُ / فسوْفَ يَغدو الحُسامُ الصّلت يهرَؤُهُ
سُؤْر الغِوايَة نادى السُّؤرَ يُسمعُه / بِرأسِه فَهْوَ من ذُلّ يُطَأطِئُهُ
أوَى إلى أضْعَف الأركان مُستنداً / وأين من كاسراتِ الطير يُؤْيُؤُهُ
كَمنْ يَبيتُ عَلى أزْلٍ وَمَسْغَبَة / وليسَ يَنفكُّ مكروباً تجشُّؤُهُ
فإن يَطُلْ بسَنَايَاهُ تَبرُّمُهُ / فقَد أنَّى من أمانيهِ تَبرُّؤُهُ
أُولُو السَعادة لم يضْرِم هِياجَهُم / أولُو الشَقاوة إلا وهيَ تَفْثَؤُهُ
بُشْراكَ بالفتْح قد حيّاكَ من كثبٍ / والفتح أهنَؤُهُ الأوْحَى وأمْرَؤُهُ
فَاءَتْ بدولَتكَ الدُّنيا لِزِينَتِها / فدامَ ظِلُّك مأموناً تَفَيُّؤُهُ
ظَهيراك التوكُّل والمَضاء
ظَهيراك التوكُّل والمَضاء / فَعُمْرُ الكُفْر آن له انْقِضاءُ
يدُ الإيمَانِ عَالِيَةٌ عَليه / كَما يَعْلو على الظُّلَم الضّياءُ
وبيضُ الهِنْد ظَامِئَةٌ إليهِ / ومِن دَمِه يسوغُ لها ارْتِواءُ
أعُبَّادَ المَسيح دنا رَدَاكُمْ / وأَخْرَسَ نَأْمةَ الجَرَس النِّداءُ
لِمَ استعجَلتُمُ حُمْرَ المنايا / وأنتم عن تَقَحُّمِها بِطاءُ
رَحى الهَيْجاءِ دائِرةٌ عليكُم / بما يَنْهدُّ خِيفَتَه حِراءُ
هُو الزّمنُ الذي كُنْتُمْ وُعِدتم / تجلّى الحقّ فارتفع المراءُ
وما لا يُستطاعُ له دفاع / فليسَ وراءَه إلا الفناءُ
رَمى بِكُمُ مِنَ المنْجاةِ يَأسٌ / وما لَكُمُ بما خُنتمْ رَجاءُ
تَماطيتُم لِقَاء الأُسْد غُلْباً / وكيفَ ومَوْعِدُ البَيْن اللِّقاءُ
وقُلْتُمْ نحن أكْفَاءٌ وَأنَّى / تُضاهي نارَ أخضركم ضُحاءُ
دَعاوي البَأْس عادَتكُم ولكِنْ / بِحيثُ يُمَدُّ لِلْمَجْرى الخَلاءُ
تَعَالَوْا إنَّها أسدٌ خِمَاصٌ / بأيْديها لَكُمْ أسلٌ ظِماءُ
حصادُكُمُ على الأسْيافِ دَيْنٌ / ومِنْ تلك الأكفِّ لَهُ اقْتضاءُ
ستَصْدِمكُم وَتصْمِدُكُم خُيولٌ / مِنَ الأسطُول ضَمَّرها الجِراءُ
كأمثالِ المَذَاكي سابحاتٍ / لها عَدْوٌ لِمَنْ فيهِ اعتِداءُ
مِنَ الدُّهْم السوابق لا لغوب / يُثَبّطُ جَرْيَهُنّ ولا عَناءُ
صحاحٌ تُشْبِهُ الآجَالَ جَرْياً / بِآيةِ ما يُجلّلُها الهناءُ
هِيَ الغِرْبانُ تَسْمِيَةً وَمَعْنىً / وَلَيْس لها سِوى ماء هَوَاءُ
نَواعِبُ أوْ نواعٍ لِلأعادي / بِما عُقْباه قَتْلٌ أو سِبَاءُ
بَناتُ الماء حاملة كُماة / بِأَهْلِ النار سَطْوَتُها العياءُ
يُسَرُّ بِها الهُدى ويَقَرُّ عَيْناً / وَلكنّ الضّلال بِها يُساءُ
عَلى سِير الإمارَة لم تَرِمْها / لَدَيْها يَشْفَعُ البَأس الحياءُ
أولَئِك زُمْرَةُ التَّوْحيد يُنمى / بها نَسَبٌ لطُهْرَته نَماءُ
خَضِيب نصولها يأبى نُصولاً / فتِلك عَبيطَة فيها الدّماءُ
فِدَاءٌ للخليفَة مَنْ عَلَيْها / وقلّ لَهُ إذا كَثُر الفِداءُ
إمامٌ نوّر الدُنيا هُداهُ / وَقد أعْيا بظُلْمَتِها اهتِداءُ
لَه في المَجدِ والعَلْيا انْتِهَاءٌ / ومِنْهُ في انتِهائِهما ابتِداءُ
غِنىً في راحَتَيْه لِلأماني / وللإيمانِ مِلْؤهما غَنَاءُ
فلا تجزعْ لداهِيَة بِنَادٍ / أما ناديه للجُلّى جَلاءُ
إذا الأهوال حَلَّتْ ثم جلّت / فَيَحْيى المُرْتَضَى مِنها وِقاءُ
هُو الهادي إلَى الخَيْراتِ يُهْدى / له المَدْحُ المُحَبّر والثّنَاءُ
وهَلْ تُعْيي مُعَالجَةٌ لخطبٍ / وما تُمْضي إرادَتُه شِفاءُ
هَنِيئاً عامُ إقْبال جديدٌ / بِيُمْنِ طُلوعِه عَمّ الهَناءُ
وَإعدادٌ لِغَزْو الشّرْك تَزْكو / بِنِيّته المَثُوبَةُ والجَزاءُ
جَوارٍ مُنْشَآتٌ في تَبَارٍ / إلى الفَوْزِ العظيمِ بما تَشاءُ
وجُرْدٌ مُقْرَبَاتٌ أيّدَتْها / على مَنْ غُلْتَ في الأرضِ السماءُ
تدمّرُهُم رِياحاً ليسَ مِنها / وَقد هبّت بإعصافٍ رُخاءُ
كَتائبُ لا يُحيطُ بها كِتابٌ / يضيقُ برَحْبه عنها الفَضاءُ
إذا نَزَلَتْ بِساحات الأعادي / صَباحاً لم يُلَبّثُها الضُّحاءُ
فَلِلتّثْليثِ وهْنٌ واتّضاعٌ / وللتّوحيد أيد وارتِقاءُ
نُفوسُ العالَمينَ لك الفِداءُ
نُفوسُ العالَمينَ لك الفِداءُ / فكيف ألَمّ يُؤْلِمُك اشتِكاء
وكيفَ خَطا إلى ناديكَ يُفضي / وبالخَطّي قد شَرِق الفَضاء
وللجُرْد المُطَهّمَة ارْتِكاضٌ / وللبِيض المُهَنَّدَة انْتِضاء
فِداؤك حاضِرٌ مِنهم وبادٍ / لأنَّك ما بَقِيتَ لَهُم وقاء
دَعَوا لك بالخُلودِ وَقد أجيبوا / ولا رَدٌّ إذا خَلُصَ الدُّعاء
هُم اقْتَرحوا بَقَاءك لِلْمَعالي / لِيَهْنِئَهم بِدَوْلَتِك البَقاء
وأمّا الدّين والدُّنيا فَلولا / شِفاؤك لم يُتَحْ لَهما شِفاء
فإن عُوفِيت عوفِيت البَرايا / وَقد ناجى مَعَالِمَها العَفاء
ولولا أنْ أفقت لما تجلّت / بأفْقٍ في أشعتِها ذُكاء
ولا ضَحِكتْ بُروقٌ في سحاب / لَها من عارض الشّكْوى بُكاء
نضا عنك الضّنى بُرْءٌ سعيدٌ / كمَا رَوّتْ صَدى الأرْضِ السّماء
وَجَلّلَ وَجْهَكَ الوَضّاحَ نُورٌ / إلى الإصْباح يُنْميهِ النّماء
كَذاك الشمسُ إن كُسِيتْ شُحوباً / جَلاه النور عَنها والضياء
حَياةُ النّاسِ في تَخْليدِ يَحْيى / وَهل في أبْلَجِ الحقّ امْتِراء
إمامُ هُدى بِهِ اتّصَل اعْتِدَالٌ / مِنَ الأيّامِ وانْفَصَلَ اعْتِدَاء
لِغُرّتِه النواظِرُ سامِيات / كما شَاءَ السّنى وشَأى السّنَاء
وما سحّت يَداهُ نَداه إلا / تَبَيّن في الحَيا مِنْهُ الحَياء
أمَوْلايَ أنادي مِنْ بَعيدٍ / ليُظْفرَني بإدنائي النّداء
ولَوْ أنّ الهوى بالقصدِ وافٍ / لَطار إليكَ بالقلبِ الهواء
وأوشِك أن لاقِيَ كلّ حُسنى / وإحْسان متى سَنَح اللقاء
أقِمْ لِسَعادةٍ يَهْفو ويَضْفو / علَيكَ على الوَلاء لها لِواء
وَأهلُ السّهْلِ والجَبل انقياداً / وإذعاناً عَبيدٌ أو إماء
فلا بأس وأنت لنا غياثٌ / ولا يَأسٌ وأنتَ لنا رَجَاء
ودونَك مِدْحَةً أوْجَزْتُ فيها / وكُنتُ أطِيلُها لولا الجَفاء
ومن شرطِ العيادات اخْتِصار / وهذا الأصْلُ يُطْردُه الهناء
لعَلَّ عُلاك تُوسِعُني بحُبّي / قَبُولاً إنّه نِعْمَ الحِبَاءُ
لا تطلُبوا بدمي سوى أدْمَاء
لا تطلُبوا بدمي سوى أدْمَاء / في السّر من تَيْم ومن تَيْماءِ
رَمَتِ الفُؤادَ فأقْصَدَتْه سِهامُها / لم تَحْنُ راميةً على أحناءِ
كالصَّعْدَة السّمراء لكن فُضّلت / عِوَضَ السّنان بمُقْلةٍ كحلاءِ
إنْ أوْمَأت بِقَطيعة أوْ صَرّحت / فالمَوت في التصريحِ والإيماءِ
هيفاءُ لا يَهْفو الحليم لِغَيْرِها / يا حَبَّذا هافٍ إلى هَيفاءِ
لما تَراءَت بالمُصلّى سَحرةً / نادَيْتُها مُسْتَعطِفاً بندائي
يا هَذهِ إن كنتِ رمتِ عبادةً / فمنَ العبادَة والتُّقى إحْيائي
أشْمتِّ أعدائي وكم أشْبَهتم / وكَفَى أسىً بِشَماتَة الأعداء
هَلْ لِمُعاني الهوى دَواء
هَلْ لِمُعاني الهوى دَواء / أمْ هل لِعاني الهَوى فِداءُ
وما لِدَمعي يعودُ نَاراً / من شدّة الشّوْق وهْوَ ماءُ
لا عَيْشَ للصَّبّ مُذَ تَرَاءتْ / لَهُ دُوَيْن الحِمى ظِباءُ
صادت فُؤادي وما ارْتمته / مِنها قَنَاة لها رُواءُ
كَأنَّها إذْ مَشَتْ قَطَاةٌ / كأنّها إذْ بَدَتْ ذُكَاءُ
يقولُ قَوْم تَعَزّ عَنْهَا / كَيْفَ وقد عَزّني العَزاءُ
فَلم تَحِد عن حُبّها فأسلو / وليس لي في الهوَى ادّعاءُ
وَهَبْتُ للغانِيات ذَحْلِي / فَلْيَصْنَع الحُبُّ مَا يشاءُ
ألَمْ تَر لِلْخُسوفِ وكيف أوْدى
ألَمْ تَر لِلْخُسوفِ وكيف أوْدى / بِبَدْرِ التّمّ لَمّاع الضّياء
كمِرآةٍ جَلاها الصّقْل حتّى / أنارَتْ ثُمّ رُدَّتْ في غِشَاء
حَمَلتْ بِراحتِها شَبيهةَ خدّها
حَمَلتْ بِراحتِها شَبيهةَ خدّها / تُفّاحَةً لَبِسَت حُلَى الصّهْبَاء
ورَمَتْ إلى جِهَتي بها بَلْ أوْمَأت / وجلت يَداً مَخْضوبَة بِدمائي
فَقَنِعْتُ مِنها بالزّهيدِ تعلُّلاً / والحُبُّ يُقْنَع فِيه بِالإيماء
قالوا الخروج لأرْضِ الرُّوم منقصَةٌ
قالوا الخروج لأرْضِ الرُّوم منقصَةٌ / فقلتُ كَلا ولكن صادُها باءُ
إذَا خَرَجْتُ وَفَاءً ثم عُدْتُ تُقىً / أثْنَتْ بِفِعلي عُداتي والأحِبّاءُ
وكان لي في قُريْشٍ أسْوَةٌ وكفى / مع النّجاشيِّ تَرْضاها الألِبّاءُ
إنّ تقوى اللّه نعمَ الملجأ
إنّ تقوى اللّه نعمَ الملجأ / ورجاءُ الناس بئس النبأ
قلّما يبرَأ منهوك الحجا / عن هداه بعماه يربَأ
عسكرُ الموت يعي دائبا / وهو من جهل به لا يعبَأ
طاول التوبة مغرورا بما / يترجّى أتراه يرجأ
عجبا منه تناسى عجبه / وتناهى منتماهُ الحمأ
ثم لا يشغل بالا بالتقى / حيث منقود الردى لا يكلأ
وكفاه آية موقظة / من سبات هو فيه سبا
ما له واصل حبّا للدّنا / وبها صارمَ قيلاً حبأ
هازئاً يمسي ويضحي زاهياً / كيف يزهى بائدٌ أو يهزأ
بادر المهلة يا عبد المنى / واحذر الصرعةَ ممّا يفجأ
وادّكر عقبى أناس درجوا / أنت في أعقابهم لا تنسأ